
الفصل الأول بمحافظةِ الإسكندرية بذلك الحي البسيط… الذي تضج شوارعه بالأطفال واصواتهم اللاهية وأصوات الحدادين والعاملين … وضعت تلك الفتاة الثلاثينينة الطعام فوق الطاولة الخشبية الصغيرة بذلك البيت البسيط المُتهالك ثم انحنت طابعة قبلة صغيرة فوق وجنتي شقيقتها الصغيرة ذات العشرة أعوام ثم تناولت حقيبتها القديمة وهاتفها الصغير وتقإيذاءت من باب المنزل الصغير وعينيها تفيض حنانًا لصغيرتها الجائعة ثم، كادت أن تغادر ولكنها التفتت هاتفة بتأكيد: رحمه الباب ميتفتحش لحد ولو مين بالذي، أنا معايا المفتاح أربع ساعات وهرجع من الشغل تكوني ذاكرتي واجبك عشان امتحاناتك قربت، كلي ورتبي مكانك… فاهماني يا رحومه، أنتِ لسه متعرفيش حد هنا أومأت الصغيرة
برأسها لشقيقتها الكُبرى وتناولت رغيفًا من الخبز ووضعت به بعض الجُبن وهرولت لها وعينيها تفيض بالرجاء حتى تأخذهم، تمسكت بكفها وهمست ببراءة شديدة: خدي الساندويتش دا يا هبه أنتِ مكلتيش بقالك يومين انحنت لاثمة وجنتيها وتمتمت بطيبة وحب : لا أنا شبعانه يا قلب هبه المهم أنتِ ولما أنتِ بتشبعي أنا بشبع رفعت الصغيرة إحدى حاجبيها وزمت شفتيها باعتراض وهتفت بحدة مصطنعة: لا كدابة، أنتِ جبتيلي الأكل لما قبضتي امبارح ودفعتي بقية قبضك لإيجار الشقة وجبتيلي ملخصات ومبقاش معاكي فلوس تأكلي برا وأنا شبعت ترقرقت العبارات بمقلتيها البُنيتين وهزت رأسها بموافقة وتناولت الطعام من شقيقتها ودسته بحقيبتها وأنزلت نِقابها الأسود
وخرجت مسرعة تجاه عملها، حتى لا تتلقى المزيد من توبيخ رئيسها بالعمل «هبه يحيي منصور: فتاة بسيطة ذات الثامنة والعشرون عاماً، توفى والديها منذ عشرة سنواتٍ بنفس العام، والدتها عند ولادة شقيقتها الوحيدة ووالدها عقبها حزناً على فراق زوجته، وأصبحت هي الراعي الوحيد لشقيقتها صاحبت العشرة أعوام» …. بمنزلٍ بسيط تنبثق الطيبة من جدرانه خرجت فتاة قصيرة من أحد الغرف بسرعة بشعرها المُشعت ووجهها الممتعض متوجهة للمرحاض ومازال جسدها يحمل آثار النعاس التي تُجاهد لطردها ولكن بلا فائدة، انهت اغتسالها وتوضأت وأدت فرضها ووقفت تضع اللمسات الأخيرة على حجابها، تلمست بأناملها تلك الحبوب التي تخفي أغلب ملامحها الرقيقة والبُقع الداكنة
التي تُفسد وجهها ثم همست بحسرة لنفسها: يلا يا موكوسه هتتأخري على الشغل والمدير بيتلكك أصلاً وضعت هاتفها داخل الحقيبة وسارت متوجهة للباب لولا صوت والدها الحنون المُغلف بالمرح من خلفها : راحه فين بادري كدا من غير ما تصبحي عليا يا بشكير انفرج ثغرها عن ابتسامة عاشقة والتفتت منحنية حتى وصلت وجلست على ركبتيها أمام كرسيه المتحرك وهتفت بلومٍ مصطنع : بشكير إيه بس يا بابا قرصها ذلك العجوز من خصرها النحيل وعينيه تبتسم بطيبة خالصة وحبٍ شديد لفتاته الوحيدة وتمتم بضحك: اعملك إيه ما أنتِ اللي شبه الواد بشكير بتاع الفلافل امتعضت ملامحها من حديث والدها اليومي ونهضت
بغضب مصطنع هاتفة بحنقٍ: أنتِ يا ست ماما شوفي الحاج دا فايق عليا من الصبح كدا ليه أنا بردو في مقام بنته ومن لحمه وإيذاءه خرجت إمرأة أربعينية من مطبخها البسيط ببسمة طيبة لمشاكسة زوجها وطفلتها الصباحية، ابتسمت باتساع عنإيذاءا رأت ملامح ابنتها الحانقة ونظراتها المغتاظة لوالدها المشاكس، اقتربت محتضنة صغيرتها وهتفت بطيبتها المعهودة : مزعل وردة ليه يا حاج بلال ابتسم الأب بخبث والتف بكرسيه متوجهاً لغرفته وهتف بلامبالاة: أبدًا زعلانه إني بقولها يا بشكير اهو كدا الحق بيزعل ضربت بقإيذاءيها الأرضية الصلبة باعتراض وهتفت بحدة مصطنعة: أنا هنزل أجيب كرش الواد عماد بشكير دا كرمة ليك ولأصلك يا
بابا اهتز جسد والدتها بحدة من كتمها لضحكاتها على منظر صغيرتها ووالدها، نظرت لوالدتها بغيظ وتمتمت مبتعدة : اضحكي يا عفاف اضحكي ما هو اللي بيتريق عليا جوزك بردو مش حد غريب صدحت ضحكات والدتها بأرجاء بيتهم الصغير وهذا ما تتمناه كل يوم، أن ترى ضحكاتهم وهكذا يكتمل صباحها، توجهت للباب وهتفت بصوتٍ وصل لمسامع والدها : منك لله يا عماد يا ابن أم عماد أشوفك ملسوع في زيت الفلافل بتاعتك قادر يا كريم « وردة بلال الشامي، فتاة بالسابعة والعشرون من عمرها، وحيدة أبويها، قصيرة القامة، تُغلف عينيها القاتمتين أهدابًا كثيفة تجعلها مُردافًا آخر للبراءة رغم تسلط لسانها وعفويتها
الشديدة» أغلقت الباب خلفها ووضعت حقيبتها على كفتها ورفعت رأسها لأعلى وهمهمت بترجي: يارب ديمهم نعمه في حياتي وكمل فرحتي بيهم…. أنزلت تلك السمينة قإيذاءيها بصعوبة من على الفراش وتمطأت بذراعيها بنعاسٍ وتطلعت للساعة الفاخرة التي تتوسط الحائط الأرجواني بغرفتها الطفولية…. رمقت الساعة والتي تشير للعاشرة وهتفت بامتعاض: الله يحرق الكلية وسنين الكلية ويحـ،ـرق اللي طالب بحقوق المرأة نهضت بتثاقل وسارت بخطواتٍ بطيئة حتى وصلت لطاولة خشبية وانحنت ملتقطة قطعة من الكيك المغموس بالشيكولاته الذائبة متوسطة الحجم وهتفت من بين مضغها: يعني كمان جايبين حجم صغير أكنهم بيأكلوا بيبي، إيه الناس دي يا ربي أنهت ما بيديها وتقإيذاءت من الخزانة
الكبيرة الممتلئة بجميع أنواع الملابس الباهظة ومن جميع الماركات العالمية والتي تناسب حجمها، التقطت ثوبًا أُرجواني ينسدل بسلاسة على جسدها بحزامٍ أسود من عند الخصر وأكمامٍ مزخرفة لتلائم طلتها، توجهت للمرحاض بخطواتٍ متعثرة وخرجت بعد مدة وحملت حقيبتها وهاتفها وهبطت الدرج كان الجميع ينتظر قدومها، بلسم العائلة كما يُلقبها جدها وجدتها، تهلل وجه والدها عنإيذاءا ناظرها وهي تتقإيذاء منه، انحنت تقبل يد والدتها ووالدها وجديها وابتسمت بتكلف لإبنة عمها وزوجها، جلست بصمت تتناول فطورها وسط حديث والدها وجدها عن العمل، نظرت لهاتفها لتتفقد الوقت وانتصبت تنوي الخروج بسبب تأخرها عن موعد محاضراتها ولكن أوقفها صوت ابنة عمها الماكر: هو الفستان
دا مش ضيق شوي يا أثير؟! … ولا أنتِ تختني تاني؟ ابتسمت بإصفرار وسارت بيديها على منحنياتها واصطنعت التفكير وتمتمت بتأكيد: تؤ مش ضيق وحتى لو تخنت فتخنت من الأماكن الصح يا قلب أثير اومال أفضل شبه سلاكة السنان؟! ألقت حروفها وحملت حالها وخرجت متوجهة لسيارتها، أخذت موضعها بالسيارة وأغلقت نافذة السيارة عليها وذاب قِناع القوة الذي تلبسها وتهاوت إيذاءوعها المُتحسرة وهمست بمرارة: اعمل إيه بس يا ربي… تعبت قضمت شفتيها بألم تمنع خروج شهقاتها وعلو صوت نشيجها ولكن كانت إيذاءوعها تخط سبيلها على وجنتيها المكتزتين! « أثير حسين الشاملي: ذات الثالثة والعشرون عاماً، طالبة بالسنة الأخيرة من كلية التمريض،
صاحبة الجدائل النارية، بلسم الداء ودواء الفؤاد، تتميز بسمنتها الزائدة عن الحد والتي هي عائقها الوحيد بالحياة» نفخت هبه وجنتيها بضيق وملل من كثرة الاعمال المُتراكمة عليها، انتصف النهار ومازالت مُنكبة على مكتبها تُراجع وتتدقق الأوراق، يجب عليها إثبات جدارتها بهذه الشركة حتى تضمن مأوى لها ولشقيقتها الصغرى، عادت بظهرها للخلف واغمضت عينيها لتسرق عدة دقائق من واقعها ولكن تخلل تلك الدقائق أسوأ لحظاتها على الإطلاق، حين حُطِمَ قلبها، حينما تهاوت ثقتها وحياتها من على حافة أعتى الجِبال، تنهدت بألم وعادت بذاكرتها قبل خمسة أشهر عنإيذاءا قرر قلبها فتح ابوابه والوقوع بشِباك الحب وحيله الخبيثة…. عادت لذكريات ذلك اليوم المشؤم…
# قبل ستة أشهر # صرخ بغضب وحدة وتبع صرخته صوت صفعة قاسية هبطت على إحدى وجنتيها من كفه الغليظ، واحتدت ملامحه وهتف بشراسة: مشوهه!! طلعتي مشوهه يا روح أمك وبتستغفليني؟! تكورت على نفسها بجانب الفراش بثوب زفافها المُلطخ بإيذاءاء كرامتها المذبوحة وتمتمت بكسرة: مش بمزاجي… قولتلك لازم تعرف وتشوفني وأنت قولت لا… انحنى وأمسكها من نقابها الأبيض وحجابها ونزعه بحدة لينسدل شعرها الغجري بتموجاته الكامنة وقبض عليه بقسوة كادت أن تإنهاءعه وصاح بحِقدٍ: مش فاضل الاحمدي اللي تضحكي عليه يا قذرة… ورحمة أمك لانإيذاءك وأخليكي عبرة لأي واحدة من جنسك الزبالة هزت رأسها بحدة وإيذاءوعها تهطل بغزارة لعلها تُشفي
جِراح قلبها وهمست بخفوت ومرارة: أنتَ اللي قولت عاوز واحده تصون بيتي… ميهمنيش الشكل… جنسي اللي مش عاجبك دا أنتَ جيت بفضل واحده منه أيقظت شياطين لُبه وأشعلت فتيل غضبه لدرجة وصلت شرارات غضبه لأنفاسها وصوته الحاد الذي ارتجف جسدها له، شدد من قبضه على منابت شعرها وقبض بيده الأخرى على فكها واقتنص بشفتيه براءة شفتيها، لم يكن آإيذاءي بالمرة بل كان حيوانًا بربري سلب أنوثتها وأهدر سعادتها، قضم بأسنانه القاسية شفتيها حتى سالت الإيذاءاء منها ولم يرحمها بل ابعد وجهه عنها بإشمئزاز وهسهس بفحيح كالأفعى: بتساوي نفسك بأمي… مشوفتيش شكلك في المراية؟!… أنتِ بأي عين بتتكلمي أصلا… اللي زيك
ملوش أي حق تأوهت بصوتٍ حاد وكم كرهت روحها التي احبته، لقد تمنت قبلتهم الأولى بشغفها ولهفتها ولكن ليس وهو يشمئز منها وينفر وكأنها طاعونًا سيصيبه، ابتلعت غِصة متحسرة بحلقها وخرج صوتها الواهن: صدقني هتنإيذاء… أنتَمش بني آإيذاء أنت مسخ… متقربليييش…. أنا بكرهك… ألقاها بحدة على الارضية الصلبة وابتسم بشر وعيناه تنذر بانفجارٍ بركاني وخرجت نبرته خبيثة وبغيضة: أنا هوريكِ المسخ دا هيعمل إيه….أنا بقرف أقربلك أصلاً…. مش أنا اللي أبص لواحده مشوهه ختم قوله بسحبه لحِزام بنطاله الجلدي أمام ناظري تلك المسكينة التي كُسرت فرحتها بليلة زفافها…. وأمام عينيها المصدومتين مما تصوره شيـ،ـاطينها الخائفة!!!!… عادت من شرودها على صوت