
هرولت عُلا وتحدثت إلي والد زوجها بتملُق:
-البقية في حياتك يا بابا
هز رأسه وتحدث بهدوء:
-حياتك الباقية يا بنتي
أما حُسنية فاحتضنت الصغير وادخلتهُ داخل أحضانها بعدما جلست وباتت تبكي بشدة علي رحيل نجلها الشاب بطريقة مؤلمة ومُميتة لقلبها كأم
إحتدمت غيظاً ملامح صالح شقيق عُثمان وهتف بنبرة ساخطة توحي إلي مدي وصولهُ للمنتهي من الحِدة والغضب:
-هتعمل إيه يا حاج في الكلام اللي بنت الكلـ…. دي قالته؟
أردفت زوجتهُ أمنية لتهدأت الوضع:
-هو أنتَ مصدق كلامها يا صالح؟
ثم أخرجت تنهيدة من قلبها تنمُ عن تعاطفها مع تلك المغدور بها واسترسلت بتكبُد:
-أهُم كلمتين فارغين فكت بيهم عن نفسها وقالتهم من وجعها
هتفت نُهي بنبرة تأكيدية:
-لا يا أمنية،ريهام ما كانتش بتهوش ولا بتقول أي كلام لأن ده مش طبعها،ريهام بتتكلم وهي واثقة من نفسها
كانت تستمع إليهم بفضول فسألتها باستفسار:
-هو أنتوا بتتكلموا عن إيه يا نُهي؟
تطوعت هَنا بالرد وأردفت بنبرة خبيثة:
-ضُرتك بتقول إن عُثمان الله يرحمه كتب لها كُل أملاكه قبل ما يموت
واستطردت وهي تُشير بكفاها إلي الجميع:
-يعني كُلنا كدة بربطة المعلم هنطلع من المولد بلا حُمص
جحظت عيناي عُلا وصاحت بسُباب بنبرة غاضبة:
-دي سِت كذابة وبنت ستين كلـ…
واستطردت بنبرة حادة:
-عُثمان لا يُمكن يعمل كدة،دي روحه كانت في مُهند ولسة من إسبوع واحد كان بيقول لي إني لازم أبطل الوسيلة علشان نجيب له أخ ولا أخت
هتف الحاج راجح بنبرة ساخطة قاصداً الجميع:
-إنتوا عمالين تلتوا وتعجنوا في إيه،دي كذابة وأنا بكرة هروح لمحامي الشركة اللي بتقول عليه ده وأكشف كذبها
ولو طلع كلامها بجد يا بابا؟…نطقتها إبنتهُ سلوي بارتياب واسترسلت بما جعل راجح يُصيب برجفة سرت بجسده:
-ما أنتَ عارف قد إيه عُثمان الله يرحمه كان بيحبها،ده غير إن ريهام كانت السبب في سفره للإمارات وأول فلوس لموها وإشتروا بيها بيتهم كانت من فلوس شغلها هي قبل ما تكلم مديرها ويعين عُثمان في الشركة اللي بتشتغل فيها
بسخط صاح بها جراء حديثها الذي إستشاط داخلهُ:
-حبك بُرص إنتِ وهي
واستطرد وهو يُشير إليها للداخل:
-إخفي من وشي الساعة دي وخدي معاكِ أختك ونسوان إخواتك
بإشارة من يدها أردفت بنبرة خافتة ترجع لمدي وجع قلبها الدامي علي رحيل نجلها الغَالي:
-قومي يا أمنية جهزي لقمة للرجالة إنتِ وهنا
وضعت قُبلة حنون فوق جبين صغير ولدها الذي غفي فوق ساقيها، واسترسلت وهي تنظر لتلك العُلا:
-وإنتِ يا عُلا،تعالي خدي مُهند ونيميه علي سريري جوة
بعد إنتهائهم من تناول وجبة العشاء،صعد حسن إلي شقته ومنها إلي غرفتهُ الخاصة ثم ألقي بجسدهِ المُنهك فوق التخت كي يستريح بعد عناء ثلاثة أيام شاقة ذاق بها الامرين،لحقت به زوجتهُ،هرولت وجاورته التمدد ثم تحدثت بنبرة مرتابة:
-إيه رأيك فى كلام ريهام يا حسن؟
نظر أمامهُ بشرود ثم أجابها برَوع:
-مش عارف يا هنا،كل اللي أعرفه إن لو كلامها طلع صح هتبقي مصيبة كبيرة وحطت علي راسنا كُلنا
واستطرد بجشع:
-كدة كل الفلوس اللي عثمان لمها طول العشر سنين اللي قعدهم في الإمارات،هتطير من بين إيدينا وتروح كلها للي إسمها ريهام
إرتعبت وانتفض جسدها من مُجرد ذِكرهِ للفكرة، ثم هتفت بنبرة مُرتعبة:
-دي مُصيبة يا حسن،معني كدة إنها هترفدك من الشركة بعد ما عرفت إننا كُنا عارفين بجواز عُثمان عليها،هنعيش إزاي من غير العمولات اللي بتطلع لك من شغلك مع العُملا اللي كنت بتعمله من ورا عُثمان؟!
واسترسلت بذهول وتيهة:
-طب والشقة اللي كُنا هنشتريها في الهرم،راحت كدة خلاص؟
ده أنا كل يوم بحلم باليوم اللي هخرج فيه من الحارة الزفت دي ونعيش في مكان نضيف زي البني أدمين
إتسعت عيناها بقوة ثم استرسلت ساخطة وبنبرة حقودة:
-معني كدة إن اللي ما تتسمي دي هتفضل أحسن مني طول عُمرها؟!
زفر بضيق وأردف قائلاً لإنهاء ذاك النقاش الذي أصابهُ بالتوتر وازاد من همومهُ:
-قفلي علي الموضوع ده وخليني أنام يا هنا
زفرت بقوة ثم قامت بإطفاء الضوء وتمددت بجانبهُ ليغفيا ويُريحا جسديهما من مشقة دامت لثلاثة أيام
✧✧✧✧✧✧
بعد مرور أربعة أشهر قضاها راجح ونجلاه في معاناة وحرب شرسة مترددين علي المحاكم لمتابعة سير القضايا التي قدماها في حق ريهام وأتهموها بالتزوير وإجبار ولدهما أو تغفيله بالإمضاء،أصدرت المحكمة حكماً بصحة توقيع الراحل علي الأوراق وذلك بعد شهادة موظف الشهر العقاري التي عززت من موقفها واكدت صِحة حديثها،وحكمت بأحقية ريهام بالإحتفاظ بجميع أملاك زوجها التي أصبحت أملاكها بعد نقلها بعقد بيع وشراء موقع ومُسجل بالشهر العقاري وشهد عليه محامي الشركة وأحد الموظفين بداخل الشركة
خرجت ريهام من باب قاعة المحكمة بصحبة والدتها وشقيقها عُمر،تحركت للأمام برأسٍ شامخ لإمرأة تشعُر بنشوة الإنتصار،أوقفها صوت تلك الغاضبة التي لحقتها من الداخل حيثُ صاحت بنبرة حادة وهي ترمقها بنظرات كارهة بعد أن فقدت كل شئ بلحظة وباتت تري مستقبل نجلها المُعتم:
-منك لله يا ريهام،حسبي الله ونعم الوكيل فيكِ
واسترسلت وهي تنظر لصغيرها:
-ما فكرتيش إزاي هربي الواد اليتيم ده ومين اللي هيصرف عليه لحد ما يكبر
نظرت إليها وبصوتٍ هادئ تحدثت بما فاجئ الجميع:
-ما تقلقيش علي الولد،كل مصاريفه الخاصة ومصاريف تعليمه هتوصل لك كل أول شهر
ضيق عُمر عيناه يتطلع بغرابة علي شقيقته متعجباً من تصرفها الغريب،استرسلت ريهام بإبانة:
-وإبقي تعالي بكرة علي الشركة وهاتي معاكي شهادة ميلاده علشان أخلي المحامي ينقل عقد مِلكية الشقة اللي إنتوا قاعدين فيها بإسمه،وكمان هيعمل له وديعة بمبلغ محترم ولما يتم واحد وعشرين سنة يبقي يفكها ويبدأ بيها حياته.
جري لُعابها طمعاً وبرغم عدم توقعها لما فعلته تلك الغريبة إلا أنها اردفت بتلهُف:
-طب ده بالنسبة للولد،أنا بقي فين ورثي في الراجل اللي رضيت أعيش معاه في الضل زي الخفافيش وضيعت معاه سبع سنين من عُمري؟
قطبت جبينها ثم تحدثت وهي ترمقها بنظرات تقليلية:
-ماحدش ضربك علي إيدك وقال لك تعيشي في الظل وتتنازلي عن كرامتك يا مدام
واستطردت وهي ترمقها بنظرات حادة:
-إعتبري اللي حصل ده درس ليكِ في المستقبل علشان تحرمي تخطفي راجل من مراته وترضي بوضع مُهين زي ده
نزلت كلماتها عليها فأصابتها بخيبة أمل كبيرة وفهمت أن لا فائدة من مجادلة تلك القوية،خرج راجح للتو مُستنداً علي نجلاه صالح وحسن،ثم هتف بنبرة غاضبة حين رأها:
-هتروحي من ربنا فين يا بنت عبدالحليم،إن شاء الله ربنا مش هيبارك لك في ولا مليم من فلوس إبني اللي إتغرب بيها وداق المرار وهو بيجمع القرش علي القرش
تنهدت بهدوء وبدون تعليق إنسحبت هي وشقيقها ووالدتها تحت سخط حسن الذي تحدث بنبرة تهديدية:
-مش هسيبك يا ريهام، ورحمة عُثمان ما هسيبك
لكزهُ صالح وتحدث بنبرة حادة:
-إنتِ إتجننت يا بني أدم،بتهددها في قلب المحكمة،عاوز تودينا في داهية إياك
أجاب شقيقهُ بنبرة غاضبة توحي لشدة إشتعال جسده:
-هو بعد اللي حصل ده كُله مش عاوزني أتجنن،بنت الكلـ… أخدت الجمل بما حمل وبعد خدمتنا في الشركة طلعتنا إيد ورا وإيد قدام
إتسعت عيناه بجنون ثم استطرد بنبرة حادة:
-دي طردتنا من المصنع زي الكلاب يا صالح،واللي يحرق الدم إنها لسة بتبعت المرتب اللي البيه أخوك كان عامله لأبوك وأمك أول كل شهر وكأنها بتمن عليهم
واستطرد متهكماً:
-قال إيه البيه كان موصيها لو جراله حاجة تبعت لهم الشهرية في ميعادها وكأنه موجود
واستطرد ساخطاً:
-ضيعنا بعملته السودا منه لله
أردف راجح بريبة:
-أخوك ماكانش عبيط علشان يعمل كدة،أكيد العقربة هي اللي مضته علي الورق من غير ما ياخد باله،عُثمان لا يمكن يرضي بذلنا أبداً علي إيد واحدة زي دي
هتف بنبرة غاضبة:
-بلاش تكذب علي نفسك يا حاج،كلنا عارفين إن البيه من يوم ما عرفها وهو بيحبها وماشي وراها زي الدلدول
تنهد راجح وشعر بوغزة داخل صدرهُ فأسنداه نجليه وتحرك الجميع عائدين بخيبتهم خاويين الوفاض
إنتهي الجزء الأول من إسكربت
🎻إنتقام علي أنغام الموسيقي 🎻