منوعات

خيانه لا تغتفر

بخطوات متثاقلة اتجه إلي فراشه لعله يحتضنه وينسيه مرارة الخيانة التي لا تنفك ان تهاجمه… اغمض عينيه بينما سمح لعقله أخيرا أن يتذكرها بعينيها السوداء التي اسرته… رقتها غير المعهودة… نظراتها المشاكسة وخيانتها #… غاص عقله أكثر في ذكرياتهم الوردية وتذكر اللقاء الأول..

……

ولج رائد للمصعد لتدخل بعده فتاة فارعة الطول… شعرها بني قصير وعينيها كحبات القهوة… كانت تمسك ملف وتضمه لصدرها بقوة…. لم تنظر اليه حتي وتلك كانت المرة الأولي التي لم تعيره امرأة أي اهتمام…. ضغط علي زر الصعود… وعندما تحرك المصعد شهقت بقوة وهي تضم الملف أكثر وترتجف … فجأة المصعد توقف تماما وانطفأت اضواءه لتصرخ هي وتمسك ذراعه دون وعي… وتلك كانت المرة الأولي الذي ينبض قلبه بتلك القوة.

….

عاد رائد إلي الحاضر وسمح بدموعه تتحرر من عينيه لعل تلك الدموع تطفئ النيران التي تشتعل داخله… ماذا فعل لتخونه؟! لقد أحبها أكثر من حياته… أكثر من أي شئ في العالم وهي بكل بساطة تطعنه بتلك القوة… ليته لم يعشقها لهذا الحد… فقد عرف الآن أن العشق يقلل من قيمة الرجال… هو ارتكب خطأ مرة وعشق ولن يسمح لقلبه أن يعشق مرة أخري ابدا! .. أغمض عينيه وهو يطرد ذكرياته التعيسة من عقله….

…….

-بتهزري مع أخوه… أخوه دي جاحدة

-ششش يا دعاء هتفضحينا.

وضعت دعاء كفها علي فاها وهي غير مصدقة …. هذا إذن سبب كرهه للنساء..

-أبلة دعاء.

أخرجها من شرودها بسام شقيقها الصغير البالغ من العمر ستة سنوات فقط… لتبتسم دعاء وتلمس شعره الناعم وتقول :

-نعم يا حبيبي

-أنا هنام ممكن تيجي تنامي جمبي.

ابتسمت دعاء بحنان وأمسكت كفه وذهبت لتنام بجواره.

……….

في اليوم التالي…

استيقظت مبكرا كالعادة اغتسلت وتناولت الإفطار ثم أخذت اشيائها وذهبت مع عم منعم… وفي الحمام العمومي وضعت باروكة الشعر والشارب وعدلت وضع ثيابها… لحسن الحظ أنها نحيفة للغاية وتفتقر لمعالم الأنوثة وهذا جعل من السهل عليها ان تتنكر في هيئة رجل…. بعد أن انتهت خرجت من الحمام العمومي واتجهت مع عم منعم للعمل….

………..

-صباح الخير يا عم كريم.

قالتها سريعا وهي ترتدي مئزر العمل وتشرع في إعداد الطعام ليرد عم كريم :

-صباح الخير يا داوود يا بني…. ساعة كده ورائد بيه ينزل تكون انت خلصت الفطار.

-تمام.

تركها كريم بينما أخذت بسرعة تجهز الإفطار…. لحسن الحظ أنها سريعة في أعمال المنزل مما جعلها تجهزه علي الوقت تماما… اعدت طاولة الطعام… وانتظرت بصبر نزوله.

انحبست انفاسها وهي تجده ينزل من الدرج… وجه بعفوية ابتسامة رائعة. لها جعل قلبها يقفز داخل صدرها وقال بصوته المميز :

-صباح الخير يا داوود

-صباح النور يا بيه.

جلس رائد علي الطاولة برضا بينما علي شفتيه ترتسم ابتسامة وقال :

-تسلم ايديك قبل ما ادوق… أكيد هيكون حلو.

-مش هيكون في حلاوتك والله.

قالتها دعاء بصوت منخفض ليقول رائد :

-بتقول حاجة يا داوود

-لا يا باشا بقول بالهنا والشفا علي قلبك

أشار له رائد :

-طيب ما تقعد تفطر معايا..

-بتقول ايه!

ضحك رائد وقال :

-علي فكرة عادي أنك تقعد وتفطر معايا أنا لا متكبر ولا مستبد ممكن بس أكون عصبي شوية. -لا يا بيه شكرا أنا سبقتك اتفضل انت.

-طيب لو هتعبك ممكن تعملي قهوة أكون خلصت فطاري

-أكيد يا باشا.

ثم ذهبت من إمامه مسرعة.

ولجت دعاء إلي المطبخ وهي تضع كفها علي قلبها الذي ينبض بقوة غريبة عليها…. لم ينبض قلبها هكذا ابدا…لم ترتعش لمرآي شخص من قبل ولم تطير من السعادة عندما تري أحدهم يبتسم لها!… لم يحدث معها هذا الشئ من قبل.. لا مع علي ولا مع اي شخص اخر!

-جرالك ايه يا دعاء… اهدي شوية مش عشان حلو شوية… لا شوية ايه احنا هنكدب الواد قمر اربعتاشر… يقول للقمر قوم وأنا اقعد مكانك… ده بينور في الضلمة! بينور في الضلمة يا دعاء

هزت رأسها لتطرد تلك الأفكار هنا… هي فقط منبهرة بها هكذا اقنعت نفسها وحتى لو كان هناك مشاعر له لا يجب أن تنسي مكانتها… هي هنا خادمته بل خادمه وأن اكتشف كذبتها لن يرحمها!…

بيدين مرتعشة أخذت تعد القهوة له…

بعد أن انتهي من الطعام مسح فمه بمحرمه ثم أنتظر وصول القهوة..

اقتربت دعاء منه ببطئ وهي تقدم له القهوة عندما لمس كفها بالخطأ… ارتعشت كفيها ليمسك هو الكوب ويقول بقلق :

-داوود أنت كويس فيه حاجة.

هزت دعاء رأسها بإرتباك ثم انسحبت بسرعة للمطبخ وضجيج قلبها يكاد يصم اذنيها.. هو رائد رأسه بحيره وهو يقول :

-ماله ده؟!

مط شفتيه دون اهتمام ثم شرع في تناول قهوته ليذهب للشركة …

………….

-لا يا هانم دي مهمة صعبة وخطيرة وهحتاج أكتر من المبلغ ده

زفرت بضيق وقالت وهي تنفث دخان سيجارتها بتوتر :

-خد المبلغ ده دلوقتي ولما تنفذ هديك قدهم بس بشرط.

-اشرطي.

لمعت عينيها وقالت بحقد :

-عايزاك تعذبه قبل ما ته… مترحمهوش… عايزاه يتمني الموت… خليه يترجاك أنك ته وكل ما عذبته أكتر هديك فلوس أكتر يا جابر… فاهمني.

متقلقيش يا هانم هعمل اللي يرضيكي.

-طبعا عايزاك توثقلي كل حاجة بالصوت والصورة… نفسي أشوفه وهو بيتعذب

-أمرك.

نظرت إليه وقالت:

-بس خطط كويس هو مش سهل ولا اهبل

-متقلقيش يا هانم أنا جابر العواد وانتي عارفة أنا ممكن اعمل ايه كويس

-طيب يا جابر هنشوف.

……………

بعد أسبوع

-الغي الصفقة!

-أنت اتجننت يا رائد أنت عارف ده معناه ايه احنا هنخسر كتير كده.

نظر إليه رائد ببرود وقال :

-الغي الصفقة يا لؤي من غير كلام كتير… أنا مش هتعامل مع شركة مديرتها ست!.

اغتاظ لؤي ونهض وصرخ به :

-أنت اتجننت خالص.. ايه التصرفات الطفولية دي يا رائد… عايز تخسر صفقة مهمة زي كده عشان بس المديرة واحدة ست… أنت مجنون

-لؤي… اسمعني

-لا يا رائد كفاية كده انت دلوقتي اللي هتسمعني… طردت كل البنات من شركتك وقطعت عيشهم وسكت… رفضت تشغل أختي في شركتك وقلت براحتك لكن لحد هنا وكفاية م كل الستات زي ست زفت نيرمين بتاعتك دي فمتعممش…

-كلهم زي بعض.

-الكلام ده يشمل الست الوالدة.

-لؤي أحترم نفسك وفوق

-لا أنت اللي تفوق يا رائد لأنك بتخسر كتير.. كريم برضه خانك صح وده راجل اشمعنا بتثق في الرجالة… لازم تتخلص من عقدتك دي يا رائد والا هتخسر كتير وأولهم أنا.

صمت رائد ليقترب لؤي ويقول :

-يا رائد مش كلهم زي بعض… بعدين أنا مش بقولك اتجوزها أنت هتعمل صفقة مع شركتها بس اتخلص من عقدتك دي لأنك أكيد هتتعامل مع الستات.. متخليش خيانة مراتك تدمر حياتك بالشكل ده.. فكر في كلامي.

ثم تركه وذهب.

………..

بعد قليل…

خرج رائد من مكتبه واتجه للؤي وقال:

-أنا تعبت شوية وهروح يا لؤي حاول تمشي الدنيا هنا

-تمام بس فكر في اللي قولتلك عليه

-حاضر.

ثم ذهب.

………

خرج من الشركة وركب سيارته غير منتبه لذلك الذي يراقبه من بعيد

……

-يااه أخيرا عم كريم مشي وقرر يسيبني أنا انضف دلوقتي أنا لوحدي أقدر اخد راحتي.

خلعت شاربها والباروكة ثم صعدت لكي تنظف غرفة رائد…

ولجت للغرفة لتهاجم أنفها رائحة عطره المميزة.. أغمضت عينيها وهي تستنشقها بقوة… أصبحت مدمنة بكل ما يتعلق بهذا الرجل.. هزت رأسها موبخة نفسها :

=جرا ايه يا دعاء انتي هتخيبي ولا ايه.

ثم شرعت بالترتيب… قامت بطوي ملابسه النظيفة بعناية وفتحت الخزانة لتضعه فيه… وكادت أن تغلق الخزانة إلا أنها لمحت فستان. أحمر مطوي بعناية مع ملابسه.. أخرجته دون تفكير ثم فردته نظرت إليه… كان فستان احمر قصير… عاري الكتفين بتصميم بسيط… خاطرة مجنونة مرت بعقلها… ارادت حقا ان تجربه لذلك دون تفكير ولجت للحمام الملحق بغرفة رائد لكي ترتديه.

في تلك الأثناء وصل رائد للبيت وتعجب من الهدوء الذي يعم البيت…

-عم كريم… داوود

هتف باسمهما ولكن لا مجيب مط شفتيه وصعد لغرفته.

أبتسم عندما ولج ووجدها منظمة للغاية… جلس علي الفراش وتسطح بتعب.

في الحمام…

انتهت دعاء من ارتداء الفستان وقالت :

=تمام هطلع بره عشان أشوفه في مرايا التسريحة المرايا دي صغيرة.

ثم دون تفكير فتحت الباب و….

انتهي الفصل

الفصل الرابع (تشتت وقلق)

فتحت الباب لتضع يدها علي فمها وهي تراه متسطح على الفراش مغمض عينيه…. قفلت الباب بهدوء وولجت للحمام مرة أخرى وهي ت على وجهها بهلع قائلة :

=يا فضيحتك يا دودي يا فضيحتك ده رائد هيعمل مني شاورما… اعمل ايه دلوقتي انا… لازم أطلع من هنا بسرعة… بس هطلع ازاي يا دي المصيبة…

فتحت الباب برفق لتجده ما زال متسطح على الفراش… خرجت بهدوء ومن حسن الحظ أن ضهره كان للباب لذلك مشت ببطء حتى تصل للباب عندما رأته يستعد للنهوض.. كتمت صرختها الملتاعة ثم بسرعة اندست تحت السرير… أخذت تلطم على وجهها وتقول بهلع…

-اعمل ايه يا ربي…. لو قفشني هيشويني زي السمك…

نهض رائد وولج للمرحاض بتعب لتزفر دعاء براحة وتخرج بسرعة من تلك الغرفة… لغرفة أخرى… كادت أن تخلع الفستان عندما شهقت بفزع… لقد نسيت ملابسها في حمام رائد… ما تلك الكارثة… ماذا تفعل الآن…. من سيساعدها الآن…. نظرت إلى هاتفها الممسكة به في كفها واتصلت به… تعلم أنه لم يغادر بعد… اتصلت به سريعا لكي ينقذها من تلك الورطة!.

……….

خلع رائد قميصه وكاد أن يخلع بنطاله عندما رأي ملابس في سلة الغسيل… التقطها وهو يحدق بها بإستغراب… تلك ملابس داوود… ما الذي أتي بها هنا؟!

……….

أمسكت الملابس منه ليقول عم منعم بصوت مرتجف :

-والله ما حد هيفضحنا غيرك… هتموتيني ناقص عمر

-روق يا عم منعم جات سليمة أمشي عشان هغير.

ثم ولجت الغرفة وأغلقت الباب خلفها!

بعد دقيقتين.

خرجت وقد ارتدت ملابسها ووضعت شعرها المستعار وشاربها…. تجمدت مكانها وهي تراه يقف عاري الجذع ممسكا ملابسها… اتسعت عينيها وهي تنحدر على نصفه العاري :

-يالهوووي

نظر إليها رائد مستغربا وصرخ قائلا :

-داوود هدومك بتعمل ايه في حمامي؟!!

ازدردت ريقها وقالت :

-أسف والله يا بيه الشوربة اتكبت عليا واضطريت أدخل حمامك أنا آسف بجد… مش هكررها تاني اوعدك….

هز رأسه بضيق وقال :

-بتمنى فعلا أنها متتكررش تاني يا داوود.. مبحبش حد يستخدم حاجتي تمام.

هزت دعاء رأسها بينما وجهها أحمر وهي تختلس النظر إليه…

-ولو سمحت حضر الغدا عشان جعان

هزت رأسها مرة أخرى..

ذهب رائد من أمامها… بينما وضعت كفها على قلبها النابض ب… تلك المشاعر التي تنتابها كلما تراه مزعجة للغاية…. يجب أن تتخلص من تلك الأوهام فأين هو وأين هي…ومع كل عقده لن يقترب ابدا من امرأة!

……

وضعت الأطباق بسرعة ثم كادت أن تذهب فهي لا ترغب أن تحتك به كثيرا حتى لا تتعلق به أكثر من هذا….

-داوود ليه مستعجل كده؟!

نظرت إليه مرتبكة وقالت بصوت خشن :

-ورايا شغل كتير… اتفضل حضرتك كل صحة على قلبك.

ثم ذهبت مسرعة من امامه….

………

انت في الصفحة 3 من 15 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
30

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل