
عاد “نوح” إلى غرفة زوجته ليجد “عليا” بالداخل تمسح جسد “عهد” بالمنشفة المبللة فوقف بهدوء يتابعها وهى تأتى يوميًا لأختها باكية وتهتم بحالة جسدها وتتحدث عن غضب “عهد” عندما تستيقظ وتجد جسدها متسخ، جلست تصفف شعر أختها جوارها بلطف وبدأت تحدثها بصوت خافت:-
-مش هتقومى يا عهد بقى، أنتِ وحشتينى بلاش أنا عشان أنا عارفة أنك لسه زعلانة منى طب ونوح هتسيبى لوحده كدة، متمشيش يا عهد وأنتِ زعلانة منى خلينى أصالحك كويس وأوريكى انا جبتلك أيه أحدث شنط من غوتشي، طلبتهم مخصوص من أيطالية عشانك قومى عشان تشوفيهم وكمان خليت ليلى تشتري أحدث أيفون عشانك
كانت تُحدثها وهى تقلم لها أظافرها فدلف “نوح” للغرفة وتنحنح بخفة لتقف “عليا” بقلق ثم قالت:-
-الدكتور قالك أيه؟
أعطاها ورقة الأختبار لتنظر بها فصُدمت بدهشة مما تراه ثم نظرت على أختها الغائبة عن الوعى بصدمة ألجمتها…
__________________
خرجت “ليلى” من المطبخ حاملة طبق به بسبوسة وذهبت إلى غرفة “سما” ثم قالت بعفوية:-
-أنا عملتلك بقي يا ماما بسبوسة تستاهل بؤك
وضعت الطبق على الكمودينو وجلست قُرب “سما” لتقظها لكنها لم تُجيب عليها فأرتعبت “ليلى” خوفًا من ان تكون هذه المرأة أصابها شيء فقالت:-
-ماما
هزت “ليلى” بخفوت لتصرخ “سما” بها بضيق شديد قائلة:-
-أنتِ بستقوى عليا يا بت
تحدثت “ليلى” بقلق شديد وخوف :-
-والله أبدًا يا ماما
قربت “سما” وجهها من وجه “ليلى” ثم قالت:-
-أنتِ بجى الغجرية بتاعت الموالى اللى بتلفى على ولدى وعايز تتجوزيه بعينك
دمعت عينى “ليلى” بحزن من معارضة هذه المرآة المريضة لزواجها من ابنها وقالت:-
-لا والله أنا مش غجرية أنا بنت محترمة
عادت “سما” بظهرها للخلف ثم قالت بضيق شديد:-
-جومى يا بنت هاتى الشنطة السوداء اللى في الدولاب
ذهبت “ليلى” لتحضر ما طلبته ثم أعطته إليها وجلست مرة أخرى تراقبها عن كثب و “سما” تفتح الكيس وتخرج منه حبات عين الجمل ثم أعطتها واحدة وقالت:-
-كسرى دى
أومأت “ليلى” لها بنعم ثم أخذت الحبة منه وكسرت فتبسمت “سما” بلطف وقالت:-
-ورينى أسنانك أكدة
أتسعت عينى “ليلى” على مصراعيها ثم قالت بهمس:-
-دا قر دا ولا أيه؟
ضربت “سما” ركبتها بغضب وهى تقول:-
-سمعتك
تنحنحت “ليلى” بحرج وفتحت فمها إلى “سما” لتقول:-
-سنانك زينة ما هو أنا مهسيبش ولدى يا يدب مرة تانية
رمقتها “ليلى” بغيرة شديدة وهى تقول:-
-تانية!! هو كان في اولانية
ضحكت “سما” بعفوية بعد أن أشعلت نيران الغيرة في قلب هذه الفتاة وبدأت تحرقها حتى أن “ليلى” شعرت بأنها تشم رائحة حريق قلبها فتابعت “سما” بنبرة خبيثة أكثر:-
-وااا وأنتِ حد جالك أن ولدى راهب في نفسه، دا الصعيد كله مفهوش حد في شجاوة ولدى وهو موجفة بنات الصعيد كلته على نظرة منه
ضربت “ليلى” قدمها بأغتياظ شديد من الغيرة ثم قالت:-
-بنات الصعيد كلهم، يومك مش فايت يا عطيه
أعطتها “سما” حبة من عين الجمل مرة أخرى وتبسمت ببراءة الأطفال فنظرت “ليلى” لها بضيق وبدأت تكسر لها كل الحبات من الغضب تفرغ بهم القليل من الغضب، فتح باب الغرفة ودلف “عطيه” لترمقه “ليلى” بغضب وهو يقول:-
-سلام عليكم
وقفت “ليلى” من مكانها ليسقط قشر المكسرات من ملابسها أرضًا لكنها لا تبالى وذهبت نحوه وهى تجذب يده وتخرج فقالت “سما” بغضب:-
-خد أهنا يا بنت
حدثتها “ليلى” وهى تفتح باب الغرفة:-
-بعدين يا ماما
خرجت به للخارج ثم وقفت أمامه وهو مُندهش من تصرفها ولا يعلم سبب غضبها المُتلهب فتركت يده ثم قالت بحدة:-
-كنت فين؟
نظر إليها بدهشة لتقول بغضب أكثر:-
-شوف أنا مش هعيد كلامى كنت فين؟
هندم ملابسه بذهول ولا يُصدق ما يسمعه وهى تعامله كمجرم فقال:-
-جرى أيه يا ليلى أين زينة
كزت على أسنانها بأغتياظ ثم قالت:-
-أنا كنت زينة لحد ما شوفتك
أستدارت لكى تغادر وهى غاضبة وتقول:-
-أنا كان مالى ومال الأرتباط والنيلة مش كفاية انى صومت صومت وفطرت على بصلة
كرر كلمتها بذهول أكثر وهو يخرج خلفها:-
-بصلة
صاحت وهى تلف إليه غاضبة:-
-قصدى عطيه أنت مالك فخور بنفسك كدة لأيه كأن أسمك كاظم الساهر دا أنت أسمك عطيه يا أبو عطيه
أرتطم ظهرها بالباب فأنفجر ضاحكًا عليها رغم غضبه من سخريتها بينما خرج منها صرخة ألم بسبب مقبض الباب الذي أخترق عمود الفقري ونظرت “ليلى” إلى ضحكاته بضيق شديد فقال:-
-أنا أسف، ممكن تفهمنى بس حصل أيه
قوست شفتيها للأسفل وهى تقول:-
-عامل فيها مؤدب وأنت لفيت على بنات الصعيد كلهم
قهقه ضاحكًا عليها عندما وصل إليها قال بجدية:-
-دا كلام أمى مش عيب عليكى لما تسمعى كلام مريضة خرف دا أنا ما فهمك أنها ممكن تحكي فيلم على انه حصل معاها
غادرت المنزل وهى تقول:-
-والله أضحك عليا بكلمتين ما أنت شايفة العبيطة اللى بتصدقك
ضحك “عطيه” عليها ثم قال:-
-هو في عطبية برضو كيف البدر أكدة
ضربته بقوة على كتفه وهى تنظر حولها بخجل شديد من حديثه لتقول:-
-واا أتأدب يا عطيه حد يسمعك
وضع يده على كتفه بدهشة من قوتها وهى بجسد نحيفة وقال:-
-ذنبى أنا يعنى أنى بجولك كلام حلو كيف البنات ما أنا معرفش هتنل وأتجوز ميتى
سارت معه بوجه عابس قائلًا:-
-مش قبل ما عهد تقوم فياريت طول ما أنت قاعد تدعيلها تفوق عشان تتجوز
نظر إليها وهو يسير جوارها ثم قال:-
-يا ليلى أنا معترضتش ولا مانعت بس أنا نفسي أوصل للفرح سليم من غير أصابات الله يرضي عليكى
قهقهت ضاحكة عليه ثم تبأطات ذراعه بخفوت وقالت:-
-متقلقش يا بوب أنا ماليش في الأصابات
نفض ذراعه منه بغضب ثم قال بجدية:-
-لا دا واضح مالكيش في الرومانسيات أيه بوب اللى بتجولي دى في واحدة تجول لخطيبها يا بوب
توقفت عن السير ونظرت إلى بحزن شديد مصطنع ليتوقف عن السير ونظر إليها بغيرة وقد توقفت قدميها أمام قهوة بلدى يجلس عليها الكثير من الرجال لتقول بزمجرة:-
-أنت بتشد أيدك منى يا عطيه
أسرع إليها بخطوتين ليمسك يدها ويجذبها بقوة ليسير بعيدًا ويقول بعنف وغضب:-
-أنتِ هبلة عشان تجفى جد الرجالة وتتجمصي
تبسمت “ليلى” إليه وقالت:-
-وااا أنت بتغير يا بوب
أشتاط غضبًا أكثر وكاد أن يضربها غضبًا من هذه الكلمة لتقول بعفوية:-
-خلاص بقى ميبقاش قلبك أسود يا حبيبى
نظر إليها بدهشة لتسرع في خطواتها خجلًا منه وهو يسير خلفها ويتحدثها قائلًا:-
-مرة تانية وحياتى مرة تانية
ضحكت بخجل وهو يسير خلفها وقلبه يتراقص فرحًا ليقول بجدية:-
-يا رب أموت لو ما جولتيها تانى
ألتفت له بغضب سافر وأسرعت إليه لتضرب صدره بقوة وهى تقول:-
-بعد الشر
تألم من ضربتها لكنه حدق بعينيها وقال:-
-مش بجولك يا رب أوصل للفرح من غير أصابات، ما علينا جوليها
ألتفت مُتحاشية النظر إليه بخجل شديد ثم قالت:-
-حبيبى
تبسم وهو يسرع خلفها بنظراته
__________________
خرج “عمر” من عمله وأنتظارها حتى تبدل ملابسها مع صديقاتها لتخرج “عليا” وتراه واقفًا أما السيارة فأسرعت في الركوب وهى تقول:-
-أتأخرت
هز رأسه بلا ثم أنطلق بالقيادة إلى حضانة “يونس” ومن ثم يذهبون إلى المستشفى، في كل مرة يأخذها إلى المستشفى يراها ترتجف قلقًا فأخذ يدها في يده وهو يقول:-
-متقلقيش يا عليا
نظرت “عليا” إليه وقالت بقلق:-
-بخاف يا عمر، كل مرة وأنا رايحة بترعب لأروح وما لاقيش عهد مستنية وفى نفس الوقت ببقى بجرى على أمل أن الدكاترة تقول أن في أمل ويغيروا كلامهم طول الـ
أسابيع دول وكلامهم واحدة مفيش أمل ومبتتنفسش لكن أنا عندى أمل يتغير، حالة رعب وأمل جوايا متفهمهاش
تبسم “عمر” بلطف إليها فتابعت وهى تعود بنظرها إليه:-
-أنا خايفة تمشي وهى زعلانة منى وكنت هندم العمر كله ولو مكنتش روحت الصعيد لما قولتلى، بعد ما الأوان فات أكتشفت أن ربنا بيدينا الفرص بس إحنا الأغبياء اللى بنضيعها بكبريائنا وغرورنا، ربنا أدانى فرص كتير أوى عشان أرجع لها وأفرحها في كل مرة كانت بتتصل بيا وأنا بكل أنانية مكنتش بفكر غير في نفسي وبتجاهل الفرصة دى ودلوقت مش باقى ليا غير الندم والقهرة اللى أنا سبب فيهم
تحدث “عمر” بنبرة هادئة هاتفًا:-
-أن شاء الله هتفوق عشانك وعشان جوزها وابنها اللى في بطنها، عهد قوية ومش هتستسلم بالسهولة دى صدقينى
دمعت عينيه “عليا” لتضع يدها على وجهها ثم قالت:-
-فكرة أن محدش كبير على الم.وت مُرعبة يا عمر، عهد مهما كانت قوية هي ضعيفة قدام مشيئة ربنا ودا راعبنى جدًا
تبسم “عمر” إليها وقال بحنان:-
-بس ربنا رحيم وقال (وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان) صدق الله العظيم أدعى يا عليا ربما يستجيب لدعواتك
أومأت إليه بنعم ثم ترجلت من السيارة أمام المستشفى…