
-طمنى يا ولدى حصل أيه؟
أجابه “نوح” بقلق وهو يشير على باب الغرفة:-
-بيكشفوا عليها جوا يابويا، لاجيتها واجعة فى الأرض ومعرفش حصلها أيه؟
أربت “على” على كتفه بخفوت وقال:-
-خير يا ولدى بأذن الله
كان يرتعش قلبه خوفًا وعقله يأخذه إلى الماضى بنفس المستشفى كان ينتظر الأطباء يطمئنوا قلبه على زوجته لكنهم خرجروا يخبروه بوفأته، كان يخشي أن يُفتح الباب ويخبره الطبيب بأن زوجته المريضة توفت هى الأخرى، أصابه الخوف من تكرر الماضي لكنه كبح الخوف بداخله ويحاول جاهدًا أخفاءه عن والده الواقف جواره، فتح الباب ليهرع إلى الطبيبة بخوف كامن فى قلبه لتقول:-
-أطمن يا أستاذ هى بخير الحمد لله وأدعى ربنا أنك لحجتها فى الوجت المناسب لو كنت أتاخرت لجدر الله كان زمانها راحت مننا
دخل الغرفة دون أن يُعقب على حديثها أو يسأل ماذا أصاب زوجته فشكرها “على” ودخل خلفه ، رأى “نوح” يقف جوارها وهى نائمة وعلى أنفها أنبوب التنفس الصناعى وفى يدها محلول طبي مُتصل بالكانولا، مسح “نوح” على شعرها بلطف وعينيه لا تبتعد عنها ولا يهتم لوجود والده، نظر “على “ عليه وتبسم بخفة على قلق ابنه الواضح وعندما رأى “نوح” يأخذ يدها بلطف فى راحة يده والأخرى على رأسها زادت بسمته وغادر الغرفة تاركهما وحدهما، خرج من الغرفة ليرى “سلمى” قادمة بخوف وقلق على ابنها فهى لا تكترث كثيرة على حال هذه الزوجة وما زالت لا ترضي به ولم تقبلها زوجة ابن لها، تبسم وهو يأخذ زوجته من يدها ليعودان معًا وهو يقول:-
-تعالى بس يا حجة
أخذها للخارج وهى تقول بجدية:-
اسيبنى أطمن على ولدى
نظر لها بدهشة وقال:-
هو ولدك ماله اللى أعرفه أن مرته هى اللى مريضة، عموماً تعالى وهما هيعاود بكرة
أخذها وذهب فى سيارته
_________________________
فتحت “عهد” عينيها تعب فى المساء وكانت الممرضة رفعت عنها أنبوب الأكجسين والمحلول لكن الكانولا ما زالت فى يدها، ووجدت نفسها فى غرفة مُختلفة وتذكرت ما حدث وهى تنظر فى السقف لتتنفس الصعداء بإرتياح لبقاءها على قيد الحياة فهى أعتقدت أنها ستموت من الخنق هناك، حاولت وضعت يدها على عينيها الدامعة لتشعر بثقل فى يدها وعندما نظرت رأته يجلس جوارها ويمسك يدها فى راحة يده ويغلقها عليها بإحكام وينظر فى الهاتف يشاهد شيء لكنه عندما حركت يدها شعر بها ليترك الهاتف وهو ينظر إليها بلهفة ويقترب نحوها وهو يقول:-
-حمد الله على السلامة، حاسة بحاجة بتوجعك، لا أستنى هنادى الداكتورة
أغلقت يدها على يده قبل أن يتركها وقالت بصوت مبحوح:-
-أستنى بس، أنا كويسة
عاد للجلوس مرة أخرى وهو ينظر إلى يدها المُتشبثة به فقالت بتعب وهدوء:-
-أنا نمت كتير
أجابها وهو ينظر فى ساعة يده بجدية ويقول:-
-8ساعات و48 دقيقة
تبسمت بخفوت من دقته وهو تحاول الجلوس ليمسكها من أكتافها يساعدها فنظرت له بخجل ثم وضع يده خلف ظهرها والأخرى تضع الوسادة لها خلفها وهى تشعر بخفق قلبها يتسارع مُجددًا لقربه حتى تركها ترتخي على الوسادة وحدها وعاد للجلوس على المقعد وظل الصمت بينهما قليلًا لتقطع هذا الهدوء بصوت مبحوح تقول باحراج:-
-أنا أسفة
رفع نظره بها مرة أخرى وقال مستغرب كلمتها:-
-على أيه؟
تنحنحت وهى تشبك أصابعها ببعضها وتتحاشي النظر له بحرج ثم قالت:-
-عشان قولت أنك كذاب وعشان كمان تعبتك معايا طول الساعات دى وشكرًا
هز رأسه بصمت فهو لم يغضب منها ونسي هذا الأمر بل هى من كانت غاضبة وتتنجبها بخصامها، شعر بأن الموقف محموم بينهما وكأنهما يمسكان بأسلاك كهربائية فمن يراهما سيتوقع أى شيء إلا كونهما زوجان، عاد لصمته مرة أخرى وتحاشيه للنظر بها فقالت مرة أخرى:-
-كنت بتتفرج على أيه؟
أعطاها الهاتف بحرج فتعجبت حرجه ووجنته التى أحمرت خجلًا وكأنها مسكت به مُتلبس بالجريمة، نظرت للهاتف بتساؤل عما يشاهده ويجعله مُحرج هكذا أمامها لتُدهش عندما رأت فيديو لها على اليوتيوب متوقف فدخلت على سجل المشاهدة لتراه شاهد أكثر من نصف الفيديوهات الخاصة بها فى هذه الساعات التى نامتها، ضحكت بخفة وصوت مهموس، رفع نظره بها عندما سمع صوت ضحكاتها ودهش من رؤية وجهها مليء بالفرح والضحكات لتظهر غمازاتها ولأول مرة يدرك بأن زوجته تملك غمازات، أعتاد على رؤية العبوس والضيق والمشحنات الكهربائية تبث من وجهها لكن الفرح والضحك رأهما بالفيديوهات فقط والأن سنحت له الفرصة برؤيتهما على الطبيعة، أعطته الهاتف ليبعد عينيه عنها بخجل، قال بخفوت:-
-حاولت أعرف عن مرتى على الأجل اللى الناس تعرفه
ضحكت بسعادة أكبر على ربكته وتحاشيه للنظر بها….
_____________________
تأفف “حمدي” بضيق وهو يقف فى غرفة “خالد” غاضبًا ثم قال:-
-أدعي أنها متجولش لنوح، أنت جولت هتعلم عليهم بس متجبش بالغباء دا وتحط نفسك مباشرة
أجابه “خالد” بنبرة قوية غليظة:-
-مكنش جصدى يا أبويا
رمقه “حمدى” بضيق شديد ثم قال:-
-أستعد لغضب نوح وحاول تدور على مبرر تجوله عشان ميجتلكش
أستدار لكى يخرج ليستوقفه “خالد” بجملته قائلًا:-
-أنت رايح فين ومهملني لحالى
أجابه “حمدى” ببرود شديد:-
-عمك جال أنه هيعاود بمرته النهاردة، خلينى أطلع جبل ما يعاود
غادر الغرفة وتركه خلفه ليتصل “خالد” بصديقه ويقول:-
-بجولك ايه أنا طالع يومين الأجصر، جاى؟.. خلاص هعدي عليك كمان نصية..
___________________
أتسعت عيني “نوح” بصدمة قاتلة وهو يحدق بالطبيبة ثم نظر إلى “عهد” الجالسة على الفراش بالداخل ثم قال:-
-وهى تعرف الحديد دا؟
أجابته الطبيبة بنبرة هادئة ووجه عابس:-
-معتجدش إلا لو كانت بتشك فى الإغماءات اللى بتحصلها
تركها وعاد إلى الغرفة مُصدومًا لا يصدق ما سمعه فنظرت “عهد” له مبتسمةفتبسم بخفوت مُحاولًا أخفاء صدمته عنها…..
يتبــــع….
#هويتُ_رجل_الصعيد
الفصل الخامس (5)
___ بعنــوان “فتح الوصية” ___
خرجت “عهد” معه من المستشفى وهو شاردًا ووجه شاحب يمسك يدها بيده والأخري خلف ظهره، كانت تتعجب اهتمامه ومساعدته رغم أنها تلتزم الصمت، فتح باب السيارة وأدخلها ثم أقترب “نوح” أكثر يغلق حزام الأمان لها لتحدق به بدهشة أكبر، صعد جوارها ليقود السيارة وينظر عليها من تارة لأخري حتى وصل أمام المنزل، نزل وهرع نحو السيارة من الجهة الأخرى لياخذ يدها فقالت بخجل:-
-أنا كويسة يا نوح
هدأ من روعته بإحراج فتجاهلت يديه الممدودة لها ودخلا معًا للمنزل، أستقبله “على” وهو يقول:-
-حمد الله على السلامة، طلع مرتك ترتاح وحصلني على المكتب عشان هنفتح وصية جدك دلوجت وعمك مستعجل جوى
أومأ له بنعم فى صمت وأخذها للدرج فقالت بحرج:-
-روح لعمه يا نوح، أنا هعرف أطلع لوحدي
تشبث بيدها أكثر بإصرار على مساعدتها لتحاول جذب يدها فضغط أكثر وهو يحدق بعينيها يقول:-
-هشش هتسمعى الكلام ولا هشيلك لحد السرير بنفسي
تبسمت بسخرية وهى تصعد الدرج معه وتُتمتم قائلة:-
-فاتح صدره وكأنه هيقدر محسسنى أنى متجوزة فاندام
لم تنهى جملتها لتخرج منها صرخة خافنة عندما حملها على ذراعيه بسرعة البرق فأتسعت عينيها بذهول على مصراعيها ثم قال:-
-بعون الله أجوى من فاندام كمان، بعدين متحسسنيش أكدة أنى معملتهاش جبل اكدة
تنحنحت بحرج منه وهى تتحاشي النظر له، يصعد الدرج بها متطلع إلى ملامحها التى تزداد حمرة من خجلها ليقطعه صوت “أسماء” من الأعلي تقول بغيظ وغيرة:-
-خير رجلها أنشلت؟!
رفعت “عهد” نظرها لها بغضب وتلاشي خجلها وكزت على شفتيها بضيق لكنها تبسمت بمكر وهى تعلم بأن هذه الفتاة ترغب بزوجها وتعشقه بجنونه فلفت ذراعيها حول عنقه بدلال ثم قالت بعفوية مبتسمة له:-
-أوعاك توقعنى مفهوم!
تبسم بلطف وأومأ لها بنعم لتشتاط “اسماء” غضبًا وغيرة من رؤيتها بقرب حبيبها هكذا وهو يدللها أمام الجميع دون خجل أو حياء، مر من جانبها لتضرب “أسماء” قدميها بيديها من الغيظ وتقول مُتمتمة:-
-أنا اكدة هموت مجلوطة بالجلب
دخل “نوح” الغرفة بها لينزلها على الفراش ثم قال:-
-هبعت لك الوكل مع حُسنة، تأكل زين
أستدار لكي يرحل لتقف بسرعة وهى تسير خلفه وتقول:-
-وأنت مش هتأكل!!
استدار لها ثم قال ببسمة خافتة:-
-لما أعاود هأكل بس المهم تأكلي أنتِ زين عشان متتعبيش تاني
أومأت له بنعم فمسح على شعرها بيده ثم غادر لتبتسم وهى تشعر بضربات قلبها تتسارع وتضع يدها على رأسها بخفة وتملأها السعادة من لطفه ومعاملته الطيبة لها…
_______________________
فتح المحامي الوصية وعرضها على “حمدي” واخاه الاصغر “على” و”نوح” وصُدم الجميع عندما وجدوا كل التركة تعود إلى “نوح” وليس أحد الابناء بل سجل الجد كل شيء باسم الحفيد والابناء لا يحق لهما شيء حتى منزل العائلة اصبح ملك “نوح” فثار “حمدي” بجنون وهو يقف ويضرب المكتب بيده ويقول:-
-لا أبويا شكله أتجن ومكنش فى عجله وهو بيسجل الوصية دى
كان “على” مُصدومًا مثله تمامًا فأجابه بهدوء وهو يتكأ بيديه الأثنين على النبوت:-
-اتحدد عن ابوك زين، أبويا ميت وهو بعجله وعجله يوزن بلد كمان
صاح “حمدي” بغضب أكبر وهو يلوح بيديه فى الهواء:-
-طبعًا ما هو ابنك يورث يبجى انت ورثت وأطلع أنا وعيالى من المولد كله
تحدث المحامى بنبرة خشنة وقوية يقول:-
-يا أستاذ حمدى والدك رحمه الله كتب الوصية دى من سبع سنين وهو فى صحته وفى عز شغله وهو واجف على رجله
تركهم وخرج من الغرفة وهو يثور ويصرخ بتهديدات واضحة:-
-الله يجحمه فى جبره، أنا مهسكتش وحجى هأخده من اتخن تخين فى الدار والبلد كلتها، أبجى جاعد فى بيتى ويتجالى مالكش فيه
خرج “نوح” خلفه وهو يخرج عن صمته وكأنه كان على علم بالوصية فلم تصيبه الدهشة أو الذهول ليقول بضيق:-
-أتحدد عن جدي زين، وحجك اللى بتحدد عنه دا مالكش فيه دا عدل ربنا، المحجر والتجارة والاراضي أنا اللى بسهر ليالي عليهم وبسافر عشانهم، عملت ايه يا عمي انت ولا ولدك اللى مجضيها صرمحة وسفر وراء السياح والغوازي عشان تكبره، لتكن فاكر أن جدي كان عنده أطيان واتولد بمعلجة من دهب
استدار “حمدي” له بغضب سافر وهو ينكزه بعكازه الخشبي فى كتفه ويقول:-
-دا بجى الحديد المسموم اللى رميته فى ودن جدك عشان تضحك عليه مش أكدة يا واد اخوي
نزلت “عهد” من الاعلى على صوت شجارهما وخرجت “فاتن” و”سلمى”من المطبخ، غادر المحامى المنزل وتركهم فى شجارهم، انزل “حمدى” عكازه ارضًا وهو يقترب نحوه أكثر ثم قال بتحدي وعينى تبث شرارة ونار:-
-أنا مهسبش حجى يا نوح لو على موتي
لم ترجف عيني “نوح” بل وضع يديه خلف ظهره ببرود وهو لا يخشي شيء، استدار “حمدى” لكى يصعد الدرج فرأى “عهد” أمامه فدفعها بقوة وهو يمر لتكاد أن تسقط فتشبث “نوح” بها بهلع ثم نظر إلى “حمدى” وهو يصعد بغضب، نظرت “عهد” إليه بخوف فمسح على رأسها بلطف وقال بنبرة ناعمة تبدلت فى الحال لأجلها:-
-متخافيش كله تمام
هزت رأسها بلطف له وهى لا تفهم سبب الشجار لكنها علمت به عندما دخل “نوح” إلى المكتب مع والده وتركها، تبسمت بلطف وهى تجلس جوار “سلمى” على الأريكة ثم قالت:-
-ممكن أقعد جنبك
نظرت “سلمى” لها ببرود ثم قالت:-
-ما أنتِ جعدتى ولا تحبي تجعدى فى حجرى بالمرة
هزت “عهد” رأسها بخفوت وقالت:-
-أنا اسمى عهد
رفعت “سلمى” حاجبها بدهشة مصطنعة وقالت بسخرية:-
-تصدجى مكنتش اعرف
ضحكت “عهد” وتابعت حديث عن نفسها:-
-ومعنديش ام، بصراحة مشوفتش أمى عشان اتوفيت وهى بتولدنى، وبابا مات وهى حامل فيا مشوفتوش برضو، أختى عليا هى اللى ربتنى وعمرها كان سبع سنين وعلمتنى وبصراحة كنت شاطرة جداً فى المدرسة وعلى طول من الأوائل يمكن لأن التعليم كان وقتها السبيل الوحيد ليا لعيش حياة مرتاحة
نظرت “سلمى” لها بصمت وهى تقصي لها قصة حياتها بدون مقدمات أو أن تفرض عليها سؤال، تابعت “عهد” بعيني دامعة تقول:-
-لما أختى اتجوزت نادر بقى يساعدها فى مصاريفي خصوصًا ان كلية أعلام مصاريفها عالية شوية ومن أول سنة وأنا بدأت اقف على رجلي وأشتغل لوحدى كنت مبسوطة أوى بأول مرتب ليا، عارفة جبت بيه ايه، شيكولاتة عشان بحبها جدًا بس كنت دايمًا بتحرج أطلبها من نادر لأنه جوز أختى وكفاية عليهم مصاريف تعليمي
ضحكت “سلمى” بخفوت على هذه الفتاة الساذجة والبساطة تظهر فى طباعها وتصرفاتها، تذكرت حديث “حُسنة” عندما أخبرتها أن “عهد” جلبت كتب للدراسة لأبنتها، تابعت “عهد” بهدوء وحرج:-
-أنا أسفة أنى اتجوزت ابنك غصب عنكم بس حضرتك لو مكانى وحسيتى أن فى أيدك تردى الجميل والتعب اللى قدمته عليا ليا مش هترفضي
تحدثت “سلمى” بهدوء وهى تنظر إلى “عهد” بجدية:-
-لو كنت مكانى مكنتش هحس أنه جميل لأن الأخوات والعيلة مفيش بينهم جمايل ولا حساسيات وديون تترد يا بتى
شردت “عهد” فى حديثها فطالما شعرت بأنها عبء على أكتاف اختها ودين فى عنقها يجب أن ترده يومًا، تبسمت بخفوت ثم قالت:-
-أنا ممكن أقولك يا ماما…. الله دى حلوة اوى أول مرة أقولها.. ممكن
تبسمت “سلمى” لها وهزت رأسها بالموافقة لتبتسم “عهد” بعفوية وهى تعانقها فدهشت “سلمى” من عفوية هذه الغتاة ومرحها لتربت على ظهرها بلطف….
________________________
-يعنى أنت كنت عارف؟
سأله “على” بقلق ليجيب “نوح” بجدية قائلًا:-
-من سبع سنين لما خالد كان عمره23 سنة كان مجضيها سهر مع العجر والغوازى كنا بنجيبه كل سبوع من داهية شكل والعجرية اللى حبلت منه وسقطت ولا الرجاصة اللى خبطها بالعربية عشان تسقط جام ماتت، عمى حمدى بجى كان الله اكبر عليه بيتاجر فى السلاح مع رجالة الجبل، تفتكرى جدى كان هيكتبها ماله الحلال عشان نجسوه يا أبويا،، الحل اللى جه على باله أن يكتب كل حاجة باسمى لحد ما حالهم يتصلح وبعدها أدي كل واحد حجه بس لما يتعبوا ويعرفوا كيف يخافوا على مالهم وارضهم مش يضيعوه
تنهد “على” بقلق وهو يجلس على المقعد ويمسك نبوته فى يده اليمنى بحيرة ثم قال بقلق:-
-بس عمك مهيسكتش يا نوح، مهيسيبش حجه يا ولدى… أنا خايف عليك
تحدث “نوح” بشجاعة وهو يقول:-
-متخافش يا ابويا، أنا راجل اجدر احمى حالى زين
رفع “على” نظره إلى “نوح” بقلق وخوف ثم قال بحزن:-
-لتكن فاكر ان عمك هيأذيك فى حالك يا ولدى، حمدى خابر زين أنه لو أذاك مرتك وإحنا اللى هنورث وهيطلع من غير حاجة، عمك هيأذيك فى مالك وشغلك ولو وصل الحال والشر به هيأذيك فى أحبابك يا ولدى
صمت “نوح” قليلًا يفكر فى حديثه ثم غير محور الحديث وقال:-
-المهم دلوجت أنا لازم اسافر القاهرة، لازم أجيب عليا اخت عهد
تعجب “على” من قراره وعقد حاجبيه بدهشة ثم سأل:-
-اشمعنا، ما أنا جولت اجبها عشان حفيدى اللى وياها وأنت منعتنى عنها
تنهد “نوح” بقلق ثم قال بخوف:-
-عهد عندها فشل كبد وهتحتاج زراعة ولسه على ما تستنى متبرع حالتها هتسوء أكثر، لازم أتحدد وياه اختها
وقف “حمدى” من مكانه ليربت على كتفه بلطف ثم قال:-
-روح يا ولدى بس حط فى حساباتك احتمال انها متوافجش تتبرع، الأخت اللى ترمي باختها اهنا عشان مصلحتها وحياتها مهتساعدش فى نجاتها، اه اهنا مش وحش ولا إحنا وحوش بس هى مجدرتش على العيشة معانا فرمت اختها كبش فدية
وقف “نوح” من مكانه بوجه عابس وقال بلهجة غليظة شيطانية:-
-وجتها يبجى هى اللى جنت على حالها لانها هتتبرع بالرضا أو بالعفاية
تعجب “على” من حال ابنه وقلقه الملحوظ والزائد ثم سأله:-
-العروسة عجبتك، دا أنا اكدة اشكر عليا بجى على الحسنة اللى عملتها
تنحنح “نوح” بحرج ثم غادر، تبسم “على” بخفوت وقال:-
-سبع سنين من غير جواز ومفيش واحدة عجبك لكن اللى اترمت فى طريجك تموت من الجلج عليها اكدة
_____________________
ضربت “فاتن” يدها على الأخرى بذهول ثم قالت بعبوس:-
-مش جولتلك، أخوك وولده طبخوها سوى، نوح يدخل كلية التجارة عشان يمسك التجارة مع جده ويلزج له ويفرش له الأرض ورد وحاضر ونعم ويكبر فى السوق ووسط التجار وهوبا ابوك يتعب وعلى يمسك الشغل ويا ولده وفى الأخر ابوك يكتب لهم كل حاجة وأنت ولا أنت هنا يا سبع الرجالة
صاح “حمدى” بها بأنفعال شديد وهو يقول:-
-اخرسي بجى معاوزش اسمع حسك ولا حس حد، عاوز افكر انا مهسيبش حجي لعلى وولده ينعموه فيه واستنى حسنة منهم
ضربت “فاتن” فمها بيدها بقوة وهى تقول:-
-ادينى اتخرست اهو
تحدث “حمدى” بشرود وهو يفكر فيما حدث قائلًا:-
-على كان باين عليه الصدمة كيفي لكن نوح، نوح كان جاعد هاديء جوى ومتصدمش ولا اتفاجى كأنه كان خابز زين اللى موجود جوا الظرف
صاحت “فاتن” وهى تضرب قدميها بيديها بسخرية وانفعال:-
-زورها، ضحك عليكم كلتكم وزورها وكوش على كل حاجة لحاله، طبعًا ما هو الواد اتجوز دلوجت ويا عالم مرته حابلة ولا لا، الواد جرر يعيش حياته خالص
وقف “حمدى” بغضب سافر بعد أن سمع حديث زوجته وقال:-
-حياته دى هدمرها وعائلته هجتلهم جدام عينه لو مأخدتش حجى كامل
________________________
دلف “نوح” إلى غرفته ورأها جالسة على الأريكة وتفتح الصناديق الكرتونية وتخرج منها معدات التصوير، جلس على الفراش يتابعها بصمت وهى مشغولة بعملها فرفعت نظرها له بعد أن شعرت بنظراته تراقبها، سألت بقلق:-
-فى حاجة؟
أربت “نوح” على الفراش بخفة وقال:-
-تعالى جارى
تركت استاند التصوير على الطاولة وذهبت نحوه لكى تجلس فقال:-
-أنا هسافر يومين القاهرة معاوزش حاجة اجبلهالك بدل الاون لاين دا
تعجبت بدهشة من حديثه وسألت بقلق:-
-مسافر ليه؟!، مش قصدى طبعًا ادخل فى حياتك وخصوصيتك بس قصدى هتسبنى هنا
أومأ لها بنعم فتذكرت ما حدث أمس من “خالد” لتقول بخوف وهى تتشبث بكم عباءته:-
-متسبنيش هنا
نظر إلى يدها التى تشبثت به ثم إليها والخوف فى عينيها ونبرتها المُرتجفة، كل شيء بها يوحي يأن هناك شيء تخشاه فى البيت فسأل بشك:-
-خايفة من ايه؟
صمتت وهى تترك عباءته وتتحاشي النظر له فتابع بنبرة أكثر حدة وجدية:-
-أنتِ دخلتى المخزن أمبارح ليه؟
تمتمت “عهد” بتلعثم شديد:-
-بالغلط مكنتش أعر……
قطعها قبل أن تكمل حديثها عندما مسك فك وجهها يرفع رأسها له لتتقابل أعينهما معًا وهو يقول بتحذير:-
-متكدبيش
قصت له ما حدث أمس من “خالد” وما حدث قبل ومحاولاته فى لمسها واعتراض طريقها ليشتاط غضبًا مما يسمعه فوق لكى يخرج يقتله فى مكانه وأمام والده لكنها منعته عندما ركضت خلفه وعانقته من الخلف بهلع، توقفت قدمه عندما ارتطمت بظهره وشعر بدفء جسدها ورأسها تستكن على ظهره لينظر للأسفل على يدها المتشابكة على بطنه فسمعها تتحدث بنبرة خافتة وصوت مبحوح:-
-متروحلوش.. متأذيش حد يرد لك الأذي وتتأذي، متتأذيش ولا تمرض يا نوح، أنا عارفة أنى فرض عليك وأتجوزتنى بالإكراه وبينا حدود مينفعش أتخطاها بس متتأذيش ممكن، أنت أول حد يقلق عليا من غير ما يكون الواجب حاكمه، وأول مرة الاقي ام ليا ومحسش أنى مديونة بالود والحب لحد ولازم أرد الدين فى يوم
تحولت نبرتها إلى الضعف والبكاء أحتل عينيها وصوتها، تنهد بهدوء وهو يفتح يدها من بعضهما لتترك أسر خاصرته ثم التف لها ليراها تنظر للأرض وتبكى، مسح دموعها بأنامله بلطف ثم تحدث بخفوت:-
-أنا موافج على كل اللى جولتيه يا عهد بس حجك لازم اجبهولك وإلا هحس أنى مش راجل، لما واحد ياذي مرتى بكلمة مش لمسة ومجبش حجها أبجى مش راجل
ذرفت دموعها من جديد ليأخذ وجهها بين كفيه ويقول:-
-أنتِ فرض عليا اه بس يا ريت كل الفروض بالحلاوة دى.. اضحكى بجى
ضحكت وسط بكاءها وهى تحدق بعينيه فتبسم بخفوت وبداخله يتواعد الموت لهذا الرجل البغيض الذي تجرأ على إهانة زوجته…
________________________
دق باب شقة “عليا” لتخرج من المطبخ بسرعة وتفتح الباب لتُصدم بخوف عندما ترى”نوح” أمامها….
يتبـــع….
#هويتُ_رجل_الصعيد
الفصل السادس (6)
___بعنوان “أنانيـــة”___
فتح موظف الفندق باب الغرفة وهو يحمل حقيبة سفر صغير ثم ولج “نوح” وهى تتبأطا يديه مُرتدية بطلون جينز وقميص نسائي أبيض عليه كلمات ورسومات باللون الأسود وحول خاصرها النحيف تضع حزام أسود وترفع شعرها من الجانب الأيسر بدبوس شعر ومسدول على ظهرها، أعطى “نوح” النقود للعامل ثم غادر وأغلق الباب فأستدار “نوح” لها وهو يربت على كتفها بخفة وقال:-
-أرتاحى هبابة وأنا ساعة وهعاود
مسكت يده قبل أن يغادر بحرج ثم قالت:-
-ممكن أخرج، عندى شغل ولازم أقابل ليلى
صمت قليلًا وهو يفكر في مرضها وخروجها وحدها فتنهد بهدوء وهو يعلم بأنها بخير ولا تعلم شيء عن مرضها أومأ لها بنعم وهو يخرج محفظة جيبه وقال بجدية:-
-ماشي بس خلى بالك من نفسك وخلى دول معاكي
نظرت إلى يده الممدودة بالنقود لها فقالت بحيرة وحرج من أخذ المال منه:-
-أنا معايا فلوس
وضع المال في يدها رغمًا عنه ثم قال بتحذير:-
-أنتِ مرتى أنا ومسئولة منى خلي فلوسك على جنب، وكلمنى لو أحتجتى حاجة او حسيتى بتعب
نظرت له ببسمة خافتة ثم قالت:-
-متقلقش أنا كويسة
غادر الغرفة لتبتسم وهى تتصلي بـ “ليلي” لكى نقابلها..
____________________
كان “نوح” جالسًا أمام “عليا” في الصالون وهى تحتضن طفلها بين ذراعيها وهو يحدق بها فقطع صمتهم يقول:-
-كنتي فاكرة أنك أكدة هتكونى هربتى ولا هعيشي بسلام كأن القاهرة هتحميكى مننا
تنحنحت “عليا” بخوف منه وهى تتذكر حديث “نادر” عنه وعن قسوته الكامنة في هدوئه ، جبروته الذي يرعب كبار العائلة رغم أنه أصغرهم وربما حجوده هذا ما جعله الأفضل لدي جدهما “حافظ الصياد”، أزدردت لعابها بخوف ثم قالت:-
-أنتوا عايزين منى أيه، انا مش عاوزة غير أنى أعيش وأربي ابنى
هز رأسه بتفاهم وهو يستمع إلى حديثها ثم قال ببرود:-
-بس ابنك دا أنا هأخده ومهتشوفهوش تانى
أتسعت عيني “عليا” على مصراعيها بصدمة قاتلة وتنظر إليه وهى تحتضن طفلها بخوف وتشد بيديها عليها وتحدثت بتلعثم وخوف:-
-أنتِ متقدرش تأخده منى أنا ممكن أسجنك وبعدين انا سيبتلك عهد عاوزين منى ايه
وقف من مكانه بغضب بعد أن ذكرت اسم زوجته ليمسكها من ذراعها بقوة وقال بغضب:-
-عهد!! اللى رميتها كبش فدية عشان تعيش حياتك هنا ومفكرتش فيها ولا للحظة
تركها وهو يسير بعيدًا عنها ثم أخبرها عن مرض “عهد” لتدمع عينيها خوفًا وحزنًا على أختها الصغيرة لكن قلبها لم يبكى أو يرتجف خوفًا بل شعر بالشفقة فقط عليها وتركت “يونس” على الأريكة ثم رفعت حاجبها مُتعجبة سبب زيارته وأن السبب “عهد” ولم يأتي لأخذها هي أو طفلها، كان من الموضوح عندما تحدث عن المرض بأنه يكاد يموت قلقًا عليها ثم سألت بنبرة هادئة:-
-وأنت جاي ليا هنا عشان عهد؟
نظر “نوح” لبرودها بعد ان أخبرها بحالة اختها وحتى دموعها لم تكن صادقة في نظره بل كانت شفقة وعطف عليها كأى شخص غريب يسمع بحالتها فقال:-
-عهد محتاجة متبرع قبل ما حالتها تسوء أكتر
رفعت حاجبها بسخرية وأجابته “عليا” وهى تعقد ذراعيها ببرود شديد قائلة:-
-وأنا المفروض مكتوب على باب شقتى أنى مركز تبرع مثلاً، ولما أتبرع مين اللى هيربي ابنى ويرعاه
مسكها “نوح” من يدها بقوة ووجهه يشتاط غضبًا من رد فعل “عليا” وكز على أسنانه بعيني تبث نار وتحدث بنبرة مرعبة:-
-التبرع أنتِ هتعمليه سواء رضيتى أو لا فأختارى تعملي بموافجتك بدل ما تدخلي أوضة العلميات مجبورة، لأن أنا مهضحيش بعهد كيف ما عملتى أنتِ، أنا ممكن أديها كبدى لكن أنا واثج أن واحدة أنانية كيفك مهترعاهاش في مرضها وأنا لازم أرعاها يبجى لازم تتبرعى ليها بكبدك
سقط الهاتف من يد “عهد” ليلتف الأثنين وصُدم “نوح” عندما رأها تقف هناك وتستمع لحديثهما فترك “عليا” وسار نحو “عهد” بقلق وهو يقول بهمس:-
-عهد أسمعينى
دمعت عينيها بخوف وأرتجفت يديها مما سمعته، أصابها حالة من الذعر والخوف فقبل قليل كانت تشعر بأنها بخير تمامًا حتى سمعت عن مرضها منه لتشعر بأن جسدها بأكمله مريض وأصابه الخمول والضعف، وضع “نوح” يده على رأسها يمسح عليها بلطف وحنان ليقول هامس بعد أن رأي خوفها:-
-متخافيش يا عهد أنتِ هتكونى زينة
أتاه صوت “عليا” من الخلف تقول بانفعال شديد:-
-بس أنا مش هتبرع بكبدي لحد
كاد أن يستدير لها بوجه غاضب تحول للأحمرار الشديد من غضبه وغيظه من هذه المرأة ولا يعرف كيف أحبها أخاه وتزوجها وهى تشبه الحية التي تبخ سمها في الجميع لكن استوقفته “عهد” عندما مسكت يده بضعف ثم قالت:-
-يلا نمشي يا نوح
ظل واقفًا ينظر إلى “عليا” بغضب لتجذبه “عهد” بضعف وجسد هزيل تقول:-
-يلا يا نوح
سار معها وهو يدرك أن قوتها أضعف من جذبه ليغادر بها من المنزل وتهرع “عليا” نحو باب الشقة وتغلق بأحكام…
___________________
__”منــزل الصيـــــاد”__
في المطبخ كانت “سلمى” تقف مع “حُسنة” تجهز الغداء حتى قطعهما صوت “فاتن” تقول:-
-خططتى ونفذتى يا سلفتى
أستدارت “سلمى” لها ليتراها تقف على باب المطبخ تشتاط غاضبًا لكنها تكبحوا بداخله فقالت:-
-هتساعدينا أتفضلي لكن لو جاية تحددي حديد ماسخ يبجى متعطلناش
أنهت جملتها وألتفت تكمل تقطيع البطاطس في الطاجن لتتحدث “فاتن” بغضب ولهجة غليظة:-
-طبعًا ليكى نفس تطبخى وهتأكلى كمان ما هو اللى في عب ولدك فحجرك يا سلفتى وعاملالى فيها شيخة ومبتجوميش من على سجادة الصلاة طب جوليله أن بيأكل مال حرام وسارج حج عمه
تأففت “سلمى” بضيق شديد وهى تقول:-
-الله ما طولك يا روح.. هملينى لحالي يا فاتن لحسن صبر هيخلص عليكي
غادرت “فاتن” وهو تقول بجدية:-
-والله أنا اللى ماسكة حالى عليكى يا سلفتى أنت وولدك
تنهدت “سلمى” بضيق بعد أن غادرت “فاتن” لتربت “حُسنة” على كتفها بلطف:-
-متزعليش حالك يا ستى وكله هيبجى تمام
___________________
كان “نوح” واقفًا أمام باب غرفة النوم فى الفندق مُرتدي بنطلون أسود وقميص رمادي فاتح ودق الباب برفق وهو يُحدثها قائلًا:-
-ممكن نتحدد سوا بهدوء
لم تُجيبه سوى بصمت فتنهد بضيق وألتف لكى يغادر لكن أستوقفه صوت فتح الباب فألتف مسرعًا بهلع ليراها تقف كما هى بملابسها مُنذ الصباح لم تبدلها ووجهها شاحب وحزين وقد تمكن الضعف والخوف من روحها، شعرها فوضوي على الجانبين يحيط بوجهها الصغير وأتاه صوتها المبحوح تسأله بضيق:-
-أنتِ عرفت أمتى، لما كنت فى المستشفى صح
أومأ لها بنعم وهو يقترب نحوها خطوتين لتعود هى للخلف بعيد عنه وتجيبه وسط البكاء بخذلان:-
-عشان كدة بقيت مهتم بيا وعلى طول جنبي والشفقة باينة عليك وأنا اللى كنت مغفلة فكرت للحظة..
صمتت ولم تكمل ليقترب نحوها وهو يرى الخذلان بها وهى تتحاشي النظر به وتنحى رأسها للأسفل بإنكسار ليأخذ يدها بلطف فنفضتها بغضب وهى تصرخ به وتسير نحو الشرفة:-
-أبعد عنى يا نوح
تحدث وهو يسير خلفها بقلق قائلاً:-
-اسمعينى بس
صرخت وهى تستدير له وتفتح ذراعيها أمامه قائلة:-
-اسمع ايه؟!! أن كل المعاملة دى ولطفك وحنيتك كانوا شفقة عليا عشان مرضي
صمت أمام حديثها فهو يعاملها هكذا خوفًا من تكرر الماضي ولم يكن لها أى مشاعر، ذرفت الدموع من عينيها بضعف وخوف من المرض والجراحة، أقترب نحوها بهدوء وأخذ يدها فى يده بحنان وقال:-
-أطمني يا عهد، طول ما أنا جارك وفى ضهرك أطمنى وأوعى تخافي من حاجة واصل، أنتِ هتعملى العملية وهتخفي
جهشت باكية وهى ترفع يدها الأخرى لتضعها على عينيها بحزن وضعف تخفى دموعها وعينيها عن نظره وما زال يحتضن يدها الأخرى بيديه، رفع يده إلى يدها ثم أشاحها عن عينيها وقال:-
-متبكيش
أومأت له بنعم ليجفف دموعها بأنامله بحنان وهو ينظر لعيني العسلية التى تلوثت بأحمرار شديد من كثرة بكاءها وتورمت قليلًا، وجهها شاحب لا يعلم أهو من الحزن أم المرض، مُنذ أن علمت بمرضها وظهر التعب والأرهاق عليها أكثر من السابق، تمتمت “عهد” بضعف وهى تنظر بعينيه السوداء قائلة:-
-أنا خايفة!!
أربت على يدها بيده بحنان وهى تشعر بدفئه يمتص حزنها ووجعها، رفعت نظرها مع يده التى تمر من أمام أعينها ليضع خصلات شعرها خلف أذنيها بلطف ناظرًا بعينيها لتشعر بضربات قلبها تتسارع وحرارة جسدها ترتفع من نظراته المُسلطة عليها، هذه النظرات المليئة بالدفء بمثابة السحر الذي يُسكب على قلبها وعينيها، تحدث “نوح” بخفوت:-
-متخافيش أنا وياكي ومههملكيش واصل….
لعنت نفسها وقلبها الذي تسارع أكثر بعد كلمته وهذا الرجل يربكها بكل شيء، نظراته وأنفاسه الدافئة وكلماته وغير كل هذه وسامته التى تسعى جاهدة لتجاهلها لكنه يُفشل كل محاولاتها، لم تتحمل البقاء أمامه أكثر حتى لا تفقد وعيها من سحره ففرت هاربة من أمامه إلى غرفة النوم…..
تنفست الصعداء بأرتباك وهى تقف خلف الباب وتضع يدها على قلبها مُحاولة الشعور بضرباته أكثر لتُتمت بحزن شديد:-
-أهدا بقى كل دا شفقة عليك
دمعت عينيها بخذلان فهى أعتقدت بأن الحياة من الممكن ان تبدأ بينهما ويتقبلها زوجة له لكنه لم يراها سوى فتاة مريضة على حافة الموت ووحيدة لا تملك من يعتني بها…
أستيقظ “نوح” صباحًا من النوم ولم يجدها بالغرفة ليدب القلق فى عقله من أن تكون هربت منه مريضة وعندما أتصل بها كان الهاتف مُغلق ليشتاط غضبًا ممزوجًا بالقلق ودخل يبدل ملابسه ليستعد من أجل الخروج والبحث عنها…
_____________________
فى كافى فى وسط البلد كانت “عهد” جالسة على طاولة بعيدة بجوار الحائط الزجاجى الذي يفصلها عن الشارع ومعها “ليلى” حزينة وتبكى على حال صديقتها بحزن وخوف صادق لتُمتم “عهد” بهدوء وهى تنظر إلى صديقتها:-
-ممكن تهدي، أنا مجتلكيش عشان تقضيها عياط
أخذت “ليلى” يدها بين كفيها بخوف وقالت وسط بكائها:-
-أنا مستعدة أتبرع لك بس متمرضيش ومالكيش دعوة بعليا لأنها أنانية ومتستاهلش أنك تعتمدى عليا
أربتت “عهد” على يدها ببسمة خافتة مُنكسرة ثم قالت:-
-أنا مبحكلكيش عشان تقولى تتبرعي ليا أنا ممكن أستنى متبرع عادى، نوح قال أن حالتى مش خطيرة أوى
جففت “ليلى دموعها بأناملها مُبتسمة رغم خوفها من فقد صديقتها ثم قالت:-
-نوح!! ، شكل راجل جدع من اللى حكيته عنه
أومأ “عهد” بالموافقة وهى تشرد فيه ثم قالت بهيام:-
-جدع بس، دا جدع وشهم ووسيم أوى يا ليلى
ضحكت “ليلى” على صديقتها وهى تلوح بيدها أمام أعين “عهد” ثم قالت:-
-ايه يا عيونى روحتى فين؟ إحنا بنحب ولا ايه؟
تنحنحت “عهد” بخجل ثم قالت:-
-لا حُب أيه؟ أنا بس معجبة بشهامته ورجولته لو شوفتيه وهو بيضرب ابن عمه عشانى ولا وهو بيشخط فى مرات عمه الحرباية
قهقهت “ليلى” ضاحكة وهى تأكل قطعة من الحلوى ثم قالت بعفوية:-
-وأنا اللى قاعدة قلقانة وميتة من العياط
تنهدت “عهد” تنيهدة مليئة بالخيبات وثغرات الوجع ملأت طريق قلبها لتتعجب “ليلى” من تنهيدتها الضعيفة وقالت بأستغراب:-
-ليه التنهيدة دى! أنتِ تعبانة ولا حاجة
تحدث “عهد” بعفوية وصدق مليء بالحزن:-
-الحياة معاندة معايا أوى يا ليلى، أول ما أنجح فى مشوارى ألاقي نفسي أتجوزت وبقيت مدام بالأسم، أختى أنانيتها بتزيد ضحكت عليا وفهمتنى أن أول ما يكتشفوا أن أنا العروسة هيطلقنى ويرمينى عشان هم كل همهم يونس حفيدهم وبس ولو مطلقنيش هتساعدنى أهرب لكن أول ما مضيت فص ملح وداب ونوح مطلقنيش زى ما قالت، وبقت زوجة ومضطرة أعيش فى مكان غريبة مع ناس معرفهمش وبيكرهونى وكل واحد من سكان البيت دا نفسه يخلص منى دلوقت قبل كمان ساعة، ولما لاقيت الراجل اللى معايا طيب وراجل يتسند عليه قولت خلاص قدرى وأتقابله، طلع كل دا وهم وشفقة بسبب مرض ظهر بين يوم وليلة
وقفت “ليلى” من مقعدها لتجلس جوارها وهى تربت علي يديها بحنان ولطف وتقول بنبرة ناعمة:-
-كله هيبقى تمام يا عهد المهم دلوقت نعالج المرض دا
رفعت “عهد” نظرها إلى صديقتها بضعف وعيني دامعة ثم قالت:-
-بس ليلى أنا موجوعة ومش قادرة أدارى أكتر من كدة، أنانية أختى وجعانى وشفقة نوح تعبانى لكن غصب عنى بيرجع له لأن فعلا ماليش غيره أتسند عليه فى ضعفى ودا قاهرنى يا ليلى
جففت “ليلى” دموعها بسبابتها وهى تقول مُبتسمة:-
-بس أنا معاكيِ يا حبيبتى
عانقتها “عهد” بإنكسار وقد رفعت الستائر عن أوجاعها الكامنة داخلها وهذا الرماد الذي ملأها وهى تخفيه ببسمتها وروحها العفوية أمام الجميع لتمسح “ليلى” على ظهرها بلطف فتابعت “عهد” بتلعثم شديد من كثرة شهقاتها:-
-كله فاكر أن الشهرة والمتابعين والفلوس كفاية يعيشونى سعيدة وأنا فى الحقيقة أتعس إنسانة فى الدنيا واللى يزيدنى تعاسة أن مبقدرش أقاوم نوح وخايفة أسيب نفسي ألاقينى بحبه وهو فى عالم تانى عايش مع حب مراته الميتة زى ما بنت عمه قالت
أخرجتها “ليلى” من بين ذراعيها لتنظر لعينيها فنظرت “عهد” لها بضعف فتمتمت “ليلى” بانتصار وقد أعترفت صديقتها بما تخفيه منذ بداية اللقاء:-
-يعنى اللى مخوفك ومولد الرعب جواكي هو أنك تحبي نوح مش الوحيدة والمرض يا ست هانم
أتسعت عيني “عهد” على مصراعيها بهدوء مما تفوهت به دون قصد ثو وقفت بأرتباك تقول:-
-أنا هروح أغسل وشي
هربت من أمامها سريعًا لتبتسم “ليلى” بمكر وهى تكمل أكل الحلوى لتخطر فكرة على عقلها الخبيثة ثم نظرت إلى حقيبة “عهد” الموجودة على الطاولة….
____________________
وسط الجبال ووعورتها ورجالها المجرمين وكل منهم يقف حامل سلاحه ويراقب الطريق، كان “حمدى” يجلس مع كبيرهم ويرتشف القليل من الشاي مُستمعًا إلى هذا الرجل:-
-خلاص يا حج حمدي متجلجش أدينا بس خبر أول ما يوصل الصعيد وأنا هخلي الرجل تنفذ على الطريق
وضع “حمدى” الكوب من يده وهو يقف مُتكأ على نبوته ويقول:-
-دايمًا عامر يا حج وأستن منى اتصال
غادر من الجبل وهو يُتمتم بغضب كامن بداخله:-
-خلي عنادك ينفعك يا ولدى أخويا
____________________
خرجت “عهد” مع “ليلى” من الكافى ووقف ينتظرا سيارة أجرة وكل سيارة تمر ترفض “ليلى” الركوب فتعجبت “عهد” من رفضها وقالت بانفعال:-
-وبعيد يا ليلى كل ما أوقف عربية تمشيها إحنا هنروح فى يومنا دا ولا هنبات هنا
أومأت “ليلى” لها بنعم وهى تقول:-
-أكيد هنروح
تمتمت بخفوت وضيق قائلة:-
-هو اتاخر ليه كدة؟
أتاهما صوت “نوح” من الأمام يناديها :-
-عهد
ألتفت له بدهشة من معرفته لمكانها بينما حدقت “ليلى” به وهو يترجل من السيارة مُرتدي بنطلون أسود وقميص أسود يرفع أكمام إلى ساعده لتظهر عروق معصمه البارزة ويرفع شعره الأسود الكثيف إلى الأعلى فتنهدت “ليلى” وهى تهمس بأذنيها من الخلف:-
-أوعى تقوليلى أن دا الصعيد اللى متجوزاه يا عهد
حدقت “عهد” به وهى تنكز “ليلى” فى بطنها بساعدها وتقول:-
-أنت عرفت مكانى منين؟
قطعهما “ليلى” وهى تقترب له وتمد يدها نحوه لكى تصافحه وعينيها ثابتة على وجهه الوسيم وقالت بشرود:-
-أنا ليلى مديرة أعمالها، أوعى تقولى أن الصعايدة كلهم حلوين كدة وبعضلات
وضعت “عهد” يدها على فم صديقتها باحراج منه ومما تفعله وقالت ببسمة مُحرجة:-
-معلش ليلى بتحب تهزر بس
هز رأسه ببرود إليها ثم نظر إلى “عهد” يتفحصها بنظره وهو يقول:-
-أركبى
تركتها “عهد” وذهبت لكى تركب السيارة معه و”ليلى” تكاد تطير الفراشات من عينيها خلفه وتقول:-
-يا واد يا تقيل
صفعت وجنتها بخفة وهى تقول:-
-أيه اللى بعمله دا، أنا لازم أشوف أول قطار رايح الصعيد أمتى… تاكسي
أشارت إلى سيارة أجرة وغادرت، أنطلق “نوح” بسيارته وهى صامتة تنظر إلى الشارع وتفكر بصمت دون ان تبرر له سبب خروجها دون أذنه أو غلق الهاتق وهو كاد ان يموت قلقًا لولا أتصال “ليلى” به وخطتها الماكرة..
كانت ترتب أفكارها فى عقلها وبعد يوم طويل من التفكير وحدها قررت أن تعود للعمل والدراسة وتبحث عن طريقة لعلاجها فهى لن تستسلم للم,وت بسهولة وأخطر قرار توصلت له كان طلب الطلاق منه ولن تكمل هذه الحياة المزيفة أكثر فهو ليس زوجها وهى ليست زوجة سوى بالاسم وفى الأوراق فقط
____________________
فى اليوم التالى خرجت “عليا” من مبنى العمارة وطفلها فى يدها لكى تأخذه للحضانة أولًا ثم تذهب لعملها ، أوقفت “يونس” أمامها وهى تترك يده لكى تفتح باب السيارة وبسرعة البرق جاءت دراجة نارية عليها رجلين ليحمل الرجل الجالس فى الخلف “يونس” عن الأرض ويهربوا لتصرخ بهلع وهى تركض على قدمها خلف الدراجة النارية لكن لا جدوى من الصراخ والهلع….
___________________
خرج “نوح” من غرفة النوم بعد أن رأها نائمة فى الفراش ليتحدث فى الهاتف ويقول:-
-تسلم يدك، المهم تأخد بالك من الواد زين وتوكل وترعى وأنا متوكد أن على المساء هجولك هاته
أغلق الهاتف وهو يغادر الغرفة ونول إلى الطابق الأول يتناول الإفطار مُنتظر قدومها له راجية ان يُعيد طفلها وفور أنهاءه الإفطار وأثناء شُربه للشاى وحديثه فى الهاتف مع والده يقول:-
-مجلجش يا حج أنا بكرة المساء هكون عندك
جاءت “عليا” مع أحد موظفين الفندق ليشير الموظف عليه فهرعت نحوه بغضب وعينيها لا تكفى عن البكاء ومسكته من قميصه بنيران مُشتعلة بداخلها وهى تصرخ به قائلة:-
-محدش عملها غيرك يا نوح، ابنى لو مجرعليش …
قطع تهديدها وهو ينزل يدها عنه بغضب مكبوح بداخله هو الأخر وقال بأشمئزاز وتهديد:-
-مش جولتلك لو مجتيش بالرضا هتيجى بالغصب، أنا مهضحيش بعهد
ترك يدها بضيق وعاد للجلوس لتجلس على المقعد المجاور له ثم قالت:-
-أنا هسجنك وهبلغ عنك
تبسم لها بغرور شديد وقال:-
-أثبتي يا مرت أخويا أنى عملتها ولا يكنش البوليس هيلاقي ولدك فى أوضتى مثلا، أنا راجل مرتى مريضة وجايبها القاهرة أكشف عليها
مسحت دموعها بضعف ثم قالت:-
-أنت مش هتأذي ابن أخوك
عاد بنظره لها ببرود يتطلع بثقتها فتبسم بعيني شيطانية كالصقر الذي على وشك ألتهم فريسته فأرعبتها نظرته لتزداد خوفًا منه عندما قال:-
-أخويا الله يرحمه لكن مرتى حية والحية أبجى من الميت، وأن مدخلتش اوضة العملية أنا عندى دكتور نجس ممكن بالفلوس أعيش مرتى العمر كله بكبد ولدك
أتسعت عينيها على مصراعيها بصدمة ألجمتها ومنعتها من الحديث من قسوته وجبروته فى أخذ كبد طفل فقط لينفذ زوجته رغم زواجهما المزيف والمدون على الورق، عاد “نوح” لشرب الشاى وهو يضع قدم على الأخرى ببرود كاد أن يقتلها أمامه ويلتزم الصمت تاركها تتطلع به بعينيها بعد أن كسر ثقتها القوية بتهديده لتُتمتم بتلعثم شديد وجسد مُرتجف:-
-وهتسيبنى بعدها فى حالى وترجعلى ابنى
نظر لها بحماس وهى على وشك الموافقة وهتف بجدية:-
-وأمضيلك تنازل كمان أن محدش من عيلتى هيتعرض لك أنتِ وولدك مدي الحياة
تعجبت من رده فقالت بقلق:-
-وأهل الصعيد هسيبوا حفيدهم ولا دا كلام عشان مصلحتك
ألتقط علبة السجائر بصمت ليشعل سيجارته قبل أن يُجيبها وكأنه يتعمد أثارت توترها أكثر ثم قال وهو ينفث دخان سيجارته بعيدًا:-
-أهل الصعيد عندما ولد تانى اسمه نوح يجبلهم بدل الحفيد عشرة، فكرى وبيتى فى الصعيد أنتِ خابرة طريجه زين دا لو عايزة تشوفى ولدك تانى
غادر من أمامها وتركها فى حالة من الخوف والذعر القاتل على ابنها….
____________________
أستمع “حمدى” لحديث “على” فى الهاتف مع “نوح” وعلم بأنه سيعود غدًا ليرسل رسالة إلى رجال الجبل لكى يستعدوا ويكونوا فى أستقبال “نوح” وزوجته…
يتبــــع….
#هويتُ_رجل_الصعيد
الفصل السابع (7)
___ بعنــــوان “ليـــن”___
صعد للأعلى بعد أن أنهى فطاره وتهديد “عليا” وعندما فتح باب الغرفة وولج رأها تجلس في غرفة المعيشة بصحبة “ليلى” ومعدات التصوير موجود يبدو أنهما كانوا يصوروا فيديو جديد، لم ترفع أيهما نظرها به وهن غارقات في العمل، تركهما ودلف على غرفة النوم حتى لا يسبب لهما إزعاج، وقفت “ليلى” تمسك الكاميرا ثم قالت:-
-مستعدة
أومأت لها بنعم ليبدوأ التصوير وقبل أن تنهى ”عهد” المقدمة ذعرت “ليلى وهى تلفظ أسمها وتنزل الكاميرا بعيدًا:-عهد!!
نظرت “عهد” لها لتقترب “ليلى” منها بذعر وهى تمسح أنفها الذي سال الدم منه فنظرت “عهد” ليد صديقتها وقد لوثتها الدماء لتجلس في الأرض بخوف وهى ترتعش..
كان “نوح” جالسًا على الفراش بأسترخاء ويقرأ عن مرضها أكثر على الأنترنت حتى سمع صوت صراخ “ليلى” فألقى الهاتف على الفراش ووقف ليسرع بالخروج فرأهما جالستين على الأرض وزوجته بين يدي صديقتها فهرع نحوها يأخذها منها وهو يقول:-
-ما لك؟
كانت تشعر بدوران شديد وإرهاق، أقترب لكى يحملها لكنها وضعت يدها على صدره وقبل ان يسألها عن سبب منعها له أستفرغت ما بداخلها، فزعت “ليلى” من رؤية حالة صديقتها تتدهور هكذا وذرفت الدموع من عينيها بصمت أم هو لا يبلى بما يحدث وحملها على ذراعيه بالقوة رغمًا عنها وأخذها إلى المستشفى و”ليلى” معهم تحتضنها بذراعيها أثناء قيادته للسيارة، فحصها الطبيب و”نوح” يقف في الخارج مع “ليلى” بأنتظاره حتى خرج الطبيب وأخبره أن جسدها ضعيف وحالتها تسوء ومن الأفضل أن تجد متبرع لها سريعًا دون أنتظار متبرع متوفى، أخذها في سيارته شبه نائمة وعاد للصعيد ليُصدم “حمدى” عندما فتح باب المنزل ودلف بها فكان يجب أن يعود غدا وليس اليوم وكأن مرضها سبب الفضل في إنقاذ حياتهما من مكر عمه..
ساندها حتى وصلت للفراش ووضع الوسادة خلف ظهرها لتُتمتم بتعب قائلة:-
-أنا هموت يا نوح
هز رأسه بالنفى وهو يمسح على رأسها بلطف يطمئنها ويهتف بحنان:-
-لا بعد الشر عنك، أنتِ هتعملي العملية وهتبجى زينة وأحسن منى كمان
صمتت وهى تنظر إلى عينيه في هدوء وهو يبادلها النظر ليقطع نظراتهما الصامتة صوت طرقات على باب الغرفة وعندما فتح كانت والدته والقلق واضح عليها وتقول:-
-خير يا ولدى
أدخلها وهو يشير على “عهد” بذراعه وقال:-
-عهد تعبانة هبابة يا أمى
ذهبت لكى تجلس جوارها وكان وجهها شاحب ومقلة عينيها صفراء بجسد هزيل وضعيف والنعاس على وشك هزيمتها، مسحت “سلمى” على جبينها بلطف فتبسمت “عهد” بتعب وهى تقول:-
-دايمًا بلاقى الحنان لما أتعب
أجابتها “سلمى” بعيني دامعة بنبرة جادة:-
-متتعبيش بس وأنا هغرجك حنان بس من غير مرض
وضعت “عهد” رأسها على صدر “سلمى” لتطوقها بذراعيها فأغمضت عينيها مُستسلمة للنعاس مهزومة أمامه، نظر “نوح” لها وشعر بوخزات في قلبه ليقول:-
-خليكى وياها يا أمى
غادر الغرفة بأختناق شديد في صدره وشعره بالعجز عن مساعدتها ربما يقتله فذهب لصديقه “عطيه”
_____________________
كان “حمدى” يشتاط غيظًا وغضبًا مما حدث وفشل خطته لتقول “فاتن”:-
-أحسن أنها باظت أنا من البداية جولتلك تبجى غبي لو جتلته، لو نوح مات مراته وأبوه اللى هيورثه مش أنت
ضرب ركبته بيده وهو يقول بغضب نارى:-
-ومين جالك يا أم مخ تخين أنى كنت هجتل نوح، أنا كنت هخطف منه مرته وأساومه
جلست “فاتن” جواره بحماس ثم قالت:-
-ما هي متلجحة في الأوضة جارى، أدينى أنت الموافجة وأنا مش أخطفهالك دا أنا أخلص عليها وأرتاح
نقر رأسها بأصابعه بأشمئزاز من غباءها ثم قال:-
-ونوح هيهملك أكدة تدخلى أوضته ولا تأذي مرته في داره بغبائك دا
ضربت كف على الأخرى وهى تقول:-
-ااااه لو يسيبونى عليها
___________________
كان “نوح” جالسًا فوق العشب تحت نخلة في أرضي زراعية وشاردًا في عجزه عن إنقاذها ومعالجة مرضها فسأله “عطيه” بقلق:-
-ومرت أخوك دى هتوافج
أجابه بنبرة شر وغضب مكبوح بداخله:-
-لازم توافج يا عطيه معنديش خيار تانى ، الفكر والخوف من المرض هم اللى هيموتوا عهد لأنها جبانة وأنا مههملهاش ت,م,وت أكدة
نظر “عطيه” له بحيرة ثم قال:-
-أنت حبتها يا نوح؟
نظر “نوح” له بدهشة من سؤاله وتنهد تنهيدة طويلة معبأة بالكثير من المشاعر المختلطة ثم قال:-
-مش حُب، أنا جوايا أحساس أنى مسئول عنها وأنها مسئوليتى، أنانية أختها ومكرها مولدين جوايا الحنية والطيبة عليها
سأله “عطيه” سؤال ماكر قائلًا:-
-شفجان عليها يعنى
سؤاله الماكر أثار غضب صديقه فأجابه “نوح” بسرعة وهو ينظر إليه بغضب:-
-لا مش شفجة، أنا بشفج على الغلابة والمحتاجين وبساعدهما لكن هي مش شفجة أنا بجد خايف عليها، تعرف أنى جرأت عنها كتير وكتير من التعليجات كانت بتجول أنها عنيدة ومتمردة على كل حاجة حتى ألوان الهدوم بتتمرد عليها لدرجة خلتنى عاوز أشوف عنادها دا كيف وعامل معاهم كيف؟ أنا من يوم ما عرفتها ومشوفتش غير ضعفها وحزنها
أربت “عطيه” على كتفه بلطف وجمع شجاعته وهو يقول:-
-هجولك حاجة ومتتعصبش عليا ولا تسبنى وتجوم، اللى بيحاول يكتشف واحدة ويعرف عنها ويدخل يبحث عن صفحاتها ويوصل أنه يجرأ تعليجات الناس عنها دا واحد بيحب يا نوح
نظر “نوح” له بوجه عابس على وشك أن يطلق العنان لغضبه في وجهه فتابع “عطيه” بشجاعة:-
-بطل تنكر دا وصدج وأبجى أسال حالك وانت باصص في عينيها بتحس بأيه ولو جرالها حاجة بعد الشر موجفك هيكون ايه، وأفتكر يا صاحبى أن الحب مهوش عيب ولا حرام وأن اللى في البيت دى مرتك وحلالك والصخرة اللى في صدرك من حجها تلين وتحب
وقف “نوح” غاضبًا من حديث صديقه وينفض الغبار عن عباءته وهو يقول بتذمر:-
-أنا ماشي عشان أنت خرفت على المساء
ناده”عطيه” وسط ضحكاته فهو كان يعلم بأن صديقه سيهرب:-
-خد هنا يا نوح، طب مهتصليش الفجر
لم يُجيب عليه وغادر المكان عائدًا للمنزل وعندما دخل غرفته كانت “عهد” نائمة بالفراش ووالدته غادرت لغرفتها تاركة هذه الزوجة الضعيفة وحدها، ولج للمرحاض ووقف تحت صنبور المياه لفترة طويلة يفكر في حديث “عطيه” ويتكأ بذراعيه على الحائط، لم يشعر بالوقت الذي قضيه تحت المياه الباردة وعندما خرج لم ينام على الأريكة بل أخذته قدمه إلى الفراش وجلس جوارها يتطلع بملامح وجهها وهى تنام على ظهرها ورأسها مائلة للجانب الأيسر وشعرها الأسود مفرود جانبها، رفع خصلة شعرها عن جبينها بسبابته لتشعر بشيء يزعجها فحركت رأسها برفق ليفزع وهو يرفع يده عنه، تتطلع بملامحها وحاول أن يشعر بدقات قلبه لكنها كانت هادئة ولم تتسارع لأجلها فعاد للأريكة ببرود وهو يُتمتم بسخرية:-
-جال حُب وعشجان جال
نام على الأريكة بأرتياح بعد أن تأكد بأن حديث “عطيه” خرافة لا أكثر
______________________
كانت “سلمى” تجهز الفطار على السفرة مع “حُسنة” فجاء “على” وقال بحنان وهو يجلس على السفرة:-
-صباح الخير يا سلطانة جلبى
تبسمت “سلمى” وهى تقول بعفوية:-
-صباح فل يا سيد الرجال
جلست على المقعد جواره وتركت “حُسنة” تكمل وحدها فقالت بنبرة خافتة:-
-مرت ولدك تعبانة جوى يا حج وأنا خايفة على نوح
وضع “على” يده على يد “سلمى” بلطف وطمأنينة ثم قال:-
-متجلجيش، ولدك راجل
نظرت للخلف على “فاتن” الجالسة في الصالون ثم همست له بقلق:-
-ما تتحد مع نوح يدي عمه حجه، أنت خابر شرهما كيف أنا معاوزش أخسر ولدى التانى اللى باجى ليا من الدنيا
بدأ “على” يتناول فطاره مٌتجاهل طلبها وقال ينهى الحديث في هذا الاتجاه:-
-كُلي يا حج وهملى ولدك يدير شئون حاله لوحده
تأففت “سلمى” بضيق شديد من موافقة زوجها على ما يحدث، دق باب المنزل لتفتح “حُسنة” لترى “عليا” واقفة أمام الباب، أدخلتها إلى “سلمى” فتعجبت “سلمى” من هدوء هذه المرأة فعندما جاءت أول مرة كانت شجاعة ومتعجرفة تتحدث مع الجميع بتعالى وغرور لكن اليوم مكسورة وهادئة كالطير الذي كسر جناحيه، تحدثت “عليا” بنبرة هادئة:-
-نوح فين؟
أجابتها “سلمى” ببرود وهى تتناول الفطار لا تبالى بوجودها:-
-عاوزة ايه من ولدى يا وش الشوم أنتِ
تنهدت “عليا” بغضب مكبوح بداخلها وهى تشعر بأنها المهزومة أمامهم الأن ثم قالت:-
-عايزاه
تحدث “على” بنبرة ثابتة وهو يدرك سبب مجيئها قائلًا:-
-أطلعى يا حُسنة صحى نوح
أومأت له بنعم وصعدت الدرج…
____________________
فتح “نوح” عينيه بتعب ليراها أمامه أول شيء يقابل عينيها وهى جالسة على الأرض جواره ويدها على كتفه، أتسعت عينيه على مصراعيها بذعر من أن تكون تشعر بالمرض فأعتدل في نومه وهى تقف من جلستها أمامه ليقول:-
-في أيه؟
تبسمت بسخرية من حالها ومرضها وقالت:-
-هو أنا بقيت بخض أوى كدة
تنحنح بحرج من رد فعله التلقائي فور أيقاظها له ثم قال:-
-لا كنت بحلم بكابوس بس
قهقهت ضاحكة على كذبته البريئة وهى تجلس جواره فنظر إلى بسمتها العفوية ثم مسح وجهه بكف يده لتقول:-
-أنا كنت فاكرة عندك شغل وراح عليك نومة
أبعد يده عن وجهه لينظر إليها، كانت تنظر للأمام مُتحاشي النظر له وكأنها تترك له مجال النظر إليها دون حرج أو استحياء، دق باب الغرفة وعندما فتح أخبرته “حُسنة” بزيارة “عليا” ليرفرف قلبه فرحًا وهو يعلم سبب هذا الزيارة، وقفت “عهد” باستغراب وهى تقول:-
-عليا جت هنا؟
دلف للمرحاض ليبدل ملابسه سريعًا ثم خرج فرأها بدلت ملابسها لكى تنزل فاستوقفها وهو يقول:-
-أستنى هبابة أهنا، هتكلم وياها وبعدين أخليها تطلع لك
-بس
قالتها “عهد” تعارضه لكنه لم يترك لها مجال للجدال وخرج من الغرفة فتنهدت بهدوء وجلست على الأريكة، نزل لأسفل ليراها واقفة كما هي لم يرحب بها أحد ، أخذها ودخل للمكتب لتُتمتم “فاتن” بفضول شديد:-
-لا الموضوع أكدة فيه أن ولازم أعرفها
____________________
-تخرجى من العمليات هتلاجى ولدك جارك
قالها “نوح” بجدية لتقول “عليا” بأعتراض:-
-لسه لما أخرج من العمليات، قولتلك هتبرع خلاص يارب تحبسنى هنا بس أدينى ابنى دا عيل صغير
هز رأسه بلا وتابع حديثه قائلًا:-
-كيف ما أنتِ مستعجلة على ولدك انا كمان مستعجل على عهد
تأففت “عليا” بضيق ليأتيهما صوت “على” من الخلف يقول:-
-أديها ولدها يا نوح وهى مهمتشيش من أهنا غير بعد العملية
تأفف “نوح” بضيق لكنه لم يعارض حديث والده فأومأ له بنعم لتبتسم بسعادة، خرج “نوح” من غرفة المكتب معها ليرى “خالد” يقف مع والدته بعد عودته من الأقصر ليتذكر حديث “عهد” وما فعله بها..
كانت “عهد” تقف بمنتصف الدرج بعد أن رأت “خالد” بقدمي ثقيلة وخائفة من النزول وتحدق به برهبة والقشعريرة تلازم جسدها ..
تبسمت “فاتن” بعفوية وهى تربت على ذراع “خالد” وتقول:-
-أطلع غير خلجات يا ولدى على ما أجهز لك الفطور
أتاهم صوته القوي وهو يناديه بنبرة مُخيفة ومرتفعة :-
-خااااالـــــد
نظر “خالد” تجاه الصوت ليستقبل لكمة قوية على وجهها من قبضة “نوح” ليعود خطوات للخلف ويسمع “نوح” يقول:-
-دى عشان جلة ربيتك
رفع “خالد” وجهه بغضب ليستقبل لكمة أخر منه وهو يقول:-
-ودى عشان تعرف كيف ترفع عينيك دى في مرتى
أتسعت عينى “عهد” بذهول وهى تراه يلكمه بغضب سافر لأجلها، هلعت “فاتن” بخوف وهى تقول:-
-في ايه يا نوح ما لك ومال ولدى
لم يجيبها بل تقدم خطوة أخرى نحوه وقبل أن يلكمه مرة أخرى تحدث “خالد” وهو يمد يده في وجه “نوح” يمنعه من الأقتراب ويقول:-
-مرتك كدبة يا نوح أنا كنت في الأجصر ومعملتش حاجة
مسك “نوح” يده الممدودة بقوة ولوها له بقوة وهو يجذبه نحوه وقال:-
-أتحدد عنها زين ونجستك ممحتاجش حد يجولها
صرخ “خالد” من ألم يده بهلع ليفزع الجميع وهم يشاهدون وكانت “عليا” مُصدومة مما تراه وكيف يدافع عن “عهد” بهذا الغضب، هرعت “عهد” إليه وهى تقف بالمنتصف وتتشبث به قائلة:-
-خلاص يا نوح
جذبها من ذراعها بيده الأخرى لتقف خلفه دون أن يرفع نظره بها وعينيه ثابتة على “خالد” وهو يقول بغضب شديد:-
-ورب العرش لو رفعت عينك فيها تانى لأفجعهم لك وأدفنك حي يا خالد
ضربه برأسه بقوة وترك يده ليسقط “خالد” أرضًا ونزفت أنفه من رأس “نوح” وضربته القوية، أستدار وهو يأخذ يدها بلطف لتتعجب من فعلته.. الآن كان كالثور الهائج ومع التفافه لها تبدل حاله وعاملها بلطف، نظرت له وهو حاد مع الجميع إلا هي يأتي إليها بكل لطف وحنان، تسارعت نبضات قلبها وهو يصعد بها ويضع يده خلف ظهرها كأنه يخبر الجميع بأنها ملك له وتحت جناحيه ومن يرغب بأذيتها فليأتى له أولًا، صعد للأعلى ليرى “أسماء” تقف مكانها بعد إن شاهدت ما حدث وعيني على وشك البكاء لكنها تكبح دموعها قدر الإمكان من الحسرة والحزن ليمر من جوارها باردًا كالثلج وكأنها شفاف لم يراها بينما نظرت “عهد” إلى عينيها لترى بهما ألم العشق والوجع فتحاشت النظر لها بشفقة على حُبها الذي ينمو وينمو من طرف واحد..
دخل إلى الغرفة بها ولم يتركها إلا بالفراش ثم أنحنى قليلًا نحوه ووضع يده على وجنتها بلطف وقال بنبرة هادئة:-
-أنا هطلع، أرتاحى أنتِ ولو حبتي تخرج من أوضتك .. أخرجى ومتخافيش من حد واصل
تبسمت بعفوية كالحمقاء مُستمتعة بضربات قلبها التي على وشك الأنفجار بداخلها ثم قالت:-
-أنا هطلع لما تيجى
أومأ لها بنعم ثم قال بلطف:-
-أطمن يا عهد طول ما أنتِ جارى وتحت عينى مهيصبكيش أذي
هزت رأسها بنعم وعينيها غارقة في النظر إلى عينيه السوداء، ذاهب من أمامها لكى يبدل ملابسه فضربت قلبها بخفة وبقبضتها الصغيرة لتقول:-
-وبعدين معاك بقى
_____________________
وقف “خالد” أمام المرأة يمسح الدم من أنفه ويتطلع بوجهه الذي تشوه من لكماته ليلقى المنديل بغضب سافر وهو يقول:-
-بتستعجل موتك يا نوح بس أنا مهجتلتش برصاصة أنا هخليكى تتنمى الرصاصة دى رحمة منى
دلفت “أسماء” له غاضبة وهى تقول:-
-عملت أيه لعهد خليته يتحول عليك أكدة
أخذها من يدها بقوة وغضب يأخذها تجاه الباب ويقول بانفعال:-
مالكيش صالح بيا خليكى أنتِ يا ست العفيفة غرجانة في حُبه لحد ما أحرج جلبك عليه
نفضت “أسماء” ذراعه من قبضته بعنف وقالت بتهديد:-
-والله لو اذيت نوح يا خالد ما هيكفينى فيك موتك
أخرجها من باب الغرفة بقسوة وهو يقول:-
-أنتِ معندكيش دم يا بت، بس هو كيف جلبك متحرجش وأنتِ شايفاه مع غيرك
تمتمت “أسماء” بضعف وقلب مُنهك وهى تتشبث بملابس أخيها قائلة:-
-أنت مهتأذهوش يا خالد صح؟
أبعد يده عنها بقسوة وهو يحدق بعينيها ببرود ويقول:-
-بكرة ألبسك أسود عليه يا خيتى
أغلق الباب في وجهها لتجهش في البكاء وهى تعود إلى الغرفة باكية وقلبها ينزف دمًا على عشقها المدنس بالأشواك
____________________
ذهب “نوح” للمستشفى بـ “عليا” لتجرى الفحوصات اللازمة للجراحة وبعد الأنتهاء أخذها إلى المنزل وقبل أن تترجل من السيارة قال:-
-هتلاجى ولدك في أوضة نادر
غادرت السيارة سريعًا بلهفة لرؤية طفلها وعندما دلفت للغرفة رأت “يونس” نائم في الفراش لتسرع له وتتنازل عن حذرها أمام “نوح” فعندما أسرعت للفراش أُغلق الباب عليها ثم سمعت صوت المفتاح يغلق من الخارج حتى لا تهرب …
تبسم “نوح” بجدية وهو جالس في سيارته بعد ان رأى “خلف” يخرج من المنزل ليعطيه مفتاح الغرفة بعد أن نفذ ما طلبه، أخذ المفتاح وغادر المنزل بسيارته…
___________________
نزلت “عهد” للأسفل مُرتدية فستان أبيض عليه ورود زرقاء بكم وطويل يصل لأسفل ركبتيها وشعرها مسدول على ظهرها يصل لخصرها وتضع حول رأسها ربطة شعر بيضاء من الفرو وعلى هيئة فيونكة وترتدى حلق أذن فضي طويل، دلفت للمطبخ فرأت “حُسنة” تعد الطعام فذهبت نحو المطبخ لكى تحضر كوب من القهوة فقالت “حُسنة” بلطف:-
-الجهوة ممنوعة عنك
أخذت البن من يدها للتعجب “عهد” لها فتابعت “حُسنة” بحرج قائلة:-
-نوح بيه جال أن القهوة ممنوعة عنك والعصير أفضل
أعطتها كوب من العصير لترتشف “عهد” القليل منه ولتبصقه في الحوض سريعًا وهى تقول:-
-أنتِ نسيتى تحطى سكر
أجابتها “حُسنة” بجدية وثقة من موقفها قائلة:-
-السكر والملح ممنوعين
تركت “عهد” الكوب من يدها وخرجت غاضبة إلى الحديقة وهى تتنفس بضيق شهيق وزفير طويل وتقول:-
-أهدى يا عهد
كانت تتحدث وهى تشير بيديها للأعلى وللأسفل لكى تسترخي، جلست على أقرب مقعد لها ليأتى صوت “نوح” من الخلف يقول:-
-حتى كرسي هتأخده مش كفايه الفرشة
أستدارت تنظر له بضيق ثم عادت بنظرها إلى الأمام وعقدت ذراعيها أمام صدرها ليتعجب غضبها فألتف ليقف أمامها وقال:-
-حد زعلك؟
صاحت “عهد” بأختناق في وجهه قائلة:-
-مين اللى قالك أنى هأكل من غير ملح والعصير أزاى من غير سكر
تبسم بخفة وهى لا ترى بسمته ثم جلس جوارها على نفس المقعد فصُدمت من رد فعله وألتصقه بها لتحاول الأبتعاد عنه بعد أن ألتصق بها ويقول:-
-عشان صحتك
كادت أن تقف ليلف ذراعه حول كتفها يمنعها من مغادرة المقعد مُحدثها بنبرة خافتة:-
-أستحملى هبابة من غير ملح وسكر لحد ما يحددوا ميعاد العملية
حاولت الفرار من ذراعه جاهدة لكنها فشلت في مقاومة بنيته الجسدية القوية وعضلاته وتشبثه بها وعينيه غارقة فى عينيها لتضع يدها على صدره وتدفعه فشد بيده عليها فسكنت هادئة ناظرة إلى عينيه ثم قالت بعبوس:-
-أنت تقدر تأكل من غير ملح
نظر إليها فرأى الغضب ممزوج بالحزن ليؤمأ لها بنعم وقال:-
-ليكى عليا من النهاردة اكل من غير ملح وياكى من نفس الوكل والطبج
تلاشي الغضب من وجهها وظهرت بسمة خافتة بخجل على شفتيها ثم قالت:-
-لا مش لدرجتى
__________________
وافق الطبيب على التبرع من “عليا” وحدد ميعاد للجراحة قبل نهاية الأسبوع ليأخذها “نوح” للغرفة وتركها مع الممرضة لتجهزها إلى الجراحة وعندما دخل للغرفة كانت تجلس في الفراش وترتجف بخوف ووجهها شاحب، أخذ يدها في يده بلطف ليجد جسدها بارد كقطعة ثلجية فتحدثت بنبرة دافئة:-
-متخافيش يا عهد أنا جارك
رفعت نظرها له بضعف ولم تتفوه بكلمة واحدة فمسح على رأسها وقال:-
-أنا هستناكى أهنا
أومأت له بنعم وكأنه يخبرها أنه بالانتظار فلا تجرأ على الرحيل بعيدًا، دلفت “ليلى” من باب الغرفة هادئة ثم قالت:-
-خلاص
نظر الأثنين لها ليروا الممرضة تدخل بالسرير المتحرك (الترولى) لكى تأخذها فساعدها “نوح” وهو يمسك يدها للصعود وسار بها للخارج ويدها مُتشبثة بيده حتى بلغت باب غرفة العمليات فأنفصلت يديهما عن بعض وأُغلق الباب عليها ليقف مع “ليلى” ووالده و”سلمى” بأنتظارها لمدة تصل إلى ستة ساعات وبعد طول انتظار خرجت ممرضة له أعطاها بعض النقود من قبل مُبتسمة وتخبره بأن العملية أنتهت بخير، نص ساعة أخرى وفُتح باب الغرفة الثنائي ثم خرج الترولى وهى به نائمة ليسرع نحوها وهو يضع يده على رأسها فوق طاقية زى العملية ولحظة تتطلعه بملامحها شعر بأن قلبه هدأ وحرب القلق الذي نشب بداخله تلاشي بعد أن أطمن عليها وخروجها سالمة ليأخذوها إلى الغرفة ولم يدخل لها أحد لتظل بالمستشفى أسبوعين تحت العناية، جلس “نوح” مع الطبيب قبل أن يُصرح لها بالخروج ثم قال:-
-أهم حاجة الأكل تأكل كويس جدًا والمياه على طول وبلاش رياضة وحركة قوية، الأدوية اللى كتبتها لحضرتك تمشي عليها ومفيش شغل لو المدام بتشتغل قبل 3 شهور والعربية منسوقهاش، هنبعد عن أي حاجة تنقلها عدوى او أي فيروس ومنختلطش بناس كثير الفترة دى ومتأخدش أي تطعيمات أو أدوية قبل الأستشارة ولو في خططكم الحمل بلاش لمدة سنة على الأقل
تنحنح “نوح” بحرج من ذكر الحمل ثم وقف بوجه أحمر من الخجل وقال:-
-متشكر يا داكتور
غادر المكتب ليعود إلى غرفتها وكانت “ليلى” بالداخل تجهز الحقيبة بعد أن ساعدتها في تبديل ملابسها لترتدي فستان أزرق اللون طويل وفضفاض بنصف كم، أقترب “نوح” فوضع خصلات شعرها خلف أذنها من الجانبين ليضع القناع الطبي (الكمامة) على وجهها ثم مد يده إليها ليقول:-
-يلا
أومأت له بنعم وهى تضع يدها في يده وحملت “ليلى” الحقيبة ثم غادروا المستشفى وتذهب “ليلى” معهم إلى الصعيد…
____________________
__”منــــــزل الصيــــــاد”__
كانت “فاتن” جالسة على الأريكة وعلى قدمها طبق من التفاح وتمسك في يدها سكين تقطع وتأكل وهى ترمق “سلمى” بعينيها ببرود فجاءت “حورية” وجلست جوارها:-
-هو في ايه؟
تمتمت “فاتن” وهى تعطي التفاح إلى “حورية”:-
-شكل نوح معاود النهاردة بمراته المريضة
وضعت “حورية” يدها على رأسها وهى تتكأ بساعدها على الأريكة ثم قالت:-
-مريضة فالحة مش كيف بنتك الموكوسة اللى جاعدة تحب لي فيه وهو مع غيرها أنا حاسة ياما أن بنتك ناجص تجعد تراعها في مرضاها
أقتربت “فاتن” من “حورية” لتهمس في أذنها بمكر قائلًا:-
-متجلجيش أبوكى منتظرهم على الطريج وأن شاء الله يعاود من غير مرته المرة دى …
يتبــــع….
#هويتُ_رجل_الصعيد
الفصل الثامن (8)
___بعنــــوان “قرار أحمق” ___
كانت “عهد” نائمة بمقعدها في السيارة وهو يقود ناظرًا للأمام بينما تجلس “ليلى” في المقعد الخلفى وتنظر في هاتفها دون أهتمام للطريق، توقفت السيارة بمنتصف الطريق فنظرت “ليلى” بتعجب وهى تقول:-
-في أيه؟
أجابها “نوح” وهو يفتح باب السيارة ليترجل منها قائلًا:-
-تجريبًا في عطل
ترجل من السيارة ثم فتح الصندوق الأمامى ليرى الدخان كثير يتصاعد فعاد للسيارة وهو يغلق النوافذ جيدًا حتى لا يتسرب الدخان للداخل لأجل “عهد” ووقف بالخارج يتصل بـ “عطيه” ويقول:-
-أنا على أول البلد المهم متعاوجش يا عطيه
أغلق الخط ووقف ينتظر صديقه وفى أقل من نصف ساعة كان “عطيه” أمامه بسيارته السيدان السوداء، فتح “نوح” باب السيارة وقال بنبرة خافتة هادئة:-
-عهد جومى
فتح لها حزام الأمان ثم ساعدها في النزول وأخذ “عطيه” الحقيبة من “ليلى” وهو يمازح صديقه:-
-حمد الله على السلامة يا نوح، نورت البلد
نظر “نوح” له ليراه ينظر إلى “ليلى” لكنه يواجه الحديث له فهز رأسه بضجر من صديقه وهو يقول:-
-أفتح العربية يا عطيه
أدخلها “نوح” في الخلف بجوار “ليلى” وصعد جوار صديقه لينطلق بهم وهو يحاول أن يفتح الحديث مع “نوح” لكى تجيب أو يقدمها “نوح” له فبالتأكيد ليست زوجته فزوجة صديقه مريضة، لمح “نوح” بعض رجال الجبل يجلسون على الطريق ويحملون الأسلحة فلم يعرى أي أنتبه حتى رأي “خالد” في الخلف ليعلم بأن هذا فخ صنع له وعطل سيارته إنقاذه هذه المرة ليتواعد لهما بالكثير من الأنتقام فبعد أن أطمن على زوجته لن يجد ما يمنعه عنهم، وصلوا للمنزل فترجل وأخذ بيد “”عهد”، أسرع “عطيه” لها وهو يقول:-
-عنك الشنطة
رفعت حاجبها له بحدة ثم قالت:-
-شكرًا
لم تعطيه الحقيبة فنظر لها بذهول من حدتها الصارمة ثم ذهب إليها مرة أخرى وهو يحاول أخذ الحقيبة فقال:-
-عنك والله
صاحت به بضيق شديد قائلة:-
-ما قولنا شكرًا دا أيه الغتاتة دى
أتسعت عينيه بدهشة من ردها وتذمرها ليقول بتمتمة خافتة لم تسمعها:-
-أيه البت أم لسان طويلة دى
غادر من المنزل دون أن يودع صديقه، فتحت “حُسنة” باب المنزل ودخل بها وخلفهما “ليلى”، هرعت “سلمى” لهما بسعادة وهى ترحب بهما قائلة:-
-حمد الله على السلامة يا ولدى، نورتى الدار يا عهد
تبسمت “عهد” لها بخفة وقال “نوح” بجدية:-
-حضري أوضة للضيفة يا أمى
أومأت له بنعم ثم أخذت “ليلى” وصعدت فنظر “نوح” إلى “فاتن” وابنتها “حورية” وهو يشتاط غضبًا من مكرهما ثم أخذ “عهد” إلى الأعلى، هرعت “فاتن” بصدمة من رؤيته حي ولم يصيب شيء هو وزوجته وقالت:-
-أتصلى بأبوكى يا بت وجوليله ان نوح وصل
كزت “حورية” على أسنانها بضيق وأومأت لها بنعم
____________________
وضع الغطاء علي قدميها لتقول “عهد” بجدية:-
-ممكن أروح لعليا أطمن عليها
جاءها صوت “سلمى” من بعيد تقول بهدوء:-
-هي زينة جوى وفى الأوضة اللى جارى والله لأجل عيونك أنتِ يا عهد أتحملت على نفسي ورعيتها في غيابك مع أن خيتك لسانها طويلة
نظرت “عهد” لها بأحراج وقالت:-
-حقك عليا أنا يا ماما
جلست “سلمى” جوارها وهى تمسح على رأسها بلطف ثم قالت:-
-ولا يهمك يا حبيبتى المهم أنك بخير وكتر خيرها جوى أنها أتبرعت ونجتك
غادر “نوح” الغرفة ونزل للأسفل لير “حورية” تتحدث في الهاتف فقال بغضب شديد:-
-أيه يا بت عمى لحجتى تبلغى أبوكى
أستدارت “حورية” له بضيق شديد ثم قالت:-
-جرا أيه يا نوح أنت بدور على المشاكل وخلاص
أكمل نزول الدرج وهو يقول ببرود سافر:-
-والله نفسي يا حورية بس أنا مانع نفسي عن المشاكل لحد دلوجت، أصل بعيد عنك أنا بموت في المشاكل جوى والست الوالدة خابرة كدة زين ولا أيه يا مرت عمى
قالها وهو ينظر إلى “فاتن” فتلعثمت في الحديث وهى تقول:-
-في ايه يا نوح راجع بتشاكل دبان وشك ليه؟
سار نحو المكتب مُتحاشي النظر لهما وهو يقول بتهديد ونبرة غليظة:-
-أنا لسه هشاكل والله يا مرت عمى بس يا رب عمى وولده يبجوا جد اللى بيعملوا أصل اللون الأسود مهيبجاش زين فيكى
تحدث وهو يهددها بقتل أحدهما بطريقة غير مباشرة لتزدرد لعابها بخوف شديد من تفكيره ثم دخل للغرفة وأغلق الباب
__________________
-يا عم أنا عاوز لودر وعربية إيجار وهدفعلك اللى تطلبه
قالها رجل في الخمسينات من عمره ليقول “حمدى” بغرور شديد:-
-جولتلك مبنأجرش أيه أطرشت ولا مبتفهمش
تحدث الرجل بترجى شديد قائلًا:-
-بس نوح بيه جالى أنه هيدينى وأنا بأخد منه دايمًا، دا أكل عيش يا حج
ذكر اسمه “نوح” جعله يشتاط غضبًا فوقف “حمدى” من مقعده تحت المظلة ومسك نبوته لينكزه في كتف الرجل بقوة وهو يقول:-
-لما أجولك مفيش يبجى مفيش وغور من اهنا بجى
أتاه صوت “عطيه” من الخلف يقول:-
-بس هو هيأخد يا حج حمدى
هرع الرجل له بسعادة وهو يشكره بحماس قائلًا:-
-متشكر جوى جوى يا ولدى
أربت “عطيه” على يده وتركه يأخذ ما يريد ليتأفف “حمدى” بضيق شديد وهو يستدير إلى “عطيه” ويقول:-
-أنت بتكسر كلامى يا عطيه وكأنك واجف في ملك أبوك أهنا
وضع “عطيه” يديه في جيب عباءته البنية وقال بثقل يثير غضبه أكثر ويرد الأهانة له بإتقان:-
-وملكك يا حج حمدى وعلى ما أعتجد انه ملك نوح وصاحب الملك جالى أديله وأن جينا للحج أنا واجف في شغلى لكن حضرتك واجف تأمر وتنهى أهنا بصفتك أيه … عم صاحب الشغل .. صفة مبنأخدش بيها في شغلنا
تركه وغادر ليشتاط “حمدى” غضبًا وهو يضرب نبوته في الأرض بقوة ويحاول كبح غضبه قدر الإمكان قبل أن يفلت منه الغضب ويقتل أحد للتو..
تبسم “عطيه” وهو يغادر بعد أن أثار غضب “حمدى”
____________________
دخلت “عهد” إلى غرفة “عليا” لتراها جالسة في التراس وفى يدها كوب من العصير وتتنظر للخارج، تنحنحت “عهد” بهدوء ثم قالت:-
-عاملة أيه يا عليا
نظرت “عليا” لها ببرود ثم عادت بنظرها للخارج لتجلس “عهد” أمامها وتبسمت بعفوية أمام وجه أختها الكبرى ثم قالت:-
-أنا كنت قلقانة أوى عليكى ومبسوطة أنك بخير
تركت “عليا” كوب العصير على الطاولة الصغيرة أمامها ثم قالت ببرود حاد:-
-متتبسطيش أوى يا عهد لأن للأمانة أنا كنت مجبورة على العملية بسبب جوزك المتوحش ولولا خطفه لابنى أنا مكنش هيفرق معايا تلاقى متبرع ولا لا، تعيشي بكبد مريض أو تموتى مكنش من أولويات حياتى للعلم، بطل تتعاملى على أنك أم قلب طيب وبريء وتعيشي دور الساذجة اللى مش فاهمة اللى حواليها، أنتِ عارفة أنى رميتك هنا وضحيت بيكى وأنا متأكدة أن نوح مكنش هيطلقك وأنى أنانية بس حقى أكون أنانية وأفكر في نفسي عشان خاطر ابنى
كانت كلماتها كالخنجر يغرس في قلب أختها رغم مرضها وهى لم تتعافى جيدًا لتدمع عيني “عهد” بحزن شديد من جراءة أختها في الأعتراف بأنانيتها ولم تخفيها فتحدثت “عهد” بضعف تعتذر منها:-
-أنا أسفة يا عليا
أومأت “عليا” لها بجدية تقول:-
-لازم تكونى أسفة وتعتذرى منى وتشكرنى لأنك عايشة دلوقت بفضلى أنا وأهو دين جديد أضف على ديونى اللى في رقبتك بس لحد هنا وأنا مش عاوزة منك تردى أي دين ليا أنا عاوزاكى تتطلعى من حياتى وبس ويبقى كتر خيرك
أنهمرت الدمعة من عينى “عهد” من قسوة أختها التي لم ترأف لحالة أختها المريضة وجرحها الذي لم يشفى تمامًا، هزت “عهد” رأسها بضعف وهى تضع يدها على بطنها مكان الجرح وقالت:-
-أنا مكنتش فاكرة أنك بتكرهنى أوى كدة بس حقك عليا أنا مش زعلانة منك
وقفت “عليا” بغضب شديد وصاحت مُنفعلة على أختها الهزيلة:-
-أنتِ مبتفهمش يا عهد، أنا تعبت من شيل مسئوليتك وحملك فوق كتافى 21 سنة شايلاكى من حقى أتعب أنا مش جبل
قهقهت ضاحكة بهسترية شديدة وهى تقول بسخرية :-
-بكرهك… أنا بسبب أنانية جوزك حفلة الباليه قدام الريس فاتتنى وحلمى ضاع
وقفت “عهد” وهى تستمع لأختها وكرهها لها لتقترب “عليا” منها وهى تتحدث بغضب وكره شديد أثناء مسكها لجسد “عهد” وتهزها بقوة دون أن تكترث لجرحها مُتابعة:-
-ليه كل مرة حلمى أنا اللى يدمر وأنتِ أحلامك مبتتهزش، ليه مكتوب عليا أتعب وأتكسر وأنتِ تعيشي على الجاهز، أنا جوزى يموت لكن أنتِ تعيشي هنا مع جوزك متهنيش ومحدش يقدر يدوس لك على طرف، أنا حلم البالية يضيع منى لكن أنتِ كل قرائك وجمهورك منتظر لحظة رجوعك والكل بيدعي لك وبيحبك لكن أنا منبوذة من الكل
تألمت “عهد” بشدة من هز “عليا” لجسدها وحديثها أكثر قسوة من الألم فدفعتها “عليا” بقوة وهى تقول:-
-أنا بكرهك يا عهد بكرهك وفى كل لحظة عدت وأنا هنا كنت بدعى تموتى في العملية وبعدها ومترجعيش من المستشفى
خرجت صرخة مكتومة من “عهد” من دفع “عليا” لها وقبل أن تتحدث وسط دموعها التي تساقطت بغزارة من قسوة الحديث وألم جرحها أخذتها “عليا” من يدها لتخرجها من الغرفة وتغلق البا في وجهها، أتكأت “عهد” على الحائط بضعف وهى تسير إلى غرفتها ودموعها تتساقط بغزارة لكن جسدها المريض ونزيف قلبها المجروح من حديث أختها وكرهها لها وكيف تمنت الموت لها هزموها لتفقد الوعى وتسقط أرضًا، رأتها “اسماء” وهى تخرج من الغرفة مُتكأ على الحائط وقدميها تزحف ببطيء على الأرض فتجاهلتها حتى سمعت صوت أرتطام جسدها بالأرض فصرخت بهلع وهى تركض نحوها، صعد “نوح” من الأسفل على صوت صراخها وهكذا خرجت “ليلى” من الغرفة ليروا “أسماء” جوارها تحاول أفاقتها، هرع “نوح” بعد أن رأها هكذا وحملها على ذراعيها ليأخذها إلى الفراش، فاقت “عهد” بعد محاولات من “لأيلى” لترى “نوح” جالسًا جوارها ويحتضن يدها بين راحتى يديه ويدلك يديها و”ليلى” جالسة في الجهة الأخرى جانبها لتتذكر حديث “عليا” لها وما حدث لتدمع بضعف وهى تلتف نحو “ليلى” لتختبي في حضنها من أعين الجميع وتقول:-
-طلعيهم برا يا ليلى، أنا مش عاوزة أشوف حد
نظرت “ليلى” له ولأسماء الواقفة بعيدًا فغادرت في صمت بينما “نوح” ينظر لها بدهشة من طلبها وأختباها في صديقتها بدل منه هو ثم غادر الغرفة بهدوء، جهشت باكية بضعف مع صديقتها دون أن تتفوه بكلمة واحدة وما سبب حالتها وبكاءها ولما غادرت غرفتها من البداية…
____________________
جمعت “عليا” أغراضها في الصباح وغادرت بطفلها قبل أن يستيقظ أحد لتراها “ليلى” وهى في طريق خروجها سيرًا على الأقدام لتتجاهلها وتكمل الطريق، ذهبت تتجول في المكان لكى تجلب الكتب التي طلبتها “عهد” دون أن تعرف السبب فظلت تنظر في الهاتف على الخريطة لتدرك أي طريق يجب أن تسلك، رأها “عطيه” وهو يخرج من الكافى بكوب قهوة ورقي ليذهب نحوها وهو يقول:-
-بدورى على حاجة؟
رفعت “ليلى” نظرها له بأغتياظ من هذا الرجل ذو العباءة والعمة ولحيته الخفيفة ويملك زوج من العيون البنية البندقية الواسعة وأنف حاد ببشرة متوسطة البياض ثم قالت بضيق وهى تدفعه بعيدًا عن طريقها:-
-وأنت مالك حد طلب مساعدتك دا انت حشري أوى
أغلق قبضة يده اليسرى بغضب مكتوم قبل أن يفقد أعصابه ويسكب كوب القهوة على رأسها بسبب لسانها السليط وردودها التي تسبب الجلطة للأخرين ثم قالت وهو يكز على أسنانه:-
-هم بنات مصر جليلين الرباية أكدة
سمعته لتتسع عينيها بصدمة من سبه لها ثم أستدارت له بوجه حاد وعابس وعينيها تبث ن,ار على وشك ألتهمه ووضعت سبابتها في وجهه وهى تقول:-
-سمعتك يا مترين وعمارة ثلاثة دور أنت
كتم ضحكاته من وصفها لطوله وقال بحدة مُصطنعة:-
-أنا غلطان أنى جولت أساعدك وأنتِ غريبة في بلدنا
تمتمت وهى تغادر من أمامه غاضبة منه:-
-مبقاش إلا واحد قليل الذوق زيك ويساعدنى
كبث غضبه وصعد إلى سيارته وهو يقول:-
-أنا همشي جبل ما أعصابى تفلت منى وأرزعها كف خماسي
أكملت سيرها على الرصيف وهو يتابعها بسيارته من بعيد مُبتسمًا على حيرتها في الطرق، فتاة طويلة القامة بعينى خضراء وبشرة بيضاء ترتدة بنطلون جينز أسود وقميص نسائي طويل يصل لركبتيها فضفاض لونه أبيض وعليه رسومات بألوان مختلفة وتضع حزام حول خصرها النحيف وترتدي حذاء رياضي أبيض اللون وتلف حجاب من الشيفون برتقالي، كانت جميلة بطالتها الأنيقة وألوانها الربيعية الجميلة، أكملت سيرها حتى وصلت للمكتبة فتبسم وأنطلق في طريقه إلى العمل وهو يحاول تخمين أسم هذه الفتاة..
___________________
أستعد “نوح” للخروج من غرفته وهى تراقبه عن كثب بنظراتها لتستوقفه بضيق قائلة:-
-نوح
أستدار لها بهدوء ليراها تغادر الفراش فأسرع لها لكى يأخذ يدها لتمنعه وهى تسأله بغضب مكبوح:-
-أنت خطفت يونس عشان تجبر عليا على العملية
تنحنح ببرود شديد ثم قال بثقة:-
-اه مكنش عندي حل تانى وخيتك كانت عنيدة
صاحت في وجهه بأختناق شديد يؤلمها من الداخل:-
-وأنا كنت أشتكيت لك مرضي ولا قولتلك ساعدنى
تحدث بنبرة هادئة أمام صراخها هاتفًا:-
-وأنا كنت هستنى مرتى تجولي أنها تعبانة ولا أستنى لما تدخلى المستشفى وتجعى منى
حدقت به ببرود شديد ثم قالت:-
-وهو أنا مراتك يا نوح ولا أنت بتسمى اللى إحنا فيه دا جواز، دا غش وكدب ونفاق وأنا بحذرك يا نوح بيه أوعى تتداخل في حياتى تانى ولا تتصرف في حاجة تخصنى بهمجية وتخلف من عقلك تانى
مسك يدها بغضب شديد من أهانتها له وقال بصراخ قوى:-
-أنا ماسك نفسي عنك بالعافية يا عهد عشان تعبانة لكن متختبرش صبرىعليكى أكتر من أكدة وجولتها جبل كدة وهجولها تانى ولأخرة مرة وأنتِ بتتحددي ويايا تتحدى بأدب لأنى لحد دلوجت معاوزش أوركي وشي التانى والهجمية على حج
تركها وغادر الغرفة لتجلس على الفراش بتعب وظلت سجينة غرفتها حتى المساء..
_____________________
-في حد عاجل يا ناس يهب في مرته أكدة
قالها “عطيه” وهو يسير مع “نوح” في طريق عودتهم من العمل ليقول “نوح” بضيق:-
-هي اللى لسانها ساعات بيفلت منها وأنا متعودتش أن واحدة ست صوتها يعلى عليا
تذكر “عطيه” ردود “ليلى” عليه فتبسم وهو يقول:-
-شكل بنات مصر كلتهما أكدة، ما علينا خلينا في وكستك .. هتعمل أيه؟
هز “نوح” كتفيه بحيرة ويقول:-
-مخابرش
تأفف “عطيه” بغيظ من صديقه فقيد الرومانسية وقال:-
-اه يا جلبى عليك دا الله يكون في عونها، أتحرك يا نوح خدلها ورد وشيكولاته ويا سلام على هدية حلو من ذوجك اللى أنا خابر أنه معدوم وأعتذر
رفع “نوح” قبضته في وجه “عطيه” ليكاد أن يلكمه على سخريته منه ثم قال:-
-هي شيكولاتة وواحدة بس كمان ويبجى كتر خيرى
تركه “عطيه” بضيق وهو يغادر قائلًا:-
-أنا غلطان أنى بتحدد وياكى في المشاعر وأ،ت عديمها أنا مروح جبل ما أتجلط منك
غادر وتركه ليكمل “نوح” طريقه للمنزل وعندما دخل رأها تقف في الشرفة بغرفته فتنهد بهدوء وهو يدخل المنزل ليرى “حمدى” جالسًا على السفرة، رمقه “نوح” بوجه حاد غليظ ثم قال:-
-بالهنا يا عمى
أزدرد “حمدى” لقمته بأغتياظ شديد ليتابع “نوح” وهو يصعد الدرج:-
-كُل من مالى هو العم وولد اخوه أيه ما هم واحد برضو
قالها بسخرية ليثير غضب “حمدى” لترك “حمدى” الملعقة من يده بقوة وقال:-
-منك لله يابويا
دخل “نوح” للغرفة بهدوء ثم نزع وشاحه ووضعه على الأريكة ثم عمته وعينيه على الشرفة مُنتظر أن تخرج لأجله لكنها لم تفعل، دخل المرحاض ليأخذ حمام دافيء ويبدل ملابسه ليرتدى عباءة باللون الزيتونى ووجدها لا تزال بالخارج فتنهد بهدوء ثم سار نحوها ووقف أمامها فرفعت نظرها به بصمت وهى عاقدة لذراعيها أمام صدرها فقال عفوية:-
-مش سجعانة الهواء بارد عليكى .. هجبلك حاجة تحطيها عليكى
أستوقفته بنبرة باردة حادة تقول:-
-مش عايزة
عاد للوقوف أمامها بأرتباك شديد وهو لا يعلم كيف يعتذر من الأخرين ثم قال بلطف:-
-أخليهم يحضرولك العشاء
أجابته بحدة اكثر قائلة:-
-أتعشيت
كانت تتابع ربكته وتوتره بعينيها لكن قلبها الأحمق يتسارع من وسامته ووجهه المبلل ويتلألأ من المياه وشعره المبعثر وتتساقط منه قطرات المياه على وجنته لتحسد هذه القطرات على حقها بلمس وجنته أم هي زوجته ولا يحق لها بالأقتراب منه أو مسح تلك القطرات الباردة عنه، نشبت الغيرة نيرانها في قلبها الصغير من هذه القطرات لكنها تصطنع البرود أمامه فماذا ستقول أو بما ستخبره بأن قلبها فتح أبوابه لهذا الرجل الجليدى، كاد أن يتحدث لكن نظراتها تربكه أكثر وتزيد من توتره الشديد ولم تكتفى “عهد” بنظراتها بل صدمته عندما أقتربت خطوة تجاه وأدخلت ذراعيها أسفل ذراعيه لتستكن في حضنه فأتسعت عينيه على مصراعيها بدهشة بينما هي أغلقت عينيها لتشرد مع دقات قلبها فقد أرادت أن تتأكد مما يحدث لها في حضوره وكانت دقات قلبها تتسارع وحرارة جسدها تترفع وتسير القشعريرة في جسدها كاملًا لتدمع عينيها بضعف وهى تبتعد عنه بعد أن تأكدت بأنها هويت رجل الصعيد ذو القلب الحديدى، نظر “نوح” لها ليرى دمعة تتلألأ في عينيها ليعتقد بأن صراخه بها صباحًا هو سبب بكاءها فرفع يده إلى وجنتها بحنان يضع خصلات شعرها خلف اذنها فنظرت “عهد” بعينيه وبدأت ضربات قلبها تتسارع وتتجاوز المعدل الطبيعي، تحدث “نوح” بلطف وهو ينظر بها:-
-حجك على رأسي يا عهد، غلطة مهتتكررش تانى
تذكرت صياحه عليها فى الصباح لكنها لا تكترث كثيرًا لشيء أخر سوى وسامتها وحنانه معها، أومأت له بنعم ليقول:-
-تحبى نطلع نتعشي سوا برا وتغيري جوا
هزت رأسها بلا، تحدث بهيام وهو يمسح على رأسها بيده قائلًا:-
-وجت ما تحبى تخرجى جوليلى ولو حابة تعملى اي حاجة جوليلى أنا عاوزك تكونى مبسوطة وسعيدة
سألته بنبرة هادئة وهى تنظر إلى عينيه ودقات قلبها تكاد تهزمها بعد أن نشب الحُب جذوره بقلبها الصغير:-
-بجد!
أومأ لها بجدية وثقة من حديثه ثم قال بلطف:-
-أكيد أنا عاوزك أسعد واحدة فى الدنيا ما دام السعادة دى أجدر اجدمها لك يبجى هعملها عشانك ولأجل عيونك يا عهد، أنتِ مش واخدة بالك أنك أهم وأغلى حد عندى ولا ايه
صمتت قليلًا لينظر إلى الأمام حتى لا يخجلها أكثر فنظرت إلى وجهه بحُب ثم جمعت شجاعتها وهى لا تعرف كيف ستفارق حبيبها لتقول:-
-طلقنى يا نوح
ألتف لها بصدمة ألجمته وهو لا يُصدق ما يسمعه منها ليقول بجدية:-
-أنتِ واعية للى بتجولي يا عهد
تنهدت بهدوء قبل أن تتحدث وهى على يقين بأنها تكن له المشاعر لكن برود قلبه المتحجر معها لن تتحمله فقالت:-
-لو عايزنى سعيدة طلقنى.. أنا عارفة يا نوح أن اللى بينا ميندرجش تحت بند الجواز، عارفة أنك مجبورة عليا وأنا واحدة اتفرضت عليك، باين أوى أنك بتغصب نفسك على المعاملة بينا وبتجبر نفسك على معاملتى بلطف، خلينا نصلح الوضع دا وطلقنى أنت ترجع لحياتك وأنا كمان أرجع لحياتى
لم يتمالك غضبه الذي نشب حربه بين ضلوع صدره من طلبها للأنفصال عنه وهى تتحدث بالهراء أى معاملة يُجبر حاله عليها وأى لطف مُصطنع يفعله، كل هذا هراء أحمق لا تتدرك حقيقته، مسك ذراعها بقوة جاذبها نحوه بقوة لتلتصق بصدره، حدق بعينيها العسليتين بغضب يتطاير من عينيه، أزدردت لعابها الجاف بصعوبة من نظرته فسمعت صوته يقول بنبرة قوية:-
-انهى حياة اللى عاوزة ترجعي ليها، فرض وإجبار!! .. دا شيء ميخصكيش فاهمة ولو الطلاج هو سعادتك يبجى خليكى تعيسة وطلاج مفيش، أنا مهطلجيش يا عهد وطريجك الوحيد عشان تأخدى حريتك منى هو موتى، ويا ريت مسمعش الكلام دا منك تانى
ترك يدها بقوة وأستدار لكى يغادر فتمتمت “عهد” بصراخ وعناد شديد قائلة:-
-بس أنا مش هعيش حياتى كلها معاك كدة، دى مش سعادة
توقفت قدميه لكى يسمعها وعندما انهى حديثه قال بحدة دون أن يلتف لها:-
-وأنتِ مالكيش حياة غير ويايا يا عهد وأعتبري نفسك تعيسة مدى الحياة
غادر الغرفة تاركها خلفه لتضرب باب الشرفة بيدها وهى تستدير لكى تنظر إلى الأمام غاضبة من بروده وهى لا تستطيع تحمله أكثر…..
____________________
جاء الطبيب في الصباح لفحصها في المنزل وتطهير جرحها وبعد أن غادر تحدثت “عهد” إلى “ليلى” بغموض دون أن يسمعها أحد لتغادر “ليلى” المكان دون أن تتفوه بكلمة، دلفت “أسماء” لها ثم قالت:-
-كيفك النهاردة؟
تبسمت “عهد” في وجهها بعفوية وقالت:-
-بخير وشكرًا ليكى يا أسماء على اللى عملتيه
تبسمت “أسماء” بسمة حزينة ثم قالت:-
-أي حد مكانى كان هيعمل اللى عملته
أومأت “عهد” لها وأستدارت “أسماء” لكى تغادر فأستوقفتها “عهد” بحديثها تقول”:-
-أنا مكرهتكش لحظة يا أسماء وعارفة أن اللى جواكى ليه مش الخير وأن بسببى أنا وأختى قلبك أتكسر بس صدقينى مفيش جرح بيدوم العمر كله وبكرة السعادة تجي لك لغاية عندك وتمحى أيام التعب
أستدارت “أسماء” لها بدهشة من حديثها وهى لا تفهم شيء منه فألتزمت “عهد” الصمت تمامًا وأكتفت ببسمة رقيقة لتغادر “أسماء”
____________________
ظل “نوح” يكابر قلقه وهو يعلم بأن الطبيب سيأتى لها اليوم لكنه غاضب حقًا منها وتفكيرها في الأنفصال، تأفف “على” من شرود ابنه في العمل ثم قال بصياح:-
-يا نوح؟
فاق من شروده وتفكيره بها بحرج أمام والده ليقول “على”:-
-فينك يا ولدى
تنهد “نوح” بخفوت شديد ثم قال:-
-هو أنا وحش جوى يا أبويا
تعجب “على” من سؤاله الغريب ثم قال:-
-ليه بتجول أكدة يا نوح؟
تأفف “نوح” بحيرة ثم وقف وقال بحدة:-
-أنا ماشي
غادر المحجر شاردًا وهو يتساءل ويكاد عقله يقتله من التفكير في سبب واحد جعلها تفكير في الأنفصال عنه وهل العيش معه صعب وشاق لها بالقدر الكافى لطلب الطلاق منه؟ تساءل بماذا أخطا لتطلب الرحيل؟ لم يهملها يومًا وكان سندًا قوي لها، لم يقبل الأهانة لها من أحد ووقف أمام الجميع لأجل كرامتها وعاملها برفق وإحسان فلما ترغب بالمغادرة، وصل للمنزل شاردًا ومهموم ولم يتحدث مع أحد ولا والدته بل صعد إلى غرفته وعندما ولج للداخل دهش من جمالها وهى ترتدي فستان أسود اللون بقط وطويل وتسدل شعرها بحرية على ظهرها ويغطى وجنتها اليسري وتضع مساحيق التجميل، سارت نحوه ببسمة رقيقة وكأن يستمع لطقطق كعبها العالى تقترب منه وهو يحدق بها بهيام وعينى لامعة، وقفت أمامه بخجل وهى ترفع يدها لتضع خصلات شعرها خلف أذنها اليمنى وتقول:-
-أتعشيت؟
نظر لطاولة العشاء الموجودة في الخلف وعليها طعام وكوبان من العصير ويزينها شمعتين يضيوا الغرفة ليقول بنبرة هادئة:-
-لا
تبسمت وهى تأخذ يده للطاولة ثم جلس يتناول الطعام في صمت وهو يختلس النظر لها يتعجب من حالتها التي تبدلت من ليلة وضحاها ويبدو أنها تفتح صفحة جديدة معه، أنهى طعامه أولاً لينزع عمته وهو ينظر إليها فتركت الشوكة من يدها ثم وقفت لتسير نحوه ومدت يدها له وقالت:-
-ممكن ترقص معايا
أومأ لها بنعم ثم وضع يديه في يدها ووقفا معًا يرقصان سلو على أغنية أجنبية ويديه تحيط خصرها بينما تضع يديها على أكتافه وتنظر في عينيه تحفر ملامحه في ذاكرة عقلها وقلبها حتى توقفت عن الرقص ويديها تتسلل إلى وجنته وأقتربت خطوة أكثر نحوه لتضع قبلة على لحيته بخفة ثم قالت بنبرة دافئة:-
-أعتبر دا أعتذارى وشكرى ليك يا نوح، أنت فعلا تحتاج أنى أشكرك على كل لحظة كنت جنبى فيها ومعايا كفاية أنك أجمل حد دخل حياتى
أخذ رأسها بين يديه ليقربها له ثم وضع قبلة على جبينها بدلال ثم قال:-
-وأنتِ أغلى من حياتى كلها يا عهدى
أرتجف جسدها من قبلته وتنفست الصعداء بخجل شديد من هذه القبلة ثم تبسمت بلطف لأجله لتسقط بسمتها سحرها على قلب هذا الرجل الجليدى لتذيب هذا الجليد فشعر “نوح” بخفقة قلبه تتسارع لأول مرة لأجلها ليعلم بأن قلبه فتح بابه للتو ليرحب بها ويستقبلها بداخله الآن وللأبد..
أستيقظ “نوح” صباحًا وكان بفراشه فتذكر أمس عندما نامت بين ذراعيه، نظر جواره ببسمة وكان الفراش فارغًا، وقف من مكانه وهو يعتقد بأنها في المرحاض لكنه لم يجد لها أثر بداخله ليتذكر ما حدث أمس فأتسعت عينيه بصدمة عندما أدرك بأنها لم تكن تفتح صفحة جديدة معه وتأخذ خطوة نحوه بل كانت تودعه، فتح خزانة الملابس الخاصة بها وكانت فارغة ومعدات التصوير لخاصة بها أختفى لقد غادرت بعيدًا ورحلت عنه للأبد…….
يتبــــع….
#هويتُ_رجل_الصعيد
الفصل التاسع (9)
__بعنــــــوان “لقـــاء”__
كانت تدرك “عهد” بأن كبريائه سيمنعه من البحث عنها أو المجيء لها للعتاب وما توقعته حدث لم يأتي لمنزلها أبدًا لرؤيتها أو أخذها بالقوة إلى الصعيد فرغم كل هذا ما زالت زوجته لكنه تجاهلها أكثر ببرود وهذا التجاهل كاد أن يقتلها كلما مرت الأيام، سنة كاملة مرت وهو لا يكثرت لشأنها باتًا، وقفت خلف المنصة مُرتدي زى التخرج وطاقية على رأسها لتنظر إلى هاتفها بتوتر إلى صورته وهى نائمة جواره وهو غارق في نومه، هذه الصورة الوحيدة التي ألتقطتها له في ليلتها الأخيرة في الصعيد لتتطلع بصورته كلما أشتاقت له، وضعت الهاتف في جيبها بعد أن سمعت أسمها لتتقدم ببسمة حزينة تستلم شهادتها ثم وقفت مع زملاءها و”ليلى” تحتضن شهادتها وهى لا تكترث للحاضرين فهى لا تملك منهم شخص واحد فحتى أختها لم تأتى لحفل تخرجها ولم تسأل عنها الفترة الماضية بل قطعت كل الوصال معها وكانت “ليلى” تتحدث مع أصدقاءها وتتضحك بسعادة فأتسعت عينيها بصدمة قاتلة وتلاشت بسمتها وهى تنكز “عهد” في ذراعها للتجاهل “عهد” وهى تتحدث مع زميل لها يقف جوارها بالجهة الأخرى، مسكت “ليلى” فك وجه “عهد” بقوة لتدير رأسها للأمام فأتسعت عينيها بهلع مُصدومة من رؤية “نوح” يقف على الدرجات بين المقاعد ويحمل باقة ورود وردية لها لكن ملامحه تشتاط غضبًا بعد أن رأها تتحدث لهذا الشاب وتبتسم له تلك البسمة التي جعلت قلبه يخفق لها في ليلتهم الأخيرة، أزدردت لعابها بخوف شديد وهى تراه يقترب أكثر وتذكرت كيف كان يلكم “خالد” لأجلها فنظر إلى هذا الشاب الواقف جوارها بعد أن مسك ذراعها يناديها لأنها تجاهلت حديثه فجأة، توقف “نوح” بغضب أكثر عندما لمسها هذا الشاب ثم تابع خطواته لتسحب ذراعها من هذا الشاب وتركض إليه قبل أن يصل هو إليها ويقتل زميلها صعد على المسرح لتتوقف أمامه وهى تقول بخوف:-
-أنت رايح فين؟
لم يُجيبها بل كان نظره ثابتًا على هذا الشاب وأنفاسه العالية تضرب وجهها لتأخذه من يده للأسفل بصعوبة من بنيته الجسدية وتقول:-
-تعال يا نوح
أخذته للخارج بغيظ ثم تركت يده وهى تقف على الدرج الخاص بالمبنى ونظرت له بضيق وتقول:-
-مش هتبطل الهمجية دى
مسك يدها بغضب شديد وهو يقول بنبرة غليظة:-
-همجية عشان شايف واحد بيحط يده على مرتى
أجابته بأختناق شديد من عصبيته الحادة وتقول:-
-محدش يعرف أنى متجوزة وبعدين أنت أيه اللى جابك
ألقى باقة الورود لها بغضب وقال بحدة:-
-جاي أخد مرتى اللى هربت من بيتى
مسكت باقة الورد بعفوية ثم قالت بأختناق:-
-أنا طلبت الطلاق
أقترب خطوة نحوها أكثر ثم قال:-
-مش جولتلك بلاش تشوفى وشي التانى، لتكونى فاكرة أن طول السنة دى مكنتش جادر أجيبك أنا بس هملتك بمزاجى عشان تخلصي جامعتك وميضعش عليكى التخرج لكن من اللحظة دى أعتبري نفسك خسرتى حريتك يا عهد لأن اللى هتشوفى منى مشوفتهوش في عمرك كله
أقترب أكثر منها بغضب لتشعر بأنه على وشك ألتهمها وأصابها الخوف منه ومن نظراته لأول مرة ليتابع حديثه بتهديد:-
-أستعدى عشان تشوفى الهمجية اللى على حج
مسك يدها بقوة وسار وهو يجذبها خلفه وهى تحاول منعه والفرار منه لتقول بخوف منه:-
-نوح سبنى بدل ما أصوت وألم عليك الناس
نظر لها بنظرة شر ثم قال:-
-أعمليها يا عهد وأنا بدل ما أجرك على رجلك أشيلك وأرميكى في العربية
أقترب خطوة نحوها ليقول بسخرية:-
-أكيد وحشك أنى أشيلك
تنحنحت بحرج منه لتتنازل عن مقاومته فتبسم بخبث وشر ثم سار بها وهى تتابعه ثم أدخلها السيارة وأنطلق بها مُتجهًا للصعيد بها….
___________________
__منزل الصيــــاد__
صاح “حمدى” بأختناق شديد وهو يقف من مكانه قائلًا:-
-يعنى حجى في ورث ابويا في البيت بس والمحاجر والأراضي والمال كلتهما لك أنت وولدك يا على
تحدث “على” بنبرة هادئة محاولًا إرضاء أخاه الأكبر قائلًا:-
-خد حجك في البيت وبعدها يحلها ربنا يا حمدى
ألقى “حمدى” العقد من يده بضيق شديد ويقول بانفعال:-
-يأخد حجى كله ياما هيرجعه كله بطريجتى لكن ترمي ليا عضمة زى الك,لب لا
أتاهم صوته القوى من بعيد يقول بقسوة وحزم:-
-ومين جال أنك هتأخد حاجة أصلًا
نظر الجميع تجاه الباب وكان “نوح” واقفًا وهى بيديه ليُدهش الجميع بحضورها، اقترب “نوح” إليهما ليأخذ العقد من فوق الطاولة ويمزقه بببرود ثم قال بتحدي وهو ينظر بوجه عمه:-
-ولا جرش واحد يا عمى من مالى وملكى
تركه ليعود لها، لم يتمالك “حمدى” غضبه أكثر فهو تحمل سنة كافية تحت رحمة “نوح” ليخرج مسدسه من جيبه وأطلق النار على “نوح” ففزع الجميع بينما سقط “نوح” أرضًا بعد أن أصابت الرصاصة ذراعه لتفزع “عهد” بهلع شديد وهى تسرع نحوه بخوف شديد وتقول بتلعثم مذعورة:-
-نوح أنت كويس..
أربت على يدها بلطف متناسي غضبه منه ثم وقف على قدمه وهو يستدير لعمه بغضب شديد يكتم ألمه به ثم قال:-
-على موتى يا عمى تأخد جنيه وحتى بعد موتى مش هطول حاجة
هرع “على” نحو ابنه وخرجت “سلمى” على صوت طلق النار لتصدم عندما رأت ذراع “نوح” ينزف فصرخت بهلع ليقول “نوح” بلطف:-
-متخافيش يا أمى عمى بس مبيعرفش ينشل زين
غادر المنزل وحدها لتسرع “عهد” خلفه وقبل أن يقود سيارته صعدت معه فنظر لها ليرى عينيها تبكى بخوف فأنطلق للمستشفى بصمت دون أن يتفوه بكلمة واحدة…
____________________
مسك “على” أخاه من ملابسه بقوة وهو يقول:-
-هي حصلت تضرب ولدى بالنار
كان “حمدى” غاضبًا ليقول بصراخ وتهديد:-
-والمرة الجاى في رأسه لو مدنيش حجى يا على
تركه “على” بغضب وقسوة تملكته بعد أن رأى أخاه يطلق النار على ابنه دون خوف أو أن يرحم أخه..
___________________
كان “نوح” يجلس على الفراش والطبيب يخرج الرصاصة من ذراعه في قسم الطوارئ وهى تقف في الخلف تبكى بصمت والخوف تملك منها ليبتسم “نوح” بخفة فهو أشتاق لرؤية ضعفها وخوفها ليسحب بسمته ويقول بحدة شديدة:-
-متخافيش لسه مبجتيش أرملة
نظر الطبيب له بدهشة من طريقة مؤاساته لزوجته التي رأت زوجها يُطلق النار عليه ثم غادر، أقتربت “عهد” منه بخوف ثم قالت:-
-أنت كنت عايز رصاصة في لسانك
وقف “نوح” بهدوء وقميصه الأبيض تلوث من ال,,,دماء فنظر لها بمكر شديد يقول:-
-مهتساعدنيش وأنا مريض، على الأجل ردى الدين اللى عملته وياكى وأنتِ مريضة
أقتربت “عهد” منه لتمسك يديه بقلب مقبوض ما زالت لا تصدق بأنها رأت ذلك الرجل يطلق ال,,نار على حبيبها بكل قسوة وسقوطه أمامها، تبسم “نوح” بخبث شديد وهو يتواعد لها بالأنت
[tps_header][/tps_header]
قام من هروبها منه، أخذته وعادت للمنزل وكانت “سلمى” في ذعر على ابنها وفور دخولهما هرعت إليه بقلق تقول:-
-أنت زين يا ولدى
أومأ لها بنعم لتتنفس الصعداء بإرتياح شديد بينما وقفت “أسماء” بدهشة من رؤية “عهد” وأتسعت عينيها بصدمة لتركض للأعلى دون أن تتفوه بكلمة واحدة وهى تدرك ان عودة “عهد” تعنى موت حُبها للأبد..
صعد “نوح” للغرفة بمساندتها وهو يدعى المرض والضعف، جلس بفراشه لتتركه فقال:-
-معلش أتعبك وتجيب ليا تي شيرت
رمقته بذهول وهو يدعى الضعف أمامها لتتأفف “عهد” بضيق وهى تكز على أسنانها وتقول:-
-عيونى
أحضرت له تى شيرت بنصف كم رمادى اللون وأعطته له فنظر لها ببرود ثم بدأ يفتح أزرار قميصه وهو يصدر صوت أنين ألم مُصطنع ونبرته صوت عالية، تنهدت بضيق وهى تعطيه ظهرها وتقول:-
-أستحملى يا عهد
ألتفت ثم جلست جواره وهى تساعده في فتح بقية الأزرار لتتطلع بملامحها بشغف مُشتاقًا لها لكنه يكن الغضب الشديد من هروبها منه بعد أن أعترف لها بأنها بمثابة حياته وهذا أشبه بالأعتراف بالحب فكيف لها أن تأخذ قلبه وعقله وتهرب بعيدًا دون ان تكترث لحاله، أغمضت عينيها بخجل شديد وهى تنزع القميص عن أكتافه لتظهر عضلات صدره وذراعيه القوية فتبسم على وجنتها التي زُينت بلون الدم وكأن كل خلايا دماءها تتدقف إلى وجنتيها فكانت فائقة الجمال في خجلها وحياءها، وضعت التي شيرت في رأسه بحذر وترفع عينيها بوجهه دون أن تختلس النظر إلى جسده وضربات قلبها تتسارع وهى لا تقوى على سرعتهم، أبعدت سريعًا هاربة إلى المرحاض بعد أن أنهت ما تفعله، تنفست الصعداء وهى تقف أمام المرآة ثم غسلت وجهها مرارًا وتكرارًا بالمياه الباردة ربما تقل حرارته، نظرت لصورتها في المرآة لتضع يديها على وجنتيها بأرتباك شديد ثم قالت مُحدثة نفسها:-
-أهدى يا عهد، أستحملى أسبوع وبعدها أطلبى الطلاق تانى .. أسبوع بس عشان مريض
__________________
أتسعت عينى “خالد” بصدمة وهو يقول:-
-عهد رجعت
تبسمت “حورية” بمكر شيطانية فقالت بشر:-
-كيف ما بجولك، نوح رجعها وشكلها اكدة كانت غضبانة منه مش بتدرس في مصر كيف ما جالنا
تبسم “خالد” بسعادة وحماس ويقول:-
-يعنى بينتهم مشاكل ونوح مكنش مقعدها في مصر عشان كليتها كيف ما ضحك علينا كلنا
أومأ له بنعم ثم قالت:-
-أيوة أكدة.. هتعمل ايه؟
وقف من مكانه ويفكر بشر ومكر خبيث مُتمتمًا:-
-بكرة تعرفى أخوكى هيعمل أيه؟
_____________________
أخذت “عهد” الوسادة وسارت نحو الأريكة لكى تنام عليها ليستوقفها “نوح”. وهو يقف من الفراش:-
-بتعملى ايه؟ مش رجولة أنيم مرتى على الكنبة
أجابته وهى تضع الوسادة على الأريكة ببرود:-
-أنت تعبان ولازم ترتاح خليك في السرير
تبسم ببرود شديد وقال بسخرية يثير غضبها أكثر:-
-ومين اللى جال أنى هنام على الكنبة، الفرشة كبيرة أهى وتسعنا إحنا الأتنين
رمقته بخجل ثم قالت بأرتباك شديد وتلعثم:-
-لا شكرًا أنا هرتاح هنا
سار نحوها لتمد ذراعيها للأمام تستوقفه بسرعة وتقول:-
-رايح فين خليك هنا
صعد للفراش وقال بخبيث يثير خوفها:-
-براحتك نامى مكان ما تحبى مهغصبش عليكى بس خدوى يالك في فأر والد ثلاثة تحت الكنبة متبجيش تيجى تصحينى ومتزعجهوش
أتسعت عينيها على مصراعيها وهى تبتعد عن الأريكة بهلع فتبسم عليها بعد أن صدقت كذبته، أغمض عينيه يدعي النوم فرفعت جسدها على أطراف أصابعها تنظر عليه لتراه مغمض العينين ثم نظرت للأريكة بخوف وذهبت للفراش لتنام بحافته بعيدًا عنه لكنها صُدمت عندما طوقها بذراعيه على سهو دون سابق أنذار لتتحدث بغضب منه وهى تحاول مقاومته قائلة:-
-بتعمل أيه .. أبعد يا نوح
لم يُجيبها لتحاول التسلل من بين ذراعيه فشد عليها بقوة بعد أن ألتفت له لتتطلع بملامحه وهو مُغمض العينين وقلبه ينبض بجنون له ومن قربه فقال بألم حقيقى:-
-عهد أنتِ بتضربى الجرح وبجد بتوجعينى
توقفت عن المقاومة وسكنت يديها على صدره لتهدأ تمامًا خوفًا عليه من أن يتألم فكيف لها أن تقبل بألمه وهى تشعر بثغزات في قلبها من أجل ألمه ومرضه، شعرت بأنفاسه الدافئة تضرب وجهها فقشعرت بحُب وشوقها إليه يصارعها، تمتمت بصوت خافت قائلة:-
-أنت كدبت عليا مفيش فأر صح
فتح عينيه ببطيء لتتقابل أعينهما فرأى الغضب ساكن في وجهها العابس والقلق عليه يحتل عينيها فقال بهمس شديد:-
-أتمنى ميكنش حد غيرى جالك أنك كيف القمر في غضبك يا عهد
لم تستطيع النظر له أكثر وقلبها يكاد يقتلها شوقًا لحبيبه وكيف فكر عقلها الأحمق بالهرب بعيدًا عنه وسبب الألم لقلبها وأنهك روحها في الفراق والغربة بعيدًا عن موطنها فأغمضت عينيها حتى لا تُهزم أمام عينيه، وضع رأسه على رأسها بهدوء وهو يستنشق عبيرها بأشتياق وحنان ثم أغمض عينيه ليغوص في نومه هو الأخر…
___________________
وصلت فتاة غجرية صباحًا أمام منزل الصياد وسألت “خلف” من خلف البوابة الحديدية تقول:-
-هو دا بيت الصياد
أومأ “خلف” لها بنعم ثم قال:-
-أيوة عاوزة مين؟
غادرت الفتاة دون أن تجيبه فتعجب “خلف” لها لكنه لم يهتم كثيرًا بها وعاد لجلوسه مع الغفر ويكمل فطاره، وقفت الفتاة خلف شجرة قريبة من المنزل وهى تحدق به وهتفت بالهاتف بجدية:-
-أنا مستنية قدام الدار أهو بس زى ما أتفجنا وحياة امى بعد العملية دى لو ما كتب عليا يا خالد لأكون جاتلك وشاربة من دمك
أنهت الحديث معه وهى تنظر للمنزل قائلة:-
-يلا يا حورية طلعيها من الدار خلينا نخلص في اليوم دا
___________________
خرجت “عهد” من باب المطبخ وهى تحمل صنية الإفطار لكى تصعد بها لكن أستوقفتها “حورية” قبل أن تصعد وتقول:-
-على فين يا عهد
رمقتها “عهد” ببرود شديد وهى لا تحب هذه الفتاة منذ أول لقاء وقالت:-
-مالكيش دعوة يا حورية
وضعت قدمها على الدرج لتمسك “حورية” يدها بخفة وقالت:-
-أستنى بس أنا كنت عاوزة منك خدمة
نظرت “عهد” لها ببرود شديد مُنتظرة أن تكمل حديثها فتابعت “حورية” ببسمة مُصطنعة:-
-كنت عاوزاكى تيجى ويايا أشترى كتب لأسماء تحسن من نفسيتها وأنا خابرة انك أحسن واحدة ممكن تساعدنى في الكتب
تعجبت “عهد” لطلبها ثم قالت ببرود:-
-أستنى طيب
صعدت للأعلى ووضعت صنية الإفطار وهى تنظر على المرحاض وهو ما زال بالداخل ثم خرجت من الغرفة، تبسمت “حورية” بحماس شديد وهى قد نجحت في مهمتها بعد أن رأت “عهد” تنزل الدرج لكى تذهب معها، وصلت “عهد” أمامها لتقول “حورية” بحماس وهى تمسك يدها:-
-يلا بينا
جذبت “عهد” ذراعها من يد “حورية” وتقول بجدية صارمة:-
-أستنى بس
مدت ورقة لها فنظرت “حورية” للورقة بتعجب فقالت “عهد” بحدة:-
-دى أسماء كتب ممكن تشترى ودا أخر للى ممكن أعمله مع ناس ضربوا جوزى بالنار وأخر مرة تطلبى منى طلب يا حورية
ألتفت لكى تصعد لتشتاط “حورية” غضبًا من هذه الفتاة فهى كانت على بُعد خطوة واحدة من أنتقامهم من “نوح” وتنفيذ خطتهم، دخلت “عهد” للغرفة بضيق لترى “نوح” جالس على الأريكة ويجفف شعره بالمنشفة، كان يرفع يد واحد ويجفف شعره ليشعر بشيء يجذب المنشفة وعندما رفع نظره رأها تأخذ المنشفة منه فتطلع بها صامتًا وهى تجفف شعره بيديها وتقف أمامه ناظرة للأسفل بسبب جلوسه وشعرها مسدول على الجانبين، تأملها بعيني دافئة لتنظر إلى عينه بالخطأ لتقابل عينيه وكأنه يعانقها بنظراته ويحيطها بهم، ظلت تنظر إلى عينيه ليرفع يده يمسك معصمها المتشبث برأسه ثم جذبها إليه بقوة لتسقط على قدمه فأزدردت لعابها الجاف في حلقها بتوتر شديد ليقول “نوح” هامسًا لها:-
-أعاقبك كيف يا عهد عشان أرضي غضبى المحبوس جوايا منك
أنزلت يدها بالمنشفة والأخرى وضعتها على لحيته تداعبها بلطف ثم همهمت بحنان:-
-أنا عارفة أنى زعلتك لما مشيتى بس…
قطع حديثها بنبرة هادئة يصحح جملتها وفكرها قائلًا:-
-وجعتنى مش زعلتنى
كان النظر به من قرب لأقصي أحلامها وأجمل لحظات عمرها لكن أيحق لها أن تكون بهذا القرب منه والحدود بين قلوبهما كالمشرق والمغرب، تابعت حديثها بهدوء:-
-وجعتك يا نوح بس عشان دا الصح إحنا عايشين مع بعض وبينا مسافات وحدود، عايشين مع بعض ولما بيضيق بيا الحال بروح أشتكى همى لصاحبتى مش جوزى ولما بقع في مشكلة بخاف أحكي لك، حزنى وأوجاعى بشاركهم مع غيرك وأنت كما زي كم مرة جيت تشكي ليا مكر عمك وكرهه ليكى، عمرك حكيت ليا عن مراتك اللى ماتت وكنت بتحبها ولا لا، حياتنا كانت عبارة عن مرضي وعلاجه بس شوية ضعف شاركتهم معاك وبس، أزاى عايزنى أعيش معاك وأنا بعيدة عنك
رفع يده إلى وجنتها ليضع خصلات شعرها خلف أذنها بحنان ثم قال بعفوية:-
-نقرب يا عهد
قطعته بجدية حاسمة أمرها من جديد:-
-نتطلق يا نوح
أشتاط غضبًا من كلمتها ثم أبعدها عنه ووقف وهو يقول بغضب سافر ونبرة صوت قوية:-
-دا الحل عندك، بدل ما نقرب من بعض لا نطلق وخلاص عشان الهانم عاوزة تعيش حياتها في مصر مع اللى تضحك معهم ويبسطوا مش أكدة
وقفت بغضب من حديثه عنها ثم قالت:-
-أنت بتحبنى يا نوح
صاح في وجهها بأختناق شديد قائلًا:-
-لا ومهحبكيش يا عهد واصل
ألقت المنشفة في وجهه بضيق من حديثه وقالت:-
-يبقى هفضل أطلب الطلاق منك لحد ما أموت يا نوح
صرخ بها وهو يدخل للشرفة بعناد قائلًا:-
-يبجى موتى أحسن وأسهل
أتسعت عينيها بصدمة قاتلة من جملته ثم جلست على الأريكة بضيق وكل منهم يلتهب بركان الغضب بداخله فكلاهما عاشقان لكن لم يجرأ أحد منهم للأعتراف للأخر
______________________
كانت “ليلى” واقفة في محطة القطار المتجه للصعيد وتتحدث بالهاتف لتقول:-
-متقلقيش كله هيكون تمام
صاحت مؤظفة الدار بأختناق شدي قائلة:-
-فهميها أنها ماضية عقد ولو الكتاب متسلمش في ميعاد أنا هلجأ للحل القانوني
أومأ “ليلى” بالأيجاب وتقول:-
-متقلقيش وقبل ميعاده كمان هيكون عندك
أغلقت الخط معها بعد محاولات كثيرة ثم صعدت على متن القطار ذاهبة إلى صديقتها…
______________________
ظل في الشرفة مُنذ الصباح وي,حرق في سجائر كثيرة غاضبًا منه لتتنازل هي عن كبرياء وتدخل له بهدوء وتقول:-
-مش هتتدخل الجوا برد عليكى ولازم ترتاح وكفاية سجاير بقى
أجابها وهو ينظر للأمام دون ان يتطلع بها قائلًا:-
-مالكيش صالح بيا والله اللى أعرفه أن اللى عاوزة تتطلج ميخصهاش جوزها يموت من البرد يموت من الدخان مالهاش فيه
كزت على أسنانها وهى تغلق قبضتها قبل أن تضرب رأسه الغليظ بها ثم قال بعناد شديد :-
-أنا غلطانة أنى عبرتك وقلقت عليك، خليك هنا لحد ما تجمد
أستدارت لكى تدخل لتسمعه يتمتم قائلًا:-
-مفيش حد أهنا مجمد غير جلبك الخبيث
لم تتمالك أعصابها أكثر أمام بروده وردوده الباردة لتصفع كتفه بيدها بقوة وهى تقول:-
-متنرفزنيش عليك
تألم من ضربتها وصُدم من جرأتها فلم يفعلها من قبل أحد، هرعت بخوف من ألمه لتجلس أمامه على الأرض بقلق شديد وهى تقول:-
-أنا اسفة والله
تبسم بسخرية على حالها فحتى عنادها هُزم أمام خوفها وقلقها عليه فلما تكابر وتتشبث بالأنفصال عنه وهى تكاد تموت خوفًا عليه ليقول بهدوء:-
-ما أنتِ بتعرفى تخافى عليا أهو لزومه أيه العناد بجى
رفعت نظرها له بحرج من حديثه وأظهار قلقها أمامه فقالت وهى تقف:-
-مخوفتش على فكرة أنا بس بحاول أتحمل مسئولية اللى عملته لكن انت مش مهم وأى حد مكانك هقلق نفس القلق
تأفف بضيق منها ثم قال بشجن:-
-أدخلى جوا يا عهد جبل ما أعصابى تفلت في الليلة المنيلة دى لأنى مش فايج لحالاتك المزاجية
تنهدت بضيق من عناده على البقاء في الخارج ثم مسكت ذراعيه بقوة وهى تحاول إيقافه وتقول:-
-قوم يا نوح
ظل جالسًا بثقة من ضعف جسدها فهى لن تقوى على تحريكه من مكانه لتيأس من نجاحها في جذبه لتترك ذراعه بأستسلام ثم تسللت يدها إلى راحة يده بلطف تحتضنها بدفء وكانت باردة كالثلج فقالت بعفوية وقد تنازلت عن نبرة عنادها والمشدة معه:-
-تعال يا نوح
نظر ليديهما المتشابكة ونبرة صوتها الدفء يتسلل إلى قلبه فتنازل هو الأخر عن عناده ليقف معها فدخلت به وجعلته يجلس على السرير ثم جلست أمامه وقالت بهدوء:-
-ممكن نأجل كل حاجة لحد ما تخف وتبطل عناد
نظر لها بصمت لتتابع حديثها بعفوية:-
-خلاص أنا أسفة وفعلاً قلقانة عليك ومش هقلق كدة على أي حد ..خلاص؟!
أومأ لها بنعم بعد ان صححت ما قالته مُنذ قليل، تبسمت وأحضرت له العلاج ليأخذه فقال بهدوء:-
-حجك عليا مجصدش أنك تموتى بعد الشر عنك
تبسمت في وجهه بخفة فمُنذ قليل كان كلاهما مليء بالمشاحنات والعناد والآن يغمرها الدفء والحُب
__________________
ترجلت “ليلى” من القطار وخرجت مع الركاب لخارج المحطة لتُصدم بـ “خالد” فتطلع بها بمكر خبيث……..
يتبــــع….
#هويتُ_رجل_الصعيد
الفصل العاشر (10)
___ بعنـــوان ” خطــوة نحـو القلـب” ___
أخذها “خالد” إلى سيارته وهو يقول:-
-وعهد تعرف أنك جاية؟
أجابته “ليلى” بنبرة جادة وهى تسير خلفه:-
-لا تليفونها مقفول
تبسم “خالد” بمكر شديد وفتح لها باب السيارة الأخر وقال:-
-أتفضلى
صعدت للسيارة وذهب “خالد” إلى مقعد السائق وصعد وهو يفكر كيف تكون هذه الفتاة الأعز على قلب “عهد” وإذا أخذها سيكون سبب كافى بأن تأتى “عهد” له فتبسم بخبث وهو يضغط على زر التشغيل لكن قبل أن ينطلق فتح باب السيارة الأيسر ورأى وجه “عطيه” يشتاط غضبًا ويفتح لها حزام الأمان دون ان يأخذ أذنها ثم قال بغضب:-
-أنزلى
جذبها من يدها بغضب وأنزلها ليترجل “خالد” غاضبًا ويقول:-
-أيه اللى بتعمله دا يا عطيه
كانت مصدومة من ظهوره المفاجى أمامها وتنظر له بصمت دون ان تتفوه بكلمة واحدة وعندما سمعت جملة “خالد” قالت بتمتمة:-
-اسمك عطيه
تجاهل تمتمتها ويرمق “خالد” وهو يلتف إليه حول السيارة حتى وقف أمامه ليقول “عطيه” بغضب شديد وصوت خشن:-
-بعد عنها يا خالد وأتجى شري
أقترب “خالد” منه خطوة بثقة وقال:-
-أنت بتهددنى بجى
أقترب “عطيه” منه خطوة أكثر بدون خوف ونظرة تحدي تحتل عينيه ثم قال:-
-أعتبره كيف ما تحب
جذبها من يدها بقوة وسار بعيدًا ليتأفف “خالد” بضيق ويغلق باب السيارة، توقفت “ليلى” بضيق من فعلته ثم جذبت يدها من قبضته بقوة وقالت بانفعال:-
-أنت مجنون ولا عبيط بصفتك أيه أن شاء الله تجرنى وراك كدة ولا تتدخل فى شئون
رفع يده أمام وجهها ليغلق قبضته قبل أن تفلت أعصابه عليها فهو غاضب كافية منها على ركوب سيارة مع رجل غريب والأن تغضبه أكثر بردودها الغليظة، تحدث بضيق شديد منها:-
-وبصفته ايه ان شاء الله عشان تركبى معه، ليكون اخوكى فى الرضاعة
عقدت ذراعيها أمام صدرها بضيق وقالت ساخرة من حديثه:-
-لا كان معايا فى المدرسة
أغمض عينيه بضيق والغيرة ألتهمت كيانه وعقله عندما رأى تركب مع رجل غريب وليس بأى رجل بل أقل بكثير من أن ينال لقب رجل، ألتف مُستديرًا ثم قال:-
-أركبى هوصلك
أستوقفته بجملته الغليظة المستفزة تقول:-
-وأنت أخويا فى الرضاعة عشان أركب معاك
كز على أسنانه وهو يلتف لها ثم مسك كم قميصها وجذبها بقوة حتى ادخلها سيارته وأغلق الباب بقوة ينفث به غضبه لتفزع من صوت الباب وقوته وأزدردت لعابها الجاف فى حلقها بخوف من غضبه …
_________________
كان “نوح” جالسًا على الأريكة والشرفة مفتوح تعبأ الغرفة بضوء الصباح وينظر تجاه الفراش عليها وهى نائمًا كملاك بريء وتزين فراشها كفراشة ربيعية جميلة ملونة فتبسم وهو يفكر كيف يقظها، سار نحوها ثم جلس على الفراش خلف ظهرها يتطلع بملامح وجهها عن قرب فرفع ذراعه ببطيء ليداعب أنفها بسبابته لتتذمر على مداعبته وهى نائمة فتبسم بلطف عليها ثم نكز كتفها من الخلف بقوة وهو يقول بنبرة غليظة:-
-جومى .. جومى يا عهد
تذمرت على إيقاظه لها فحركت جسدها بضيق وهى تقول:-
-سبنى أنام يا نوح
نكزها مرة أخرى وكأنه يتعمد أن يثير غضبها ويقول:-
-جومى بجولك.. جومى جهزيلى الفطار
صرخت به غاضبة دون أن تفتح عينيها :-
-فطار ايه دا اللى بتصحينى من الفجر عشانه
تبسم خلسًا عليها وهو كلما أغضبها كلما زادت جمالًا وأحب غضبها أكثر فقال:-
فجر ايه الساعة 7 الصبح
فتحت عينيها بضيق أكثر وهى ترغب بالمزيد من النوم وجسدها مُرهق فهو لم يتركها تنام مبكرًا ولم تنال إلا ساعتين من النوم بعد صلاة الفجر، تحدثت غاضبة بإرهاق شديد:-
-7 وبتصحينى يا مفترى يا ظالم دا أنت منيمنى بعد صلاة الفجر.. قوم يا نوح من جنبى قبل ما أرتكب فيك جناية
دفعته بقوة من الفراش ليسقط منه فوقف ماسكًا بذراعه المصاب وهذه الزوجة لا تهتم لمرضه ولا لصحته فقط تهتم لنومها، أتسعت عينه وهو يقف بعيدًا ويراها تعود لنومها وتضع الوسادة فوق رأسها، أشتعل الغضب به وهو يراها تكمل نومه دون أن تهتم له فعاد مُجددًا للجلوس جوارها وهو يقول بصياح فى أذنها ويديه تشد الوسادة عنها:-
-والفطار يا عهد
تأففت “عهد” بضيق أكثر لتقول:-
-صوم يا نوح
أتسعت عينيه بذهول من حديثها وتشبثها بالنوم أكثر منه فقال بصدمة:-
-نعم ياخيتى
تمتمت بصوت مبحوح وهى على وشك النوم مرة أخرى مُتعبة جدًا:-
-صوم يا نوح وكله فى ميزان حسناتك
نظر بها بصمت وفى أقل من دقيقتين كانت غرقت فى نومها بتعب ليتبسم عليها بحُب فأبعد خصلات شعرها عن وجنتها وأعاد الغطاء على جسدها ثم أنحنى ليضع قبلة على وجنتها بدلال وقلبه يرفرف فرحًا على وجوده جوارها، سنة كاملة من الفراق مرت عليه وهو كاد أن يفقد عقله من التفكير بها والإشتياق لها لكن كبريائه كان يمنعه من الذهاب لها والآن أصبحت جواره فلن يُفلتها أو يتركها ترحل بعيدًا مرة أخرى، شعرت بشيء على وجنتها عندما قبلها وكانت لحيته تضيقها فتذمرت مرة أخرى وهى تستدير له غاضبة ثم قالت:-
-يا نوح عاوزة أنام
أرتبك من يقظتها فى التو من أن تكون شعرت بقبلته فأخفى ربكته أمام حدته وهو يقول غيظًا:-
-أنا جعان جوم يا عهد ولا أصوم عشان جناب السفيرة عزيزة اللى متجوزها عايزة تتخمد، جومى حضري الفطار أنا ورايا شغل مفاضيش لك
تأففت بضيق من نبرته الحادة الغليظة وهكذا يقظته له فقالت وهى تضرب الفراش بقدميها من إلحاحه الكثير:-
-يا صبر أيوب على دا فطار على الصبح، أقولك روح لحُسنة تجهزه
جذبها من أكتافها ليجعلها تجلس على الفراش فجلست مغمضة العينين وجسدها مُرتخى تماما بين يديه وهتف بنبرة غليظة:-
-حُسنة أيه هو أنا متجوزك انتِ ولا متجوزة حُسنة
فتحت عينيها بأنفعال وأبعدت يديه عنها ثم قالت:-
-يا دى النيلة على متجوزك، يا عم هو أنا قولتلك تتجوزنى .. ما قولتلك طلقنى
حدق بها بعينيه وأشتعلت نيران الغضب بداخله وهى ما زالت تتفوه بهذه الكلمة فقال بجدية:-
-ببُعدك يا عهد نجوم السماء أجرب لك من أنى أطلجك وأوعى خيالك المريض دا يفهمك أن لما تهملنى وتتجاهلينى هزهج وأطلجك … لا يا عهد دا أنا أتجوز عليكى تخدمنى ولا أطلجك
دفعها على الفراش وهو يتابع حديثه بنفس درجة الحدة قائلًا:-
-أتخمدى يا عهد
وضعت الوسادة على رأسها وهى لا تبالى لدفعه لها فجسدها مُرهق كفاية لكى تكترث لشيء أخرى مما أثار غضبه أكثر فهو لا يعلم بأنها لم تنال قسط من النوم قبل حفلة تخرجها وأمس عندما أحضرها لم تنم، تبسم بمكر بعد أن خطر على عقله فكرة خبيثة ليقول وهو يغادر الفراش:-
-أنا أروح أخلى أسماء تجهزلى الفطار والله أتوحشت فطارها
سمعته جملته وهى تضع الغطاء على رأسها فأبعدت الغطاء عنها ثم جلست صارخة عليه تناديه:-
-خد هنا يا نوح ..
نزلت من الفراش وسارت أمامه وهو يبتسم بداخله بعد أن نجحت خطته فى إيقاظها لكنه أصطنع البرود أمامها فقالت وهى تقف أمامه بغيرة تلتهم قلبها وهو يخبرها بأنه ذاهب إلى امرأة أخرى:-
-أسماء مين دى اللى رايح لها وقرف أيه دى اللى هتأكل من أيدها، انت عاوز مرت عمك وبناتها يقولوا عنى أيه، طب أبقى أعملها يا نوح وأطفح حتى بوق مياه من أيدها وأنت والله ما تشوف وشي تانى ولا تعرف لي طريق
عادت للفراش ليغتاظ من تجاهلها وفى النهاية عادت للفراش، دق باب الغرفة فذهب لكى يفتح الباب وكانت “حُسنة” لتخبره بأن “ليلى” جاءت، دخل للداخل وبدل ملابسه ليقول وهو يلف عمته:-
-صاحبتك جت تحت
أنتفضت من الفراش فرحًا وأمتلت بالحماس وهى تركض للخارج فأتسعت عينيه بصدمة من النشاط التى ملأها فجأة من أجل صديقتها لكن عندما حدثها هو كانت مليئة بالكسل والخمول….