
كان صوت بكاء الصغيران يجعل القلوب تتراقص فرحًا، فرحة غامرة تدمع لها العين إلى أن توقف أحدهما فجأة عن البـ,ـكاء، و تباطأت أنفاسه و حتي نبضات قلبه..
ظهر الذعر على وجهه الطبيب المشرف على حالة الصغيران، و أسرع بإنقاذ الصغير بشتى الطرق أمام نظرات”سلسبيل ” الزائغة، لكن في خلال لحظات فقط قد نفذ أمر الله و توقف نبض الصغير تزامنًا مع عودة النبض لقلب والده،
حينها شعر قلبها بفقدان إحدي صغارها فهبطت عبراتها ببطء على وجنتيها، أبتسمت إبتسامة يملؤها الرضى مرددة بصوتٍ ضعيف مرتجف ..
“إبني فدى أبوه.. عبد الجبار هيعيش.. إبني فداه”..
حمل الطبيب الرضيع على يده ، و ركض به مهرولاً عبر الباب الداخلي المؤدي للغرفة المتواجد بها دكتور “أيوب”، و تحدث بأنفاس متلاحقة قائلاً..
“دكتور أيوب.. قلب الطفل وقف فجأة “.
كان “أيوب” أنتهي للتو من إنقاذ “عبد الجبار “، ليطلق صرخة مغتاظة، و هو يلتقط الرضيع و وضعه على كتف والده العاري مرددًا بغضب مصطنع و هو يقوم بإنعاش قلبه بمهارة و دقة عالية..
“الواد و أبوه دول حد مصلطهم عليا انهاردة و لا أيه؟!!!”..
ليصل إلى سمعه صوت بكاء شقيقه التوأم، فتابع بتساؤل مستفسرًا..
” هما توأم؟!”..
“أيوه يا دكتور توأم.. مولودين قيصري.. و الولادة تمت قبل معادها في الشهر السابع”..
لم يتوقف “أيوب” عن محاولة إنقاذ الرضيع و هو يقول..
” هات أخوه بسررررعة”..
ركض الطبيب و اندفع نحو الرضيع الباكي، حمله على الفور و هرول مسرعًا أمام أعين “سلسبيل ” التي تتابع ما يحدث بقلبها قبل عينيها..
لحظات مرت من أصعب اللحظات، حبس الجميع أنفاسهم و هم يتابعون محاولات” أيوب” المستميته لإنقاذ الرضيع، قام بوضع شقيقه بجواره داخل حضن والدهما الذي بدأ في إستعادة وعيه رويدًا.. رويدًا..
هبطت دموع “سلسبيل” بغزارة على وجنتيها متمتمة بهمس ضعيف بنبرة متوسلة..
“يارب.. أجبر قلبي يا جبار.. يارب متوجعش قلبي على ضنايا و لا على أبوه.. يارب أنا ملحقتش أخده في حضني”..
و ها قد حان وقت الجبر.. جبر السلسبيل الذي أثلج قلبها حين وصل لسمعها صوت بكاء الصغيريان معًا من جديد، يليه صوت تكبير من جميع الحاضرين الذين بكوا من شدة تأثيرهم عندما خر” أيوب ” أرضًا ساجدًا..
لتجهش” سلسبيل ” في البـ,ـكاء و الضحك في آنٍ واحد حين استمعت بقلبها أسمها من بين شفتي “عبد الجبار” يقول دون أن يفتح عينيه و هو يضم صغاره بجـ,ـسده بحماية دون إرادة منه ..
“س سلسبيل.. “..
تأوهت “سلسبيل” بصوتها كله مرددة بفرحة غامرة..
“آآآآه يا عبد الجبار… يا جبر السلسبيل “..
انتظروا الخاتمة بأمرالله..
و استغفروا لعلها ساعة استجابة..
الخاتمة 1..
جبر السلسبيل2..
✍️نسمة مالك✍️..
.. بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله..
في أوقات غضبنا نجتهد حتى نجرح غيرنا، لكن بعد فوات الأوان ندرك أننا لم نجـ,ـرح سوي أنفسنا، نحن مخلوقين من ماء و طين، لو زادت الماء نبقي نهر، و لو ذات الطين نبقي حجر، لا شيء يدوم للأبد في هذا العالم و لا حتى مشاكلنا،
الحياة مجرد رحلة تحتاج منا الكثير من الرفق، التسامح، تجاهل الأخطاء لذلك عش اليوم فالغد قد يكون أو لا يكون..
“صورة تاريخية”..
ألتقطها “جابر” بهاتفه لحظة خروج “عبد الجبار” برفقة صغاره من غرفة العمليات بعد مكوثه داخل غرفة الآفاقة حتى إستعداد وعيه، الصغيران نائمان فوق كتف والدهما الذي مازال بين الوعي و اللاوعي، لكنه يضمهما بذراعيه المعلقان بهما الكثير من الأسلاك الطبية بهيئة تخطف القلب و تـ,ـدمع لها العين..
“حمد لله على السلامة يا أبو الجبابرة.. يتربوا في عزك يا غالي “.. قالها “جابر” بمزاح أثناء تصويره مقطع فيديو له معاهم، مال عليه أثناء سيره بجوار السرير النقال مكملاً..
“الحمد لله ربنا قومك بالسلامة كلنا نبارك ل عبد الجبار باشا المنياوي على الولادة و نقوله يتربوا في عزك و ربنا يتم نفاسك على خير إن شاء الله “..
” أفوقلك بس و هخبرك زين مين اللي بيولد”..
قالها “عبد الجبار” بوعيد بصوتٍ مُتعب للغاية و بلهفة تابع..
“سلسبيل.. بناتي.. أمي”..
“إحنا أهو يا أبوي”..نطقت بها” فاطمة” ابنته الباكية و هي تهرول بخطواتها نحوه و خلفها شقيقتها..
نظر لهما” عبد الجبار ” بأعين شبه مغلقة، و أبتسم ابتسامته المطمئنة قبل أن يختفي لداخل غرفة العناية المركزة..
كانت “خضرا” تقف على مسافة منه، تتابعه بعينيها الغارقة بالدموع، غير قادرة على الأقتراب منه أو حتى من بناتها اللتان يصرخان بذعر حقيقي و يختبأن كلما وقعت عينيهم عليها..
فور دخول” عبد الجبار” العناية حملت إحدي الممرضات الصغيران مردفة بعملية..
” الأطفال لازم يدخلوا الحضانة عشان الدكتور يعملهم فحص شامل”..
همس “عبد الجبار” بقلق و عينيه تتابع صغاره قائلاً..
“أمهم.. طمنيني على أمهم؟ “..
أجابته الممرضة و هي تضع الصغيران على سرير نقال خاص بهما و تغادر الغرفة على الفور.. ” أطمن الأم كويسة جدًا”..
“حمد لله على السلامة.. خضتنا عليك يا راجل”..
أردف بها” أيوب ” الذي دلف للتو و بدأ يقراء نتائج الأجهزة التي تم توصيلها بصدر و يد “عبد الجبار “..
تنهد” عبد الجبار” تنهيده حزينة و هو يقول.. ” الله يسلمك يا دكتور.. هخرج أمتي من أهنه؟ “..
رفع” أيوب ” حاجبيه معًا، و تطلع له مشـ,ـدوهًا مغمغمًا..
” تخرج أمتي أيه !!.. أنت ربنا نجاك من طلـ,ـقة كان بينها و بين القلب واحد سم ، و خرجت برحمة ربنا و رأفته بمراتك اللي كانت عايزه تتبرع لك بقلبها و ولدت قبل معادها من خوفها و قلقها عليك”..
” عشانها و عشان ولادي لازم أخرج من أهنه”..
قالها “عبد الجبار” و هو يكافح بضراوة حتى ينهض من مضجعه، ليوقفه” أيوب ” مسرعًا و هو يقول بتحذير..
” أهدي يا عبد الجبار.. أنت كده بتعرض نفسك للخطر”..
أنهى جملته و قام بإعطاءه حقنه مهدئه، أغمض” عبد الجبار” عينيه المجهدة، و بدأ يهذي بقلبٍ ملتاع..
“سلسبيل..مـ,ـراتي .. لازم أكون چارها”..
ربت “أيوب” على كف يده المنغرس بها حقن معلق بها محاليل طبية و كيس من الدماء، و تحدث بهدوءه المعتاد قائلاً..
“مراتك كويسة و خرجت من العمليات متقلقش.. و أول ما مفعول البينج يروح هتجيلك هنا تطمنك عليها بنفسها”..
…………………………. سبحان الله وبحمده………….
مّرت عدة ساعات، هدأ روع الجميع قليلاً باستقرار الأوضاع في الوقت الحالي، ف غادر “جابر” المستشفى برفقة “صفا” و معاهم بنات “عبد الجبار”،و ظلت” خضرا “تجلس بمفردها أمام غرفة العناية المتواجد بها زوجها،رغم أن الطبيب المشرف سمح لها بدخول و الاطمئنان عليه لكنها لم تقوى على مواجهته، فضلت الإنتظار لعله يطلب رؤيتها هو..
بينما بقت “عفاف” مع “سلسبيل ” التي فور شعورها بأطرافها قالت بفرحة غامرة ..
” أنا حاسة برجلي يا ماما عفاف.. ساعديني أقوم.. عايزة أروح أطمن على عبد الجبار و أشوف ولادي في الحضانة”..
هرولت “عفاف” نحوها مرددة بتعقل..