
١٢/١٣
الفصل الثاني عشر
دلف زياد الى منزل عائلته ليجد والديه ورنا يجلسون في صالة الجلوس .. ألقى التحية لتنهض والدته من مكانها وتتجه نحوه هاتفة بلهفة :
” زياد .. أخيرا جيت ..”
احت،،ضنها زياد وقال بحنو :
” ايوه جيت …”
” حمد لله على السلامة يا زياد ..”
قالها الأب بنبرة معاتبة ليقترب زياد منه وينحني نحوه ويحتضنه قائلا بإعتذار :
” انا اسف ..”
” كده يا زياد ، تسيبنا طول المدة دي …”
ابتسم زياد بح،،زن وقال بأسف :
” غ،،صبا عني …”
ربت الأب على كتفه وقال :
” متكررهاش تاني …”
نهض زياد من جلسته المنحنيه وأشار إليهم قائلا :
” انا جيت عشان أكلمكم فموضوع مهم …”
نظر الثلاثة إليه بترقب ليكمل زياد بجدية :
” زينة حامل …”
الصد،،مة كانت واضحة على وجوه ثلاثتهم بينما أفاق الأب أولا من ص،،دمته ليقول بعدم تصديق :
” حامل ..؟! انت متأكد …؟!”
أومأ زياد برأسه لتسأله الأم بنبرة مستنكره :
” حامل من مين …؟!”
أجابها زياد ببديهية :
” حامل من علي طبعا ..”
قاطعته رنا بإعتراض :
” ايه اللي بتقوله ده..؟! لا طبعا ، الكلام ده مش صحيح ..”
أطلق زياد زفيرا قويا قبل أن يكمل بهدوء وثبات :
” لا صحيح ، زينة حامل من علي ..انا اتأكدت من ده بنفسي …”
” اتأكدت ازاي ..؟!”
سألته رنا وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها قبل أن تكمل حينما لم تجد منه ردا :
” توقعات بس ، مش كدة ..”
” لا انا متأكد من كلامي ..”
قالها زياد بإصرار لتكمل رنا بضيق :
” عملت تحليل دي ان اي ..؟!”
صمت زياد ولم يرد لتقول الأم هذه المرة :
” لو هي حامل فعلا لازم نعمل تحليل دي ان اي …”
” انتوا تج،،ننتوا..؟! معقول مش واثقين فكلامي …”
صاح زياد بها غاضبا لتصر،،خ رنا به :
” عشان انت مش واعي لكلامك وتصرفاتك ، بقيت بتجري وراها وبتصدقها بسهولة …”
” يا رنا افهمي ، زينة مش سيئة للدرجة دي ..”
صرخ،،ت الأم بو،،جع :
” متقولش كده ، متدافعش عنها …”
” انا بقول الحقيقة يا ماما ، زينة بريئة ، هي تعرضت للاغت،،صاب وكانت فاكرة انوا علي لما هيعرف الحقيقة منها هيسامحها…”
هزت رنا رأسها نفيا وقالت :
” انا مش مصدقة ، دي غسلت دماغك ..”
” طب ادوها فرصة تحكيلكوا …. فرصة واحدة بس ..”
كان زياد يترجاهم ويتوسلهم لكن والدته قالت بحزم :
” الموضوع ده منتهي بالنسبالنا ، خلاص …”
تحرك زياد من مكانه متجها الى الطابق العلوي كي يأخذ بعض الأغراض من غرفته بينما لحقته والدته …
دلف زياد الى داخل غرفته ليتفاجئ بوالدته تلج الى الغرفة بعده وتغلق الباب خلفها …
التفت زياد نحوها متعجبا من دخولها الى الغرفة ليهتف بحيرة :
” خير يا ماما .. فيه حاجة ..؟!”
اقتربت والدته منه وقالت :
” عايزة اتكلم معاك شوية …”
” اتفضلي ..”
قالها زياد وهو يجلس على السرير لتجلس بجانبه وتهتف بتردد :
” بتحبها …؟!”
ابتلع زياد ريقه وقد فهم على الفور ما تقصده والدته ، شعرت والدته بتوتره الغريب وشعر هو بالحيرة ..
ماذا سيفعل ..؟! هل سينكر عشقه الذي بات واضحا لها ..؟! هل سيتخلى عنها كما تخلى الجميع …؟!
وجد نفسه ينطق لا اراديا وبثقة متجا،،هلا كل ما سيؤول اليه اعترافه :
” ايوه بحبها ..”
وضعت كف يدها على صدرها بعدم تصديق ثم قالت بص،،دمة :
” مستحيل .. امتى وازاي ..؟!”
زفر زياد نفسا عميقا وقال بهدوء وتردد :
” من زمان .. من قبل متتجوز علي …”
اتسعت عينا الأم وشعرت بعدم قدرتها على الحديث بينما أكمل زياد بتو،،سل :
“انا والله بعدت فورا لما عرفت بحب علي ليها ، عشان كده سافرت .. ولما قررت اساعدها مش بسبب حبي ليها ..”
تطلعت الأم إليه بنظرات منك، سرة بينما أكمل زياد :
” متبصليش كده ارجوك …”
نهضت الأم من مكانها وسارت خارج الغ.،،رفة وهي تكاد تنهار من فرط الأل،،م ..
……………………………………………………………………….
دلف ماجد الى غر،،فة نو،،مه وألقى بجس،،ده فوق الس، رير، كان يشعر بالكثير من المشاعر المختلطة ما بين الحزن والخوف والترقب ..
ح،،زنا على حاله وما فعله ووصل إليه والخ،،وف مما هو قادم وترقب ما سينتظره ..
اعتدل في جلسته وهو يتذكر الماضي ورفاقه السيئين والذي قطع عل،،اقته بهم منذ فترة طويلة ….
والغ،،ريب وأكثر ما يخيفه أن أحدهما مات بعد ذلك في ح،،ادثة سيارة والأخر بات مش،،لولا ..
هو الوحيد من نجا من أفعاله وربما هناك ما ينتظره ..
اكثر ما يرعبه ان تكون نهايته بفقدان أحد المقربين منه ، منذ يوم أعلن توبته وهو يجاهد لتخفيف ذنبه .. أثار الماضي ما زالت تؤلمه وتخيفه الأمر الذي جعله يخاف على لينا كثيرا ويخنقها بتحكماته الزائدة عن حدها …
زفر نفسا قويا وهو يفكر بأن ريم لا تستحقه ، هو يعلم هذا ولكنه يعشقها وبحاجة لها …
أغمض عينيه وهو يتذكر ماضيه الأسود وما به من علاقات محرمة وأفعال منكرة ..
عند هذا الحد هطلت الدموع من عينيه بغزارة بينما رفع بصره نحو الأعلى وهو يهتف الى ربه بتوسل :
” سامحني يا ربي ، سامحني ارجوك ، اغفرلي ذنوبي ، اجعل ريم من نصيبي ، وحافظ على لينا اختي ، انا مش هستحمل إنوا أي حاجة تجرالها .. مش هستحمل ابدا ..”
عند هذا الحد أجهش باكيا بينما ظل لسانه يردد نفس الدعاء لوقت طويل دون ملل ..
………………………………………………………………………
مرت ثلاثة أيام تحسنت فيها أوضاع زينة بينما كان زياد يزورها يوميا للاطمئنان عليها ..
خرجت زينة من المستشفى بعدما أوصاها الطبيب أن تعتني بنفسها فحملها معرض للإجهاض بأي لحظة …
أوقف زياد سيارته في كراج الفندق وأشار لها قائلا :
” لو احتجتي اي حاجة اتصلي بيا ..”
نظرت إليه وقالت بجدية :
” انا هفضل هنا كام يوم لحد ما ألاقي شغل وساعتها هأجر شقة اقعد فيها ..”
لم يجبها زياد لتمط شفتيها بضيق قبل أن تخرج من السيارة وتتجه نحو الفندق حيث جناحها …
دلفت زينة الى جناحها وأغلقت الباب خلفها …
جلست على السرير. بعدما خلعت حذائها وألقته على ارضية الغرفة …
سمعت صوت على طرقات الباب فهتفت بضيق :
” هو لحق ..؟؟”
نهضت زينة من مكانها وفتحت الباب لتنصدم بوالدة زياد أمامها …
ارتجف جسدها كليا وهي ترى المرأة أمامها متشحة بالسواد من رأسها حتى أخمص قدميها ترميها بنظرات سوداء مظلمة …
عادت ذاكرتها الى الخلف حينما قررت أن تقتلها وكيف صوبت سلاحها نحوها ..
تنحنت زينة قائلة بتردد بعدما أفاقت من شرودها :
” اتفضلي …”
دلفت والدة زياد الى الداخل لتترك زينة الباب مفتوح قليلا ثم اتجهت خلفها لتلتفت والدة زياد نحوها وتشير إليها قائلة دون مقدمات :
” انتي فعلا حامل ..؟!”
احتضنت زينه بطنها بكفيها بحركة لا ارادية بينما أومأت براسها دون رد لتقول الأم بنبرة قوية حازمة :
” انتي لازم تجي معايا حالا ..”
” انتي عايزة مني ايه ..؟!”
” لازم نعمل تحليل دي أن أي ونتأكد إنوا اللي فبطنك ده حفيدي …”
عارضتها زينة بسرعة :
” مستحيل .. مستحيل اللي بتقوليه ده ..”
” يبقى بتكدبي وعايزة تبلينا فطفل مش مننا ..”
قالتها والدة زياد بقسوة لترمش زينة عينيها بعدم تصديق ثم تقول برجاء :
” والله ده ابن علي .. صدقيني ..”
” يبقى تثبتيلي ده … وإلا مش هنعترف بيه ..”
ثم أكملت بجدية :
” أنا اتفقت مع الدكتور وجهزت كل حاجة عشان تعملي التحليل على طول وأوعدك انوا لو الطفل ده طلع ابن علي حياتك كلها هتتغير ..”
صمتت زينة ولم ترد عليها بينما أخذت تفكر في حديثها وهي تتخيل عائلة زياد سندا لها ولطفلها …
بينما قالت والدة زياد بحسم :
” يلا بينا عشان معادنا كمان ساعة ..”
يتبع
الفصل الثالث عشر
وقفت زينة أمام باب غرفة الطبيب تفرك يديها الاثنتين بتوتر ، تود الهروب من هنا لكنها لا تستطيع ، هناك شيء بداخلها يمنعها من الهروب ، ربما رغبتها في إثبات برائتها أمام عائلة علي او رغبتها في إنهاء هذه المشكلة التي باتت تؤرقها وبشدة ..
” يلا يا زينة ، ادخلي ..”
قالتها والدة زياد وهي تدفعها الى الداخل لتلج زينة الى غرفة الطبيب بخطوات مترددة وشعور بعدم الراحة تملك منها ..
تقدمت والدة زياد نحو الطبيب الذي رحب بها بحرارة ثم رحب بزينة وطلب منها أن تتبعه الى غ،،رفة أخرى لإجراء الفحص …
انتهى الطبيب من اجراء التحاليل المطلوبة لتخرج زينة من المكان وتتجه الى الغر،،فة التي تنتظرها فيها والدة زياد ..
نهضت والدة زياد من مكانها ما إن وجدت زينة تلج الى الداخل وسألتها :
” ها ، كله تمام..؟!”
أومأت زينة برأسها دون أن ترد لتتنفس والدة زياد الصعداء قبل أن يدلف الطبيب الى الداخل ويهتف قائلا :
” كله تمام ..”
” امتى هتظهر النتيجة ..؟!”
سألته والدة زياد ليرد الطبيب بجدية :
” هتاخد وقت شوية ، هبقى ابلغك لما تطلع ..”
أومأت برأسها متفهمة ثم أشارت الى زينة قائلة بلهجة باردة :
” كده خلصت اللي عليا، النتيجة هي اللي هتثبت الحقيقة ..”
أومأت زينة برأسها وهي تتنهد براحة فهناك حمل ثقيل سوف ينزاح من عليها ..
ثم تحركت السيدتان خارج المكان لتعود كل منهما من حيث أنت ..
…………………………………………………………………،
انتهى زياد من أحد الاجتماعات المهمة الذي أخذ وقتا طويلا منه …
خرج من غرفة الاجتماعات وهو يعبث بهاتفه الذي تركه مغلقا ليتفاجئ بعدد كبير من الاتصالات من قبل الشخص الذي وضعه كي يراقب زينة ويحميها …
اتصل به زياد بسرعة ليأتيه صوت الرجل قائلا :
” كنت فين يا زياد بيه ..؟! اتصلت بيك كتير …”
” احكي ، ايه اللي حصل ..؟!”
سأله زياد بقلق ليرد الرجل قائلا :
” والدة حضرتك زارت زينة هانم في جناحها وبعدين خدتها وراحوا المستشفى ، قعدوا هناك حوالي نص ساعة وخرجوا بعدين ..”
” قعدوا يعملوا ايه ..؟!”
سأله زياد بنبرة متحفزة ليرد الرجل بجدية :
” معرفش ..”
زفر زياد نفسا قويا وهو يغلق الهاتف ويتجه خارج شركته …
اتجه زياد نحو الفندق حيث يجب أن يرى زينة ويتحدث معها …
وصل الى هناك واتجه نحو جناحها وأخذ يطرق على الباب بعصبيه …
فتحت زينة له الباب ليدلف الى الداخل بسرعة ويلتفت نحوها متسائلا :
” عملتوا ايه فالمستشفى ..؟!”
” انت كنت بتراقبني ..؟!”
سألته زينة بعدم تصديق ليقول بنفاذ صبر :
” مش وقته ، عملتوا ايه هناك ..؟!”
أجابته زينة بهدوء :
” عملت تحليل ال دي ان اي ..”
اتسعت عينا زياد بعدم تصديق قبل أن يهتف بنبرة مجنونة :
” انتي اكيد اتجننتي ، ازاي تعملي كده ..؟!”
أجابته زينة ببساطة :
” ده كان الحل الوحيد اللي يخلي الكل يصدق انوا ده ابن علي ..”
” كنت خليتيهم يستنوا لحد ما يتولد …”
” متفرقش كتير ..”
قالتها زينة بمرارة ليقول زياد بخوف :
” انتي مش فاهمة حاجة ..؟!”
” ايه اللي مش فاهماه …؟!”
سألته زينة بضيق ليرد بتردد :
” التحليل ده بيأثر على الجنين وبيسبب الاجهاض بحالات كتير …”
وضعت زينة يديها على بطنها بخوف واضح بينما اخذ زياد يضرب يده كفا بكف غير مصدقا لما يحدث ..
” لا يا زياد انا كويسة ، والله كويس واكيد كله عدا على خير ..”
” اقعدي ..”
قالها زياد وهو يجلسها على الكنبة قبل أن يجلس بجانبها ويسألها بتوتر :
” انتي كويسة ..؟!”
أومأت برأسها ليتنفس زياد الصعداء وينهض من مكانه قائلا :
” انا هتصل بالدكتور واسأله اذا كنتي محتاجة تاخدي ادوية معينة ..”
أومأت برأسها وقد امتلئت عينيها بالدموع ..
كان زياد يجري اتصالا بالطبيب الذي أنقذ زينة من الإجهاض حينما فوجئ بزينة تنهض من مكانها وتهتف بنبرة جزعة :
” زياد ..”
التفت زياد نحوها واقترب منها متسائلا بتوجس :
” مالك يا زينة..؟!”
وبدل ان تنطق بحرف واحد كان تسقط على الأرض صارخة بألم قوي والدماء تنزف من جسدها ….
حملها زياد بسرعة وخرج بها من الجناح متجها بها الى المشفى …
وصل الى هناك بسرعة قياسية ليدخلها الطبيب الى غرفة العمليات ….
ظل زياد واقفا خارج غرفة العمليات وهو يشعر بالقلق الشديد ويدعو ربه ألا يحصل شيئا لزينة وجنينها …
خرج الطبيب من غرفة العمليات ليتقدم زياد منه مسرعا ويسأله :
” طمني يا دكتور ..”
أجابه الطبيب بأسف :
” للاسف فقدنا الجنين ..”
صرخ زياد بوجع :
” ليه كده …؟!”
تحدث الطبيب :
” زياد بيه ، فيه حد مديهة دوا يسبب الإجهاض…”
جحظت عينا زياد وسأله بنبرة مرتجفة :
” انت بتقول ايه ..؟!”
أومأ الطبيب برأسه وأكمل :
” وده للاسف خلاها تجهض وكمان …”
” كمان ايه ..؟!”
زفر الطبيب نفسا عميقا وقال :
” كمان خلاها تفقد قدرتها على الإنجاب …”
أغمض زياد عينيه بألم واضح وفتحها ليهز الطبيب رأسه وهو يقول بقلق حيلة :
” للاسف حاولت أعمل حاجة بس مقدرتش لانوا الحالة كانت صعبه …”
أومأ زياد برأسه متفهما وقد تجمعت الدموع داخل عينيه ليتركه الطبيب ويرحل ….
بينما جلس زياد على الكرسي بعدما فقد قدرته على الوقوف اكثر وقد هطلت الدموع من داخل عينيه بغزارة …
………………………………………………………………………
كانت رنا تجلس على سريرها تتابع احد الافلام بملل حينما سمعت صوت طرقات على باب غرفتها يتبعها دخول والدتها الى الغرفة …
” ماما ، خير فيه ايه ..؟!”
سألتها رنا وهي تجد والدتها تجلس بجانبها على السرير وتهتف بلهجة مترددة :
” رنا انا عايزة احكيلك على حاجة مهمة …”
” ايه ..؟!”
سألتها رنا بتوجس لتخبرها والدتها بما حدث وفعلته بزينة ..
انتفضت رنا من مكانها وقالت بعدم تصديق :
” ليه عملتي كده يا ماما ..؟! انا مش مصدقة اللي بسمعه .. ليه ..؟!”
” مكانش قدامي حل تاني ، مكنتش عايزة اي رابط بينا وبينها ، والولد ده كان هيرفي بينا للابد ..”
” بس ده ميدلكيش الحق تعملي كده ..”
نهضت والدتها من مكانها واقتربت منها تحتضن وجهها بكفيها وتهتف بشرود :
” اخوكي بيحبها يا رنا ، زياد بيحبها …”
صرخت رنا بعدم تصديق :
” انتي بتقولي ايه ..؟!”
أومأت والدتها برأسها وأكملت :
” عايزاني اعمل ايه وانا بشوفه بيجري وراها زي المجنون ، كان لازم ابعدها عنا ..”
” طب هتعملي ايه دلوقتي ..؟!”
سألتها رنا بقلق لترد الأم :
” معرفش …”
اخذت رنا تسير داخل الغرفة ذهابا وايابا وهي تفكر في المصيبة التي أو،،قعت والدتها نفسها بها ..
توقفت عن سيرها وقالت بلهجة جادة :
” انتي لازم تهدديها ، لو فكرت تعملك حاجة او تبلغ يبقى نكلم ولاد عمها ونعرفهم مكانها..”
” انا هعمل كده ..”
” كويس ..”
قالتها رنا بأقتضاب لتكمل الأم بقلق :
” بس انا خايفة من ردة فعل زياد …”
نظرت رنا اليها وقالت :
” هيزعل منك اوي ،،ده كان بيدافع عنها طول الوقت .. بس احنا ممكن نتكلم معاه ونفهمه انوا ده فمصلحة العيلة .. او ممكن نعمل حاجة تانيه ..”
” حاجة ايه ..؟!”
قالت رنا بجدية :
” لو التحاليل اثبتت انوا الولد مش ابن علي زياد هيكرهها ومش هيزعل منك ..”
” معاكي حق ..”
قالتها الأم موافقة ابنتها على ما حدث قبل أن تسمع الاثنتان صوت صراخ أسفل المنزل ، كان هذا صوت زياد …
يتبع
الفصلين الرابع عشر والخامس عشر
هبطت والدة زياد ورنا بسرعة الى الطابق السفلي ليجدا زياد أماميهما ينظر إلى والدته بنظرات غا،،ضبة مشتعلة قبل أن يقترب منها ويهتف بعدم تصديق فوالدته تخطت المسموح بأكمله وتجاوزت حدودها وفعلت ما لا يغتفر :
” وصلت بي،،كي للدرجة دي ..؟! تجهض،،يها غ،،صبا عنها ..”
ردت الأم مدعية القوة أمامه :
” امال اسيبها تلب،،سنا طفل مش مننا ..؟!”
” الطفل ده كان ابن علي …”
صرخ بها بصوت جهوري حاد وقد أوشكت حباله الصوتيه على التمزق من شدة صيحته …
بينما اهتز جسدي الأم ورنا خوفا من غضبه وصراحة الذي كاد يمزق طبلة أذنهم …
” زياد اسمعني ..”
قالتها الأم بترجي وهي تقترب منه وتحاول لمس وجهه ليصيح بها :
” متلمسنيش ، انتي عملتي جريمة ولازم تتحاسبي عليها …”
صاحت رنا به:
” تتحاسب يعني ايه ..؟! انت اتجننت ..؟!”
” ايوه اتجننت ، بسبب عمايلكوا ..”
قالها زياد بقهر لترد الأم بتوسل :
” يا زياد انا عملت كده عشان مصلحتكوا، البت دي قتلت علي أخوكوا وانا كان لازم أمنع أي رابط يجمع بينا وبينها …”
أيدتها رنا فورا :
” معاها حق على فكرة ..”
” انتوا لا يمكن تكونوا ناس طبيعيين ، لا يمكن ..”
اقتربت رنا منه وهتفت بقوة :
” انت اللي بقيت مش طبيعي ومش واعي لتصرفاتك ، افتكر دي تبقى مين وعملت ايه ، ولا خلاص حبك ليها عماك عن حقيقتها ، دي مجرد عاهرة بتبات كل يوم فحضن رجل ..”
صفعها زياد على وجهها بقوة وهو يهدر بها بعنف :
” اخرسي ، اخرسي ومتفتحيش بقك بكلمة ….”
وقفت الأم أمامه وهي تصيح به محذرة :
” مش هسمحلك تمد إيدك على اختك يا زياد …”
رد زياد بفتور:
” انتي ارتكبتي جريمة فحق زينة وانا مش همنعها إنها تبلغ عنك لو قررت تعمل ده ..”
نظرت الأم الى رنا بتوتر بينما شمخت رنا برأسها عاليا وهي تقول بغل :
” طب تجرب تعملها وانا والله لأبلغ عنها عمامها في البلد يتصرفوا معاها ..”
” للدرجة دي الشر والحقد عماكي يا رنا ..؟!”
قالها زياد غير مستوعبا أن الواقفة أمامه تهدده هي رنا أخته بينما ردت رنا بتهكم :
” عالأقل أنا بدافع عن أمي وحق أخويا الله يرحمه ، يعني عندي مبرر للي بعمله … بس انت ملكش اي مبرر ..”
” انتوا مش واعيين للي بتعملوه …؟!”
قالها زياد بإنفعال لترد رنا ببساطة :
” حصل ايه يعني ..؟! طفل وراح ..”
” طفل وراح .. بسيطة كده ..؟! ياريته كان طفل وراح بس .”
قال جملته الأخيرة بمرارة لتسأله الأم بتوجس :
” تقصد ايه ..؟!”
رد زياد وهو ينظر إليها بقوة :
” أقصد انوا زينة خلاص مش هتقدر تخلف تاني بسبب اللي حصل ..”
” انت بتقول ايه ..؟!”
قالتها الأم بعدم تصديق بينما قالت رنا بتوتر :
” دي لعبة جديدة منك عشان نتعاطف معاها ولا ايه ..؟!”
زفر زياد نفسا عميقا قبل أن يهتف بحدة :
” ممكن تخرسي خالص ، انا مش بكدب ، زينة مش هتقدر تخلف تاني بسبب اللي أمك عملته …”
نظر زياد إليهما ليجد الشحوب والتوتر طغى على وجهيهما ليسترسل في حديثه القاسي :
” شفتوا عملتكوا البسيطة وصلتنا لفين …؟!”
” زياد ، أقسملك بالله مكنتش اعرف ، والله العظيم مكنتش اعرف الموضوع ده .. انا قلتله يجهضها بس .. والله هو كده ..”
تشدق فم زياد بإبتسامة متهكمة قبل ان يهتف ببرود ساخر :
” قلتيله يجهضها بس .. لا كتر خيرك الحقيقة …”
صمتت والدته ولم ترد بينما أكمل زياد بنفور واضح :
” من النهاردة مش عايز أي حد منكم يكلمني ولا يطلب مني إني ارجع .. علاقتي بيكوا من النهاردة اتقطعت …”
” لا يا زياد لا ..”
صاحت به الأم بتوسل وهي تحاول التشبث بذراعه بينما خرج زياد من الفيلا ..
……………………………………………………………………..
دلف زياد الى الغرفة التي توجد بها زينة … وقف أمامها يتأملها بملامح حزينة وقد تكونت الدموع داخل عينيه … كانت نائمة كالملاك لا تعي أي شيء مما حدث حولها …
هطلت دمعة لا إرادية من عينه ليتركها تأخذ مسارها على وجهه قبل أن يجذب الكرسي ويجلس بجانبها متأملًا إياها عن قرب …
كان يفكر بأنها بريئة أكثر مما تخيل وقد تحملت ما هو فوق طاقة استيعابها …
لم يتصور يوما أن يحب أحدًا الى هذه الدرحة … أن يشعر بروحه تختنق حينما يصيبها أي أذى …
مسك كف يدها بكف يده فشعر ببرودته التي جثمت على قلبه كصخرة قوية ..
تألم قلبه لمنظرها هذا وهي غير واعية لأي شيء قبل أن تبدأ زينة بفتح عينيها تدريجيا …
فتحت زينة عينيها لتتأمل زياد الجالس أمامها بملامح واهنة …
رمشت بعينيها محاولة إستيعاب ما جرى قبل أن تصرخ :
” ابني يا زياد .. ابني ..”
” اهدي يا زينة .. اهدي يا حبيبتي ..”
قالها زياد وهو يحاول إحتضانها لتنهار باكية بين أحضانه وهي تهتف بتوسل :
” ابني عايش مش كده … ؟! قولي انوا عايش .. طمني ارجوك .. ده أخر ذكرى منه ..”
شدد زياد من احتضانها وهو يقول بتردد :
” ربنا يعوضك يا زينة …”
تحررت من أحضانه تنظر له بعدم تصديق قبل أن تهتف به بترجي :
” انت بتكدب مش كده ..؟! قولي انك بتكدب …؟!”
هطلت الدموع من عينيه بغزارة وهو يشاهد حالتها تلك … لقد تحمل ما يفوق احتماله … ألا يكفيه أن يشاهد إنهيارها بهذا الشكل ..؟! إنهيارها الذي كانت والدته سببه ..
” زينة اهدي من فضلك وكوني قوية …”
انهارت زينة باكية داخل احضانه من جديد ليربت على كتفها وهو يقول :
” متنهاريش يا زينة .. عشان خاطري خليكي قوية ..”
بعد حوالي ربع ساعة توقفت زينة عن بك،،اءها وتحررت من بين أحض،،انه ليسألها زياد بقلق :
” بقيتي كويسة ..؟!”
أومأت برأسها دون أن ترد بينما قال زياد وهو ينهض من مكانه :
” هروح أنادي الدكتور يطمني عليكي …”
وخرج من الغرف،،ة متجها الى الطبيب يطلب منه أن يفحصها ويذكره بعدم إخبارها بحقيقة عدم إنجابها بعد الأن خو،،فا على مشاعرها ..
…………………………………………………………………………..
كانت والدة رنا تجلس بين أحضان ابنتها وتبكي بإنهيار ، اليوم لقد فقدت ابنا أخر لها …
كانت رنا تحاول مواساتها وإقناعها بأن زياد حتما سيعود ويندم على ما فعله …
في هذه الأثناء دلف منتصر الى الفيلا ليشاهد هذا المنظر أمامه بينما ملامحه تقطر غضبا وتوعدا …
وقفت رنا أمامه ما إن رأته وهتفت به :
” حبيبي ، أخيرا جيت ..”
أوقفها منتصر بإشارة من يديه وقال :
” اللي سمعته ده صحيح …؟!”
نظرت رنا اليه بتوتر وسألته :
” بتتكلم عن ايه ..؟!”
نظر الى زوجة عمه وقال :
” بتكلم عن اللي عملتوه مع زينة …”
” مين اللي قالك ..؟!”
سألته رنا بضيق ليرد :
” عرفت من زياد ..”
” وطبعا حكالك كل حاجة لصالحه …”
قالتها رنا بعصبية ليرد منتصر بهدوء :
” هو محكاش أي حاجة إلا لما أصريت عليه … بس اللي مش مصدقه إنك تعملي كده ..”
” انا معملتش حاجة ، ماما هي اللي عملت ..”
قالتها رنا مبررة لنفسها ليقول بسخرية :
” وانتي دافعتي عنها وعن جريمتها ..”
أغمضت رنا عينيها ثم فتحتها وهي تهتف بنفاذ صبر :
” انت عايز ايه يا منتصر ..؟!”
صمت منتصر لوهلة قبل أن يهتف أخيرا :
” مش عايز حاجة .. بس للأسف اللي زيي صعب يكمل مع إنسانة أنانية زيك ..”
اتسعت عيناها بينما يخلع خاتمه ويضعه داخل يدها قبل أن ينسحب من المنزل تاركا رنا تتابعه بعينين جاحظتين قبل أن تهبط بجسدها على الكنبه غير مصدقة لما حدث …
…………………………………………………………………
خرج الطبيب من عند زينة بعدما قام بفحصها ، اقترب منه زياد وسأله :
” عاملة ايه دلوقتي ..؟!”
أجابه الطبيب بعملية :
” بقت احسن .. متقلقش عليها كمان تقدر تخرج من المستشفى بكره …”
أومأ زياد برأسه متفهما قبل أن يشكر الطبيب ويلج الى داخل الغرفة ليجد زينة ممددة على السرير تنظر الى الأعلى بنظرات شاردة …
اقترب منها وجلس على الكرسي بجانبها ثم لمس كف يدها بيده لتلتفت نحوه وتنظر إليه بحزن …
” ينفع مشوفش النظرة دي منك ..؟!”
سألها بنبرة واهنة لتبتسم بمرارة وهي تقول بحشرجة :
” النظرة دي مكتوب عليا أعايشها …”
ابتسم بألم وقال :
” النظرة دي مش عايز أشوفها منك طول منا عايش …”
تسللت دمعة واحدة من عينها ليمسحها بأنامله على الفور قبل أن يهتف بوجع :
” انتي هتبقي كويسة ، وهتتخطي كل اللي حصل…”
” ازاي ..؟!”
سألته بنبرة ضعيفة ليرد بقوة :
” بالإصرار والعزيمة هننسى الماضي ونبدأ من جديد ..”
” نبدأ ..”
قالتها بدهشة ليومأ برأسه وهو يبتسم بخفة ويقول بلهجة عذبة :
” امال فاكرة إني هسيبك لوحدك …؟! ”
نظرت إليه وقالت بشك :
” ليه ..؟! ليه بتعمل كده معايا رغم كل اللي عملته ..؟!”
نظر إليها لوهلة يتمعن النظر الى وجهها قبل أن يهتف بجدية :
” يمكن عشان بحبك …”
زاغت نظراتها وهي تستمع الى ما قاله … لم تستوعب في بادئ الأمر ما سمعته فقالت بلهجة غير مصدقة :
” بتحبني ..؟!”
اوما برأسه ثم أطلق تنهيدة طويلة قبل أن يهتف بجدية :
” ايوه بحبك ، بحبك يا زينة …”
ارتجف جسدها كليا لوقع تلك الكلمات على قلبها ورمشت بعينيها غير مصدقة لما تسمعه … هو يحبها …
أومأ برأسه مؤكدا ما يدور داخل فكرها لتسأله بصوت شاحب :
” ازاي …؟!”
زفر نفسا عميقا وقال :
” ازاي دي حكاية طويلة … تحبي تسمعيها ..؟!”
سألها بإبتسامة لتومأ برأسها فينطلق في حديثه الذي احتل قلبه لسنوات طويلة :
” بحبك يا زينة ، حبيتك من أول يوم شفتك بيه ..”
اتسعت عيناها بعدم تصديق بينما أكمل هو :
” كنت براقبك كل يوم .. أبص عليكي من بعيد .. حبي ليكي كل يوم كان بيزيد … لحد ما ..”
صمت ولم يستطع التكملة فسألته هي :
” لحد ايه ..؟!”
أجابها :
” لحد ما علي اعترفلي انوا بيحبك .. ساعتها إتجننت .. مكنتش مصدق انوا اخويا الوحيد عاوز يتجوز حب حياتي …”
كانت يتحدث بمرارة لم تخفى عليها .. هو الزاهد في دنيا العاشق ، العاشق في دنيا أخرى …
” تعرفي إني عمري محبيت حد غيرك …”
نظرت إليه بحيرة ليكمل بشرود :
” طول عمري مكنتش بعترف بالحب .. ولا كان يهمني .. طول عمري شايف الحب دنيا ملهاش أمان .. دنيا مش حابب أعيشها .. لحد لما شفتك .. اكتشفت انوا الحب جنة مش هيحس بيها إلا إللي عاشها …”
هطلت الدموع من عينيها بغزارة ليمسحها بسرعة بأنامله وهو يهتف بها :
” مش عايزك تعيطي تاني .. مش عايز أشوف دموعك تاني ..”
أخذت تكفكف دموعها بأناملها بينما أكمل هو بخفوت :
” زينة أنا نفسي أعوضك عن كل حاجة … نفسي تنسي الماضي وتبدئي معايا من جديد ..”
صمتت ولم ترد بينما أكمل هو بجدية :
” زينة تتجوزيني ..”
جحظت عيناها بصدمة محاولة إستيعاب ما نطق به لتوه … لقد عرض الزواج عليها …
أشاحت بوجهها بعيدا عنه الى الجانب الأخر ليقول :
” انا مش هطلب رأيك دلوقتي .. أنا هسيبك ترتاحي ..”
ثم طبع قبلة على جبينها وتركها ورحل لتستدير هي تتابع أثره بشرود وقد تسللت دمعة خفية من عينيها …
……………………………………………………………………….
كانت رنا غير مصدقة بعد لما حدث معها … تحاول إستيعاب ما فعله منتصر … كيف يتركها بهذه السهولة ..؟!
اقتربت منها والدتها واحتضنتها من الخلف وقالت :
” متزعليش يا حبيبتي .. هخلي بابا يكلمه ويقنعه انوا يتراجع عن اللي عمله ..”
ردت رنا عليها بفتور :
” ومين قالك إني هرجعله ..؟! انا لا يمكن أرجعله بعد اللي عمله …”
صمتت الأم ولم ترد لتكمل رنا ببرود :
” يصبر عليا بس ويشوف أنا هعمل ايه … لازم أخليه يندم عاللي عمله ..”
” اهدي يا حبيبتي ..”
قالتها الأم محاولة تهدئتها بينما أكملت رنا بجمود :
” انتي لازم تروحي تشوفي الزفتة اللي اسمها زينة وتتكلمي معاها …”
” اقولها ايه ..؟!”
سألتها والدتها بتعجب لترد رنا بجدية :
” تفهميها إنها متتكلمش او تجيب سيرة اللي عملتيه لأي حد وإلا هتبلغي عمامها عنها …”
” طب وزياد ..؟!٠
” سيبك منه … ابقي روحيلها وقت ميكون فالشركة ..”
أومأت الأم برأسها وقد حسمت أمرها .. ستذهب اليها وتتحدث معها ..
………………………………………………………………
دلفت والدة زياد الى الغرف،،ة التي تقطن زينه بها في المشفى ..
التفتت زينة تنظر الى القادم لتتفاجئ بها أمامها ..
أدمع،،ت عينيها وهي تتذكر ما فعلته لتجذب والدة زياد الكرسي وتجلس أمامها تسألها ببرود فقد أخبرتها رنا أن تتحلى بالقوة وتكون صامدة أمامها :
” بقيتي احسن ..؟!”
نظرت إليها زينة بعينيها الدامعتين واومأت برأسها قبل أن تسألها بجمود :
” جيتي ليه ..؟!”
ردت عليها بفتور :
” اكيد مش عشان أطمن عليكي .. انا جاية أحذرك …”
” تحذريني من ايه ..؟!”
سألتها زينة بحيرة لترد الأم بجدية :
” من اللي هعمله لو فكرتي تبلغي عني …”
صرخت زينة بها بقهر :
” انتي ايه ..؟! مش كفاية الللي عملتيه … مش كفاية إنك قتلتي ابني …”
ابتسمت الأم وقالت بوجع :
” وانت بردوا قتلتيلي ابني … كده يبقى خالصين …”
هزت زينة رأسها نفيا وقالت بعدم تصديق :
” انتي لا يمكن تكوني ام ويتحسي زينا …”
صاحت بها والدك زياد بنفاذ صبر :
” اسمعيني يا زينة … زياد تبعدي عنه وإلا مش هرحمك .. انا مش هسمحلك تاخدي ابني التاني منه .. كفاية علي وخسا،،رتي ليه بسببك …”
أشاحت زينة وجهها بعيدا عنها تحاول أن تخفي د،،موعها بينما نهضت والدة زياد وأخبرتها :
” أي تصرف حقي،،ر منك مش هر،،حمك ..”
استدارت زينة نحوها وقالت بألم :
” متقلقيش .. مش ناوية ابلغ عنك …”
في نفس اللحظة دلف زياد الى الداخل لينص،،دم بوالدته أمامه …
ارتبك،،ت والدته بينما سألها زياد :
” انتي بتعملي ايه هنا..؟!”
خرجت الأم مسرعة من الغر،،فة ليلحق زياد بها …
نهضت زينة من مكانها متحاملة على نفسها ووقفت خلف الباب لتستمع الى حديثهما الخافت ..
” مش كفاية اللي عملتيه فيها … كفاية بقى حرام عليكي ..”
كان زياد يتحدث بعصبية بينما والدته تحاول تهدئته وهي تهتف به :
” اهدي يا زياد … انا جيت عشان اطمن عليها .. زياد انا ضميري مأنبني … مش متخيلة إنها مش هتقدر تخلف تاني بسببي ..”
وضعت زينة كف يدها على فمها غير مصدقة لما تسمعه بينما قال زياد بتهكم :
” وده من امتى ده ..؟! من امتى وانتي خايفة عليها ..؟!”
” انا بردوا انسانة وبحس .. منكرش اني غلطت لما أجهضتها … بس والله محطتش فبالي انوا الإجهاض ممكن يحرمها من الخلفة …”
” لو فاكرة انوا كلامك ده هينسيني اللي عملتيه تبقي غلطانه …؟!”
زفرت الأم نفسا عميقا وقالت بترجي :
” طب اسمعني … واحكيلي انت ناوي تعمل ايه ..”
رد زياد :
” ده شيء ميخصكيش ..”
ثم أكمل بلهجة جادة :
” تقدري تروحي دلوقتي ، وياريت تبعدي عن زينة نهائي ..”
عادت زينة الى سريرها مسرعة بعدما فتح زياد الباب ليجدها جالسه على السرير تنظر إليه بعينين حزينتين …
” فيه حاجة ..؟! ماما قالتلك حاجة ..؟!”
هزت زينة رأسها نفيا وقالت كاذبة :
” ابدا دي جت عشان تطمن عليا وتعتذر مني …”
ثم أكملت بجدية :
” زياد انا عايزة اقولك حاجة ..”
” ايه ..؟!”
صمتت قليلا قبل أن تهتف بحسم :
” انا موافقة اتجوزك …”
يتبع
الفصل السادس عشر
تأملها زياد مليا قبل أن يهتف بحسم :
” نخرج من المستشفى عالمأذون على طول …”
أومأت برأسها قبل أن تتجه نحو السرير وتتمدد عليه ليجذب زياد كرسيه ويجلس بجانبها متسائلا بهدوء غريب :
” انتي كويسة ..؟! حاسة بوجع ..”
نظرت إليه قليلا وقالت :
” لا ، مفيش وجع ..”
حل الصمت المطبق بينهما .. صمت قطعته وهي تسأله بوداعة :
” انت كويس ..؟!”
اومأ برأسه وهو يجيبها :
” ايوه كويس .. ليه بتسألي ..؟!”
أجابته بجدية :
” اصلي حاسة إنك متغير شوية ..”
نظر إليها بشك وقال :
” انتي سمعتي حاجة من كلامي مع ماما ..؟”
سألته بحيرة :
” لا ، هو المفروض اسمع حاجة ..”
قال بإختصار :
” لا مفيش حاجة مهمة …”
تنهدت بصمت وإتكأت بمرفقها على السرير تنظر إليه وتتأمله عن قرب فإرتبك كليا وهو يلاحظ تأملها الواضح له ..
سألها بفضول :
” بتبصيلي كده ليه ..؟!”
أجابته وهي تبتسم :
” أصل دي المرة الأولى اللي بدقق شكلك فيها ..”
ابتسم بخفوت ولم يرد بينما أغمضت هي عينيها للحظات وصدى صوت والدته يتردد داخل عقلها ..
هي لن تنجب بعد الأن .. لقد حرمتها تلك السيدة من أن تصبح أما .. عاقبتها بطريقتها الخاصة ..
من الأن فصاعدا لم بعد لحياتها معنى ..
فتحت عينيها لتجده يتأملها بدوره فتنحنحت محاولة أن تخفي دمو،،عها التي تشكلت داخل عينيها ..
اعتدلت في جلستها وقالت بنبرة متشنجة :
” هاخرج امتى من المستشفى ..؟!”
أجابها وقد شعر بحز،،نها الواضح في نبرة صوتها :
” بكره ان شاءالله ..”
أومأت برأسها متفهمة ثم تمددت على الس،،رير وأغمضت عينيها ليصلها صوته المتسائل :
” هتن،،امي ..؟!”
أجابته بخفوت :
” ايوه ..”
” تصبحي على خير ..”
” وانتي من أهله ..”
قالها وهو ينهض من مكانه ملقيا نظرة أخيرة عليها قبل أن يخرج من غرفتها بخطوات هادئة ويغلق الباب خلفه لتفتح عينيها أخيرا سامحة لدموعها بالجريان على وجنتيها …
………………………………………………………………………
في صباح اليوم التالي …
انتهت زينة من ارتداء ملابسها وتجهيز أغراضها .. خرجت من غرفتها في المشفى لتجد زياد ينتظرها خارج الغرفة .. منحته ابتسامة عذبة وهي تقول :
” خلصت ..”
أخذ زياد الحقيبة متوسطة الحجم منها وقال بجدية :
” يلا بينا ..”
سارت زينة خلفه وهي تحاول أن تتما،،سك أمامه وألا تظهر أيا من ح،،زنها له على الأقل اليوم …
خرجت الاثنان من المشفى متجهين الى الكراج حيث توجد سيارة زياد …
ركبا سويا السيارة ليلتفت زياد نحوها ويسألها بهدوء :
” جاهزة نروح المأذون ونكتب الكتاب ..؟!”
أومأت برأسها وهي تتنفس بعمق قبل أن تجيبه :
” جاهزة ….”
شغل زياد سيارته وأدار مقود السيارة متجها الى أقرب مأذون وأجرى في الطريق اتصالا بمنتصر وصديق أخر يطلب منهما أن يلحقاه الى مكتب المأذون كي يشهدا على عقد القران ..
وصلا الى مكتب المأذون بعد ربع ساعة ليجدا منتصر وصديقه في انتظارهما .. تم عقد القران وانتهى المأذون من إجرائاته وبارك كلا من منتصر وصديقه لهما قبل أن يخرجا من المكان تاركين زياد وزينة لوحديهما …
خرج زياد وزينة التي كانت تحمل عقد الزواج معها من عند المأذون ليقف زياد بجانبها ويقول لها بنبرة عميقة :
” مبروك …”
نظرت إليه بإمتنان وقالت بإبتسامة خلابة :
” الله يبارك فيك ..”
أشار زياد الى السيارة قائلا :
” يلا نروح عشان أوزبكي شق،،تنا..”
سألته زينة بعدم تصديق :
” ش،،قتنا ازاي يعني ..؟!”
أجابها زياد بجدية :
” انا اشتريت ش،،قة عشان نعيش فيها ، اكيد مش هنفضل قاعدين بالفندق ..”
” معاك حق ..”
قالتها زينة مثنية على ما فعله وسارت خلفه نحو السيارة ليتجه بها زياد الى الشقة التي تقع في إحدى المناطق الراقية الشهيرة في البلاد ..
ورغما عنها أخذت زينة تفكر في حالها وما آل إليه وما هو قادم …
………………………………………………………………………….
دلفت زينة الى الشق،،ة بعد أن فتح زياد الباب لها، تقدمت الى الداخل بخطوات خجول منذهلة من مدى رقي الش،،قة وتصميمها الدافئ ..
” عجبتك ..؟!”
أفاقت زينة من شرودها على صوته لتستدير نحوه وتهتف بإعجاب :
” اووي ، بجد جميلة اوووي ..”
ضحك وقال :
” اخترتها شبهك ..”
عقدت حاجبيها متسائلة بحيرة :
” ازاي ..؟!”
أجابها موضحا :
” دافية زيك ..”
احمرت وجنتاها خجلا من إطراءه عليها ثم تحركت داخل أرجاء الشقة تنظر الى غرفها ومطبخها ..
انتهت زينة من تفحص الشقة لتجد زياد
يقترب منها ويسألها :
” هتعملي ايه دلوقتي ..؟!”
أجابته بجدية :
” هنام ..”
أشار زياد الى أحد الغرف قائلا :
” دي إوضتك واللي جمبها أوضتي ..”
بهتت ملامح زينة وهي تستمع الى ما قاله ، لم تتوقع منه أن يبيت في غرف،،ة منفصلة عنها ..
لكنها شعرت بالإمتنان نحوه فهو على الأقل يراعي وضعها ..
دخلت زينة الى غ،،رفتها وألقت بجس،،دها على الس،،رير قبل أن تغط في ن،،وم عميق دون أن تغير ملابسها ..
استيقظت بعد عدة ساعات لتجد الظلا،،م حل على المكان ، سارعت لفتح ضوء الغر،،فة قبل أن تفتح الباب وتخرج مسرعة من الغرفة متجهة الى الخارج لتجد زياد جالسا في صالة الجلوس ينظر أمامه بشرود ..
اقتربت منه فشعر بوجودها لينظر إليها ويهمس :
” صحيتي امتى ..؟!”
أجابته بإرتباك :
” من شوية ..”
اتجهت نحوه وجلست بجانبه بصمت ..
نظر إليها زياد وسألها مستفهما :
” شكلك بيقول إنك مدايقة ..حصل حاجة ..؟!”
زفرت نفسا عميقا وقالت بجدية :
” لما صحيت الدنيا كانت ظ،،لمة وأنا بخا،،ف من الظ،،لمة ..”
ثم أكملت وهي تنظر نحوه بشح،،وب :
” مكنتش بخا،،ف منها قبل كده بس بعد اللي حصل بقيت بترعب منها .. ”
تطلع إليها زياد بصمت بينما أشاحت وجهها بعيدا عنه وقد عادت الذكريات السيئة إليها من جديد .. ذكريات لا تنفك أن تتركها ولو قليلا ..
………………………………………………………………………….
حل الصباح مجددا بعد ليلة طويلة قضاها كلا من زياد وزينة مستيقظين فلم يستطع النوم أن يغلب ذكرياتهما السيئة ..
خرج زياد من غرفته بعدما انتهى من ارتداء ملابسه وتصفيف شعره ليتفاجئ بزينة في المطبخ ترتدي بيجامة زهرية اللون وتجهز طعام الإفطار …
ألقى زياد تحية الصباح عليها :
” صباح الخير ..”
” صباح النور ..”
قالتها زينة وهي تطفئ الطباخ قبل أن تكمل :
” الفطار جاهز ..”
اتجه زياد ببصره نحو طاولة الطعام المزينة بأشهى أنواع الطعام بينما سألته زينة :
” مش هتفطر ..؟!”
” هفطر اكيد ..”
قالها زياد وهو يجلس على طاولة الطعام ويشرع في تناول طعامه إلا أن رنين جرس الباب أوقفه عن تناوله الطعام …
اتجه زياد نحو باب الشقة وفتحها متعجبا من الزائر الذي يأتي في وقت مبكر كهذا ..
فوجئ برنا تقتحم الشقة وهي تهتف بصوت عالي :
” هي فين ..؟!”
جذبها زياد من ذراعها هاتفا بها :
” انتي بتعملي ايه ..؟!”
أجابته وهي تضحك بسخرية :
” جاية أبارك للعروسة ..”
ثم أكملت وهي تصيح بصوت عالي :
” يا عروسة .. انتي فين ..؟!”
خرجت زينة إليها وهي ترسم على شفتيها ابتسامة كبيرة وترتدي غلالة نوم قصيرة فوقها روب من الستان الأبيض ..
” اهلا يا رنا … ”
توجهت رنا نحوها وقالت بتهكم :
” ولابسة قميص نوم كمان وبتحتفلي ..”
وقف زياد حائلا بينهما وقال بحزم :
” مش وقت الكلام ده يا رنا .. روحي حالا …”
عقدت رنا ذراعيها أمام صدرها وقالت بعناد :
” مش هروح ، انا جايز أبارك للعروسة وأديها هديتها ..”
أبعدت زينة زياد من أمامها واقتربت من رنا تقول :
” ميرسي يا رنا ربنا يخليكي ..”
” مش عايزة تعرفي إيه هديتك يا عروسة ..؟!”
نظرت إليها زينة بصمت بينما قالت رنا بجدية وهي تخرج ورقة بيضاء من حقيبتها وترميها عليها :
” دي نسخة من شهادة وفاة عالي ، قلت تخليها عندك للذكرى ..”
يتبع
الفصلين السابع والثامن عشر
كان عليها أن تتماسك في هذه اللحظة .. أن تخبئ ذلك الألم الذي ينخر قلبها وتجاهد كي تظهر لا مبالاتها ،لن تكسرها رنا ولن تحقق غايتها في النيل منها وتحطيمها أماميهما ..
هي ليست زينة القديمة كي تنهار أماميهما وتبدأ في البكاء والعويل .. هي الأن إنسانة أخرى تعرف كيف تسيطر على مشاعرها وتحركها وفقا لرغباتها .
” انتي ايه اللي بتعمليه ده .؟!”
قالها زياد قاطعا هذا الصمت الطويل مزمجرا بها بضيق لترد رنا وهي تهز كتفيها بلا مبالاة :
” جايه أبارك للعروسة وأفكرها بجوزها الأولاني اللي قتلته …”
كاد زياد أن يتحدث إلا أنه فوجئ بزينة تسبقه وتهتف ببرود أعصاب غريب وهي تأخذ شهادة الوفاة من يد رنا :
” ميرسي عالهدية يا رنا .. ميرسي اوري ..”
ثم أكملت وهي ترسم إبتسامة مصطنعة على شفتيها :
” تحبي تشربي ايه ..؟!”
رمقتها رنا بنظرات مشتعلة ثم حملت نفسها وخرجت من الشقة ليلتفت زياد نحو زينة ناظرا الى قناع الجمود الذي ترتديه أمامه بحيرة …
تحركت زينة مسرعة الى داخل غرفتها وأغلقت الباب خلفها بعنف لا إرادي …. أخذت تتطلع الى شهادة الوفاة بعينين حزينتين قبل أن تنفجر في البكاء بصوت منخفض وهي تجاهد كي تخفي شهقاتها حتى لا يسمعها زياد ..
استمرت في بكائها لفترة طويلة .. تبكي حظها العاثر وروحها الممزقة وقلبها المتعذب .. كان بكائها نابع من أعماقها .. اخر ما تصورته يوما أن تكون هذه نتيجة فعلتها البريئة والعفوية .. نتيجة كذبها على علي .. كلا هي لم تظن أن كل هذا سيحدث وأن علي سيموت قهرا بسببها لكن القدر كان له رأيا أخرا ….
جلست على سريرها وهي تخبئ شهقاتها بينما تتأمل بعينيها اسم علي وتاريخ وفاته قبل أن تنهار باكية مرة أخرى ..
……………………………………………………………………………
دلفت رنا الى منزلها وهي في قمة غضبها وقبل أن ترتقي السلم متجهة الى الطابق العلوي حيث غرفتها وجدت والدتها تنادي عليها فتوقفت في مكانها واستدارت نحو والدتها التي سألتها بينما تلاحظ وجه ابنتها الغاضب وعينيها الناريتين :
” فيه ايه يا رنا ..؟! مالك جاية متعصبة من بره ايه ..؟! حصل حاجة دايقتك ..؟!”
” زياد ..”
قالتها رنا يخفون لتسألها والدتها بقلق :
” ماله زياد ..؟! اتكلمي .. جراله حاجة .. ؟!”
تمتمت رنا بنفس الخفوت :
” زياد اتجوز زينة يا ماما ..”
صرخت الأم بلا وعي :
” ايه ..؟! انتي بتقولي ايه ..؟!”
أومأت رنا برأسها بينما أكملت الأم بعدم تصديق :
” ازاي يعني إتحوزها .. ده اكيد اتجنن ..”
ثم قالت وهي تنظر الى رنا :
” وانتي عرفتي منين الكلام ده ..؟!”
أجابتها رنا بجمود :
” من منتصر ، رحت الشركة وشفته هناك وحكالي اللي حصل ، تخيلي منتصر كان شاهد على عقد جوازهم ..!٠
كانت رنا تتحدث بصدمة شديدة فكيف يفعل منتصر شيء كهذا بالرغم من تركهما لبعض ..
قالت الأم غير مستوعبة بعد لما سمعته :
” انا مش مصدقة اللي بسمعه ، ازاي كلهم بقوا معاها ..؟! هو مين اللي غلط …؟!”
في نفس اللحظة دلف الأب الى الداخل ليسألهما بقلق من منظرهما المضطرب :
” مالكم واقفين كده ليه …؟!”
أجابته رنا بتوتر :
” مفيش يا بابا ، بنتكلم شوية ..”
” لا فيه ، ابنك اتجوز .. عارف اتجوز مين .. اتجوز زينة ..”
جحظت عينا الأب غير مصدقا لما يسمعه ، هل فعلها إبنه وتزوج بتلك الفتاة ..؟! كان شبه موقنا من أن ابنه عاشق لها ولكن لم يتصور أن يتجرأ ويتزوجها …
رمق زوجته وابنته بنظرات مستاءة وهتف بجمود :
” كل اللي حصل بسببكم وبسبب عمايلكم ، ياما قاتلكم بلاش تؤذوها .. وأدي النتيحة .. اشربوا بقى ..”
اتجه الأب بخطوات مرهقة نحو غرفته بينما انهارت الأم بكاءا حزينا ..
……………………………………………………………………………..
خرجت زينة من غرفتها لتجد زياد يجلس على الكنبة بصمت .. اقتربت منه وهتفت بهدوء :
” انت ليه مرحتش الشركة ..؟!”
نهض من مكانه ووقف أمامها هاتفا بقوة :
” ومش هروح ..”
” ليه ..؟!”
سألته بتعجب ليرد بجدية :
” مش حابب أسيبك لوحدك النهاردة .،”
ابتسمت وقالت بحنو :
” متقلقش عليا ، انا بخير …”
أطلق تنهيدة صغيرة وقال :
” عارف ، بس بردوا هفضل معاكي النهاردة …”
ثم قال وهو يضع خصلة من شعرها خلف أذنها :
” ايه رأيك نخرج نتغده برا ….؟!”
” مفيش مانع ..”
قالتها زينة بإبتسامة ليهتف زياد بجدية :
” طب خشي غيري هدر،،ومك عشان نخرج ..”
اتجهت زينة مسرعة الى غر،،فتها لتغير ملاب، سها بينما جلس زياد على الكنبة مرة اخرى يقلب في هاتفه حينما جاءه اتصالا من والده …
أجاب زياد عليه ليأتيه صوت والده الغ،،اضب :
” كده يا زياد .. تتجوز من ورانا .. هي حصلت ..”
تنهد زياد وقال بعمق :
” مكانش قدامي حل تاني ، انا لازم أحميها وأفضل جمبها ..”
” تحميها ..؟! ليه متقولش إنك بتحبها ومش عايز تخ،،سرها ..؟!”
قالها الأب ساخرًا ليقول زياد بنبرة جادة :
” ايوه يحبها ومش عايز أخسرها .. ”
زفر الأب نفسا غاضبا وقال بألم:
” ليه يا زياد ..؟! ليه يابني ..؟! مش كفاية عليا اخوك اللي خسرته .. ليه عايزني أخسرك كمان ..”
رد زياد :
” عمرك مهتخسرني يا بابا .. خليك واثق فيا ..”
” طب ازاي اتجوزتها ..؟! دي كانت مرات أخوك ..”
أغمض زياد عينيه وقال بنفاذ صبر رغم الألم الذي سيطر عليه من ذكر هذا الموضوع :
” انا مش اول ولا أخر واحد يعمل كده..”
” تمام يا زياد ، زي ما تحب ، بس اتمنى إنك متندمش …”
قالها الأب أخيرًا منهيا الحوار قبل أن يغلق الهاتف بينما خرجت زينة في نفس اللحظة من الغرفة وقالت :
” خلصت ..”
” يلا بينا ..”
قالها زياد وهو يسير أمامها خارج الشقة ..
……………………………………………………………………………
دلفا كلا من زياد وزينة الى الى داخل المطعم ، اتجها نحو احدى الطاولات وجلسا عليها ..
تقدم النادل منهما ووضع قائمتي الطعام أماميهما بينما بدأ كلا من زياد وزينة في قراءة ما بها …
حدد كلا منهما ما يريدان تناوله ليأتي النادل ويسجل طلباتهما قبل أن ينسحب من المكان وهو يحمل قائمتي الطعام معه ..
” حلو المكان ..؟!”
قالها زياد محاولا فتح مواضيع الحوار معها لتبتسم زينة وتقول بإعجاب بينما تحيط ببصرها أرجاء المكان :
” حلو اوي ..”
أكملت بعدها زينة متسائلة :
” انت بتجي هنا دايما ..؟!”
أومأ برأسه وقال مجيبا إياها :
” ايوه من زمان .. من أيام الجامعة ..”
أومأت برأسها متفهمة قبل أن تقول بحزن :
” ماما ومريم وحشوني اوي ..”
تطلع زياد إليها والى حزنها الواضح بألم ، لم يعرف ماذا يجب أن يفعل لكنه لا يريدها أن تقترب من عائلتها الأن فهو لا يضمن والدها ولا يضمن ردة فعله ..
صمت زياد ولم يعلق بينما أكملت بوجع :
” عيدميلاد مريم كمان يومين ، اول عيدميلاد يمر عليها من غيري .. يا ترى هي عاملة ايه ..”
” زينة ..”
استرسلت زينة في حديثها وقد تشكلت الدموع داخل عينيها غير عابئة بنداءه عليها :
” يا ترى زعلانه لسه ..؟! معقول تكون اتعودت على غيابي وشوية شوية هتنساني ..”
طفرت دمعة من عينها فمسحتها زينة بسرعة وهي تستعيد توازنها أخيرا بينما قالت زينة مكملة حديثها ومعتذرة منه :
” انا اسفة يا زياد .. ”
ابتسم زياد وقال :
” متعتذريش يا زينة ..”
جاء النادل بالطعام ووضعه أماميهما ليقول زياد بجدية :
” خلينا ناكل يلا ..”
شرع الاثنان في تناول طعاميهما حينما فوجئت زينة بأحدهم يدلف الى داخل المطعم ومعه فتاة محجبة لم تعرفها من قبل …
تصنمت زينة في مكانها وهي تشاهد ماجد يسير أمامها مع الفتاة متجها نحو احدى الطاولات ليجلس عليها ..
…………………………………………………………………….
خرجت رنا من منزلها متجهة الى احد المطاعم القريبة حيث ستقابل صديقتها هناك …
كانت سوف تهم بركوب سيارتها حينما فوجئت بأحدهم يقف في وجهها ويهتف بعدم تصديق :
” اووه مش مصدق … معقول بعد السنين دي كلها أشوفك ..”
” حاتم ..”
هتفت بها رنا بصدم،،ة شديدة من رؤيتها له بعد كل هذه السنين ليومأ الأخير برأسه وهو يهتف :
” ايوه حاتم يا رنا ، مفاجئة مش كده ..”
” انت جيت امتى ..؟! وايه اللي جابك ..؟!”
سألته رنا وهي ما زالت محتفظة بص،،دمتها مما حدث ، كيف أتى ومتى ..؟!
ومالذي يفعله هنا ..؟!
” جيت من يومين وأول حاجة قررت أعملها إني أشوفك …”
قالها حاتم وهو يغمز لها بعبث لطالما تحلى به لتسأله وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها :
” خير ..؟! عايز ايه ..؟!”
أجابها بجدية :
” عايزك يا رنا .. وحشتيني ووحشتني أيامنا سوا ..”
صرخت رنا به بلا وعي :
” انت اكيد اتجننت .. أيام ايه اللي وحشتك ..؟!”
” أيامنا ..”
زفرت رنا نفسا عميقا وقال بضيق جلي :
” اللي بينا انتهى من زمان … ملوش لزوم نفتحه تاني .. عن اذنك ..”
همت بالتحرك بعيدا عنه لكنه أوقفها وهو يمسك ذراعها قبل أن يقول بهدوء :
” منتهاش يا رنا ، لسه منتهاش .. وعمره ما هينتهي …”
استدارت نحوه مرة أخرى وهتفت ببرود :
” وده بناء على ايه ..؟!”
أجابها بجدية :
” بناء على رغبتي ..”
” اسمعني يا حاتم انا مش ناقصة طريقتك دي .. اللي بينها خلص من زمان .. ملوش لزوم تفتحه تاني ..”
” هو مش منتصر سابك ولا أنا غلطان ..؟!”
سألها بخبث لتتوتر ملامحها كليا وهي تسأله بحيرة :
” انت عرفت منين ..؟؟”
أجابها :
” عيب يا بيبي ، ده انا متابع كل أخبارك ..”
رميته بنظرات كارهة وهتفت به بشر :
” انت مقرف بجد..”
ضحك بقوة بينما تحركت هي بعيدا عنه وهي تتمنى أن تنشق الأرض وتبلعه …
………………..،……………………………………………….
توترت زينة كليا ولاحظ زياد توترها وتوجه نظراتها الى احدى الطاولات القريبة منهما فإلتفت ينظر الى حيث هي تنظر ليتفاجئ بماجد أمامه يجلس مع فتاة غريبة لم يرها من قبل ..
عاد واستدار نحو زينة التي فاجئته ونهضت من مكانها بنية التوجه نحويهما ..
أوقفها زياد وهو يقبض على كفها بكف يده هاتفا بنبرة هادئة :
” بلاش يا زينة .. بلاش عشان خاطري ..”
منحته زينة نظرة متوحشة لم يرها من قبل لينهض من مكانه محاولا لملمة الموضوع فأخرج محفظته من جيبه ووضع مبلغ مادى على الطاولة قبل أن يسحب زينة من ذراعها متوجها نحو سيارته …
هناك أدخل زينة الى السيارة وأجلسها في مكانها وأغلق الباب عليها قبل أن يتجه نحو الجانب الأخر ويجلس على كرسيه …
التفت زياد نحو زينة وقال بجدية :
” مكانش لازم تعملي حاجة زي كده ….او تفكري فيها حتى ..”
هدرت به زينة وهي تلتفت نحوه :
” أمال عايزني اعمله ايه ..؟! هو عايش حياته بالطول والعرض وأنا ..”
صمتت قليلا قبل أن تكمل بحسرة :
” وأنا حياتي ادمرت من جميع النواحي ..”
” أوعي تفتكري إني هسيبه ، انا هندمه هو واللي معاه على كل حاجة ..”
تأملته زينة بوجه شاحب وملامح مضطربة بينما قال زياد محاولا طمأنتها :
” صدقيني يا زينة ، حقك هيرجعلك باذن الله …”
ابتسمت بضعف وقالت :
” مصدقاك يا زياد واسفة لو تعصبت عليك …”
” ولا يهمك …”
حل الصمت بينهما مرة اخرى ليشغل زياد سيارته ويدير مقوده السيارة عائدا الى الشقة ..
بينما أخذت زينة تفكر في ماجد وما يفعله … وتتسائل عن هوية تلك الفتاة ..
من هي يا ترى ..؟! ومالذي يريده ماجد منها ..؟! ربما ينوي اغتصابها مثلها بعد خداعها وتمثيل دور البريء عليها ..
عند هذه النقطة اشتد غضبها عليها وهي تفكر بهذا وكيف أنه من الممكن أن يستغل تلك الفتاة مثلما إستغلها …
………………………………………………………………………….
دلفت زينة الى داخل غرفتها وأغلقت الباب خلفها ..
غيرت مل،،ابس خروجها الى بيجامة منزلية مريحة ثم خرجت من غرف،،تها واتجهت الى هاتفها وأجرت إتصالًا سريعا بنور فزياد أخبرها أنه سيذهب الى أحد المحلات القريبة ليجلب معه بعض من احتيا،،جاتهما …
جاءها صوت نور المرح وهي تهتف بها :
” كده يا زينة .. تغيبي طول الفترة اللي فاتت عني ..”
” أنا أج،،هضت يا نور ..”
حل الصمت بينهما للحظات قبل أن تصر،،خ نور :
“أج،،هضتي يعني ايه ..؟ امتى وازاي ..؟!”
اجابتها زينة بد،موع :
” من حوالي اربع أيام ..”
” ازاي ..”
” مامة علي هي السبب …”
” انا مش فاهمة حاجة ..”
” ضحكت عليا يا نور وادتني حبوب بتجه،،ض ، وبسببها أجه،،ضت ومش هقدر أخلف تاني ..”
قالتها زينة بنبرة منهارة قبل أن تجهش في ب،،كاء عميق لتحاول نور تهدئتها وهي تهتف بح،،زن :
” طب اهدي يا زينة .. اهدي يا حبيبتي .. ”
ثم أكملت بضيق :
” ربنا ينتقم منها .. حسبي الله ونعم الوكيل فيها ..”
مسحت زينة دموعها وقالت :
” كمان فيه خبر تاني لازم تعرفيه ..”
” خبر ايه كمان..؟!”
أجابتها زينة :
” انا اتجوزت زياد ..”
شهقت نور بصدمة وقالت :
” انتي بتقولي ايه ..؟!”
” ايوه يا نور ..”
” طب ليه ..؟! اتجوزتيه ايه ..؟!”
تنهدت زينة وقالت :
” ده موضوع يطول شرحه ، المهم انتي هتيجي امتى …”
” قريب يا زينة … قريب باذن الله …”
” هستناكي يا نور ..”
” تمام يا حبيبتي ..”
أغلقت زينة الهاتف مع نور ثم نهضت من مكانها وأخذت تسير داخل صالة الجلوس ذهابا وإيابا وهي تفكر فيما ستفعله بعد الأن ورغما عنها اتجهت افكارها نحو زياد .. إنها تستغله لتحقيق إنتقامها من والدته وأخته ، لكنه لا يستحق هذا منها .. تنهدت بحزن وهي تفكر أن لكل حرب ضحاياها وزياد هو ضحيتها للأسف …
………………………………………………………………………
بعد مرور شهر..
وقفت زينة أمام المرأة تتأمل قميص نومها القصير بإعجاب كبير …
كانت ترى نفسها أنثى متكاملة وجميلة للغاية ..
لقد افتقدت هذا الشعور منذ وقت طويل …
وضعت عطرها المفضل على جسدها وأخذت تدور أمام المرأة وهي تتخيل منظر زياد حينما يعود من العمل ويراها ..
لقد قررت، اليوم سوف تتمم زواجها منه ..
هذا قرارها الذي فكرت به طويلا …
طوال الشهر الفائت كانا يعيشان حياة أقرب للمثالية ، يتناولان طعامهما سويا ويتحدثان كثيرا .. تعرفا على بعضيهما بشكل أكبر وتيقنت زينة من حب زياد الصادق اها .. لكن الألم الذي بداخلها ورغبة الإنتقام كانت أكبر من هذا الحب ..
خرجت زينة من غرفتها ما إن سمعت صوت الباب يفتح واتجهت نحو زياد الذي تصنم في مكانه ما إن رأها بهذا الشكل المغري المبهر …
توجه نحوها بخطوات مترددة بينما هي تضحك بخفوت قبل أن يقف أمامه ويهتف رغما عنه :
” ايه ده ..؟! ”
” ايه ..؟!”
ابتلع ريقه وقال :
” انتي مالك النهاردة ..؟!”
اقتربت منه وقالت وهي تحيط رقبته بذراعها :
” وحشتني ، وحشتني ومحتاجاك اوي يا زياد…”
توترت ملامحه وهو ينظر الى شفتيها المطليتين باللون الأحمر القاني لينحني نحوها ويقبلها بصمت …
استجابت زينة اها وبادلته قبلته لكنها فوجئت به ينتفض مبتعدا عنها بعد لحظات..
لقد كان أمامه ، رأه بعينيه ، علي أخوه الوحيد وأقرب الأشخاص إليه ..
ابتعد عنها زياد في الحال وقال قبل أن يهرب خارج الشقة :
” انا اسف ، اسف اوي ..”
يتبع