
انتبه له عصام، ليسترسل أحمد بغضبٍ مكتوم:
_ خد أمك بعيد عني الساعة دي
اصل اعلقها جنب ابنها.
تقدم عصام نحو والدته، يردد بهدوءٍ:
_ تعالي ياماما.
رفعت سبابتها بوجه ابنها ترد بحدة:
_ سيبني!
اتي عثمان من جديد، يخبر أحمد بهدوءٍ:
_ كله تمام يا أحمد باشا
تقدم معه أحمد يردف بصوتٍ حازم يعتريه الغضب:
_ تعالى معا يا وأنتِ يا آمال أنا رايح اربي ابنك قسمًا بالله أن راجعت مش لقيتك في اوضتك هتشوفي أيام مشوفتهاش بحياتك!
ركضت آمال نحو غرفتها بذعرٍ نحو غرفتها فنظرات أحمد تشع شرار، في حين اختفت الفتيات من أمام أحمد الذي لأول مرة يراه الجميع بهذه العصبية المفرطة
خرج أحمد من القصر يتوجه نحو أسر، في حين اردف محمد بقلقٍ:
_ وراه ياخالد أنت وعصام دا ممكن يموته.
*****************
_ تفتكر أنا هعمل فيك إيه!
قالها أحمد بتوعدٍ له يمسك عصا رفيعة، في حين ازدرد أسر لعابه متمتمًا :
_الحق عليا خايف عليك يا أبو لهب قبل ما تضرب ترامادول ونجيبك من الديسكوهات!
_ عثمان.
قالها أحمد بنبرةٍ مخيفة، في حين بهتت ملامح أسر يردد بذعرٍ:
_ لا كله إلا عثمان.
أتى عثمان يقف أمام أحمد، متمتمًا بنبرة هادئة:
_ نعم يا أحمد بيه.
أشار أحمد نحو أسر، يغمغم بحدة لم تختفِ من صوته:
_ نزلي الكلب ده ولفلي رجله.
وبالفعل امتثل عثمان لأوامر أحمد، في حين امسك أحمد بعصا رفيع، يتقدم بها نحو أسر ثم بدأ بصفع قدمه بقوة بهذه العصا الرفيع التي تسبب ألمًا أكثر من باقي العصي.
تعالى صراخ أسر بألمٍ يجتاح جسده بالكامل، يستمر بإلقاء الحماقة التي تزيد من عنف أحمد:
_ آه بتضربني عشان مش عايز اتستر على مدمن!
نظر أحمد بحدة، ثم رفع يده بالهواء يردد بحسرةٍ:
_ أموته دا ولا أعمل فيه إيه!
دلف كلًا من عصام وخالد ولكن تفاجأ بما يفعله والده، ليركض عصام نحو والده يتمتم في محاولة لتهدئته:
_خلاص يا بابا سيبه دا غبي هتعمل عقلك بعقل بني آدم مجنون.
همس خالد بصوتٍ لا يسمعه سوى لعصام:
_ مش مجنون الدكتور قال عاقل.
نظر له أسر بتعبٍ، يردد بتأكيد:
_ أخيرًا قولت حاجة صح في حياتك هو صح يا أبو لهب أنا غبي ومجنون مرضي يابا سبني.
هجم أحمد عليه يكيله بضرباتٍ مبرحة، يردف بانفعالٍ:
_ والله لا موتك يا زبا** أنت كل ما تلقي نفسك فاضي تروح تملى دماغ أمك بكلام فاضي وكدب.
عاود أسر الصراخ مجددًا من عنف ضربه، يرد على حديثه:
_ آآه رجلي فاضي إيه ياعم أنا سمعك بودني وأنت بتقوله مش عايز حد يعرف حاجة من القصر ابعته مع حد ثقة.
أشاح أحمد بيده في الهواء، يردف بسخطٍ قبل أن يكمل ضرب:
_ آه قومت حضرتك بقى قولت علطول مخدرات!
ابتسم أسر بغرورٍ، يتمتم بفخرٍ:
_ طبعًا دا ذكاء أسوره الخارق أنت وابنك الغبي.
رفع كلا سبابته في الهواء يتمتم برجاءٍ:
_ يارب يا تاخدني يا تاخد الحيوان ده وتريحني منه!
شعر خالد بتأزم الموقف، يتقدم نحو عمه مرددًا:
_ اهدي ياعمي.
نظر أحمد نحو عصام بحدة، متمتمًا:
_ عصام الحيوان دي ينزل مع العمال الشغل.
تدخل أسر بطريقته المعهودة:
_ طبعا مش موهوب ولازم أتوالي زمام الأمور.
تعجب خالد من سعادة آسر ونظر نحو عصام هاتفًا:
_عصام أسر فرحان أنه هيشتغل مع العمال في البناء!
حرك عصام في ايجابية، يجيبه بضحكٍ:
_ تصدق إنك أغبي منه هو معتقد أنه هيشرف على البناء مش يشتغل.
تعالى صوت خالد مع عصام في ضحكٍ قوي، في حين تمتم آسر يتأوه من الألم:
_ آآه خلاص يا أبو لهب رجلي ورمت هستلم الشغل من دلوقتي لو تحب.
_لا ياعمي أوعى تسبيه أنا عايز رجله تتجبس خالص عشان ميقرفينش.. نفسي أنام!
قالها خالد بتشفي، في حين رمقه عصام بنظرة مغتازة مرددًا:
_ ده وقته ياخالد هيموته في إيده سيبه أنت يا عثمان.
عاد يتأوه من جديد، يردف بوعيد:
_ آآه والله لا أموتك يا عثمان الكلب اصتوبر (اصبر) على يا رزقك بس.
تشكل الاشمئزاز على وجه أحمد يردف بصوتٍ متقزز:
_ أنت بتجيب الألفاظ دي منين؟!
ثم عاد بضربه يكمل بغيظٍ:
_أنا هربيك.
تدخل عصام سريعًا مردفًا:
_خلاص يابابا سيبه هيموت في إيدك.
ألقى أسر كلماته الطائشة دون أن يحذر ما ستفعل:
_ آآه دا أنت عايز اللي يربيك عشان تبطل الزفت اللي بتشربه والله لنشرها بكرة في الجريدة أحمد الدالي صاحب إمبراطورية الدالي تم القبض عليه بتهمه تعاطي وتجاره المخدرات عن طريق مساعدة ابنه العسول الكيوت أسوره الدالي.
أمسك أحمد بقلبه، يردف بتعبٍ :
_ آه ياقلبي منك لله حسبي الله ونعم الوكيل آآه.
أسرع خالد نحو عمه يمسكه، متمتمًا:
_سلامتك ياعمي.
اشار عصام نحو عثمان في سرعة قائلًا:
_ عثمان هات ميه بسرعة.
احضر عثمان الماء، يقدمه لعصام، ليلتقطه عصام منه مردفًا بهدوءٍ يحاول أن يسقي والده:
عصام:
_ أشرب يابابا.
شرب احمد القليل من الناء ثم همس أحمد بصوتٍ ضعيف:
_ أخوك مش راجع إلا ما يموتنا كلنا ياعصام ده مش ابني صدقني.
علق أسر على حديثه، متمتمًا بكلماتٍ تكاد تقتل أحمد:
_ اخس عليك يا راجل بتتبرا من ابنك عشان تتجوز جوكو…
سحب أحمد المسدس من جيب عثمان يهدر بعصبيةٍ:
_والله لأقتلك.
جحظت عين خالد بصدمة، يردف بذعرٍ:
_ يا نهار مش معدي أنا لازم انادي لبابا بسرعة.
ركض خالد كي ينادي محمد في حين تقدم عصام منه بهدوءٍ يتمتم بحذرٍ:
_ بابا هات المسدس.
ارتفع صوت أحمد يردف بجنونٍ:
_ الواد ده لازم يموت صدقني.
ابتسم أسر في بلاهة، يتخيل أسم بالجرائد، يتمتم بصوتٍ أبله:
_ يا حلاوة ياولاد في الجريدة شاهدوا الشهيد أسوره الدالي يموت علي يد ابيه الظالم… عصام الله يصلح حالك اديني النضارة عشان الشكل بس.
حدجه عصام بنظرة شرسة، يردف بصوتٍ مخيف:
_أخرس يا غبي بابا أهدي دا مجنون.
أتي محمد على حديث خالد مهرولًا، تتسع عينيه بصدمة مما يمسكه شقيقه، ليسرع بالحديث:
_ في إيه أحمد إيه اللي في إيدك ده اعقل يا أحمد.
_ شوفت ياعمي اهي دي أخرت المخدرات بتفقد العقل بعيد عنك.
قالها أسر بطريقةٍ تجعل أحمد على وشك قتله، في حين اندفع نحوه عصام يمسك أسر بقوةٍ، يهدر بتهديدٍ صريح:
_أنت هتخرس ولا اخرسك بطريقتي.. عثمان ايده خفيفه أنا بقى من أول ضربه هتروح في دنيا تاني وأظن أنت مجرب.
ركض خالد نحو عصام يحاول تهدئته، هاتفًا:
_خلاص يا عصام.
نظر محمد بيأسٍ لما يحدث، ثم قال لأسر بتعبٍ:
_ يا أسر يابني ارحمنا لوجه الله وأنت يا أحمد هات المسدس.
سحب محمد المسدس من شقيقه ثم قال بهدوءٍ:
_عصام خد أبوك يا ابني من هنا وأنت ياخالد فكه.
هتف أسر بكلماتٍ بلهاء:
_ ليـــــه ياعمي ضيعت عليا شرف الشهادة.
سخر خالد من حديثه الأبله، يردف بتهكم:
_شهادة إيه هو أنت بتحارب.
نظر محمد نحو خالد متمتمًا:
_ فكه قبل ما أحمد يرجع في كلامه.
_ والله أنت عسل ياعمي بس أنا خايف عليك لا تنحرف بسبب أبو لهب.
قالها أسر ببسمة تعلو ثغره، في حين ردد محمد بصوتٍ متعب:
_ خد سلاحك ياعثمان أصل اتهور ولا حاجة محدش ضامن نفسه.
نظر خالد نحو عثمان الذي يضع مسدسه بالحزام الخاص به، يردد بهدوءٍ:
_عثمان هات حد من الحرس وطلع الزفت ده أوضته.
حرك عثمان رأسه في ايجابية ثم قال :
_حاضر يافندم.
***************
في القصر..
احضرت احدى الخدمات كوب من الليمون بعدما طلب منها عصام، ليأخذ عصام الكوب، متمتمًا بهدوءٍة
_اتفضل يابابا أشرب.
أمسك أحمد رأسه بألمٍ، يردف بصوتٍ مجهد:
_ آآه هاتلي ياعصام حبيتين تلاتة للصداع هموت منك لله يا أسر.
احضر عصام ما طلبه يتمتم بتهذب:
_ أتفضل.
ضرب أحمد كفه بالأخر بعدما ابتلع حبة الدواء، يتمتم بصوتٍ يكاد يجن:
_ هموت وأعرف الحيوان ده طالع لمين! مفيش حد في العيلة غبي كدا!!
ربت عصام على كتفه متمتمًا:
_ متقلقش الشغل اللي أنت هتبعته فيه هيربيه.
نظر أحمد بجانب عينيه، يتسأل بحيرةٍ:
_ تفتكر؟!
حرك كتفه، يجيب:
_ كل شئ ممكن.
توقف عن الحديث لدقيقتين ثم أسترسل بسؤالٍ:
_بابا ممكن اسأل حضرتك سؤال!
هتف أحمد بتوترٍ:
_إيه؟!
دقق عصام النظر لوالده، يردف بجدية صريحة:
_ أنت مخبي عني إيه مش عايزني أعرفه؟!
صمت أحمد ولم يجب، في حين حاول عصام بصوتٍ مشجع
_ قولي يابابا أنا ساندك أنت عمرك ماخبيتي عني حاجة صدقني محدش هيعرف حاجة!
تنهد أحمد بتعبٍ ثم قال بهدوءٍ:
_ أقفل الباب يا عصام وتعالى هنا جمبي.
بالفعل امتثل عصام لما قاله، نهض يغلق الباب ثم عاد يجلس إلى جواره ينتظر حديثه، وبالفعل بدأ عصام حديثه متمتمًا:
_ أنت عارف يابني أنا بحبك قد إيه أنت مش ابني بس أنت بذكائك وعقلك الكبير بتخليني أحس إنك أخويا مش ابني الموت يابني مبيفرقش بين صغير وكبير وأنا استأمنت ربنا على روحي وأنا مش قلقان من حاجة طول ما أنت وخالد موجودين.
شعر عصام بوجود خطبًا ما يردف بخوفٍ:
_ بابا في إيه متقلقنيش أكتر من كدا!!
استنشق أحمد بعض الهواء البارد ثم ردد بهدوءٍ:
_ أنا عندي ورم في المخ.
اتعست عين عصام بصدمةٍ، يهمس بتلجمٍ:
_ إيه إزاي؟!
ابتسم أحمد برضا، يجيبه بصوتٍ راضٍ:
_ دا قضاء الله يابني الحمدلله اللهم لا اعتراض، المهم أنا هسافر كمان أسبوعين عشان العملية.
انتفض عصام من جلسته، يردد بغضبٍ:
_ ليه خبيبت عليا كل ده ليه يابابا يعني لو مكنتش سألتك مكنتش قولتلي؟!
أغمض أحمد عينيه، يردف بوهنٍ:
_ غصب عني يابني محبتش اقلقك.
علق عصام على حديثه باستنكار مردفًا:
_تقلقني إزاي أنا ابنك!!
حرك أحمد رأسه نافيًا متمتمًا:
_ كنت هقولك بس أما أسافر.
رفع حاجبه يردد بضيقٍ:
_بجد وكمان كنت هتسافر من غير ما تقولي!
شعر أحمد بتعبٍ من هذا الجدال العقيم، ليردف بصوتٍ مختنق:
_ خلاص بقة يا بني.
حرك عصام رأسه في ايجابية، يرد بحنقٍ:
_ خلاص فعلا عندك حق خلاص.
تركه عصام مغادرًا الغرفة بأكمله، يمتليء قلبه بمشاعرٍ كثيرة منها الخوف ومنها الغضب، تذكر حبيبته القديمة التي فرق بينه وبينها الموت، والآن والده على حافة الموت.
توجه عصام إلى مقره السري حتى يفرغ غضبه، ولكن ما أن دلف حتى وجد ندى بانتظاره، أردفت ندى بتعجب من تأخره:
_عصام اتأخرت ليه؟!
تجاهلها عصام وتقدم من إحدى اجهزة الرياضة ليبدأ باللعب عليها يفرغ هذه الطاقة السلبية، ازداد تعجب ندى من طريقته، لتذهب تقف جواره مرددة بضيقٍ
_ أنت مش بترد عليا ليه أنا مش بكلمك!!
لم يجيبها عصام، لتضرب الحيرة رأسها تتمتم بسؤالٍ:
_ طب مش هنخرج بكرة زي ما وعدتني عشان نشتري الدهب معتش عن الخطوبة غير يوم وأنا عايزة أجيب حاجات كتير أووي عايزة أنقي معك البدلة عشان أجيب الجرافت لون فستاني بجد هيبقي تحفه ويالا نروح اوضتك عشان انقلك البرفان اللي هتحط منه.. خالد وياسمين اختاروا كل حاجه أنا عايزة أجيب دبلة مميزة حتي الفستان خليت المصممة تفصلهولي بطريقة جديدة وجميلة…
قاطعها عصام بنبرة حادة.. قاسية.. خالية من المشاعر:
_أنا مش فاضي للدلع بتاعك ده أنتِ إنسانة تافهة كل اللي همك بدالة وفستان وبرفان كل اللي بيهمك إنك تبقي أحلى واحدة فكرني مش عارف الغيرة اللي عندك من ناحية ياسمين!
امتلأت الدموع عينيها تهمس بألمٍ ممزوجة بصدمة:
_ غيرة!
اجابها عصام بحدة دون أن يرى دموعها التي تتسابق على وجنتها:
_ ايوة غيرة من كل حاجة حب خالد ليها أو مثلًا أنها أحلى منك.
لم تتحمل ندى ما قاله وركضت بعيدًا نحو غرفتها لا تريد أن يرى دموعها المنهمرة بغزارة، فهي لم تفكر ابدًا بهذا الشكل مع ياسمين كلتهما يحملان جمالًا مختلف ولم تفكر إحدهن بهذا الشكل من قبل، رأت ياسمين ندى وهي تركض بهذه الطريقة لتركض خلفها ولكنها لم تلحق بها فقد أغلقت ندى الباب حتى لا ترى أحد، لتهتف ياسمين بخوفٍ
_ ندى أنتِ كويسة مالك وقفله الباب ليه افتح لي يا ندى!
تعالى صوت ندى الباكي بعنفٍ، شهقاتها تزداد شيئًا فشيء، في حين تألم قلب ياسمين لسمع هذا الصوت، لتردف بصوتٍ متحشرج:
_ ندى عشان خاطري افتحي الباب طب قوليلي مالك فيكي إيه افتحلي! افتحي عشان خاطري.
*****************
مسح عصام على شعره للخلف في عصبية، يردد من بين أسنانه:
_ غبي إيه اللي أنا عملته ده!
انطلق نحو غرفة ندى كي يعتذر ولكنه تفاجأ بشقيقته تبكي أمام باب غرفتها، اندفع نحوها بقلقٍ، يتساءل بخوفٍ:
_ياسمين في ايه؟!
نظرت ياسمين بأعينٍ تفيض بالدموع، تردد بخوفٍ:
_ ندى مش عارفة مالها ومش راضية تفتح لي الباب.
قام عصام بطرق غلى الباب يردف بصوتٍ قلق:
_ ندى افتحي!
لم تستجب لهم، فقط تبكي بكامل قوتها، في حين استمع عصام لصوتها، ليردف بخوفٍ يزداد:
_ندى أفتحي الباب ده بقولك وإلا هكسره افتحي.
تدخلت ياسمين ببكاءٍ:
_ طب أفتحي ليا أنا عشان خاطري.
فتح الباب من أمامهما لتطل ندى بأعينٍ حمراء كالدم، وجهٌ يملأه الحزن، ركضت نحوها ياسمين، تتمتم وهي تضمها لها:
_ ندى كده تخضني عليكي!
لم تحدثها ندى في حين أردفت ياسمين بقلقٍ ممسكة وجنتيها:
_ مالك في ايه؟!
تمنى عصام أن يدثر ذاته أسفل حبات الترب، ينهر ذاته على ما فعله بها، ولكن فاق من شروده على صوتها المليء بالآلام: