منوعات

الطياره

الطبيب بعمليه
” زي ما قولتلك حالتها مش خطر و مع الانتظام علي الأدويه أن شاء الله هتبقي أحسن بس طبعًا مش هينفع تروح قبل ما نطمن عليها . ”
فرح بهدوء
” يعني قدامنا قد إيه كدا ؟”

لاح بعض التوتر علي ملامح وجهه و لكنه سرعان ما أختفي و قال بعمليه
” ممكن أسبوع مش اكتر أن شاء الله”
ثم تابع بإشفاق لامسته من بين كلماته
” أنتي إلي واضح عليكي الإرهاق أوي ودا غلط ”

لاحت إبتسامه ساخرة علي شفتيها قبل أن تقول بصوت لا حياة به
” مش هتفرق كتير يا دكتور. المهم هي تقوم بالسلامه. ”

الطبيب بإشفاق
” هكتبلك علي شويه مقويات عشان مينفعش أنتي كمان تقعي . أنا عرفت منها أنك عيلتها الوحيدة . و لازم تكوني جمبها خصوصًا في الوقت دا ..”

لم تجادله فرح التي كانت في تلك اللحظه نفذت كل قواها فأخذت منه الورقه بصمت و ما أن أوشك علي المغادرة حتي قالت بلهفه

” دكتور معلش ممكن تخلي حد من الممرضات يفضل جمبها ساعه بس أروح البيت أجيب هدوم ليا وليها و شويه حاجات كدا . زي ما حضرتك شفت انا جيت جري و معناش أي حاجه هنا ..”

الطبيب بتفهم
” مفيش مشكله . أنا هعين ممرضه مخصوص تفضل جمبها لحد ما تروحي و ترجعي ”

كان إهتمامًا مبالغ فيه و لكنها في وضع لا يسمح لها بالسؤال و لا حتي بالتفكير لذا هزت رأسها و تمتمت بعض عبارات الشكر قبل أن تشرع في تجهيز نفسها للمغادرة ..

*****************

تلك اللحظه حين تضع قبله أخيرة فوق جبين ميت كان يعني لك الحياة و أكثر ، حين تشعر برجفه قويه تضرب أنحاء جسدك ما أن تُلامس برودة و سكون ذلك الكف الذي لاطالما كان يعج بالدفء و الحياة . نظرتك الأخيرة حين تشاهد جزءًا كبيرًا من روحك ينشق عنك ليتواري معه تحت الثري . تلك اللحظات لا تُنسي ابدًا بل تظل عالقه في ذاكرة القلب و كأنها نُحتت من رحم النار التي تبقي مشتعله إلي أن يحين اللقاء بهم في العالم الآخر…

(اللهم إنا نعوذ بك من فواجع الأقدار و فقد الأهل و الاحبه)

نورهان العشري ✍️

🍁🍁🍁🍁🍁🍁

كان في طريقه للمشفي لإستلام جثمان أخيه حتي يتم دفنه ليذهب إلي مثواه الأخير و كم كان ذلك الأمر شاقً علي قلبه الذي للآن لم يستوعب تلك المصيبه التي حلت بهم . لم يدرك ماذا يحدث حوله أصوات النحيب و البكاء تحيط به في كل مكان، النساء متشحات بالسواد الرجال ملامحهم جامده مكفهرة، أعينهم تمتلئ بالقطرات التي تأبى الهطول . حزن عميق يسيطر علي الهواء حولهم لأول مرة لا يسمع زقزقة العصافير عند الصباح حتي أن الشمس مختبئه خلف السحاب تأبي الظهور. السماء تُرعِد و المطر ينهمر بغزارة و كأن الطبيعه تشاطرهم حزنهم الغائر و مصابهم الكبير .

ما أن أوقف سيارته أمام باب المشفي حتي وجد سيارة سليم التي كان جانبها الأيمن مهشم و كأن جدارًا سقط فوقها أو أن أحدهم كان يحاول إنهاء ألمه و شحنات غضبه في قطعه جماد لا ذنب لها .

ترجل سليم الوزان من السيارة الخاصه به و قد كانت بعض قطرات الدماء تنساب فوق جبهته و يبدو أن هناك جرحًا غائر لا يأبه له صاحبه الذي كان يحمل بقلبه جرحًا أكبر مما يستطيع تحمله .
أقترب منه سالم و عيناه تحمل من القلق ما تعجز الشفاه عن التعبير عنه و قد إمتدت يداه لملامسه الدماء المنسابه من جبهه أخاه و هو يقول بخشونه
” حصل ايه ؟”

تراجع سليم خطوة للخلف و هو يقول بلهجه جافه
” متقلقش حـ،ـ،ـادثه بسيطه .”

ضيق سالم عيناه و أشتد به الغضب حتي أرتجـ،ـ،ـف جفنه الأيمن و قال بلهجه قاسيه
” سلييم . ”
سليم بلهجه حـ،ـ،ـادة
” مش إلي في بالك يا سالم . دي كانت حـ،ـ،ـادثه زي ما قولتلك .”

أطلق سالم زفرة حادة قبل أن يقول بنبرة قاطعه
” هخلي الدكتور يشوفك قبل ما ناخد حازم و نمشي .”

عند ذكره لاسم أخاه الراحل إرتجفت شفتيه و أختنق الحديث بجوفه و كان سليم لا يقل تأثرًا عنه و لكنه دون أن يشعر أفرجت عيناه عن دمعه حبيسه تحكي مقدار الوجع بصدره فأخذ عدة أنفاس حادة قبل أن يقول بصوت متحشرج
” عايز أشوفه يا سالم . عايز أطلب منه يسامحني ”

لم يتحدث فلم تسعفه الكلمات جل ما أستطاع فعله هو أن تمتد يداه تمسك بكتف أخيه و أبتلع غصه مريرة قبل أن يقول بلهجه جافه
” متحملش نفسك ذنوب معملتهاش . إلي حصل دا قدر و مكتوب .”

لم يستطع سليم الحديث و أشتبكت عيناه مع عين شقيقه في حديث صامت دام للحظات و كان سالم أول من قطعه حين أستعاد هدوءه الظاهري و قال بصرامه
” يالا بينا عشان الدكتور يشوف جرحك . مينفعش ماما تشوفك كدا . كفايه اللي هي فيه ”

و بالفعل إنصاع سليم لأوامره دون جدال و توجها معًا لإستلام الجثمان و لكن أستوقفهم الطبيب الذي ما أن رآهم حتي تحدث قائًلا بعمليه
” سالم بيه . كان في موضوع مهم عايز أتكلم مع حضرتك فيه ”

سالم بجمود
” موضوع إيه ؟”
الطبيب بتوتر
” ممكن تتفضل معايا علي مكتبي عشان نقدر نتكلم براحتنا ”

دون التفوه بأي حرف توجه الأخوان الي مكتب الطبيب لمعرفة ماذا يريد ..

(Gas/Electricity) التداول المالي (Trading) ذهب

انت في الصفحة 7 من 20 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
4

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل