منوعات

بقلم زكيه محمد

قالت ذلك ثم توجهت لتحضر وجبة الإفطار ريثما تنتهي ، بينما نظرت الأخرى في أثرها ، و شردت بعيداً لتعود بذاكرتها لما حدث منذ أسبوعين

عودة للخلف حيث كانت تقف آلاء في حالة صدمة و ذهول مما سمعت ، فأقتربت سندس منها قائلة بقلق :- مالك يا آلاء في إيه ؟

هتفت بذهول و هي تنظر للهاتف :- خالتي سميحة بتقول …بتقول كلام مش مفهوم و بتزعق فاكراني رحيق .

سألتها بحذر :- ليه هي قالت إيه ؟

أردفت بدموع :- قالت إن رحيق ما تكلمهاش تاني و متعتبش بابهم تاني بعد اللي عملته و أنها… أنها تروح تمشي على حل شعرها براحتها … أنا مش فاهمة حاجة هي قصدها إيه ؟

قطبت جبينها بصدمة ، و تعجب قائلة :- ما اعرفش ايه قصدها بس إحنا لازم نروح هناك للحتة اللي ساكنة فيها و ساعتها هنفهم قصدها إيه .

أردفت بحذر وهي تطالع رحيق :- بس يا مدام هنسيبها لوحدها هنا …

قاطعتها قائلة بروية :- ما تقلقيش هي نايمة دلوقتي و هنخلي الممرضة معاها لو فاقت أو حصل حاجة يلا بينا ..

أومأت لها بموافقة ، و بالفعل بعد دقائق معدودة كانتا قد وصلتا إلى المنطقة التي تقطن فيها ، و من ثم دلفتا إلى السكن الذي تقطن به حيث توجد السيدة سميحة ، فطرقت سندس الباب ، و ما هي إلا لحظات حتى فتحته ، فقوست حاجبيها ببعض الدهشة عندما رأت تلك المرأة برفقة آلاء قائلة :- أيوة مين إنتي ؟

هتفت بغيظ مكبوت :- أنا مديرة رحيق في الشغل .

مطت شفتيها بسخرية قائلة :- الشغل ! اممممم قولتيلي ، و يا ترى إنتي بقى بتسرحيهم فين ؟ دا أنا هبلغ عنك يا مجرمة ضحكتي على البت وهي كانت قطة مغمضة خلتيها تمشي في الغلط ..

تشنجت معالم وجهها إلى هنا و كفى فصاحت بحدة :- إيه الهبل اللي إنتي بتقوليه دة يا ست إنتي ؟ أنا مسمحلكيش…

قاطعتها قائلة بحدة مماثلة :- بلا تسمحي بلا ما تسمحيش شغل التلات ورقات دة ما يخيلش عليا يا دلعدي …
ثم وجهت الهاتف الذي تضمه بيدها ، و الذي كان يعرض تلك الصور المخلة لتلك المسكينة قائلة بتهكم واضح :- ها تقدري تقوليلي إيه دة يا بنت الحسب و النسب صحيح من برة هالله هالله و من جوة يعلم الله .

شهقت بصوت مسموع ، و جحظت عيناها بصدمة ، عندما رأت تلك الأوضاع لها ، و لم تختلف حالة آلاء عنها كثيراً ، تحفزت أعصابها المشدودة فهتفت بانفعال :- إيه الحقارة دي ؟! مين الحيوان اللي عمل كدة ؟

لوت ثغرها بتهكم قائلة :- حيلك حيلك يا أختي يعني ما عرفاش إيه دة ! دة واحد ابن أمه صحيح أنه ورانا الحقيقة بدل ما كنا على عمانا كدة ، ما يجو أهلها و ياخدوها و يريحونا منها بقى هي ناقصة

 

لم تعطي إهتمام بكلماتها الأخيرة التي تفوهت بها ، و صاحت بعصبية شديدة :- بقولك إيه يا ست إنتي اتكلمي بإسلوب كويس عنها ، و بعدين انتي إزاي تقولي عليها حاجة زي دي وهي متربية معاكم و عارفين أخلاقها ، إزاي أصلاً تصدقوا إنها ممكن تعمل حاجة زي دي بجد يا خسارة دي كانت بتقول خالتي سميحة … و طالعة بيكي السما تقومي تعملي فيها كدة ! تصدقي هي خسارة تقعد هنا وسطكم بعد كدة من النهاردة انسوا أنكم تعرفوا واحدة إسمها رحيق ، و دلوقتي يا ريت تدينا هدومها و حاجتها المهمة .

طالعتهم بضيق قائلة :- طيب هجبهالكم أنا أصلاً ما يشرفنيش إنها تقعد معايا ولا مع بناتي هنا تاني .

و بالفعل أخذوا متعلقاتها و غادروا بغضب عاصف ، و ما إن أستقلوا السيارة هتفت آلاء بدموع :- حرام عليهم ليها حق تنهار و تعمل أكتر من كدة .

هتفت بغيظ :- دول مش من بني آدمين خالص يا ساتر إيه دة ؟! دلوقتي عاوزين نعرف مين الحقير اللي عمل كدة .

هزت رأسها بعدم معرفة قائلة :- ما اعرفش نستنى على ما تهدى و بعدين تقولنا و تفيدنا بأي حاجة .

زفرت بغيظ ، ثم أردفت بهدوء ، و هي تهم بالقيادة :- طيب يلا خلينا نلحقها قبل ما تصحى و بعدين نشوف هنعمل ايه ..

بعد وقت قصير وصلن للمشفى ، و من ثم إلى غرفتها ، فوجدوها مازالت نائمة كما تركوها . جلسن مجدداً في أماكنهن ، و أخذن يراقبنها بلهفة أملاً في أن تفتح مقلتيها ، و تطمئنهن على حالتها .

أنت بخفوت قبل أن تفتح مقلتيها ، و تنظر حولها بتشوش ، هتفت آلاء بحب :- خليكي يا حبيبتي زي ما إنتي مستريحة .

جلست نصف جلسة ، و هنا تحدثت دموعها بغزارة ، و تعالت شهقاتها مجدداً ، كلما تأتي تلك الصور ، و التي وصلت على هاتفها ، هتفت بضياع :- والله ما أنا يا آلاء دي ….دي مش أنا …صدقوني والله ما أنا ..

هتفت آلاء بحنو و هي تمسد على ظهرها :- حبيبتي أهدي إحنا مصدقينك إنتي استحالة تعملي حاجة زي دي هو أنا أعرفك من امبارح دا إحنا عشرة يا بت بطلي عياط بقى .

تدخلت سندس قائلة بحدة :- سبيها تعيط و تضيع حقها كدة ، بقى هي دي رحيق اللي أعرفها ؟! فين رحيق القوية اللي بتعرف تتصرف و تواجه كل حاجة لوحدها ؟

أردفت ببكاء :- بس اللي حصل يا مدام مش سهل أبداً دول ….دول شوهوا سمعتي خلاص مش هقدر أرفع عيني في وش أي حد في الحارة .

أردفت بغضب :- ومين قالك إنك هتروحي الحارة دي تاني المكان اللي يقلل منك يبقى ما يلزمكيش الناس اللي تخوض في عرضك يبقى ما يلزموكيش ، فاهمة ؟

أردفت بضياع :- أومال هروح فين يعني ؟ أنا ما اعرفش حد غيرهم و لا ليا مكان غير هناك ، منه لله اللي كان السبب منه لله .

انتبهت حواسها لكلماتها الأخيرة فأردفت بحذر :- هو مين الحقير دة ها هو مين ؟

اعتصرت عينيها بعنف قائلة :- مدحت ..هو دايماً بيتعرضلي و لما ملقاش مني رجا عمل اللي عمله دة دة قالي كدة بعضمة لسانه و أنا جايالك يا آلاء … أنا خلاص ضعت ..ضعت .

نهرتها سندس قائلة بحدة طفيفة :- إحنا قولنا إيه من شوية ؟ و بعدين إحنا مش مالين عينك ولا إيه يا ست رحيق ؟ إحنا من النهاردة هنكون عيلتك و كل حاجة ، أما الحقير دة أنا هوديهولك في ستين داهية و هردلك اعتبارك في الحارة كويس ، يلا قومي نمشي من هنا ولا إنتي عاجبك جو المستشفيات دة !

ثم أخذت بيدها تساعدها على النهوض قائلة :- يلا..يلا قومي بلاش كسل قومي معايا .

نهضت معها بعد أن أتت الممرضة و أخبرتهم باستقرار حالتها ، و أن بإمكانها الذهاب معهن ، ومنذ تلك اللحظة و هي تقيم معها في منزلها ، كما قامت برفع قضية على المدعو مدحت ، و عندما فحصوا الصور تبين لهم بأنها مزيفة ، كما استطاع رجال الشرطة الوصول للفاعل ، و الزج بهم في السجن ليعاقبوا على فعلتهم تلك .

عادت من شرودها ، و هي تبتسم بسعادة ، فسندس التي كانت تخاف منها ، هي من نصرتها ، و كانت لها الحامي الفولاذي ، فأثبتت لها أنها نعم الصديقة .

بعد دقائق انتهت من ارتداء ملابسها ، و خرجت لتجد سندس أعدت طاولة الطعام ، والتي ما إن رأتها هتفت بابتسامة عريضة :- تعالي يلا علشان نفطر و ننزل بقى.

أومأت لها بخفوت، ثم جلست قبالتها ، و شرعت في تناول طعامها بهدوء ، و أخذت تحدق بالأخرى و عيناها تحكي الكثير ، لاحظتها سندس فهتفت بمرح بعد أن ابتلعت الطعام :- إيه دة يا رحيق عجباكي أوي للدرجة دي ولا إيه ؟!

حمحمت بحرج قائلة :- ها لا أبداً بس يعني مكنتش مصدقة إن في ناس بالطيبة دي في الزمن دة ، زمن مفيش للقيم ولا الأخلاق أي مكان ، فيه بس المصلحة و الغش و الخداع غير كدة لا ، إنتي أثبتيلي إن الدنيا فعلاً لسة بخير .

هندمت ملابسها بغرور مصطنع قائلة :- شكراً شكراً لا داعي للتصفيق..
ثم أضافت بمرح :- إيه يا بنتي هو كله أسود كدة ! بصي يا رحيق زي ما في كويس في وحش دي قاعدة في كل زمان و مكان ..

ضيقت عينيها قائلة بحذر :- هو ….هو إنتي عايشة لوحدك ..يعني … أقصد …

قاطعتها قائلة ببسمة موجعة :- أيوة عايشة لوحدي بعد ما إتطلقت ..

شهقت بصدمة لسماعها تلك الأخبار فقالت بندم :- أنا آسفة ما أقصدش أفكرك بحاجة زي دي .

أردفت بشبح ابتسامة قائلة :- يا ستي دة أحسنلي يعني كنتي عاوزاني أقبل أعيش مع واحد عينه زايغة و بيخوني كل يوم مع واحدة شكل !

وضعت يدها على ثغرها بدهشة قائلة بدون وعي :- ابن ال**** الواطي .

ضحكت بخفة قائلة :- بتشتمي من إمتى يا رورو ؟

استغفرت ربها قائلة بندم :- ما أخدتش بالي والله ، بس اتعصبت على ابن ال…….ولا بلاش حرام ناخد ذنوب على ناس ما تستاهلش .

ضحكت بصوتها العالي قائلة :؛ من ناحية ما يستاهلش فهو فعلاً ما يستاهلش ..

أردفت بمواساة :- قلبي عندك يا أختي بكرة يجي سيد سيده ، و الله ما عنده نظر أنه يخون القمر دة .

ضحكت بصخب قائلة :- والله إنتي فظيعة ، أنا ليا كتير ما ضحكتش كدة .

أردفت بمرح :- يا خبر إنتي تؤمري، أنا مستعدة أقلبلك نفسي شامبنزي هنا ولا يهمك ..

هزت رأسها بنفي قائلة :- طيب يلا يا شامبنزي كلي علشان نشوف مصالحنا.

وضعت بعض الخبز بثغرها، و أخذت تلوكه قائلة :- ألا صحيح ما قولتيش عملتي ايه في الصفقة اللي مروحتهاش معاكي ؟

نهرتها ببعض الحدة :- مية مرة وانا أقولك ما تتكلميش وانتي بتاكلي يا مقرفة .

رفعت يديها باستسلام قائلة :- آسفة آسفة يا كبيرة .

هزت رأسها بقلة حيلة قائلة :- بردو ! مفيش فايدة! المهم بقى بعتنالهم كام تصميم كدة و اختاروا منهم اتنين وهو دة اللي هنشتغل عليه .

أردفت بابتسامة بعد أن بلعت طعامها :- طيب كويس خالص ، ربنا يوفقك يا رب، و يبعتلك ولاد الحلال اللي يطلبوا دعايا لمنتجاتهم ، و يوسع رزقك قادر يا كريم يا سندس يا بنت أم……

توقفت فجأة، و قطبت جبينها قائلة بتساءول :- هو صحيح إسم امك إيه ؟

كانت تطالعها بنظرات ذهول قائلة بدون وعي :- خديجة .

أكملت تلك البلهاء قائلة :- يا بنت أم خديجة .

أردفت بدهشة :- رحيق إنتي هتشحتي يا ماما ! و بعدين إيه اللي كنتي بتقوليه دة ، و اتعلمتيه فين ؟

أردفت بفخر وهي تحمحم قبل أن تتحدث :- حضرتك أنا كنت بشحت وأنا صغيرة .

رفعت حاجبها بعدم تصديق قائلة:- بتشحتي وإنتي صغيرة !

أومأت بتأكيد قائلة :- اه والله كنت دايماً أشحت من خالتي فلوس علشان تديني و أروح أشتري شيبسي ، كنت بطلع عينها ..

انت في الصفحة 11 من 16 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
24

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل