منوعات

بشريه اسرت قلبي الفصل الثامن

انتظر “أركون” أصدقائه بمكانهما الخاص لأكثر من ساعتين ولم يأتي أحداً منهما، فكاد بالرحيل؛ ولكنه توقف حينما وجد “إيمون” أمامه، فسأله باهتمامٍ:
_لقد انتظرت طويلاً أين كنت!
تمدد على الصدف الملقي ليريح جسده المنهك، ثم قال:
_أتى أبي وأمي للمملكة فكان من الصعب الخروج بذلك الوقت .
جلس “أركون” لجواره ثم سأله بدهشةٍ:
_وأين “ديكسون” لا أراه منذ الصباح هو الأخر؟
_اصطحب الملكة لعالمها، علها تشتاق لرؤية أناس تنتمي إليهم.
هز رأسه بتفهمٍ وقد عادت تلك الأفكار التي تربطه بتلك الفاتنة تهاجمه من جديد، فتنحنح قليلاً وهو يتحدث إليه:
_أخبرني “إيمون” هل تظن بأن الملك قد يشن حرباً ضد ابن عمه “سامول”؟
التفت إليه وقال بتخمينٍ:
_لا أعتقد ذلك .
عاد ليتساءل من جديدٍ:
_لا أعلم ما سبب هذا العداء الكبير بين”سامول” والملك، فماذا كان يتوقع عقوبة من أراد إيذاء جسيم الملكة وما تحمله بأحشائها! لا أراه خاطئاً بإيذاء جسيمه “أدلر”.
استقام” إيمون” بجلسته ليكون مقابله، فمنحه نظرة متفحصة قبل أن يسأله بشكٍ:
_ما بك “أركون” لماذا بت مهتماً بالعدواة التي تجمع الملك ب”سامول”؟
ارتبكت نظراته، فأجابه بتوترٍ ملحوظ:
_ماذا تقصد!
_أنت تعلم ماذا أعنيه بالتحديدٍ.. فجأة صار الأمر يهمك هكذا!
عبث بخصلات شعره الأشقر ليجيبه باستسلامٍ:
_أعتقد بأنني أعجبت بشقيقة “سامول”.
ابتسم وهو يردد ساخراً:
_هذا ما كنت أخشاه!
***********
تحركت” لينا” بنشاطٍ كبير لترص أطباق الطعام على الطاولةٍ، فعاونها “كيفن” بحبٍ حتى “روكسانا وضعت العصائر والمياه، فجلسوا جميعاً ليتناولوا الطعام، فقطع”كيفن” صمتهما قائلاً:
_أخبريني “روكسانا” هل الأمور بالمملكة على ما يرام؟
قالت وهي تلوك طعامها بتلذذٍ:
_تعلم “كيفن” بأنه من الصعب تقبل الشعب لديكسون كوني بشرية؛ ولكننا نحاول قدر المستطاع أن يتقبله طوائف الشعب بأكمله.
هز رأسه وهو يردد بتفهمٍ:
_سيتقبلونه مع الوقت مثلما تقبلوكي ملكة لهم.
_أتمنى ذلك.
نهضت “لينا” عن مقعدها ثم انحنت لتحمل قطع من اللحم المشوي لتضعه أمام “ديكسون” مشيرة له بتحذيرٍ:
_تناول طعامك وكفاك شروداً.
منحها ابتسامة صغيرة ثم بدأ بتناول طعامه، فعلى الرغم من بناية جسد”ديكسون” المختلفة الا أنه كان يأكل طعام البشر دون أي ضرر لإختلاط تكوينه بالنسل البشري، عاد من جديد لشروده بذاك اليوم الكحيل الذي لن يتمكن به من رؤياها، إعتادت عينيه إحتضان نظراتها الفيروزية حتى وإن كانت تنطق بالكره الشديد إليه، قلبه البشري النابض داخل جسده عرفت هي كيف تصوب إيذاءتها القاضية إليه، لا يعلم إن كان سيحتمل قضاء تلك الليلة من دون رؤيتها أم أنه سحارب ذاته بأنها لا تعني له شيئاً.
سكنت السعادة صفحات وجه “إريكا”، فكانت تظن بأن ما فعلته بشأن مقابلته” جوردن” قد استنزف غيرته، ظنت بأنه يحبها لذا يشعر بالضجرٍ من علاقتها به.
*********
الشلالات المندرجة أسفل بعضها البعض هي عشقها الوحيد، لطالما تأتي “زمرد” خلسة لتداعب حبات المياه التي تنقسم في مظهر مبدع تحمل مزيج من اللون الرمادي والأزرق الفاتح، ومن أسفلها تضيء الطحالب لتجعل المياه مشعة كضوء النهار الصافي، شعرت “زمرد” وكأن المياه تناديها فلم تستسلم لندائها وألقت ذاتها بداخلها، تغوص عالياً على سطحها النادي، حبست أنفاسها أطول وقتاً ممكن أسفل سطحها ثم تصعد على الموج لتلتقط أنفاسه، فكانت تمتلك القدرة على قضاء أكثر من نصف ساعة أسفل المياه ومن ثم تصعد لسطحه، تخشب جسد “زمرد” حينما حاولت الصعود لسطح المياه؛ ولكنها لم تستطيع ذلك، فشعرت وكأن هناك من يقيد حركة قآثار إصابةيها، فسحبت ساقيها بكل ما تمتلكه من قوة عظيمة؛ ولكنها فشلت بالتحرر، انسحب جسدها أسفل المياه فرأت بوضوحاً حوت ضخماً يواجهها، يتمسك بها بذراعيه المخيفة ذات اللون الأسود، فكان يمتلك أذرع كالأخطبوط!
اختنقت “زمرد” وكادت بأن تواجه موتها، فعصفت بجسدها لتتحول سريعاً لهيئة السيرانة «حيوانات أو مخلوقات سحرية أسطورية تملك وجه نساء جميلات و أجساد طيور كانوا قادرات على سحر العالم بغناءهم و صوتهم الجميل.»
تمكن جسدها من التحرر بشكلٍ كامل منه فأسرعت بالسباحةٍ حتى وصلت للأرض الصلدة البعيدة عن المياه التي تخفي بداخلها ما لا يشابه جمالها المخادع، التقطت “زمرد” أنفاسه المتقطعة بصعوبةٍ بالغة فحتى التنقل للمملكة أمراً شبه محال وهي بحالتها الهزيلة تلك، رفعت رأسها المبلول للأعلى قليلاً حينما استمعت لصوتٍ مخيفاً يأتي من المياه، فصعقت حينما وجدت مياه الشلال ينحسر حتى صعد عالياً ليطوف بما ظنته مجرد حوت، وقف على رجليه التي ظهرت فجأة لتسقط هيئته البحرية ومن ثم تحول لذئبٍ شرس، تراه لأول مرة بحياتها، ازدردت “زمرد” ريقها الجاف بصعوبةٍ بالغة، فتراجعت للخلف وهي تحول الإستناد على جذعيها، تجمعت الآثار إصابةوع بمقلتيها وهي ترى نهاية لحياتها دون مجهود منها بالدفاع عن نفسها، اقترب هذا الكائن منها بخطواتٍ متهدجة وكأنه يتعمد انتزاع حياتها أكثر من مرةٍ، وقبل أن يطولها بمخالبه الحادة كان “أركون” و”إيمون” في مواجهته، أخرج “إيمون” سيفه المضيء ليلوح به بوجهه عله يخيفه، بينما ردد “أركون” في دهشة كبيرةٍ:
_وحش الآكلوت!
كاد بأن تلامسه مخالبه فتراجع للخلف وهو يشير لإيمون بأن يشتت انتباهه عن تلك البقعة بالتحديدٍ حتى تنجو الأميرة بحياتها، وبالفعل حلق “إيمون” عالياً ليصبح بالأتجاه الأخر له، فتفادى مخالبه الحادة بحرافيةٍ، بينما حمل “أركون” “زمرد” بعيداً عن تلك البقعة، ليضعها جانباً، تأوهت من الآلآم المتفرقة التي إيذاءت جسدها فهمس “آركون” بصوتٍ حزين:
_ستكونين على ما يرام.
كاد بالعودة لمساعدة “إيمون” فتمسكت بمعصمه وهي تجاهد للحديث:
_كن حذراً.
بالرغم مما يواجهه ولكنه ابتسم رغماً عنه ليشير لها قائلاً:
_لا تقلقي.
ثم تركها وأسرع لينضم لإيمون، تثبتت نظراتهما سوياً عليه ليشير له بأن يبدأ بالهجوم، وبالفعل كور “إيمون” يديه لتتجمع هالة عظيمة من حوله، فنجح بشل حركاته ثم صرخ بأركون بتحذير:
_أسرع لن أتمكن من السيطرة عليه كثيراً.
جذب السيف الملقى أرضاً ثم أخرج سكين أخر، فحلق بجسده عالياً ومن ثم اعتلى جسده العملاق ففصل عنقه عن رأسه، ليسقط أرضاً ومن فوقه “أركون”، ليشير له باعجابٍ:
_أحسنت صنعاً يا صاح.
لم يعجبه جملته فصححها قائلاً:
_بل أحسنا.
وأسرع”آركون” تجاه “زمرد” فوجدها غائبة الوعي، فقال بحيرةٍ:
_ماذا سنفعل الآن؟
أجابه “إيمون” بعد فترة من الصمت:
_لا أعلم، دعنا نحملها للملك وهو من سيقرر أمرها.
أشار برأسه باقتناعٍ ثم حملها بين ذراعيه، ليتخفى بها ومن ثم ظهر بمملكة السراج الأحمر.

انت في الصفحة 2 من 6 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل