
آية محمد: بسم الله ولا قوة إلا بالله
لا إله إلاّ أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
نوفيلا
«يا كُل كُلي»
بقلمي «روز أمين»
وسؤالاً دوماً يراودني،كيف حالُ من فارقوا،أمازالت تراودهم تلك الافكار ذاتها، إين هي الأنُ مشاعرهم! رسائلهم!،لحظاتهم الخاصة أمازالت تسكُنهم أم أنها تاهت وأنتست بزحمة الفراق.
بقلمي
«روز أمين»
«الفصل الاول»
بإحدي قُري محافظة الغربية،داخل منزل هيأة أثاثه تتسم بالفخامة وتوحي بأن ساكنيه ينتمون إلي الطبقة فوق المتوسطة
جالسةً هي فوق فراشها تبكى وتنتحب حظها العَسر بمرارة وحُرقة قلب وهي تودع قصة عشقها التي تغنى بها جميع اصدقائهما المُقربين وبعضًا من أهالي القرية العالمون بقصتهما لسنواتٍ،لتنتهي بلحظاتٍ وكأنها لم تكُن موجودة بالأساس،ارتفع رنين هاتفها،نظرت بشاشته وجدت نقش اسم صديقتها والتي كانت إحدى الشهود على تلك القصة،ضغطت زر الإجابة لتُجيب بدموعها التي تُقطع أنياط القلب:
-شفتي محمود عمل فيا إيه يا هالة، محمود دبـ.ـحني بسكينة تلمة
تنهدت صديقتها بحزنٍ ثم تحدثت بنبرة مستنكرة:
-أنا مصدقتش الكلام اللي سمعته في البلد غير لما اتصلت بـ حسام وأتاكدت منه إن خبر الخطوبة صحيح
ارتفع صوت بكائها لتسترسل هالة في محاولة منها لإيجاد عذر لمحمود تُطمئن به قلب صديقتها المفتور:
-حسام قالي إن محمود عمل كدة غصب عنه، أنا كمان شايفة إنه معذور يا جنة
إستمعت لدقات تعتلي باب غرفتها الخاصة،فأنهت المكالمة سريعًا وعلى عُجالة قامت بتجفيف دموعها قبل أن تدخل إليها تلك السيدة الخمسينية تتطلع إلى غاليتها بقلبٍ حزيناً متألمًا لأجلها،هى تعلم جيداً ما تشعُر به من ألامٍ تُمزق داخلها وتبعثر كل كيانها،ولكن ما بيدها لتفعلهُ كي تُعيد لصغيرتها بسمة وجهها وسعادة قلبها اللتان تركاها مُنذ ما حدث قبل عِدة شهور
جلست “سامية”قُبالة إبنتها الشابة البالغة من العمر الثانية وعشرون عامًا لتتنهد بأسى ثم لتتحدث بعينين لائمتين:
-انتى بتعيطى ليه الوقت؟
واسترسلت لتذكيرها مؤنبتاً إياها كي تعي على حالها وتستفق:
-هو مش خلاص سابك وراح خطب واحدة تانية،إنسيه وخرجيه من دماغك إنتِ كمان ووافقي على العريس اللي خالك جايبهولك، لا هو عُمره كان ليكِ ولا انتِ هتبقي في يوم ليه وإنتِ وهو كنتوا عارفين الكلام ده من الأول
ثم استطردت تذكرها بما يفرق العائلتين ويجعل أي تقارب بينهما يكادُ يكون مستحيلاً:
-إنتِ عارفة من الأول المشاكل اللى بين العيلتين وأن مستحيل يحصل بينهم نسب ومع ذلك سيبتي نفسك ومشيتي ورا الخيبان قلبك وأديكي شايفة وصلك لأيه،أهو سابك وراح خطب وقراية فتحتهم النهاردة
ثم أكملت بنبرة تحمل الكثير من الألم:
-ريحي نفسك بقي وريحني معاكى يا جنة
كانت تستمع إلي والدتها بقلبٍ بتمزقُ ألماً علي حالتها وما أوت إليه قصة غرامها الكبير،تساؤلاً مستاءً كان يطرحهُ دومًا عقلها.. لما رزقها الله وغرس بداخل قلبها عشق ذاك الفتي بدلاً عن غيره،شهقت بدموعها لتتحدث بنبرة تقطع نياط القلب:
-أنا عارفة الكلام دا كويس يا ماما،بس غصب عنى
تنهيدة حارة خرجت من صدر” سامية” التي تحدثت بصرامة كي تُجبر صغيرتها علي النهوض وعدم الإستسلام لتلك الحالة المزرية:
-طيب قومى خدي لك دُش يفوقك
واسترسلت بإعلام:
-أختك إتصلت وقالت إنها جاية فى الطريق مع جوزها،أهى تبات معاكى النهاردة وتحاول تفرفشك شوية.
أومأت لها وبعد خروج والدتها ارتمت فوق وسادتها تبكى بحرقه وهى تتذكر أنه الآن فى حفل خطبته مع إحداهُن،بعد أن حلما معاً وخططا لحياتهما القادمة تركها بمنتصف الطريق خانعًا مُستسلماً وذهب لخُطبة غيرها وأستكمال حياته بصُحبة أخري تاركاً إياها لتواجه مصيرها المُعتم بدونه،كم شعرت بدونيته وبغبائها
دخلت اختها الكبرى البالغة من العُمر الخامسة والعشرون وتدعي “ليلى”،متزوجة ولديها طفل يبلغ من العمر ثلاث سنوات،تسكن مع زوجها فى محافظة القاهرة الكبرى:
-حبيبتى يا جنة،عاملة إية؟
تعالى، وحشتينى…نطقتها “جنة” باشتياقٍ وهي تفتح ذراعيها لاستقبال شقيقتها نظراً لحبها الشديد لها وتوافقهما بالأراءِ والأفكار،ارتمت داخل أحضان اختها وأجهشت ببكاءٍ مرير ادمى قلب شقيقتها،ربتت “ليلى” علي ظهر شقيقتها وباتت تمسح بيدها عليه كي تحثها على السكون ثم تحدثت بتنبيه:
– إهدى يا “جنة”وبلاش اللى بتعمليه دا،بابا لو شافك كدا هيفهم، ولا علي، علي لو حس بحاجة هيطربق الدنيا على دماغنا
خرجت من داخل أحضانها لتتحدث بهستيريا وعدم استيعاب لما يحدث:
-مش قادرة اتخيل إزاي هكمل حياتى من غيره يا “ليلى”،مش قادرة حتى اتخيل انه قاعد معاها الوقت وبكل سهولة قدر يستغنى عني ويسيبني
واستطردت وهي تهز رأسها بجنونٍ وعدم استيعاب:
-يا تري بيقول لها إيه،بيبص لها إزاي، فرحان ولا الموضوع بالنسبة له عادى،فاكرنى ولا خلاص نسينى وأعتبرني صفحة قلبها وهيكمل حياته بعدها،أنا هموت مش قادرة،معقولة بعد كل الحب دا النهاية تكون كدا؟!
هزت رأسها باستنكار لتسترسل بتألم ظهر بَيِنّ بنبرة صوتها:
-دى البلد كلها كانت شاهدة علي قصة حبنا وعشقنا لبعض،دا كان بيبكى لو في يوم تعبت يا” ليلى”،فجأة كدة يبعد عني ومرة واحدة يسبنى وبعدها اسمع من الناس إنه خطب؟!
كانت تشاهد إنهيار شقيقتها الصُغري بقلبٍ يتمزق ألماً عليها،اردفت تعقيباً علي حديثها:
-وهو كان هيعمل إيه أكتر من اللي عمله يا “جنة”،ماهو بعت لبابا هو وأهله علشان ييجي يخطبك،وبابا رفض مع المرسال حتى ما أدهوش فرصة ييجي هو وأهله ويتكلموا،وإنتِ علي أخد منك التليفون وكسره.
هتفت بنبرة حادة رافضة:
-يقوم يستسلم من أول جولة ويروح يخطب؟!
واستطردت بتألم ظهر بَيِن بعيناها ونبرة صوتها:
-ده أنا قلت له إني عمرى ماهكون غير ليك،قولت له مستحيل إسمي يرتبط بإسم حد غيرك