
همرة ولكن ذكريات الحاد..ث المشئوم كانت اقوي…..
***
ركضت بين اروقه المشفى بهلع، تدعوا الله ان تكون المكالمة التي جاءتها تنذرها بوقوع حادث لزوجها مجرد مزحه او مكالمه خاطئة،، مسحت دموعها لإبعاد الغشاوة وامسكت بيد ممرضة تمر بجوارها :
-لو سمحتي في حد وقع في حادثه اسانسير اسمه عبدالله تعرفي هو عامل ايه او هوهوموجود موجود فين؟
-اه الحمدلله ربنا كتبله عمر جديد، هو موقعش متقلقيش لحق نفسه اخر وقت واتعلق في حبال الاسانسير بس للاسف كتفه اتخلع و عنده كدمات تانيه و هتلاقيه موجود هناك في الأودة اللي علي اليمين والدكتور هيقولك علي الحاله بالظبط !
اجابت الممرضة قبل ان تمضي لاستكمال عملها، اغمضت رحمه عينيها تحمد الله و توجهت اليه سريعا، وجدته مستلقي علي الفراش نائماً بضعف ، رأسه مغطي بشاش ابيض ملوث بدمائه و الجبيره تصل من كتفه حتي اصابعه، دنت منه وامسكت كفه تقبله بحزن:
-حبيبي انت كويس؟
رمش ببطء قبل ان يضغط بكفه علي كفها مطمئناً :
-انا كويس، متعيطيش!
اجهشت في البكاء وهي تضع رأسها علي كفه تطرد كل خوفها و قلقها بانها ففقدتهلتنهي بها اسوء ساعه مرت عليها في حياتها ، ربت علي رأسها بضعف حتي هدأ بكاءها …
ولكن مأساتهم الحقيقية بدأت ما ان عاد للمنزل بعد ايام و صدمته بقرارها :
-انت لازم تسيب الشغلانه دي!
قطب حاجبيه بلا مبالاه ليتساءل:
-ليه؟
حاولت اخفاء ذهولها وقالت:
-يمكن عشان كنت هتموت وانت لسه عريس مبقالكش سبع شهور!!
-يا شيخه دي مشيئة ربنا!
قالها وهو يهرب لمكان اخر فأتبعته بأصرار:
-ربنا مقالش نرمي نفسنا في التهلكه!
استدار نحوها بانزعاج :
-في ايه يا رحمه مانتي عارفه ان دي شغلتي ايه اللي جد يعني؟
-لا متحسسنيش ان معندكش مشاعر للدرجه دي هو انت مش حاسس بالمصيبه اللي كانت هتحصلك، انت متخيل ان دراعك اتخلع وانت متشعلق بين السما و الارض وانك واخد 8 غرز في راسك و كان ممكن يجيلك نزيف في المخ؟ انت بجد مش حاسس؟؟
ابتعد من امامها بأنفاس عاليه، ماذا يخبرها؟ بانه فاشل لا يملك شئ في الحياه سوي تلك المهنة و صنعتها، هي تعلم جيدا انه لا يملك شهاده الثانوية حتي وانه لم يفلح في التعليم فلما تضغط عليه و تؤرق حياتهم؟
ام انها ملت منه و تحاول الهروب مع اول عقبه؟
نفض افكاره المؤلمة وتأوه عندما ادارته نحوها متناسيه اصابته لكنه اردف بقوه:
-بقولك ايه يا رحمه،،، انتي من الاول عارفه انا ايه و شغلي ايه وهي حياتي كده مينفعش اغيرها ،ولو مخدتيش بالك ليه فانا ههقولك واسهل عليكي الطريق انا مبعرفش اعمل حاجه غير الشغلانه دي و لولا خالي اصلا علمهالي كان زماني ضايع في الشوارع !
قاطعته بعفويه:
-مش مهم محدش بيموت من الجوع ثم انا بشتغل يعني ممكن ندبر امورنا لحد ما تشوف شغلانه تانيه واكيد ربنا مش هيسيبنا!
تجمدت ملامحه وصمت حتي توترت قائله:
-مالك؟
-انتي عايزاني اقعد في البيت وتصرفي عليا؟
انعقد حاجبيه وهي تلعن الكبرياء الذكوري الذي لم يجعله يفهم سوي هذا من كلماتها فاكملت :
-لا انا عايزاك تحافظ علي نفسك لاني اكتشفت ان لو جرالك حاجه انا هموت و هتدمر مش هستحمل ضربه زي دي تاني في حياتي بعد بابا الله يرحمه….
ولكنه استمر بحده كأنه لم يسمعها :
-انتي شكلك اتجنيتي ،،، هي دي طريقه حبك ليا،،، بصي يا رحمه حسك عينك تقولي الموضوع ده تاني وقفلي علي كده!!
-يعني ايه اقفله،، انت مجنون،،، بقولك ايه مش هستناك تموتني ناقصه عمر، يا انا يا ام الشغلانه دي؟
ضيق عيناه بغضب ليقول:
-طيب انا و هقعد زي الولايه جنبك لكن محمود و جلال ذنبهم ايه اخرب بيتهم!!
نظرت له مذهوله :
-محمود ايه و زفت ايه دلوقتي ،، هو ده اللي همك ؟ واحنا و حياتنا اللي بتبوظ مش واخد بالك منها؟!
ضرب طاوله صغيره امامه بقدمه و صاح مستنكراً:
-كفايه بقي مش عايز اسمع حاجه…. وبذلك أسرع للهرب من امامها والي الطرقات….
***
تآوهت بخفوت عندما ضمها اليه يقطعها من اسوء أفكارها، فبكت باستلام واستندت علي كتفه لتقول:
-كفايه وجع قلب… كفايه!!
[٢١/١, ٦:٣٤ م] زوزو: الفصل الاول……
-يا جماعه ان ابغض الحلال عند الله الطلاق!!
قال المأذون الشاب ذو الثلاثون عام، المدعي صلاح وهو يتفحص الزوجان من خلف مكتبه ، اخفضت رحمه ذات السابعة و العشرون عام انظارها رافضه التحام اعينها البنيه الرقيقه مع اعين زوجها السوداء و قريباً زوجها السابق…..جحظ عبدالله صاحب التاسعة و العشرون عام عينيه وتنهد بأسي لرد فعلها القطعي ، ولم يجد القوه داخله للحديث او الموافقة ،، فاكتفي بضم ذراعه المصاب بألم و لكن والدتها تدخلت كعادتها اللطيفة :
-هما متفقين يا شيخنا ، معلش خلصنا بسرعه!
مصمصت والدته شفتيها لتؤكد بمكر:
-ايوه،، خلصنا احنا مش فاضين!
خرجت شهقه مستنكره من والده رحمه لترد:
-اسم الله، يكونش وراكوا الديوان!
وضعت والدته ساق علي الأخرى بكل عنجهية غير مباليه بالفارق المادي بينهم ،،، رافضه ان تتذل هي و ابنها لهم او ان يكونا تحت ضروس تلك الشمطاء و قالت:
-وانتي مالك و مالنا يا حبيبتي مش خربتيها وقعدتي علي تلها!
-خلاص يا ماما!!
قال عبدالله و رحمه بآن واحد ثم نظر احدهم للآخر بعتاب، قاطعهم المأذون :
-يا جماعة احنا بنحاول نوقف الضرر مش نزوده… وحدوا الله!
ردد الجميع لا اله الا الله و كذلك الشاهدان الجالسان امام الباب بجوارهم ، صديقيه محمود و جلال و فريق عمله البسيط بنفس الوقت فتدخل محمود وهو يري الحزن مرسوم علي وجه الزوجان بطيب خاطر:
-يا جماعه ده شيطان ادوا نفسكم فرصه!
رمقته رحمه بغضب و حقد دون وعي وكأنه قتل احد افراد عائلتها فأنزوي للخلف بصمت، اعادت انظارها لزوجها الجالس امامها تكره انه اوصلهم لهذا الحد بل تكره انها لم تكن اختياره…….. كما كان اختيارها…..وبكل عفويه اعادتها ذكرياتها الي نقطه البداية…..
***