منوعات

بشريه اسرت قلبي الفصل السابع من الجزء الثاني بقلم ايه محمد رفعت

الفصل السابع…
(حيلة ماكرة!..).
تخفت برداءٍ أسود يشابه عتمة الليل الكحيل، حتى ملامحها بهتت من خلفه، وبالرغم من أن تابع الملك يحرص على تخفيها عن الأعين جيداً الا أنها كانت تتوخى الحذر، وقفت الملكة “رودوليت” من خلف الحارس بشموخٍ تنتظره حتى يحرر مقبض الباب الصدفي العملاق، ليريها الطريق السري المختصر للقاعة، فما أن ولجت حتى خلعته عنها لتنحني برأسها قليلاً:
_فليحيا ملك ميغالودون العظيم.
ابتسامة طفيفة ارتسمت على شفتي “بيلين” فأشار لها بقبولٍ لتحيتها التي أرضت غروره:
_أهلاً بملكةٍ الحوريات المتمردة “رودوليت”.
بادر الضيق على معالمها جراء سماعها لسخريته الواضحة؛ ولكنها تناستها عن عمدٍ فهدفها الأول والأخير هو القضاء على” لوكاس” وابنه، لازمت الصمت إلى أن قطعه الملك متسائلاً:
_ما الذي أتى بكِ إلى هنا؟
أجلت أحبالها المنقطعة، لتسرد على مسمعه:
_أنت تعلم بالعداوة التي تجمعني بلوكاس.
قاطعها بلهجةٍ ثابتة:
_وما شأني بالذي بينك وبينه؟
قالت بجراءةٍ وجدها بحديثها:
_عدو عدوي صديق لي، أنا أريد الـ,ـثأر من “لوكاس” وابنه وأنت تريد عرش “السراج الأحمر”، أليس هذا الهدف المشترك يجبرنا على التعاون سوياً!
راقبها بصمتٍ جلد ملامحه كالوحش الماكر، وكأنه يحسب كل كلمة قالتها، انطوت صفحة الصمت مجدداً حينما عبث بكلماته المستهزئة:
_لست بحاجةٍ لمساعدتك لتحقيق هدفي.
أسرعت بالحديث، قائلة:
_لا تظن بأن القـ,ـضاء على” لوكاس” هو أمراً هين، ربما ب..ل ابنه يسهل الأمر ولن يحدث ذلك دون مساعدة مني.
نهض عن عرشه ليظهر بجسده الموروبوس المخيف، فأختفى من القاعةٍ بأكملها، التفت باحثة عنه لتشهق بفزعٍ حينما وقف من أمامها وعينيه يكسوها اللون النحاسي الباهت ثم قال:
_لست ضعيفاً لأحتاج لمساعدةٍ وضيعة منك.. إن شئت سأ..لك هنا بالحال ومن ثم سأفتت عظام “ديكسون” هذا الذي يظنه البعض خارقاً .
لعقت شفتيها بخوفٍ إستطاع شمه بسهولةٍ، لتوضح مقصدها:
_أعلم ذلك لذا أنا هنا لأنني بحاجة لمساعدتك مولاي.. أريدك فقط أن تنصت إلي فما سأخبرك به.
أشار لها بحدةٍ:
_أسمعك.
سردت “رودوليت” خـ,ـطتها الشيطانية على مسمعه، فبدى مقتنعاً بها لذا قال بهدوءٍ:
_وإن كان هدفك الترياق لما لم تقـ,ـضينها بابنتها منذ البداية؟
أجابته ببسمةٍ خبيثة:
_لأنها تمتلك قوة مختلفة لم أراها بحوريةٍ من قبل والأهم من ذلك أن “ديكسون” وقع بغرامها.
أومأ برأسه بثباتٍ، ثم عاد ليتساءل مجدداً:
_وكيف ستتمكن من ق..ه بمفردها؟
ابتسمت وهي تشير له بأصبعها بفخرٍ:
_لا تستهان بابنتي، “ألماندين” جامحة كالنيان.
عاد ليجلس على عرشه بجسده الضخم، وهو يردد باعجابٍ من سماع كلماتها المتـ,ـباهية بابنتها:
_من المؤكد بأنني سألتقي بها ذات يوم.
التمعت حدقتيها بخـ,ـبثٍ داهي:
_بالطبع ستراها كثيراً.
ثم ارتدت ردائها مجدداً، لتنحني من جديد:
_والآن أسمح لي بالمغادرة.. وقريباً سأعود لزيارتك من جديد.
أشار بعينيه للحارس الذي أرشدها للخروج من تلك المتاهة المخيفة التي تملأها رؤؤس الأفاعي، التي يتغذى عليها شـ,ـعب الميغالودون، انتهت من سلك تلك المتاهات لتغادر وابتسامة النصر تلوح بالأفق، اقترابها من تحقيق أحلامها الثمينة جعلها تذوق طعم الأمل، فنجاحها باخفاء هدفها الحقيقي بالاستيلاء على عرش “لوكاس” جعلها تتمكن من السيطرة على ابنة شقيـ,ـقتها التي تخفي عنها سراً سيجعلها تساند العدو ضدها هي، والآن تمكنت من خداع ملك ميغالودون!
**********
بمملكة الحوريات التابعة للمملكة “راوند”.
أطرقت بيدها على العرش وهي تردد بانفعالٍ تام:
_لقد تمادت” رودوليت” كثيراً.. ظنت أن صمتي عما تقتـ,ـرفه ضـ,ـعفاً.
تأملت أحد الحوريات حالة الغضب التي سيطرت على “راوند” بخوفٍ من القادم، فمن المؤكد أن تلك الحرب الدامية سيدفع ثمنها دمـ,ـاء الحـ,ـوريات التي سيفتك بينهما، ألتهـ,ـبت عين “راوند” وهي تتابع بشراسةٍ:
_عليها الآن مواجهتي كفى صمتاً عما تفعله بمملكتي.. الا يكفيها ما فعلته وتظن بأنها تنتقم لموت شقيقاتها!
ثم تخفت لتعود سريعاً لمملكة السراج الأحمر، قاصدة جناحها لتنتظر عودة “بيرت” عله يفيدها بما تفكر بفعله.
********
وقفت على باب الجناح بارتباكٍ من المضي قدماً، تود الاقتراب منها، ضمها لصدرها ولكنها تخشى رد فعلها، أليس هذا مؤلماً حقاً؟
غريزة الأمومة التي تمنحك عاطفة نهايتها موجعة بحقك، وبالرغم من ذلك تدعس الكرامة وما يفوقها من سمات أسفل قدميها في سبيل تخفيف أوجاع الابن أو الابنة، هكذا مضت “روكسانا” لتقترب من “إيرلا” التي منحتها نظرة ساكنة وكأنها كانت تتوقع قدومها، طال رداء السكون فيما بينهما، وحينما قررت “روكسانا” قطعه أسرعت “إيرلا” بالحديث:
_أرجوكِ لا أود الحديث الآن.. دعيني وشأني.
انهمر الدمع بعينيها، وانفطرت الكلمات كعقد من ألماس تفتت فزهقت قيمته:
_ما الذي فعلته لأستحق تلك المعاملة “إيرلا” ما الذي أصابك ليجعل قلبك بتلك القسوة؟
رفعت رأسها لتتطلع إليها بجفاءٍ، ثم قالت:
_لم أتفاجأ كثيراً بحديثك.. دوماً ترينني قاسية القلب و”ديكسون” هو الحنون البار بكِ أليس كذلك!
جحظت عينيها في صدمةٍ حقيقية وهي ترى إلى أي مدى تغيرت فتاتها المدللة، فتراجعت للخلف حتى أصبحت على باب الجناح من جديد، لتخبرها قبل أن ترحل:
_أشعر وكأنني فقدت ابنتي بمكانٍ أجهله.
ثم غادرت لتتركها تواجه جـ,ـحيماً أعددته هي بذاتها!
********
حينما يشعر بالضجرٍ يختار من بين أماكنه المنعزلة بعنايةٍ، فأختار تلك المرة الاسترخاء على جذوع تلك الزهور المتشابكة، لتغدو جذورها غليظة كجذوع الشجر، حتى ورقاتها كانت كالحرير الذي يرطب الجلد بنعومته، شردت حدقتيه في تأمل شعاع القمر الأحمر الذي يتسلل خلسة بأرجاءٍ السماء مانحاً بحمرته لوناً مميز يطوف بالسماء كالموجٍ الذي يتبختر بجماله الخالد، شقت الابتسامة جفاء شفتيه حينما شعر بوجوها، قبل أن يضيف:
_تشتاقين لي سريعاً.
عبث “ألماندين” بحاجبها لتستكمل طريقها للأعلى حتى أصبحت أمام عينيه، فاستندت بذراعيها على أحد الجذوع ومن ثم تمددت على ورقات أحدى الزهور لتجيبه بسخريةٍ:
_أهناك من يشـ,ـتاق لمن يبغـ,ـضه!
إتكأ بجسده حتى صار مقابلها، ليتابع بقوله الماكر:
_ ولماذا تتابعيني إذاً أيتها الحورية الـ,ـشـ,ـرسة!
بغرورٍ أجابته:
_حتى أتمكن من ..لك يا ابن البشرية.
رغم أن تلك الكلمة تستخرج وحشه القابع خلف عرينه المتين الا أنه ابتسم وهو يخبرها بنظراتٍ غامضة:
_أمتلك إسماً رائع غير هذا.
ضيقت عينيها بسخطٍ:
_أناديك مثلما شئت.
تطلع لها مطولاً قبل أن يتحدث بجديةٍ:
_لا أعلم ما الذي فعلته بي حتى أحتمل ما تقولينه بصدرٍ لم يكن رحب بسماع تلك الكلمات من قبل .
هامت بعينيه التي استزفت جزء مجهول من قلبها النابض، تلك الربكة اللعينة تجعلها تختبر الضعف لجواره لأول مرة، صفن بها وصفنت يديه بخـ,ـصلات شعرها الرمادي، ليعبق رحيقه أنفه وكأن الزهور استمدت من عبقها رائحة خاصة، دقائق طالت بهيام العينين ولحظات كادت بها أن تعترف له بأنه شخصاً لطيف، بعيداً كل البعد عن تلك الـ,ـجرائم المشنة التي ترويها لها خالتها باستمرارٍ، ولكن ماذا عن هدفها ورغبتها بالأنتقام؟
أبعدت “ألماندين” يديه عن وجهها، لتشير له بارتباكٍ ظهر بحدتها المصطنعة:
_لا تقترب مني هكذا مجدداً.
ثم نهضت وكادت بالمغادرة، ليحلق سريعاً ومن ثم حملها ليرتفع بها عالياً ليضمن حصارها الكامل، ليجعلها أمامه ترى عينيه وتستمع لكلماته بوضوحٍ:
_أعلم بأن هناك من يساعدك بقصري لمعرفة الأماكن التي أزورها بين الحين والأخر.. وهو نفس الخائن الذي دفعك لإثارة كل هذا الشغب.
حاولت التملص من يديه بخوفٍ ظهر على ملامحها وهي تراه يتحكم بقواها، فاستطرد بنفس لهجـ,ـته المخيفة:
_هناك من سمم عقلك تجاهي وتجاه المملكة فجعلك تنفذين رغباته دون اعتراض.
تمتمت وهي تلتقط أنفاسها بانفـ,ـعالٍ:
_إتركني.
تأملها قليلاً، قبل أن يجيب:
_سأفعل.
ثم انخفض ليتركها تلامس الأرض بقدميها، ليقف أمامها من جديدٍ وهو يهمس بثباتٍ قبل أن يغادر:
_حينما تمتلكين الجرءة للحديث عما فعلته بكِ تعلمين أين تجديني؟
ثم تخفي ليتركها بحالةٍ من التشتت، أصبحت لم تتمكن من تحديد هويته أو تحديد ما يريده قلبها..
**********
بين غيوم الليل الكحيل وظلـ,ـماته وقف يتطلع لحاجز مملكته العتيق بشرودٍ جعله لم يشعر بوجود أبيه لجواره، فرفع الملك “شون” يديه على كتفيه وهو يتساءل بحزنٍ:
_لأول مرة لم تشعر بمن خلفك قبل أن يصل إليك.. ماذا بك بني؟
استدار “لوكاس” ليكون في مجابهة أبيه، ليجيبه بابتسامةٍ يسكنها الألم بوضوحٍ:
_لطالما ربحت الحروب التي خضتَها، ولكني خسرت بمعركة الحياة أبي، خسرت ابنتي التي لا تفكر الا بعنادي حتى “ديكسون” لا يؤيد أي قرار أتخذه فيخـ,ـترقه دوماً.

السابقانت في الصفحة 1 من 4 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
2

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل