
الفصل ال12..
جبر السلسبيل2..
✍️نسمة مالك✍️..
.. بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله..
من هنا بداية كل شيء، داخل منزل “سلسبيل” الثاني بمحافظة القاهرة الذي أهداه إليها طليقها “عبد الجبار”، تقف “عفاف” المرأة التي أرسلها الله لتكون السند و الداعم القوي ل “سلسبيل”، ممسكة بيدها دفتر المواعيد الخاصة بمن أتخاذتها أبنه لها..
تنظم لها يومها بالدقيقة و الثانية بدقة متناهيه، تُدير لها مواعيدها كاملة داخل و خارج المنزل، جميع العاملين بالمنزل يأخذون الأوامر منها هي، بسبب انشغال “سلسبيل” الدائم بأخذ الكثير من الكورسات الخاصة باللغة العربية و الإنجليزية، كورس تصميم لتنمية مهاراتها في الرسم، و حتي أنها تتعلم أصول الاتيكيت أيضًا ..
“عايزه الكل يركز معايا لأن انهاردة يوم مهم بالنسبة ل سلسبيل هانم و إحتمال تتأخر في الشغل عشان كده كورس الانجليزي هيتأجل لبكرة و هيكون في نفس معاده الساعة 8 أصبح و هيخلص 9 و نص ، و طبعًا عارفين إن الهانم بتصحي 6 بالدقيقة بتخلص تمارينها 6 ونص، 7 إلا ربع يكون الفطار جاهز لأنها كده هتروح تطمن على الشغل بعد ما تخلص فطار و ترجع على معاد الكورس”..
صمتت لبرهةً و نظرت للدفتر بيدها مكملة ..
” متنسوش كمان انهارده معاد كورس الرسم هيكون الساعة 6 مساءً و هيخلص الساعة 8 يكون العشا جاهز لأن الهانم بتكون 8 ونص في الفراش ده ميعاد نومها المعتاد”..
أبتسمت لهم وتابعت بود..
” أنا بفكركم كل يوم بمواعيد مدام سلسبيل عشان تثبت في دماغكم و محدش منكم ينساها.. و دلوقتي تقدروا تتفضلوا على شغلكم “..
أنهت حديثها، و أمسكت هاتفها طلبت إحدي الأرقام، و رفعت الهاتف على أذنها تنتظر الرد..
” صباح الخير يا دكتورة ..أنا عفاف والدة سلسبيل القناوي.. طمنيني يا دكتورة سلسبيل عاملة أيه معاكي؟ “..
” اهلاً وسهلاً يا مدام عفاف.. مش عارفه أقول لحضرتك أيه بس لازم أكون صريحة معاكي.. الحالة النفسية ل سلسبيل هانم سيئة جدًا بل من أسوء الحالات اللي مرت عليا، و برغم أنها دلوقتي بتمثل القوة لكنها أضعف مما هي نفسها تتخيل، عشان كده لازم يكون في رقابة عليها طول الوقت لأن جدار القوة المزيف اللي رسماه على شخصيتها ده ممكن ينهار في أي لحظة عشان كده أنا كنت برجح تفضل في المصحة على الأقل شهر تحت الملاحظة “..
ترقرقت العبرات بأعين” عفاف” و تحدثت بصوتٍ تحأذىج بالبكاء قائلة..
” معقولة يا دكتورة حالتها متحسنتش خالص.. دي بقالها أكتر من 5 شهور متابعة معاكي و مفوتتش ولا جلسة واحدة! “..
” للأسف العلاج النفسي بياخد وقت و مجهود من المريض و من الطبيب المعالج كمان.. و حالة مدام سلسبيل عانت من الظلم و الشدة لسنين طويلة مش هتتعافي من كل اللي عاشته ده في شهور قليلة”..
تنهدت” عفاف” بحزن و هي تقول..
” بس سلسبيل مستحيل توافق أنها تدخل مصحة نفسية خصوصًا بعد ارتباطها الشديد بشغلها “..
” يا مدام عفاف المصحة عندنا ليها فروع في كذا مكان جوه و برة مصر و مدام سلسبيل لو وافقت أنا هحجزلها في فرع المالديف أو في تايلند .. تعتبر نفسها في فترة استجمام، و هيكون عندها وقت كافي تستغل موهبتها في رسم المناظر الطبيعية الخلابة اللي هتكون حواليها و اللي هتساعدها كتير و تصفي ذهنها قبل ما تدخل في شهور الحمل الأخيرة “..
………………………… سبحان الله وبحمده………..
” عبد الجبار “..
ترك كل شيء حتى ثيابه تركها و أكتفي بأرتداء جلبابه، هذا الجلباب الذي كانت تختبئ بداخله” سلسبيل “من ينبض قلبه بأسمها، غادر الغرفة دون النظر ل” خضرا ” التي لم تكف عينيها عن البكاء، تسيل عبراتها على وجنتيها بغزارة، و ما أصعب دموع الحسرة، تعرضت لأبشع موقف لا يمكن أن تتحمله أي أنثى..
“قومي معايا يا أمه خلينا نمشي من أهنه”..
قالها و هو يناولها عكازها يحثها على النهوض..
تطلعت له “بخيتة” بأعين متسعة على أخرها، لتنصدم بنظرة الضياع و الانكسار الطاهرين على وجهه الحزين..
“نمشي من أهنه نروح فين؟!.. أيه اللي حُصل.. مالك يا ولدي؟!”..
أطلق “عبد الجبار ” زفرة نزقة من صدره و هو يقول “هقولك بعدين يا أمه.. بس أحب على يدك خلينا نمشي دلوجيت .. مطيقش أفضل أهنه”..
أطبق جفنيه و اصطك على أسنانه بقوة كاد أن يهشمها حين وصل لسمعه صوت ابنتيه الباكي..
“هتهملنا لحالنا و تمشي يا أبوي!!”..
جملتهما كانت كالسكين الحاد انغرس بمنتصف صدره، ركضا اثنانتهما نحوه و أرتموا داخل احتضانه يبكيان بنجيب..
“أمي مهتزعلكش تاني واصل بس متهملناش يا بوي”..
“ما تفهمني أيه اللي حُصل يا عبد الچبار؟!”..