
_
ولقيته بيقول الكلمة اللى عمرى ما كنت أتوقعها فى بداية حياتى اللى ياما حلمت انها هتكون سعيدة وان ربنا هيعوضنى بعد سنين القهر والظلم دى .
لقيته بيقولى ..للأسف يا رقية ، انا مش هقدر أكمل ولا أجيبك بيتى ، ياريت تسامحينى لانى أتخدعت فيكى للأسف .
وبعدين بصلى بكل قسوة وكمل …رقية أنتِ طالق .
قال الكلمة وانا محستش بنفسى غير وانا بصرخ وبعدين وقعت فى الأرض مغمى عليا .
فى الوقت ده كنت سامعة كلام كتير حواليا وأصوات عالية بس مش قادرة أفتح عينى أو بمعنى أصح بتهرب من الواقع اللى بقيت فيه وبتمنى بجد انى مقومش تانى وانى أمـ,ـوت أحسن .
لغاية ما جه فى ودنى صوت مميز أوى بيقول ( انت ايه اللى هببته ده يا كريم ، إزاى تعمل كده مع إنسانة زى دى ، سابت بلدها وأهلها عشان تجيلك وتلاقى معاك الحب والأمان ، تقوم تطلقها كده بكل سهولة ).
كريم …يعنى عايزها تكتب عليه جوازة والسلام ، لا يا سيدى من اولها كده فركش أحسن وترجع بلدها وانا أشوف حالى .
شريف بانفعال …..بس على الأقل كنت أديت لنفسك فرصة معاها يمكن تحبها مع الوقت ، أو على الأقل مكنتش أحرجتها بين الناس وكنت استقبلتها شوية فى بيتك وكلمتها بينك وبين نفسك وبعدين تشوف مسألة رجوعها لمصر لتانى .
لكن كده للأسف انت كسرت قلبها والبنت فعلا ممكن تمـ,ـوت فيها من القهرة دى .
كريم بلا مبالاة …بس بس يا عم شريف ، وسيبك من موضوع المشاعر ده ، انت ناسى أننا فى غربة والغربة هى اللى علمتنا إننا لازم ندوس على قلبنا عشان نعرف نعيش .
_
شريف بحزن …ندوس على قلبنا اه ،لكن مش على قلوب الناس .
كريم ..خلاص بقا يا شريف ، انا قفلت وكده الليلة باظت ، محتاج أروح بقا واشوف هعمل ايه وهقطع طبعا اجازتى واروح الشغل تانى من بكرة عشان أستفيد بفلوس اكتر .
شريف …طيب والانسانة المرمية فى الارض دى هنعمل فيها ايه ، هنسبها كده ؟
كريم ..اه سبها ، واهو حواليها ناس كتير ولما تفوق تتصل بأهلها يتصرفوا يرجعوا بأى شكل .
انا مليش فيه ، يلا بينا .
بصله شريف بإستنكار وقال …خلاص أتفضل انت روح ، لكن أنا مش هروح غير لما أطمن على الإنسانة دى .
كريم بحنق …اووف بقا ، هى كانت تقربلك وانا معرفش ولا ايه .
شريف ..اه تقربلى فى الإنسانية اللى انت طلعت متعرفش عنها حاجة.
كريم بإنفعال …شريف ألتزم حدودك ، لان كده كتير اوى وانا ساكت عشان بس الصحوبية اللى بينا .
شريف ..لا أتكلم عادى يا محترم وانت اصلا بتصرفاتك دى ، عار عليه أن يكون ليه صديق زيك .
_
كريم ..كده يا شريف ، ماشى، تمام .
من اول دلوقتى انت فى حالك وانا فى حالى ، سلام .
وفعلا خد بعضه ومشى ، ومشى معاه معظم أصحابه الا واحد بس فضل مع شريف واسمه مدحت وقال ..عجبتنى والله يا شيفو بس هنعمل ايه مع البنت دى ، دى صعبانة عليه اوى .
شريف …يلا بس بينا نخدها اى مستشفى نطمن عليها ونشترى ليها فستان لان شكلها بفستان الفرح صعب أوى فى الظروف اللى حصلت دى .
وبالفعل حاول شريف فى البداية يفوقها ولما فاقت بص لعينيها اللى كانت مليانة سائل أحمروع وقال …بصى يا آنسة رقية انا طبعا مش عارف أقولك ايه ، بس كل اللى اعرفه ، أنه كل شىء نصيب فمتزعليش واكيد ربنا شيلك الأفضل .
ودلوقتى ممكن تيجى معانا للمستشفى نطمن على صحتك الأول وبعدين متقلقيش من حاجة انا هتصرف وهحجز ليكى على أول طيارة نزلة مصر ومتشليش هم اى فلوس .
فصرخت رقية صرخة فزعتنى …أرجع مصر لمين ؟
لمرات ابويا وعيالها تانى عشان يذلونى بزيادة لما يعرفوا اللى حصل .
لاااا مش عايزة أرجع أرجوك .
ولقيتها مسكت ايدى وحبت عليها وعايزها تبوسها وهى بتترجانى وبتقول …أرجوك شوفلى اى شغلانة هنا إنشالله أمسح سلالم حتى بس مرجعش تانى أرجوك .
_
معرفش ليه ساعتها قلبى وجعنى عليها أوى ساعتها وحسيت زى ما يكون فعلا بقيت مسئول عنها ويستحيل أسبها ولازم أساعدها على قد ما أقدر .
فبصيت ليها بنظرة إطمئنان وقولت …هحاول حاضر أوفرلك شغل هنا بس عايز أعرفك أنه مش بالساهل لان مش معاكى تصريح لسه إقامة ولا عمل .
رقية …وانا هصبر لغاية ما تلاقى .
مدحت …بس لغاية ما تلاقى يا شريف ، هتروح فين يا صاحبى ؟
دى واحدة ست مش راجل هيقعد معانا فى السكن .
فتعدي شريف على رأسه وبعدين نطق بعد تفكير وقال كلمة صسائل أحمرت مدحت ورقية ذات نفسها …هو مفيش غير حل مؤقت دلوقتى يا رقية لغاية ما نشوف هنعمل ايه لغاية ما أقدر أشوفلك سكن وشغل .
وهو انى أكتب عليكى يا بنت الناس وبكده تكونى مراتى وتقعدى معايا فى الاوضة بتاعتى السكن يعنى لغاية ما نشوف الحال .
بصتله رقية بدهشة وبرده مدحت اللى فاجئه بكلامه …تجوزها يا شريف !
شريف …انتوا شايفين حل غيره قدامنا ؟
بصت رقية للأرض بحرج وقالت …بس يعنى ..ومقدرتش تكمل .
_
فكمل شريف …صدقينى هكون زى أخوكى الكبير يا رقية ، فمتخافيش ومتقلقيش خالص منى .
وده وضع مؤقت لغاية ما ندبر أمورنا ونشوف هتعملى ايه ؟
ها قولتى ايه ؟
بصت رقية تانى للأرض بحرج وخدودها بقت شبه الطمطماية وقالت بهمس …موافقة .
فابتسم شريف وقال ..على بركة الله .
يلا بينا على المستشفى نطمن عليكى وبعدين على المأذون .
وانت يا مدحت أخرج هتلها فستان زى ما أتفقنا .
فرفعت رقية وشها بحرج وقالت ..ملوش لزوم مستشفى انا بقيت كويسة وكمان معايا فى شنطتى عباية .
هاخدها وأروح حمام المطار أغير .
بس يعنى والله خايفة اكون بحلم إنك بتعمل كده عشانى وأخرج من غرفة الاستحمام مش ألاقيك .
_
مش عارفه ساعتها هعمل ايه ؟
بصلها شريف بإطمئنان وابتسم ….متقلقيش يا رقية ،هتلاقينى موجود ، هو فيه حد برده يسيب أخته ويمشى .
ابتسمت رقية وحمدت الله على قدره وطلعت العباية وراحت غرفة الاستحمام غيرت فستان الفرح ومسكته فى ايديها واحتواءته وبكت مرددة ….ربنا يسامحك يا كريم .
وخرجت بالعباية ولقت فعلا شريف ومدحت فى انتظارها وراحوا بيها على أقرب مأذون وفعلا حصل وكتبوا الكتاب وكان شاهد عليه اتنين من أصحاب شريف مدحت وجه واحد تانى اسمه عمر زميله فى الشغل .
واخده مدحت على جمب وقاله بصوت ضعيف ..مبروك يا هندسة جوازة بلوشى ، ظبط نفسك بقه كده معاها مؤقتا مع انها يعنى لا مؤاخذة مش قد كده ، بس أهو المهم الغرض وشبع نفسك لغاية ما تاخد اللى تبسطك اكتر .
فكشر شريف وقال…عيب اللى بتقوله ده يا مدحت ، هى اه مراتى بس ده على الورق بس ، ومش هاجى جنبها .
لانه حرام وانا جوه نفسى عارف أنه مجرد وقت وينتهى وهسبها لصاحب النصيب .
وكمان هى مش وحشة بالعكس أنا شايف إنها حلوة ومش قصدى الشكل وبس ، حاسس انها كمان حلوة من جوه وطيبة اوى وغلبانة .
مدحت …بس بس ايه ده كله ، لا اوقف عند حدك يا باشمهندس ، وأوعى تحبها دى ولا هى لونك ولا تليق عليك .
واعتبرها حالة إنسانية وخلاص .
_
شريف ..انا فعلا بعتبرها أختى المسئول عنها قدام ربنا .
مدحت …ربنا يجازيك كل خير يا ابن الأصول .
ويلا نسيبك بقا الوقت اتأخر عشان نلحق ننام ساعتين ونشوف شغلنا .
وبالفعل استأذنوا ومشوا وبص شريف لـ رقية لاقاها مكسوفة وحطة وشها فى الأرض وخددوها بقت شبه التفاحة .
فابتسم لخجلها وقال ..هو لسه فيه بنات بتكسف كده !
شريف …يلا بينا نروح يا رقية .
وفعلا وصلوا السكن بتاعه اللى كان عبارة عن أوضة وحدة بحمام فوق عمارة .
فبص شريف بحرج لرقية وقال ..معلش بقا يا رقية ، الحال فى الاوضة يعنى مش قد كده ، ما هو ما كنتش عامل حسابى إن ده ممكن يحصل .
دخلت رقية مكسوفة وتبص حواليها ولقت نفسها بتبتسم على شكل الأوضة الغريب ومش مترتبة نهائى وهدومه بالفعل فى كل حتة ، غير علب الأكل المرمية والورق اللى على الأرض .
وفجأة شريف مسك رأسه وكأنه افتكر فجأة ..اه انا نسيت أجيب عشا واحنا جايين فى السكة وكده للأسف انا لازم أرجع مسافة ساعة كده يا رقية .
_
بس قبل ما أنزل عايزك تاخدى راحتك وتغيرى هدومك وتتعاملى طبيعى وكإنه بيتك بقا ماشى .
فحركت رقية رأسها بخجل .
شريف …طيب هتعوزى حاجة أجبها وانا جى بالمرة ، اطلبى اللى تحبيه وانا هجيبه.
ابتسمت رقية بإمتنان …متشكرة أوى ، عايزة سلامتك ، بس متغبش عليه ، عشان أنا بخاف اقعد لوحدى كتير.
ابتسم شريف وطمنها ..متقلقيش مفيش حاجة تقلق هنا وكل واحد فى حاله .
وعلى العموم هحاول برده متأخرش .
ويلا سلام مؤقت واقفلى برده على نفسك عشان تكونى مطمنة .
وفعلا مشى شريف ، وبصت رقية حواليها وقالت ..انا لا يمكن أقعد فى مكان مش نضيف كده .
انا هحاول أنضفه على قد ما أقدر وأدينى أضيع وقت عقبال ما يجى .
وبدئت رقية تشيل كل الاوراق المرمية وعلب الأكل وتشيل الهدوم وتمسح التراب والأرض وتغير فرش مكان الراحة ورجعت بصت تانى بسعادة للمكان اللى اتغير تماما فى وقت قصير .
_
وارتاحت على مكان الراحة ولقت عينيها بتغمض من كتر التعب ومحستش بنفسها وراحت فى سابع نومة .
شوية ووصل شريف ودخل الأوضة بس وقف مصدوم وهو مش متخيل فعلا إن دى أوضته وأنها بالنضافة دى ، لدرجة أنه رجع وبص الباب عشان يتأكد فعلا إنها هى أوضته ومتلغبطش .
ورجع دخل تانى وابتسم لما شاف رقية نايمة على مكان الراحة بإرتياح .
شريف …سبحان الله نايمة وكأنها ملاك وكإنها فى بيتها .
بس مش عارف أعمل ايه أسبها تكمل نوم ولا أصحيها عشان تاكل لإنها اكيد نايمة جعانة .
لا انا هصحيها تاكل وبعدين تنام براحتها .
وفعلا بصوت هادى نادى عليها …رقية ، رقية ، رقية .
فصحيت رقية ودارت شعرها بسرعة بالطرحة وقالت بخجل …شريف ، انا آسفة نمت من غير ما أحس .
شريف ..لا براحتك إحنا قولنا ايه ، ده بقا مكانك خلاص .
بس ايه اللى عملتيه ده ، انتى خليتى المكان جنة بعد ما كان مقلب زبالة ، ومش عارف أشكرك ازاي !
_
ابتسمت رقية …تشكرنى ، انا اللى مش هعرف أرد جميلك ده عليه ابدا ، غير انى أدعيلك بالستر فى الدنيا والآخرة.
ابتسم شريف …ولا جميل ولا حاجة ، ويلا بسم الله نتعشى مع بعض وبعدين هسيبك تنامى براحتك ووترتاحى ، بس مخلصنيش تنامى جعانة .
كلمت نفسها رقية وعينيها بدئت تلمع بالسائل أحمروع ..هو إزاى فى شخص بالحنية دى كلها ، ده انا ياما نمت ليالى جعانة بعد ما مرات أبويا بتحرمنى من الأكل لو أشتكيت لابويا عن اللى بتعمله فيه طول اليوم .
ولما مات أبويا الله يرحمه ويسامحه بقا كنت باكل اللى يفضل منهم ولو مفضلش أعرف انى هنام على لحم بطنى كالعادة .
ورغم قلة الأكل إلا مش عارفه انا ليه جسمى مليان من تحت .
يلا نصيبى باين ، الحمد لله على كل حال.
وبعدين قعدت أكلت مع شريف لإنى كنت جعانة اوى وأكلت كإنه اخر زادى حتى انى انكسفت وبصيت ليه بحرج بس هو صراحة كان عامل نفسه بينقنق فى الأكل ومش بياكل كويس عشان يخلينى انا أشبع .
ده ايه الإنسان ده بجد ، ده نعمة من عند ربنا ويبختها اللى هتكون من نصيبه بجد .
شريف ..الحمد لله رب العالمين ، اقوم بقا أصلى ركعتين لله وأنام عشان الشغل بدرى .
رقية ..ربنا يعينك يا باشمهندس ، ومتنساش بالله عليك تسئلى على اى شغلانة ، عشان أنا مش عايزة أكون حمل عليك اكتر من كده .
_
لقيته بصلى وابتسم وقال …يا ستى سببها على الله ، وهى مستورة بفضل الله.
انا بشتغل شغلتين ومكفى نفسى الحمد لله.
الصبح فى الشركة الهندسية وبالليل حاجة على ما قسم كده بسيطة .
بس فيه فلوس حلوة عشان أنا مش عايزة أطول أوى فى الغربة ويدوبك بس أجمع فلوس اقدر بيه أعمل مشروع واجيب شقة فى مكان نضيف عشان كده مستحمل موضوع غسل الصحون ده رغم انى باشمهندس قد الدنيا .
زعلت رقية وحست بالحرج أكتر لانه فعلا مرهق فى الشغل وعايز يحوش مش يصرف عليها وهى مش من بقية أهله .
فقالت …ربنا يعينك يا باشمهندس والشغل مش عيب وربنا يحقق لك كل أمانيك يا قادر يا كريم .
ابتسم شريف وأمن على دعائها …يااارب .
بصى انا هصلى وهنام وهصحى بدرى وانتى هتكونى نايمة ، فعايزك لما تقومى تفطرى كويس وانا هجيب معايا الغدا جاهز .
رقية …لا كده كتير كل شوية أكل جاهز واكيد عشان أنا موجودة صح .
وده انا مش حباه لانى كده هحس إنى بجد حمل تقيل عليك وهكلفك وانت محتاج كل قرش فى الغربة دى .
_
شريف ..يا ستى مفيش مانع يعنى كل فترة نظبط نفسنا بأكلة حلوة ما احنا بنشتغل برده ومحتاجين لقمة ترم العضم.
عشان بطننا نشفت من الفول والتونة والجبنة .
فانا بكرة هجيب كبسة تكبسنا انا وانتى .
ضحكت رقية وبصتله بإمتنان وقالت …الله يعطيك ما يحرمك .
بس بدال عايز ترم عضمك ، سلمى أنا أقوم بالمهمة دى .
وهعملك أحلى اكل من إيديا .
بصلها شريف بفرحة …بجد يا رقية ، يا سلام ده انا نفسى فعلا فى أكلة حلوة من اللى بتعملهم أمى حلة محشى ولا طاجن بمية .
رقية …بس كده من عينيا الأتنين ، انت بس جبلى الطلبات وهترجع من الشغل هتلاقى أحلى حلة محشى .
شريف …صراحة مش مصدق ، ورغم انى لسه متعشى بس حاسس إنى جوعت من السيرة بس .
فضحكت رقية وضحك شريف وقال …تصورى من زمان مضحكتش من قلبى كده ، أنتِ بنت حلال والله يا رقية .
_
وإن شاء الله ربنا هيعوضك بالإنسان اللى يستاهلك .
……