
[٣/١٢ ٨:٤٦ ص] نودي: الفصل السادس
_ كدا يا آسر طب أنا مخصماك.
قالتها بتذمرٍ يعتريه الضيق، ليهتف بحنق:
_ أنا مش عايزِك تخاصميني أنا.. عايزِك تخاصمي الأكل.
هدأ محمد من مشاجرتهما قائلًا:
_ خلاص يا آسر بقى يلّا ادخلوا غيروا وتعالوا افطروا.
**************
على السفرة التف الجميع حولها يتناولون فطورهم، فسأل أحمد:
_ الله أمال فين خالد؟!
اجابه آسر وهو يلوك قطعة خيارٍ في فمه:
_ برا في المزرعة، أكيد في الأسطبل معروف هو وعصام أول ما نيجي هنا بيجروا على هناك متعرفش يا أبو حميد في أيه هناك وشوشو ابتدى يلعب في عبي.
نظر عمه إليه بدهشةٍ ثم علق متسائلًا:
_ مين شوشو ده يا آسر؟!
_ الشيطان يامعلم.
هتف بها آسر في مرح، ولكن قاطعه صوت والده متمتمًا:
_ بس يا محمد اسمع وبس، وأنت يا زفت قوم ناديله.
رفع آسر كفيه بوضع أنه ليس لديه علاقة، وأجابه بعدم مبالاة:
_ وأنا مالي ياعم ما تخلي مراتك تناديه.
نظرت “ٱمال” إليه بحدةٍ مصطنعة وهتفت به:
_ ولد عيب.
مط شفتيه لها بتذمر، يردد بغيظٍ:
_ يعني مش شايفة يغلط فيا من ساعتها ولا ده القلب الحنين.
هتف أحمد بغضبٍ جامح:
_ والله لأوريك ياكلب أن مغيرتش من أسلوبك ده لكون فصل لسانك ده عن جسمك.
نظر آسر إلى والده بمكرٍ، ثم هدده مرددًا بهمس:
_ كدا طيب أمولة حبيبتي لازم أعرفك بجاكلين عسل دي حتى معجبة بـ…
اندفع أحمد بحديثه مقاطعًا ابنه عن تلك المشكلة التي قد يتسبب بها:
_ خلاص ياحبيبي أتكلم براحتك وقومي أنتِ يا ياسمين نادي لابن عمك من الاسطبل.
أومأت ياسمين برأسها موافقة، لتنسحب بعدها نحو الإسطبل. نظرت آمال إلى ابنها الذي تابع تناول طعامه وعيناه الضاحكة مصوبةٌ نحو أبيه، الذي بادله إياها بأخرى غاضبة.
_ جاكلين مين يا آسر؟ ومعجبة بمين؟
قالتها والدته مقاطعة سيل النظرات بينه وبين زوجها، فغمز والده بمكر وأجابها بثقة:
_ بابنك طبعًا ، هوأنا أي حد؟!
تعالت ضحكات زوجة عمه “سهير” التي هتفت بسعادة:
_ أسورة كبر ياناس وبقى ليه معجبين.!!
_أومال إيه؟! دي كانت هتموت وتتجوزني صح يا أبو حميد؟!
هتف بها بمكرٍ مغموسٍ بثقة، أجابه الآخر بتلثمٍ:
_ ها؟!… آه…آه.
كتم محمد ضحكته التي ظهرت لفهمه ما يقصده ابن أخيه ، يهمس أخوه بصوتٍ منخفض:
_ بتضحك على إيه يا محمد؟!
أزاح محمد كفه عن فمه وضغط على أنفه بسببابته وإبهامه بخفةٍ ثم قال بذات نبرة أخيه الهامسة:
_ أصل عارف آسر قصده إيه؟ عشت وشوفتك خايف من حد، ومين ابنك الصغير ، دا انت مبتخافش من البوص خايف من أسر.
اشتعل أحمد غيظًا ، ليهتف من بين أسنانه بغضبٍ دفين
_ بطل ضحك عشان متموتش ونفسك في حاجة يا خويا.
**********
في الأسطبل كان خالد يرتدي بنطالًا جملي، “تي شريت” أسود يبرز كل عضلاته، يحمل بين يديه فرشاةً خاصة يمشّط بها شعر فرسه، وإلى جانبه تقف سيرين مرددة بدلالٍ:
_ خالد عايزه أركب خيل.
_ماتركبي حد ماسكك.
هتف بها بحنقٍ لتقترب الأخرى منه وشبكت كفها بكفه، تردف وهي تمط شفتيها بحزن مصطنع:
_ ركبني أنت، مش بعرف.
أفلت خالد كفها، وقد أوشك أن يرد برفضه، لكنه لمح طيفًا يتبختر ويؤجج دقات قلبه ، فابتسم ابتسامةً خبيثة قائلًا:
_ بس كدا ؟! حاضر، تعالي.
حملها بين كفيه. يُصعدها على ظهر الحصان لتهتف بخوفٍ بطياته دلال مزيف:
_ نزلني… أنا خايفة، لاء.
ابتسم الآخر شامتًا بكلتيهما خفيةً، وقال لها:
_ يا جبانة تعالي.
اشتعلت نظرات ياسمين غيظًا، شعرت أن قلبها سيتوقف لشدة الحزن وفزعت عندما رأت عديمة الأخلاق تلك تقترب من حبيبها وعلى وشك تقبيله، فصرخت ياسمين بحدة:
_ خالـــــــد.
انتفضت سيرين من فعلتها، وهي تضع يدها على قلبها تتحسس سرعة نبضاته:
_يا مامي… ياسمين خضتني.
_سلامتك من الخضة يا قلبي.
قالها خالد بنبرة حبٍ زائفة، أشعلت ياسمين أكثر، فقالت وهي تكز أسنانها:
_ بابا عايزك عشان تفطر.
لم يبال لنظراتها، ليتجهلها كلِّيًّا وينظر للأخرى:
_روحي وإحنا جايين وراكي.
اندفعت بخطواتها نحوهما تقول بنبرتها الحادة:
_ أنا مش همشي من غيرك اتفضل.
نظر لعينيها المشتعلتين، ثم تجاهلها وأنزل سيرين عن الفرس موجهًا حديثه إليها:
_ يالا يا سيرين.
ودخلا البيت تاركًا خلفه تلك التي تشيط غضبًا.
*********
انضم خالد وسيرين وياسمين مجددًا إلى المائدة، يتبعهم بعد دقائق دلوف عصام، الذي تقدم نحوهم بعد تحيته قائلًا بمرح:
_ إيه ده ؟! أنا حماتي بتحبني ولا إيه؟
التفت والده إليه مرحِبًا به، ثم أشار إليه بيده مردفًا:
_ تعال يا حبيبي ، اتأخرت ليه؟!
_ أول ما خلصت الاجتماع جيت فورًا
أجابه عصام وهو يربت على كتفه، فسمع بعدها سؤال آسر السخيف:
_ عصام أنت جيت؟!
_ لا لسه يا خفيف.
أجابه عصام بسخطٍ، في حين كانت سيرين أول من راقبت دخول عصام البيت، كم ودَّت أن توقعه بشباكها ولكنها فشلت بذلك، تراه الآن وهو يزداد جمالاً في كل زيٍّ كان يرتديه، والآن يتألق أمامها ببِذّلةٍ رسميةٍ باللون الكحلي، بتصميمٍ مميز للغاية، وشعره الذي تصل خصلاته بطولها إلى آخر رقبته، والتي يحرص دومًا على تصفيفها بطريقةٍ تزيده جمالاً و تزيد من من حوله فتنةً، وأخيرًا عطره الذي يفوح منه عن بُعد أمتار، والذي لا مثيل له إلا لوحده.
_ أخيرًا جيت أنا بستناك من ساعتها يا عصام.
هتفت بها سها بسعادة، فأجابها عصام وهو على علم بما تريد:
_ ليه خير؟!
_عايزين ناكل الكفته اللي بتشويها لينا بليز.
قالتها برغبةٍ صادقة تجاه ما طلبته، فدفع آسر كتفها قائلًا:
_ أنتِ مش بتفكري إلا في الأكل…
_ خلاص يا سها هغير وآجي.
هتف بها عصام مبتسمًا، واتجه بعدها نحو الأعلى إلى غرفته ليبدل ثيابه، دخل الغرفه و وضع هاتفه ومتعلقاته ويخلع “جاكيت” البِذلة، وفتح القميص، ثم شرع في تجهيز ملابسه ليأخذ حمامًا يريحه من عناء اليوم، ولكنه وقف متصنمًا مكانه، حيث كانت ندى تقف أمامه ترتدي بُرنُس الحمام فقط وشعرها يتساقط منه الماء كلآلئ فكان شكلها مثيرًا للغاية، ركضت ندى تعود إلى الحمام، لكن صوته الغاضب استوقفها:
_ أنت مجنونة صح!؟!
تلعثمت في جوابها قائلة:
_ أنا آسفة… بس الحمام اللي في أوضتي مفيش فيه مايه قولت… قولت آجي اخد شاور هنا مكنتش أعرف إنك هتيجي دلوقتي من فضلك يا عصام أديني هدومي من عندك، وأنا هلبس وأخرج .
مدّ ذراعه يلتقط ملابسها، ويعطيها لها قائلًا:
_اتفضلي.
_شكرًا.
همست بها بنبرةٍ خجلة ووجنتين محمرتين، لتعود بعدها إلى الحمام تبدل ثيابها، وبعد دقائق خرجت وهي خجلةً للغاية، ما استطاعت رفع عينيها عن الأرض لشدة إحراج ما تعرضت له، ردد بنبرة هامسة ممزوجة بالخجلٍ:
_ أنا آسفة يا عصام ، أنا والله فكرّت إنك هتتأخر.
نظر إليها ثم حرك رأسه متقبلًاً أسفها:
_ عادي يا ندى حصل خير.
كانت ستنسحب تجاه غرفتها لولا اندفاع ياسمين إلى الداخل أيضًا فكانت غاضبةً، واتضح ذلك جليًا في نبرتها الحادة:
_ ندى، أنتِ هنا وأنا قالبة عليكي الدنيا؟!
تعجب الأثنان دخولها العنيف، فسألتها ندى بدهشة:
_ في إيه؟!
مطّت شفتيها تهتف بحنق مشيرةّ إلى الفراغ:
_ البت دي هتموتني يا ندى ، والله أخنقها وأخلص.
اتسعت عينا ندى وهي تعلم من تقصد، لتسألها مجددًا:
_ ليه عملت إيه؟!
اقتربت ياسمين منها وبدأت تقلّد “سيرين” بطريقةٍ ساخرة وبغيظ:
_قال ايه أنا لبسي بلدي ، أنا أنا اللي بلبس من أشهر الماركات لبسي بلدي!
كتم عصام ضحكته واقترب من اخته يضم كتفيها بكفيه:
_سيبك منها يا ياسمين دي متخلفة.
_ آه يا عصام معك حق.
هتفت بها ندى وهي تقترب منهما، لتنظر ياسمين لأخيه، محدٌثةً إياه بدلالٍ طفولي:
_ ماليش دعوة أنزل هاتلي حقي.
_ أنتِ عارفة يا ياسمين بابا بيعز أبوها قد إيه استحملي اليومين دول خاليهم يعدوا.
قالها عصام بهدوءٍ، لتلمع عينا الأخرى بابتسامةٍ، مرددة:
_ بس إحنا ممكن نجبلها حقها بمنتهى الذوق.
ضيّق عصام عينيه وهو يسألها:
_ اللي هو إزاي؟!
ابتسمت ندى إليه، ثم سحبت ياسمين من كفها قائلة:
_تعالي يا ياسمين.
نزلوا جميعهم إلى الأسفل، وتوقفوا مكانهم مصدومين عندما وجدوا سها تتشجار كلاميًا مع سيرين.
_ ياي أنتِ بيئة أووي.
هتفت بها سيرين بدلالها المعهود لسُها ، لترد الأخرى بنبرةٍ أشد قسوة:
_ أنا بيئة يا زبا*** بقى أنا مش عاجبك وزني أنتِ مالك اتخن أخس إيه حشرك؟!
تجمع الكل حولهما يراقبون ما يحدث بينهما، بتوجسٍ فسأل أحمد:
_ في أيه يا بنات ما تفهمونا إيه اللي بيحصل؟!
_ من خلال الحاسه السابعة بتاعتي…
قالها آسر موضحاً، ليقاطعه خالد بسخرية:
_الحاسة إيه يا خويا؟!
_ السابعة، أقدر اقولكوا أن في خناقة.
نظر إليه عصام بغيظ، ثم هتف ساخرًا:
_ يارجل وأنا اللي كنت مفكر أن هم بيلعبوا!
اقتربت ياسمين من والدها توضح له ما يحدث:
_ مافيش حاجه يا بابا الابله سيرين بتحب بس تتدخل في اللي ملهاش فيه.
_ والله ؟!إزاي بقى يا ابله ياسمين؟!
اندفعت بخطواتها نحوها تحدثها بكبرياء:
_كويس إنك عارفة إني ابقى ابلتك يعني تعملي ألف حساب ليا.
رفعت سيرين سبابتها في وجه من أمامها محذرة:
_ احترمي نفسك يا ياسمين.
تقدم عصام نحوهما في محاولةٍ منه بالتدخل، لكن أوقفه والده، فهذه مشاجرة فتيات لا يحق للرجال التداخل، صدح صوت ياسمين الغاضب وهي تقبض على إصبع سيرين:
_ أنا محترمة غصب عنك الدور والباقي عليكِ يااا….
افتلت الأخرى إصبعها من قبضة ياسمين، تردد بكلماتٍ مهينة:
_ أنتِ بني آدمة وقاحة.. زبالة.
اندفعت ياسمين نحوها تمسك شعرها بين قبضتها ، اتسعت أعين الجميع ، لتلحق بها ندى تفلتها في محاولة لتهدئة الوضع:
_ بس يا ياسمين عيب اللي بتعمليه دا أنا مكنتش أتوقع منك كدا.
ابتسمت سيرين لياسمين بانتصار ، وهي تعيد ترتيب خصلات شعرها التي كادت أن تبعثرها ياسمين، في حين نظرت لها الأخر بغلٍّ فشلت في مدارته ، ثم قالت بحنقٍ:
_ أنتِ مش شايفة بتقول إيه!
_ عيب إحنا أتعودنا ما نردش على حد حتى لو كان قليل الأدب وعايز يتربى، بابا وعمي معلّموناش كدا تربيتنا متسمحش بكدا حتى لو سردين دي… أوبس آسفة أنتِ قولتلي اسمك إيه؟!
_ سيرين.
هتف بها سيرين جاحظة العينين، لتقول ندى مؤكدة:
_ آه برلين.
ابتسمت ياسمين لسخرية ابنة عمها، فنكزتها بإصبعها:
_ سيرين يا ندى.
نظرت لها الأخرى مبتسمةً بمكر، وتابعت حديثها بسخرية:
_ What ever اسمها إيه المهم حتى لو غلطت لازم تسكتي يا حبيتي دا مهما كان ضيفة في بيتنا حتى لو كان ضيف غير مرغوب فيه لازمًا تعمليه بأدب برضو مش كدا يا عمي.
نظرت لعمها بابتسامةٍ متسعة، فيبادلها إياها مؤكدًا كلامها:
_ كدا يا روح عمك.
اشتعلت سيرين غيظًا ولشدة إحراجها انسحبت مغادرة المكان كله، اتسعت ابتسامة الفتيات بفخرٍ ، وهتف آسر بسعادة:
_الله عليك يا ندوش يا جامد ، عسل والله.
زادت ابتسامتها ولمحت خالد يتقدم نحوها يقربها من صدره بعناقٍ أخوي قائلاً:
_ دا أنتِ مالكيش حل.