
•• الفصل الأول ••
* ليله زفاف *
تعلقت الزينات بكل مكان …حاوطت الأزهار السلم الزجاجى لقاعه الأفراح الضخمه فى بهاء …. تعالت الأضواء الكريستاليه تتراقص لفرحتها …
ها هم المدعون يجلسون بإنتظار قدوم العروس ..كان مشهد مبهج من الطراز الأول ….
تعالت أصوات الموسيقى الصادحه مع دقات الدفوف التى دقت القلوب معها .. فها هما العروسان يطلان ببهائهم …
تعالت أصوات التبريكات للعروسيين ليبدأ حفل الزفاف وسط دموع هذا الكهل الضعيف الذى تعلق ببصره بتلك العروس الحسناء ….
جلس العروسان تتعالى إبتساماتهم فاليوم أول يوم فى بناء هذه الأسرة الجديده وتكوين عُش هادئ لحياتهم سوياً ….
كان الخجل سمه لها فى هذه الليله ..كذلك رهبه هذه الحياه الجديده التى تدق أبوابها … جعلتها تطلب من خبيره التجميل إسدال طرحه من الشيفون على وجهها ربما تمنع خجلها المتزايد فى هذه الليله ….
نظر العريس إلى عروسه بإبتسامه ثم أردف بفضول شديد ..
_ حلو موضوع الطرحه إللى على وشك دى … بس خلينى أشوف وشك الحلو …
مدت أطراف أصابعها البيضاء بخجل شديد لتقوم برفع الطرحه من فوق وجهها ثم أعادتها إلى الخلف …
نظر العريس نحوها بأعين متسعه بإنبهار واضح فقد أتمم تلك الزيجه دون رؤيتها مسبقاً لكنه تذكر حديث والدته معه …
” متقلقش عروستك دى قمر ملكه جمال إوعى تضيعها من إيدك …”
تهدج صدره إعجاباً بتلك الفاتنه مردفاً بأعين متفحصه ..
_ ومخبيه عننا الجمال ده كله ليه ….؟؟؟
إبتسمت “ورد” بخجل شديد لتتابع بعيونها والدها الباكى من بعيد …
( “ورد” … فتاه رقيقه حساسه جداً .. بيضاء البشره ذات وجه ممتلى وعيون زرقاء بلون السماء الصافيه … تشبه والدتها الراحله إلى حد كبير .. متوسطه الطول .. دوماً تجذب الأنظار لشده بهائها و حُسنها …. بنت وحيده ليس لها أخوه أو أخوات أشقاء .. دللها والدها الطيب دون أن يضغط عليها يوماً فهذه طبيعته … غمرها بحبه وحنانه دللها منذ نعومه أظافرها بعاطفته وطيبه قلبه …
لكن مع دلاله لها إلا أنها لم تكن متطلبه بل أثنى الجميع على حسن خلقها وتربيتها …
لم تعصى يوماً والدها فقد كانت تستمع لطلبه منفذه إياه بمحبه وعطاء كما علمها ، إعتادت على هذا الحنان المغدق والرعايه من والدها المحب ..”
نظر العريس “حسام” إلى عروسه محاولاً فتح مجالاً للحديث معها ..
حسام: مش بتقولى حاجه ليه يا “ورد” …؟؟؟
ورد: حقول إيه …؟!!
ضحك حسام بجرائه وهو يغمز بإحدى عينيه مردفاً …
حسام: لاااااا …النهارده مش يوم كسوف خالص ….
توردت وجنتيها بقوة وشعرت بتخوف وإضطراب واضح لتعيد بصرها تجاه والدها الذى مازالت دموعه لفراقها تبلل وجهه النحيف …
( “عبد المقصود العالى” … والد ورد … رجل قصير القامه هزيل الجسم .. يقف من بعيد بعيون باكيه لفراق صغيرته “ورد” بزواجها اليوم من “حسام” ….”
نظر “عبد المقصود” تجاه تلك المرأه التى تقف إلى جواره وقد إتسعت إبتسامتها لتملأ الكون كله وهى تنظر تجاه العروسين السعيدين بفرحه غامرة ….
بصوت حزين مهتز وجه إليها “عبد المقصود” حديثه قائلاً …
عبد المقصود: حتوحشنى أوى يا أم محمد …
زمت “ناهد” شفتيها بغضب وهو تكظم غيظها منه متحدثه بحده من بين أسنانها …
ناهد: والله يا “عبد المقصود” أنت غاوى تعصبنى وتعكننى فى يوم زى ده … إيه حكايه أم “محمد” إللى طالع لى فيها دى كل شويه … يا تنادينى بإسمى يا تقولى أم “حسام”… هو مش “حسام” إبنى الكبير برضه ولا إيه …؟!!!
بحنو بالغ حاول “عبد المقصود” إسترضاء “ناهد” ..
عبد المقصود: خلاص يا ستى متزعليش … أم “حسام” أم “حسام” …بس أنا بحب إسم إبنى منك .. عشان كده بقولك يا أم “محمد” ….
بنفور شديد رمقته بجانب عينيها وهى تملى تعليماتها بحده تجاهه …
ناهد: وأنا قلت لك يا تنادينى بإسم إبنى الكبير يا تقولى “ناهد” وخلاص ….
عبد المقصود: ماشى يا أم “حسام”… بس أنا بحب إسم أبو “محمد” …
بقله صبر أردفت “ناهد” بغير تحمل لحزنه المبالغ فيه …
ناهد: خلاص يا أبو “محمد” … متضايقناش فى يوم حلو زى ده … إحنا ما صدقنا فرحنا …
عبد المقصود: حاسس إن “ورد” لسه صغيرة وإستعجلنا أوى بجوازها من حسام إبنك ….
زفرت “ناهد” بعصبيه وهى تنهر “عبد المقصود” …
ناهد: اللهم طولك ياروح …. صغيرة إيه بس ما هى عروسه قد الدنيا أهى ولسه مخلصه جامعتها … وبعدين يعنى هو “حسام” إبنى عيبه إيه …؟؟
عبد المقصود: “حسام” ربنا يبارك لك فيه .. مفيش منه .. أنا بس “ورد” هى إللى حاسس إنها لسه صغيره على الجواز … ومتعرفش حسام كويس …دى وافقت عليه عشان أنا طلبت منها كده .. وهى مش بتحب تزعلنى …
ناهد: ميبقاش بس قلبك ضعيف أمال .. كل بنت مسيرها للجواز و”حسام” إبنى لو لفت الدنيا كلها مش حتلاقى ظفره … ده طول حياته عايش فى أستراليا … مش أى كلام يعنى …
عبد المقصود: ربنا يهنيهم ….
لوحت “ناهد” بكفها بإرتياح ..
ناهد: أيوه كده …إدعيلهم إنت بس ….
إنتهى حفل الزفاف و إستقل العروسين سيارتهم المزينه متوجهين نحو شقتهم الجديده التى قد حضرتها لهم “ناهد” …
بينما إستقل والد العروس وزوجته “ناهد” و إبنهما الصغير “محمد” سيارته ليوصل العروسين ويطمئن على “ورد” ويعودوا إلى منزلهم بعد ذلك ….