
الحلقه الثانيه عشر
دخلت “سمر” البيت لتسمع صوت “فيروز” هاتفه :
– “سمر” استنى عايزاكى
التفتت لها “سمر” التى كانت ترتدى السواد .. قالت لها “فيروز” بحنان لم تألفه :
– انتى كويسه يا حبيبتى
رفعت “سمر” حاجبها دهشة لكلمة “حبيبتى” .. لكنها ردت بهدوء :
– أهاا كويسه .. عن اذنك
وقفت “فيروز” أمامها تعترض طريقها وهى تبتسم قائله :
– عايزين نتكلم مع بعض يا “سمر”
شبكت “سمر” ذراعيها أمام صدرها وهى تقول :
– خير .. نتكلم فى ايه ؟
قالت “فيروز” برقه :
– حبيبتى دلوقتى انتى عارفه ان مفيش حد يدير الشركة .. وكده مينفعش لازم نبتدى نشوف مصالحنا
نظرت اليها “سمر” ببرود فأكملت “فيروز” بحماس وهى تمسح على ذراعيها :
– حبيبتى مش عايزاكى تشغلى بلك بأى حاجه .. أنا قررت أنزل من بكرة أشوف الشغل فى الشركة .. مش معقول هنفضل سايبنها كده .. بس …….
قطعت حديثها ثم ارسمت ابتسامه ناعمة على شفتيها وهى تقول :
– محتاجه بس تعمليلى توكيل عشان أعرف حبيبتى آخد القرارات عنك فى الشركة .. أنا كلمت المحامى وهييجى بكرة
ثم مسحت على وجنتها بأصابعها وهى تقول :
– ماشى يا “سمر”
تحولت نظرات “سمر” من البرود الى التحدى وهى تقول :
– محدش هيشوف شغلى غيري يا “فيروز”
اختفت ابتسامة “فيروز” وظهر فى عينيها الغضب وهى تقول :
– وانتى تعرفى ايه عن الشغل .. طول عمرك أعده فى البيت مبتشتغليش
قالت “سمر” بتهكم :
– وانتى بأه اللى تعرفى حاجه عن الشغل .. من يوم ما بابا اتجوزك وانتى أعده فى البيت معززه مكرمة طلباتك مجابه بدون أى مناقشة
عقدت “فيروز” جبينها بشدة وقالت بحده :
– يعني ايه .. هتنزلى الشغل
رفعت “سمر” حاجبيها وقالت بصرامة :
– أيوة هنزل الشغل .. وأدير شركتى بنفسى يا “فيروز”
ثم اقتربت منها خطوة وربتت على وجنتها قائله بنعومه ممزوجة بالبرود :
– ريحى نفسك انتى .. ماشى
دخلت غرفتها وتركت “فيروز” خلفها تغلى من الغيظ .. فنصيبها من الميراث لا يعطى لها حقاً فى ادارة الشركة .. فالنصيب الأكبر .. لـ “سمر” .. والتى تصبح هى رئيس مجلس ادارة الشركة !
**********************************
سمعت “فريدة” طرقات على باب غرفتها .. نهضت من أمام الحاسوب وفتحت الباب .. ابتسمت قائله :
– “نهال” .. تعالى ادخلى
دخلت “نهال” وقالت بمرح :
– حسيت بالملل وأنا أعده لوحدى قولت آجى أعد معاكى شويه
أغلقت “فريدة” الباب وتوجهت الى اللاسلكى فى غرفتها وقالت :
– هطلبلنا حاجه نشربها ونعد نرغى مع بعض شويه
اتبمست “نهال” بمرح قاله وهى تجلس فوق الفراش وتضع الوسادة فوق قدميها :
– ماشى
انتهت “فريدة” من طلب العصير وجلست بجوار “نهال” قائله :
– ها قوليلى أخبارك ايه .. مستعده لبدء الدراسة
– مممممم يعني .. بصراحة قلقانه شوية
– ليه بأه
قالت “نهال” بنبرة حالمة :
– يعنى أكيد الجامعة غير المدرسة .. حياة تانية وجو تانى .. نفسى أبقى معروفة ومحبوبه وليا صحاب كتير .. وخايفة ده ميحصلش
أطرقت “فريدة” قليلاً ثم قالت :
– بصى يا “نهال” .. أكتر حاجة بتميز البنت هى أخلاقها وتمسكها بدينها ومبادئها .. فى بنات كتير فاهمة الموضوع غلط .. فاهمة انها كل ما اتنازلت عن مبادئها أكتر كل ما كانت ستايل وروشه ومحبوبه .. لأ بالعكس .. كده هيبقى زيها زى أى بنت تانية بتعمل زيها .. لكن اللى عايزه تتميز فعلاً تتميز بأخلاقها .. بالحدود اللى تحطها مع اللى بيتعاملوا معاها .. بإسلوبها فى الكلام .. بدينها وتمسكها بيه .. ده هو الى بيميز بنت عن التانيه
ثم قالت :
– بصى يا “نهال” .. زى ما قولتى الحياة فى المدرسة وفى ثانوى غير الجامعة .. فى الجامعة بتختلطى بمختلف البيئات والشخصيات والطباع .. وطبعاً بنات على شباب .. لازم تبقى داخله الجامعة وانتى حطه لنفسك مبادئ معينه تمشى عليها .. وخطوط حمرا مينفعش تتجاوزيها .. مينفعش تبقى معدومة الشخصية وتسيبى نفسك ماشيه مع التيار .. كلمة تجيبك وكلمة توديكي .. ساعتها مش هتخسرى اللى حوليكي بس .. لا .. انتى هتخسرى نفسك كمان
كانت “نهال” تستمع اليها بعدم اقتناع .. نهضت فجأة وكأنها تريد اسكاتها عن ذاك الحديث الذى لم تجد فيه نفعاً .. توجهت الى حاسوبها وهى تقول :
– “فريدة” أنا الأكاونت بتاعى على الفيس فى حظرفى الرسايل .. وعايزة أبعت رسالة ضرورى لوحده صحبتى .. ممكن أبعتها من عندك .. عندك أكاونت على الفيس مش كده
سمعتا طرقات على الباب .. قالت “فريدة” وهى تنهض لفتح الباب :
– أهاا .. هتلاقيه مفتوح أدامك .. كنت لسه داخله عليه حالاً
فتحت “فريدة” الباب وتناولت صنية العصير من الخادمة مبتسمه :
– شكراً تسلم ايدك
ابتسمت الخادمه وهزت رأسها بأدب .. كانت أصابع “نهال” تعبث بسرعة فى حساب “فريدة” على الفيس بوك .. وأخيراً وصلت الى مبتغاها .. حساب “مهند” الذى وجدته مضافاً فى قائمة أصدقاء ” فريدة” .. حفظت الإسم والإيميل ثم أرسلت رساله لصديقتها حتى تغطى على استخدمها الحاسوب .. ثم نهضت ولمعت عيناها وهى ترشف من العصير ببطء
********************************
التفتت “سمر” الى “باهر” الجالس بجوارها فى السيارة وقالت :
– محتجاك أوى يا “باهر” .. “فيروز” عايزه تستغلنى .. الهانم عايزه منى توكيل عشان تعرف تدير الشركة وتسرقنى براحتها
ثم قالت وهى تنظر اليه بحب :
– مليش غيرك أثق فيه يا “باهر” .. أنا هعملك انت التوكيل .. أنا مليش فى الشغل ومعرفش حاجه أبداً عن شغل بابا الله يرحمه .. عشان كده عايزاك انت تدير كل حاجه
أمسك “باهر”بيدها مقبلاً اياها وهو يقول :
– حبيبتى مش عايزك تقلق طول ما أنا جمبك .. والشركة أمرها سهل .. من بكرة هروح أشوف الدنيا ماشيه ازاى
ارتسمت ابستامه على شفتيها وهى تقول :
– كنت واثقة انك مش هتسيبنى لوحدى .. ان شاء الله بكرة هاجى معاك الشركة ونكلم المحامى ونمشى فى اجراءات التوكيل
قبل يدها مرة أخرى وهو يقول مبتسماً :
– ماشى يا حبيبتى زى ما تحبى
نظرت اليه وقد لمعت عيناها بالعبرات قالت :
– “باهر” مليش غيرك دلوقتى .. اوعى تسيبنى
قال لها “باهر” مستفهماً :
– ليه دايماً بتكررى الجملة دى .. مين قال انى هسيبك
تنهدت وابتسمت بتوتر وهى تقول بأعين دامعه :
– مفيش بس أنا طبعى كده .. لما بحب حاجه بخاف تضيع منى .. يمكن عشان طول عمرى كل حاجه حبتها ضاعت منى .. فبقيت على طول بحس بخوف وبقلق .. متزعلش منى .. لما بقولك كده مش معنى كده انى مش واثقه فيك .. لأ .. أنا بس بحب أسمعك دايماً وانت بتقول هفضل معاكى يا “سمر” .. مش هسيبك أبداً يا “سمر” .. الكلام ده بيطمنى وبيقلل الخوف جوايا
اتسعت ابتسامته وهو يقول :
– هفضل معاكى يا “سمر” .. مش هسيب أبداً يا “سمر”
اتسعت ابتسامتها هى الأخرى ومسحت العبره التى فلتت من عينها ونظرت اليه وهى تشعر بالراحة والأمان
********************************
التف الجميع حول طاولة الإجتماعات بالشركة .. وبعدما انتهى الإجتماع رحل المدراء بإستثناء “عدنان” و “مهند” و “نهاد” و “علاء” .. قال “عدنان” وهو يستند بذراعيه فوق الطاولة :
– فى موضوع حابب أكلمكوا فيه اي ولاد
نظر الجملع اليه وقد أرهفوا آذانهم
صمت “عدنان” قليلاً .. ثم قال بعزم :
– أنا فكرت ألغى مرتباتكوا من أول الشهر الجاى
نظر الجميع الى بعضهم البعض فى دهشة .. قال “علاء” بإستغراب :
– ازاى يعنى يا عمى .. هنشتغل من غير مرتب ؟
قال “عدنان” بحزم :
– أيوة هتشتغلوا بدون مرتب .. هتشتغلوا بنسبه
ضاقت عينا “مهند” وهو يتطلع الى عمه .. بينما نظر اليه “نهاد” و “علاء” بدهشة .. فأكمل “عدنان” مبتسماً :
– دى طريقة فكرت فيها عشان تتحمسوا للشغل أكتر أكن كل واحد بيشتغل فى شركته الخاصة .. وزى ما يدى زى ما هياخد .. زى النبته اللى لو اهتميتوا بيها وراعيتهوها هتكبر وهتزهر وهتبقى أحلى وردة
ثم فتح ملفاً وأعطى لـ “مهند” ثلاث ورقات وقال :
– واحدة ليك يا “مهند” وو احدة لـ “نهاد” وواحدة ” لـ “علاء”
أخذ كل منهم ورقته يقرأها .. أكمل عدنان :
– ده عقد بنسبة كل واحد فيكوا .. اللى موافق يشتغل معايا بالنسبة اللى حددتها .. يمضى العقد دلوقتى
صاح “علاء” بحنق وهو يرى بطرف عينه ورقة “مهند” و “نهاد” :
– بس يا عمى حضرتك مديني أقل نسبه فيهم .. ومدى “مهند” أعلى نسبه
تجعد جبين “نهاد” وهو يستمع الى كلام أخيه .. قال “عدنان” بحزم :
– أنا كتبت لكل واحد النسبة اللى يستحقها يا “علاء”
صاح “علاء” بغضب مكتوم :
– بس يا عمى احنا شغالين فى الشركة دى من قبل ما “مهند” يشرف .. يعني احنا اقدم منه وأحق منه
هتف “عدنان” بغضب :
– انت بتتكلم أكنى مت يا “علاء” .. وانتوا أعدين بتوزعوا فى الميراث .. أنا لسه عايش ممتش
قال “مهند” بجديه :
– عمى “علاء” معاه حق .. أنا أجدد واحد فيهم فى الشركة ومينفعش ……..
ضرب “عدنان” على الطاولة بيده وهو يقول بغضب :
– دى شركتى ودى فلوسى وأنا حر فيها .. كل واحد معاه العقد بتاعه اللى عاجبه يمضى عليه واللى مش عاجبه يقطعه ويرميه .. أنا لسه بعقلى وبصحتى يعني عارف كويس أوى بتصرف ازاى
ران الصمت بعد كلماته الغاضبة .. قطعه قائلاً بحزم :
– الإجتماع انتهى
نهض الجميع متثاقلاً .. فنظر الى “مهند” قائلاً :
– خليك شوية يا “مهند”
جلس “مهند” فى مكانه مرة أخرى بينما رمقه “علاء” بنظرات حقود وهو ينصرف بصحبة “نهاد” الذى عقد حاجبيه بضيق .. فى الخارج هتف “علاء” :
– مش قولتلك .. مش قولتلك يا “نهاد” ان عمك هيخليه الكل فى الكل على حسابنا .. أهو اداله نسبه أرباح اعلى منى ومنك .. مين أولى بالنسبه اللى أخدها دى .. ولسه لما بابا يعرف
قال “نهاد” بضيق شديد وهو ينظر الى الورقة فى يده :
– “علاء” أنا مش ناقصك .. سيبنى دلوقتى
قال “علاء” بحده قبل أن ينصرف :
– خلينا كده أعدين حطين ادينا على خدنا لحد ام عمك يكتب كل حاجه بإسم “مهند”
رفع “نهاد” رأسه ينظر الى “علاء” الذى غادر غاضباً يزن كلماته فى عقله والتى زادت من تقطيبة جبينه
بدا على “مهند” الضيق .. قال “عدنان” :
– مش هتمضى العقد بتاعك
قال “مهند” بأدب :
– عمى .. أنا مش عايز مشاكل مع ولاد عمى .. هما معاهم حق .. يعني هما شغالين فى الشركة قبلى و …….
هتف “عدنان” بصرامة شديدة :
– دى شركتى يا “مهند” وأنا اللى أقيم شغل كل واحد فيكوا .. وأنا اللى أحدد نسبة أرباح كل واحد فيكوا .. مش بالأقدمية يا “مهند” .. أنا ليا عنين بشوف بيها .. وعقل بيميز بيه .. انت من يوم ما جيت الشركة ونسبة الأرباح وصلت لأعلى معدلاتها .. ثقة العملا الكبار فيك بقت من غير حدود .. قدرت تكسب عملا معرفناش طول سنين شغلنا اننا نوصلهم .. وده نتيجة تعبك ومجهودك وذكاءك ولبقاتك وجديتك فى العمل .. ميهمنيش مين اشتغل قبل التانى أنا ليا النتايج
ثم أشار الى الورقة قائلاً :
– اقرا العقد كويس .. فى بند بينص على انى الوحيد اللى ممكن أغير النسبة وفى الوقت اللى أنا عايزه .. يعني لو قصرت فى شغلك نسبتك هتقل .. وهما لو اجتهدوا فى شغلهم نسبتهم هتزيد
أومأ “مهند” برأسه وبدا مقتنعاً بكلام عمه .. قال “عدنان” بصوت أقرب للهمس :
– اللى أنا عايزك فيه دلوقتى أهم من الشغل
ضاقت عينا “مهند” وهو ينظر الى عمه مستفهماً :
– خير يا عمى
صمت “عدنان” قليلاً .. ثم قال بحزم وبعض القلق :
– وانت مسافر .. فى حرامى حاول ينط فى الفيلا والسيكيوريتي معرفوش يمسكوه
أومأ “مهند” برأسه وعقد ما بين حاجبيه فقال “عدنان” وهو يضرب على الطاولة بكفه :
– أنا واثق ان دى مش محاولة سرقة عادية .. مين اللى يجرؤ انه يقرب من فيلا “عدنان زياكيل” .. الفيلا عليها سيكيوريتي والسور عالى .. ومعروف ان فيها ناس عايشة
قال “مهند” وهو يمعن التفكير :
– أمال ايه يا عمى .. حضرتك شاكك فى ايه
قال “عدنان” شارداً :
– مش عارف يا “مهند” بس قلبى مش مطمن
قال “مهند” بحماس :
– يبأه نزود السيكيرويتي .. وممكن نركب أجهزة انذار حولين سور الفيلا
أومأ “عدنان” برأسه قائلاً :
– ده اللى فكرت فيه فعلاً
ثم أشار بإصبعه بحزم قائلاً :
– بس الموضوع ده هيفضل بيني وبينك مش عايز حد يعرفه
أومأ “مهند” برأسه ..ثم استأذن للإنصراف .. أرجع “عدنان” ظهره الى الخلف يسند به على المقعد شارداً ينقر بأصابعه فوق الطاولة .. كان يشعر بداخله بالقلق .. الريبة .. والشك .. والخوف .. ولم يكن يدرى وقتها .. الى أى مدى كانت شكوكه فى محلها !