
وصلت بوقت قياسي للمشفى ، و دلفت مهرولة لغرفتها ، فتحت الباب فوجدت آلاء تجلس على مقعد بجوار رحيق التي بدنيا غير الدنيا.
هتفت بقلق :- مالها يا آلاء الدكتور قال إيه ؟
هتفت بحزن :- قال إن عندها إنهيار ي ، و لسة ما فقتش .
جلست على الجانب الآخر، و نظرت لوجهها الشاحب قائلة :- طيب الدكتور ماقلش من إيه ولا حتى إنتي تعرفي السبب اللي خلاها توصل للحالة دي ؟!
هزت رأسها بنفي قائلة :- لا ما أعرفش أنا كنت مستنياها و فجأة لقيتها جاية عليا معيطة و يدوب بقولها في إيه وقعت من طولها علطول .
مسدت على يدها برفق قائلة بتعاطف :- يا حبيبتي ! بس تقوم و نبقى نعرف مالها .
أومأت لها بخفوت ثم أردفت بحذر :- معلش يا مدام سندس بوظنالك اليوم النهاردة ، و تعبناكي معانا و النهاردة يوم مهم بالنسبالك .
قطبت جبينها بضيق ، و أردفت بعتاب :- أخص عليكي يا آلاء دة كلام بردو ! أهم حاجة سلامة رحيق ، و بعدين أي حاجة تانية تتعوض ، و على العموم لسة فاضل تلات ساعات ..
خيم الصمت للحظات في الغرفة حتى قطعه صوت تأوه صادر من ثغرها ، و تدريجياً فتحت مقلتيها ببطئ لتعتاد على الضوء ، فانتبهت آلاء قائلة بلهفة :- رحيق إنتي فوقتي ؟ حمدا لله على سلامتك ، ألف بعد الشر عنك ، كدة توقعي قلبي !
هتفت بصوت خافت ، و لكنه مسموع :- الله يسلمك يا آلاء ، أنا فين ؟
أجابتها بهدوء :- ما أعرفش الجواب عندك انتي يا رحيق ، إيه اللي حصل خلاكي تقعي من طولك كدة ؟
ما إن تذكرت ما حدث ، ترقرق الدمع بعينيها سريعاً ، وعلت شهقاتها و ملئت المكان ، و انفجرت باكية بصوتها العالي .
أصابتهم الدهشة والقلق حيال أمرها ذاك ، فجلست سندس بجوارها ، و احتضنتها قائلة بحنو و هدوء :- بس خلاص أهدي ، إنتي معانا و كويسة دلوقتي هشششش …بس خلاص أهدي ..
أخذت تمسد على رأسها ، وتقرأ لها بعضاً من آيات الذكر الحكيم إلى أن غرقت في النعاس مجدداً . وضعتها على الوسادة برفق ، ثم دثرتها جيداً ، و نظرت لآلاء قائلة بقلق :- و بعدين ! أنا ابتديت أقلق كدة .
أردفت الأخرى بقلق مماثل :- فعلاً ، حالتها مش طبيعية ، دي آخر مرة كانت كدة يوم ما أتوفت خالتها ، و دة يعني أنها اتعرضت لمشكلة و مش أي مشكلة ، أنا هتصل على خالتي سميحة من تليفونها و أشوف. …
التقطت الهاتف الخاص برحيق وقامت بالاتصال عليها و سرعان ما أتاها رد الأخرى الذي كان بمثابة صاعقة حلت عليها ، فتحولت إلى تمثال جامد .
راقبتها سندس بتعجب و أردفت بحذر :- مالك إنتي التانية في إيه ؟
أردفت آلاء ب ة :- مصيبة يا مدام مصيبة ….
______________________________________
بعد إسبوعين دلفا سوياً للشقة الخاصة بهم بعد إنتهاء حفل زفافهم البسيط الذي اقتصر على حضور العائلتين ، و بعضاً من الجيران في أجواء مشحونة و ابتسامات م بة اضطروا أن يرسموها حتى لا يشك بهم أحد ، و لحفظ مكانتهم وسط جيرانهم بعد الجريمة الشنعية التي كانت على وشك ارتكابها . صعدت معه تاركة طفلها مع والدتها وهي تشعر بأنها تساق للموت ، وأن كل ما يحدث هو بالتأكيد كابوس مزعج ستستيقظ منه عاجلاً.
جز على أسنانه ب وهو يطالعها بغيظ ، وبالتحديد لأنها أنثى خائنة للعهد كمثل سابقتها ، كيف تفعل ذلك بعد رحيل زوجها ، وكيف تقبل أن تتزوج بغيره ؟!
أنهن كاذبات يدعون البراءة ، و هم يرتدونها أقنعة للإيقاع بضحاياهم ، و جذبهم نحوهن . رفع حاجبه بسخرية قائلاً وهو يراقب تعابير وجهها المتشنجة :- ايه دة أوعي تقولي إنك مغصوبة والكلام دة و وكي على إيدك علشان تعملي كدة !
كانت تفرك يديها بتوتر شديد ، وهي تشعر بأن قلبها على وشك أن يقفز للخارج من قفصها الصدري ، ولا تصدق ما تعيشه في تلك اللحظة ، فقد ظنت أن طريقها معه مستحيل حتى أنها استسلمت لذلك الواقع ، ولكن شاء القدر أن يجمعهما فما نظنه مستحيل علينا ممكناً وسهل الحدوث عند خالقه .
نظرت له وهي تهز رأسها بعدم فهم فضحك بتهكم قائلاً :- أيوة ….أيوة …كملي دور البريئة دة كملي .
ثم أضاف بسخرية لاذعة وهو يمد أصابعه بجرأة يتلمس وجنتيها اللتان اصطبغتا باللون الأحمر المتوهج كالشمس الحارقة في ساعات ذروتها :- وايه دة اسمه إيه ان شاء الله كسوف دة ولا إيه النظام ! هو بعد اللي عملتيه ليكي عين تتكسفي طب مش كنتي تقولي عاوزة راجل في حياتك ؟
جحظت عيناها ب ة من حديثه الذي قطع قلبها لأشلاء صغيرة فتناثرت كل قطعة في مكان غير الآخر بداخل أعماقها المظلمة ،بينما احتلت جهنم عينيه ا ، و تعالت نبرة صوته ، وهو يغرز أصابعه في ذراعها فأصدرت تأوهاً خافت ، وهي تتطلع له بذعر ، بينما أردف ب عاصف غير مكترث لحالتها وقد أعمى ال عينيه حديث الأخرى التي كان يخطط يوماً بالزواج منها ولكنها ماذا فعلت تركته عندما وجدت الأكثر ثراء منه فتركته فوراً :- انتوا إيه، نوعكم إيه بالظبط ؟! مفيش إخلاص خالص جوزك ميت ملهوش سنة ونص و عاوزة تكوني في حضن راجل غيره و…….
لم يكمل حديثه حينما عاجلته بصفعة مدوية في وسط أرجاء الشقة فهي لن تسمح له بأن يهين كرامتها أكثر من ذلك ، ورفعت أصبعها الذي يرتعش بخوف قائلة بتهديد مبطن بالرعب من نظراته النارية التي يرسلها لها وهي تحاول أن لا تدع دموعها تتساقط أمامه :- اخرس خالص أنا مش هسمحلك تتمادى واسكت إياك… ثم إياك تتكلم عني كلمة وحشة أنت سامع ؟
أخذ صدره يعلو ، ويهبط ب ، وتحولت عيناه إلى لهيب حارق وهو يقف في حالة ذهول مما فعلته للتو . أصفعته لتوها !
ذئب يوسف
الفصل السادس
طالعها ب ة ، و هو يضع يده على وجنته موضع صفعتها ، لا يصدق أنها تجرأت على فعل ذلك ، من أين أتت لها الشجاعة لتقدم على الوقوف قبالته من الأساس بعد فعلتها الشنيعة من وجهة نظره ؟!
تراجعت للخلف قليلاً ، و خرجت منها شهقة عالية ، واضعة يدها على ثغرها ، و قلبها يهتز ب في قفصها الصدري على ما ارتكبته يدها .
عض على شفته السفلى ب جم ، في محاولة منه للتنفيس عن ه ، كي لا يقوم و يشطرها إلى نصفين . صرخت بخوف عندما وجدته طوى المسافة بينهما في ثوانٍ ، و قبض على ذراعها بقسوة قائلاً بفحيح دب الرعب بأوصالها :- إنتي قد اللي عملتيه دة ؟
تجنبت النظر لعينيه التي تطلق سهاماً حارقة ، و هتفت بصوت مرتعش تدافع فيه عن نفسها :- انت…انت هنتني و أنا مش هقبل كدة منك ولا من أي حد .
رفع حاجبه باستنكار قائلاً بسخرية ، و هو يراقب حالتها المزرية :- لا يا شيخة ! و بعدين راحت فين شجاعتك دي اللي خلتك ت يني من شوية مش عيب عليكي يا محترمة !
قوست شفتيها بندم قائلة بتلعثم :- أنا ….ممما أقصدش ..ما حسيتش بنفسي ..
ضغط أكثر على ذراعها ، فشعرت أنه سيخرج بيده ، و مال على أذنها ، و همس بخطر :- هعديهالك علشان أولاً إنتي واحدة ست و متعودتش أمد إيدي على ستات ، ثانياً إنتي ما تعرفنيش وقت ي فأحسنلك تاخدي بالك بعد كدة .
لم تشعر بشيء سوى إنها تهز رأسها بسرعة دلالة على الموافقة ، فأردف بإنتصار :- كدة يبقى اتفقنا و دلوقتي نيجي بقى لأهم نقطة و هي إزاي هنعيش مع بعض تحت سقف واحد .
ثم أردف بتهكم واضح :- طبعاً إنتي عارفة الظروف اللي خلتنا في الوضع دة فعلشان كدة في شوية حجات هنتفق عليها لحد ما اللعبة دي تخلص .
قطبت حاجبيها بألم عندما نعت زواجهما باللعبة ، و لكنها رسمت الجمود ، لطالما هو لعبة فليظل في تلك البوتقة ، و لن يخرج منها .
ابتعد عنها ، و جلس على المقعد قائلاً بضيق و تهكم :- أنا وافقت على الجوازة العظيمة دي بس علشان الفضيحة و علشان أخرس أي حد يتطاول على عيلتي بكلمة واحدة ، اسم العيلة دي هيفضل دايماً نضيف و مش واحدة زيك اللي هتحط عليه الغبار و توسخه….
قاطعته صائحة بحدة ، و هي تشير بإصبعها ناحيته :- أخرس للمرة المليون بقولك متقولش عليا كلام زي دة أنا أشرف منك ومن مليون زيك ..
رفع حاجبه باستنكار قائلاً بتساؤل مريب :- طيب ما تقولينا إيه اللي حصل ساعة ما جبناكي من شقة البيه يا ….يا ست…الشريفة ؟
أردفت بانفعال :- شريفة غصب عنك فاهم ؟! و مش هبررلك مرواحي للشقة هناك دي حاجة ما تخصكش .
ثم أكملت بتحدي :- مش انت بتقول لعبة يبقى خلاص كل واحد ملهوش دعوة بالتاني لحد ما تخلص و أخلص .
هز رأسه بهدوء مميت ، ثم حك مؤخرة رأسه ، و نظر لها مطولاً ، و أردف بضحك :- لا حلو و كمان بتبجحي شكلي كدة هكسب فيكي ثواب و هعلمك الأدب من أول و جديد ….
وما إن همت لتتحدث أردف بحدة :- و متقاطعنيش لحد ما أخلص كلامي ، أنا لحد دلوقتي عامل إعتبار لعمي و إنك كنتي في يوم مرات أخويا ، أنا مش عارف إيه اللي مخليكي معترضة على دة مش دة اللي إنتي عاوزاه ؟!
جعّدت أنفها بتعجب قائلة :- تقصد ايه بكلامك دة ؟
أردف بوقاحة :- أقصد إني هقوم بعمل النطع اللي كنتي بتروحيله الشقة ولا مش مالي عينك ؟
شهقت بفزع حينما فهمت مرمى حديثه ، و تراجعت للخلف قائلة :- دة في أحلامك فاهم ؟!
ضحك بغلب قائلاً :- والله العظيم يا جدع الستات دول عليهم حجات ، بتعرفوا تمثلوا دور الطيبة دة كويس أوي و للأسف إحنا بنصدق دة لحد ما تنفذوا اللي انتوا عاوزينوا ولا كأن في حاجة حصلت . هو أنا جبت حاجة من عندي !
أظلمت عينيه فجأة قائلاً ب :- اسمعي أما أقولك في الفترة دي اللي الله أعلم هتستمر لأمتى لمي لسانك اللي بيحدف طوب دة و اللي أقوله هو اللي هيتنفذ .
ثم أشار بيده ناحية إحدى الغرف قائلاً :- دي الأوضة اللي إنتي هتفضلي فيها … ثم أشار للغرفة التي بجانبها قائلاً :- و دي أوضتي اللي أنا هقعد فيها و يا ويلك لو حد عرف بحاجة ساعتها ما تلوميش إلا نفسك .
زفرت براحة قائلة :- اطمن أنا مش هقول لحد لأن دة الحل الأنسب لينا إحنا الاتنين ، بعد أذنك رايحة أنام علشان عندي صداع تصبح على خير.
قالت ذلك ثم دلفت للغرفة مسرعة دون أي اكتراث ، بينما ظل هو يحدق في أثرها ب ة قائلاً بوعيد :- ماشي يا مريم براحتك …
دلف إلى الغرفة الخاصة به ، و جلس بإهمال على الأريكة ثم حرر أول زرين من قميصه ، و أخذ يتنفس باختناق ، لقد تم كل شئ في غمضة عين ، و ابتسم بسخرية أيعقل أن يتزوج بتلك الطريقة ؟! و لكنه لم يجد مخرجاً ، كان ولا بد عليه أن يفعل ذلك حتى لا تلطخ سمعتهم ، و تصبح سيرتهم على ألسنة الجميع . شعر بالتخبط الشديد حيالها ، و أخبرها بتلك الكلمات ليضغط عليها علها تتحدث ، و تخبرهم بحقيقة ذهابها و تواجدها هناك ، و لكن كالعادة التزمت الصمت . زفر بغيظ على طبعها العنيد ذلك ، و لكنه توعد لها بمعرفة سبب ذهابها لهناك ، و يا ويلها إن ثبُت الجرم عليها ، سيفصل رأسها حينها .
نهض من مكانه ، و ألقى بثقله على الفراش ، و أغلق عينيه ليسافر بعدها إلى عالم الأحلام .
اغلقت الباب ب و غيظ ، و أخذت تحرك ساقها ب ية شديدة ، و تمتمت بحدة :- ماشي يا إسلام ماشي أنا هوريك إزاي تغلط فيا و كلامك دة تبله و تشرب ميته ..
نظرت لذلك الفستان البسيط الذي ترتديه ، و أردفت بسخرية ، و هي ت ذاتها :- كنتي مستنية إيه ها ؟ هيقولك بحبك و بعشقك و الحلم الوردي دة لا فوقي يا هانم دة مستحملك بالعافية و مستني اليوم اللي هيخلص فيه منك بفارغ الصبر ، نامي يا مريم نامي .
أخذت تهذي بتلك الكلمات ، بينما داخلها غابات الأمازون تحترق ، و لكنها لم تعطي أهمية لجروحها فيجب أن لا تستسلم أبداً فهناك من بحاجة إليها ألا وهو صغيرها الذي أشتاقته منذ الآن ، فلولا الملامة لصعدت للأعلى الآن و أخذته بين ذراعيها فهو الهدوء و السكينة بالنسبة لها .
______________________________________
صباحاً طرقت باب غرفتها بهدوء فأتاها الرد بالدلوف ، فولجت للداخل قائلة بابتسامة عريضة مرحة :- قومي يا كسلانة صباح الخير يلا ورانا شغل يلا .
نهضت من مكانها قائلة بابتسامة خجلة :- صباح الخير يا مدام سندس حاضر هقوم أهو حالاً .
أردفت بهدوء :- طيب يلا بسرعة على ما أروح أحضر الفطار.
قالت ذلك ثم توجهت لتحضر وجبة الإفطار ريثما تنتهي ، بينما نظرت الأخرى في أثرها ، و شردت بعيداً لتعود بذاكرتها لما حدث منذ أسبوعين
عودة للخلف حيث كانت تقف آلاء في حالة ة و ذهول مما سمعت ، فأقتربت سندس منها قائلة بقلق :- مالك يا آلاء في إيه ؟
هتفت بذهول و هي تنظر للهاتف :- خالتي سميحة بتقول …بتقول كلام مش مفهوم و بتزعق فاكراني رحيق .
سألتها بحذر :- ليه هي قالت إيه ؟
أردفت بدموع :- قالت إن رحيق ما تكلمهاش تاني و متعتبش بابهم تاني بعد اللي عملته و أنها… أنها تروح تمشي على حل شعرها براحتها … أنا مش فاهمة حاجة هي قصدها إيه ؟
قطبت جبينها ب ة ، و تعجب قائلة :- ما اعرفش ايه قصدها بس إحنا لازم نروح هناك للحتة اللي ساكنة فيها و ساعتها هنفهم قصدها إيه .
أردفت بحذر وهي تطالع رحيق :- بس يا مدام هنسيبها لوحدها هنا …
قاطعتها قائلة بروية :- ما تقلقيش هي نايمة دلوقتي و هنخلي الممرضة معاها لو فاقت أو حصل حاجة يلا بينا ..
أومأت لها بموافقة ، و بالفعل بعد دقائق معدودة كانتا قد وصلتا إلى المنطقة التي تقطن فيها ، و من ثم دلفتا إلى السكن الذي تقطن به حيث توجد السيدة سميحة ، فطرقت سندس الباب ، و ما هي إلا لحظات حتى فتحته ، فقوست حاجبيها ببعض الدهشة عندما رأت تلك المرأة برفقة آلاء قائلة :- أيوة مين إنتي ؟
هتفت بغيظ مكبوت :- أنا مديرة رحيق في الشغل .
مطت شفتيها بسخرية قائلة :- الشغل ! اممممم قولتيلي ، و يا ترى إنتي بقى بتسرحيهم فين ؟ دا أنا هبلغ عنك يا مجرمة ضحكتي على البت وهي كانت قطة مغمضة خلتيها تمشي في الغلط ..
تشنجت معالم وجهها إلى هنا و كفى فصاحت بحدة :- إيه الهبل اللي إنتي بتقوليه دة يا ست إنتي ؟ أنا مسمحلكيش…
قاطعتها قائلة بحدة مماثلة :- بلا تسمحي بلا ما تسمحيش شغل التلات ورقات دة ما يخيلش عليا يا دلعدي …
ثم وجهت الهاتف الذي تضمه بيدها ، و الذي كان يعرض تلك الصور المخلة لتلك المسكينة قائلة بتهكم واضح :- ها تقدري تقوليلي إيه دة يا بنت الحسب و النسب صحيح من برة هالله هالله و من جوة يعلم الله .
شهقت بصوت مسموع ، و جحظت عيناها ب ة ، عندما رأت تلك الأوضاع لها ، و لم تختلف حالة آلاء عنها كثيراً ، تحفزت أعصابها المشدودة فهتفت بانفعال :- إيه الحقارة دي ؟! مين الحيوان اللي عمل كدة ؟
لوت ثغرها بتهكم قائلة :- حيلك حيلك يا أختي يعني ما عرفاش إيه دة ! دة واحد ابن أمه صحيح أنه ورانا الحقيقة بدل ما كنا على عمانا كدة ، ما يجو أهلها و ياخدوها و يريحونا منها بقى هي ناقصة
لم تعطي إهتمام بكلماتها الأخيرة التي تفوهت بها ، و صاحت ب ية شديدة :- بقولك إيه يا ست إنتي اتكلمي بإسلوب كويس عنها ، و بعدين انتي إزاي تقولي عليها حاجة زي دي وهي متربية معاكم و عارفين أخلاقها ، إزاي أصلاً تصدقوا إنها ممكن تعمل حاجة زي دي بجد يا خسارة دي كانت بتقول خالتي سميحة … و طالعة بيكي السما تقومي تعملي فيها كدة ! تصدقي هي خسارة تقعد هنا وسطكم بعد كدة من النهاردة انسوا أنكم تعرفوا واحدة إسمها رحيق ، و دلوقتي يا ريت تدينا هدومها و حاجتها المهمة .
طالعتهم بضيق قائلة :- طيب هجبهالكم أنا أصلاً ما يشرفنيش إنها تقعد معايا ولا مع بناتي هنا تاني .
و بالفعل أخذوا متعلقاتها و غادروا ب عاصف ، و ما إن أستقلوا السيارة هتفت آلاء بدموع :- حرام عليهم ليها حق تنهار و تعمل أكتر من كدة .
هتفت بغيظ :- دول مش من بني آدمين خالص يا ساتر إيه دة ؟! دلوقتي عاوزين نعرف مين الحقير اللي عمل كدة .
هزت رأسها بعدم معرفة قائلة :- ما اعرفش نستنى على ما تهدى و بعدين تقولنا و تفيدنا بأي حاجة .
زفرت بغيظ ، ثم أردفت بهدوء ، و هي تهم بالقيادة :- طيب يلا خلينا نلحقها قبل ما تصحى و بعدين نشوف هنعمل ايه ..
بعد وقت قصير وصلن للمشفى ، و من ثم إلى غرفتها ، فوجدوها مازالت نائمة كما تركوها . جلسن مجدداً في أماكنهن ، و أخذن يراقبنها بلهفة أملاً في أن تفتح مقلتيها ، و تطمئنهن على حالتها .
أنت بخفوت قبل أن تفتح مقلتيها ، و تنظر حولها بتشوش ، هتفت آلاء بحب :- خليكي يا حبيبتي زي ما إنتي مستريحة .
جلست نصف جلسة ، و هنا تحدثت دموعها بغزارة ، و تعالت شهقاتها مجدداً ، كلما تأتي تلك الصور ، و التي وصلت على هاتفها ، هتفت بضياع :- والله ما أنا يا آلاء دي ….دي مش أنا …صدقوني والله ما أنا ..
هتفت آلاء بحنو و هي تمسد على ظهرها :- حبيبتي أهدي إحنا مصدقينك إنتي استحالة تعملي حاجة زي دي هو أنا أعرفك من امبارح دا إحنا عشرة يا بت بطلي عياط بقى .
تدخلت سندس قائلة بحدة :- سبيها تعيط و تضيع حقها كدة ، بقى هي دي رحيق اللي أعرفها ؟! فين رحيق القوية اللي بتعرف تتصرف و تواجه كل حاجة لوحدها ؟
أردفت ببكاء :- بس اللي حصل يا مدام مش سهل أبداً دول ….دول شوهوا سمعتي خلاص مش هقدر أرفع عيني في وش أي حد في الحارة .
أردفت ب :- ومين قالك إنك هتروحي الحارة دي تاني المكان اللي يقلل منك يبقى ما يلزمكيش الناس اللي تخوض في عرضك يبقى ما يلزموكيش ، فاهمة ؟
أردفت بضياع :- أومال هروح فين يعني ؟ أنا ما اعرفش حد غيرهم و لا ليا مكان غير هناك ، منه لله اللي كان السبب منه لله .
انتبهت حواسها لكلماتها الأخيرة فأردفت بحذر :- هو مين الحقير دة ها هو مين ؟
اعتصرت عينيها ب قائلة :- مدحت ..هو دايماً بيتعرضلي و لما ملقاش مني رجا عمل اللي عمله دة دة قالي كدة بعضمة لسانه و أنا جايالك يا آلاء … أنا خلاص ضعت ..ضعت .
نهرتها سندس قائلة بحدة طفيفة :- إحنا قولنا إيه من شوية ؟ و بعدين إحنا مش مالين عينك ولا إيه يا ست رحيق ؟ إحنا من النهاردة هنكون عيلتك و كل حاجة ، أما الحقير دة أنا هوديهولك في ستين داهية و هردلك اعتبارك في الحارة كويس ، يلا قومي نمشي من هنا ولا إنتي عاجبك جو المستشفيات دة !
ثم أخذت بيدها تساعدها على النهوض قائلة :- يلا..يلا قومي بلاش كسل قومي معايا .
نهضت معها بعد أن أتت الممرضة و أخبرتهم باستقرار حالتها ، و أن بإمكانها الذهاب معهن ، ومنذ تلك اللحظة و هي تقيم معها في منزلها ، كما قامت برفع قضية على المدعو مدحت ، و عندما فحصوا الصور تبين لهم بأنها مزيفة ، كما استطاع رجال الشرطة الوصول للفاعل ، و الزج بهم في السجن ليعاقبوا على فعلتهم تلك .
عادت من شرودها ، و هي تبتسم بسعادة ، فسندس التي كانت تخاف منها ، هي من نصرتها ، و كانت لها الحامي الفولاذي ، فأثبتت لها أنها نعم الصديقة .
بعد دقائق انتهت من ارتداء ملابسها ، و خرجت لتجد سندس أعدت طاولة الطعام ، والتي ما إن رأتها هتفت بابتسامة عريضة :- تعالي يلا علشان نفطر و ننزل بقى.
أومأت لها بخفوت، ثم جلست قبالتها ، و شرعت في تناول طعامها بهدوء ، و أخذت تحدق بالأخرى و عيناها تحكي الكثير ، لاحظتها سندس فهتفت بمرح بعد أن ابتلعت الطعام :- إيه دة يا رحيق عجباكي أوي للدرجة دي ولا إيه ؟!
حمحمت بحرج قائلة :- ها لا أبداً بس يعني مكنتش مصدقة إن في ناس بالطيبة دي في الزمن دة ، زمن مفيش للقيم ولا الأخلاق أي مكان ، فيه بس المصلحة و الغش و الخداع غير كدة لا ، إنتي أثبتيلي إن الدنيا فعلاً لسة بخير .