منوعات

بقلم شيماء سعيد الجزء الثاني

الفصل الحادي عشر…

مسكت يده برعـ,ـب من الأجـ,ـواء حولـ,ـها تحتـ,ـمي به و تحـ,ـاول أن تحـ,ـميه، هلـ,ـع أصـ,ـابها ليسـ,ـقط قلبها أرضا لم تتوقع أن يصل الموضوع لهنا، ضغطت على يده أكثر تمنـ,ـعه من الحـ,ـركة، ليرمقـ,ـها بغـ,ـضب أعمـ,ـى قبل أن يبعد يده عنها صارخا :
_ ابعدي خليني أوقف المهزلة دي…

+
حركت رأسها نافية و هي تتعلق به أكثر و أكثـ,ـر مردفـ,ـة من بيـ,ـن أنفاسها :
_ أنا خايفة…

لأول مرة يشعر كم هو ضعيف أمامها، خوفها، دموعها، ارتجاف جسدها جعل قلبه يرق بل يخضع إليها، بلحظة ضمها إلى صدره محركا كفه على خصلاتها، لعلها تهدأ و يهدأ هو الآخر، مشاعر كثيرة ضربت بداخله، ارتفعت شهقاتها أكثر ليضمها أكثر، وعد بحاجة للأمان و هو بأشد الحاجة لهذا العناق..

ابعدها عنه قليلا رافعا وجهها إليه بحنان مردفا :
_ متخافيش بس لازم أنزل لهم قبل ما حد منهم يتهور و يضرب جزاز العربية…
ترجته بدون حديث ليأخذ سلاحه من سيارته و ينزل إليهم مشيراً بيده لأعلى، توقف الرجال عن ضرب النيران فهذا سند الكبير، نزل الشيخ هو الآخر من سيارته متعجبا من وجود سند هنا اقترب منه قائلا :
_ سند يا ولدي مش المفروض تكون نايم في خيمتك، بتعمل إيه هنا دلوقتي…
أجابه سند بجدية :
_ وعد كانت مريضة شوية و كنت رايح بيها أقرب مستشفى لقيت واحدة من حريمكم ساعدت وعد و هي معاها في العربية دلوقتي أكيد بتدوروا عليها…

رأي معالم الارتياح على وجه الرجل و كأنه عاد للحياة بعد إنقطاع أنفاسه، أرتاح هو الأخر من تلك الكذبة متمنيا من الله إنهاء الموقف على ذلك، أشار الشيخ لرجاله بالرحيل ثم عاد للحديث مع سند ببعض العتاب :
_ مش كنت تقولي يا ولدي كنا أكيد هنلقى حل، البت اللي مع مراتك دي تبقي العروسة يعني فيها قطع رقبة لو كانت اختفت أكتر من كدة…

بداخل السيارة…

مع هدوء المكان استطاعت أخيرا التوقف عن البكاء، نظرت لتلك الفتاة الباكية بنواح بشفقة شديدة، عاجزة عن مساعدتها و إخراجها من جحيم الجهل و العادات و التقاليد، اقتربت منها قليلا ثم أردفت بعد أن أزالت دموعها :
_ متخافيش أنا جنبك للنهاية و مستحيل أسمح بالجوازة دي لو وصل بيا الحال أبلغ البوليس، كفاية عياط أرجوكي أنا أعصابي بقت في الأرض…
ضربت الفتاة على صدرها عدة مرات بعويل مردفة بصوت مكتوم :
_ أبويا برة و موتي هيكون قصاد القبيلة كلها، يا ريتك خلتيني أموت نفسي بدل اللي هيحصل فيا دلوقتي…

تستمر القصة أدناه

ندمت على تهورها و عدم تفكيرها بخطوة خطيرة مثل هذه، إلا أنها اردفت بقوة :
_ و أنا بقولك الجوازة دي أنا فيها يا قاتل يا مقتول…..

بخارج السيارة…

أردف سند بقوته المعتادة :
_ طول عمري أعرف إنك عادل يا شيخ، بس النهاردة شوفت حاجة أنت تعرف إن عقابها عندي الموت، قبيلتك كلها تحت رعايتي من أكبر نفر لآخر نفر من امتا في بنت بتتجوز غصب يا شيخ، و بلاش كذب رجالتك مشيت مفيش داعي للف و الدوران….

ارتبك الشيخ لعدة لحظات، توتر من نظرات سند القاتلة حاول ابتلاع ريقه الجاف، ماذا يقول إنه لأول مرة يغصب فتاة على الزواج بعد معرفته لعشقها لسند الكبير، قال بتبرير :
_ يا ولدي البت صغيرة و مش عارفة مصلحة نفسها و أنا أبوها عارف الصح لبتي فين، عريسها كبير شوية بس راجل يعتمد عليه و هتكون آخر حريمه بدل ما تاخد شاب بعد كام شهر يتجوز عليها…

وضع سند سلاحه خلف ظهره قائلا بأمر :
_ الجوازة دي مش هتم و قول للقبيلة كلها إن ده أمر من سند الكبير، خد بتك و ارجع القبيلة بتاعتك و أنا جاي وراك لو لقيت فيها خدش الحساب هيكون معايا، و الفرح عايزه يفضل منصوب سند الكبير هيكون العريس….

 

_______________

خرجت معه لأول مرة من كفر عتمان الكبير، تحدق بالأماكن من حولها بسعادة و انبهار شديد، كل شي رائع جداً يخطف الأنفاس، أوقف السيارة أمام منزله الذي غاب عنه سنوات ناظرا إليها بحنان مردفا :
_ يلا يا همت يا حبيبتي عشان تشوفي شكل بيتي و بعدين نتفسح…
هل ستنزل بهذا الحي الغريب أمام هؤلاء الأشخاص؟!.. تجمعت الدموع بداخل عينيها برعب و ما هي إلا ثواني و انفجرت بالبكاء، نظر إليها بهلع قبل أن يقول :
_ مالك يا حبيبتي بتعيطي ليه؟!..

زادت شهقاتها الخائفة و هي تنكمش حول نفسها بالمقعد، تريد سند أين سندها و مصدر أمانها الوحيد، حركت رأسها رافضة اقتراب حمد منها صارخة :
_ ابعد عني يا وحش أنا عايزة سند مش عايزة أنزل معاك في مكان، سند قالي عيب مفيش بنت محترمة تدخل بيت ناس تانيين، أنت وحش يا محمد و عايز همت تبقى وحشة زيك…

مشفق عليها، خائف من انهيارها بأي لحظة، يتمنى فقط لو يعلم ما حدث لها بفترة غيابه لتعود لنقطة الصفر من جديد، حاول الاقتراب منها إلا أن حالتها لم تسمح بذلك، نظر للمكان حوله بتوتر فالناس تحاول معرفة من أين هذا الصريخ، أغلق باب السيارة جيدا و الشباك مشيراً لها بالهدوء قائلا :

_ اهدي أنا مش عايز منك إلا الهدوء بقى كدة يا همت تزعلي محمد منك و تقولي له كلام وحش، ده بيتي و أنا مش غريب و أمي و أختي فوق و بابا كمان يا ستي يعني في ناس مش حاجة وحشة.

تستمر القصة أدناه

ظلت كما هي ترفض أي حديث هي لا تراه أو تسمعه، عقلها مشوش تحاول معرفة أين رأت تلك السيارة، جسدها بالكامل يرتجف و عقلها يحاول العودة إلى سابق قوته، يحارب من أجل التخلي عن الضعف ليعلم أن العالم من حوله يتحرك، حمد، حمد، حمد، اسم يسبب إليها ألم شديد يأكل قلبها و يزيد من أشياء ربما قررت الهروب منها بالجنون…

أردفت بأنفاس مختنقة :
_ حمد ساب همت يوم الفرح، وقعت على الأرض و الناس فضلت تقول حاجات وحشة، في دكتورة وحشة قربت منها و عملت حاجات حاجات، أنا كرهت حمد عشان هو ظالم… أنا أنا بردانة و عايز أروح لسند…

أهو حقير لدرجة أن يدخل فتاة بتلك البراءة و النعومة بخطته الحقيرة؟!… إذا كان هو حقير فشقيقها أشد حقارة عندما دبر لقتله بليلة زفافه على شقيقته، سحبها بقوة بين صدره لعل النيران المكتومة بداخله تقلل من برودة جسدها، ضربته بصدره عدة مرات لتبتعد عنه قائلة :
_ أنا بكرهك يا حمد بكرهك بسببك خوفت من الناس و بسببك قررت أعيش في نظر الكل مجنونة بدل ما أبقى العروسة المعيوبة اللي عريسها سابها يوم الفرح، أنت ايه اللي رجعك رجعت تاني ليه عشان نبدأ الحب من الأول و في الآخر تهرب زي عوايدك صح؟!…

الصدمة ألجمت لسانه و عقله، هي ليست فاقدة للأهلية هي كما قالت اختارت بكامل ارادتها الجنون لتهرب من نظرات الناس و كلماتهم السامة، أشار إليها بتردد مردفا :
_ همت أنتي كويسة و مفيش فيكي حاجة…

ألقت عليه صدمة أخرى مع سقوط كفها بكل قوتها على وجهه، نيران تحرقها، ذكريات و أيام تخيلت أنها إنتهت، عاشت سنوات بنظر الجميع العروس التي فقدت عقلها بعد هروب العريس، يوم وراء الآخر حتى صدقت كذبتها و تعايشت معها، كفى وجع لهنا يكفي كسر قلب و عناء لا نهاية له…
احمر وجهه من شدة الغضب و قوة الصفعة التي أخرجت بها معاناة سنوات، لم تهتم بأي مشاعر له صارخة :

_ بقيت مجنونة الكل بيشفق عليها لمجرد إن العريس اختفي في أكتر وقت المفروض يبقى فيه قريب، رجعت فاقد الذاكرة و متجوز و عايش عادي، فاكر مرضك ممكن يشفع ليك بالعكس ده كرهي لك بقى أضعاف….

 

1
بلا كلمة أدار عجلة القيادة ذهبا إلى مكان لا يعرفه هو شخصيا… ذهب معها للمجهول…

_____________

أغلق باب الخيمة خلفهما لتلقي بجسدها على الفراش بضياع، رفعت رأسها إليه بخوف، عتاب، غضب، توتر، مشاعر يصعب وصفها إلا أنها أوضح من الشمس من نظراتها، وضعت يدها على صدرها تحثه على الانتظام فى إخراج أنفاسه…

كان يتابعها بهدوء يسبق عاصفة رعدية يعلمها جيدا، وضع هاتفه و المفاتيح بجوارها على الفراش منتظرا أي كلمة تفتح بها الموضوع، طال صمتها و أصر هو الآخر على صمته، إرتفاع الزغاريط بالخارج جن جنونها، عادت للنظر إليه برجاء لإيقاف تلك المهزلة المقامة، قامت من مكانها قائلة :

تستمر القصة أدناه

_ سند اللي بيني و بينك حاجة و مستقبل البنت دي حاجة تانية أنا وعدتها أقف جانبها عشان تطلع من الكارثة دي، أرجوك بقى ساعدني أنا واثقة إن بكلمة واحدة منك تقدر ترجع للبنت دي الحياة…

طال صمته ليلعب بأعصابها، بينه و بين الوصول لوعد خطوة واحدة و خطته ستكون على ما يرام، فرصة أتت إليه على طبق من ذهب و هو مستغل و أناني لأقصى درجة ممكنة، وضع يده بجيب بنطاله مردفا ببرود و عين ثاقبة يدرس أقل رد فعل يصدر منها :
_ البنت دي أنتي مش عارفة اسمها أساسا بس صممتي على مساعدتها، عندك إستعداد تضحي بحاجة مهمة مقابل مساعدة البنت دي؟!…
عادت خطوة للخلف، تشعر و كأن القادم غير لطيف بالمرة، ابتلعت ريقها الجاف بطريقة ظهرت على حنجرتها، نظرة التسلية بعين رجل مثل سند ترعب أي شخص يقف أمامه مهما كان من، حركت شفتيها عدة مرات بمحاولة فاشلة منها على الحديث و بالنهاية ظلت صامتة ليقول هو بنفس الهدوء :
_ ردي عشان أقدر أقولك هساعدها أو لأ لازم أسمع ردك أنتي…

أومأت إليه بحركة بسيطة من رأسها ثم سألته بنبرة متهدجة :
_ إيه الحاجة الغالية اللي ممكن أقدمها ليك عشان تقف مع البنت دي؟!…

كلمة بسيطة خرجت من بين شفتيه الرجولية كانت بمثابة القنبلة الذرية :
_ أنتي يا وعد…

اشتعلت عيناها بغضب، حقير، مستغل، أناني، قاتل، تعلم به العبر إلا أنها كانت دائماً على يقين من حبه الخفي لها، لو انقلبت السماء على الأرض سند سيظل سندها الغير مرئي لن يؤذيها أو يسمح لأحد بذلك، الآن يطلب منها هذا؟!… رفعت كفها بغل لعلها مع سقوطها على وجهه تشعر بالارتباح، تعلق كفها بالهواء مع كفه ليقول بغضب :
_ شكلها هبت منك على الآخر لدرجة إن عقلك الصغيرة ده فكر تعملي كدة…
جزت على أسنانها بنفس الغضب صارخة :
_ لأ ده شكل أنت اللي هبت منك على الآخر عشان تفكر بس تقولي الكلام اللي خرج منك ده، فوق يا كبير أنا الدكتورة وعد أشرف من عشرة زيك…

ضغط على كفها بقوة أكبر إلى أن سمع شهقتها المتألمة، أبتعد عنها ثم ضحك بمرح لا يناسب الموقف مردفا بسخرية :
_ مش بقولك هبت منك على الآخر، مش سند الكبير اللي يطلب في الحرام يا دكتورة، أنا بحب ربنا و بخاف منه فوق ما تتصوري…

ابتلعت ريقها و هي تحرك يدها على الأخرى التي كان يضغط عليها، قائلة بأعين متسعة من الذهول و عدم الفهم :
_ أمال معنى كلامك الوقح ده إيه؟!.. قول طلبك يا سند بيه من غير لف و دوران…

ألقى بجسده على الفراش مغلقا عينيه بهدوء ثم قال :
_ الفرح ده لازم يكون له عريس و عروسة، يعني الشيخ عشان يوقف فرح بنته من العجوز ده عايز عريس تاني لبنته أو عريس و عروسة تانيين، أنا مش هقدر أتجوز العيلة دي و أربط نفسي بيها، قولت أنتي أولى خصوصاً إنهم عارفين إننا مكتوب كتابنا، رأيك إيه أخدها و الا أخدك؟!… القرار في إيدك يا دكتورة…

______________

أصبحت عروس ترتدي ملابس الزفاف البدوية و تضع على وجهها هذا الوشاح، تجلس بين النساء تشاهد السعادة الغريبة المرسومة على وجوههم فزفاف سند الكبير أصبح بداخل قبيلتهم، حل الصمت على المكان فجأة و قامت المرأة العجوز التي كانت تتحدث معها أمس تمد يدها إليها مردفة :
_ هاتي ايدك يا بنتي أوصلك لحد خيمة العريس بنفسي…

قامت معها مثل المسحورة هي سعيدة لدرجة تكاد تلمس نجوم السماء بيدها، تحبه اعترفت له و لنفسها من قبل مقررة الهروب و الآن قررت الاستمتاع بهذا الحفل الكاذب و لو لساعات قليلة، دلفت لخيمة مختلفة عن الأولى بشكلها مزينة بانتظار العروس، زادت أصوات الزغاريط لتضعها المرأة على الفراش المزين بشكل دائرة لطيفة جلست بمنتصفها هامسة :
_ يجعلها جوازة العمر يا بنتي تتهني بيه و يتهنى بيكي…

خرجت المرأة و من معها من نساء و بعد دقيقتين دلف هو بطلة تخطف الأنفاس بهذا الرداء البدوي الرائع، يليق به أي شيء مهما كان، سند الكبير يعطي لأي قطعة من القماش قيمة كبيرة، بشكل تلقائي ابتسمت بسعادة لتظهر أسنانها اللولي…

جلس على الأرض أسفلها مزيلا عنها هذا الوشاح ليظهر وجهها و جمالها، تخيلها كثيراً زوجته و على إسمه رغم أن هذا الحلم لم يتحقق حتى الآن إلى أنه مستمتع بقربها، يعيش هذا القرب حتى لو عبارة عن مشهد تمثيلي وضع كفه على بشرتها هامسا :
_ زي القمر يا وعد كل حاجة لايقة عليكي، كل حاجة فيكي ليها طعم و لون حتى ريحتك زي المسك و العنبر، مبروك عليا أنتي يا وعدي و مكتوبي…

تاهت بحلاوة كلماته و نسيت من هي و من هو مكتفية اكتفاء كاملا بلحظة قررت خطفها معه من الزمن، ابتسمت إليه بخجل قائلة :
_ أنت كمان ما شاء الله حلو أوي، من أول مرة شوفتك و انا عارفة إنك تخطف الروح و القلب…

أخرج من أعماق قلبه تنهيدة معذبة مردفا بعتاب :
_ طيب ليه واجعة قلبي معاكي لما جواكي كل ده، لية مصممة تخلي الطريق بنا طويل يا بنت الناس؟!…

بنفس العتاب أجابته :
_ مين فينا اللي مصمم يتعب التاني أنا و الا أنت، أنا من زمان قولتلك بحبك، لا أخذت منك حب في المقابل و لا حتى قولت إنك شاري يا سند، مصمم توجع قلبي و تقهر أنوثتي…
ارتفع قليلا ليجلس بجوارها على الفراش هامسا بنبرة متحشرجة :
_ و لو قولتلك بحبك هتريحي قلبك و عقلي المجنون بيكي….
____________

الفصل الثانى عشر
#الفراشة_شيماء_سعيد_عبداللطيف
#سند_الكبير
+
لحظات أو ربما سنوات من الصمت مرت عليها، تحاول أن تقنع قلبها الصغير أن يتحمل أثر تلك الجملة التي لم تتخيل أن تسمعها بيوم، لمعت عينيها ببريق من اللهفة للتأكد من ما وصل إلى اذنيها، بلعت لعوبها ثم ابتعدت عنه خطوة واحدة لتعطي لنفسها مساحة لترى نظرة عيناه بعدما قالها..
صمت هو الأخر وعينه عليها أعطي لها تلك الكلمة التي كانت تلوع كل جزء به حتى تسمعها، ليكون صادق مع نفسه مل من لعبة البعد التي تلعبها معه تحت مسمى عناد حواء..
انطفت فرحتها فجأة من نظرته الباردة تعلم نظرة الحب جيدا و ما ترا الآن ما هو إلا مجرد تمثيل، أردفت بشك تتمنى لو يخيب ظنها :
_ بتحبني يا سند صح؟!..
إذا كان هذا طريق الوصال بينهما فحسنا سيقولها مرة أخرى، جاء ليفتح فمه لتضع كفها على فمه تمنع بهمس مقهور.
: بلاش أرجوك بلاش مش عايزة أسمعها منك تاني وخصوصا بالنظرة دي..
رفع حاجبه بضجر من تصرفاتها الطفولية الحمقاء التي تثبت له يوم بعد يوم طول المسافات بينهما، أبتعد عنها صارخا فجأة :
_ أنتِ عايزة توصلي لأيه بالظبط؟!.. مبسوطة باللعبة المستفزة إللي مش عايزة تطلعي منها دي، مش عايزة تسمعي ايه مش دي اللي بتبعدي عشان أقولها، انطقي..
صرخ بصوت قوى بأخر الجملة لينتفض جسدها الصغير وقدميها تسوقها للفرار من أي مكان موجود به، حركت رأسها عدة مرات هامسة :
_ ممكن اللسان يكذب عادي لكن العيون لأ، عينك باردة يا سند مفيش فيها دفئ الحب اللي بدور عليه، مين فينا دلوقتي اللي بيحاول بمشاعر التاني رد أنت..
ضرب كل ما يقع عليه عيناه بساقه، هذه الفتاة تقوده للجنون، سحبها من ذراعها إليه مرددا بنبرة نارية :
_ أنتِ عايزة إيه بالظبط؟!..
من أين أتت لها القوة لا تعلم، بعدت يده عنها ثم جلست على الفراش قائلة ببعض التقطع :
_ عايز تتجوزني صح يا كبير؟!..
أوما إليها قائلا:
_ طالب الحلال واظن مفيش حاجة غلط يا دكتورة..
ابتسمت إبتسامة كبيرة ساخرة ثم أردفت ونظرها معلق بنقطة غير محددة داخل الخيمة :
_ وبعد الحلال هيبقى مصيري إيه؟!..
ضيق بين حاجبيه قائلا بعدم تقبل لما يرمي إليه حديثها :
_ مصيرك؟!.. ماله مصيرك يا دكتورة هتبقى مرات سند الكبير شايفة إن ده هيبقى حاجة قليلة؟!…
قامت من مكانها ثم وقفت أمامه ولأول مرة يشعر بالتوتر من إمرآة ومن نظراتها التقييمية له، بلت شفتيها بطرف لسانها لتعطي لنفسها القليل من الدعم ثم أردفت:
_ والمدة قد إيه بقى يا ترا؟!…
STORY CONTINUES BELOW

صرخ بها :
_ مدة ايه بلاش تخرجي جناني عليكي؟!.
ردت عليه ببرود تحلت بها لتبقى على قوتها:
_ واحد زيك كان متجوز خمسة وأنا رقم ستة فأكيد ليا مدة مع الكبير لحد ما يزهق ويقولي مع السلامة زي الباقي، السؤال هنا بقى مدتي قد ايه؟!…
جذبها إليه عنادها هذا يزيد من اصرار عقله على قربها مهما كلفه الأمر، ثم همس بنبرة ناعمة :
_ مفيش مدة أنتِ هتبقى الأخيرة عايز منك عيالي يا وعد، يمكن مش بعرف أقول كلام حلو ويمكن كمان عصبي معظم الوقت، بس عايزك وعايز أحس معاكي بحاجات كتيرة ريحتك لوحدها قادرة تخليني ليكي الباقي من عمري، قولي موافقة يا وعد لأني مش هقبل بالرفض..
عادت للصمت من جديد لعدة لحظات قبل أن تأخذ نفس عميق تبث به الأمان لقلبها المتعلق بما يقف أمامها بكل قوته، الآن فقط تأكدت أنها تقف على حافة الهوية ثم قالت.
: موافقة اتجوزك يا سند…
______شيماء سعيد ______
بمكان لأ يوجد به إلا حبات الرمال الصفراء وقفت سيارة حمد وبجواره همت التي تحلت بلغة العظماء حتى تصل معه للنهاية، هبط من السيارة ثم ذهب إلى بابها وقام بفتحه قائلا بتوتر :
_ أنزلي يا همت أكيد في كلام بنا لأزم يتقال بعيد عن الناس..
بالفعل هبطت وبدون اعطاء أدنى إهتمام له جلست على أول صخرة قابلتها، ابتلع ريقه فهو يعلم شخصيتها جيدا قبل ما حدث، تتحلى بالبرود عندما يكون بداخلها بركان سينفجر مع أول ضغطة بسيطة، جلس على الصخرة المقابلة لها ثم قال :
_ مكنش بأيدي البعد ده قدر من عند ربنا، أول حاجة عملتها لما رجعت ليا الذاكرة إني كنت عايز أخدك في حضني..
قطعت حديثه باشارة من كفها مردفة :
_ وكنت وخدني بيت عيلتك زي ما بتقول ليه يا حمد؟!.
زاد توتره أضعاف يحبها رغم كل ما يحاول فعله مع سند، حرك راسه قائلا :
_ قولتك كنت محتاج أخدك في حضني مش أكتر، سند أخوكي كان عارف أنا مين من أول مرة شافني ومع ذلك فضل يلعب بيها، حتى لما روحت له وطلبت منه يقولي مين حمد وليه انا حاسس بحاجات غريبة نحيتك رفض يتكلم…
تنهدت وشريط حياتها يسير أمامها مثل إحدى الأفلام السنيمائية التي تأخذ لقب فيلم رعب عن جدارة، أشارت إليه ليقترب جلس بجوارها على الرمال لتأخذ كفه وتفتحه ثم رددت :
_ الكل كان بيقول عليا شاطرة في قراية الكف، وبرغم إن كفك قال كلام كتير لسانك مش عايز يقوله إلا أني صدقتك يا حمد تعرف ليه؟!…
تاه داخل مقلتها الساحرة لينسي من هو واين هو، همس بفيض من المشاعر دلفت مثل السهم بقلبها، بالفعل ما يخرج من القلب لا يدلف الا إليه :
_ ليه يا قلب حمد؟!..
غرفت هي بتلك الكلمة التي كانت تأخذها لعالم وردي بعيدا عن أي شيء، ثم ردت عليه :
تستمر القصة أدناه

_ عشان حبيتك ومراية الحب دايماً بتكون عامية، هعتبر فعلاً إنك كنت عايز بس تاخدي في حضنك، يعني أخدت واحدة فاقدة الأهلية في مكان فاضي عشان بس تأخد حضن صح؟!..
قام من مكانه فجأة بغضب حتى ينهي تلك المناقشة التي سوف تأخذه الي المجهول :
_ هو في ايه يا همت حاسس من لهجة كلامك بالشك، أنتِ عارفة كويس اوي حبي ليكي وكمان أخلاقي بتحاولي تلمحي لأيه؟!..
قامت هي الأخرى وقالت بقوة عجيبة :
_ أيوة فعلاً أنا بعرف أنت عايز تقول ايه من غير ما تنطق، زي ما أنا عارفة برضو أنك بتحاول تهرب من حاجة بصوتك العالي…
هذا فوق طاقته كل ما تعلمه وتمرن عليه يضيع أمامها في هباء الرياح، ضم كفها بحنان قائلا :
_ ليه حاسس اني مش وحشك زي ما أنا هموت عليكي؟!…
ابتسمت مردفة :
_ مهو أنت كنت جنبي من اول ما دخلت كفر الكبير بشخصية محمد، بصراحة كنت مسيو فرنساوي هايل.
ضحك على حديثها ثم تنهد بارتياح بعدما استطاع ترويض قلبها بلحظات بسيطة وبدون أدنى مجهود منه :
_ أعملك مسيو من أول وجديد أنا بحبك يا همت نفسي بقى أحقق حلمنا وتبقى معايا تحت سقف بيت واحد…
جذبته خلفها ثم صعدت هي بمكان القائد مردفة بمرح :
_ طيب اتفضل بقى عشان انا اللي هسوق، مش مطلوب منك أي حاجة غير أنك تقولي أمشي من أي طريق خلينا نرجع الكفر قبل ما ابيه سند يرجع..
توتر قائلا :
_ طيب والجواز يا همت مش كفاية بعد لحد كدة؟!..
هزت كتفها مردفة بدلال :
_ كلم ابيه سند والقرار هيبقى له ده كبيرنا كلنا، وبعدين أنت متأكد انه بيحبك بس الظروف اللي حصلت بوظت الدنيا…
جلس على المقعد بجوارها بابتسامة مصطنعة قائلا بداخله :
_ أخدك بس وحسابي هيكون طويل اوي مع الكبير مش هرتاح الا لما حبل المشنقه يتلف عليه…
_______ شيماء سعيد ______
بصباح اليوم التالي..
عند سند ووعد…
استيقظ سند على رنين هاتفه ألقى نظرة سريعة على وعد النائمة بالأرض ثم حمل هاتفه خارج الخيمة ليري رقم صديقه المقرب صالح الحداد، إبتسم بتلقائية ثم فتح المكالمة قائلا :
_ دكتور صالح بنفسه على التليفون غريبه دي..
ضحك صالح الذي كان يباشر بعض الأعمال بغرفة مكتبه بالمشفى مردفا :
_ جرا ايه يا كبير أنا عن نفسي بتصل كتير الدور والباقي عليك نسيني خالص..
رفع سند حاجبه مردفا بذكاء :
تستمر القصة أدناه

_ صوتك ماله يا صالح شكلك مش مبسوط..
تنهد الآخر بتعب يحاول أن يتغلب عليه مردفا :
_ حبيبة أختي محتاجة تبعد عن القاهرة فترة بصراحة أنا مش هأمن عليها غير عندك..
رد سند بقوة :
_ أختك أختي وكفر الكبير كله هينور بيها، بس دي متجوزة حسن وعندها منه أولاد معقول هتقدر تبعد عنهم؟!..
_ حبيبة وحسن أطلقوا ده غير أن البيه اتجوز، الاولاد هيبقوا معاها لحد بس ما ترتاح نفسينا وترجع القاهرة تاني..
حرك سند رأسه متفهما ثم أردف بهدوء :
_ ماشي يا صالح العربية هتكون عندها الصبح عشان توصلها الكفر، وبالمرة تيجي انت تحضر فرحي…
لم يتحمل صالح الخبر أكثر من ذلك وانفجر بالضحك قائلا :
_ سادس يا كبير؟!.. يا جدع أرحم نفسك شوية مش كدة خلصت على ستات البلد كأن مفيش راجل في الدنيا غيرك…
إجابه سند بغرور :
_ مهو مهما كان في رجالة مش هيبقى زي سند الكبير، بس المرة دي هتبقى الأخيرة..
قبض صالح حاجبيه مردفا :
_ على كدة بقى السنارة غمزت ووقعت في الحب؟!..
تنهد سند قائلا بهدوء :
_ لأ يا صالح مفيش حاجة إسمها كدة ده مجرد كلام فارغ بنزين بيه العلاقة بين الراجل وست عشان تبقى أشيك مش أكتر، أنا شايف فيها زوجة تملي عيني وأم لأولادي واظن مفيش راجل بيبقى محتاج أكتر من كدة.
صالح:
_ الكلام مش هينفع في التلفون بس لينا قاعدة كبيرة مع بعض..
أغلق سند الخط مع صديقه ثم عاد للخيمة ليجدها قد استيقظت و رفعت كفيها لتزيل أثر النوم من عينيها أبتسم قائلا :
_ ده ايه الجمال ده صباح الخير..
تبسمت مردفة :
_ انا عن نفسي طول عمري حلوة بس الغريب بقى ان أنت تقول كلام حلو..
سحبها لتجلس على الفراش بجواره وعيناه تريد أنت تأخذها بداخلها حتى لا يراها غيره بهذا القدر العالي من الجمال، ثم أردف :
_ مش أنتِ نفسك تسمعي مني على طول كلام حب لأنك بتحبيني يا وعد؟!..
وجدت نفسها بلا لحظة تفكير واحدة تحرك رأسها إليه سريعا ليضحك بحلاوة قائلا :
_ من النهاردة مش هتشوفي مني إلا كل الحلو…
اتسعت مقلتها من تغيره الغريب والجذري معها مرددة بتوتر :
_ بجد يا سند؟!..
_ بجد يا روح سند أنا هعملك مفاجأة حلوة اوي أول ما ندخل البلد..
تستمر القصة أدناه

تحمست لتلك المفاجأة قبل أن تعرف ما هي يكفي عليها انها ستكون من سندها، ربما تغرق إذا وضعت يدها بيده الا أنها قررت خوض تلك التجربة مهما كانت نهايتها، ستستمتع بكل لحظة بينهما وتعيش ما حلمت به، ضغطت على يده مردفة بلهفة :
_ قولي بسرعه ايه هي…
قام من جوارها مردفا بغرور :
_ وهتبقى مفاجأة إزاي حضري نفسك هنفطر ونمشي..
وقفت أمامه مردفة ببعض التوتر :
_ والبنت يا سند ارجوك خليها ترجع معانا..
بدأ هدوئه المزيف يزول من عليه وأردف بغضب :
_ بنت مين يا وعد العروسة اللي عرضتي حياتك للخطر من غير ما تعرفي عواقب أفعالك اساسا؟!.. هنأخدها معانا فين وبأي صفة أبوها ممكن يشيل رأسها من مكانها لو أنا طلبت أنها تيجي…
غضبت هي الأخرى من حديثه وقالت :
_ أنت عارف كويس ايه اللي ممكن يحصل فيها لما نمشي، وبعدين كلمتك فوق رقبة الكل بما فيهم أبوها على الأقل اعمل ده من باب الصدقة بلاش عشاني…
تحرك في الغرفة بتعب من تصرفاتها ثم قال :
_ ماشي يا وعد هتمشي معانا بس إزاي دي حاجة تخصني أنا، فاهمة..
لا تريد أن تعرف الطريقة كل ما يهمها إنقاذ تلك المسكينة لذلك اومات برأسها عدة مرات مردفة:
_ فاهمة فاهمة…
________ شيماء سعيد _______
عند الشيخ كان يجلس بجوار بعض النيران ليقترب منه سند قائلا :
_ صباح الخير يا شيخ..
الشيخ :
_ صباح الخير يا ولدي صباحية مباركة ارتاحت في النوم عندينا؟!..
جلس سند على أحد المقاعد ثم قال بجدية :
_ مرتاح، طول عمر دارك دار خير يا شيخ، بس ليا عندك طلب والمرة دي أنا مش هقرر القرار ليك وبس يا شيخ…
تعجب الرجل من طريقة سند المختلفة كل الإختلاف بالحديث ليقول بقلق :
_ أطلب يا كبير ولو أقدر عليه مش هتخرج من غيره..
_ بنتك العروسة فخر مش بس شاغل معايا فخر ده أيدي اليمين طالب ايد بنتك له.. وزي ما قولتك القرار ليك أنت..
رد عليه الرجل ببعض التوتر :
_ بس أنت عارف يا كبير إحنا بناتنا مش بتخرج برة…
وضع سند يده على كتف الرجل مردفا :
_ قولتك من بداية كلامي القرار ليك، بس لو وفقت بنتك هتكون تحت حمايتي مش هتجيلك يوم زعلانة..
ابتسم الشيخ بسعادة :
_ مواقف يا كبير العريس اختيارك وهي تحت حمايتك وأنا زي أي أب مش عايز لبنتي غير الأمان…
_______ شيماء سعيد ______
بعد ساعة بسيارة سند قالت وعد بسعادة :
_ بجد يا سند يعني البنت دي هتبقى في امان؟!..
طيبة قلبها وبساطة ردودها تجذبه إليها مثل المغناطيس دون أن يشعر، ابتسم على ابتسامتها وليكون أكثر صدقنا هو فعل كل هذا من أجل تلك الإبتسامة فقط، أوما إليها وكل تركيزه على القيادة :
_ هي حاليا في أمان وهتفضل تحت حمايتي طول ما أنتِ في حضني يا وعد، بس قوليلي بتعملي كل ده على واحدة متعرفش إسمها حتى؟!..
اجابته بصدق :
_ مش مهم أعرف إسمها كفايه جدا إني عرفت مشكلتها وقدرت اساعدها، مش هي بس اللي محتاجة المساعدة في بنات كتير كدة يا سند، يا ريت طالما القبيلة دي تحت حمايتك تأخد بالك من الحاجات اللي زي دي…
أبتسم بوقار قائلا :
_ طيب نامي بقى لحد ما نوصل الطريق طويل..
أومات إليه بترحيب لتلك الفكرة ثم أغلقت عينيها بنعاس قائلة قبل أن تذهب إلى عالم الأحلام الوردية خاصتها :
_ تصبح على خير..
_ وأنتِ من أهل الخير…
مرت ساعات الطريق عليها بسرعة أما هو كان متلهف لردت فعلها على مفاجأته الخاصة، وصلوا لقصر الكبير ليقول سند بصوت دافي بث بداخلها الأمان والكثير من الثقة بالنفس :
_ وعد يلا أصحى احنا وصلنا..
فتحت عينيها وهنا كانت المفاجأة حفل كبير وجميع أهل البلد في حالة من الرقص والسعادة لتقول بذهول :
_ هو ايه ده؟!.. في ايه؟!…
أجابها بابتسامة مشرقة :
_ فرحنا..
_ ومين قالك إني موافقة على كدة؟!..
_______ شيماء سعيد _______

السابقانت في الصفحة 1 من 7 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
2

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل