منوعات

بقلم زكيه محمد ج1

أردف بانفعال وهو يركل الباب بقدمه :- ما أنتِ فعلاً هبلة ما جبتش حاجة من عندي أنا ، ماشي يا مريم أنا هوريكي .

أردفت بخوف و تهديد :- والله لأقول لعمي موسى عليك ها ..

ضحك بغلب قائلاً بسخرية :- ليه قالولك عيل صغير هتشتكي لأبويا ، أعلى ما في خيلك أركبيه ، و أبقي النهاردة في جحرك دة ..

قال ذلك ثم توجه ناحية الصالة وهو يسير جيئة و ذهاباً ، يكور يديه ب ، و كم ود لو كانت أمامه الآن لفصل رأسها عن جسدها . نظر لملابسه المبتلة بغيظ شديد قائلاً بتبرم :- بقى حتة عيلة تعمل فيا كدة ! ماشي يا مريم ..
أنهى كلماته ليتوجه بعدها و يبدل ملابسه حتى لا يصيبه الإعياء.

بقلم زكية محمد

______________________________________

استدعت رحيق لتدلف لها على الفور ، جلست قبالتها انتظاراً لما ستمليه عليها .
هتفت سندس بهدوء :- يلا قدامك عشر دقايق بالظبط تلمي ورق الصفقة و تجهزيه علشان ناخد التصاميم و نروح شركة Master East نوديلهم التصاميم.

هزت رأسها بخفوت، ومن ثم انصرفت لتنفذ المطلوب ، و بعد دقائق وصلت أمام هذا الصرح الشامخ ، وما إن ارتجلت من السيارة فرِغ ثغرها بدهشة و انبهار وهي تتأمل المبنى العملاق قائلة :- ما شاء الله إيه دة يا مدام سندس ؟! يا حلاوة يا ولاد تعالوا يا حارة و شوفوا بنتكم واقفة فين ، دة أنا هوصيهم لما أموت يدفنوني هنا ..

أردفت بحزم :- قولنا إيه ؟ انسي الحارة دي وناسها لأنهم باعوكي في أول مطب ، ويلا يا مجنونة ندخل بدل ما نتأخر ، المدير ما بيحبش التأخير .

هزت رأسها بموافقة، و سحبت نفساً عميقاً، ثم زفرته بتمهل، و ولجتا سوياً ليبتلعهم هذا المبنى الشاهق الإرتفاع.

وقفت أمام المصعد ، فهتفت رحيق بحذر :- حضرتك واقفة ليه هنا يلا نطلع !

رفعت حاجبها بذهول قائلة :- عاوزانا نطلع خمسطاشر دور على السلم !

جعدت أنفها بضيق قائلة :- نعم ! خمسطاشر دور ! طيب ما تقوليله هو ينزل .

أردفت بتعجب :- وماله إحنا كدة كدة هنطلع بالأسانسير …

قاطعتها قائلة بابتسامة بلهاء :- قصدك هتطلعي بيه ، أنا استحالة، مش هقدر ، أنا هطلع قدامك يدوب ألحق أوصل .

حدجتها بذهول قائلة :- هتطلعي 15 دور يا مجنونة ! رحيق أهدي كدة أومال.

هزت رأسها برفض قائلة بجدية :- لا يا مدام سندس أنا اللي آسفة ، أنا بترعب من الاسانسير ، عندي فوبيا استحالة أطلع فيه نهائي ، فهمتيني ؟ طيب ما إحنا شركتنا الصغنتوتة في الدور التالت ليه الإفترى دة !

جزت على أسنانها بغيظ قائلة :- ساعات بتوصليلي إني بتعامل مع بنت أختي ، مالك يا رحيق ما تجمدي كدة !

أردفت بإصرار :- بصي يا مدام سندس إحنا كدة كدة جينا بدري ، أنا هطلع على السلم و هسبقك ، أو انتي اسبقيني و استنيني هناك ، سلام ..

أنهت حديثها و أطلقت العنان لساقيها ، و الأخرى تنظر لطيفها بفيه يكاد يصل إلى الأرض ، و هزت رأسها بنفاذ صبر ، و استقلت بعدها المصعد لتنتظر تلك البلهاء بالأعلى ، أي جنون هذا ؟!

و بالفعل وصلت قبلها بكثير و وقفت قبالة السلم تنتظرها ، و بداخلها قدح يغلي ، و تمنت لو تظهر أمامها الآن فتفتك بها ..

انتظرت كثيراً حتى راودها القلق و الخوف عليها ، و خشت أن يكون حدث لها شيئاً ، زفرت براحة عندما ظهرت ، ولكن حالتها مذرية حيث تعرق وجهها ، و أصبح مثل اللون القرمزي من فرط الجهد الذي بذلته.
ما إن وصلت للسلمة الأخيرة ألقت نفسها على أقرب مقعد ، تلتقط أنفاسها بصعوبة .

هتفت سندس بخوف و حدة :- يا مجنونة يا مجنونة ! أنا غلطانة إني سبتك و سمعت كلامك ، شوفتي اخرة تنشيف دماغك !

هتفت بتقطع :- مممياه …..عععاوزة…مياه ..

ركضت لتجلب لها الماء ، و عادت تحمل زجاجة مياه ، فإلتقطتها الأخرى منها بسرعة ، و قامت بإرتشافها بأكملها ، ثم أردفت بتذمر :- روح إلهي تتشك يا بعيد ، إلهي عشرين دور تاخدهم في طرة ، اه يا رجليا يا أمي اه ..
ثم نظرت للتي كانت تكاد تنفجر كالقنبلة الموقوتة و أردفت بحذر :- أتأخرت عليكي ؟!

مسكت رأسها قائلة بغيظ :- هتشليني يا رحيق هتشليني بعمايلك دي !

نهضت قائلة بسرعة :- بعد الشر يا مدام سندس إن شاء الله صاحب الهلومة دي ..

جحظت عيناها ب ة وهي تتطلع للشخص القابع خلف تلك البلهاء والذي ظهر من العدم .
لم تكتفي رحيق بهذا القدر حينما أردفت بحنق :- و يجيله شلل أطفال كدة ، كان لازم يعني يترزع في الدور العشرين !

أخذت تحدجها بقوة كي تكف عن الحديث ، و لكنها هتفت ببلاهة :- في إيه ؟! بتبصيلي كدة ليه ؟

أردفت بغيظ مكبوت وهي تصطنع الابتسامة :- إزيك يا باشمهندس مراد؟

هتف بجمود ، وهو يطالع الأخرى بنظرات لو كانت رصاصاً ل تها :- أهلاً يا مدام سندس..

أردفت بعملية :- إحنا جيبنا التصاميم اللي انتوا طلبتوها و …….

قاطعها مشيراً لها بيده قائلاً بهدوء جليدي :- طيب ..طيب أعتقد الكلام دة مش هنا في المكتب .

استدارت لترى ذلك المتعجرف ، و حدجته بحنق ، بينما مالت على سندس تهمس بجوار أذنها :- مين الأخ ؟

وكزتها في ذراعها قائلة بهمس مماثل :- دة صاحب الهلومة دي يا أختي ، الله يحرقك يا شيخة .

انتفضتا معاً على أثر صوته الجامد قائلاً :- مش هفضل واقف لسيادتكم كتير ، ورايا شغل مهم ..

حمحمت بحرج قائلة وهي تهم بالسير :- تمام يا باشمهندس مراد ..

سار قبلهم متوجهاً للمكتب الخاص به ، بينما رفعت رحيق يدها في الهواء وكأنها ت ه ، وهي تهتف بحنق خافت :- مين اللي دلّك على التلاجة دي يا مدام ! من قلة العملا يعني ؟!

أردفت بحزم :- ما اسمعش نفسك لحد ما نخلص .

هزت رأسها بنعم ، و من ثم دلفتا للمكتب ، و جلستا مقابلته ، بينما جلس هو بغطرسته المعتادة .
مدت سندس له الأوراق قائلة بتهذيب :- دي التصاميم يا فندم اللي اختارتوها ، شوف لو محتاج تعديل ولا كويس كدة .

التقط منها التصاميم ، و أخذ يحدق بها بتركيز عال ، استغرق ذلك دقائق قبل أن يمط شفتيه باستحسان قائلاً بجمود :- كويس مش بطال ، تقدروا تنفذوا من دلوقتي .

عضت رحيق على شفتيها بغيظ ، بينما هتفت الأخرى بابتسامة مجاملة :- تمام يا أفندم و أنا جهزت الأوراق علشان التوقيع ..

هز رأسه بهدوء قائلاً :- تمام ثواني يكون شادي هنا علشان هو المسؤول عن الشؤون القانونية .

أنهى كلماته و ضغط على الزر لتأتي السكرتيرة على الفور فقال :- ابعتي شادي بسرعة يكون هنا .

أومأت بموافقة ، فهتف هو بتذكر :- اه و شوفيهم هيشربوا إيه ؟

ابتسمت سندس بعملية قائلة :- ملوش لزوم يا باشمهندس ، هنمضي العقود و نمشي علطول …..

قاطعتها رحيق قائلة بابتسامة بلهاء :- بس أنا عاوزة عصير فراولة .

قالتها بترجي طفولي ، بينما تنحنحت سندس بحرج قائلة :- احم هاتيلها عصير فراولة وأنا قهوة سادة لو سمحتي .

أومأت لهن بابتسامة عملية و انصرفت ، وبعد لحظات ولج شادي الذي توجه ناحيتهم ، و رحب بهم بعملية ، بينما هتف مراد ببرود :- شادي خد الأوراق دي و راجعها كويس قبل ما تمضي العقود .

تناولها منه قائلاً ببسمة واسعة :- أوك مفيش مشكلة ، جابوا التصاميم ؟

أومأ برأسه قائلاً :- أيوة خد أهو شوفها علشان تخلص كل حاجة معاهم .

جلس قبالته ، و شرع في إنهاء ما طلب منه ، و بعد وقت انتهوا من مهمتهم ، ليردف مراد برسمية باردة كالثلج كحاله :- كدة كل حاجة تمام ، فاضل دلوقتي التنفيذ .

أردفت سندس بعملية :- إن شاء الله يا أفندم الشغل هيعجبكم ، و لينا شرف كبير إننا نتعامل مع شركة كبيرة زيكم ..

أردفت رحيق بخفوت سمعه شادي :- قصدك حصلنا القرف ، بالذمة دة بني آدم دة ! دة لوح تلج يا ساتر على الغتاتة ..

انفجر شادي ضاحكاً عليها مما أثار تعجب الآخرين ، بينما حدجه مراد بنظرات جعلته يتوقف فوراً عن الضحك ، و رفع يديه باستسلام في الهواء قائلاً :- أنا آسف بس أفتكرت حاجة كدة ضحكتني .

غادرن هن ، و بمجرد أن خرجن هتفت سندس بتوبيخ و عتاب :- ينفع اللي عملتيه دة يا رحيق ، بتحرجيني قدام المدير ! وأنا اللي بقول عليكي عاقلة !

استشعرت جديتها فهتفت برجاء :- أنا آسفة يا مدام والله مكنش قصدي ، بصي خدي أي حد معاكي بلاش أنا بعد كدة .

قالت جملتها ، وهي تنكس رأسها للأسفل ، بينما زفرت هي بضيق قائلة :- أنا ما أقصدش أزعلك بس بقولك كدة علشان تاخدي بالك .

أردفت بلهفة :- حاضر هحاول ، بس أنتِ عارفاني بتصرف بعفوية من غير ما أفكر .

ضيقت عينيها قائلة بغيظ :- قصدك بتهور …
ثم تنهدت بعمق قائلة :- رورو دي أحلى حاجة فيكي أنك نقية من جوة ومن برة ، بس متخليش حد يستغل دة بشكل مش كويس ، يلا بينا …

عندما كانت تهم بالحديث قاطعتها بصرامة قائلة :- و هننزل بالأسانسير ، ومش عاوزة أسمع أي اعتراض .

قطبت جبينها بتذمر ، ولكنها لن تعارضها تلك المرة ، حتى لا تتهمها بالاستهتار .

دلفت للمصعد معها ، و لسوء حظها ، ولج معهم في نفس اللحظة شادي الذي ما إن رآها غمز لها بطرف عينه بعبث ، بينما نفخت وجنتيها ، و استدارت للجانب الآخر، وما إن تحرك المصعد ونزل للأسفل ، تشبثت بذراع سندس بقوة قائلة بذعر ، وهي على وشك البكاء :- أنا … أنا خايفة هموت …هموت ..بتخنق ..

سرى الرعب بأوردتها حينما رأت حالتها تلك قائلة بخوف :- رحيق ..رحيق اتنفسي واهدي مفيش حاجة

إلا أنها أخذ صدرها يعلو و يهبط ب ، و تلتقط أنفاسها بصعوبة ، و أبيضت عيناها ، و شعرت بأنها النهاية .
سقطت على ركبتيها والأخرى تسندها ، وهي تفرك يدها بقلق قائلة بدموع :- رحيق خليكي معايا أوعي تغمضي ..

هتف شادي أخيراً بقلق :- هي مالها ؟ هي متعودة على كدة ، ولا عندها فوبيا ؟!

أردفت بدموع :- أيوة هي قالتلي كدة ، وأنا الغبية كنت فاكراها بتدلع ولا بتهزر ، وقف الأسانسير أرجوك وقفه .

انتصب واقفاً ، وضغط بسرعة على أقرب دور ، فتوقف فهتفت سندس بقلق بالغ ينهش أعماقها :- رحيق بصي أهو وقف خلاص ، يلا فتحي و ردي عليا يا رحيق ..

أخذت تربت على وجنتيها بخفة حينما استسلمت للقاع المظلم الذي سحبها نحوه . تدخل شادي قائلاً بهدوء :- خليني أشيلها و أوديها لأقرب دكتور .

نظرت له قائلة بضياع :- بس …

قاطعها قائلاً بصرامة :- مفيش بس يعني عاجبك حالتها دي !

هزت رأسها بنفي فأردف بروية :- خلاص يبقى سيبيني أتصرف و ألحقها .

قال ذلك ثم حملها ثم حملها و خرج بها تحت أنظار الموظفين المذهولين ، صعد لسيارته و جاورته هي و انطلق بها بسرعة .

بعد وقت كانت ممددة على الفراش ، و بيدها السيروم المغذي ، فهتف الطبيب بعملية :- متقلقوش هتفوق بعد شوية و الموضوع ملهوش داعي للخوف دة كله .

أردفت بخوف :- بس هي …هي كانت بتتخنق يا دكتور و …..

قاطعها قائلاً بروية :- دة عادي جداً طالما عندها فوبيا من الأماكن الضيقة و المقفولة ، تقدر تمشي أول ما تفوق معاكم ، بعد أذنكم .

انصرف الطبيب، بينما هتف شادي في محاولة منه لطمأنتها :- متقلقيش هتكون كويسة إن شاء الله.

أردفت بعرفان للجميل :- أنا متشكرة أوي على اللي عملته معانا .

أردف بابتسامة عريضة وهو ينظر لرحيق الغافية ، و بداخله يتعجب من دقات قلبه المتزايدة عندما كان يحملها ، ولم القلق انتابه بهذا الشكل عندما وجدها هكذا ! :- متشكرنيش يا مدام دة واجبي ، أنا هستنى برة لحد ما تفوق علشان أوصلكم ، وهبقى ابعت حد يجيب عربيتك من قدام الشركة .

أومأت له بخفوت، بينما خرج وما إن غلق الباب خلفه أردف بتعجب وهو يضع يده على قلبه الذي لم يتوقف نبضه المتزايد بعد :- و بعدين معاك ؟! غريبة ! قلبي بيدق بطريقة غريبة ودي أول مرة تحصل …..
بقلم زكية محمد

______________________________________

ليلاً أتت كلتا العائلتين لرؤية العروسين ، و اضطرت مريم للخروج وما طمأنها هو وجودهم ، فلن يستطيع أن يفعل شئ أثناء وجودهم .
كانت المواجهة مشحونة إلى حد ما ، و استمر اللقاء ما بين رضا و سخط ، تشبث أحمد بوالدته فاضطروا أن يتركوه ، وكم سعدت هي لهذا القرار ، و ما إن غادروا كانت تحتضن الصغير تستمد منه الأمان ، أما هو أخذ يطالعها بنظرات ذئب مفترس يتربص بفريسته .

أخذت تتراجع للخلف بخوف ، ولم تلحظ تلك الطاولة التي إصتدمت بها ، وكادت أن تهوي بالصغير ، و لكنه كان الأسرع حينما جذبهما معاً ناحيته لتقبع رأسها على صدره و الصغير بينهما .

تكاد تجزم أن دقات قلبها وصلت لمسامعه التي تتراقص على ألحان عشقه ، فرغ ثغرها بذهول ، تستوعب مدى اقترابها منه ، يا للقدر ! أهي الآن بين ذراعيه ، و ليس ذلك فقط بل رأسها تتوسط صدره ! شعرت بدوار عنيف ي ها دون هوادة ، و تراخت أطرافها ، فكاد أن يسقط الصغير ، إلا أنه كان الأسرع وحمله منها ، و ابتعد ليضعه على الأريكة ، و استدار ليرى ما بها ، فوجدها تغلق عينيها مع تراخي قدميها وسقطت لتقبع مجدداً بين ذراعيه ، فمددها على الأريكة برفق ، بينما تعالت صرخات الصغير قائلاً :- ماما…ماما…أثحي…ماما ..

هتف بهدوء ليطمأنه :- ما تقلقش يا حبيبي هي نامت و هتفوق .

أخذ يربت على وجنتيها بهدوء في محاولة منه لإفاقتها ، إلا أنه لم يتلقى منها أي رد فنهض بسرعة ، و ولج للداخل ليغيب لثوانٍ ليخرج بعدها وهو يحمل قنينة عطر ، نثر بعضاً منها على يده ، ومن ثم رفع رأسها لتستقر على صدره ، و قرب يده من أنفها ، و استمر ذلك للحظات قبل أن ترمش بعينيها لتفتحها ، لتستنشق رائحته التي أسقطتها أرضاً منذ قليل عندما كانت قريبة منه إلى حد مهلك ، لتستوعب بعدها أنها ما زالت بذلك القرب ، ظنت أنه حلم لذيذ تعيشه بمخيلتها ، إلا أن صوته أعادها للواقع حينما هتف بهدوء :- مريم أنتِ كويسة ؟

لا هذا كثيراً جداً على قدرة تحملها ، يا الله لنطق اسمها بين شفتيه سحر خاص ، نغمة بيتهوفن أطربت مسامعها .
ابتعدت عنه عندما عادت لرشدها ، ورأت وضعيتها لتجلس معتدلة قائلة بحرج و صوت خافت :- الحمد لله كويسة .

قفز أحمد على قدميها و احتضنها قائلاً بطفولية :- ماما أنتِ ثحيتي ! ما تناميش دلوقتي لثة بدري .

قبلته من وجنته قائلة :- حاضر يا حبيب ماما .

أردف إسلام بمرح :- طالما مش قد اللعب بتلعبي ليه ؟ أغمى عليكي بسرعة كدة يا جبانة !

نظرت له بحنق قائلة بثبات مخادع :- أنا مش خايفة منك على فكرة ، و يا ريت تبطل أسلوبك دة .

رفع حاجبه باستنكار قائلاً :- أسلوبي ! اممممم الظاهر الهانم نسيت عملت إيه و محتاجة حد يفكرها.

جحظت عيناها ب ة قائلة بتهديد مبطن بالخوف :- لو قربت مني ه….ه…ه …

قاطعها قائلاً بتسلية :- هت.. إيه ؟! أحب اسمع .

أردفت بنبرة منكسرة :- مش هعمل حاجة يا إسلام مش هعمل ، بس أرجوك خلي في بينا احترام على الأقل قدام أحمد .

تنهد بعمق قائلاً :- ماشي يا مريم …..ثم أردف بتهديد :- بس ما تفكريش إني هسكت على كدة و أرضى بالأمر الواقع، أنا هنبش في الموضوع، و يا ويلك يا سواد ليلك لو كان ليكي علاقة بالموضوع ، و أوعدك محدش هي ك غيري .

أردفت بحزن :- اعمل اللي أنت عاوزه مبقتش فارقة على الأقل تريحني من العذاب اللي أنا فيه دة .

قطب حاجبيه قائلاً بتعجب :- قصدك إيه وضحى أكتر ؟!

ودت لو تصرخ في وجهه و تخبره بأنه هو أكثر ما يعذبها و يجلد روحها ببطئ ، وتخبره بأنها كيف ستتحمل تلك الليالي العجاف دون أن تهنئ بدفء ذراعيه ، وكيف تخبره أنه محرم عليها على الرغم من وجودهم تحت سقف واحد ؟! ، و كيف ستتحمل دقات قلبها الخائنة التي تزداد محدثة صوتاً رناناً في ضلوعها وكأنه هناك حفل صاخب ، و كيف تتحمل وجوده معها أمامها دون أن يشعر بها ، وكيف أنه داءها و دواءها ، وكيف ….. وكيف؟!

نهضت من مكانها بسرعة لتتوارى بعيداً عنه ، و تزرف تلك الدموع التي تهددها بالسقوط ، و أردفت بهدوء :- هروح أشوف أحمد ..

قالت ذلك ثم انصرفت من أمامه بسرعة الريح ، بينما نظر هو في أثرها بتمهل ، و لا إرادياً رفع أصابعه التي لامست وجنتيها نصب عينيه ، وهو يسترجع تلك اللحظات ، حينما شعر بقشعريرة سرت بأوصاله ، و رائحتها التي ملأت عبقه حينما كانت بين ذراعيه .
رنت أجراس الخطر بعقله فجأة ، و ضم قبضته بقوة قائلاً بتوبيخ :- إيه اللي أنا بفكر فيه دة ؟! دي أولاً مرات أخوك ، ثانياً دي واحدة ست يعني خداع و زيف ورا وش طيبة ، مستعد تجرب و تتوجع تاني ؟ لا طبعاً مش هيحصل .

نهض و ولج إلى غرفته ، و مكث بها وعقله يصارع الكثير و الكثير ….

______________________________________

في اليوم التالي كانت منكبة على أوراقها تعمل بجدية حينما صدح هاتفها بالرنين ، تركت الأوراق و نظرت للهاتف ، وما إن رأت المتصل أجابت على الفور على الفور :- ها طمني النتيجة إيه ؟

اتسعت عيناها بذهول قائلة :- بجد ؟ طيب كويس جداً ، أقولها أنا ولا حد يقولها ؟

أومأت برأسها قائلة :- أوك مفيش مشكلة تمام سلام ..

وضعت الهاتف بجوارها ، و أردفت بابتسامة :- ربنا يسعدك يا رحيق تستاهلي كل خير …

بالخارج بعد أن انتهت من عملها ، جلست مع صديقتها تثرثر معها قائلة بتذمر :- زي ما بقولك كدة لوح تلج بالظبط ، لا يمكن دة التلج بيسيح لكن هو لا ، عامل نفسه big boss و مسيطر ، و بيكلمنا من مناخيره ، الود ودي كنت طبقت في زمارة رقبته .

تعالت ضحكات صديقتها قائلة :- لا ، شوقتيني أشوفه لوح التلج دة يا ريتني روحت معاكم .

زمت شفتيها بضيق قائلة :- يعني هتشوفي الأملة ! ولا التاني قليل الأدب يا أختي دة مصيبة كمان .

ضحكت بصخب على حديثها ذاك قائلة :- هههه ، عمل إيه دة كمان ؟ مش دة اللي أخدك المستشفى ؟

أومأت بموافقة قائلة بغل :- أيوة هو يا أختي ، بس أما أقابله الوقح دة ، إزاي يشيلني ؟ ! والله لأطربق الدنيا فوق راسه هو فاكرها سايبة ولا سايبة !

أردفت بتساءل :- ليه بس ؟! دة جزاته يعني ! و بعدين هو ما شالكيش يحب فيكي هو شالك من باب المساعدة مش أكتر .

صكت على أسنانها ب قائلة :- قليل الأدب من أول ما دخلنا المخفي على عينه الأصانصير قام غامزلي ابن الهرمة .

ضحكت و هي ت كف بآخر قائلة بمرح :- لا ملوش حق قليل الأدب .

و على ذكر السيرة ، دلف للمكان يمشطه بعينيه بلهفة بحثاً عنها ، و على وجهه إبتسامة مشرقة ، وكأنه حلم يصعب تحقيقه . سأل أحد الموظفين عن مكان تواجدها ، و ما إن أشار له على المكتب أنطلق كالقذيفة نحوه ، و فتح الباب بدون استئذان ، فانتفضن في مجلسهن ، و رفعن أنظارهن نحوه ، و ما إن نظرت له عرفته على الفور فتأهبت حواسها للخوض في معركة طاحنة إذ هتفت بشراسة :- هو أنت !
بقلم زكية محمد

لم يعطها رداً، بل توجه ناحيتها ، و جذبها ناحيته فجأة ، و اعتصرها بين ذراعيه بقوة مغمغماً بعاطفة جياشة :- أخيراً !

ذئب يوسف
.الفصل الثامن

خيم السكون المكان ، و ال ة و الذهول حليفهم . فرغت آلاء ثغرها حتى كاد أن يصل للأرض عندما رأت ذلك الغريب يحتضن صديقتها ، و لم تختلف حالة الأخرى عنها ، حيث تخشب جسدها ، و تعالت دقات قلبها ، وعندما أدركت الوضع المحرج الذي هي فيه ، قامت بزجه بقوة بعيداً عنها قائلة بحدة وهي ترفع يدها لتصفعه :- أنت عملت إيه يا حيوان ؟

مسك رسغها ليظل متعلقاً بالهواء ، و ضحك بخفة قائلاً :- أهدي يا مجنونة و اعقلي .

حدجته ب ة قائلة :- نعم ! أنت مستوعب عملت إيه ولا أنت شارب حاجة على الصبح ؟!

هز رأسه بنفي قائلاً بتلاعب :- لا مش شارب ، و ممكن أحضنك تاني على فكرة و أبوسك في خدودك الحلوين دول كمان .

شهقة عالية صدرت من آلاء عقب حديثه الوقح ، بينما تحول وجه الأخرى إلى اللون القرمزي دلالة على ال الشديد ، و صرخت بوجهه وهي تحاول جذب يدها من قبضته الفولاذية :- أنت قليل الأدب و واطي ، سيب أيدي يا مجنون ، والله لأروح أعملك محضر في القسم و أخرب بيتك .

أردف بضحك :- يا بت أهدي الله يحرقك ..

أردفت بشراسة :- ولا أنت هتصاحبني ولا إيه ؟ سيب أيدي بدل ما أقلع اللي في رجلي و أنزل بيه على دماغك .

ترك يدها ، يحدق بها بذهول قائلاً :- ولا ! لا أنتِ محتاجة ضبط مصنع ..

حررت يدها من قبضته أخيراً قائلة بحدة :- وأنت مالك ! و بعدين ماتوهش ، إزاي تحضني يا قليل الأدب ؟ هو أنت فاكرني واحدة من إياهم ولا فاكرني ضعيفة هسكتلك ؟

هز رأسه بيأس منها ، و أردف بحدة جعلتها تصمت فوراً :- ممكن تهدي و تقفلي ماسورة المجاري اللي اتفتحت دي ، و نتكلم بالعقل ؟

أردفت بحدة مماثلة :- عقل ! و هو أنت خليت فيها عقل يا أبو عقل !

جز على أسنانه ب ، و بدون سابق إنذار كمم فاهها بيده قائلاً بصرامة :- هتسمعيني يعني هتسمعيني فأهدي و اعقلي كدة ….

أخذت تتلوى ب ، إلا أن قوته كانت الكفة الراجحة ، حيث لم تستطع الفرار ، فأخذت تهمهم تحت يده ، إلا أنه أردف بحزم :- أنا حذرتك فمتلوميش غير نفسك .

ولوهلة شعرت بالخوف منه فهي لا تعلم نواياه تجاهها بعد ، أما آلاء فاقت من حالة ال ة وهي تشاهد ذلك الغريب يتعامل بذلك النحو مع صديقتها فامسكت حقيبتها ، و قامت ب ه بقوة على ظهره قائلة بشجاعة مزيفة :- أبعد عنها يا حمار بدل ما أنادي الأمن .

ضيق عينيه وهو ينظر ناحيتها قائلاً ببعض الوجع :- لا الحكاية مش ناقصة تخلف هي ، بس يا بابا !

خرجت بسرعة تهرول تستغيث بسندس ، إذ فتحت الباب على حين غرة قائلة بذعر :- إلحقيني يا مدام سندس في واحد ماسك رحيق ومش عارفة عاوز منها إيه !

قطبت جبينها بتعجب قائلة :- واحد مين دة ؟! تعالي وريني .

توجهن نحو المكتب ، وما إن دلفت ، حلت ال ة على وجوههن حينما رأوا شادي منبطح على الأرض وهي فوقه تكيل له اللكمات بحقيبتها ، و هو يحاول أن يتجنبها قائلاً بصراخ :- يا بنت المجنونة كفاية هفطس ..

نظرت سندس لالآء قائلة بريبة :- متأكدة من اللي قولتيه من شوية دة ؟!

أردفت بتأكيد :- اه والله زي ما قولتلك يا مدام ، بس شاطرة يا رورو أيوة أديله كمان يستاهل ..

سمعن صراخه قائلاً :- حد يلحقني من الهبلة دي ..

هتفت سندس بحدة :- رحيق بس كفاية !

ابتعدت عنه، ونهضت قائلة بتذمر :- يا مدام سندس دة واحد قليل الأدب و محتاج يتربى ..

نهض هو بدوره قائلاً بضيق :- روحي يا شيخة وأنتِ عاملة زي علبة الكبريت كدة ، صحيح اجتنبوا شر من اقترب من الأرض .

نظرت سندس له قائلة :- هو أنت لسة ما قولتلهاش ؟!

هز رأسه نافياً وهو يقول بغيظ :- وهي أدتني فرصة أتكلم ، دي مفترسة والله .

حدجته بشراسة قائلة :- شكلك عاوز ت تاني صح ؟
ثم نظرت لسندس قائلة بضيق وهي على وشك البكاء :- يا مدام دة …دة حضني وقال كلام مش محترم زيه ، خديلي حقي منه ، انا عاوزة أبلغ البوليس .

تقدمت منها قائلة بحذر :- رحيق أهدي يا حبيبتي مفيش حاجة….

قاطعتها قائلة بصراخ :- مش ههدى محدش يقولي أهدي ، إزاي المحترم يعمل كدة هو محدش قالك أن دة حرام ولا أنت ما تعرفش ؟!

أردف بندم :- رحيق أهدي وأنا هفهمك كل حاجة .

صرخت بوجهه قائلة :- متنطقش اسمي على لسانك ، فاهم ؟

صرخ بوجهها بانفعال قائلاً :- أنا أخوكي …افهمي أنا أخوكي يا رحيق .

نزل عليها الخبر كالصاعقة في ليلة شتاء قارس ، و أخذت تتطلع له ببلاهة و ضياع ، شعرت بتخدر في أطرافها ، فلم تستطع أن تحملها قدميها ، فاقتربت منها سندس وامسكت بيدها ، بينما كانت آلاء متجمدة كحال رفيقتها .

اقترب شادي منها أكثر قائلاً بحنو :- أيوة يا رحيق أنا أخوكي ، بابا ليه سنين بيدور عليكي لحد ما فقد الأمل إلا أن عناية ربنا لطفت بينا ..

هتفت بضياع :- أنت… أنت.بتقول إيه ؟ أخويا إيه ، و أبويا إيه دة كمان ، أنت هتشتغلني ؟!

هز رأسه بنفي قائلاً بتأكيد :- لا أنا بتكلم جد ، أنتِ رحيق مجدي المرشدي بنت رجل الأعمال مجدي المرشدي .

صمتت قليلاً قبل أن تدلف في نوبة ضحك هستيري وسط دهشة الجميع ، بينما أردفت هي بضحك وهي تنظر لآلاء :- اسمعي يا آلاء بيقول إيه الجدع دة ! إنما نكتة بصحيح .

أقترب منها وهتف بقلق :- رحيق بطلي ضحك ، أنا مقولتش نكتة !

و ما إن هم ليمسك يدها ، نفضتها بعيداً عنها قائلة بصراخ :- أبعد عني ماتقربليش ، يا مدام سندس خليه يمشي من هنا أرجوكِ .

جذبها من كتفيها ببعض القوة قائلاً بجدية وهو ينظر بعينيها مباشرة :- رحيق فوقي ، أنا اسمي شادي مجدي المرشدي أخوكي سامعة ولا لا ؟ سواء برضاكِ أو غصب عنك أخوكي ولا يمكن أسيبك تاني ، بابا هيفرح اوي لما يشوفك .

أردفت بدموع عالقة :- بابا ! يعني أنا عندي أب ؟ ! هو رجع خلاص من الخليج ! و أنت إزاي أخويا أنا أمي مخلفتش غيري ، أرجوك بطل لعب بأعصابي ، أنا مش هستحمل كفاية اللي أنا فيه .

هز رأسه بنفي قائلاً بحنو :- حبيبتي أنا مبضحكش عليكي ، طيب استني كدة ..

التقط حافظة نقوده و أخرج بطاقته الشخصية و مدها لها قائلاً :- شوفي أهو إتأكدي من اسمي ، اسم بابانا واحد ..

تطلعت للبطاقة ، ثم قطبت جبينها قائلة باقتضاب :- دة اكيد تشابه أسماء أنا مليش أخوات .

أردف بحذر :- ما أنا أخوكي من الأب بس ، بابا متجوز واحدة تانية اللي هي أمي ، و معاكي أخت تانية أصغر منك بشوية .

أردفت بذهول :- نعم ! أنت عاوز تجنني يا جدع أنت ! ولو كلامك صح أنا مش عاوزاكم ..

ثم أضافت بفؤاد ذبيح :- دلوقتي افتكرتوني ؟! كان فين أبويا وأنا مرمية ليا سنين عند خالتي ، بدل ما يطبطب عليا راح أتجوز و خلف ولا كأن عنده بنت و سابنا كلنا عايشين في كدبة أنه سافر الخليج ، مش عاوزة حد أبعدوا عني أنا اكتفيت ..

ثم صرخت بانهيار في وجهه :- أطلع برة أطلع ..

تدخلت سندس بقلق من تأزم حالتها قائلة :- أستاذ شادي يا ريت تطلع دلوقتي و تستنى في مكتبي .

هتف بأسى :- بس …

قاطعته قائلة بهدوء :- يا ريت تطلع دلوقتي أنت مش شايف حالتها !

طالعها بحزن وهز رأسه بهدوء، ثم انصرف مسرعاً ، بينما تقدمت هي منها و احتضنتها بحنو ، و هنا انهارت رحيق حصونها ، إذ أخذت تبكي بصوت مسموع بحرقة بوجع على ما سمعته منذ قليل .

أخذت سندس تربت على ظهرها بحنو ، وهي تشرد بذاكرتها وتعود للخلف منذ أسبوع حينما أتت سميحة لمقر العمل و طلبت أن تقابل رحيق إلا أن الأخرى رفضت بعد أن اتهمتها في عرضها ، فتوسلت لتقابل سندس لأمر ضروري ..

عودة للخلف ، بعد أن أوصدت رحيق جميع أبواب الغفران بوجهها ، لم تجد غير سندس ، فتوجهت لها قائلة برجاء :- وحياة أغلى حاجة عندك لتسمعيني يا هانم ، في حاجة مهمة بخصوص رحيق عاوزة أقولك عليها.

هتفت بضيق :- حضرتك عاوزة تقولي إيه ؟ إيه اللي هيتقال بعد اللي حصل ؟!

أردفت بندم :- غصب عني إحنا يا هانم غلابة و محلتناش إلا شرفنا ، لما شوفت الصور عقلي وقف وصدقت زي ما الكل صدق ، الناس في الحارة على قد حالهم ميعرفوش شغل الفيتو … إيه دة مش عارفة أقول اسمه ، بس المهم حصل خير ، و براءتها ظهرت و رفعت راسها وسط الخلق ودة بفضل ربنا و بعدين أنتِ ..

أومأت بضيق قائلة :- اممممم و بعدين ؟

بللت شفتيها و تابعت :- رحيق طيبة و تستاهل كل خير ، و علشان كدة أنا هقولك على سر خطير يخصها بس وحياة الغاليين عندك ما تجيبي سيرة لحد ، و تخلي بالك منها .

انتبهت لها قائلة بقلق :- مالها رحيق اتكلمي .

هزت رأسها بخفوت، ومن ثم راحت تقص عليها كل شئ يخصها تحت أنظارها المصدومة ، و بعد ذلك تركتها بعد أن أوصتها بأن تنتبه لها .

على الجانب الآخر عند عقد الصفقة لاحظ مراد اسمها الذي كان موقعاً بين الأوراق ، فتوجه لسندس على الفور و تحدث معها بأمرها ، فأخبرته حينها بكل ما يتعلق بها ، و طلب منها أن تجري لها تحليل DNA دون أن تعرف ليقطع الشك باليقين ، وهذا ما حدث بالفعل حينما أكدت النتيجة نسبها لعائلتهم ، وأنها هي من ظل عمه يبحث عنها طيلة حياته ، و أسند له مهمة البحث عنها ، و ها هو القدر قد ساقها نحوهم دون أدنى مجهود يذكر .
أخبر شادي بالأمر الذي أتى فوراً لرؤيتها ، وحدث ما حدث …

عودة للوقت الحالي ، نظرت لتلك المسكينة التي نالت منها الحياة بقدر كبير ، سارت بها نحو الأريكة ، و هتفت بهدوء وهي تمسح لها عبراتها:- رحيق ممكن تبطلي عياط و نتكلم ؟

هتفت بصوت متحشرج :- هنتكلم نقول إيه ؟ هو دة حلم صح ؟ أنا بحلم يلا صحيني علشان دة كابوس بيخنقني ..

أردفت بروية :- أنا عارفة ال ة كبيرة عليكِ و صعب تستوعبي كل دة مرة واحدة ، خدي وقتك براحتك ، آلاء !

هتفت تلك المتخشبة كالتمثال :- نعم يا مدام سندس !

أردفت بهدوء :- اقعدي مع رحيق هنا على ما أروح أشوف شادي و أرجع . بقلم زكية محمد

_______&&&&&&&&&&&&&&________

بعد مرور أسبوع ، عادت البسمة لوجهه لتنيره من جديد ، أشرق وجهه بمعرفته في العثور على ابنته ، تلك الجوهرة الباقية من طيف الراحلة التي غادرت دون أن يعلم عنها شئ عندما اختفت في ظروف غامضة.

هتف بابتسامة تشق ثغره منذ زمن :- شكلها إيه يا شادي دلوقتي ، وعاملة إيه ، و قاعدة فين ؟

ابتسم بحنو قائلاً بعبث :- شبه مامتها يا بابا مزة يعني ..

نهره بحدة قائلاً :- ولد ! بطل لماضة .

ضحك بصخب قائلاً :- الله يا حج مش بقول الحقيقة! و متخافش هي قاعدة في مكان آمن لحد ما ربنا يهديها و تيجي هنا .

أردف بحزن :- هي لسة بردو مش راضية تيجي ؟

هز رأسه بنفي قائلاً بأسف :- لا لسة دماغها عنيدة ، أنا مش عارف طالعة لمين !

ابتسم بحنين قائلاً :- طالعة لمامتها كانت راسها انشف من الحجر .

غمز له بعبث قائلاً :- اه يا بابا يا شقي ، طيب قولنا بقى كنت بتروضها إزاي بما إنك خبرة وكدة .

أردف بغيظ :- والله لولا حالتي لكنت قومت و وريتك شغلك .

جلس بجواره قائلاً بحزن حاول مداراته قائلاً:- أديني جتلك أهو بنفسي ، أعمل فيا اللي أنت عاوز تعمله .

وضع كفه على يد ابنه قائلاً بحنو :- أنا مش عارف من غيرك أنت و أختك كنت هعيش إزاي و أكمل ! و أديني أهو لقيت بنتي التانية اللي ليا سنين بدور عليها ، بس خايف …خايف عليها هي لوحدها وأنا مشلول هحميها إزاي ؟

أردف بعتاب :- وأنا روحت فين يا بابا ، متقلقش أنا أقدر احميها كويس ، أنا عارف إنك خايف عليها من ماما و رد فعلها لما تعرف.

أردف بحزن :- مش ناريمان بس يا شادي ، خايف من جدك و جدتك ليعملوا أي حاجة و يفرقوها عني تاني بعد ما لقيتها .

ربت على يده قائلاً :- متقلقش مش هتحصل حاجة من دي ..
ثم أضاف بمرح :- بس إيه يا عم بنتك دي إيه متوحشة عليها سنان ما شاء الله سمكة قرش علطول ، كانت قطة مغمضة هي و صغيرة لما كنت تاخدني معاك عندهم .

ابتسم بحب قائلاً بلهفة :- شوقتني أشوفها يا شادي ، حاول معاها تاني وتالت و عاشر لحد ما ترضى تيجي ، قولها أبوكي مشلول هتيجي علطول ..

أردف بدموع مكبوتة :- هيحصل يا بابا قريب إن شاء الله و دة وعد مني .

قاطع حديثهم دلوف ناريمان التي هتفت بغيظ :- إيه مالكم قطعتوا النفس كدة ، ما تتكلموا ولا دي أسرار مش عاوزني أعرف حاجة عنها .

أردف شادي بمرح :- أسرار إيه بس يا ماما ! دة أنا كنت بقوله عن أحوال الشغل و إزاي ماشي علشان ميقولش عليا مستهتر شوفت أهو ..

نظر له بامتنان قائلاً :- شوفت يا لمض ، يلا روح علشان متتأخرش و مراد يشوف شغله معاك .

أردف بفزع :- يا نهار مش فايت أنا نسيت دة هيكدرني النهاردة ، سلام يا حج ، سلام يا حجة ..

جعدت أنفها بضيق قائلة باذدراء :- حجة ! ولد أنت بتجيب الألفاظ دي منين ؟

أردف بضحك :- حد يطول يبقى حج يا ماما ، ربنا يوعدنا ..يلا سلام .

انصرف مسرعاً لعمله ، بينما تساءلت بريبة :- بقالك كام يوم مش مظبوط و عمال تتهامس مع شادي شوية و مراد شوية في إيه ؟

أردف بضيق :- مفيش حاجة يا ناريمان هيكون في إيه يعني ! هو الكلام بقى عيب !

جزت على أسنانها ب قائلة :- ماشي يا مجدي براحتك ، أنا نازلة النادي وهاخد شيري معايا ، تشاو .

قالت ذلك ثم غادرت الغرفة ، فنظر لطيفها بحزن ، فهي لم تكلف نفسها أن تسأل على حالته حتى و تساءل بسخرية :- أين ذاك الحب الذي أدعته من قبل والذي بسببه بقي هو معها بعد أن خططت بنجاح للإيقاع به منذ زمن ؟!
تنهد بقهر وهو يتذكر تلك التي كان إلى جوارها طفلاً وليداً ، و برحيلها رحلت روحه معها فلم يتبقى غير شبح باق ، جسد بلا روح يزفر و يستنشق الأنفاس لا أكثر .
بقلم زكية محمد

______________________________________

بكاء الصغير و استماتته على رأيه بالنزول لرؤية جده موسى ، جعلها ترضخ له ، و بداخلها يخشى الخروج من الأساس فبأي وجه سيقابلونها بعدما حدثت تلك الواقعة ؟!

أثناء نزولها درجات السلم ، لاحظت بعض النسوة وهن يطالعنها بازدراء و ضيق دب الر.عب بقلبها ، و تساءلت ماذا حدث يا ترى لتنال تلك النظرات التي بمثابة الرصاص الحي ؟

وصلت أخيراً للطابق المتواجد به عمها ، و وضع الصغير كفه الرقيق كعادته على الجرس ، ففتحت زوجة عمها الباب التي طالعتها بضيق خفي ، لاحظته الأخرى لتزدرد ريقها بتوتر ، فهتفت بشفاه مرتجفة و ابتسامة تتراقص على جمر :- صباح الخير يا مرات عمي ، هو …هو عمي موسى موجود ؟ أصل أحمد عمال يعيط و عاوز جده .

ا بت ابتسامة مصطنعة قائلة :- أدخلي يا مريم ، موسى جوة بيفطر .

دلفت وهي تشعر بالصقيع يسري بأوردتها رغم دفئ الجو . تململ الصغير لينزل سريعاً من على ذراعي والدته و يركض ناحية جده بحماس ، ليحمله موسى و يضعه على قدميه بحنو قائلاً :- صباح الفل يا أبو حميد ، إزيك يا مريم عاملة ايه ؟

ابتسمت بوجه شاحب قائلة بأدب :- صباح الخير يا عمي ، الحمد لله بخير ، انتوا عاملين ايه ؟

أردف بود :- فضل و نعمة يا بنتي الحمد الله ، تعالي افطري .

هزت رأسها بنفي قائلة :- أاا….لا قصدي بالهنا يا عمي ، أصل معايا شغل هروح اخلصه ، أنا بس جبت أحمد علشان ينزل معاك الوكالة ، بالإذن ..

انصرفت سريعاً لتتفادى نظرات زوجة عمها الحارقة ، بينما زفرت عواطف بضيق قائلة :- نقول إيه أدي الله و أدي حكمته ، شوفت شورتك يا حج شوفت ، أدينا أتفضحنا وسط العمارة و الهانم عاملة من بنها .

أردف بضجر :- يا عواطف خلي اللي يقول يقول هو من إمتى الناس بتسكت ؟!

مطت شفتيها بضيق قائلة :- مش جوازة إسلام يا حج ، ظلمت الواد معاها .

أردف بصرامة :- عواطف ! الكلام دة ما يتفتحش تاني ، شوفي وراكي ايه و اعمليه .

مصمصت شفتيها بتهكم قائلة :- حاضر يا حج لما نشوف اخرتها ايه ..

تجر ساقيها اللذين أصابهما التخدر ، فلم تستطع أن تحملهما ، و دقات قلبها تعلو بصخب ، لا تعلم أي معجزة قادتها و جعلتها تصل لشقة والدها ، و رفعت يدها التي أصابها الشلل الجزئي المؤقت ، و طرقت الباب وهي تسترجع كلمات النسوة أثناء صعودها ” بنات آخر زمن ما صدقت أخوه مات راحت تكوش على التاني ” ” صاحبة خاينة للعيش و الملح ” .

فتحت الباب والدتها التي ابتسمت لها بتوتر ، سرعان ما اختفت حينما لاحظت وجه ابنتها الشاحب فهتفت بقلق :- مريم مالك يا بنتي ؟ مالك يا ضنايا ؟

جذبتها برفق للداخل ، و جلستا على الأريكة ، فأردفت توحيدة بقلق :- مريم انطقي يا ضنايا ، فيكي إيه ؟!

هزت رأسها بضياع يميناً و يساراً قائلة :- مش عارفة ، الناس بتبصلي وكأني عاملة عملة ..هما …هما عرفوا باللي حصل ؟

هزت رأسها بأسى قائلة :- هو أنتِ عرفتي ؟

اتسعت عيناها بذعر قائلة :- ققصدك إيه بعرفتي ؟ يا مصيبتي يا مصيبتي ، حرام عليكم والله ما عملت حاجة ، قالوا إيه يا أما و عرفوا إيه ؟

أردفت بحزن :- بيقولوا إنك خطفتي إسلام من أسماء بعد ما أمه اتفقت على الخطبة و قراية الفاتحة .

شهقت ب ة قائلة :- نعم ! خطفت إسلام ! هي حصلت يقولوا عليا كدة ، أنا مخطفتش حد أنتوا اللي غصبتوني قوليلهم يا أما بالله عليكي قوليلهم .

أردفت بذعر من حالتها :- حاضر يا حبيبتي حاضر ، أهدي يا قلب أمك …

ألقت بنفسها بين ذراعي والدتها ، و انهارت في موجة بكاء عميقة تقطع نياط القلوب ، لم كل شئ يسير عكس ما تريد ، حتى الشخص الوحيد الذي تمنت قربه ، لم يتركوا لها الفرحة .

سالت دموعها على ابنتها ، تشعر بالعجز تجاهها ، تلك الشعلة التي انطفئت قبل أوانها .

خرج صوت مريم الباكي قائلة بوجع :- تعبت يا أما والله تعبت ، هما ليه مستكترين الفرحة عليا ؟ مش من حقي يعني ! مين اللي قال الكلام دة يا أما ؟

أردفت بحذر :- أسماء و أمها ..

تخشب جسدها ، و انقطعت وتيرة أنفاسها، و أردفت بتلعثم :- أس….أسماء ! هي اللي قالت عني كدة ؟ لا لا هي ما قلتش كدة دول كدابين .

أردفت بضيق و قسوة :- لا مش كدابين أنتِ اللي هبلة يا مريم ، أديكي اللي بتدافعي عنها ومش راضية تقولي سرها هي اللي قالت الكلام دة ، فوقي بقى فوقي ..

أردفت بدموع :- هي دي جزاتي يعني ! بعد كل اللي عملته معاها تكون دي النهاية !

أردفت توحيدة بانتباه :- أيوة بقى قوليلي عملت إيه وأنا هفضحهالك بت المفضوحة دي ..

هزت رأسها ب قائلة :- لا يا أما حرام ، مينفعش حرام عليا خافي ربنا .

مسكتها من ذراعها ب قائلة بصراخ :- وهي ماخفتش ربنا ليه ؟ بطلي عبط بقى ..

أردفت بضياع :- أنا هروحلها لازم أواجهها ..

مسحت عبراتها ب ، ثم توجهت للخارج بجنون ، بينما أردفت هي بغيظ :- بت دماغها حجر بصحيح ، ربنا يستر لما تعرف باقي اللي إتقال عليها ، بس يلا علشان تتعلم و تبطل الهبل اللي هي فيه دة .

وصلت بسرعة البرق للأسفل ، و طرقت الباب بحدة و ألسنة اللهب تتصاعد منها . فتحت الباب والدة أسماء التي قوست شفتيها بغل ، تجاهلته مريم ببراعة قائلة بهدوء :- صباح الخير يا خالتي نسمة ، أسماء موجودة ؟

هتفت بضيق فشلت في إخفاءه :- اه قاعدة جوة بتذاكر .

أردفت بهدوء :- طيب ممكن أشوفها ؟

تنحت قليلاً من أمام الباب ، و أشارت لها بالدلوف ، فولجت هي على الفور و فتحت الباب كالعاصفة ، فظنت الأخرى أنها والدتها :- في إيه يا أم….

توقفت الكلمات على لسانها ، و شعرت بجفاف حلقها حينما وجدت مريم ماثلة أمامها ، و سرعان ما أخذت تنظر لها بغل ، فلم تتحمل تلك النظرات التي تطلقها نحوها فهتفت بانفعال :- بتبصيلي كدة ليه ها ؟ نفسي أعرف إزاي جاتلك الجرأة إنك تقولي عليا كدة ! بعد كل اللي استحملته علشانك ! دة جزاتي يا أسماء دة أنا خدت من أبويا الحمار ما بيخدهوش و دة كله علشانك ، علشان خايفة عليكي تقومي تعملي كدة ؟ ساكتة ليه انطقي..

نهضت ببرود من مكانها و توقفت قبالتها و صرخت بوجهها ب قائلة :- علشان إنتي السبب في كل اللي حصل ، انتي اللي خططتي لكل دة ، إنتي قصدتي تأذيني يا جبروتك يا شيخة ….

______________________________________

تعمل بجدية غير مسبوقة منها حتى تهرب من الواقع ولا تسمح لعقلها مجرد الاقتراب من تلك الأسئلة و الحديث الذي سمعته من ذاك المدعو أخيها ، الذي يأتي يتودد لها يومياً بأن تذهب معه لرؤية والدها ، إلا أنها كانت ترفض ذلك في كل مرة ، فهي لم تستوعب الأمر بعد .

بالخارج أتت سندس لرؤيتها و هتفت بهمس لآلاء :- لسة برضه قاعدة ؟

مطت شفتيها بأسى قائلة :- أيوة لسة بتشتغل ، دي عاملة زي الآلة اللي بتشتغل بالأمر .

هزت رأسها بحزن قائلة :- طيب أنا هدخلها و أشوفها ، دي رافضة تتكلم معايا في البيت في الموضوع إياه ..

دلفت بعد أن طرقت الباب ، و جلست بهدوء مقابلتها ، ثم تنحنحت قائلة بمرح :- إيه يا رحيق يا حبيبتي مش نفسك تاخدي break و تشربي عصير فراولة من اللي بتحبيه .

هتفت بجمود :- مش عاوزة ورايا شغل عاوزة أخلصه .

زفرت بضيق من صمتها ال ذاك ، و ردودها المقتضبة ، و لكن يجب من وضع حد للأمر و إنهاءه ، فأردفت بصرامة :- رحيق بصيلي هنا و اسمعيني لحظة .

نظرت لها بانتباه قائلة بهدوء :- أيوة يا مدام سندس !

أردفت بصرامة :- بصي بقى الموضوع طول و بقي سخيف أوي ، ممكن أفهم ليه مش راضية تقابلي أهلك لحد دلوقتي ، و أخوكي شوية و هيبوس رجلك وأنتِ مصدراله الوش الخشب !

طالعتها ب ة ، وقد فهمت الأمور بشكل خاطئ حيث أردفت بانكسار :- أنا مش عاوزة أروح عند حد ، و لو متقلة عليكي هاخد هدومي و أمشي ، ربنا ما بينساش حد .

جحظت عيناها ب ة قائلة :- نعم ! هو أنتِ مفكراني بقولك كدة علشان تمشي ؟ لا دي راحت منك خالص ! رحيق أنا بس عاوزاكي تعيشي في وسط أهلك و تحسي أن ليكي سند في ضهرك ، إنما موضوع إنك تمشي دة يشهد ربنا إني مش عاوزة أسيبك أبداً ، بس أنا مش هكون أنانية .

أردفت بوجع :- عاوزاني أروح عند ناس معرفهاش لوحدي ، وأقعد وسطهم ! واحد بيقول أنه أبويا مسافرش زي ما بيقولوا لا دة متجوز و مخلف عادي و رماني ملطشة للكل ! لا لا مش هقدر أنا مكتفية بيكم ، مش عاوزة أتوجع كفاية اللي شفته كفاية .

قوست شفتيها بأسى قائلة :- حبيبتي أي حد بيروح مكان جديد عليه بيحس الاحساس دة لما تتعودي هتحبيهم .

رفعت حاجبها باستنكار قائلة :- والله ! أحبهم ! أحب مرات أبويا ! بتهزري صح ؟! لو سمحتي أنا عاوزة أقعد لوحدي أنا هروح ..

و كالعادة تركتها فهي تخشى المواجهة ، وليست في أتم الاستعداد لها .
نزلت للأسفل ، و قد غلفت دموعها طبقة كرستالية فالبكاد ترى ما أمامها بتشوش ، تشعر بالنقيض ، تريد أن تركض لوالدها لتنعم بحنان الأب الذي لم تجربه من قبل ، و عقلها ينهرها أنه لم يسأل عنها و تركها تعاني بمفردها .

ظهرت فجأة سيارة سوداء على آخر الطريق ، و بلحظة تم جذبها لداخلها ، و ما كادت أن تصرخ حتى شعرت بخدر يسري في أوصالها عندما وضع أحدهم مخدر على أنفها فغابت عن الوعي سريعاً ، ولا تعلم إلى أين سيكون مصيرها .؟………….بقلم زكية محمد

يتبع….

انت في الصفحة 7 من 7 صفحاتالتالي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
26

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل