منوعات

ياكل كلي لروز امين

-إخواته مش هيسبوه إلا لما يقتنع ويسيبه من بنت محمد الأنصاري خالص

هز رأسهُ باستسلام لتنهض هي من جواره متحدثه:
-هروح أعمل لك كباية ليمون تروق لك دمك
نطقتها وانصرفت للخارج تاركة إياه داخل دوامة رعبه على نجله المتهور والذي أثبت له عدم مسؤليته وتفكيره الغير مسؤل

*******
خرج صلاح من غرفة والداه وجد زوجته وزوجة شقيقه جالستان في البهو فسأل زوجته سريعًا:
-فين محمود يا منى؟

أشارت بكف يدها للأعلى:
-كنت شيفاه طالع فوق السطوح وأنا نازلة من شقتي
ثم وقفت لتلحق بزوجها الذي اتجه نحو الدرج سريعًا وتحدثت وهي تجذبهُ من ذراعه:
-هو فيه إيه يا صلاح، خالي كان بيزعق ليه؟

التف لينظر لإبنة عمته وعشق طفولته ليتحدث على عُجالة:
-بعدين،بعدين هحكي لك يا منى

صعد للأعلى وتبعهُ ماجد إلى أن وصلا إلى السطوح ليجدا شقيقهما يجوب المكان ذهابًا وإيابًا بعصبية مُفرطة،اقترب عليه ماجد ليحاوط كتفه باحتواء ثم تحدث:
-إهدى يا محمود وحاول تفكر بعقلك في الموضوع

ليكمل حديثهُ صلاح قائلاً بتوجيه:
-اسمع كلام أبوك وشيل البنت دي من دماغك واقصر الشَر يا حضرة الظابط

بنبرة شديدة الحِدة هتف مأنبًا كلاهما:
-انتوا ليه محدش فيكم قادر يفهمني،أنا بحبها يا ناس،بحبها وبنيت عليها كل أحلامي ومش هقدر أكمل حياتي من غيرها

تنهد صلاح قبل أن ينطق بنبرة هادئة:
-محدش بيموت من الحب يا محمود، بكرة تنساها وتكمل حياتك من غيرها

رمق شقيقهُ بنظرة متعجبة ليهف مستنكرًا:
-إيه يا اخي الأنانية اللي إنتَ فيها دي، ولما انتَ جامد وعاقل أوي كدة، ليه مانسيتش منى وحاربت ماما وقتها لما كانت رافضة جوازك منها وعوزاك تتجوز عزة بنت خالك؟!

استاء صلاح من حِدة شقيقه الأصغر معه لكنه تمالك حاله وتحدث بابانة:
-الوضع كان يختلف وقتها يا حضرة الظابط، فيه فرق كبير بين قصتي أنا ومنى وبين حكايتك مع بنت محمد الأنصاري
واستطرد شارحًا:
-أنا حاربت علشان اتجوز بنت عمتي اللى كانت العقبة الوحيدة لجوازنا هي إن أمي وعمتي مبيحبوش بعض

ليكمل موضحًا الفرق:
-لكن سيادتك رايح تختار واحدة بينا وبينهم تار،يعني لو اخواتها الرجالة عرفوا بالموضوع هتبقى مصيبة ومش بعيد واحد منهم يتجنن

كان يستمع لحديث شقيقه وكل ذرة بجسده تنتفضُ غضبًا ليتحدث ماجد بنبرة هادئة مؤكدًا على كلام شقيقه:
-أخوك عنده حق يا محمود، إحنا خايفين عليك

نفض يد شقيقه عنه ليهتف بنبرة حادة وهو يرفع كفاه بصرامة:
-ممكن تسيبوني لوحدي وتتفضلوا تنزلوا، أظن كدة عملتوا اللي عليكم واللي أمركم بيه الحج عبدالله.

نظرا الشقيقان كلاهما للأخر وتنهدا بيأسٍ وتحركا لينسحبا للأسفل تاركين ذاك الذي كاد أن يصرخ بأعلى صوتٍ له لكي يخرج ما بصدرهِ من غيظ وألم وحزنٍ أصابوه،استمع لرنين هاتفهُ الخلوي فمد يده بجيب بنطاله واخرجه لينظر بشاشته التي وما أن رأي نقش اسم حبيبته به حتي شعر بالاختناق وقلة حيلته،بما سيُجيبها الأن، هل سيعترف لها بالحقيقة ويصيب قلبها بالألم، أم سيحتفظ بما حدث بقلبه لكي لا يؤلم قلبها ولعل الله يحدث بعد ذلك أمرا

هذا ما سنتعرف إليه في الفصل القادم
يتبع.

بسم الله ولا قوة إلا بالله
لا إله إلاّ أنتَ سبحانك إني كنت من الظالمين

نوفيلا
«يا كُل كُلي»
بقلمي روز أمين

الفصل الثالث
ظل ينظر بشاشة هاتفه بحيرة حتى انتهى الإتصال،فزفر بضيق لينظر سريعًا إلى الهاتف حيث صدح صوت رنينه من جديد ليقرر الرد على تلك المرتابة التي وما أن ضغط زِر الإجابة حتى تساءلت متلهفة:
-مبتردش عليا ليه يا محمود؟

رد عليها قائلاً بمراوغة:
-معلش يا حبيبي كنت باخد شاور والفون كان بعيد عني

قطبت جبينها وسألته متعجبة:
-شاور! هو أنتَ مش المفروض كنت قاعد مع بباك وبتفاتحه في موضوعنا؟!

أغمض عينيه وسحب شعر رأسه للخلف بعنفٍ وضيق ثم أخذ نفسًا عميقًا لاستعادة هدوئه وتحدث بابانة كاذبة:
-أنا فعلاً قولت لك كدة بس لما نزلت علشان افاتحه في موضوع خطوبتنا لقيت عندنا ضيوف ولسة موجودين لحد الوقت

كانت تستمع إليه وهي تشعر بالريبة من خلال كلماته، هي أدرى الناس بحبيبها وصوته التي استشعرت من نبراته عدم الصدق لتتحدث بنبرة مُرتعبة:
-قول لي الحقيقة ومتخبيش عليا يا محمود،بباك رفض،صح؟

وكأن بنبراتها المتألمة قد غرست بخِنجرًا بوسط قلبه ليتنهد بألمٍ عميق وتحدث بعدما قرر مصارحتها:
-أنا مش عاوزك تقلقي،أنا كنت متوقع كدة من أبويا، مهو مش معقول هيوافق من أول مرة

شهقة عالية خرجت من صدرها أخبرتهُ شدة بكائها الحار فور استماعها لخبر الرفض ليتحدث هو سريعًا:
-إهدي يا جنة وبطلي عياط، أنا وإنتِ عارفين إن الموضوع مش سهل، وكنا متوقعين الرفض

أجابتهُ بأنفاسٍ متقطعة بفضل بكائها الحار:
-أنا كنت متوقعة إن الرفض هيبقى من أبويا أنا يا محمود،مش من عندكم
واسترسلت بنبرة متألمة:
-تخيل لما بباك إنتَ يرفض، أومال بابا هيعمل إيه لما يعرف

صاح بنبرة حادة يرجع سببها لشدة توتره:
-ممكن تهدي وتبطلي عياط وتديني فرصة أشرح لك اللي حصل
صمتت فاسترسل هو موضًحا بنبرة أهديء:
-أبويا مارفضش الموضوع زي ما جه في بالك، أبويا خايف عليا وحاسس إني بفتح باب اتقفل من سنين وفتحه مش هيجب لحد خير

طب والحل يا محمود؟…سؤالاً خافتًا خرج منها باستسلام ليجيبها بطمأنه:
-متقلقيش يا قلبي،أنا هحل الموضوع وهحاول مع أبويا تاني وتالت وعاشر،ولو اضطريت اخدك ونهرب سوا ونعيش برة مصر خالص هعمل كدة،هستغنى عن شغلي وأهلي والدنيا كلها علشانك يا جنة

كان يتحدث بكثيرًا من الصدق والحماس فأجابتهُ باعتراضٍ حاد برغم عشقها الهائل له:
-إنتَ عارف كويس أوي إني عمري ما هعمل كده، مش أنا البنت اللي تخلي أبوها يطاطي راسه قدام النّاس يا محمود

تبقي مبتحبنيش يا جنة…جُملة نطقها بخيبة أمل لتهتف مصححة فهمه لحديثها:
-إنتَ عارف كويس أنا بحبك قد إيه ومتأكد إني ممكن أموت من غيرك، بس أبويا مايستاهلش مني كدة، مايستاهلش مني أصغره في البلد واخلي سيرته على كل لسان

انتهت من كلماتها لتدخل في نوبة بكاء حادة جعلت قلبه يرق لاجلها زفر بقوة ليتحدث بنبرة حنون:
-خلاص يا حبيبتي متزعليش،حقك عليا
واسترسل كي يزرع الطمأنينة داخل قلبها:
-اطمني يا قلبي،أنا هفضل ورا بابا لحد ما اقنعه، وان شاء الله هنيجي نطلب إيدك في أقرب وقت
واستطرد بنبرة عاشقة:
-مش هتبقى لحد غيري يا جنة،ومحمود مش هيبقى لحد غيرك

ابتسمت من بين دموعها ثم بدأت بتجفيفهم بكفها ليتحدث حبيبها بنبرة حنون:
-يلا يا حبيبتي إنزلي علشان ماتخديش برد، خلي بالك على نفسك يا جنة

حاضر يا محمود…جملة نطقت بها ليتحدث هو بهدوء:
-تصبحي على خير ياقلبي

وإنتَ من أهله…تحرك للأسفل ومنه للخارج تحت صياح عفاف التي باتت تهتف باسمه مع تجاهلهُ التام، تحرك شقيقه ماجد ليلحق به تحت غضب ورفض محمود التام لمرافقة شقيقه له واصرار ماجد على التواجد معه،تحرك بجانبه حتى وصل إلى قطعة أرض ملكًا لوالدهما وجلسا فوق دكة خشبية وبدأ شقيقه بمواساته تحت حزن محمود، أما جنة فتوجهت للطابق الأرضي وجدت والدها الحاج محمد يجلس فوق أريكتهُ تجاورهُ والدتها والتي كانت تسكُب مشروب الشاي داخل الأكواب لتقوم بتوزيعه على الجميع، ويلتف من حولهما أشقاء جنة الثلاث رجال وشقيقتها المتزوجة،وجهت لها والدتها سؤالاً متعجبًا:
-كنتي فوق بتعملي إيه لحد الوقت يا بنتي؟
ده أنا كل ده فكراكِ قاعدة جوة في أوضتك.

ارتبكت حين توجهت جميع الأبصار نحوها فتحدثت بنبرة خرجت متلبكة بعض الشيء:
-حسيت نفسي مخنوقة والجو كاتمة فطلعت اشم شوية هوا على السطوح

هتف شقيقها الأكبر علي مستنكرًا:
-الجو كاتمة؟ جو إيه ده اللي كاتم في شهر يناير يا متدلعة هانم

وقفت سريعًا شقيقتها ليلي وتحدثت وهي تقترب منها:
-ما انت عارف جنة كويس يا علي، طول عمرها بتزهق وبتحس إن الجو حر حتى في عز الشتا
ونظرت إلى شقيقتها وتحدثت:
-تعالي ندخل أوضتك علشان تديني شال من بتوعك أصلي بردت مرة واحدة وأنا قاعدة

اومات لها وتحركت بجانبها إلى أن ولجتا إلى الغرفة لتغلق ليلي الباب وتسألها باهتمام:
-مالك، إيه اللي قالب وشك كدة؟

نكست رأسها لتتحدث بنبرة صوت مختنقة:
-محمود فاتح بباه في موضوع جوازنا

سألتها ليلي متلهفة:
-وبعدين؟
أخذت نفسًا عميقًا ثم زفرته لتنظر لشقيقتها وتجيبها بيأسٍ:
-بباه رفض يا ليلي

لم تتفاجأ ليلي باستماعها للحديث مما جعل جنة تقطب جبينها وتسألها متعجبة:
-مش شيفاكي متفاجأة بالكلام؟

أجابتها بكثيرًا من الهدوء:
-علشان ده التصرف المتوقع من أي حد عاقل يا جنة
لتسترسل حديثها تحت ترقب الأخرى لبقية الحديث:
-موضوعك إنتَ ومحمود محكوم عليه بالفشل، وأي حد فدماغة ذرة عقل عارف انه مينفعش يحصل نسب بين العيلتين، إلا إنتَ ومحمود علشان مراية الحب عمية عيونكم

سألتها بنبرة لائمة:
-إنتَ بتواسيني ولا جايهة تلوميني؟

أجابتها بنبرة حازمة ناتجة عن هلعها عليها:
-لا ده ولا ده، أنا من الأول خالص قُولت لك بلاش السكة دي لأن أخرتها دموع ووجع قلب ليكِ وليه، بس إنتِ اللي كابرتي ومسمعتيش كلامي

نزلت دموعها بغزارة فاقتربت عليها لتسحبها باحضانها ثم تحدثت بنبرة حنون:
-أنا مش بقول لك كدة علشان تعيطي، أنا عوزاكي تفوقي وتخرجي الموضوع ده من دماغك، وعوزاكي تفكري في حاجة مهمة غايبة عنك

صمتت جنة فاستكملت الأخري بارتياب:
-إذا كان ده رد الحاج عبدالله،فمابالك برد بابا لو عرف الموضوع،ده مش بعيد تحصل مشكلة بين العيلتين ولو عرف إن إنتِ كمان عوزاه ممكن يحرمك من الكلية ومن الخروج من البيت أساسًا
ثم تحدثت ناصحة:
-علشان خاطري تنسي الموضوع ده وتبلكي رقمه من عندك قبل بابا أو حد من إخواتك الرجالة يعرف الموضوع وساعتها هتبقى مصيبة

بكت بحرقة وباتت شقيقتها تؤازرها وتشدد من احتضانها علها تهدأ

*******

مر أكثر من شهران على رفض عبدالله طلب نجله للإرتباط بجنة ومنذ ذاك اليوم أصبح محمود يتعامل مع والديه وشقيقاه بطريقه جافة بل ويتعمد عدم التواجد معهم قدر المستطاع مما ازعج عبدالله وجعله يستشيط غضبًا من نجله العنيد،حاولت عفاف بشتي الطرق أن تجعل صغيرها يتراجع ويعود كما كان ولكن هيهات،إجتمع عبدالله بصحبة زوجته ونجليه وزوجتيهما وأطفالهم حول طاولة إفطار يوم الجمعة،الجميع حاضر إلا من محمود الماكث داخل غرفته منعزل لحاله، تحدث عبدالله إلى زوجته بنبرة حازمة:
-البيه إبنك هيفضل قاعد في أوضته كدة لحد إمتى

وقفت زوجة صلاح وتحدثت بنبرة حنون:
-هروح أنده له علشان يفطر معانا يا خالي

أشارت لها عفاف لتوقفها وتحدثت بنبرة استسلامية:
-اقعدي وكملي فطارك يا منى،أنا دخلت له من شوية وقال لي إنه مش جعان

تنهد عبدالله وزفر بحدة اظهرت كم الغضب الذي يتملك منه بسبب نجله العنيد، تناول الجميع طعامه دون شهية وبعد الانتهاء تحرك عبدالله إلى غرفة نجله متغاضيًا عن كبريائه وعناده ودق بابها ثم فتح الباب لينظر على ذاك الممدد فوق الفراش ناظرًا لسقف غرفته بشرودٍ، لف وجههُ لمعرفة الداخل فسحب جسده سريعًا لأعلى بعدما رأي والده الذي تحدث بنبرة حادة:
-طب ولما أنتَ صاحي مطلعتش تفطر معانا ليه؟

تحمحم ليتحدث بنبرة هادئة:
-مليش نفس

أغلق الباب واتجه صوب الفراش ليجاور نجله الذي تنحى جانبًا ليفسح له،أخذ نفسًا عميقًا ثم زفره بهدوء ليتحدث بنبرة عاتبة:
-وبعدين معاك يا ابني، هتفضل مقاطع الكلام والأكل والشرب معانا لحد إمتي

نظر بعينيه واسترسل لائمًا:
-إنتَ بتعاقبني علشان خايف عليك؟

مش يمكن بعاقب نفسي…جملة استسلامية نطق بها ليهتف الاب بتساؤل:
-بتعاقبها على إيه؟

بقلبٍ ملتاع همس بثبات رغم المرارة التي تستقر بين مقلتيه:
-على إني مطلعتش راجل ومقدرتش أوفي بالوعد اللي عطيته للبنت الوحيدة اللي حبيتها

تنهد عبدالله بثقل وتحدث:
-الغلط كان من الاول خالص يا حضرة الظابط، مكنش المفروض تحبها من أصله وإنتَ عارف المشاكل اللي بين العيلتين

ومن إمتي قلوبنا كانت بادينا يا حاج…جملة متألمة خرجت من ذاك المعذب أوجعت قلب والده عليه، زفر بقوة ليسأله بنبرة حنون:
-يعني مفيش فايدة يا محمود

صمت الإبن ليسترسل الأب من جديد بانصياع:
-لله الأمر من قبل ومن بعد، أنا هبعت مرسال لمحمد الانصاري وأطلب إيد بنته، أما أشوف أخرتها معاك

بلهفة مفرطة نظر عليه نجله ليسأله بعجالة:
-حضرتك بتتكلم بجد، إنتَ فعلاً هتخطب لي جنة؟

اجابه الأخر بنبرة بائسة:
-أيوة بتكلم بجد، ولو اني متأكد إنه هيرفض

لو رفض أنا مستعد أروح لحد عنده وأقنعه…هكذا تحدث محمود بنبرة حماسية ليهتف عبدالله بعجالة وحدة:
-ملكش دعوة بالموضوع ده خالص، إنتَ فاهم يا محمود، أنا هبعت طرف محايد وربنا يقدم اللي فيه الخير
وافقه محمود فنهض ثم تحدث وهو يستعد للخروج من الغرفة:
-قوم يلا علشان تفطر وتشرب معايا الشاي فى الصالة برة

هب سريعًا من فوق فراشه ليلحق بوالده كي يتناول طعامه،بعث عبدالله لأحد الأشخاص ذو الهيبة في البلدة وطلب منه التوسط لنجله لدى محمد الأنصاري وطلب يد إبنته لنجله، بالفعل ذهب الشخص إلى محمد الذي انفعل ورفض الموضوع وطلب من الوسيط أن يُغلق باب النقاش في ذاك الموضوع نهائيًا وهذا ما أبلغ به الوسيط عبدالله الذى كان متوقع الرد وشكر الرجل ثم أبلغ نجله بالرد، فطلب محمود من والده السماح له بزيارة محمد الأنصاري وطلب يد جنة بنفسه، رفض عبدالله في بادئ الأمر ثم رضخ للموافقة على طلب نجله عندما رأى تألم قلبه الظاهر بعينيه

عصر اليوم التالي
توجه محمود إلى قطعة أرض مميزة مملوكة لدى محمد الأنصاري كان يحب الجلوس بها عصر كل يوم ليقوم بتوديع الغروب،وجده جالسًا بصحبة نجله الأكبر “علي” جلس بعدما ألقى التحية الحارة عليهما ثم تحدث بنبرة مهذبة:
-عمي محمد، أنا طالب إيد بنتك جنة ويشرفني أنك توافق

أبوك بعت لي من يومين مرسال وأنا بعت له الرد…كلمات نطقها محمد بجمود ليتحدث محمود سريعًا بعينين راجيتين:
-أنا مليش دعوة بالمرسال يا عم محمد، أنا جاي لك بنفسي وبترجاك توافق وأنا تحت أمرك في كل اللي تؤمر بيه من شبكة ومهر وكل طلباتك هتكون بأمر الله مجابة

هتف علي بنبرة غاضبة:
-الظاهر إن كلام الحاج مش واصل لك يا حضرة الظابط

تجاهل محمود حديثه لمعرفته بطباع “علي” الحادة ونظر إلى الحاج “محمد” يترقب إجابته فتحدث بنبرة صارمة:
-روح لحال سبيلك يا ابني، أنا معنديش بنات للجواز

بس إنتَ كده تبقي بتظلمني أنا وجنة يا عمي، ذنبنا إيه ندفع تمن غلطة حصلت لجدود جدودنا وفات عليها سنين، أي عَدل يقول إننا ندفن حُبنا وننسى أحلامنا وكل واحد مننا يتجبر يتجوز حد هو مش حاسس بيه ولا عاوزه… وبمجرد نطقهُ بتلك الكلمات أشعل النار بقلب كل من محمد وولده الذي هب واقفًا ليُمسك محمود من تلابيب جلبابه ليهتف بقوة غاضبة وعينين تطلق شزرًا:
-إنتَ بتقول إيه يا ابن التهامي، إنتَ عاوز تقول إن إنتَ وجنة أختي فيه بينكم حاجة؟

برعونة تحدث محمود بما أغضب قلب كلاهما أكثر:
-وإيه االعيب في اننا نكون معجبين ببعض وعاوزين نتجوز يا علي،ده لا عيب ولا حرام

هتف محمد بأعلى صوته بعدما فك وثاق تلابيب محمود من قبضة نجله بصعوبة:
-العيب بذات نفسه هو اللي إنتَ بتقوله يا ابن التهامية، يظهر إن الحاج عبدالله قصر في ربايتك ومعلمكش الأصول

ذُهل محمود من ردة فعلهما الحادة وتحدث بنبرة متعجبة:
-وليه الغلط ده بس يا عمي

هتف علي بنبرة تهديدية:
-الغلط لسة هتشوفه لو ممشتش من هنا حالاً
تطلع محمود إلى محمد بنظراتٍ عاتبة ثم تحرك ليغادر فأوقفهُ صوت الأخر الحاد ليستدير:
-اسمع يا ابني،الكلام اللي اتقال منك من شوية بخصوص جنة بنتي لو هلفطت بيه قدام حد هطير فيه رقاب

تطلع إليه ليتحدث بنبرة رجولية:
-إطمن يا حاج محمد، مش أنا اللي أشهر بأي بنت،فمابالك بإنسانة اتمنيت في يوم إن إسمي يرتبط باسمها
واستطرد بنبرة فخورة:
-أنا مهما كان ابن الحاج عبدالله التهامي واعرف في الأصول كويس، حتى لو حضرتك مش شايف كده

نطق كلماته وغادر المكان وعلى الفور تحرك محمد عائدًا هو وولده إلى المنزل ولجا للداخل وجد زوجته تخرج من المطبخ فسألها عن جنة أخبرته بأنها بالاعلى فنظر لأعلى الدرج ليهتف بكل صوته مناديًا:
-جنة، إنتِ يا بت يا جنة

إقتربت سامية من وقوفه وتحدثت متسائلة:
-فيه إيه يا حاج، عاوز إيه من جنة؟

رمقها بنظرة تطلق شزرًا وهتف متهكمًا:
-الوقت تعرفي يا ست سامية ياللي نايمة على ودانك وسايبة بنتك واخدة راحة راحتها

أتت جنة وتحدثت وهي تنزل من أعلى الدرج:
-خير يا بابا؟

وقبل أن يُجيبها محمد أسرع علي إليها صاعدًا الدرج ليقبض بكفه على ذراعها ويسحبها للأسفل بطريقة عنيفة جعلتها تصاب بالهلع لتصرخ وهي تتحدث:
-فيه إيه يا علي؟

أسرعت سامية إلى ابنتها وقامت باحتضانها ثم صاحت متسائلة ابنها:
-مالك ومال اختك يا ابني؟

الوقت تعرفي بمصايب بنتك المحترمة…كلمات حادة نطق بها علي لتشهق جنة وتتأوه جراء قبضة شقيقها العنيفة،أوقفها شقيقها لتقابل والدها الذي تحدث بنظرات غاضبة:
-إيه اللي بينك وبين ابن عبدالله التهامي يخليه يتجرأ وييجي يطلب إيدك مني؟

جحظت عينيها وشعرت بروحها تكاد تنسحب منها ليهتف شقيقها بحدة بعدما شعر بانهيار روحها جراء مفاجأتها بالحديث:
-إنطقي يا بت وردي على أبوكِ

تلبكت وتحدثت بارتباك:
-مفيش أي حاجة بيني وبينه يا بابا

كذابة…نطقها علي وهو يصفعها بقوة ليهتف الأب ناهرًا نجله:
-علي،إنتَ اتجنـ,ـنت، بتضـ,ـرب أختك وقدامي؟

احتضنـ,ـت سامية نجلتها التي دفنت وجهها داخل تجويف عنق والدتها وبدأت دمـ,ـوعها بالإنهـ,ـمار ليتحدث علي مبررًا فعلته:
-غصـ,ـب عني يا حاج، الكلام اللي سمعته من ابن التهامية خلى دمـ,ـي يفور ويطلع على نفوخي

سألته سامية باستغراب:
-سمعت إيه من ابن الزفت ده، وإيه دخل اختك في كلامه؟!

صاح علي بغضب:
-الكلام ده تسألي بنتك عليه، بنتك اللي هتفضحنا على أخر الزمن

ليهتف محمد موجهًا حديث إلى ابنته:
-انطقي يا بنتي، ايه اللي يخلي ابن التهامية يجي يطلب ايدك مني ويقعد يقول حب واحلام ومسخرة؟!

رفعت سامية رأس ابنتها لتسألها بتعجب:
-ماتردي يا بنتي على كلام أبوكِ؟

نظرت لوالدتها وبشهقاتٍ متقطعة تحدثت بمراوغة لكي تنأى بحالها من بطش والدها وشقيقها:
-مفيش حاجه يا ماما، كل اللي حصل إنه جالي عند الجامعة وقال لي انه ناوي يتقدم لي، وطلب يعرف رأيي

وقولتي له إيه؟… سؤالاً حاد نطق به محمد لتجيبه جنة بمراوغة:
-قولت له اني مليش رأي، وإن الرأي الأول والأخير لبابا

هتف محمد بحدة:
-وإيه اللي يخليكِ تقفي تتكلمي معاه، مسبتهوش ومشيتي ليه؟

وعلى حين غِرةً رن هاتفها فارتبكت وشعر شقيقتها بريبتها فخطف منها الهاتف ونظر بشاشته لتجحظ عينيه.
يتبع.

انت في الصفحة 3 من 3 صفحاتالتالي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
22

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل