
رد عليها بهدوءٍ:
_بلى أمي، فكان علي العودة للقصر فور استدعاء الملك لي.. فذهبت للتنزه برفقة “إيمون”.
أومأت برأسها في تفهمٍ، فانحنت تجاه” لوكاس” تهمس له بدلالٍ:
_هل يمانع زوجي العزيز باصطحاب ملكته لجناحها، علها تشعر بالتعب.
خصلات شعرها التي لامست وجهه كانت بمثابة مخدر قوي، يستهدف بدنه بالتدريجٍ، فتح عينيه البنية وهو يطالعه بنظرة تضرم نيران العشق:
_ملكتي ليس لها سوى الأمر وعلي بالطاعة.
وقبل أن تشاركه بباحة الكلام المعسول حملها مسرعاً، ليتخفى بها بجناحهما الخاص، أما “إيرلا” فاستأذنت أخيها قائلة بجديةٍ، خاصة حينما لاحظت وجود “أركون”:
_سأغادر الآن”..
أشار لها بهدوءٍ، فتخفت من أمامهم سريعاً، لتحظى ببعض العزلة مع ذكريات هذا الملك الغامض “سامول”، أما”ديكسون” فجلس على المقعد الصخري المخصص له بالجانب الأيسر من مقعد الملك، ليتساءل باهتمامٍ:
_أخبرني “أركون” هل وجدت أي خيط قد يوصلنا لهذا الرجل؟
أحنى رأسه وهو يجيبه بعمليةٍ تبعد عن الصداقة ألف ميل:
_مازلنا نبحث سمو الأمير، ولكني أعدك بأني سأحمل لك أخباراً سارة بالقريب العاجل.
أومأ برأسه بإرهاقٍ، فسمح له بالمغادرةٍ هو الأخر، ليبقى منفرداً بعزلته التي تحثه على التفكير الف مرة بمن حوله، عل هذا الرجل الملثم شخص قريباً منه، عليه أن يفترض الف خيار حتى يتمكن من الوصول إليه سريعاً..
********
بمملكة “البتيراء”..
وقف ينتظرها خلف هذا السجوف الذي يعزلها عنه لتغير ملابسها المبتلة، فخرجت بعد دقائق بسيطة لتقف من أمامه حاملة بكلتا يديها أطراف الفستان البنفسج بيدها، فما أن رأته حتى تركته لتدور حول نفسها بسعادةٍ لتردد من وسط سيل ضحكاتها:
_لم أرى بحياتي ثياب بهذة الجمال.
وقف مشدوه بها، وكأنه مغيب عن عالمه برؤياها، لم يكن يتخيل بأنه سيكون عليها بهذا القدر من الجمال، نعم أمر بصنعه خصيصاً لها، ليقكلمة مناسبةه إليها فور عودتها، رمش” إيمون”بعينيه عدة مرات ليعود لرشده حتى يتمكن من سماع ما تقول، فعادت “إريكا” لتسأله بحزنٍ:
_سييء لتلك الدرجة؟
قال وهو يدنو منها:
_بل أراه جميلاً للدرجة التي جعلتني عاجز عن النطق.
ابتسمت وهي تنظر لعينيه التي امتلأت بالإعجاب تجاهها، فاستعاد جزء من ثباته المهدور ليشير لها باتباعه، ليصعد بها على حافةٍ القصر الحجري لتتمكن من رؤية مملكته بوضوحٍ، وزعت “إريكا” نظراتها بين تلك الزهرات الودرية والأشجار التي تحد أرجاء المملكة، فوقفت تتأمل شكلها ولونها الغريب، فكانت جذروها تكسوها الإنحناءات الغريبة، حتى أوراقها كانت ضخمة للغاية، ولونها يمزج بين الأسود القاتم واللون الزهري، وأخرى تمزج بين اللون البرتقالي والأصفر، تحرك فكيها ناطقاً باعجابٍ شديد:
_لا يوجد أجمل من ذلك، مملكتك رائعة حقاً “إيمون”.
يراها منكلمة مناسبةجة بتأمل ما هو جميل وخلاب من وجهة نظرها، ويقف هو مشدوه بجمالها هي، ترى مملكته فائقة الجمال ويراها هي الفاتنة الغامضة التي بددت عالمه، فريدة من نوعها بتمكنها من الاستيلاء على قلب حاكم”البتيراء” الأمير “إيمون”، يعلم بأنها تحب”ديكسون”، ولكنه لم يختار زرع حبها بصمام قلبه بل فرض عليه ذلك، خرج عن شروده حينما قال:
_الوقت تأخر كثيراً “إريكا”، هيا لنعد للمملكة.
رفعت كتفيها برقةٍ وهي تخبره بضيقٍ:
_لا أود العودة، بل أريد البقاء هنا..
ثم استدارت بجسدها تجاهه لتكمل:
_فلنبقى هنا الليلة ونعود غداً للمملكة.
كاد بالاعتراضٍ فتمسكت بمرفقيه وهي تترجاه بدلالٍ:
_أرجوك” إيمون”.
تأمل يدها المقبضة على يديه، فبلل شفتيه الجافة بلعابه وهو يجاهد شعور الرغبة ببوح ما يكنه لها، فابتعد للخلف قائلاً ببسمةٍ يرسمها بالكد:
_حسناً، لتبقى الليلة فقط.
تهللت أساريرها فرفعت يدها إليه بحماسٍ:
_هيا فلنرى مكان أخر، أود استكشاف المملكة بأكملها قبل الصباح.
ابتسم وهو يرى فرحتها البادية على وجهها، فمدت يدها الصغيرة مقارنة بيديه ليحملها ويتخفى بها سريعاً لأكثر من مكان مميز بمملكته، ليلبي رغباتها باستكشافها..
********
بجناح “لوكاس”..
الحزن القابع بداخل عينيها جعل العالم يظلم من حوله، والمؤلم بالنسبة له بأنه يعلم ما الذي يحزنها، قربها” لوكاس” لصدره ليمرر يديه على طول ذراعيها وهو يهمس بصوته الحنون:
_لا بأس، كل شيء سيصبح على ما يرام ثقي بي.
رفعت عينيها الباكية تجاهه، فخرج صوتها متقطعاً:
_لا أرى ذلك “لوكاس”، لا أعلم ما الذي إرتكبته لتكرهني” إيرلا” هكذا!
ثم التقطت أنفاسها لتسترسل بحزنٍ:
_كل ما أردته هو أن أبعدها عن دائرة القتال، لا أريدها أن تخوض حياة الملوك المليئة بالحروب.. لن أحتمل أن يصيبها مكروه.
وأزاحت تلك الكلمة مناسبةعات المتدفقة على وجنتها لتكمل بتأثرٍ:
_كنت أتمنى أن تفهم لماذا أبعدتها عن خوض تلك الحياة ولكنها ظنت بأني أحب أخيها أكثر منها، لهذا حرمتها من التدخل بشئون المملكة.
مرر يديه على خصلات شعرها الطويل، ليخبرها بثقةٍ:
_ستتفهم الأمر مع الوقت.
ثم طوف وجهها بيديه ليزيح الكلمة مناسبةوع العالقة بجفنيها قائلاً:
_لا أريد رؤية كلمة مناسبةوعك مجدداً “روكسانا”.
تعمقت بالتطلع لعينيه، فمرر أصابعه على شفتيها:
_هيا أرني ضحكتك.
ابتسمت وهي تتطلع له بعشقٍ، فكلمة مناسبةا بقوةٍ لصدره ليخبرها بأنفاسٍ مشتعلة:
_أود رؤيتك هكذا لأخر العمر!
تشبثت به بجنونٍ، فقربها إليه ليتخفى بها سريعاً لممرهم السري، ليشهد على ينبوع العشق الذي لا ينتهى أبداً، لتكمل تلك البشرية حياة ملك السراج الأحمر.
*********
ولج للجناح بشوقٍ لرؤياها بعكلمة مناسبةا انتهت تلك الحرب، تهدلت معالمه بضجرٍ حينما رأى الظلام يحوم بالجناح، إشتاق لرؤية الضوء ينبع بالأرجاءٍ؛ ولكنها بالنهاية تظل أمنية مثل اشتياقه لرؤية ابتسامتها التي سلبت منذ عشرة أعواماً، بحث عنها”بيرت” حتى وجدها تجلس بزواية معتمة كحالها، فرك يديه معاً فولدت طاقته شعلة خضراء اللون اكتسحت العود الثاقب فاشعلت ضوء مناسب بالجناحٍ، أغلقت عينيها باستياءٍ، فقالت بعصبيةٍ:
_أغلقه “بيرت”، عيني تؤلمني.
أطفئه ثم جلس مقابلها وهو يردد بسخريةٍ تحوي الألم بطياتها:
_بالطبع ستؤلمك لإعتيادها على رؤية الظلام.
تأففت” راوند” بضيقٍ من حديث زوجها اللاذع، فلم يمل يوماً من محاولاته المستميتة ليحثها على الخروج من انكسارها، فقالت بوجومٍ:
_ألم تمل بعد؟
ابتسم وهو يجيبها بوجعٍ:
_هل يمل المرء من الحياة حتى ينتابني اليأس من محاولة استرجعك؟
التهب جسدها حينما تدففت كلمة مناسبةعاتها، لتردد بانكسارٍ:
_كيف سأعود وأنا لم أرى بحياتي شعاع ضوء واحد، ذهب الضياء عن حياتي مع موت ابنتي “أماندا”!
زادت من ضغط السهام الملصق بقلبه مع ذكر ابنته الراحلة، تمسك بصلابته ليقول بثباتٍ مخادع:
_وماذا كنا سنفعل لنحررها من موتها المحتوم؟!
وأكمل بحزنٍ:
_حاولت” ضي” معالجتها طوال تلك السنوات!
بكت بكاء مرير وهي تردد بخفوتٍ:
_ليتها رحلت منذ ولادتها فربما لم قلبي ينفطر هكذا.
احتضنها بتملكٍ وهو يربت على خصرها، ليصرخ بها بانفعالٍ:
_ألم يكفيك البكاء لسنواتٍ على فراقها، كفى “راوند” لم يعد لدي مقدرة للتحمل.
بكت بين أحضانه وهو يشدد على كتفيها، فقال وقد بدأ يستعيد رباطة جأشه:
_كوني قوية “راوند”، فالحوريات يستمدن قوتهم من الملكة.
استندت بيدها على صدره ثم تطلعت اليه لتخبره بابتسامةٍ تهكم:
_انقسام الحوريات هو أمر مهين”بيرت”، فأغلبهن يؤيدن “رودوليت” ويرونها محقة بعدائها ويشجعونها بالقصاص لما حدث مع شقيقتها “درين”و”يوليا”، تراهم على حق حينما ساندوا “دكستر”، تناست جرائمهم بكلمة مناسبة أمي وبمحاولة كلمة مناسبةهم لروكسانا!
مرر يديه على خصلات شعرها الحريري ببطءٍ وعينيه تحاوط عينيها، ثم قال بحدةٍ:
_أراد” لوكاس” أن يلقيها درساً قاسياً وأنتِ من أعترض طريقه.
_خشيت أن يزداد الامر سوء، حينما أشعل فتيل الحروب بيننا..
_وبالتأكيد حالتك تلك تجعلها سعيدة “راوند”.
أومأت برأسها باقتناعٍ:
_أحاول، أعدك بأنني سأتغلب على ذكرياتها التي تنبش بقلبي.
قبل جبينها بشغفٍ، ليردد ببسمةٍ مشرقة:
_هكذا هي حوريتي الفاتنة..
انطوت بأحضانه بعشقٍ، ليطوفها من فيض حنانه، فتحطمت حوائط أحزانها تاركة ذاتها لمعشوقها الذي إحتواها قلبٍ وقالباً.
******
الليل الكحيل الذي يغطي تلك الكهوف يجعلها مخيفة للدرجة التي تجعل أحداً يفكر مرتين قبل الصعود لأحداهما، ربما الصباح هو الخيار الأمثل للجميع، الا هو تعمد زيارة تلك الكهوف ليلاً، ليكون منفرداً بعيداً عن الصخب والضوضاء ينعم بالراحةٍ التي تجعله يشعر بالاسترخاءٍ، خلع “ديكسون” سترته الذهبية المبطنة بأنواعٍ خالدة من الحديد الذي يتشكل ليصنع درعاً نادراً، ومن ثم جذب صولجانه الفضي، الذي ينتهي من الأعلى برسمٍ بارز لحيوانٍ بقرونٍ مستديرة الشكل وأنيابٍ حادة، تشكلت بالفضة لتضيع للصولجان رونق وسحراً خاص، لوح بها يساراً ويميناً بحرافيةٍ ومن ثم على بجسده عالياً ليعيد الكره، انتهى من تمارينه الشاقة ثم تخفى ليصعد لأعلى نقطة تكتسح الكهف، جلس عارياً الصدر يتأمل كوكبه بنظراتٍ قاتمة، قوته الخارقة عاونته على اختراق أكثر من كوكب ومنهم كوكب الارض، وبالرغم من ذلك لم يجد الراحة والسكنان سوى هنا، بموطنه “كيبلر” وبمملكته بالتحديد، غامت عينيه البنية بشرارةٍ من اللون الأرجواني حينما لفحت ذاكرته ما حدث صباحاً بالمنتزه، أطبق على شفتيه الغليظة ليردد بتوعدٍ:
_قريباً سأكلمة مناسبةع رأسك بنفسي أيها اللعين..
********
بمملكة “حوريات الجحيم”..
كانت”ألماندين” تتمدد على بساط حريري صنعته بذاتها لتكون بعيد عن الأعين، تود الاختلاء بذاتها لتتطالع ماضيها التعيس المرتبط بهذا السلسال الذي يعد الذكرى الوحيدة التي تذكرها بوالدتها، عصفت بعينيها الكلمة مناسبةعات حينما تذكرت كلمات خالتها عن موتها المروع على يد “روكسانا” وابنها البشري، أطبقت بقوة على رمز التاج المتوج التي تحمله بين يدها لتردد بكلمة مناسبةٍ مكلوم:
_سأنتقم لكِ أمي مهما كلف الأمر ، أعدك بذلك..
*********________*********