
✍️نسمة مالك✍️..
.. بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله..
لعلّ في الخفايا أعذارًا لا تدري شيئًا عنها، گ لهفتي عليك، و إشتياقي لك، فأجعل لي دومًا نصيبًا من حُسن ظنك إن صادف يومًا لم تجد فيه عُذرًا يبرر لك أفعالي التي جرحت فؤادك، و تأكد أن روحي كانت ترتجف قلقًا من فقدانك يا عزيز قلبي فتركتك مجبرة غير مخيرة حتى لا أرى فيك سوءً يإيذاءني..
و بعد فراقنا أصبحت بين ليلة وضحاها إمرأة عجوز أهلكها الضعف ، دون أن تذبل بصيرتي، و لا شاب شعري لكنه قلبي تعلوُه التجاعيد بغيابك..
أصبحت في أشد لحظات ألمي و حزني لا أصرخ ، أفكر في أمرٍ واحد فقط ، هو كيف سأقضي ما تبقى من عمري و أنا سبب كل هذا الخراب في قلبك!
أعترف لك أنني آسفة على أعوام مضت ما كنت أعرفك فيها..
……………….. صلِ على الحبيب….
كانت “سلسبيل” ممسكة بطرف حجابها تضغط به على جرح جبهتها الذي تدفق منه الأثر بسبب قلقها الشديد، كلما حاولت النهوض تسقط جالسة مكانها ثانيةً، قدميها ترتعش بقوة، و جسدها الضعيف يتهاوي يمينًا و يسارًا، لكنها تقاوم بأقصى ما لديها حتى لا تفقد وعيها،
جف حلقها تمامًا، و انسحبت روحها منها حين لمحت سيارة توقفت قريبًا منها بها مجموعة من الشباب وقعت عينيهم عليها أثناء سيرهم،
دب التوتر بأوصالها و إذداد إرتجاف جسدها أكثر حين رأتهم يهبطوا من سيارتهم، و يهرولوا نحوها..
أصبحت لا تعطي الأمان لأحد بعدما سُرق منها هاتفها، و قد ظنت أن هذه المرة سيسرقوها هي، فتراجعت للخلف زاحفة على كلتا يديها مرددة بنداء مذعور..
“ابعدوا عني.. عايزين مني أيه.. سبوني في حالي حرام عليكم”..
“أهدي.. متخفيش.. إحنا هنساعدك محدش هيأذيكي”.. نطق بها أحدهم و هو يمد يده لها بزجاجة من المياة، و جثي على ركبته أمامها أرضًا مكملاً برجاء..
“خدي نفسك بس و بلاش قلقك الزايد ده عشان جرحك مينزفش أكتر.. و لو تحبي نوديكي المستشفى!! “..
قطعت “سلسبيل” حديثه صائحة بصوتٍ متحشرج بالبكاء تقول بصعوبة..
” لا مش هروح معاكوا أي مكان.. سبوني في حالي و أمشوا في طريقكم.. أنا هفضل هنا”..
نظروا لبعضهم بأسف، و عادوا النظر لها بشفقة، مقدرين حالة الذعر التي تُسيطر عليها، و معاها كل الحق، بعد ما رأته في حياتها من ألم و قسوة من أقرب الأقربون لها، فماذا سيفعل بها الغريب؟!،
” طيب لو حافظة رقم تليفون حد من قرايبك قولي لنا عليه و إحنا نتصل بيه يجي لك هنا”..
قالها شاب منهم و هو يخرج هاتفه من جيب سرواله،
ظهر بريق أمل على وجهها، و أعتصرت عقلها المشوش لعلها تتذكر رقم “عفاف” لكنها لم تتذكر سوي رقم الرجل الذي لا تريد التحدث إليه حتى لا تفتح مجال للعودة بينهما ثانيةً ..
” عبد الجبار ” رقمه الوحيد المحفور في ذاكرتها، بل هو نفسه موشوم بأعمق نقطة بقلبها..
أبتسمت إبتسامة يملؤها الوجع تزامنًا مع انهمار عبراتها على وجنتيها بغزارة دون بكاء، و مدت يدها الصغيرة التي تنتفض بوضوح تجاه الهاتف، فأعطاه الشاب لها على الفور بعدما قام بفتحه..