
الحلقة الرابعة
” أنت! أنت ميـن، وإزاي قدرت تجيبـنا هنا وازاي عرفت اصلا المكـان دا، وليـه بتحط نفسك في المخاطره دي و سايب اهلك وشغلك!! “..
” يهمك تعـرفي فعلا؟ “..
” أيوا ما أنا بسألك أهوه “..
” هقـولك الحقيقـة مش كـامله فمش هتصدقيني، أنا لسه في حـاجات كتير مش فاهمهـا و محتاج الأول أجمع الصورة الكـاملة علشان أقولك “..
أقتـرب بعض الرجـال منهم فألتفت رسلان وداليا يتابعـونهم حيث بدا وكأنهم ذاهبـون للصيـد، وبالفعـل علي قارب صغيـر تحـركوا ومعـهم الشبـاك و بأيديهم رمح أسـود التقط به أحد الرجـال السمكه بكـل بـراعه..
نظرت داليا له بإندهاش وقالت:
” عارف إن هنا كـل حد بيعمل حاجه معينه والتاني مبيكونش شاطر فيها!؟ يعني أكيد دول اللي مسئولين عن الصيد هنـا “..
وقفت تتحـرك تجـاههم تتابعهـم وتنتـظر بحماس ان تخرك شباكهـم محمـلة بالأسمـاك، ابتسم رسـلان ينظر لها وللمرة الأولي يـراها تتصـرف بشكل تلقائي و قد تركت رسميتها و جمـودها جـانبـا..
تحـرك يقف جـوارها يشاهد الصيادين عن قـرب و أمامهم مر فتي صغيـر يحمـل رمحـا فأخذه رسـلان يجـرب حظه و اتجـه للبحر حتي اصبحت الماء عند منتصف ظهـره، شدد تركيزه عند نقطـه معينـه وبضـربة واحده خرج رمحه محملا بسمكتيـن فضحك من صدمتـه و انبهاره بمـا فعـل..
” أنت ازاي شوفتهم يا رسـلان؟! “..
” كانوا باينين خالص كأنهم علي وش الماية، مشوفتيهمش!!؟ “..
هزت رأسها نفيا وهي علي صدمتهـا تلك وسألت بجدية:
” بس آفرين قالتلي ان في حاجات هنا محدش يقـدر يعملها غير اصحابها وبس!؟ “..
ضحك رسـلان يعيد الرمح للفتح و تحرك للشاطئ يقـول بسخرية:
” أنتي بتصدقي الكلام دا؟! دي حركه اي حد يعرف يعملها عادي، هما بس بالنسبالهم الحاجات دي اختـراع “..
اجابته بإقتناع:
” بصراحه معاك حق، هو يمكـن الحاجة الوحيده فعلا هو موضوع الأدوية والأعشاب دي لأني شوفت نتيجـتها، أنت مش متخيـل أنا لفيت برا مصر بأدهم قد اي ومكانش في حد عارف يتعامل معاه”..
” كـله بأمر الله، يمكن أدهم مكتـوبله الشفاء هنـا في الأرض دي، صحيح أنا لحد دلوقتي مش فاهم هو المكـان دا تبع العالم بتاعنا ولا لا خصوصا ان احنا جايين بطريقه يعني شكل الأفلام الهندي الهابطه بس يعني العلم بيقـول ان مفيش حياة غير في كوكب الارض، بس يمكن تصدق بعض الاساطير اللي بتقول ان في حياة بعد نهاية العالم و كل الحكـايات دي، بس احنا فين بالظبط لا مش عارف، هتصدقيني لو قولتلك انا مش عارف هنرجع ازاي!؟ “..
أجابته بتفكيـر:
” يعني أكيد همـا عـارفين ازاي هنرجـع يعني، متوترناش بالله عليك أنا اساسا حامـلة هم الشركـة “..
قـال رسلان بهدوء:
” المهم ان لسه باقي شهـر، عاوزك تشيلي الحمـل التقيل دا من علي كتافك، بصي أنا من ليـلة ما جيتلك الفيلا امبـارح وأخدتك هنا وأنا شايف اني المسئول عنك ، هـنا أنتي مش مديـرتي بس برغم كدا ليكي مني كل الإحترام فأسمحيـلي اشيل عنك وعلي رأي العم ايوان، لكِ مني كل الإحترام سيدتـي “..
قالت بصوت خافت:
” مش عـاوزة أثق في حد، مش عـاوزة اسيبلك الحمل فترميه في البحر وقت ما تمـل، مش كفاية انك ورطت نفسك هنا معايا من غير ما يكونلك ذنب؟! “..
قال بإبتسامة:
” وأنا بقولك ثقي فيـا، انسي موضوع السحر وانسي الشركة و انسي جينا ازاي وهنرجع ازاي، اعتبريها فسحه و استمتعي بالمكـان وجماله و عيشي كل لحظة تعافي لأخوكي، متفكريش وارتاحي “…
ابتسمت داليا وسألته بإهتمام:
” هو أنت ليه دايما تقولي ارتاحي في اخر كلامك؟ “..
” علشان ببساطـة شايفك مش دايقه طعم الراحـه دي، اه انتي واحده غنيه وعايشه حياة مليون حد يتمناها بس لا انتي كـل دا ميفرقش معاكي، انتي بترتاحي اكتر لما تكوني مسئولة من حد “..
” معاك حق “…
” طيب ولما أنا معايا حق، وأنتي وثقتي في كريم وسلمتيه الشركـة، ليه موافقتيش تتجوزيه وهو يشيل المسئولية “..
ضحكت داليا لبعضه ثواني ثم قالت بهدوء:
” هو اي الصعب في ان الناس تفهم اني رفضت كريم لاني معنديش ناحيته المشاعر اللي ممكن بنت تحسهـا ناحية شاب، اوقات الناس بتنسي اني بنت عمرها 26 سنه عندها أحلام تحب وتتحب وبعدين انا مكنتش ضعيفـة اوي كدا علشان ارمي حمل الشركة علي كريم، لا انا الحمد لله كنت قدهـا، هو الجواز ايوا معناه أكون مسئولة من حد.. بس مش أي حد، انا اتقدملي ناس غير كـريم كتير ومش كنت برفض علشان وضع أدهم او مسئولياتي في الشـركة، انا بس ملقيتش الشخص المناسب “…
” أدهم النجـار عرف يطـلع شخصيه يتشرف بيها لما يرجـع لصحتـه “..
دمعت عينـاها و نظرت له تشكـره بنظرتهـا وابتسامتها الخافتـه فقال بهدوء:
” روحي نامي شوية، واعمـلي زي ما أنا قولتلك، عيشي اللحظة “…
في المسـاء..
ذهبت داليـا برفقة آفـرين لذلك الحـفل ورافقهـم رسـلان يسيـر خلفهـم، كانت الإضـاءة بالمصابيـح مع النجـوم في السماء وضوء القمر مبهـرة بل رائعه تخطف الأنظـار..
كـان حفلا بسيطـا جلست السيدات و بينهم العروس وسيـدة ترسم لها الحنة علي يدهـا و علي مسافة وقف الشبـاب يتحـدثون يستمتعـون بوقتهـم…
بينمـا ذهبت داليا برفقة آفرين للنساء وقف رسلان علي مقـربة من الشبـاب وسمع حديثـهم…
” من هذه التي ترافق آفرين؟! “..
” لا اعرفهـا، ربما هم من آتوا لأمر ذلك السحـر، ماذا أعجبتك الفتاة!؟ “..
” تبدو لطيفـه، ربمـا….ربما تكـون عروسا لي؟ “..
أقترب رسلان يقول بجديـه:
” أولا هي مش هتقعد هنا أكتر من شهر، مفيش داعي للتفكير دا، هي جت هنا علشان تعـالج اخوها مش علشـان تتجـوز، ف عينك عنها و اهتموا بأموركم بعيد عنهـا “…
صمت الشابيـن وعاد رسلان لموضعه بعيدا قليلا عنهـم يشاهد بقيـة الحفـل، وفجاءة وجد الدف بيـده والجميـع ينظر لـه وقال أحدهم بحماس:
“أسمعنا بعض أغاني قـومك”..
ابتسم رسلان بتوتر و اتجـه يقف بجـوار داليا يهمس لها:
” ودول أغنيـلهم اي دول؟! قنبلة الجيـل؟! “..
” كدا هتفضحـنا وتخليهم يفتكـرونا معندناش ذوق، غنيلهم حاجه للعندليب “..
” عندليب مين أنا صوتي وحش اساسا أنا يدوب أغني لحـمو بيكـا “..
” خلاص غني اي حاجه تعرفهـا “..
” أنا معرفش اغاني أنا مبحفظش حـاجه ولا بسمع حاجه “…
” اتصـرف أنت أنا مليش دعوة “..
صمت رسلان لدقـائق ثم ابتسـم يتذكر شيئا ثم بدأ في الغنـاء بأنشودة قديمـه و بدأ الجميـع بالتفاعل معها والتصفيق له و مشاركته الغنـاء والرقص والسيـدات تصفق لهـم حتي استسـلم رسـلان وقال بتعب:
“كمـلوا أنتم بقي أنا تعبت”..
تعب الجميـع و فضلوا الراحـه لدقائق قبل البدء في وصلة رقص وغناء جديدة…
اتجـهت داليـا للمزينـة تسألها ان تضع لهـا بعض الحنه فقالت آفرين:
” فقط العروس والمتزوجـات، لا تضع العزبـاء الزينـة علي يدهـا، هذه تقاليدنا “..
اختفت ابتسامـتها وقالت بهدوء:
” خلاص مفيش مشكـلة “..
اقترب رسلان يقـول بجدية:
” بس هي مش هيكـون ليها فرصة تـانيه تيجي هنا وتجرب الحنه بتاعـتكم، أميـرة آفرين لو ينفع نكسـر القوانين لمره واحده “…
ابتسمـت داليا ونظرت لآفـرين برجـاء فنظـرت آفرين للمزينـة تسألها فأبتسمت السيدة ومدت يدها تأخذ يد داليا و أجلستها أمامها وبدأت في رسم الحنه لها فعادت ابتسامة داليا من جديد تقـول بحماس:
” أنا أول مرة أحط حنـة من حوالي عشر سنين، الله ريحتها حـلوة أوي ولونها واضح اوي انه هيبقي حـلو “..
بالفـعل تزينت يداهـا بشكـل رائـع و ظلت طـوال طريق العودة ترفعهم أمامهـا تنظر لهم بحماس فقالت آفرين بإبتسـامة:
” محظوظـة أنت، كل الفتيـات تحسدك اليـوم “..
ضحكـت داليا وقالت بإبتسامة:
” ربنا يرزقهم كـلهم بالزوج الصالح علشان بس يحطـوا حنه زيي “..
ألتفتت لرسلان وقالت بهدوء:
” شكرا يـا رسلان “..
قال بإبتسامة:
” العفو سيدتي “..
كـانت الآمسيـة رائعـة حتي آتت بهـار تركض وتقـول بصوت متقطـع:
” الفتـي… لقد.. اركضي آفرين..
قالت سلوي ببكـاء:
” ليه يا مريم عمـلتي كدا، ليـه؟! “..
قـالت مريم ببعض الهدوء:
” تخيلي كم المشاكـل اللي هتقـل ببعدي عن البيت و عن رغد اللي دايما حاسه اني سرقتك منـها؟! وبعدين انا أول ما دخـلت البيت هنا كنت مرتاحه اوي “..
” أنا عارفه انهم ناس اغنياء وأنا فقـيرة، وعارفه ان الأوضة اللي قعدوكي فيها دي يمكن قد اكبر من شقتي، بس كنت حلوة بيكي وبروحك فيها، كان نفسي تخرجي منها علي بيت عريسك “..
” يا ماما يمكن ارتاح بقي بعيد عن الكـلام اللي عشت عمري كله متحاصره فيـه، سيبيني علي راحتي ولو علي الجواز أوعدك قبل فرحي هاجي أقعد في البيت واخرج منه لبيت جوزي اللي انا مش عارفاه، ماشي!؟ “..
” ماشي يا مريم اللي يريحك، قوليلي حاسه بوجـع دلوقتي؟! “..
” هو أنا بقيت حـاسه بحـاجه من كمية الأدوية اللي باخدها؟ الحمد لله علي كـل حـال “..
دق البـاب وآتي صـوت كريم يستأذن للدخـول:
” ممكن أدخـل “..
” أيوا يا أستاذ كريم اتفضـل “..
” بردو استاذ كـريم؟! عموما يا ستي أنا هخليكي ترتاحي من الإسدال خلاص أنا بس كـنت جايب الآنسه دي تتعرف عليكي وجايبلك شوية الحـاجات دي تسلي نفسك بيـهم “..
وضـع أمامها حقيبه كبيرة مليئـه بالمسليـات و نظرت خلفه لتجـد فتاة تبتسم لهـا بهدوء تقول بصوت في غاية الرقة:
” ازيك يا مريم، نورتي البيت “..
مدت مريم يدهـا لـها لتذهب لها الفتاة ومريم سألت بإنبهار:
” دي لينا صح؟ ما شاء الله عليكي انتي زي القمر وشكلك صغير أوي انتي عندك كام سنه؟! “..
” 16 سنه “..
” ما شاء الله، انا كنت فاكراكي كبيـرة مش عارفه ليه فكرتك صغيرة، فكرتك في نفس سني كدا “..
قـال كريم بإبتسـامة:
” لا بس لينا أكبر من سنهـا وعاقلـة، أنا هسيبكم بقـي تتعرفوا علي بعض براحتكـم وهروح أنام علشان عندي شغل كتيـر، شدي حيلك بقي يا مريم علشان أول ما تخفي هسلمك وظيفتك في الشركـة “..
ابتسمت مريم لـه وشكـرته بإحتـرام فهي بالفعـل بداية من اليوم تحترمه وتقـدر فيكفيها ما فعـله مع خالد الذي أهانهـا وجاء هو في يوم واحد رد لها اعتبارها وكرامتهـا..
قالت سلوي:
” أنا هروح يا مريم وبكرا الصبح هجيلك يا قلبي “..
ابتسمـت مريم:
” مع السلامة يا ماما “…
كانت تشعـر بالذنب وتأنيب الضمير لتركهـا والدتهـا ولكن يكفي تلك المرأه ما عانته بسبب فتاة أخذتها و أكرمتهـا، يحق ل سلـوي بعض الراحـة، ويحق ل رغد أمها كمـا أرادت دومـا…
قالت لينا بلطف:
” مع الوقت هي هتتعود وأنتي كمـان، وبعدين المسافة مش بعيدة و هتشوفيها في اي وقت “..
ابتسمت لها مريم و قالت بهدوء:
” عارفة، الوقت بيساعد في المواقف اللي زي دي “..
قالت لينا بهدوء:
” نامي وارتـاحي وبكرا الصبح هتكـوني احسـن، تصبحي علي خيـر “..
” وانتي من اهل الخير يا سكـر “..
في الصبـاح…
جـلست مريم بجـوار الجدة علي طـاولة الإفطـار واقترب كريم يجلس علي كرسيـه ملقيا تحية الصبـاح:
” عرفتي تـنامي يا مريم؟! “…
” أيوا الحمدلله “..
” كـويس، خالك عاوز يكـلمك وأنا قولتله لما أرجع هنتكـلم كلنا فيديـو علشان يشوفك “..
ابتسمت مريم بسعادة لتلك الكلمة:
” خالي؟ “..
” أيوا اللي هو ابويا “..
قالت بحماس:
” طب ما نكـلمه دلـوقتي “..
ضحك أدهم وأجابها:
” بابا عنده شغل دلـوقتي، بليل يا مريم.. خدي ادويتك ولو احتاجتم اي حاجه كلمـوني “..
قـالت فاتن بقلق:
” كريم عاوزة أقولك حاجه بس متزعـقش “..
جلس كريم مرة أخري ينـظر لهـا بريـب وهي تحاول تفادي نظـرته تلك وقالت بشكل سريع:
” بصراحـه في عروسه… هو أنا عزمتهـا هي ومامتهـا يجوا يتعشوا معانا بحكم الصحوبية يعني لكـن والله ما فتحت معايا كلام خالص، تعالي بس اقعد معاها وشوفها “…
نـظر كريم ارضا يلتقط انفاسه بشكل متتـابع يحاول تهدئـة نفسـه ومريم تنظر له بتعجـب..
قال بهدوء زائف:
” يا تيتـة، مش أنا قولتلك مليـون مرة أنا مش هتجوز بالطريقة دي؟ أنا مريت بتجربه وفشلت ف خلاص بقي”..
قالت فاتن بإنفعال:
“انك تتقدم لواحده وترفض مش تجربه اساسا يا كريم ولا ليها علاقة بالجـواز، وبعدين انا بقولك شوفها مش يمكن تعجبك، قوليله يا مريم يمكن يوافق”..
ارتبكت مريم ولكنها قالت بجديه:
” كلام جدتك مظبوط “..
صرخ كريم بهم بغضب:
” هو اي الصعب انكم تفهموا اني بتنـيل بحبها، بحبها يا تيته ومش شايف غيرها، اعمل اي في قلبي!!
وبعدين انا حـاولت و قعدت مع بنت و اتنين و كنت مخـنوق مش قادر ابصلهم حـتي.. ارحميني يا تيته، لو ليا غلاوة عندك متفتحيش الموضوع تاني أنا ما صدقت اتعايشت معاه “…
نظـرت له مريم بشفقه وحـزن، الشخص المبتسم الذي تشعر بالإيجـابيه كلمـا رأته، من تشعر بأنه من أعاد الحياة لعالمها البائس يعـاني وقلبـه، دعت له في نفسـها ثم قـالت بهدوء:
” معلشي يا است.. يا كريم علشان خاطر متحرجش تيتـه ولا البنت اعتبرها زيارة وديـه و بعد كـدا تيته هتاخد رأيك الأول قبل اي حاجه “..
تنهـد كريم بتعب:
” ماشي يا مريم “..
تحـرك كريم للخـارج، ألا يكفيه غيـاب داليا المفاجئ، يكاد يقتله القـلق و الخوف لأجـلها والآن عروس جديده و شجار جديد بينه وبين جـدته…
خـرجت لهـم لينا بعـد رحيـل أخيـها وجـلست علي طاولة الإفطـار تتناول الطـعام فقالت مريم بإنبهار:
” لينا! لبسك حلو اوي و محتشم ما شاء الله “..
خجلت لينـا و ابتسمت تقوا بصوت خافت:
” شكـرا يا مريم “…
” الأوراق اللي طـلبتها اتأخرت ليـه؟! ”
” بتجهز يا فندم “..
” هتقعد العمـر كله تجهـز يا سندس!!! احنا ورانا شغـل مش كل واحد هيجي و يروح علي مزاجه ويسيب الشغـل ناقص!! “…
” يا فندم الأستاذة داليا كانت طـالبه يكون جاهز النهاردة مش امبارح “…
” وهي فيـن النهارده مهي مش جاهزة لسـه!؟ أنا مش عاوز التسيب دا احنا مش جايين نلعب احنا جايين نشتـغل، اتفضلي علي مكتبك لو مجبتيش الورق بعد نص ساعه يبقي تروحي تصفي حساباتك وتسيبي الشغل لحد بيعرف يشتغل “…
” حاضر يا فندم، بعـد إذنك “…
خـرجت لتجـد الجميـع ينظر تجـاه المكتب حتي انها كادت تبكـي، فهو دائما ما يكـون لطيفـا وان كان جـادا في عمله، اقتربت صديقه لهـا تقول بهدوء:
” معلشي يا سنـدس هو بس تلاقيه متعصب شوية و بعدين الشغل كتير عليه “..
وقبل أن تتحـدث سندس سمعت مرة اخري صوته الغاضب يناديهـا وقبل ان تبكي هدأتها صديقتها:
” طب والله تلاقيه هيعتذرلك، روحي يلا متتأخريش عليـه “..
عادت سنـدس مجـددا ورأسها ارضا:
” نعم يا فندم “..
” تتجوزيني يا سندس! “
يتبع….
الحلقة الخامسة
” الفتـي… لقد.. اركضي آفرين..
لم تنتـظر داليا فقد كـانت أولهم ركضـا تجاه منـزل العم ايـوان، صعـدت سريعا للغرفـة حيث أخيـها لتنصـدم وتتسمر مكـانها وهي تنـظر لجسده المدد علي ذلك الفراش الأبيض، لم ينتبـه لها الجميـع حيث آتوا ركضا خـلفها واصطدمت آفرين بظهـرها ثم توقفت هي الأخري تحدق في أدهم بدهشه:
” انه.. انه شـاب يبـدوا في منتصف الثلاثينيات من عمره!! ظنتته مراهـقا نظرا لحجم جسده “..
قالت بهار بدهشه:
” يبدو أن أعشابك ساحره آفرين، فقد عاد جسد الشاب لنفس جحـمه في يوم واحد “..
حاولت آفرين الخروج من صدمتها وقالت بهدوء:
” الحمد لله، كلـه بفضل الله بهـار، أعطـاني تلك الميزة وأعطي ارضنا تلك الأدويـة والأعشاب ليجـعلنا سبب في شفاء أمثال ذلك الشاب “..
لم تكـن داليا تستمع لحديثـهم اذا تحركت وأخيـرا تجـاه أخيهـا ورسلان يراقبهـا مبتسمـا وقد دمعت عيناه فرحا لأجل ذلك الشـاب..
جلست داليـا بجـواره و أمسكت يده و أخيرا احتوت يده يدهـا من جـديد حتي وان كـان لازال فاقدا لوعيـه لا يشعر بمن حـوله، قبلت باطن يده وانهمرت دموعهـا ترتمي بجسدها عليه تضمـه و تنهار في بكـاؤها..
ابتسم رسلان وتحـرك يجلس جوارها يربت علي الفراش كأنها يربت عليها هي وقال بهدوء:
” لا إهدي يا آنسه داليا اومال لما يفتح عينيه و يقف تاني علي رجـله “..
رفعت داليا وجهه له وقالت بإمـتنان:
” شكرا.. شكرا بجد يا رسلان شكـرا علي كل اللي أنت عملته معايا “..
ابتسم يقول بهدوء:
” أنا في الخدمة سيدتي “..
ضحكت بين دمـوعها وكأن تلك الكلمة التي قالها لها العم ايوان قد ثبتت في عقـله، اتجـهت لآفرين وضمتهـا فربتت آفرين علي ظهرها:
” سيصبح بخير عزيزتـي، الآن اذهبـي لتأخذي بعض الراحـة و خذي قسطـا جيدا من النـوم أريدك مشرقة بالغـد فقد قررت أن اخذك في نزهـة حول دارو بأكملها “..
ابتسمت داليا وقالت بحماس وقد قررت بتنفذ ما قاله لها رسلان:
” مـاشي.. تصبحـوا علي خيـر “..
ألقت نظرة أخيرة علي أخيهـا ثم تحركت وخلفهـا الجميـع للخارج، أخفضت آفرين قوة المصباح في غرفتـه وجعلتها خافته ثم أغلقت البـاب خلفهـا وتركتـه…
في الصـباح التـالي..
كـانت داليا في قمـة حيويتهـا وقد استعـدت لجولتهـا في دارو، جلس رسـلان علي طاولة الإفطـار بجـوار ايـوان وأمامه آفرين أما هي فكـانت تقف أمام النافذة الكبيرة تشـاهد الأراضي الخضراء أمامها وتستمع بالهـواء النقـي..
قـال رسلان بجـدية:
” أنا عاوز شغـل، اي حاجه اشتغلها مش هينفع أفضل كدا يعني واكل شارب ببـلاش، عاوز حاجه اغطي بيها مصاريفي انا و الأستاذة داليا و الأستاذ أدهم “..
ابتسم ايوان وقال بهدوء:
” حللتم علينا ضيوفا يا بني و تعلمـنا إكرام الضيف، أن أتيتك ضيفا في بيتك ومدينتك هل ستسألني مالا!؟ أنتم ضيوف دارو و هي أرضي، ان استقبلتكم الأرض نفسها أفلن أفعل أنا!؟ “..
قال رسـلان بجدية:
” اصل يعني الضيف مبيقعدش شهر وزيـادة و كمـان أنا واخد علي الشغل من صغري مقدرش أقعد كـدا “..
قال ايوان بتفكير:
” فلتكن لي وزيـرا أستشيرك في أمور دارو “..
قـال رسلان بضحك:
” يا بـركة دعاكي يا فيـروز ابنك بقي وزيـر مره واحده… بس بس لحظه يعني معـلشي هي فين أمور دارو دي، أنا من ساعة ما جيت هنا وأنا مشوفتش حد بيبص للتاني بقـرف حتي؟ “..
قـال ايوان بضحك:
” قضيت يوما واحدا وأصدرت حكمـك!! يا لك من متسـرع “…
ضحك رسلان ثم قال بعدها ببعض الهدوء:
” المهم أهي شغلانه والسـلام “…
” إذا فلنذهـب، لدينا عملا هاما تم تأجيـله من يوم أمس”..
نظر لإبنته وقال بجدية:
” لا تنسي إعطـاء الشاب العشبه التي طهوتها بالأمس قبل خروجك آفـرين “..
اومأت آفـرين برأسهـا و تابعـت خروج والدهـا وخلفـه رسـلان، وبعد أن زارت داليا أخيها وجلست بجـواره حتي تنتهـي آفرين من معالجتـه…
نـظرت سندس لـه بصدمـه سرعـان ما تحـول لضيق، جلست تنظر له وأشارت له أن يجـلس:
” اتفضل يا استاذ كريم اقعـد قبل ما حد يسمع الكـلام دا “..
جـلس كريم وقال بقـلة حيـلة:
” أنا أسف “..
” جدتك!؟ “..
” اه، وجيبالي البنت المره دي لحد البيـت، هو عرض يا سندس لو قبلتي بس لكام شهر نتخطب فيهم علشان تيته تشوف اني حـاولت واديت للموضوع دا فرصه “..
قـالت سندس بهدوء:
” أنا مقدرش اضحك علي أهلي وأجرح مشاعـرهم، ومقدرش أشاركك في حاجه زي دي طبـعا بل انا عـاوزة أمنعك لأن كدبة زي دي هتلم وراها مليـون كدبـه، وانت راجل معروف وليك سمعتك وعندك أخت بنت كمـان، انا رأيي تتحجج ب جواز لينـا ودا هيكسبك كام سنه تكون نسيت فيهـم اللي شاغله قلبك “..
قـال كريم:
” انا آسف مكنتش في وعيي ومتعصب وكـل كلامك صح يا سندس، كويس ان الحركه دي جـت في واحده عاقلـة زيك وإلا مكانش هيحصل كـويس، يـلا روحي خلصي الأوراق علشان محتاجهـا ضروري.. ”
“حاضر”..
في المسـاء عـاد كريم لمنـزله ليجـد جدتـه و مريم يجـلسون أمام التلفـاز، فألقي السلام وجـلس علي الكرسي أمامهـم يسأل بإهتمام:
” شايفك احسن يا مريم؟! الدوخه راحت؟ “..
اومأت برأسهـا فأبتسم يتمتم بالحـمد ثم سأل مجددا:
” أومال لينـا فيـن!؟ “..
” لينا في أوضتهـا زعلانه علشان صحـابها نزلوا يشتروا هدوم للجامعة من غيرها “..
” وليه نزلوا من غيرها يا تيتـه؟ وبعدين مستعجلين ليه كدا هي نتيجـه الثانوية لسه طلعت أصلا! “..
” هي قالت كدا والله وكانت حابه تفرح بالنتيجه الأول بس هنعمل اي بقي “..
” بكـرا يتصالحـوا، هروح أغير هدومي وأجيبها علشان نتعشي وبعـدين نخرج نقعد في الجنينة برا و هجيبلها حاجه حلـوة “..
وبالفعـل ذهب ليبدل ثيابه ثم لإسترضاء اختـه والتي وافقت بعد مـحاولات كثيرة منه أن تنضم لهـم للطعـام وتنـاولوا طـعام العشاء في جـو أسري لطيف وبدأت مريم في الإندماج بينهـم…
” لم أضربها بلا سبب، لقد عصت لي أمرا والآن تأتي لشكايتي!! هي زوجتي و يحق لي كـل شئ “..
” أنت لم تستعبدهـا وهنا أنا سأتحدث عن الحقوق والواجبات وليس أنت، لقد تكسرت عظامها وأنت تتحدث عن الحقوق!؟ لا، لا يحق لك مسهـا بالسوء و الأعتراض ان قامت بشكـوتك “..
” هي زوجـتي ويجب عليها تنفيذ أمري، ولم أمرها في شئ يغضب الله ف عليهـا إطاعتي هذا حقي يا حاكم و أنا سأتحدث عنه…
نعم اخطأت واعتذرت لهـا وهي لم تسامحنـي، أنا أعترف بذنبي “…
” ستبني لهـا بيتـا و لحين الإنتهـاء منه ستبقي هي في بيتك وأنت ستبقي خـارجـه، ان سامحتك خلال ذلك الوقـت فسيكون لك الدارين و زوجتك وان لم تقبـل فستعود لبيتك وستأخذ هي وطفلهـا البيت الجـديد “..
” لكني لا أملك المـال، فبالكاد يكفيـني ما أربحه خلال اليوم لإطعامي وإياها والطفـل، لن أستطيـع يا حاكم “..
اقتـربت تلك المرأه وقالت وهي تحمل صغيـرها:
” يا حاكم انا لا أريد بيتا منه، أريده فقط أن يعطيني المـال لأجل طفله وأنا سأبقي في بيت والدي “..
اقترب الشاب تجـاه زوجته يقول برجـاء:
” وأنا أريدك جـواري، أنا أخطـأت و لكن ليس لي دونكم أحد ولا أريد البقاء وحدي و لي زوجـة وابن وأنـا لن أفعل وأطلقك مهما حدث “..
اقترب رسلان يقول بجـدية:
” طالما انت مش عاوز تطلقهـا و مش عاوز تنفذ الحكم يبقـي تسيبها هي في بيـتك و تشوف أنت مكـان تاني و تتكفل بمصاريفهـا هي وابنك لحد ما الأمور تتصافي، حددوا مهـلة وشوفوا أموركم هتوصل لحد فين! “..
قال الشاب بصدق:
” سأعطيها وقتا لتسامحـني و سأعطيهـا كل ما أجنيه لها ولطفـلي.. سأفعل “…
انتهـت المحاكمـه وتحـرك رسـلان مع الحـاكم ايـوان يتـابع أعمـال الحرفييـن و يشرف عليهم بنفسـه وقد لاحظ رسلان كـون ايوان اصبح كبيرا بالسـن ولا يوجد ولي لـه ليتابع ما بدأه فسأله رسلان بفضـول:
” هي بنت حضـرتك آفرين، بعد عمر طويل يعني هي اللي هتتولي الأمور دي!! “..
قال ايوان بهـدوء:
” دارو تختـار حاكمـها.. ”
“ازاي يعنـي!؟؟”..
” ستعرف.. لاحقا يا بني فلدينا الكثيـر من الأعمـال اليوم وفي المساء يوجـد حفل الزفـاف “..
في المـساء اجتمـع الكثيـر من الأشخاص للذهـاب لحفل الزفـاف..
استعـد رسـلان وجلس علي السلم الخشبي أمام بيت الحاكم ايـوان ينتظـر الجميـع، خرجت آفرين أولا تبحث عن حذائهـا فنظر لها رسـلان بتعجـب:
” هو مش العروسة هي اللي بتلبـس أبيض؟!
” لا، ترتدي العروس فستانا من اللون الأحمر القاتم بينما ترتدي العازبـات اللون الأبيض وبقية المتزوجـات بقية الألوان “..
ضحك رسـلان:
” علشان لـو حد عاوز عروسه ميحتارش، يدور في اللون الأبيض علطـول “..
ضحكـت آفرين وقالت بنفي:
” لا، نحن لا نفكـر بهذه الطـريقـة وإنما هي عـادات توارثناها من سنـوات طويـلة، اشعر بأن نظرتك بها بعض الإهانه سيدي الوزير “..
” لا لا.. العف……….. استاذة داليـا!!
تحـركت ببطـئ تجـاه المطبـخ وهي تشعر بالجـوع فهي تتناول لقيمـات بسيطـه لأنها لم تعتاد المكـان او الأشخاص فلا تتنـاول طعـامها براحـه..
أشعلت الإضاءة وصرخـت فور رؤيتهـا لشخص يقف يشـرب الماء فابتلع كريم الماء سريعـا:
“في اي!!!”..
قالت مريم بتوتر:
” اتخضيت، بعد اذنك “..
” لحظة يا مـريم، انتي كنتي جايـه في اي ورجعتي كدا!! “.
قالت مريم بإحراج:
” كنت… كنت جاية أشرب بس مش أكثر “..
” طيب تـعالي اتفضـلي… ”
“شكـرا”..
تحـركت مريم للداخـل وهو للخارج ولكنه توقف بعد دقيقة وألتفت لهـا:
” مريم ممكن اخد رأيك في حاجه كدا!؟ “..
” حاجه اي!؟ “..
قص لهـا كريم مـا حدث مع سندس ثم ختم حديثه بسـؤاله:
” أنا بصراحه حابب اجيبلهـا هدية اعتذار، بس حاسس هكـون اوفر لو عملت كدا!!، دي أول مرة اتصرف من غير ما أفكر، كان لازم أقيم ظروف البنت اللي قدامي ان كـانت هتوافق ولا لا، انتي مش فاهمه يا مريم تيته متأكده اني هعجب بالبنت اللي جاية دي، هي بتتكلم بثقة و مش فاهماني “..
شعـرت مريم بالحزن لأجـله، ربمـا هي لا تفهـم مشاعر الحب فهي لم تمر بها يـوما ولكنها تتفهـمه…
” أنا.. أنا ممكن اساعدك “..
” اي؟! “..
” اخطبنـي أنا يا كريم…
يتبع….
الحلقة السادسة
” اخطبنـي أنا يا كريم.. ”
“أنتي؟! لا طبعـا مينفعش”..
” أنا عـاوزة أساعدك مش أكتـر، أنا مليش أهل أخاف علي مشاعرهـم و لا أنا بحب حـد مثلا او مستنيه حـد، هو وضع مؤقت زي ما أنت بتقـول “..
سأل بحده:
” يعني اي ملكيش أهل تخافي علي مشاعـرهم!! وأنا وتيتـه و بابا اللي مستني يشوفك علي أحر من الجمر!! و مدام سلوي اللي ربتك!!
أنتي زي أختي يا مريم مستني اليوم اللي هنزفك فيه لعريسك، أنا بتمنالك الراحه مش هكون مصدر تعاسـه ليكي لأي سبب كـان، متنسيش انك فسختي خطوبتك مره و أنتي عارفه المجتمع اللي احـنا عايشيـن فيه “..
” أنت معاك حق بس أنا مبفكرش في موضوع الجواز دا دلوقتي، أنا عاوزة اشتغل “..
” أنا وعدتك هشغلك في الشركة، بس اما تفكي الجبس علي الأقـل، مش دلـوقتي.. يـلا اطلعي دلوقتي نـامي ومشكلتي أنا هعرف أحلهـا “..
التفتت مريم تتحرك عائدة للغـرفة ثم وقفت مجـددا وألتفتت تقول بحـرج:
” بصراحـة أنا جعـانه أوي “..
ضحك كريم وأتجـه يخرج بعض الطـعام من الثلاجه:
” خدي حمريلك حتتين بانيـه ولا حاجه، انا هطلع أنام علشان عندي شغل بدري.. خدي راحتك “..
تحرك كريم للأعلي وجلست هي تتنـاول بعض الطـعام وهي تفكـر في محادثتهـم تلك…
” أستاذة داليـا!!… ولا أنا شايف حد تاني ولا اي!! “.
سألته داليا بتعجب:
” اي شكـلي وحش!؟ “..
” بالعكس، شكـلك زي القمر “..
ضحك ايوان واتجـه يضـع يده علي وجهه رسلان:
” غض بصرك يا فتـي وهيا لنتحرك “..
تحركـت داليـا وهي تبتسـم بخجـل وبدأت تشعر بأنها فتاة غـريبه، تشعـر بأنها لينه ليست قاسيـة كما وصفها الجميـع حتي تناست هي انها فتـاة، تشعر كونها أنثـي..
كـان رسلان قد تعرف بالفعـل علي بعض الشبـاب فأتجـه يقف جوارهم و يشاركهم الغناء والرقـص، و علي جـهه أخري تحركت داليا و آفرين يشاركـون النسـاء احتفـالهـم…
استنكـرت في البداية كيف للعروس ان ترتدي لونا غير الأبيض و لكنهـا كانت منبهرة بمظهـر العروس و زينتهـا وكيف كان لهـا طلة خاصه بها كما يقـول البعض..
تقـدم العريس وهو يحمـل بيده، زهرة واحده فقط فنظرت له داليا بإستنـكار حتي أقتربت آفرين تقول بحماس:
” تلك الزهرة تدعي ب زهـرة الحب، انها باهظة الثمن حقـا، تتوق الفتيـات ليوم زفـافهـا حتي تحصل علي واحده منهـا “…