منوعات

اباطره الغر..ام من الفصل العشرون للخامس والعشرون بقلم ايه محمد رفعت

[٣/‏١٢ ٨:٥٩ ص] نودي: (الفصل الحادي والعشرون)

اقترب خالد من آسر بخطواتٍ بطيئة ثم ربّت على كتفه وقال بهدوء :
_ آسر خد الكل ورجعهم القصر ملهاش لازمة القعدة دي.
_ لا أنا مش همشي إلا لما أطمن على بنتي
هتف والده بنبرته الخافته بعدما سمع طلبه، فنظر خالد إليه ثم قال:
_ أنا وعصام هنفضل هنا، وهطمنكم بالفون على طول.
_ لا مش هسيب بنتي.
قالتها سهير التي غزا وجهها الدموع، رافضةً عودتها إلى القصر، فاقترب منها خالد يجثو على قدميه ثم احتضن كفها يقبله، وقال متوسِلًا:
_أرجوكِ يا ماما كفاية اللي أنتِ بتعمليه ده.
صاح أحمد قائلًا:
_خالد معاه حق يلا يا محمد والصبح إن شاء الله هنرجع .
احتضنت أمال سهير بذراعها وساندتها على النهوض قائلة:
_يلا يا حبيبتي قومي
غادرت السيدتان المشفى نحو السيارة لتعودن إلى القصر، ثم نظر أحمد إلى آسر وقال بنبرته الساكنة:
_يلا يا آسر هات سها وياسمين وتعالى.
أومأ برأسه موافقًا ثم اتجه نحو سها يسألها عن ياسمين بعدما لاحظ اختفاءها، فأجابته سها بتلعثمٍ سيطر عليها من شدة الخوف:
_عند ندى…جوه.
رفع رأسه ينظر أبيه، وقال بنبرةٍ عاكست طبيعته المرحة:
_روّح أنت يا بابا و أنا هجيب ياسمين ونجي وراك.
أشار إليه والده موافقًا ثم انسحب مع من بقي مغادرين المشفى إلى القصر.
**********
تقدم خالد يسأل عصام إن كانت لديه رغبةً في شرب القهوة أو أي شيء، لكن أي شهية ستتواجد والروح منهكة، اتجه خالد نحو الأسفل فيما دخل آسر مع سها إلى الداخل، ليجدا ياسمين تجلس على مقعد أمام فراش ندى، فأشار لها:
_يلا يا ياسمين.
قالها آسر يحثها على المغادرة، فأجابته بالرفض رغبةً منها بالبقاء مع عصام وندى، ليقول بضيق:
_ يا ياسمين اسمعي الكلام.
_ لا، أنا مش هسيب ندى.
رفضت الانصياع لطلبه والدموع تكسو عينيها، اقتربت منها سها وقالت بحنوٍ رقيق:
_يا حبيبتي إحنا هنجي بكرة الصبح إن شاء الله.
لمح آسر خالد يتقدم من الخارج، ابتسامةٌ ماكرة لم يراها أحد لاحت على وجهه، ثم قال وهو ينسحب من الغرفة مع سها:
_ خلاص ياحبيبتي براحتك يلا يا سها.
غادرا ليدخل خالد مع عصام الذي كان ينتظره في رواق المشفى، تفاجئ بوجود ياسمين فسألها بفضول:
_ياسمين أنتِ مروحتيش ليه مع آسر وسها ؟
_ أنا هقعد معاك.
هتفت باقتضاب وهي تراقب حالة ندى الساكنة، اقترب منها يحتضن وجنتيها وأرغمها النظر إليه قائلًا:
_لا مش هينفع يا حبيبتي ابقي تعالي الصبح يلا روحي مع آسر.
أجابته وقد أزاحت بصرها عنه مجددًا تنظر إلى ندى:
_آسر مشى.
استدار تجاه خالد الذي كان يرتشف قهوته بصمتٍ شاردًا وقال:
_خالد وصل ياسمين.
رفع بصره نحوهما وسأل ببرود:
_وآسر ميوصلهاش ليه؟
كاد بأجابته فقاطعته ياسمين بحزن:
_ خلاص يا عصام أنا هركب تاكسي.
وجمعت أغراضها، لكنه هتف بحدةٍ غلبت حديثها ولازمتها بالصمت:
_ استني هنا، تاكسي إيه اللي تركبيه في الوقت ده ؟ اتفضلي.
اتجهت معه مغادرةً وهي تشعر بالسوء لحديثه اللاذع، في حين بقي عصام مع ندى مترقبًا أي تحسنٍ لحالتها.
**********
وقفت إلى جانبه ينتظرا الحارس للقدوم بالسيارة من الموقف، نظرت إليه مطولًا وهمست بصوتٍ منخفض يكاد يسمعها:
_حمد لله على سلامتك.
أحضر الحارس بالسيارة وسلمه المفتاح، فصعد دون أن يرد عليها، أغلق الباب ولازالت واقفةً أمامه، فسألها ساخرًا بحدته:
_ هتفضلي واقفة كده كتير ؟!
تعامله الحاد معها أوشكها على البكاء، تقدمت بخطواتها للجلوس بجانبه، فمنعها من الصعود حينما قال ببرود:
_ورا .
ضيقت عينيها بتعجبٍ، فحركت رأسها تستفهمه، ليكرر حديثه الحاد :
_قولت اركبي ورا ، عشان تاخدي حريتك أكتر.
انصاعت لأمره وصعدت إلى المقعد الخلفي وقد انسابت دموعها على ما فعلته بحبيب عمرها.
ظلت تراقب انعكاسه من المرآة و هو يتجاهلها كليًّا، وبعد عدة دقائق وصل خالد إلى القصر وفتح باب السيارة وهبط دون أن ينتظر هبوطها
توجه غرفته لبيدل ملابسه حتى يعود إلى المشفى مرةً أخرى.
انهارت ببكاءٍ هستيري،وصعدت خلفه بعدما غلت الدماء بعروقها لمعاملته الجافة معها، فصفقت باب غرفته بعتفٍ ، ودلفت الغرفة دون أن تطرق بابه، شعر بها لكنه تجاهلها ، فسألته من بين شهقاتها :
_خالد أنت بتعاملني كده ليه؟!
تابع ارتداء قميصه وحزم ساعته حول معصمه وسألها ببرود:
_عاملتلك إزاي يعني ؟
_ أنت أتغيرت معايا بالشكل ده ليه.
ابتسامةً ساخرة رأتها على ثغره، في حين انشغل وهو يصفف شعره وأجابها ساخرًا:
_البركة فيكِ
_أيه البرود اللي بتكلمني ببه ده!
صرختها العصبية من بين دموعها جعلته يقبض على راسغها بقوة و يضغط عليه متسائلًا بحدة :
_ لما أنا بارد جاية ورايا ليه ، هاه؟
زادت حدة قبضته على راسغها ونظر لعينيها بقسوةٍ تراها منه لأول مرة ثم أردف:
_ أنتِ إنسانة أنانية حبيتك سنين وأنتِ عارفة وعاملة نفسك متعرفيش حاجة، ومعترفتيش إلا لما حسيتي أن واحدة ثانية هتاخدني منك وبعد كل ده طلبتي مني البعد وبعدت وجاية تقوليلي بعاملك كده ليه و إني بارد أنتِ عايزة إيه بالظبط!
كلماته القاسية جلدتها من نيرانٍ،فزادت من دمعاتها المنهمرة، أغمضت عينيها في محاولة لتنظيم أنفاسها المضطربة، ثم فتحتها وقالت من بين شهقاتها معتذرة:
_ أنا آسفة يا خالد، آسفة على كل اللي اتسببتلك فيه بس متسبنيش أرجوك ، أنا بحبك.
ابتعد عنها موليًّا لها ظهره مردفًا بجمودٍ:
_ ارجعي أوضتك يا ياسمين.
_خالد…أرجوك.
همسها المتوسل تبعه صوت خالد المفزع :
_أنتِ سمعت أنا قولت إيه ؟
خرجت من الغرفة وهي تكتم بكائها بكفيها، لم تكن تعلم أنها جرحته لهذه الدرجة، ساقتها قدماها إلى غرفة آسر عندما وجدت نورًا خافتًا ينيرها، تقدمت ببطءٍ ، ليرى آسر حالتها فنهض متمتمًا باسمها، فاندفعت إليه تحتضنه بقوة، وقد عاد بكاؤها يعلو، رفعت بصرها إليه وقالت:
_خالد مش راضي يسامحني يا آسر .
مسح على ظهرها يخفف شدة بكائها قائلًا:
_طب بس اهدي يا حبيبتي أكيد هيسامحك بس محتاج وقت مش أكتر.
_ أنا جرحته أوي، أنا فعلًا أنانية ، بس أنا بحبه.. بحبه أوي.
صوتها الباكي وهي تلوم نفسها لما حدث، جعله يحنو عليها أكثر ، جذبها تجلس جواره وقال بمزحٍ :
_بس خلاص، أقوم أضربه دلوقتي طيب ولا أعمل أيه؟
مسحت دمعاتها فاستطرد بحدة مصطنعة:
_ مين يقدر يزعل ياسمينة القصر و أنا عايش ما عاش ولا كان ؟
_ آسر…
_عادي يا ياسو يعني ده مهما كان ابن عمك.
_ أنت يا زفت مش بكلمك ؟
صوت خالد الحاد قاطعه في حديثه مع أخته، فالتفت إليه وقال:
_ نعم يا ريس
_ بكره الصبح تروح المكتب في شوية ملفات في خزنة عصام خد الملفات اللي واقفة على إمضته وهاتها المستشفى فهمت؟
أمره بحدته المستحدثة التي مسّت الجميع، فهز الآخر رأسه موافقًا ، وهو يقول:
_تمام.
_ ربنا يستر من تمام بتاعتك دي.
قالها خالد ساخرًا، لينكر آسر سخريته بقوله :
_ لا متخفش .
نظر خالد إلى ياسمين نظرة سريعة وخرج وقلبه يكاد ينفطر لرؤية دموعها، ولما سمعه من حديثها مع آسر، لكن لن يدع قلبه يستسلم هذه المرة، وانسحب مغادرًا نحو المشفى.
**********
جلس عصام إلى جانب ندى، يقول بصوتٍ حزين باكٍ :
_ ندى عشان خاطري فوقي، أنا عارف أنك سامعاني قومي ياحبيبتي أنتِ عايزة تعرفي قيمتك عندي صح؟ أنا مقدرش أعيش من غيرك ثانية وحدة الدقيقة اللي بتعدي عليا و أنتِ بعيدة عني بموت فيها مية مرة أنتِ كل حياتي.
وقف خالد من خلفه حزينًا على الحالة التي سيطرت عليهم من فراق و ألم، تقدم نحوه ورفع يده على كتفه مؤازرًا له:
_ كفاية اللي بتعمله ده بقالك عشر ساعات قاعد مكانك قوم غير هدومك وكل أي حاجة.
_ماليش نفس يا خالد.
قالها ومازالت عينيه معلقة بملامحها يخشى من أن يفترقا مجددًا، لكن ردد خالد وهو يقبض على كفيه:
_ يا ابني حرام عليك اللي بتعمله ده.
_ أرجوك يا خالد سبني معاها.
توسله بنبرةٍ باكية لأول مرة تظهر منه، دخل الطبيب فجأةً فاعتدلا في وقفتهما، بينما هو بدأ بتفقد حالة ندى وتدوين بعض الملاحظات.
_ ها يا دكتور طمنا؟
سأله خالد بترقبٍ ، بينما مطّ الطبيب شفتيه باستياء وأجاب بحزن :
_ أنا آسف جدًا واضح أنها زي ما أنا شكّيت هتاخد وقت مش مسألة يوم أو اتنين.
_ ايه؟!
هتف كلاهما باستنكار ليكرر الطبيب أسفه، ثم تقدم خالد نحوه يسأله :
_طب يعنى الوقت ده قد إيه؟
_ الله أعلم ، ممكن شهر أو سنة أو العمر كله
اتسعت عينا عصام على مصرعيهما من حديثه فاندفع نحوها يجثو على ركبتيه، يبكي كطفلٍ صغير :
_ لا ندى عشان خاطري متعمليش فيا كده فوقي، فوقي أنا مقدرش أعيش لحظة من غيرك…
استأذن الطبيب مغادرًا في حين شعر خالد بنيرانٍ تضرم قلبه لما يحدث معهم، أمسك كتفيه يحاول تهدئته وإسناده على الأرض، ليردف الآخر بمرارة:
_ ليه يا خالد؟ ليه بيحصل معايا كده ؟ ليه كل ما أحب حد بيروح مني؟
_ ده اختبار من ربنا يا عصام ولازم تكون قده.
حديثه جعله يصمت برهةً متمتمًا باستغفار بعدما شعر بأنه اعترض على قضاء الله وقدره ، ثم ابتلع ريقه يردف بجملٍ متقطعة:
_غصب عني ياخالد … مش قادر …أنا… أنا ليا طاقة تحمل زي كل البشر وده … وده كتير أوي …و فوق طاقتي.
_ إن شاء الله خير وهتقوم منها ، ندى قوية مش هتستسلم بالسهولة دي ، مش بعد ما حبيتها هتروح وتسيبك.
حديثه المطمئن جعله يسكن من حدة انفعاله فجلس عصام الى جانب ندى مجددًا :
_ماشي يا ندى أنتِ مش بتختبري حبي بس بتختبري قوة تحملي وصبري، متخافيش هنجح، هستناكي يا حبيبتي، حتى لو العمر كله.
خرج خالد من الغرفة خائفًا أن يضعف أمام ابن عمه فيضعفه هو الآخر!
**********
حضر الجميع إلى المشفى بالصباح، وأخبرهم الطبيب بحالة ندى فأصابتهم حالةً من الحزن، إلا أن أحمد رفض أن يتركها بالمشفى، وقرر أن يجهز غرفةً طبيةً لندى داخل القصر حتى تتم شفاءها فيها .
******************
عاد الجميع إلى القصر، بعدما تم نقل ندى بسيارةٍ مجهزة على أعلى مستوى ونقلها إلى غرفة في القصر يوجد بها جميع المستلزمات الطبية التي تحتاجها.
تتوالى عقارب الساعة دون وجود حدث جديد بعائلة الدالي، ليس إلا محاولة ياسمين في إصلاح علاقتها بخالد بعدما فسدت، وتردد عصام إلى غرفة ندى على أمل استيقاظها يومًا ما، يعيد ذكرياته التي جمعته معاها، وندمه على الابتعاد عنها، يغفو بجوارها على المقعد دون أن يشعر.
***************
_ أوعي يا زفت أنت حاضن أمك أوعى
قالها خالد وهو يدفع آسر من تشبثه الغريب به، وقع آسر على الأرض يصرخ ألمًا يردد بحنقٍ:
_في حد يصحي حد كده!!
اجابه بتهكم:
_ مش أنا عملت يبقى في وبعدين فين الحد ده!
علق آسر ساخرًا من حديثه:
_ أمال أنا إيه مش بني أدم أنا!
حرك خالد رأسه بيأسٍ، يردد بصوتٍ مختنق:
_ للأسف دي اللي هموت و أعرفها جيت أزاي دي!
رفع آسر حاجبه بغيظٍ، يجيبه بغرورٍ :
_ ده أنا آسر الدالي اللي البنات هتموت عليا!
أمسك خالد بوجهه ساحبًا اياه للأسفل بعدما كاد بالصعود للسماء بشموخه الزائف، مرددًا بسخطٍ:
_طب أنزل يا خويا على الأرض وقوم ألبس خلينا نروح الشركة بدل ما عصام ينفخك.
نهض سريعًا يردد بحنقٍ:
_أنت هتقولي من ساعة اللي حصل لندى وهو بقى خلقه في رجله.
_طب قوم يا حبيبي بدل ما أجيب رقبتك!
قالها عصام وهو يقف خلفه مباشرةً، في حين فزع آسر منه، ليردد سريعًا قبل أن يركض مختفيًا من أمامه:
_ لا أنا قومت خلاص وخلصت.
تعالت صحكات خالد الرجولية وردد بشفقةٍ:
_ يا ابني حرام اللي بتعمله في الواد ده.
منحه نظرة ساخطة، وردد بغيظٍ :
_يستاهل ده غبي المهم أنا ورايا مشوار مهم فهتأخر على الإجتماع حاول تغطي عليا لحد لما أرجع.
_مشوار ايه ده؟!
اجابه على مضضٍ:
_مش عارف مايا أورورا طالبه تشوفني ليه، بتقول موضوع مهم!
تساءل بدهشةٍ:
_موضوع إيه دخ اللي مهم!!
حرك عصام كتفيه للأعلى، وقال وهو يتوجه نحو الخارج:
_دلوقتي هنعرف المهم بتاعها ده إيه.
_ربنا يستر
قالها خالد وهو يشعر بما سيحدث،فابتسم الاخير بمكر بعدما فهم ما يدور برأس صديقه، ردد خالد بسخطٍ يرفقه ضحكة مستنكرة:
_ أنت ضحكت طب أنا هجهز العقد عشان نشوف الشرط الجزائي إيه!
رفع عصام حاجبه، ثم قال بثقةٍ:
_ بالسرعة دي مش شركة الدالي اللي تدفع شرط جزائي سلام.
تنهد خالد من تفكير عصام، ثم قال:
_أنا معتش عارف أنت بتفكر في إيه!!
***************
تقدم عصام من السفرة التي يجلس عليها جميع أفراد العائلة، يردد بهدوءٍ:
_صباح الخير.
_صباح النور
اجابه الجميع بذات الهدوء، لتسترسل آمال حديثها بحنوٍ:
_ أقعد أفطر ياحبيبي.
حرك رأسه نافيًا، يردد متوجهًا للخارج:
_ماليش نفس يا ماما أنا أتأخرت عن اذنكم.
تركهم مغادرًا القصر، في حين نظرت آمال بعبوسٍ إلى أحمد مرددة بضيقٍ:
_ وبعدين يا أحمد في إللي بيحصل ده!
اجابها أحمد بقلة حيلة:
_وأحنا بإيدينا إيه نعمله غير ندعي لندى أن ربنا يقومها بالسلامة.
تدخل محمد بالحديث، يردد بأعينٍ مدمعة :
_يارب يا أحمد دي واحشتني أوي.
ربت أحمد على ذراع شقيقه بحزنٍ، متمتمًا:
_ إن شاء الله خير وهتقوم وهتبقى كويسة.
*************
خطت بقلمها داخل نوت صغيرة لها، تدون بها وصفات طعام تشتهيها ليقتحم آسر الغرفة متمتمًا:
_سها
اشاحت سها بيدها، مرددة بضيق وهي تركز انتباهها على الهاتف:
_هشش
قطب آسر جبينه بدهشة، ثم تقدم ليرى ما الذي تركز عليه متمتمًا بتعجب:
_هو أنتِ بتعملي إيه؟!
اجابته سها بسخطٍ:
_بلعب يعني أنت مش شايف أني مشغولة في كتابة وصفات للأكل.
نظر لها آسر بسعادةٍ، يردد بكلماتٍ بلهاء:
_ياقلبي بتتعلمي الطبيخ عشان تطبخي لحبيبك بعد الجواز.
رمقته بنظرةٍ ساخرة، ثم اجابته بمللٍ:
_ لا ياحبيبي عشان أدي الوصفة للشيف اللي في المطبخ تحت يعملي تغير في الأكل زهقت جدًا.
نظر لها قليلًا وعينيه تشتعلان بغيظٍ منها، وصاح بها:
_ ده أنا اللي زهقت منك يا بعيدة أنتِ إيه يابت!
نظرت له ببراءة، متمتمة:
_في إيه يا أسورة أنا كلمتك دلوقتي ده أنا بحبك.
_ كده طب هاتي حضن.
قالها آسر بحبٍ، لتهدر سها بحدةٍ:
_ أنت مجنون لا أبدًا.
علق آسر بحسرةٍ :
_ليه ياشيخة حرام عليكي ده أنا لو أخوكي مش هتعملي معايا كده!
شهقت سها بطريقة غريبة، تردد بكلماتٍ جحظت عين آسر على آثرها :
_ أنت فكرني مجنونة عشان أسيبك تحضني وفي الأخر ترميني وتقولي أنا متجوزش واحدة غلطت معها أبدًا ده لا يمكن يحصل.
اتسعت عين آسر بصدمة، ثم قال بحنقٍ من جنونها :
_ يابنت المجنونة أرمي مين وغلطت إيه أنا قولت أنك هبلة محدش صدقني تعالي هنا والله لأخلص عليكِ ده أنتِ كتلة تخلف ماشية على الأرض تعالي.
ركضت سها تصرخ بشدة قبل أن يمسك بها آسر تردد وهي تقترب من أحمد الدالي:
_ إلحقني يا خالو إبنك هيموتني!
نظر محمد لآسر الغاضب، يردد بتعبٍ من أفعاله اللامنتهية:
_ إيه يا آسر في إيه يابني؟!
أمسك خالد آسر مثل كالقنفذ، ليهدر به بعنفٍ:
_ أنت لسه بتهبب أيه هنا.
حاول آسر الإفلات من يده وهو يصيح بمن تركض أمامه:
_خدي يابت تعالي هنا.
أمسكه أحمد من رقبته، ثم قال بحدةٍ:
_ أحنا مش عجبينك يالا.
توتر آسر من خالد الذي يمسكه من الخلف، وأبيه ليجيبه بكلماتٍ لا تتناسب مع الموقف :
_عيب يا أبو لهب المسكة دي أنت عشان بس قد أبويا كان زمانك متعلق في السقف.
تعالى صوت سهير متسائلة بدهشة :
_في إيه بس هي عملت إيه؟!
اجابها آسر بضيقٍ
_ الحيوانة بقولها هاتي حضن بتقولي عشان ترميني وتخلى بيا، من حضن أمال لو قولتلها هاتي بوسة هتعمل إيه، هتقوليوهترميني أنا و إبنك اللي في بطني!!
واستطرد بغيظ:
_ يا غبية والله لأخلص عليكِ النهاردة عشان أرتاح من غبائك.
أداره خالد له يمسكه من رقبته، يردد بغيظٍ من غبائه:
_ بقى بتقولها هاتي حضن وبوسة وبتسيح وبتتكلم عادي كده.
_ أديله يا خالد الواد ده هيجبلي الضغط
قالها أحمد وهو يجلس على المقعد بتعبٍ، في حين ردد آسر بعتابٍ:
_ عيب كده يا والدي تكذب و أنت في السن ده فين الضغط اللي جالك ده.
رفع أحمد سُبابتيه يردد بدعاءٍ:
_صبرني يا رب.
جذبه خالد من تلباب قميصه، يردد بتوعدٍ:
_تعالى بقى يا خفيف!
****************
جلس عصام بثقةٍ أمام مايا، التي استقبلته بطريقٍ غريبة، مرددة:
_ أهلا عصام لقد سعدت لقبولك لدعوتي.
اجابها عصام برسميةٍ :
_ أنا أيضًا آنسة مايا.
علقت مايا بمكرٍ:
_ بإمكانك أن تناديني مايا دون ألقاب.
رفع عصام حاجبه، ثم قال بوضوحٍ :
_دعينا نتحدث عما أخبرتني به عبر الهاتف!!
نظراتها كانت وقحة لا تتناسب مع فتاة، تردد بصوتٍ ماكر :
_ سمعت ما حدث لخطيبتك!
سألها ببرودٍ:
_وماذا سمعتي؟!
اجابته وهي تحتسي مشروبها:
_ أنها في غيبوبة هل هذا صحيح!
_ولماذا يهمك أمر خطيبتي!!
نهضت مايا تتقدم من المقعد الموجود جواره، تردد بوقاحةٍ:
_ عصام أنا أحبك وأرغب بك!
انتفض من مكانه، وأبعد يدها عنه مهدرًا بغضبٍ:
_الأفضل لكِ أن تختفي من وجهي وإلا سأنسى أنك فتاة وسأبرحك ضربًا.
اشتعل الغضب بعينيها بعدما أوضح رسالته برفضها، لتتمتم بحدةٍ :
_هل جننت كي ترفض فتاة مثلي!
جذبها بقوةٍ من شعرها يردد بهمسٍ مخيف:
_أنتِ من جُن هنا، ولا تنسي مع من تتحدثين بصوتك اللعين هذا.
تركها كي يغادر ولكن ارتفع صوت مايا الصارخ:
_نحن نرفض العمل مع شركتكم!!
ضحك عصام ببرودٍ يجيبها:
_و أنا أقبل وأنهي أنا العقد بنفسي.
***************
_ ها عملت إيه
قالها خالد بتوترٍ بعدما عاد عصام من تلك المقابلة، ليجيبه عصام بضحكٍ :
_ زي ما أنت توقعت.
رمقه بنظرةٍ مستائة، يردد بحنقٍ:
_ يا ساتر عليك.
علق عصام بضحكٍ لا يزال عالقًا به :
_ إيه يابني أنا إيه ذنبي!!
ربت خالد على كتفه، يردد بغيظٍ :
_ طب يالا نرجع القصر.
قطب عصام جبينه، يتطلع للساعة، ثم قال بدهشةٍ :
_بدري كده ليه؟!
أجابه خالد بتوضيحٍ:
_ بابا لسه مكلمني وقالي أجيب آسر وحضرتك ونرجع.
حرك رأسه في إيجابية ثم قال وهو يتحرك معه:
_ أوك تعالى نشوف في ايه.
****************
وصل كلًا من خالد وعصام إلى القصر، ليجلس كلاهما بالمكتب، فتساءل خالد بتعجب :
_ في إيه يا بابا حضرتك طلبتنا ليه؟!
اجابه أحمد بهدوءٍ:
_ أنا اللي طلبتكم يا ولاد!!
تعجب عصام من طلب والده، ليردف بتوجسٍ :
_ليه في حاجة؟!
حرك أحمد رأسه في نفي، يردد ببسمةٍ صغيرة علت ثغره:
_ لا يا ابني مقعدناش مع بعض من زمان زي الأول فقولت أجمعكم بدل ما كل واحد بيجي على النوم.
ردد آسر بسعادةٍ :
_والله الراجل ده عسلية.
منحه أحمد نظرة حادة، يردد بغيظٍ:
_إحترم نفسك يا حيوان.
ضرب عصام شقيقه من مؤخرة رأسه متمتمًا :
_عسلية إيه قاعد مع بياع طماطم يا غبي!!
رفع يده في الهواء مستسلمًا، يردد بخوفٍ:
_ أحنا أسفين يا صلاح.
أمسكه خالد يعيده مكانه مجددًا، يردد بسخطٍ :
_طب أقعد وأنت ساكت.
وبالفعل جلس الجميع يتبادلون الحديث، حتى إقتحمت سها المكان وهي تركض مرددة:
_خلاص يا ياسو آسفة.
انتفض محمد من مكانه، يردد بدهشة :
_ في ايه يا ياسمين في إيه يا سها!!
اجابته ياسمين وهي تلهث:
_ سها مسحت الصور بتاعتي من على اللاب.
تعجب أحمد من فعلت سها، ليسألها بدهشةٍ :
_ليه كده يا سها!!
مطت شفتيها باستياء، تجيبه بتذمرٍ:
_مش عجباني يا خالو الله!!
صرخت بها ياسمين بغيظٍ مرددة:
_ و أنتٍ مالك يا باردة
تعالى ضحك آسر يردد بسعادةٍ :
_ طلع في حد معترف أنها باردة غيري عسل ياسو البت دي عايزة تتروق.
تمتمت سها بحزنٍ مصطنع:
_صورك فيه شبه الغوريلا.
منحتها نظرة مغتاظة وتركتها وصعدت للاعلى بغضب، في نفس وقت صعود خالد للاعلى، لحقت بها سها تحاول ايقافها، فالتفتت اليها تحذرها:
_لو جيتي ورايا هقتلك صدقيني.
التوت قدميها بسجاد الدرج وكادت بالسقوط فحال خالد بينها وبين سقوطها سريعًا، احاطت رقبته بيدها فهامت الاعين ببعضها البعض، حاول أن يتقمص دور القاسي باجتياحٍ،فخانته عواطفه أصبح القلب سلطان الموقف، خشي أن يضعف أمامها فعاونها على الوقوف وغادر لغرفته على الفور، تابعته وهو يهرب من أمامها،رافضًا لمشاعره الصريحة لها، اتبعته ياسمين وولجت لغرفته خلفه تسأله بانكسار:
_ لأمته!!
نظر لها بعدم فهمٍ لما ترمي إليه ولكنه همس بهدوءٍ:
_هو إيه اللي لأمته!!
اجابته بغيظٍ:
_المدة!
علق خالد مجددًا بسؤالٍ:
_ مدة إيه؟!
أدمعت عين ياسمين بألمٍ تجيبه بصوتٍ مبحوح :
_العقاب مدة عقابك ليا هتنتهي أمته يا خالد، أنت المفروض أكتر واحد لازم تحس بيا وباللي عشته!
نهض خالد من مكانه بعدما رأى دموعها المنهمرة، ليردد بتوترٍ :
_ياسمين أنا..
قاطعته بصوتٍ متألم :
_ حرام عليك يا خالد اللي بتعمله فيا ده أنا حاسة إني هموت!!
اوقفها عن استكمال حديثها مرددًا بحزنٍ ممزوج بلهفةٍ يخشى حزنها:
_ بعد الشر!
انهمرت دمعاتها بقهر، فدنى منها يزيحهما، رفع وجهها اليه ثم قال:
_صدقيني غصب عني كنت موجوع أوي و أنا شايفك خايفة مني، محبتش أشوفك بتتعذبي بسببي فبعدت أنتِ غالية أوي يا ياسمين.
ابتسمت من بين دموعها، تردد وهي تزيلها برقةٍ :
_أنا بحبك.
اجابها بحبٍ :
_وأنا بعشقك وبعشق كل تفاصيلك.
انزوت باحضانه وهمست إليه وهي تزيح دمعاتها
_يعني هتلبس الدبلة؟
اجابها بصوتٍ حنون يحمل بطياته الحب :
_مستعد أتجوزك دلوقتي لو عايزة!
همست ياسمين بخجلٍ :
_خالد..
ضحك على ملامحها ليردف وهو يمسك الخاتم الخاص به:
_ خلاص هلبس الدبلة، مبسوطة؟
حركت ياسمين رأسها بسعادة متمتمة:
_ جدًا.
اخرجت قلادتها التي ترتديها وتخفيها أسفل حجابها، تنزع عنها الخاتم الخاص به، ليتعجب خالد من احتفاظها الغريب بخاتمه، فزحف الندم لقلبه ما أن علم بمدى حبها له وكم العذب الذي تلقته، وضعته ياسمين باصبعه ونظراتها تهزم كل جوارحه تدريجيًا.
….. يتبع…..
[٣/‏١٢ ٨:٥٩ ص] نودي: (الفصل الثاني والعشرون)

شهق آسر بطريقةٍ درامية وسقط على الأرض تدريجيًا وهو يقول بنبرةٍ يقلد بها مشهدًا من أحد الأفلام القديمة:
_ خيانة؟! ياسمين وخالد ، آه قلبي، هموت ليه كده يابنتي؟ ليه تعملي في أبوكي كده؟ حطيتي رأسنا في الطين.
حدجه خالد بسخط، وأردف بتهكمٍ:
_أيه الفيلم المحروق اللي أنت عايشه ده؟
فتح الآخر إحدى عينيه بعدما أغلقهما متسائلًا بجدية :
_محروق؟!
حركت ياسمين رأسها مؤكدةً حديثهما، لينهض الآخر عن الأرض، وحمحم بحرجٍ مصطنع:
_أحم ، مش تقول ياخلّود سيبتني أعيش الدور!
_ لا يا خفيف ده أنا سبتك تجيب آخرك عشان أما أضرب أضرب بضمير.
قال خالد بسخريةٍ، فاتسعت عينا آسر بعدها عندما سمع كلمة تشمل بها ضربه المبرح، وأخبره قبل أن يلوذ بالفرار .
_هو فيها ضرب؟
هرب من أمامها ، فنظر كلاهما إلى الفراغ، وكأنه لم يكن له وجود من الأساس، سُلطت ياسمين نظرتها إلى خالد وهمست باسمه قائلة :
_خالد
نظر إليها بعشقٍ كاد أن يوئده ليعود مجددًا للحياة و أجابها:
_قلبي وروحي!
همست له بعشقٍ يتربع بحدقتيها:
_ متبعدش عني تاني، أنا بحبك وأنت عارف ده كويس.
غمز لها بمكرٍ:
_ أيوه عارف إنك واقعة من زمان أيه الجديد!
زمجرت بغضبٍ :
_ أنا غلطانة أني واقفة معاك ، سلام..
هتف معتذرًا، وهو يلحق بها:
_طيب أقفي نكمل كلامنا.
لم تنصاع إليه، فقال بضحكته الجذابة:
_خلاص أنا آسف، أنا اللي واقع مرضية كده؟
منحته ابتسامة إنتصار، وأشارت على استحياء:
_ هروح أقعد مع ندى شوية.
_ أنا كنت عندها ولقيت عصام كالعادة قاعد جانبها
وبحزنٍ استطرد:
_وحشتني أوي!
ذكرها بصوتٍ غلب عليه الحزن لحال أخته وابن عمه، فتجمعت الدموع بمقلتيها تأثرًا بهما، ورددت:
_ وأنا يا خالد ندى أختي وأقرب صديقة ليا، حاسة من غيرها إني وحيدة دي كل حياتي .
هز رأسه بتفهمٍ لمعاناتها، متمتمًا بحنان:
_متوجعيش قلبي بدموعك دي.
وبتضرعٍ استرسل:
_إن شاء الله هتقوم وهتبقى زي الفل.
هزت رأسها إليه وغادرت غرفته قاصدةً غرفة ابنة عمها وصديقة طفولتها، فوجدتها كما هي لا حركة، فقط السكون يخيم الغرفة لم تعتاد على ذلك فلطالما كانت الغرفة مليئة بجميع ألوان الحياة، جلست على كرسيٍّ مقابلها وقالت بحزن :
_ بردو يا ندى مش هتقومي؟ أنا زهقت والله من غيرك وحشتني، قومي عشان خاطري، في حاجات كتيرة عايزة أحكيلك عليها، أنا من غيرك وحيدة!
شعرت بيدٍ توضع على كتفها التفت خلفها فوجدت عصام قبالتها ، وقفت تحتضنه بقوةٍ، وعيناه منتصبتان على محبوبته التي لا حول لها ولا قوة، فربت بحنان على شقيقته، وهمس لها :
_ هتقوم يا حببيتي إن شاء الله هتقوم.
_ هتقوم أمتى وحشتني أوي!
سألته وقد فرغ صبرها لطول الانتظار، في حين ركّز الآخر على ملامحها الساكنة على الفراش وقال بشوقٍ :
_ وحشتنا كلنا يا ياسمين .
طرقات الباب الخافتة انطلقت لتقطع حديثهما، فأشار عصام للطارق بالدخول، ليدلف آسر مقتربًا منهما، وتساءل :
_ندى عاملة إيه مفيش جديد ؟!
أشارت ياسمين بحاجبيها إليه بانكسارٍ، ليخيم عليه الآخر الحزن بشدة، خاصةً أنه لا يفرق بمعاملته لها عن شقيقته، فانتقلت حدجتيه لياسمين بحزنٍ حينما رأى أثار البكاء يحاوط عينيها، فحاول أن يمازحها:
_ بت أنتي كل ما أخش حته ألقيكِ في حضن حد إيه مش بتضيعي وقت؟ شوية أحمد وشوية خالد ودلوقتي عصام ؟
ضيق عصام عينيه بغضب، فجذبه إليه متسائلًا بصدمة:
_أحمد مين يا حيوان؟
أجابه آسر ساخرًا وهو يحارب الخلاص من بين يده:
_ أبوك .
احتدت قبضته عليه وهو يصيح به بانفعال:
_ أحمد ده بيلعب معاك!
_ أنت متنرفز ليه؟ فعلا بيلعب معايا عارف ايه؟
أزاح آسر يدي أخيه عنه وهو يسأله، بينما حرّك الآخر رأسه يبحث عن جواب ، فضحك آسر وهتف :
_ بيلعب باليه.
أغمض عصام عينيه يكتم غيظه ، و قال بقلة حيلة:
_هموت و أعرف كميه البرود اللي في دمك دي منين؟
أعدل من جرفاته، وجلس على المقعد واضعًا ساقًا فوق الأخرى بغنجهيةٍ وهو يتابع:
_هقولك الطريقة، كوباية مية مثلجة الصبح على غير ريق و واحدة زيها باليل..
كور يده وهوى إليه بلكمةٍ أسقطته عن المقعدٍ،فزحف راكضًا للخارج بعدما تأكد من خروجه التام عن طور هدوئه.
ارتفعت صوت ضحكات ياسمين الشامتة، وحمسته قائلة:
_إديله هو يستاهل كل خير.
جذبها من تلباب بيجامتها وهو يردد بتوعد :
_ لا دورك جاي، تعاليلي.
_ ليه عملت إيه ؟!
سألته وقد مطّت شفتيها بحزنٍ ليقترب منها وقد ضيق عينيه وقال محللًا بجديةٍ تامة :
_ أنا ملاحظ أنك واخدة راحتك على الآخر مع خالد.
_ لا والله… ما عملتش حاجة.
أجابته بتلعثم تبين سوء شكوكهم، فابتسم إليها يتمتم بحمدٍ سمعته، لتضيق عينيها وسألته بحنق:
_ أنت بتتريق عليا.
أعادها بين أحضانه بقوة ، ويده تمسد شعرها قائلًا :
_لا يا حبيبتي ، أنا بضحك معاكي، وواثق فيكِ جدًا، والأهم من كده ثقتي الكبيرة في خالد أو بالمعنى الأصح بابا وعمي واثقين في تربيتنا، عشان كده قعدنا السنين دي كلها في نفس القصر متقسمناش ، عشان بينا ثقة.
شعر بحاجته للبقاء بمفرده، لن ترى ضعفه، فابتعد مغادرًا الغرفة، في حين تقدم آسر وقد رأى ما حدث، ليجذبها في حضنه وقال بحنق:
_ اشمعنا أنتم تحضنوا و أنا لا ؟ دي أختي.
كان بطريقه ليطمئن على ندى، فوجد آسر يحتضن ياسمين بقوة، اقترب منهما وحاول فصلها عنه قائلًا بغيرته :
_شيل إيدك من عليها يا حيوان.
لم يلقي له بالًا وكأن عبارته زادته عنادًا ليشدد من ضمِّها، اقترب خالد يجذبها منه وقال بحدة:
_ شيل إيدك بقولك.
وغمغم بسخطٍ:
_وأنتِ ياختي مصدقتي ؟
ضحك آسر بسخرية تبعها نظرةً غامزة لياسمين وقال :
_ مجنون، أنا غيرت رأيي يا ياسو الواد ده حيوان وكل يوم مع واحدة شكل، حتى لسه قفشه مع واحدة من شوية مش فاكر كان اسمها إيه… آه مايا اورورا .
_ آه يا كلب.
سبةٌ لاذعة تمتم بها خالد بغضب ، أما ياسمين فاتسعت عيناها بصدمةٍ، ليردف آسر كاذبًا :
_ أيوه دي كانت هتموت وتتجوزه وقالتله سيب خطيبتك وأتجوزني قالها ولو عايزني أموتها هموتها.
دفعت ياسمين خالد بكفيها وقالت :
_كده… طب أديني دبلتي.
_أنتِ هتصدقيه ده غبي ؟ والله مش أنا دي كانت عايزة تتجوز عصام مش أنا.
ابتسم آسر ساخرًا وقال بلكنةٍ مشابهة لسيدات القروية بعد أن مصمص شفتيه :
_شوفي الواد، بيرمي التهمة على عصام الغلبان.
نظرت إليه ياسمين بغضب ثم انسحبت من الغرفة، توعد خالد لآسر بقوله:
_والله يا آسر لأموتك.
وذهب ليلحق بها، أشار آسر إليه بيده مستفزًا إياه دون أن يرى الأسد الذي يقف خلفه :
_ياشيخ إتلهي كل شوية تقولي هموتك هموتك و أديني أهو عايش ومية فل وعشرة.
وبمجرد ان التفت كان مرفوعًا في الهواء فخاطبه عصام بحدة وهو يقبض على ذراعيه بعدما رفعه للأعلى:
_ عرفت منين أن أنا كنت مع مايا أورورا ؟!
_ الله الدنيا حلوة أوي من فوق.
هتف آسر ببلاهة، مستفزًا الآخر فزجره بغضب :
_ آسر أنا مبهزرش.
أجابه سريعًا ليتفادى غضبه:
_سمعتك و أنت بتتكلم مع خالد و استنتجت على طول هي عايزة إيه من ذكائي.
دفعه عصام أرضًا وهدر بانفعالٍ:
_أنا أتخنقت منك… اطلع بره
ابتعد آسر وفتح باب الغرفة ليخرج ، لكنه التفت إليه وهتف بسخرية :
_ لو مش عاجبك طلقني ، طلقني يا حيوان.
ركض من خلفه بغضبٍ مقتاد، فهرول الأخير صافقًا من خلفه الباب، هدأت شرارة انفعالاته،وعاد لمقعده القريب منها مجددًا، يراقبها بنظراته العاشقة، مال عصام برأسه تجاه الفراش وهمس بآنينٍ يذبح فؤاده:
_وحشتيني أوي يا عمري، أنا أتأخرت عليكِ النهاردة آسف يا حياتي كان عندي شوية شغل وكنت بخلصهم مع بابا في المكتب وجيتلك على طول .
واسترسل بحبٍ يلمع بمُقلتيه:
_ حتى وأنتِ نايمة زي الملاك!
لمع الدمع بحدقتيه رغمًا عنه،فنقل لصوته المختنق:
_ أنا حياتي من غيرك وحشة أوي حاسس إنها ضلمة، مشتاق لنورك في حياتي ارجعي يا ندى ارجعلي أنا من غيركِ وحيد..
ودفن رأسه بالفراش يجاهد ما يعتريه، هامسًا بخفوتٍ:
_ أنا مكنتش متخيل أني هحبك كده ندى أنا وافقت أني أتجوزك عشان محسش بالذنب تجاهك لأني كنت عارف أنك بتحبيني بس لما قربت منك حبيتك ، بعشق ابتسامتك، صوتك، عيونك، أنتِ كلك وحشتيني، عشان خاطري ارجعي .
وختم حديثه بقهرٍ وعذاب لم تسعفه كلماته بشرحها:
_أنا حاسس إني عايش من غير روح أرجوكِ رجعيلي روحي.
سكونها الغريب هذا يقتله، يزيد من ألمه، رفض بقائه جوارها لأكثر من ذلك، فتوجه للخروج، فتصنمت قدميه محلها، حينما تردد إليه همساتها الخافتة:
_ع.. ص.. ا.. م
حروف اسمه يسمعها تتردد بخفوتٍ، لا يميز صوتها بعد غيابٍ، تراه أصابه الصم، هل نادته ؟ أم يتوهم ذلك.
_عصام
تكرر ندائها مجددًا بصوتٍ أكثر وضوحًا ، سيطر الخوف عليه لدرجة جعلته مترددًا أن يستدير، إستدار ببطءٍ للخلف،فصعق حينما وجدها مازالت غافلة، ركض نحوها بلهفةٍ وشوق. فهمس بنبرته الملتاعة :
_أنا مش بتوهم صح؟ ، أنتي نادتيلي!
فتحت عينيها بتثاقلٍ، حتى اعتادت على ضوء الغرفة، فانحنى تجاهها يردد ببكاءٍ :
_ كده يا ندى تعملي فيا كده؟ قلبي كان هيقف من الخوف عليكِ.
تحرر لسانها عن مخضعه، مرددة:
_ أنا آسفة.
ابتسم لها بحبٍ، وعينيه تلتمعان بالدموع، لتردف مجددًا بضعف:
_ عصام.
ترنح اسمه بين شفتيها لثالث مرة ،جعلته ينظر إليها ولعينيها التي اشتاقها، وأجابها بعشق :
_قلبي،وعمري وحياتي!
ابتسامتها الشاحبة زينت وجهها المرهق وهي تسأله:
_كل ده؟
_و أكتر من كده.
منحها الجواب بسرعةٍ ثم همس لها:
_ أنتِ كل حاجة مش بس روحي!
*****************
سارت بخطواتٍ هادئة نحو غرفة ندى، تعلم أن شقيقها يبقى معاها لوقتٍ طويل، دلفت للغرفة تردد بهدوءٍ:
_عصام بقولك..
اتسعت عين ياسمين بصدمةٍ، ثم أدمعت عينيها سريعًا صارخة بحماسٍ:
_ ندى حبيبتي.
ركضت إليها سريعًا ترتمي باحضانها تتمتم بصوتٍ باكي:
_ ندى وحشتني أوي يا حبيبتي.
ضمتها ندى بحبٍ تردد بصوتٍ مرهق:
_ وأنا كمان ياسو.
نظرت لها ياسمين، تردد بسعادة وهي تنهض:
_ أنا هروح أقولهم أنك فوقتي.
ركضت ياسمين كي تخبر الجميع، في حين علت البسمة وجه عصام بعد هذا المشهد يردد بحبٍ:
_حمدلله على سلامتك يا قلبي.
نظرت ندى له محاولة الاعتدال بجلستها، تردد بمحاولةٍ للتذكر:
_ هو إيه اللي حصل أنا آخر حاجة كنت فاكرها لما…
اختنقت الكلمات بحلقها، تتذكر ما حدث معها، انهمرت الدموع منها بغزارة، يرتجف جسدها من تذكر هذا التابوت الذي وُضِعت به، شعر عصام بألمٍ من رؤيتها تبكي هكذا ليردد بحزنٍ محاولًا اخفاؤه بكلماتٍ حنونة:
_ متخافيش أنا جانبك ومش هسمح لحد يأذيكِ يا عمري أنا أسف أنا وعدتك أني أحميكِ وفشلت في ده.
حركت ندى رأسها في نفي، تتمتم بصوتٍ مبحوح :
_ أنت اللي انقذتني من الموت
منحها بسمةً هادئة يردد بحنوٍ:
_المهم أنك رجعتيلي في الأخر.
اقتحم آسر الغرفة بسعادة جالية، يردد بحماسٍ :
_ إندوش حبيبة قلبي حمدلله على سلامتك وحشتني أوي يابت.
تعالت ضحكات ندى وقالت من بين ضحكاتها بايجازٍ:
_ الله يسلمك.
دفع آسر عصام ثم جلس على مقعد جوارها، يردد بسعادة:
_ في حاجات كثير أوي فاتتك لازم أحكيلك عليها.
ضحكت ندى بشدة على طريقته التي تعشقها، لتردد:
_ احكي يا أسورة.
كاد أن يتحدث ولكن نظرة قاتلة من عين عصام جعلته ينهض من مكانه يتمتم بتوترٍ:
_ خلاص يا ندوش بالليل أجيب فشار وأجي أحكيلك للصبح.
_ماشي هستناك
قالها بعدما أومأت برأسها، ليردد آسر ببلاهةٍ:
_عسل يا نادو ما تجيبي حضن بقى.
جذبه عصام بقوةٍ، وهو يردد بحدةٍ:
_ تعالى وأنا أحضنك انا.
اتسعت عين آسر بصدمةٍ، ليردد بتهكم :
_وعلى إيه ياعم سلام، كتك نيلة وأنت شبه كركر كده.
***************
_ بابي بابي عمي يا عمي أنوا فين!!
أشار لها محمد من داخل المكتب بأن تدلف للداخل يردد بحبٍ:
_ تعال ياحبيبتي أحنا في المكتب..
دلفت ياسمين إلى الداخل لتجد أحمد ومحمد وخالد يجلسون معًا، تمتم خالد بتعجبٍ:
_ في اية يا ياسمين، عامله الدوشة دي كلها ليه؟!
اجابته ياسمين بسعادة :
_ ندى فاقت!!
انتفض محمد مكانه يردد بصدمةٍ:
_ إيه بنتي!
ركض نحو الأعلى في سرعة لا يعلم من أين أتت، يدلف للغرفة سريعًا..
**************
دلف آسر إلى غرفة آمال حيث تجتمع هي وسهير وسها سويًا، ليردف آسر بمزاحٍ:
_مولة إيه ده ده سهير وسوسو هنا.
رددت سهير بحزم :
_ ما تحترم نفسك يا واد أنا بلعب معاك.
عوج آسر فمه، متمتمًا :
_ياريت تعرفي تلعبي معايا لكن أنتي خلاص بالعمر ده محتاجة لعكاز
حدقت آمال إلى آسر بحنقٍ، ثم رددت بضيقٍ :
_ آسر أحترم نفسك أصل أقول لعصام يأدبك.
اشاح بيده في حنقٍ، يتمتم وهو يغادر الغرفة :
_ ولا تقولي ولا أقول خسارة فيكم الخبر اللي جاي عشان أقول ليكم.
اوقفته سها بفضولٍ متمتمة :
_خبر إيه يا آسر!
اجابها بلامبالاة:
_ندى فاقت.
اتسعت عين آمال بصدمة، مرددة:
_ إيه؟!!
اغرورقت حدقتي سهير بالدموع، تتمتم بصوت باكي:
_الحمد لله!
ركض الجميع إلى غرفة ندى في حين نظر لهم بغيظٍ، وردد بصوتٍ مغتاظ:
_ اتفوخس على دي عيلة بدل ما يحلولي بوقي راحين يجروا على ندى يالا لما أروح أغير هدومي
**************
سعادة علت وجوه الجميع بعدما استيقظت ندى، الجميع يجتمع بغرفتها، وردد آسر بمزاحٍ:
_ إيه يا جماعة قولنا الاختلاط الكتير غلط، أنتوا مبتفهموش غير لما حد متخصص اللي يقولكم الكلام ده ولا أيه.
وتساءل بحيرةٍ:
اجابته ياسمين بضحكٍ:
_في حزب دلع كرشك، وهتلاقيها تحت على ايدك الشمال بتقتحم الأكل!
نظر آسر إلى الساعة ثم ردد بتعجبٍ :
_ بس لسه ربع ساعة عن الغدا!
ربتت سهير على كتفه، تتمتم بضحكٍ:
_هي الحمد لله مش بتزعل حد هتلقيها بردو على الغدا أول واحدة.
اتسعت عين آسر بصدمة، يردد بفزعٍ :
_ لا الموضوع ده لازم يوقف لحد كده ده زاد أوي!
هبط للاسفل ومن ثم اتجه نحو المطبخ ليجد سها تجلس على المنضدة في المطبخ وأمامها جميع أصناف البيض، صُدم آسر مما تفعله، ليردد بصدمةٍ :
_ إيه كل ده
اجابته سها وهي تلوك الطعام بفمها:
آسر تعالى كل دي تصبيرة.
جحظت عين آسر بصدمة، وأردف بتلعثم :
_كل ده وتصبيرة!
اجابته سها ببراءة قبل أن تدس الخبز بالبيض:
_ده بيض بس.
_ كل ده وبس يا مفترية!
قالها بغيظٍ، في حين رددت سها بتذمر:
_ أنا بمووت في البيض الله.
علق على حديثها بسخطٍ:
_اللي بيحب البيض بيأكل 2 أو3 مش نص طبق بيض!!
عبست ملامحها بضيقٍ، تتمتم بصوتٍ غير واضح من الطعام الذي ملأ فهما:
_الله بلاش أكل يعني عما الغدا يتحط!
رفع آسر حاجبه باستنكار، يردد وهو يشير على الأطباق:
_ أنتِ لسه هتتغدي!
تذمرت سها بضيقٍ متمتمة:
_ أمال أموت يعني من قلة الأكل
نزع آسر حزامه، وهو يردد بتوعدٍ:
_مش هتلحقي لا غدا ولا عشا!
اتسعت عين سها بخوفٍ ثم ركضت تفر هاربة، في حين لحق بها آسر ولكن توقف أمام الطاهي يردد وهو يجذب الملعقة من يده:
_ إيه دي!!
اجابه الطاهي بهدوءٍ :
_مغرفة يافندم.
نالت استحسان آسر، ليردف وهو يقيمها:
_ أنت هتفتي يا عم متقول معلقة كبيرة وتخلصنا!
أكمل ركض خلف سها يمسك بالحزم بيد والأخرى تحمل تلك الملعقة الكبيرة، صرخت سها بخوفٍ:
_ الحقـــــــــــوني
هدر آسر بحنقٍ :
_ والله لأخليكي تجري لحد ما تخسي خالص يا أنا يا أنتِ.
وقعت أرضًا فابتسم آسر بتشفي وهو يكيل لها الضربات، لتصرخ سها بألمٍ:
_ ألحقوني!!
***************
_ ألف سلامة عليكي يا نادو
قالتها سهير وهي تضم ندى إلى صدرها بحبٍ، في حين اكملت آمال بحبٍ :
_والله القصر كان مالوش طعم من غيرك.
ابتعدت سهير قليلًا، ليتقدم منها أحمد يأخذها بأحضانه في احتواء، متمتمًا بزفيرٍ يحمل الراحة:
_ الحمد لله.
أمسك عصام ذراع والده يردد بصوتٍ يحمل الغيرةً :
_مش كده يا والدى!
ضحك الجميع على غيرة عصام الظاهرة، بينما توردت وجنتي ندى بخجلٍ ممزوج بسعادو
استمع محمد لصوت سها تصرخ، يردد بدهشةٍ :
_ايه الصوت ده!!
تقدم أحمد كي يغادر من الغرفة متمتمًا بغيظٍ:
_ أكيد الحيوان آسر بيضربها!
اوقفه محمد كي لا يفقد أخر ذرة بعقله، ليردد متجه ببصره نحو عصام :
_ طب أنزل يا عصام يابني شوف في إيه!
زفر عصام باختناقٍ، يتمتم بصوتٍ محتقن:
_أنا زهقت من الإتنين دول!
_ الواد هيموتني الحقوني!!
على صوت سها بهذه الكلمات، في حين ردد خالد بيأسٍ :
_ تعال يا عصام نشوف في ايه؟
ضحكت ندى بخفوتٍ تردد:
_ سها حرام!
ابتسمت ياسمين بتشفي تردد بغيظٍ:
_سبيه يأدبها دي عاشر مرة تأكل النهاردة.
علق أحمد بضحكٍ:
_ نفسي أشوفها في وقت مش بتاكل فيه.
أكملت آمال هي أخرى بضحكٍ:
_ آسر هيجراله حاجة منها.
ردد أحمد بتهكمٍ:
_ ياريت عشان نخلص منهم الإثنين.
************
ألحقوني!!
قالتها سها بتعبٍ بعدما ركضت لوقت طويل، ليتساءل آسر بدهشة:
_ قعدتي ليه؟!
_معتش قادرة أجري.
قالتها وهي تحاول التقاط أنفاسها بصعوبة من الركض، ليرفف آسر بغيظٍ:
_ كويس تعالي بقى!
هبط بالملعقة على ذراعها، فصرخت وهي تحاول الفرار منه، تقدم عصام منهما، يردد بدهشةٍ من استسلام سها للضرب:
_ إيه اللي بيحصل هنا ده!
نهضت سها بصعوبةٍ، تركض نحو عصام وخالد متمتمة بتعبٍ:
_ الحقوني إن شالله يخليلكوا عيلكوا.
علق خالد ببسمةٍ حالمة، يشرد بزوجه من ياسمين :
_مش عارف ليه بحب الدعوة دي!
لكزه عصام بغيظٍ، يردف بتهكمٍ :
_إحنا في ايه ولا في إيه!!
تقدم آسر منهما يردد بحنقٍ:
_تعالي هنا والله لتضربي!
أمسك خالد بالملعقة، يتساءل بدهشةٍ :
_ إيه دي!
اجابه آسر بعدما مط شفتيه باستياء لنسيانه اسمها:
_ أنا أعرف لقيتها في المطبخ بس شكلها حلو.
هبط بها خالد عليه، ليصرخ آسر بألمٍ متمتمًا :
_ آآه بتوجع ياحيوان.
عاد خالد يضربه مرة أخرى، لتردف سها بتشفي:
_أيوه كده هاتولي حقي من الظالم ده! شوفت يا آسر طول ما السلف موجد مش هتعرف تعملي حاجة.
علق عصام بتعجبٍ:
_ إحنا هنجبلك حقك وكل حاجة بس ايه سلف دي؟!
اتسعت خالد بصدمة، يردد:
_ أوعي تكون شتيمة يابت!
وضع آسر يده موضع الضرب ليصرخ بألم شديد :
_ آآه.
نظر له الأثنان، بصدمةٍ، ليتراجع آسر بخوفٍ يجيب:
_ والله ما أعرف حاجة!
ضحكت سها على طريقتهم لتجيبهم :
_ هفهمكم بصوا مش أنتم أخوات جوزي المستقبلي قولوا إن شاء الله!
حرك آسر رأسه في نفيٍ:
_ إن شاء الله لا لا لا.
حدجه خالد بنظرة مغتاظة كي يصمت، ثم ردد وهو يسلط بصره على سها :
_كملي.
أكملت سها بلهجة صعيدية:
_حدانا في البلد أخو البعل يبقى سلف.
نظر لها عصام بحنقٍ، ثم قال وهو يبتعد :
_بعل آسر خلص عليها.
صرخت سها بخوفٍ تركض خلفه
_ لا لا.
تمايل آسر متغندجًا:
_تبقى معدية لأ لأ… وتبص عليا لأ لأ.
امسك عصام برأسه، يضع يده على أذنه مرددًا بألمٍ:
_ يخربيتك ودني أنتِ مركبة ميكروفون في صوتك.
أشار لها خالد بضيقٍ متمتمًا:
_ اطلعي على أوضتك يا سها احنا بنعتذر للازعاج.
_ الغدا جاهز يا عصام بيه
قالتها هنية تقطع حديثهما، لتصفق سها بيدها قائلة بحماسٍ:
_أشطا يالا عشان نتغدا.
اتسعت عين آسر في صدمة، في حين اشارت له سها قائلة
_يالا يا أسوره يا حبيبي.
تلاشت علامات صدمته سريعًا ما أن استمع لتلك الكلمة وردد بهيامٍ :
_ ما تجيبي حضن بقى.
رمقته بنظرة مستنكرة، تردد:
_ لا يا خفة لما نتجوز!
**************
_أنا عايــــز أتجوز
ارتفع بها صوت آسر، فأفزع الجميع على السفرة، فصاح محمد بعصبية بالغة:
_في إيه يابني خضتنا!
نظر آسر لأحمد برجاءٍ، متمتمًا :
_ أنا عايز أتجوز يا أبو لهب بدل ما اتجوز على نفسي.
نظر خالد إلى آسر ثم قال وهو يوجه بصره إلى أحمد :
_ أول مرة تقول حاجة صح.
واستطرد بارتباكٍ:
_احنا عايزين نتجوز ياعمي.
أكد عصام حديثه :
_و أنا بقول كده برظو.
ضحك أحمد على طريقتهم، ليردد بضحكة ساخرة :
_لا ده أنتم حالتكم صعبة.
حرك آسر في ايجابية، يجيبه بشكلٍ درامي :
_جدًا جدًا يا حاج.
علق محمد ضاحكًا :
_ طب خلاص البنات وشهم قلب ألوان.
تمتمت سها وهي تأكل الطعام:
_مين ده يا خال!
نظر لها عصام، ثم قال بسخطٍ :
_ لا دي حالة بعيد عنك مبتجيش إلا للبنات العادية.
ضحك الجميع على تعليق عصام ليردف أحمد بسعادةٍ:
_خلاص كتب الكتاب بعد بكره والفرح الأسبوع الجاي.
…… يتبع…….
[٣/‏١٢ ٨:٥٩ ص] نودي: (الفصل الثالث والعشرون)

شعرت ياسمين بذعر لسماع حديثهم عن اقتراب الزواج، فقالت متلعثمة:
_ لا…أنا مش عايزة أتجوز دلوقتي.
_هو ايه اللي مش عايزة.
سألها محمد بحدةٍ ، فأجابته بتوتر وهي تفرك يديها:
_لا مقصدش بس ، ندى أكيد لسه تعبانة.
وجه أحمد بصره لندى وقال بابتسامة :
_يا حبيبتي الفرح بعد أسبوع هتكون ندى بقت كويسة ولا أنتِ رأيك إيه يا ندى ؟
_ اللي تشوفه يا عمي.
همست بها ندى بخجلٍ شديد ، فأشار محمد برأسه لياسمين قائلًا :
_ندى معندهاش اعتراض أهي ، يبقي خلاص كتب الكتاب بعد بكرة والفرح إن شاء الله بعد أسبوع
توترت ياسمين جدًا لاقتراب الموعد، ولاحظ عصام ذلك هذا، يعرف أخته جيدًا ويعلم ما تفكر به، قطع صمتهم المؤقت توسل آسر:
_ينوبك في أُمنا ثواب يا أبو لهب قدم الفرح شوية نفسي في بوسة يا جدعان هموت.
زجره عصام بعنفٍ:
_ما تحترم نفسك بقى يا حيوان أنت.
_آه ما أنت مقضيها أحضان، ويا قلبي وعمري هتحس باللي زي حالاتي إزاي؟
ظهر الاعتراض في نبرة آسر وهو يحدث أخيه، ليسأله عصام بحدة:
_ بتقول حاجة يا آسر؟
_ أنا أبدًا ، ده أنا بدعي أن ربنا يكتر من أمثالك.
أجابه باستنكار وسخط بذات الوقت، وتطلع إلى اطعام من أمامه، ليسمع ضحكات خالد إلى جانبه، ثم هتف من بين ضحكاته التي يكتمها :
_ تصدق صعبت عليا، تعالى يا آسر هنصحك بشيء.
اقترب آسر منه يستمع لما سيقوله فأردف بنبرةٍ منخفضة:
_يعني يا غبي لازم تستأذن عشان تبوس؟!
_ أكيد أفرض أنها مكنتش مستعدة.
أجابه بتأكيد وبذات النبرة المنخفضة، لينظر إليه بصدمةٍ وهدر من بين اصطكاك أسنانه:
_صبرني يارب.
_آسر ناولني الطبق اللى قدامك ده الله يكرمك.
قطع حديثهما صوت سها، فرفع آسر رأسه بتعجبٍ، فحرك رأسه بمعنى لماذا؟، لتجيبه وهي تلوك الطعام في فمها:
_ هاكله أنا ، أصل أنت شكلك تخنت أوي اليومين دول ، والفرح قرب و أنا خايفة على برستيجك قدام الناس و أنت قاعد وكرشك قدامك.
ارتفع حاجباه بصدمةٍ ، ثم قال بايجابية وهو يتطلع لجسده:
_ تصدقي صح ؟ خدي بالهنا ياختي.
مد إليها الطبق لتأخذه وتباشر أكله فورًا، فاتسعت عيناه بصدمةٍ أكبر، سحب خالد من ذراعه يقربه منه وهمس بضجر :
_ بذمتك دي منظر واحدة تتباس طب أبوسها من أي زاوية بالظبط؟
حاول خالد التحكم بنفسه، لينفجر ضاحكًا، تبعه صوت ضحكات ندى، فنظر إليها خالد وسألها:
_ طب أنا وبضحك على جنان الحيوان ده ، أنتِ بتضحكي على ايه؟
قالت بمكرٍ:
_ اللي بتقوله عن سها!
عادت ضحكاتها تعلو ليضحك عصام لسعادتها،وسألها باستغرابٍ :
_ وسمعتي إيه بقى؟
اندفع آسر من مكانه متجهًا إليها وهددها قائلاً :
_والله يا ندى إن أتكلمتي لكون آآ…
_ لتكون إيه كمل ؟
قاطعه عصام بحدة، فارتبك وهو ينظر إليه، ثم قال :
_هموت سها.
_ وسها مالها يا أخويا ما تولعوا بجاز أنت وهي.
هتفت سها وهي تلوك الطعام بفمها بغضب، لتتسع عينا محمد وهتف محاولًا تهدئة ما يحدث:
_ انتوا هتعملوا زي العيال الصغيرة؟!
_كمل أنت أكل يا عمي.
هتف آسر مانعًا إياه من التدخل، فنظر محمد لأحمد ليؤكد كلامه، فتابع أكله بصمت، ليسمع بعدها صوت ندى الغاضب:
_ أنا أولع يا حيوانة!
_بت احترمي نفسك أنا مش راضية أزعلك عشان لسه تعبانة.
احتدت نبرة سها وهي تهتف بها، فنهضت من مكانها، لتنهض ندى ونظرات تحدٍ مشتعلة بينهما، فجأة ترمي ندى طبق “شوربة خضار” على وجهها، لينصدم الجميع من الموقف وخصوصًا سها التي بدأت تشتعل غضبًا، وصرخت بحدة:
_اه يا واطية بتشربي شوربة من غيري.
حديثها و ردة فعلها صدمة الجميع، ليتمتم خالد بصدمة:
_ ايه ده يا جدع هو في كده؟
نهض آسر يحمل طبق السلطة بين يديه ورماها به ثم قال باستياء:
_وفي سلطة كمان ياختي، أبو لهب أعفيني من الطلب ده ولا كأني قولت حاجة، مالها العزوبية عسل ولّا أنتم ايه رأيكم ياشباب؟
امتنع عصام عن الجواب يكتم بسمته في حين رددت آمال بقولها:
_ الله يكون في عونك يا حبيبي.
و هتفت سهير و ابنتها بشماتةٍ قائلتين:
_ أنت اتدبست يا معلم.
_ مفيش رجوع يا أسورة.
نظر أحمد إليهم، ثم نهض مستأذنًا، ليلحق به محمد مبتعدين عن هذه العائلة التي ستصيبهما بالجنون.
**********
جلست ياسمين في غرفتها شاردة في موعد الزفاف، طرقات الباب قطعت شرودها ، ومن بعدها تحرر المقبض ليفتح الباب ويطل من خلفه أخيها ، فسألها مستأذنًا :
_ ينفع أدخل؟
ابتسمت لرؤيته وأشارت له برأسها ليجلس قبالتها على الفراش، يراقبها بنظراتٍ متفحصه، ثم قال :
_ احكيلي .
علامات الاستفسار تكسو ملامحها ، فأكمل حديثه المبهم:
_عن سبب خوفك من الجواز .
اتسعت عينيها بدهشةٍ، من كشفه لأمرها الذي ظنته مجهولًا، فطرق بخفة على جبينها مستطردًا :
_ أنا فاهمك أكتر من نفسك ده أنتِ بنتي مش أختي يا هبلة.
انطوت داخل أحضانه تبكي بانكسارٍ، بكاءٍ هستيري أشعره بالوجل، فربت على ظهرها بحنان، وسألها بقلقٍ:
_ليه ده كله يا ياسمين؟
رفعت رأسها تنظر إليه وأجابته :
_مش عارفة حاسة أن قلبي مقبوض وخايفة.
زوى حاجبيه باستغراب:
_ أنتِ مش بتحبي خالد؟!
أجابته مؤكدة :
_طبعًا بحبه بس آ.
توقفت عن الحديث بخجل واحمرت وجنتيها، فاستطاع أن يلمس ما تود قوله، رفع وجهها إليه وضمه بيديه وحدّثها بصوتٍ حنون :
_ياسمين أنا عارف أنتِ بتفكري في إيه بس صدقيني يا حبيبتي خالد بيحبك أوي، أنا بشوف في عينه نظرات عشق ليكِ أكيد هيتفهم الوضع اللي أنتِ مريتي بيه وأنتِ كمان لازم تنسي.
_مش قادرة يا عصام كل يوم بشوف اللي حصل قدامي وبيتكرر.
أجابته بعجزٍ عن نسيانها ما حدث، دموعها تمس أصابعه، ليرفعها نحو دموعها يمسحها ، عاود احتضانها وقال :
_مع الوقت هنتسي ياحبيبتي، عايزك عاقلة كده بدل ما أروح أقول لخالد ياسمين صرفت نظرها في الجوازة دي
_ايه؟! لا… أبدًا.
حديثها المتلعثم وهي تفصل عناقها عنه جعله يقهقه ضحكًا ، فربّت على وجنتيها وقال وهو يهم بالنهوض:
_ كده تبقي عقلتي تصبحي على خير.
**********
في مجلس القصر جلست سها وندى تتشاركان تناول (الفشار) وأمامها يجلس آسر، يشاركهما الحديث، تقدم عصام من الخلف يستمع حديثهم، الذي بدأه آسر:
_ اه والله يا ندوش والبت ياختي شافته من هنا وسرحت في عينه الزرقة.
_ وهو أكيد كان مبسوط طبعا ما أنا في سابع نومة.
نطقتها وهي تستشيط غضبًا، ليزيد آسر النار حطبًا بحديثه الذي تشابه بطريقة نساء الحي الشعبي:
_ يا ريتها جت على دي ، ده في واحدة كمان اسمها ايه يا واد يا أسوره… اه افتكرت مايا اورورا باين…
_كمان؟!
قالتها ندى والنيران تتطاير من عينيها، ليؤكد آسر حديثه:
_ آه ، أنا مش عارف البنات هتموت عليه هو وخالد على إيه بلا نيلة ده أنا أحلى منهم…
رفع بصره ليرى عصام ينظر إليه بتوعد، فغيّر مجرى حديثه ، بقوله :
_ لا لا ده عصام عسل أنتِ إزاي تغلطي في أخويا و أنا عايش أنتِ أتجننتي؟
اتسعت عينيها من تحوله، فنظرت إليه بصدمة، ليهمس بصوتٍ خافت من بين أسنانه بالكاد استمعته :
_بصي وراكي يا غبية
نظرت ندى خلفها لتجد عصام يستند على الأريكة بمرفقيه، وينظر لهما بمكر ، ابتلعت ريقها بخوف، في حين وجه هو بصره لآسر يسأله بكلمةٍ واحدة:
_خلصت ؟!
حرك آسر رأسه موافقًا، وبلمح البصر انقض بالضرباتٍ واللكمات، والآخر يصرخ مستنجدًا بندى :
_ندى الحقيني.
حاولت ندى إبعاده عنه ولكن فارق الجسد بينهما عجزها عن ذلك، لمحت خالد يصعد الدرج فركضت نحوه وهتفت مستنجدة:
_خالد تعال ألحق آ..
_متكمليش هما فين؟
قاطعها بعدما تسلل اليه صوت صراخ آسر يعلو مستنجدًا ومتألمًا، أشارت إلى مكانهما ضاحكة، ليذهب خالد اليهما في محاولة لفض الشجار، في حين خرجت ياسمين من غرفتها لترى ماذا يحدث، وما إن رأت عصام يضرب آسر حتى ركضت نحوها وهتفت تطالبه:
_عصام سيبه.
_ إبعدي يا ياسمين الحيوان ده لازم يتربى.
زمجر عصام وهو يضغط على ذراع آسر ويعيق حركته، فاندفعت تبعده عنه وهي تسأله:
_عمل ايه بس؟
_ كان بيوصيني على عصام .
أجابتها ندى التي تجلس في مكانها تلتهم التسالي دون مبالاة، وتشاركها سها بشماتةٍ مما يحدث إليه:.
_ أنت جبت سيرتي ياض؟
سأله خالد ولا يزال يحاول تخليصه، لتصدح ضحكت ندى مجيبة:
_ لا مجبش سيرتك في حاجه.
نجح خالد في تخليص آسر من يدي عصام، ليتوعد بتعبٍ وهو يلهث:
_والله لأوريكم يا كلاب .
ونزل إلى الأسفل متألمًا ، يتوعدهم بخطة شيطانية.
**********
صعدوا جميعًا للتراس، فدنت ندى من عصام وسألته بغضب يختبئ خلف حدقتيها الساكنة:
_مين بقى مايا أرورا دي؟
_هو آسر لحق؟
سألها خالد بدهشة لسرعة افتعال ابن عمه المصائب، ليسمع الجواب من ياسمين بغيرة:
_ أيوه لحق أنت خايف عليها كده ليه ؟
صدحت ضحكة عصام الرجولية ثم نظر لندى وقرص أرنبة أنفها قائلًا:
_ ظهر الحق شوفتي يا قلبي أنتِ ظلمتيني، مايا دي تبع خالد .
_جبان.
تمتم بها خالد فسمعه عصام ليجيبه بصوتٍ منخفض :
_ لا مش جبان بس مش عايز أزعل روحي يا حيوان.
_ كده طيب…
توعد له بمكر ثم أردف وهو ينظر لعصام بخبث :
_شوفوا بقا يا جماعة مايا دي تبقى…
_ تبقي الدُّش ، خدوا بقى.
قالها آسر وهو يفتح عليهم خرطوم ضخ المياه المخصص للأشجار، فتساقطت المياه من فوقهم كالشلالٍ، فملأت المكان وأغرقتهم
أصاب آسر عين ندى بالمياه القوية، فصرخت متألمة :
_ آه عيني…
اقترب عصام ليتلقى المياه عنها بظهره، فتقابلت عينيه بعينيها التي تجاهد لفتحهما، بينما استطاع خالد تقيد حركة آسر، فأوقعه أرضًا فأصابته المياه هو الأخر، ليصيح به بعصبيةٍ:
_تستاهل
اقتربت ياسمين تركله بقدمها هاتفة بحدة:
_ بتغرقنا و أنا اللي جاية أحوش عنك.
سحب قدم ياسمين لتسقط أرضًا إلى جانبه ، أما سها بعدما سمعت صراخهم تقدمت نحوهم بسعادة وهي تهتف بفرحة:
_الله ؟! ايه ده محدش يقولي أنكم نقلتوا هنا البيسين؟
أمسك آسر بيدها ليحاول النهوض وثم سحبها لتسقط أرضًا إلى جانب ياسمين ، وهرب مسرعًا إلى غرفته ، نهضت ياسمين عن الأرض وأخذت تتفحص ملابسها المبلله بغضب لحق صراخها:
_ غبي.
رفعت سها يدها مشيرة:
_قومني يا خالد ، آه..
تقدم نحوها وسحبها بكل قوته، وحينما باءت محاولته بالفشل سألها بتردد:
_سها أنتِ كام كيلو ؟
_69 .
أجابته ليهتف بسرعة معترضًا :
_ لا أكيد في غلط في الموضوع أتاكدي تاني ، أنا هروح أغير هدومي
واسترسل حينما وجد عصام مازال يقف محله:
_ مش يلا يا عصام!
حمحم عصام بحرجٍ وتحرك من أمام عينيها الفاتنة، فاستقامت بوقفتها لتنتبه لأخيها الذي دنا منها مرددًا بسخرية:
_نمتي وأنتِ واقفة ؟
شعرت بالخجل خاصةً عندما انتبهت إلى الوضع الذي كانت عليه، جذبه عصام من تلباب قميصه وهو يشير له بحدة:
_طب يلا يا خفيف
حدجه بنظرة ساخطة، مردفًا:
_هعديها المرة دي..
_ كلها 24 ساعة وتبقى حرم عصام الدالي.
اعترض عصام بثقة جعلت الآخر يبتسم و ليردف برضا:
_ماشي يا بوص خد راحتك.
**********
جلس خالد في غرفته يعمل على الحاسوب خاصته في محاولةٍ لانهاء بعض الاعمال الخاصة به، بعد أن بدّل ثيابه المبللة، فتلفظ آسر بضجر:
_ خلاص بقى يا خالد كل ده شغل على اللاب عايز أنام .
رفع بصره عن الحاسوب ينظر إليه مرددًا بسخرية:
_ما تنام ياخويا هو أنا هرضعك ؟
_مش بعرف أنام إلا جنبك.
أجابه مؤكدًا هذه المعلومة، فأغلق خالد حاسوبه ونظر إليه بمكر ثم قال:
_طب بالنسبة للفرح اللي آخر الأسبوع ده ؟
_متفكرنيش، أمانة عليك يا خالد كل ساعة تكلمني تطمن أن أمنا الغولة دي ما كلتنيش.
هتف بعصبية أضحكت خالد ثم قال بود:
_ من عنيا أنا عندي كام أسورة.
_حبيبي يا أبو نسب .
************
صباحًا في الشركة، دخل خالد مكتب عصام يطمئنه عن أمور العمل في المصانع:
_ كله تمام أنا لسه جاي من هناك حالًا
_ والأجهزة الجديدة وصلت؟
سأله بعمليةٍ فأجابه الآخر:
_ وصلوا النهارده في الشحن.
أشار عصام برأسه رضًا عما يحدث من تقدم في العمل .
سلط خالد نظراته على عصام الذي عاد يتابع عمله ، فشعر بنظراته، ليرفع بصره إليه يسأله بقلق:
_ نعم في حاجة تانية ؟
حرّك رأسه بمعنى نعم، ليشير الآخر بعينيه مستفسرًا عما به، فجلس على المقعد أمامه وحدّثه بقلق :
_ كنت عايزك تساعدني أجيب هدية لياسمين بمناسبة كتب الكتاب .
_ و أنا أساعدك ليه إن شاء الله ؟
سأله عصام ساخرًا ، ليقنعه الآخر بجوابه:
_عشان مش عارف هي بتحب إيه وبعدين أنا بالمقابل هساعدك تجيب لندى حاجة بتحبها .
حرك عصام رأسه موافقًا على العرض ليقتحم مجلسهم كالعادة آسر الذي هتف بمرح:
_ فل عليكم معاكم .
_معانا في إيه أنت عارف إحنا بنتكلم عن ايه؟
ضيق نظره مستفسرًا ليجيبه عصام:
_هدايا لياسمين وندى تحب تجيب حاجة لسها هدية؟
ضحك آسر بسخرية من نفسه وما وقع به ليجيب :
_ أنا أجبلها هدية هي دي بتفهم في الهدايا دي لو جبتلها طبق بيض هتبوسني من هنا وهنا.
_طبق بيض
علق خالد بها في دهشة، في حين تساءل عصام بتعجبٍ :
_ اشمعنا يعني!
اجابه آسر بتهكم:
_ بتحب البيض أوي دي بتفطر بنص طبق ياعم.
ضحك خالد على حديثه، ليستمع جميهم لطرقات خفيفة على الباب، سمح عصام للطارق بالدلوف، فما كان سوى السكرتيرة تردد:
_في واحدة بره يافندم عايزة تقابل آسر بيه
تفاجئ آسر من حديثها، ليعلق بشكٍ:
_عايزاني أنا!!
حركت السكرتيرة رأسها في ايجابية، تجيبه :
_ أيوه يا فندم.
اجابها آسر وهو يصفق بيديه بغرورٍ:
_ اشطا دخليها المكتب و أنا جاي فورا.
حركت السكرتيرة رأسها تتمتم بهدوءٍ:
_ حاضر يافندم
أغلقت السكرتيرة الباب، في حين علق عصام بتهكم :
_ واحدة وعايزة آسر!
أكمل خالد بصدمة:
_ طب تيجي أزاي دي!
هندم آسر ملابسه يردد بعنجهيةٍ :
_أمال إيه يا ابني ده أنا آسر الدالي سلاموز لما أشوف الحتة دي عايزة ايه؟
انطلق آسر إلى مكتبه وما أن فتح الباب حتى ردد لمن توليه ظهرها:
_حضرتك طلبتي تشوفيني!
التفتت له، لتتعلق الصدمة بعينيه، وردد باختناقٍ
_ رودينا ايه اللي جابك هنا!
اجابته رودينا بدموعٍ :
_آسر أنا إتطلقت.
تحرك آسر ببرودٍ نحو مكتبه، يردد بكلماتٍ غير مبالية:
_ طب وأنا أعمل ايه يعني!
علقت رودينا بدهشة :
_يعني خلاص بقيت حرة.
أكمل آسر ببرودٍ:
_بردو مش فاهم
اقتربت لتقف أمام مكتبه مباشرةً، تنظر لعينيه بمكرٍ مرددة بدلالٍ :
_ آسر أنا لسه بحبك وعايزاك أنا لما شوفتك مقدرتش قلبي ضعف متسبنيش يا آسر.
رفع آسر حاجبه باستنكار، ثم ردد يشير لبطنها :
_ والله طب و إبنك اللي في بطنك ده ذنبه ايه تحرميه من أبوه؟!!
اجابه رودينا بلهفةٍ:
_مش عايزاه هتخلص منه عشانك.
نظر آسر بسعادةٍ، يردد :
_بجد!
ابتسمت رودينا بانتصار، تجيبه:
_بجد ياحبيبي!
إقتربت منه بشدة، بيبتعد عنها آسر بعدما علم مبتغاها يردد ببسمةٍ مخادعة:
_ استني مش لما نتجوز الأول
اتسعت عين رودينا بسعادةٍ متمتمة :
_بجد!
اجابه آسر بابتسامة هادئة :
_ أكيد بس في مشكلة صغيرة!!
عقدت حاجبيها بدهشةٍ تتساءل بتعجب:
_مشكلة ايه؟!
ردد آسر بمكرٍ:
_ بابا مش هيوافق!
ردد سريعًا دون انتظار لحظة:
_ نتجوز عرفي ونحطه قدام الأمر الواقع!
نظر لها قليلًا ثم قال وهو يومأ برأسه:
_تصدقي فكرة.. حبيبتي أنا بحبك أووي متصوريش قد ايه!!!
*****************
طرقت الباب بخفةٍ، ثم فتحته تدخل رأسها فقط تتمتم بمرحٍ:
_ممكن أدخل؟!
نهض خالد بسعادة، يستقبلها بحبٍ:
_ياسمين تعالي ياحبيبتي!
دلفت للداخل بتوترٍ، تشعر بألمٍ من هذا الهاجس المخيف بداخلها، قطع وصال تفكيرها صوت خالد يردد باهتمام:
_ها عجبك؟!!
اجابته ياسمين ببسمةٍ باهته:
_ اه جدًا.
رفع خالد حاجبه وهو يحرك رأسه في نفيٍ بعدما سلطت بصرها على المكتب، ثم ردد بحبٍ:
_ أنا بتكلم على الورد
ابتسمت بخجلٍ تتذكر الورد تجيبه بخجلٍ واضح:
_ آه جميل ميرسي على ذوقك بس عرفت منين أني بحب الورد الأبيض!
اجابها خالد بحبٍ:
_ قلبي قالي..
لم يستطيع إخفاء كذبته ليعترف بصدقٍ:
_ الصراحة أستعانت بمساعدة عصام.
رددت ياسمين بحبٍ لصدقه:
_ أحلي حاجة بحبها فيك صراحتك دي.
مط خالد شفتيه بحزن مصطنع، يردد بتذمر :
_بتحبي صراحتي بس!
خجلت نظراتها من التطلع له تجيبه بخجلٍ :
_ لا بحب فيك حاجات كتير.
اقترب خالد منها متسائلًا بهمسٍ ساحر:
_ حاجات زي ايه!!
شعرت ياسمين بغصة عالقة داخل قلبها، واندفع إليها ذكرى هذا اليوم البائس، فرددت بخفوتٍ وهي تجاهد اختناق أنفاسها:
_ أبعد عايزة أروح لندى.
لم يلاحظ اختناقها، وحالتها الغامضة تلك، فعاد ليتساءل بمكرٍ:
_ لاء.
حاولت ياسمين الحديث مجددًا بصوتٍ هادئ :
_خالد أبعد.
ازدادت تلك الدوامة العنيفة التي تحيط بها، لتقتحم ندى المكتب تردد بجدية:
_خالد بقولك آ..
تفاجأت ندى بياسمين أنها لا تزال بالمكتب، لتردد ببسمةٍ حرجة:
_ آسفة معرفش انك معاك حد.
اندفعت لها ياسمين، تردد بتوترٍ :
_لا أستني..
علق خالد بدهشةٍ، يردف بقلقٍ:
_ ندى أنتِ ايه اللي خرجك دلوقتي أنتِ لسه تعبانة؟!
اجابته ندى ببسمةٍ هادئة :
_ لا الحمد لله أنا بقيت كويسة جدًا..
نظرت يمينًا ويسارًا لتردف بتعجبٍ:
_ هي سها فين؟!
اجابتها ياسمين بهدوءٍ :
_عند آسر.
رفع خالد حاجبه بدهشةٍ، ثم ردد بشكٍ ممزوج بمرحٍ :
_ أنتم هنا كلكم أيه سر التجمع ده؟ شوشو ابتدي يلعب في دماغي!!
ضحكت ندى على حديثه تردف بصوتٍ لا يزال ضاحكًا :
_ لا ولا يلعب ولا حاجة إحنا كنا رايحين نشتري فساتين عشان كتب الكتاب فقولنا نعدي عليكم.
علق خالد بتعجبٍ :
_بس مش شايف معاكم شنط ولا ايه حاجة!!
اجابته ياسمين بتوضيحٍ :
_ بعتنا الحاجة مع السواق.
حرك خالد رأسه متفهمًا، ثم قال بمزاحٍ :
_آه بعتم الحاجة وقولتم نروح نقرف في الجماعة دي شوية.
حركت ندى رأسها تردد بضحكة ساخرة وهي تشير على ياسمين :
_ ما هو واضح أننا فعلا عطلناك.
خجلت نظرات ياسمين منهما ثم غادرت المكتب.
****************
ردد آسر بمكرٍ بعدما اعترف بحبه المزيف بها:
_ عشانك هبعد عن الكل مش عايز حاجة غيرك هقف ضد أهلي وهتحداهم كلهم حتى لو بابا حرمني من الميراث أنتِ عندي أهم يعني أنتِ تتخلي عن ابنك وأنا مش هتخلى عن شوية فلوس أنتِ عندي بالدنيا كلها.
اتسعت عين رودينا بصدمةٍ، تردف بتلعثمٍ :
_ إيه هو هيحرمك من الميراث!!
حرك آسر يؤكد حديثه بخبثٍ:
_ أكيد مش هتجوز من وراه.
حركت رودينا رأسها في نفي، تردد ببسمةٍ متوترة :
_ لا يبقى نبعد عن الفكرة دي أحنا ممكن نفضل مع بعض من غير جواز.. أنا بحبك يا آسر وعايزاك أنت..
صدع صوت صفعة قاسية هوت على وجنتي رودينا لتسقط أرضًا من قسوة يده، ليصيح باشمئزاز:
_ أنتِ أحقر إنسانة أنا قابلتها في حياتي أنا مش عارف أزاي كنت بحبك في يوم من الأيام أنتِ إستحالة تكوني بني أدمة، الفلوس عمتك لدرجة انك عايزة تضحي بابنك أنا مكنتش أعرف أنك بالواسخة دي.
رددت رودينا بألمٍ محاولة استملته:
_عشان بحبك هتخلي عنه عشانك.
نفى آسر حديثها، يردد بتصحيح متهكم:
_ لا ده عشان بتحبي نفسك والفلوس كل حاجة في حياتك، أخرجي من حياتي أنا مش عايز أشوفك تاني برة أخرجي برة..
حاولت رودينا الحديث تتمتم ببكاءٍ مصطنع :
_ أنا بحبك.
رد آسر ببرودٍ :
_ و أنا بكرهك أنا دلوقتي عرفت يعني إيه حب أنا حبيت بجد وعرفت المعنى الحقيقي للحب أنا مكنتش بحبك أنا كنت معجب بيكِ مش أكتر يالا أخرجي.
نهضت تقترب منه تتمتم بدموعٍ تذرفها أمامه :
_ آسر أسمعني..
أمسكها بقوةٍ من خصلات شعرها يردد بصوتٍ عالٍ :
_قولتلك أخرجي..
*************
تقدمت سها من مكتب آسر، تبتسم بسعادة وهي تتخيل ملامحه أن رأها بفستانها الرقيق، فسألت السكرتيرة
_آسر جوه؟!
اجابتها السكرتيرة بهدوءٍ :
_ أيوه يافندم بس معاه ناس.
علقت سها بتعجبٍ :
_ ناس مين دي!!
حركت السكرتيرة رأسها وهي تجيب :
_واحدة معرفهاش أول مرة أشوفها.
شعرت سها بغيرةٍ، لتردد ببسمةٍ مغتاظة:
_طب خلاص أنا هدخل.
رأت رودينا سها وهي تتقدم، لتعود مجددًا إلى آسر تقف بطريقة توحي بأنهما بحالةٍ من الحب والانسجام، تردد بدلالٍ:
_و أنا كمان بحبك أوي
استمعت سها لتلك الجُملة، فوقفت محلها بصدمةٍ تنظر إليه بصمتٍ قاتل معها بتلك الطريقة،اتسعت عينيه دهشة، وردد بعدم تصديق:
_سها.
نظرت له بألمٍ، وأردف باختناقٍ من دموعٍ منهمرة بغزارة :
_ليه ليه يا آسر أنا عملت فيك إيه أنا حبيبتك.. ليه حرام عليك، أنا كنت هبعد وأنت اللي وقفتني وقولتلي أنك بتحبني ليه تعمل فيا كده، ليه تكسرني بالشكل ده!
حاول آسر تبرير الموقف، فصاح بتوترٍ :
_ سها أنتِ فهمتي غلط..
تدخلت رودينا سريعًا تبتسم بمكرٍ:
_خلاص يا آسر هي عرفت الكدبة مش هينفع وكده كده هتعرف لما نتجوز..
علقت سها بصدمةٍ :
_ تتجوز!!
صفعها آسر مجددًا يردف بحدة:
_ إخرسي.
وجذلها من شعرها بقوةٍ، يردد بعصبيةٍ بالغة :
_أخرجي من هنا ومش عايز أشوف وشك تاني.
نظر آسر إلى السكرتيرة يتطلع لها بحدة أخافتها يردد بحزم:
_الحيوانة دي مشفهاش هنا تاني فاهمة.
عاد إلى المكتب فلم يجدها، جذب آسر جاكيته وهرول مسرعًا خلفها.
كانت تخطو شاردة،عابثة الوجه، يختلجها شعور محبط بأنه من الصعب أن يحمل لها حبًا بقلبه، غفت عن طريقها ولم تفق الا على صوت صراخ عاصف عاونها على الافاقة من غفلتها، فوجدت شاحنة ضخمة تقترب منها، تجمد جسدها أمامها وأغلقت عينيها استسلامًا لما ستواجهه بتلك اللحظة، يد قوية سحبتها عن الرصيف، ليصيح بها بانفعالٍ:
_ أنتِ مجنونة كنتِ هتموتي يا غبية.
دفعت يده بقوةٍ، وهي تتطلع إليه بدموعٍ تسيل بغزارة، مرددة بألمٍ:
_ مسبتنيش ليه أموت أحسن من اللي أنا فيه!!
علق آسر بهدوءٍ:
_ ايه اللي أنتِ فيه! سها أنا مخنتكيش صدقيني دي كدابة أنا بحبك أنتِ والله.
وضعت يدها على أذنها، لا ترغب في سماع المزيد من الأكاذيب فصرخت بعنفٍ:
_كفاية كفاية كذب حرام عليك.
نظر لها بشفقةٍ ثم قال بصوتٍ هادئ يحمل بطياته الصدق :
_ بس أنا مكذبتش عليكِ في حاجة أنا فعلًا بحبك هي اللي جيتلي المكتب وعرضت عليا أنها ترجعلي بس أنا موافقتش.
نظرت له سها بسخريةٍ، وتلفظت بتهكمٍ :
_ وموافقتش ليه مش دي حبيبتك اللي أبوك حرمك منها.
حاول تملك أعصابه وهو يخبرها:
_ كانت حبيبتي بس هي جرحتني مكنتش بتحبني.
أجابته ساخرةٍ :
_وفيه إيه أنها مش بتحبك عادي عيش معاها أنت مش هيفرق معاك لأنك معندكش إحساس.
طوفها بنظرة قاتلة قبل أن يردف بغضب:
_ أنا بحذرك للمرة الأخيرة أوعي تختبري رجولتي وكرامتي لأنها هي اللي هتفوز، أنا اللي زهقت مش أنتِ، صح أنا معنديش إحساس ليه تربطي نفسك بواحد بارد وكل حياته هزار.
نزع آسر خاتمه ثم وضعه بيدها قائلًا ببسمةٍ سكن بها الألم:
_أنا حبيبتك يا سها بس أنتِ لا.
حركت رأسها في نفي تجيبه :
_ لا بحبك وأنت عارف كده كويس.
هدر آسر بصوت عالٍ يعتريه عصبية شديدة:
_ لا محبيتنيش الحب يعني ثقة فين ثقتك فيا فين؟
صمتت ولم تجد اجابة تخبره بها، فابتسم مستطردًا بسخطٍ:
_ للأسف معندكيش جواب .
غادر المكان تاركها تجر خيبات ما فعلت.
*****************
دلف عصام المكتب سريعًا يردد بجديةٍ
_ خالد هاتلي الملف؟
اتجهت عينيه لمن تقابله وتساءل بذهول:
_ندى إيه اللي جابك هنا؟!
ابتسمت بهدوءٍ وأجابته :
_كنت بشتري شوية حاجات وقولت أعدي عليك بس مش لقيتك في المكتب.
ابتسم وتقدم إليها وهو يخبرها:
_ كان عندي اجتماع.
وتساءل بفضول:
_حاجات ايه دي اللي بتجبيها!!
اجابته بخجلٍ :
_كنا بنجيب فساتين عشان كتب الكتاب.
اتسعت ابتسامته يردف بحنوٍ:
_مقولتيش ليه و أنا وخالد كنا جبنلكم اللي أنتم عايزنه.
اقتربت ياسمين منه تردف بمرحٍ:
_ خلاص يا بوص أحنا اختارنا كل حاجة.
أسبل خالد بعينيه بحبٍ :
_ قلب ابن عم البوص وروحه وعقله وآ…
زمجر عصام بحنقٍ:
_ما تحترم نفسك يا جدع أنت مش شايفني واقف.
ردد بضيقٍ:
_ايه يا جدع هتبقى مراتي خلاص.
ضحك على حديثه، وأردف بمزاح:
_ براحة علينا طيب!
قاطع حديثه دلوف سها المفاجئ، تردد بنهجٍ وأعينٍ مدمعة:
_آسر فين يا عصام!!
دُهشت ياسمين من بكائها، لتردف بتعجبٍ :
_ مالك بتعيطي ليه؟!
نظرت سها إلى عصام برجاءٍ، تكرر سؤالها:
_عصام فين آسر أرجوك؟!
دُهش مما أصابها، وسألها بقلقٍ :
_مالك يا سها في ايه!!
اجابته وهي تزيل دموعها :
_ أنا كويسة بس آسر فين!!
حرك كتفه وهو يخبرها :
_معرفش هو خرج من الشركة.
جلست على أقرب مقعد تبكي بانهيار ليتقدم خالد بصدمةٍ من انهيارها، يتسائل بحيرةٍ:
_يا سها قولي فيكي ايه؟!
تدخلت ندى في الحديث بقلقٍ :
_ أتكلمي آسر عاملك حاجة؟!
بدأت سها بسرد ما حدث، فأردف خالد بحنقٍ:
_ البنت دي زودتها أوي؟!
نظر له عصام، ثم نظر لسها، يردف بهدوءٍ:
_ و أنتِ أصلا أزاي تصدقيها!!
اجابته بتبرير :
_يعني عايزني أعمل ايه أنا لقيتها في حضنه!!!
تمتم بانفعالٍ يعاتبها بين كلماته:
_ أنتِ اللي أدتيها فرصة أنها تعمل كده لأنها عارفة أنك مش هتثقي فيه.
لكزت ندى ذراع عصام، تردد بعتابٍ:
_ أهدى شوية هي مش ناقصة!
نظرت سها إلى الأرض بخزى، تردف بألمٍ :
_ أنا غلطانة بس أنا عايزة أعتذر منه أنا بحبه.
شعر خالد بالشفقة عليها، ليجيبها بحنانٍ :
_ خلاص يا سها أنا هوصله و إن شاء الله خير.
أشار عصام إلى خالد، مشيرا له بجدية :
_خالد خد ندى وياسمين ورجعهم القصر وأنا هاخذ سها لآسر أكيد في المكان اللي بيرحله لما بيضايق.
حرد خالد رأسه يجيبه بهدوءٍ :
_اوك يالا يا ياسمين.
***************
قاد عصام سيارته بهدوءٍ، يتجه للمكان المعتاد لآسر بالانفراد به، فخطف نظرة سريعة لها،فوجدها مازالت تبكي بصمتٍ، شعر بغلظة حديثه فتنحنح قائلًا:
_ سها أنا آسف مقصدش أعلي صوتي عليكِ بس أنا بنصحك أنتِ بالنسبالي زي ياسمين.
حركت رأسها بتفهمٍ، ورددت بصوتٍ مبحوح :
_عارفة ياعصام أنا غلطت بس صدقني مقدرتش أتحكم في أعصابي.
أشار لها بهدوءٍ :
_حاولي تتحكمي في غضبك وتثقي فيه، آسر ممكن يكون بيهزر كتير حتى في أصعب مواقف بيعدي بيها بس ده مش بيلغي شخصيته، آسر مش بيحب حد يشوفه ضعيف أو يشوف حد حزين بسببه، عشان كده حاولي متجرحهوش بكلامك تاني.
حركت رأسها في ايجابية، وتشاءلت بحيرةٍ ممزوجة بحزنٍ :
_ تفتكر هيسامحني!!
ردد بمزاحٍ :
_متخافيش هخليه يسامحك بدل ما أنا اللي هعلقه.
ضحكت على حديثه وصاحت بمرحٍ :
_ كده أخد براحتي وأنا متأكده إنه أكيد هيسامحني!
……. يتبع……
[٣/‏١٢ ٩:٠٠ ص] نودي: (الفصل الرابع عشرون)

في مكان يمتلئ بالمساحات الخضراء الواسعة والأشجار المثمرة بأطيب ثمار الفاكهة الطازجة، مليكة خاصة تعود لعائلة الدالي، سارت سها إلى جانب عصام بانبهار لجمال المكان، الذي سرعان ما بثّ السكينة والراحة في قلبها، فصاحت بإعجاب :
_أنا أول مرة أشوف المكان ده تحفة بجد !!
ابتسم عصام وهو يتابع سير خطواته معها، وأكد حديثها بقوله :
_فعلًا هو مكان جميل أوي بس بعيد عن القاهرة بكتير عشان كده محدش بيجي هنا بنتابع الشغل مع العمال عن طريق الفون مش أكتر.
_ هو ده مقر آسر السري؟
سألته بفضولٍ طفولي أضحكه ليجيبها :
_ الصراحة مش آسر لوحده ده المقر بتاعنا كلنا.
_كلكم؟! كلكم مين ؟
سألته عن معنى كلمته، هل يعقل أن يكون للعائلة بأكملها مكانٌ كهذا ولا تدري عنه، ليجيبها قاطعًا تفكيرها :
_أنا وخالد وآسر وبابا وعمي.
منحت المكان نظرة أخيرة قبل أن تجيبه بمشاكسةٍ:
_ أنا اتعقدت من المكان ده وعايزة أروح مش هصالح حد غيرت رأيي.
التفت إليها يناظرها بملامحه الجادة، كيف تغير رأيها بعدما قطعا تلك المسافة الطويلة، وترك عمله ليساعدها والآن تتراجع، شعرت بخوفٍ من نظراته لتنظر إليه بقلقٍ اتبعه ضحكةٍ صغيرة،قائلة:
_ أنا بهزر يا بوص.
_ أيوه كده اتعدلي ، مش بعد كل اللي عملته تقولي غيرت رأيي.
هتف بحدةٍ ثم نظر إلى الطريق يتابع سيره، وهي تسير خلفه .
**********
_ أومال فين آسر وعصام وسها؟
سأل أحمد الذي جلس مع باقي أفراد العائلة حول المائدة يتناولون عشاءهم مستفسرًا عن سبب عدم مجيء من ذكرهم، ليجيبه خالد:
_ آسر في البستان وعصام أخذ سها وراح له.
_ آسر والبستان يبقى مصبية.
قال محمد بقلق، فنظرت آمال إليهم بتعجبٍ لتسألهم:
_بستان ايه ؟
مطّ خالد شفتيه خشيةً من أن يُعرف مكانهم السري، فابتسم ابتسامةً صفراء يجيبها :
_ لا متخديش في بالك يا طنط.
_هو سر اخص عليك يا خالد معتش تكلمني .
رددت آمال باستياء وهي تتصنع الحزن، ليشعر خالد بالضيق لحزنها فاندفع يخبرها الحقيقة:
_لا ولا سر ولا حاجة ده المكان آ …
قاطعه عمه بصدمة من سهولة استدراجه دون الحاجة للعنف، فصاح ونظراته الغاضبة لا تترك الاخير:
_ ده المكان اللي بنزرع فيه الفاكهة يا حبيبتي.
لم يبدد حديثه شكوكها، فقالت بخبث:
_طب ليه مش بنروحه؟
_ لا مينفعش ده مقر خاص.
نفى محمد طلبها بحقيقة أمر البستان لتنصدم السيدتان وتبادلتا النظرات بغرابة، لتسأله سهير بعدم فهم :
_مقر خاص إزاي يا محمد مش فاهمة ؟
تبادل محمد نظراته مع أخيه وابنه لبرهةً وإنفجروا ثلاثتهم من الضحك، فزاد استغراب السيدات أمامهم، لتردف سهير بسؤالٍ آخر:
_ أنتم بتضحكوا على إيه؟
_أنا عايزة أروح المكان ده يا أحمد.
اندفعت آمال بإصرار على طلبها في الذهاب للبستان المنشود، فابتسم أحمد برضًا وحرك رأسه موافقًا ثم قال:
_حاضر يا آمال هنروح بعد كتب كتاب الأولاد.
هدأت شكوكها تدريجيًا، ورددت بدلال:
_ ربنا يخليك ليا يا حبيبي وميحرمنيش منك.
حمحم خالد ثم قال ساخرًا وهو يغمز ندى:
_ احم…أجيب شجرة واتنين ليمون؟
_ و أنا هغني لهم .
صدحت ضحكة ندى بشقاوةٍ ، لينظر أحمد إليهما بضيق وقال محذرًا:
_ ولد أنت وهي، احترموا نفسكم.
بينما شعرت آمال بالإحراج لتنظر لسهير تخبرها باستياء:
_ شايفة ابنك يا سهير ؟
نظرت إليه متصنعة الحزن وقالت بحنق مصطنع :
_وأنا يا خالد عايزة اتنين ليمون وشجرة اشمعنا هما؟
_ إحنا لسه صغيرين.
وصلها الجواب من زوجها الذي لازال يتناول طعامه بسخرية من حديث أخيه أحمد، لينظر له بغرابةٍ وسأله مبتسمًا بحنق :
_وإحنا كبرنا ولا ايه ؟
تعالت ضحكات ندى وهي تضرب كفًا بالآخر، وغازلت عمها بقولها :
_ لا يابو حميد ده أنت لسه شباب يخراشي على عيونك الزرقة دي وآ..
قاطعتها آمال محذرة بغيرة:
_بس يا بت بتعاكسي جوزي و أنا قاعدة.. ماتتكلمي يا ياسمين!
كانت شاردةً في عالمٍ آخر تسبح في دوامة أفكارها وخوفها، تابع محمد حديثه وهو ينظر إليها غافلًا عن شرودها :
_ياسمين بقت تبعي خلاص هتقف في صفي أنا صح يا حبيبتي؟
لم يسمع جوابًا منها فكانت وكأنها لا تشاركهم جلستهم، نادتها سهير مرارًا لكن دون جوابٍ أيضًا لتلكزها ندى برفقٍ أفزعها ، نظرت لها بفزعٍ، فقالت ندى بقلق :
_ ايه يابنتي بقالهم ساعة بيكلموكِ ، أنتِ كويسة ؟
تحولت نظراتها الشاردة إليهم وأجابتها بحيرةٍ:
_ بتكلموني أنا؟!
_أنتِ مش معانا خالص بقى.
قال خالد متعجبًا من حالتها لتخفض رأسها بوجلٍ خفي، ثم رفعتها مجددًا وقالت بصوتٍ غلب عليه التعب :
_ أيوه أنا فعلا مش معاكم، هطلع أنام تصبحوا على خير .
_ و أنتِ من أهله يا حبيبتي .
توديعهم الموحد لها جعلها تنسحب مضطربةً نحو غرفتها علّها تريح عقلها من التفكير وتغفو قليلًا.
ترك أحمد المائدة وأشار ونظر لهم قائلًا :
_محمد، خالد لما تخلصوا أكل تعالوا المكتب عايزكم.
نهض كلاهما فورًا يتبعانه إلى المكتب، بينما بقيت سهير مع ابنتها وآمال ، تتذكر حالة ياسمين الغريبة ، فسألت أمها بقلق :
_هي ياسمين مالها يا آمال؟
رفعت كفتيها بعدم معرفة وأجابت:
_معرفش يا سهير بقالها كام يوم كده مش عجباني على طول سرحانة ومش بتاكل خالص، أنا كنت بقول إنها زعلانة على ندى لكن ندى بقيت كويسة وهي لسه على حالها!
وأشارت لندى برجاءٍ:
_شوفيها مالها يابنتي هي أكيد هتقولك.
حركت رأسها موافقةً لتتوجه مسرعةً إلى غرفة ياسمين تطمئن عليها.
**********
جلس آسر تحت سقفيةٍ خشبيةٍ ذات تصميم عصري جذاب، شاردًا في الفراغ من حوله، وعلى بعدٍ منه وقف عصام ولجواره سها يراقبانه، فاشار لها بسبابته قائلًا :
_أهو قاعد هناك شوفتيه؟
أمأت برأسها بهدوءٍ،، نظر إليها يخبرها بمشاعر أخوية ودودة:
_تمام أنا هرجع ، إذا احتاجتي حاجة كلميني.
نظرت لعينيه وقالت بامتنانٍ:
_مش عارفة أشكرك إزاي
ابتسم ابتسامته الساحرة ، وقال بصوته الحنون :
_ يابت قولتلك أنتِ أختي يلا سلام.
كادت أن تغادره فأوقفتها مناداته مجددًا نظرت إليه بريبةٍ فابتسم قائلاً بمكرٍ:
_خدوا راحتكم على الآخر متستعجلوش في الرجوع.
_ ليه ؟!
سألته متعجبة ليمنحها الجواب الخبيث:
_ أبدًا على الأقل القصر يغمره الهدوء مرة من مشاكلكم.
شعرت بالغيظ من حديثه، فزمجرت قائلة:
_كده يا عصام ؟ ماشي.
_ اه كده ، هو ده اللي عندي عندك اعتراض
رفع يدها بطريقة مضحكة:
_نيجي بعد سنتين لو تحب!
غمز لها بتسليةٍ:
_تعجييني.
وتركها وغادر لتخوض ما تبقى من مهمتها بمفردها، تقدمت بخطواتها لتقترب منه بتردد، وكلما اقتربت أكثر منه تمكنت من رؤية الحزن أوضح في ملامحه، فرددت في محاولة للفت انتباهه لوجودها:
_هو ده بقى المقر السري بتاعك؟
تطلع إليها بصمت، والحزن مازال يخيم عليه، جثت على ركبتيها لتصل إلى مستواه، فوجدته ينظر إليها بلومٍ وحزنٍ، حسرةٍ وألم، بينما عينيها تنظران إليه بعشقٍ وندم واعتذارٍ وأسف، وقالت بنبرتها الخافتة :
_ أنا آسفة.
تجمعت الدموع في حدقتيها حينما زاد صمته القاتل ونظراته كما هي، لم يبدِ أي ردة فعل لاعتذارها، لم تستسلم فعادت تردف بندم :
_ أنا بحبك بجد… أرجوك… سامحني.
رقّ قلبه لحالها ودّ لو ينهض بها ويعانقها بقوة ، لكنه تذكر حديثها فما كان منه إلا سألها بغضبٍ كست نبرته الهادئة :
_ ليه بتعتذري لواحد معندوش إحساس ؟
ارتجفت شفتيها وعيناها تتركزان عليه، فهمست بتلعثم مبررة :
_ آسر أنا مقصدتش كده.
_تقصدي أو ما تقصديش أنتِ قولتي الحقيقة أنا فعلًا معنديش إحساس.
هدر بحدةٍ وهو ينهض موليًّا لها ظهره، فوقفت خلفه في محاولةٍ لإيقافه:
_طب اسمعني.
التفت إليها وعينيه تحتد شرارًا من غضب ثم قال معاتبًا :
_و أنتِ ليه مدتنيش فرصة عشان تسمعيني؟ ، وفري مجهودك أنا مش عايز أسمع منك حاجة.
نظرت له بصدمةٍ ودموعها تتدفق على خديها ببطءٍ ، أخذ مفاتيح السيارته عن الطاولة المجاورة وذهب نحو سيارته مهرولًا بغضب، شعرت باليأس من فشل محاولتها، ولكن لن تستلم، نظرت له لتجده يبتعد، فركضت نحوه تتوسله قائلة:
_ آسر أرجوك اسمعني ، دقيقة بس نتكلم وبعدها امشي ، آســـــــــــــر!
ندائها لم يبالي لها، صعد سيارته وشغّل محركها مغادرًا، وتلك المسكينة لاتزال تركض وراءه تطالبه بالوقوف ومازالت تركض من خلفه حتى تلاشى ضوء مصابيح السيارة التي ابتلعتها ظلمة الليل، ازدادت دموعها كثافةً، وكان آخر ما قالته، لتدخل بعدها في نحيبٍ مكتوم:
_آسر متسبينيش هنا أرجوك ، أنا خايفة.
**********
جلست ياسمين على فراشها تحتضن وسادةً صغيرة مطبوعٌ عليها صورتها مع خالد ، تنظر للفراغ أمامها، وذكرياتها التي تشمئز منها مع آدم تداهم عقلها، طرقات الباب تقطع شرودها لتلمح ندى تقترب منها بخطواتٍ هادئة، جلست أمامها على الفراش ونظرت لعينيها شبيهة عين حبيبها تحاول قراءة ما بداخلهما، ثم سألتها وهي ترد خصلةً أمامية من شعر ياسمين إلى الخلف:
_ مالك يا ياسمين احكيلي؟
حركت رأسها نافيةً بعدم وجود شيء لكن عينيها كشفت ما تحاول إخفائه، فرددت باصرارٍ:
_ لاء في ، احكي من غير كذب.
أخفضت رأسها بقلة حيلة، واستسلمت لتقص عما بها:
_ندى أنا خايفة.
شعرت ندى بذهولٍ من اعترافها وحيرةٍ لسبب ذلك الخوف الذي بسط وساوسه عليها منذ فترة ليتبدل حالها بتلك السرعة، سألتها بتوجسٍ عن السبب، لتمنحها ياسمين الجواب ويدها ترتجفان :
_ندى أنا لما أكون موجودة مع خالد في مكان لوحدينا بحس أني مخنوقة واللي حصلي من آدم بيتكرر قدامي، ومش عارفة أعمل ايه ؟
احتضنتها ندى بقوة، تشعر حجم معاناتها وصداع تفكيرها بحادثٍ كاد يدمر حياتها، ثم قالت مؤازرة :
_ يا حبيبتي أنتِ اللي مكبرة الموضوع على الفاضي انسي.
ابتعدت عنها تنظر إليها بعجزٍ ترجمته يداها الراجفتان و لسانها المضطرب :
_مش قادرة… بحاول …ومش عارفة…
احتضنتها مجددًا عساها تبث لها الثقة والطمأنينة:
_ خالد هيقدر الموقف اللي مريتي بيه أنا ممكن أتكلم معاه وآ…
_لا اوعي.
قاطعتها بانفعال وقد انكمشت تعابيرها بصورة مقبصة، مما أرضخها لرغبتها بعدم الحديث فقالت:
_خلاص يا ياسمين مش هتكلم…
_ هو ايه اللي مش عايزني أعرفه ؟
سأل خالد الذي تقدم بخطواته نحوهما مستفسرًا عن الأمر بعد سماعه جزءًا بسيطًا من حديثهما، لتنفي ياسمين الأمر بقولها متلعثمة:
_ هاه؟! لا مفيش…
_ لاء في يا خالد.
قاطعتها ندى وهي تنهض من مكانها تقف أمامه والاخرى تركض خلفها تشعر بالرعب والقلق والاستياء من فعلتها
نظر خالد لأخته مضيقًا عينيه يستشف جوابها، فمنحتها نظرة مطمئنة، قبل أن تعيد نظرها لأخيها وابتسمت قائلة :
_ حرمك المصون من فترة قرأت رواية رومانسية كانت نهايتها موت البطل والبطلة سوا وزعلانة عليهم، وكمان مستودع الشوكولا اللي مخبياه في الخزانة دي، خلص وخايفة تطلب منك ترفض وتقول هتتخني قبل الفرح.
ضحك خالد لطفولية تفكيرها، بينما زفرت الأخرى براحة لصدق وعد ندى في تكتمها على الأمر .
اقترب منها يجلس إلى جانبها وقال:
_ متخافيش عندي روايات أبطالهم حلوين هيعيشوا في تبات ونبات ويخلفوا صبيان وبنات زينا، وبالنسبة للشوكولا ، الذخيرة عندي فُل يا زعيمة هبعتلك منها بعد شوية، المهم رضاك علينا يا جميل.
منحته ابتسامة رقيقة، فراقبتهما ندى وأردفت بمشاكسة:
_ يا سلام على محن البنات ما كنتي قالبة على جعفر العمدة من شوية!
قذفتها ياسمين بالوسادة الصغيرة، قائلة بغيظ:
_برا.
ابتسمت ندى بسخرية وهي تحتضن الوسادة الصغيرة بين ذراعيها، جلست على الكرسي وتابعت حديثها تغيظهما:
_ أخرتها برا ؟ طب مش طالعة و أدي قعدة، وروني بقى هتعملوا أيه
هتفت جملتها الأخيرة وهي تداعب صورتهما على الوسادة ، فنهض خالد فجأةً يحملها بين ذراعيه بعد أن سحب الوسادة من يدها لتتلقفها ياسمين بضحك وخرج بها من غرفة ياسمين تحت صرخاتها المعترضة ورجائها المستمر بأن يتركها، أوشك إيصالها لغرفتها فلمح عصام ينظر لهما بدهشةٍ وسأل :
_إيه ده ؟ في إيه؟
_ عصام الحقني..
استنجدت به متصنعة البراءة، لينظر أخوها إليها بنظراتٍ ساخرة أدركت تمثيلها، بينما قال عصام بغضب:
_ نزلها.
أشار إليه بحاجبيه ، ثم قال بسخرية :
_ كويس أنك جيت استلم.
افلتها تقف على الأرض تاركًا إياها، في حين تعجب عصام من طريقته، وتساءل وهو يوزع نظراته بينهما بخوفٍ مصطنع:
_ عملتي ايه المرداي؟
أجابته بإماءة وجهها الطفولية:
_ غلست عليهم.
اتسعت ابتسامة عصام لتتحول لضحكة صغيرة، ثم سألها مرة أخرى:
_ جامد ولا شوية؟
_ أنا طالعة من عندهم مطرودة ومحمولة على الاكتاف يعني جابوا اخرهم مني يا بوص!.
انفجر عصام ضاحكًا، لتبتسم وهي تراقبه بسعادةٍ، تلاشت حينما أشار لها بتوعد:
_طب يلا على أوضتك بدل ما أنا اللي أغلس عليكِ.
**********
سار عصام تجاه غرفته، ليلمح آسر يتقدم هو الآخر بخطواتٍ مترنحة وملامح متجهمة للغاية، توقف عن طريقه وأوقفه قائلًا:
_ آسر، أخيرًا رجعت؟
أجابه بنبرةٍ قاتمة وهو يشيح النظر عنه:
_آه رجعت ، عن إذنك هروح أنام مصدع جدًا.
كاد أن يتابع سيره، لكن أوقفه عصام مجددًا بسؤاله:
_ أومال سها فين؟!
_زمانها ورايا.
أجابه ببرودٍ أدهش عصام ليقبض على ذراعه بقوةٍ وتابع أسئلته:
– وراك فين؟!
رد عليه بتأففٍ من كثرةٍ الاسئلة
_كانت معايا في البستان أكيد جاية ورايا .
رفع حاجبيه بتعجب:
_ هتيجي في أيه ؟
نظر آسر إليه بغرابةٍ وأجابه:
_في ايه إزاي ؟ زي ما جت هترجع بعربيتها.
دفعه عصام بقوة وزمجر بغضب :
_ أنا اللي وصلتها هناك بعربيتي،، إزاي تسيبها هناك لوحدها بالوقت ده ؟
تصنّم آسر لما سمعه من أخيه عنها ، هل جاءت دون سيارتها ؟ هل تركها مفردها في مكان رغم بهجته نهارًا إلا أنه مرعبٌ في الليل؟ هل تأخر الوقت كثيرًا؟
فرك وجهه بغضبٍ شديدٍ من نفسه وقال بضيق:
_ معرفش إنها جاية معاك!
وركض بسرعةٍ نحو سيارته مجددًا، ليعود إليها ويبدد خوفها أمنًا، ليستسمحها هو عن خطأه تلك المرة ، بعد أن كان صاحب حق أسقط حقه ليكون مذنبًا.
*************
جلست سها بالجوار، تضم قدميها لصدرها، تشعر بالرعب من وجودها بمفردها بهذا المكان، يزحف الظلام للمكان ببطء ويزداد رعبها تدريجيًا، تسربت الدموع من عينيها وأجهشت بالبكاء، تشعر بالخوف ينخر عظامها كالوحش القاتل، ازدادت رجفة جسدها مع سوء الجو، فضرب السماء رعدًا قويًا جعلها تنتفض من محلها فزعًا،واتبعه أمطارًا غزيرة انكمشت على نفسها أكثر ودعت أن يعود إليها سريعًا، قاد سيارته بسرعة جنونية، ويده ترطم عجلة القيادة متمتمًا بحدة:
_ ازاي اسبها لوحدها ومسألهاش جيت هناك أزاي!!
ما أن استمع لصوت الرعد حتى اتسعت عينيه بذعرٍ عليها، وباتت صورتها باهتة بمخيلاته التي فاقت الحد.
********
_ أهو مشيتها عشان نقعد برحتنا
ردد بها خالد الذي جلس على مقعد بالقرب منها ، فانتفضت مرددة بتوترٍ:
_نقعد فين أنا هنام تصبح على خير.
أوقفها بصوته هادئ:
_ بتهربي مني ليه يا ياسمين!
تغللها الارتباك، وتمتمت بتلعثم :
_ و أنا ههرب منك ليه يعني!!
تنهد بحزنٍ، وتقدم حتى وقف قبالتها مباشرةً، يردد بحنوٍ:
_ياسمين أنا عارف أنك بتحاولي تكوني قوية بس مش عارفة متخافيش ياحبيبتي أنا عارف اللي أنتِ مريتي بيه وعارف قد إيه صعب، أنا بحبك وهستناكي العمر كله لأنك عمري و أنا مقدرش أشوفك خايفة ومرعوبة كده أنا بعدت زمان عشان شوفتك خايفة مني ومستعد أبعد تاني..
قاطعته متمتمة سريعًا دون وعي:
_ لاء، مفيش بعد تاني.
ابتسم خالد لتشبثها به لأخر لحظة رغم خوفها، فهمس لها:
_ بحبك.
ابتسمت بخجلٍ، وهي تجاهد ليسمع صوتها المنخفض:
_ و أنا كمان بحبك.
احتضنت ندى خالد من الخلف ورددت بمرحٍ:
_ وأنا كمان بحبكم أووي.
فزع كلاهما وتجمدوا محلهما، فصاح خالد بغيظٍ وهو يجذبها من تلباب بيجامتها المنزلية:
_ أنتِ ايه اللي جابك هنا تاني!!
تململت بين ذراعيه وهي تصيح ببرودٍ:
_ هي كانت أوضتك ولا أوضتك دي أوضة سو.
علق خالد بتهكمٍ:
_ أوضة مين يا ختي!!
اجابته ببسمةٍ باردة:
_ سو.
جذبها بالقوة تجاه الباب وهو يصيح بها :
_ أنا مش قولتلك إرجعي أوضتك ونامي زي الشاطرة.
دفعت يده ثم عادت للفراش مجددًا تردد بمرحٍ:
_ ما أنا هنام بردو زي الشاطرة بس هنا.
مسح خالد على وجه بنفذ صبر، يغمغم بحنقٍ :
_لا أنتِ زودتيها أوي.
أجابته ساخرة :
_ هي جيت عليا ما أنت مزودها وعايش على الآخر.
زمجر خالد بغيظٍ وردد بحنقٍ:
_ يابت أتلمي بدل ما أضربك أنتِ صاحية من الغيبوبة تفوقي علينا.
اجابته ندى ببرودٍ:
_حاجة زي كده.
_ أنا جبت أخري أتقي شري
قالها خالد بتوعدٍ، لتشيح ندى بيده قائلة بسخطٍ:
_ يا شيخ روح بلى شر بلى خير وأنت عامل شبه اسماعيل ياسين في المطافي كده.
امسكها خالد تلك المرة بقوة، يردد بتوعدٍ أرعبها :
_طب تعالي بقى.
حاولت ياسمين التدخل ولكن لم تستطع أن تكتم ضحكتها لتنفلت منها مرددة :
_ خلاص يا خالد دي بتهزر معاك.
حدجها بنظرةٍ مغتاظة، يردف بغضبٍ :
_إقعدي على جنب دلوقتي.
دفعت ندى يده وركضت سريعًا قبل أن يمسك بها، فتوعد لها وركض خلفها دون أن يحيل عنها.
************
صف سيارته باهمال ثم ركض الى داخل البستان يردد بصراخٍ:
_ سها… سها..سـ…
أُلجم لسانهما أن رأها تجلس تضم قدميها إليها، وترتجف أسفل وابل الامطار المحاط بها، دموعها تنساب على وجنتيها بخوفٍ، ركض نحوها يردف بندمٍ ظاهر:
_ سها حبيبتي أنا آسف والله ما أعرف أنك جاية من غير عريبة.
ابتسمت بتعبٍ، وتمتمت بصوتٍ واهن وهي تحارب تلك الدوامة السوداء:
_ كنت واثقة أنك هترجعلي تاني.
وسقطت مغشي عليها بين يديه، انقبض قلبه فزعًا فلطم وجهها برفقٍ:
_سها حبيبتي ردي عليا..
تفحص حرارة جسدها فتفاجئ بارتفاعها، حملها سريعًا إلى سيارته وداثرها بسترته علها تدفئها، ثم انطلق عائدًا إلى القصر.
*******
اندفع خالد إلى الغرفة يقتحمها بقوةٍ، ليفزع عصام من اقتحامه الغريب مرددًا:
_خضتني يا أخي.
سأله خالد دون أن يعير حديثه اهتمام:
_مشفتش ندى.
جفف شعره بعدما أخذ حمامًا دافئًا يجيبه بهدوءٍ:
_ لاء ليه!!
صك خالد على أسنانه بغيظٍ :
_ لما هشوفها والله لأوريها هتروح فين يعني هنزل أشوفها تحت بقيت رزلة أووي البت دي واضح من كتر قعدتها مع الزفت آسر أتعدت منه!
وأغلق الباب بقوةٍ ثم هبط يبحث عنها، في حين ألتقط عصام قميصه يرتديه سريعًا مرددًا بهدوءٍ:
_ إطلعي يا ندى أنا عارف أنك جوه.
فتحت باب خزانة الملابس ثم خرجت لا تعلم كيف علم باختباءها هنا، لتردف بذهولٍ :
_عرفت أزاي أنت كنت بتاخذ شور و أنا أتسحبت بهدوء معملتش صوت.
منحها نظرة عاشقة، وبصوته الرخيم قال:
_ مش محتاجة تعملي صوت عشان أحس بيكي كفاية قلبي.
علقت ندى بتعجبٍ:
_يعني ايه
استدار ينظر لها بهدوءٍ ثم قال بحبٍ:
_يعني بحس بوجودك من غير ما تتكلمي!
علت الدهشة ملامحها لتردف بذهولٍ :
_ لدرجة دي!!
اجابها ببسمة جذابةٍ تحمل بطياتها الحب:
_ و أكتر من كده أنتِ متتصوريش أنتِ ايه بالنسبالي يا ندى!
ابتسمت بخجلٍ وقالت بمحاولةٍ للهرب من نظراته:
_ عايزة أكل شكولاتة وخايفة اطلبها من الخدم خالد يعرف مكاني ممكن تجبهالي وأنا هستخبى هنا لحد ما تجبها.
نظراتها البريئة وطلبها الخبيث أرغمه على الرضوخ إليها، فردد بيأسٍ:
_ حاضر.
**********
وصل آسر لفندق قريب، تراجل من سيارته ثم دلف للفندق ليحجز غرفة وما أن انتهى من الاجراءات اللازمة حتى حمل سها وصعد بها للغرفة يضعها على الفراش، حاول ايفاقتها متمتمًا بخوفٍ:
_سها حبيبتي فوقي.
حاولت فتح عينيها بصعوبةٍ ولكن فشلت محاولتها، ليردد آسر برجاء:
_ عشان خاطري فوقي يا حبيبتي أنا آسف.
حاولت الحديث لتهمس بصوتٍ متألم:
_آآه.
نظر لملابسها المبتلة ثم قال لها:
_سها لازم تغيري هدومك والا هتتعبي أكتر من كده لازم تساعديني
ما هي إلا دقائق حتى سمع طرقات على الباب ذهب للباب سريعًا وحمل الملابس عن الفتاة التي احضرتها له، دلف بها مجددًا ووضعها جوارها وردد بحنوٍ:
_ سها الهدوم أهي فوقي، أنا طلبتلك دكتور وزمانه على وصول غيري هدومك عشان متتعبيش أكتر
همست بصوتٍ متعب :
_مش قادرة!!
شعر آسر بتأزم الموقف، ليردد برجاءٍ:
_لا حاولي عشان خاطري… أنا هخرج لحد ما تغيري.
خرج من الغرفة، تركها حتى تغير ثيابها، في حين نهضت سها بصعوبة كي تبدل ملابسها وبصعوبة نجحت بذلك.
***********
لم تستطيع النوم بعد محاولاتها العديدة، فقررت أن تسير بالحديقة لعلها تنعش رئتيها ببعض الهواء النقي، جلست على الأرجوحة تلامس الزهور الموجودة جوارها، رآها خالد فتقدم منها متسائلًا بذهول:
_ايه اللي مصحيكي لحد دلوقتي ياحبيبتي؟
استدارت برأسها إليه، وقالت :
_مش جايلي نوم قولت أنزل أتمشى شوية.
حرك رأسه متفهمًا ثم قال ببسمةٍ :
_ ممكن أتمشى معاكي؟!
وضعت سبابتها أسفل ذقنها بتفكير، ثم قالت ياسمين بحماسٍ:
_ هو ممكن بس بشرط.
قطب جبينه بدهشة، يردد بصدمةٍ:
_كمان في شرط!!
ضحكت على طريقته، لتجيب بخفوتٍ:
_ آيوه.
تنهد قليلًا ثم قال باستسلام :
_ وايه هو؟!
تمتمت بخفوتٍ:
_ ترد على كل الأسئلة اللي هقولك عليها.
جلس جوارها على الأرجوحة، يردد بجدية:
_ ياسمين أنتِ مش محتاجة شروط عشان تسأليني أنتِ تسألي اللي أنتِ عايزاه على طول.
_ أنت بتحبني ليه يا خالد!
سؤال ألقته تنتظر اجابته، في حين تعجب خالد من سؤالها ليجيب بعدم فهم:
_مش فاهم.
اوضحت مقصدها وهي تتفوه بهدوءٍ :
_ يعني أنت حبيتني عشان على طول شايفني قدامك فده تعود ولا لاء!!
رفع خالد حاجبه باستنكار، ليردف بتهكمٍ:
_ والله بجد طب ما حبتش سها ليه ما هي كانت قدامي بردو!
رددت بهدوءٍ:
_عادي.
_ياسمين بطلي هبل
قالها بغيظٍ من تفكيرها، في حين عبست ملامحها ورددت بغيظٍ :
_شوفت بقى عشان كده مكنتش عايزه أسالك.
تنهد من طريقتها، ليردف بحنوٍ:
_خلاص متزعليش .
مطت شفتيها بحزنٍ، تردد بضيق :
_ لا أنا زعلانة.
نهض خالد يردف بهدوءٍ:
_طب خلاص هجاوبك على اللي أنتِ عايزاه رغم أني جاوبتك كتير…تعالي معايا.
تعجبت من طلبه، فتساءلت بتعجبٍ :
_ على فين؟!
_ تعالي بس
قالها وهو يسير نحو غرفته، شعرت ياسمين بخوفٍ شديد وهي تتبعه، فسألته برعبٍ ظاهر بنبرتها:
_ أنت جايبني هنا ليه ياخالد!!
لمس رعبها الذي تحاول إخفاءه، فأشار لها على مقعد بالقرب من الباب :
_ إقعدي يا ياسمين.
واتجه لخزانته ثم عاد يحمل صندوقًا خشبيًا، وقدمه لها، واردف بحبٍ:
_إتفضلي
تفحصت ما بيدها وتساءلت بدهشةٍ :
_إيه ده؟!
أشار على الصندوق، يجيبها بهدوءٍ:
_إجابة سؤالك.
علقت بتعجبٍ يزداد:
_بس ده صندوق!!
حرك رأسه في ايجابية، يردف بهدوءٍ:
_إفتحي وأنتِ تعرفي.
فتحت ياسمين الصندوق فوجدت به دمية صغيرة شعرت وكأنها رأتها من قبل، لتردف في محاولة التذكر:
_أنا حاسة أني شوفت العروسة دي قبل كده بس مش فاكرة فين!!
اجابها خالد بحبٍ لتلك الذكرى :
_أكيد لازم تحسي كده لأنها بتاعتك.
دُهشت معالم وجهها، تتساءل بذهولٍ :
_بتاعتي أنا؟!
حرك رأسه بايجابية، يردف بهدوءٍ:
_أيوه بتاعتك كنتٍ بتحبي تلعبي بيها أوي ولما ضاعت منك بكيتي عليها كثير رغم أن عندك بدلها كثير بس كنتِ بتحبيها وأنا لقيتها و أديتهلك.
قطبت جبينها بدهشة، تشير نحو الصندوق متمتمة:
_ أمال هي بتعمل ايه عندك؟!
ابتسم خالد بحنوٍ، يجيبها بحبٍ:
_ كان آسر بيحب يضيقك كان بيخدها يخبيها منك و أنتِ جيتلي وطلبتي مني أحتفظ بيها لحد ما تطلبيها مني تاني.. بس أنتِ نسيتها.
علقت ياسمين بذهولٍ تملكها :
_ يعني أنت فضلت محتفظ بيها السنين دي كلها ده أنا نسيتها!!
اجابها خالد بصوتٍ عاشق:
_ بس أنا عمري ما نسيتها ولا أنسى أي حاجة أنتِ طلبتيها أو قولتيها ليا عشان بحبك يا ياسمين.
خجلت من حديثه ونظراته العاشقة، فتهربت منه وعادت لتتفحص محتوياتللصندوق مجددًا فوجدت به كشكول، لتسأل مجددًا بعدما قرأت اسمها:
_ ده كشكولي أنا فاكراه كويس لما كنت في الإعدادي وجبت درجة وحشة لأني كنت تعبانة ومش مذاكرة وآسر كان بيدور عليه عشان يقول لماما و أنا كنت بعيط وخايفة لتزعل مني بس آسر مش لقاه ولاحتى أنا لقيته، معاك إزاي؟!!
اجابها خالد ضاحكًا:
_ أنا كنت ساعتها في تالته ثانوي أنا وعصام وكان عندنا مباراة في المدرسة وكنت راجع تعبان وطالع أوضتي سمعتك و أنتِ بتتكلمي مع ندى على الكشكول ده و أن آسر هياخده فأخدته وخبيته عندي.
_ ليه؟!!
قالتها بدهشةٍ، ليجيبها بحبٍ :
_لأني مش بحب أشوفك حزينة!!
اشارت ياسمين على محتويات هذا الصندوق متمتمة بحالة ذهول:
_وايه كل ده؟!!
_دي حاجات خاصة بيكِ الوردة دي أنتِ أديتهالي من أول ما أتعلمتي تزرعي ورد أنا كنت أول واحد تديله منه وآ
قطع حديثه ما أن رأى نظراتها الغريبة، ليردف بدهشةٍ:
_بتبصلي كده ليه؟!
أجابته ياسمين بأعين لامعة من دموعٍ تلألأت بها:
_ أنت لسه محتفظ بكل الحاجات دي!!
ابتسم لها، ثم قال بحنانٍ:
_وهفضل محتفظ بيها لأنك روحي يا ياسمين انا بحبك مش حب تعود أنا عديت مرحلة حبك دي من سنين وأخيرًا حلمي أتحقق وبقيتي ليا وبكره هتكوني ملكي.
واستطرد بعشقٍ:
_ ها عرفتي إجابة سؤالك ولا لسه!!
_عرفتها.. أنا هرجع أوضتي.
قالتها وهي تشعر بخجلٍ شديد، ليردف خالد بعدما رأى تورد وجنتيها:
_ بعشق شكلك و أنتِ فروالة كده!
***************
ظل آسر بالخارج ينتظر انتهاء سها، دق هاتفه فما كان سوى عصام الذي تمتم:
_ايه يا بني كل ده عشان ترد؟!
أجابه آسر بهدوءٍ :
_مسمعتش الفون إلا دلوقتي.
_ سها عاملة ايه دلوقتي!
سأله بهدوءٍ بعدما علم ما حدث، ليجيبه آسر باختناق:
_ أنا طلبتلها الدكتور وزمانه على وصول.
قال بغيظٍ:
_ إن شاء الله خير أنا من ساعة ما كلمتك أول مرة وعرفت اللي حصلها وأنا مخنوق منك ونفسي أخنقك عشان أخلص منك
_ليه بس كده
قالها بتعبٍ، ليجيبه عصام بغيظٍ:
_عشان غبي هتكون وصلت هناك أزاي يعني هو حد يعرف المكان ده غيرنا؟!
اجابه آسر بوهنٍ:
_مجاش في دماغي خالص.
علق عصام بتهكم :
_هو أنت عندك دماغ أصلا يالا حسابك معايا بعدين أنا هقفل دلوقتي عشان سايق.
قطب آسر جبينه بدهشة، يتساءل بحيرةٍ :
_هو أنت بره القصر؟!
_أيوه بس راجع أهو سلام.
قالها وهو يغلق معه.
***********
ظل عصام يقود السيارة فشعر بشيءٍ غريب، سيارة سوداء تتابعه منذ خروجه من القصر، وتحاول اعتراض طريقه!!!
**********
دوار حاد أصاب رأسها، تنظر حولها بتعبٍ شديد، حاولت مقاومة تلك الهالة السوداء من أن تلتهمها ولكنها فشلت؛ لتلطم بالأرض بقوةٍ.
استمع آسر صوت عالي يخرج من الغرفة فأسر بالدلوف للداخل فوجد سها ملقاة على الأرض، هرول لها سريعًا يحملها ووضعها بالفراش، هامسًا بقلقٍ:
_ أنتِ كويسة سها؟!
لم يجد استجابة، فأمسك الهاتف بغضبٍ يحدث موظف الاستقبال ليردد بحنقٍٍ:
_ أنا مش طلبت دكتور هو فين كل ده!!
اجابه موظف الإستقبال بهدوءٍ :
_ الدكتور طلع لحضرتك يافندم.
استمع آسر لصوت دقات على الباب، ليضع السماعة ثم انطلق سريعًا إلى الباب يفتحه، يشير للطبيب على سها ليباشر عمله، وبالفعل فحصها الطبيب وما أن انتهى حتى ردد بعمليةٍ:
_ درجة حرارتها عالية وهتحتاج المحلول ده فورًا.
*************
نجحت السيارة في كسر الطريق على عصام، وهبط منها خمسة رجال ذو بنية ضخمة يرعبوا من يراهم، راقبهم بشكٍ تحول إلى يقين ما أن رأى مايا اوروا تهبط من السيارة خلفهم، هبط عصام من سيارته يقف أمامها ببرودٍ تام يردد بسخطٍ:
_ أنتِ؟!
اجابته مايا بكبرياءٍ:
_ هل كنت تظن أنك ستنجو بعد أن تجرأت على إهانتي، سأقدمك لرجالي لينالوا منك!!
ضحك بشدة، وأردف بتهكمٍ:
_هل يمكنني طلب أمرًا أخيرًا قبل ذلك؟
اشارت له بأن يتكلم مرددة ببسمةٍ تحمل الانتقام:
_ماذا تريد!
اجابها بمكرٍ :
_ سيارة إسعاف!
ضحكت مايا بصوتٍ صخب، تردد بعدها بتهكم:
_ أريد قتلك وليس معالجتك!
حرك عصام رأسه، يستعد للقتال متمتمًا:
_أعلم ذلك ولكن هذه السيارة ليست لي أنا..
رفعت حاجبها بدهشةٍ مصطنعة، ثم قالت:
_حقا و لمن؟!
ابتسامة ماكرة علت ثغره وهو يردد بفحيح مخيف:
_ لهؤلاء الرجال، أخشى أن يفارقوا الحياة قبل وصول السيارة!
ارتسم الغضب بقوة على ملامحها لتنظر إلى الخمسة رجال خاصتها تردد بصرخٍ :
_ تخلصوا منه في الحال.
***********
أنهى الطبيب عمله مشيرًا له:
_ أنا ركبتلها المحلول عشان الحرارة تنزل و أعملها كمان كمادات و إذا منزلتش كلمني فورًا ده الكارت بتاعي.
حرك آسر بايجابية مرددًا بتعبٍ:
_ شكرا ليك.
ابتسم الطبيب مجاملة، ثم تحرك نحو الخارج يغادر الغرفة، في حين احضر آسر الكمادات كي يخفض حرارة سها التي ارتفعت بهذا الشكل المخيف.
مر وقت حتى شعر آسر بانخفاض درجة حرارتها، وأنها على وشك استعددت وعيها.
****************
هجم عصام عليهم مستخدمًا مهارته العالية بالقتال، يستهدف أماكن الجسد الأكثر،حساسية ليسقط بهم أرضًا فاقدين الوعي، فزعت مايا مما رأته ووقفت تتطلع لرجالها الذين يتساقطون أمام عينيها واحدًا تلو الأخر، لا تعلم أنها حررت الوحش عن مخضعه الآن!
…… يتبع……
[٣/‏١٢ ٩:٠٠ ص] نودي: (الفصل الخامس والعشرون)

فتحت عينيها ببطءٍ لتراه أمامها، فأغلقتها مجددًا بتعبٍ، كان لازال يجلس إلى جانبها ينتظر أن تستعيد وعيها بلهفةٍ، فوجدها تهمس بتعبٍ:
_ آسر .
التفت إليها ينظر لها وابتسامةٌ هادئة لا تفارق وجهه، فاقترب منها يردد بحنوٍ :
_حمدلله على سلامتك يا حبيبتي.
_الله يسلمك.
أجابته بضعفٍ ، فتأمل ملامحها قليلًا ثم سألها:
_حاسة بإيه دلوقتي؟
أجابته باقتضابٍ:
_ الحمد لله.
مالت برأسها للجانب الاخر، فردد معتذرًا :
_ أنا آسف ، والله ما أعرف أنك جيتي من غير عربيتك.
حديثه ذكّرها بما حدث ، شعرت بدموعها تنساب دون إرادةً منها وقالت بألمٍ :
_ أنت سبتني لوحدي يا آسر أنا كنت خايفة أوي.
أنحنى بساقه أرضًا، ينظر لوجهها الحزين وعينيها الباكيتين، ليكرر إعتذاره مجددًا :
_ آسف يا حبيبتي والله ما أقصد.
أصرت بحزنها مرددة برفضٍ تامٍ:
_لا مش خلاص.
_يعني مش هتسامحني؟
سألها بتوجسٍ وهو يجلس جوارها على الفراش يتطلع للطاولة المجهزة بأطيب الطعام لها قائلًا بمكر :
_كده طب أروح ألغي الأكل اللي طلبته ليكِ وكمان بالمرة ألغي البيتزا.
التفتت نحوه بسرعة بعد أن سمعت اسم أكلتها المفضلة، فهمست بها ثم قالت وقد غيرت رأيها:
_ تلغي ايه؟! لا أنا مسامحك.
ابتسم داخله بانتصارٍ لكنه أصرّ على مكره وخديعته وتابع قائلًا بحزن :
_ يا ستي لأ أنتِ معاكِ حق فعلا.
اعتدلت بجلستها هاتفة باعتراض:
_ لا يا عم أنا اللي غلطت.
وصممت بحديثها:
_ولو سمحت متدخلش البيتزا في الموضوع.
ابتسامته الماكرة تحولت لضحكة عالية تخللها حديثه :
_يخربيتك ده أنتِ لو حد جابلك فرخة مشوية هتبعيني في ثانية.
_ أنا أبيعك بفرخة مشوية ليه أتجننت؟
هتفت باعتراض، ليشعر الحب في نبرتها، فقال بفخر :
_ ربنا يخليكِ ليا يا روحي.
لكن فخره لم يدوم طويلًا حينما تابعت حديثها قائلة بمكر وهي تلوح بيدها في وجهه :
_ لو ديك رومي معلش دي فيها كلام تاني.
شعر بالغيظ منها، ثم قال بسخط:
_ كده ؟! طب مفيش أكل خالص.
_ ليه يا أسورة كده؟
سألته ببراءةٍ وهي تزم شفتيها كطفلٍ بريء، لكنه أشاح بوجهه ضيقًا بما صنعت وقال :
_بلا أسورة بلا زفت.
ابتسمت ثم همست بعشق :
_ده أنا بحبك يا أسورة .
نظر إليها بسعادةٍ لاعترافها فسألها عن صدق اعترافها، لتحرك رأسها مؤكدةً ذلك، لتزداد سعادته ضِعف الأولى ، هاتفًا بفرحةٍ عارمة:
_طيب ما تجيبي حضن بقى؟
_لا لما نتجوز .
أجابته مانعةً بذلك قبل زواجهما، ليشعر بالضيق مجددًا فدفعها بيده بقوةٍ أسقطتها في جلستها وهو يهتف بضيق:
_طب يلا يابت من هنا.
همهم بمزحٍ، فقالت بجدية تامة:
_أنا آسفة مقصدتش أني أشك فيك، أنا بس كنت غيرانة لما شوفتها في حضنك.
رفع رأسه لها ينظر لعينيها قائلًا :
_عارف يا حبيبتي بس أنتِ جرحتيني أوي ليه مش قادرة تفهمي يا سها أن أنا مبحبش أشيل حد همي أو أزعل حد بسببي؟ عشان كده عمري ما بينت حزني ده مش معناه أني عديم الإحساس ، أنا مبحبش حد يشوفني ضعيف لأني مش منتظر شفقة من حد .
_ أنا آسفة أرجوك سامحني
أطال التمعن بعينيها وقال ببسمة هادئة:
_متتأسفيش يا سها أنا كمان غلطت لما سبتك ومشيت بالطريقة دي.
قالت وهي تضربه بخفةٍ على ظاهر كفه:
_ مدام طلعت عسل كده مش خسارة اشتري ليا دبلة تانية بدل ما أتشقط منك وأنا ماشية ايدي فاضية كده!
سألها بدهشة:
_ليه فين دبلتك.
تمددت بجلستها ببرود اتبع جوابها:
_رميتها في البحر
اتسعت عيناه بصدمةٍ وقال بغضب :
_وبتتكلمي بدم بارد كده ده أنتِ يومك مش فايت.
_ وكان حد قالك ترمي دبلتك في وشي، خلاص نجيب اتنين جداد نقضي بيهم الغرض!
ازداد غيظه فاقترب منها وصوت اصطكاك أسنانه يصل لمسمعها، كاد أن ينقض عليها لتنهض فارًّة منه قائلة بتعب :
_ آسر أنا تعبانة مش قادرة أجري.
اندفع خلفها، فاختل توازنها وسقطت على الفراش، تأوهت سها متألمة ونعتته بغيظ:
_غبي!
_أنا غبي؟! أومال أنتِ تبقي إيه ؟
أجابته بغرور:
_أنا أمتلك ذكاء لو في دماغ عالم كان زمانه طلع القمر في ساعة زمن!
سخر منها بقوله :
_قصدك القبر! أو زيارة لعباس التربي.
سألته باستغراب:
_عباس مين ؟!
دفن سخريته بجوابه:
_ ده صاحبي متخافيش هو بكرش حبيتين تلاتة بس عنده شنب طويل عسل زيك تمامًا.
_ أنا بكرش وشنب؟!
هتفت بغيظ ليبتسم ماكرًا ثم تصنع لامبالته في قوله:
_ عادي يا حبيبتي أنا متفرقش معايا، ثم إن البضاعة المباعة لا ترد ولا تستبدل!.
دفعت بيدها تبعده، تجيبه بسخط:
_البضاعة تمنها بعين مشتريها يا أخ!
***********
ارتجفت مايا وهي تقف أمام عصام، لتتأسف بتلعثم أظهر كذبها:
_ آسفة ، أنا لم أقصد أن أسبب لك أي ضرر .
نظر إليها بنظرةٍ مميتة جعلتها ترتجف محلها رعبًا، وتحدث بحدة صوته الهادئة المرعبة كفحيح الأفعى متوعدًا لها :
_إذهبي من وجهي الآن و إلا سأنسى أنكِ امرأة وسألقنكِ درسًا لن تنسيه في حياتك .
كادت أن تبتعد لكنه أوقفها حينما جذبها من شعرها بقوةٍ وهددها بقولة:
_ إن رأيتكِ في أي مكان حتى ولو صدفة فأقسم لكِ أنكِ ستتلقين نفس مصير هؤلاء.
دفعها بقوةٍ أسقطتها أرضًا ، فرفعت بصرها إليه لتراه يشرف عليها من الأعلى بنظراته، ثم قال ناصحًا إياها قبل مغادرته المكان بثقة :
_ لا تنسي الاتصال بالاسعاف!
غادرها واثق الخُطى نحو سيارته ليعود لعرينه، بينما هي اشتعلت نظراتها غضبًا توعدت إليه في داخلها بقوله :
_ ستدفع الثمن أعدك بذلك.
**********
وصل عصام القصر ثم صعد إلى غرفته ومعه كيسًا كبيرًا مملوءًا بأفخم أنواع الشوكولاتة التي تعشقها ، فتح باب الغرفة ليجدها تغط في نوم عميق، ابتسم بعشقٍ لهيئتها الملائكية، وأطفأ النور ثم خرج من الغرفة بأكملها
اتجه نحو غرفة خالد وفتح الباب برفقٍ ليجده نائمًا بعمق وكأنه لم يذق النوم منذ سنوات، اقترب منه يوقظه بهدوء :
_خالد…
_بس يا آسر اتخمد .
كتم عصام ضحكته، ثم كرر نداءه يوقظه فكان جواب خالد هذه المرة:
_بس يا حيوان .
ارتفع حاجب عصام بذهول ، ثم توجه نحو دورق المياه يضع القليل في الكوب الذي بجانبه وعاد لخالد فسكبه عليه مرةً واحدة، لينهض مفزوعًا .
_أيه في ايه ؟!
تلفت من حوله ليجده يجلس على المقعد المقابل، زفر بعمقٍ وصاح بتأففٍ:
_في ايه يا عم الفيلم الأكشن اللي أنت عايشه ده ؟!
_ قوم فوقلى عايزك .
أمره بجديةٍ لم يستوعبها خالد ، فتثاءب ومط ذراعيه مجددًا في محاولةٍ للعودة إلى النوم ، ثم قال بنبرةٍ ناعسة:
_ بكرة ما صدقت إن الواد آسر هيبات بره النهارده أنا أتأكدت بنفسي وقولت فرصة أعوض نوم السنين اللي فاتت كلها، تصبح على خير ، اه وياريت تطفي النور.
_خالد أنا مش بهزر بكلمك بجد قوم أتنيل فوق عايزك.
تيقن من عصبيته أنه يتحدث بجدية، فنهض من فراشه واغتسل ثم عاد يجلس من أمامه، فلاحظ الاصابات السطحية على وجهه،فتساءل بقلق :
_أيه اللي في وشك ده؟!
_الزفتة اللي اسمها مايا دي .
منحه جزءًا من الجواب ليستنتج الآخر اسمها كاملًا “مايا ارورا” شيطان بوجهٍ ملائكي، حرك عصام رأسه مؤكدًا أنها هي فاستفسر الآخر عما فعلته ، ليقصّ له ما حدث معه، شعر خالد بالصدمة من حديث عصام ، كيف لها أن تفعل كل ذلك، فهتف بعدم تصديق:
_ مش مصدق في ست بالقوة دي تأجر سفاحين عشان يخلصوا عليك؟!
هز رأسه ثم أكد ذلك بكلامه :
_و أكتر من كده كمان اللي زي مايا دي تعمل كتير .
_بس أظن هي اتعلمت الدرس كويس جدًا.
هتف خالد معتقدًا بتوقف حالة إجرامها بعد تهديد عصام، لكن الآخر أبطل اعتقاده قائلًا :
_لا ماظنش أنا شوفت في عينها حب الانتقام .
ضحك خالد ساخرًا عندما تذكر رفض عصام لها ثم قال بسخافة:
_أكيد مش اترفضت من عصام الدالي، ده أنت جايب لنا مشاكل يا جدع والله العظيم.
_خالد أنا مش فايق لهزارك السخيف ده، أنا عايزك تكلف حد يراقبها لازم أعرف هي ناوية على ايه بالظبط.
قطع استهزاءه نبرة عصام الجادة والصارمة، ليشعر خالد بمبالغة ابن عمه في الأمر ما دفعه لقول :
_ مش مستاهلة كل ده ؟
أخبره على مضضٍ :
_من اللي شوفته لازم أحرص.
ومنحه نظرة أخيرة مردفًا قبل مغادرته:
_ يالا تصبح على خير وأتمنالك نوم سعيد ولو أني اشك في كده.
_ ليه ؟!
سأله خالد مستغربًا فأجابه الآخر يتصنع عدم معرفته :
_مش عارف عندي إحساس أن آسر راجع النهاردة.
شعر باستياء لمجرد أن تخيل الأمر فهتف بحزن :
_حرام عليك يا شيخ متفولش.
ضحك عصام وهو يغادر الغرفة ، ليتجه نحو غرفته، ليريح رأسه قليلًا.
**********
_ دي شكل واحدة تعبانة وكانت بتموت ؟!
قالها آسر وهو يراها تتناول الطعام بشراهة، رفعت بصرها نحوه، وهي تحمل قطعة بيتزا بين يدها وفمها، وسألته بحالتها تلك:
_ الله مكولش ؟!
_لا إزاي أتزفتي ياختي.
هتف باستياء وامتعاض شعرت به ، لتنظر إليه مرددة:
_طيب ما تيجي تتزفت معايا ؟
زادت حفيظته ، فاعتدل في مكانه ثم توجه نحو الفراش وسحب الغطاء على جسده قائلًا بتذمر :
_ لا شكرا يا عديمة الدم تفصليني من اللحظة الرومانسية اللي مش بتيجي إلا من العيد للعيد عشان الأكل ، صبرني يارب أروح انام أحسن بدل ما أقتلها و أعملي حسابك تجهزي بدري عشان نرجع القصر عشان كتب الكتاب .
طمأنته بحديثها وهي تلوك البيتزا في فمها قائلة:
_ متقلقش هات البطيخة اللي عندك دي وروح نام وأنت مطمن.
أغلق عينيه بنفاذ صبره منها ، وتمتم متذمرًا :
_ أحطلها سم فيران في الاكل ولا أعمل أيه!!
**********
لم يستطيع النوم أبدًا ،فنظر لسها التي غلبها النعاس، نهض من الأريكة وقال موقظًا إياها بلكزاتٍ خفيفة:
_بت يا سها قومي.
أجابته أثناء نومها بضيق:
_ ايه يا آسر؟ سبني أنام ، عايز ايه ؟
_يالا نرجع القصر .
قالها وهو يعد نفسه للعودة، فتحت عينيها بصعوبة وتساءلت:
_دلوقتي؟! ليه ؟! مش قولت أننا هنفضل هنا للصبح؟!
أشار لها بحدة :
_ مش عارف أنام من غير خالد .
بدا جوابه مضحكًا بالنسبة لها فانفجرت ضاحكةً، وهتفت من بين ضحكاتها باستهزاء :
_ طب بعد الجواز خالد هيجي ينام جنبك؟
_بت احترمي نفسك.
هتف بحدةٍ لم توقفها عن وصلة ضحكاتها ، سحبها نحوه بقوةٍ يوقفها قائلًا بضيق:
_ يلا بدل ما أوريكي الضحك بجد.
كتمت ضحكتها مؤقتًا لتقول هذا له لكنها سرعان ما عادت تضحك بقوةٍ أكبر.
ما هي إلا دقائق حتى استيقظ خالد من نومه مفزوعًا عندما سمع صوت الباب يضرب بعنف، رأى آسر ينظر إليه مبتسمًا، ثم قال بمرح :
_خلّود حبيب قلبي ، وحشتني.
_ أنت ايه اللي جابك يا حيوان أنت مش كنت هتبات بره ؟!
سأله وهو يفرك وجهه بكفه بضيق وغضبٍ دفين ، فاقترب آسر منه قائلًا بحزنٍ مصطنع :
_ معرفتش والله أبات بعيد عنك عشان متزعلش، بس أنا اللي زعلان أنك عرفت تنام من غيري يا خاين.
اتسعت عينا خالد لنعت الأخير له بالخائن ، ثم هتف بحدة تبعها ضيق :
_حرام عليك نفسي أنام يوم مزاجي مرتاح غور من وجهي و اتقي شري أحسنلك.
_ أنا هنام هنا يعني هنام هنا يا أبو نسب.
قالها بإصرار وهي يستقر تمامًا إلى جانبه، في حين هتف خالد:
_متقولش أبو زفت.
ضحك آسر وأغلق عينيه براحة، وسرعان ما خيم عليه النعاس وأخر ما تردد على لسانه :
_ ماشي يا خلّود تصبح على خير.
نظر إليه بغيظٍ شديد، ثم رفع بصره إلى السماء ، وهتف متوسلًا:
_الرحمة يارب، نفسي أقتله وأخلص بس لا مينفعش بكره أحلى يوم في حياتي مش هيعكنن عليا اليوم ده بسببه، وما هي الا دقائق معدودة حتى صاح
_ لأ…. لأ
صرخات آسر المتتالية أثناء نومه لم تفزعه وحده فقط بل أيقظت خالد لينظر له بصدمةٍ وقلق ، احتضن آسر خالد بقوةٍ ونفسه يتسارعه ، دفعه الآخر عنه ، ليقول آسر بلهاث :
_خالد الحمد لله يارب ألف حمد وشكر ليك أنا عايش مموتش الحمدلله الحمد لله .
شعر بنظراته الغاضبة والمستفسرة عما فعله بذلك الوقت،فأشار له برعبٍ :
_حلمت أن سها كلتني مع سندوتش الكفتة.
برق خالد عينيه بذهول مما سمعه ، فاتبع الآخر حديثه مقسمًا :
_ اه والله .
_طب حطت معاك كاتشب ولا طحينة؟!
سؤال خالد الساخر جعل الآخر يسبل عينيه مفكرًا ، ثم قال
_ أنت فاجأتني بسؤالك ، مش فاكر الصراحة.
_ولا يهمك ياحبيبي أنا هخليك تفتكر.
هتف بها بغيظ ليمسك بمزهريةٍ وركض بها خلفه، فصاح الاخير مذعورًا :
_اعقل يا خالد.
لوح بما يحمله بانفعال:
_ أنت خليت فيها عقل ، أنا لو حصلي حاجة أنتَ السبب.
_حرام يا خالد النهارده كتب الكتاب.
رد عليه بتوعد :
_ ونفس يوم جنازتك!
****************
_في حد يفطر على الصبح كده شوكلا!!
قالها عصام باستنكار، لتضحك ندى على طريقته، تجيبه:
_ آه أنا.
أبعد عصام عنها الشكولاتة، يردف بصوتٍ جاد :
_ندى مش بهزر هاتي مفيش شوكولا ذش إلا لما تفطري الأول.
عبست ملامحها بحنقٍ، تردد بضيق:
_ أنا حرة.
رفض عصام بجدية ظاهرة، يردد بحزمٍ واضعًا القالب بأحد الأدراج وأغلقه بالمفتاح :
_قولت مفيش إلا لما تفطري الأول.
غمغمت بغيظٍ :
_هات مفتاح الدرج
اردف بعناد:
_ لما تفطري الأول.
وضعت يدها على خصرها يرتفع صوتها بحنقٍ:
_و أنت مالك ..أنا مش عايزة أفطر هو بالعافية هات المفتاح.
رفع حاجبه باستنكار، ثم رد ببرودٍ أغضبها:
_ لاء
حاولت ندى الوصول إلى المفتاح ولكن فرق الطول كان حاجز بينها وبين المفتاح لتتمتم برجاءٍ:
_ عشان خاطري.
_قولت لا
ضربت بقدمها الأرض تردد بتذمر :
_ أنت وحش أوي و أنا بكرهك.
ضحك على طريقتها الطفولية، وصاح ببعض الدهشة :
_ كل ده عشان الشوكولا!!
طبطبت على صدرها وهي تنظر له برجاءٍ، تتمتم بصوتٍ راجي :
_ عشان خاطري هات بقى.
تنهد قليلًا من نظراتها ورجائها المستمر، وردد بهدوءٍ، ويده ممدودة بثمار التفاح:
_ أوك بس تاكلي التفاحة دي الأول.
ابعدت يده تردد بتذمر :
_ بس أنا مش عايزة
رفع حاجبه باستنكار، وجلس على المقعد يضع قدم فوق الأخرى يردد ببرودٍ:
_والله أنا قولت اللي عندي و أنتِ أختاري بقى.
زمت شفتها بضيقٍ، متنتمة بغيظٍ :
_بارد.
اجابها ببسمة باردة :
_عارف.
استرسلت ندى بغضبٍ شديد :
_ ومتكبر ومغرور.
ضحك على طريقتها، ليردف بضحكة ساخرة:
_ عارف.
جلست ندى على المقعد الموجود جواره تمسك بالتفاحة بضيقٍ، تلتهمها بحنقٍ، تقدم منها عصام ثم همس بصوتٍ رجولي جذاب:
_شطورة وبتسمعي الكلام و أنا مبسوط منك ياندوشتي.
منحته نظرات نارية، ثم رددت بنبرة ساخرة:
_ ميرسي يا بابي.
عاد مكانه يجلس بأريحية، وهو يبادلها نفس النبرة الباردة:
_وعشان كده بابي هيكافئك بشوكولا كبيرة جدًا.
وأخرج من جيبه احداهما ثم اعطاها لندى التي غمغمت بسخطٍ:
_واحدة بس!!
اجابها عصام بايجابية:
_ أيوة هي واحدة في اليوم بس ده الا عندي.
تنهدت بضيقٍ ثم قالت بنوعٍ من الرجاء:
_طب هات كمان واحدة عشان خاطري.
_لاء.
قالها بجدية واضحة، جلست بحزنٍ متمتمة:
_خلاص مش عايزة منك حاجة..
ثم أكملت بنبرة طفولية متذمرة:
_ومعتش ليك دعوة بيا.
تنهد عصام قليلًا، ثم قال باحتواءٍ ممزوج بحبٍ :
_حبيبتي أنتِ تطلبي الدنيا كلها حتى لو طلبتي حياتي مش كتير عليكِ يا عمري.
ردت وهي تشير نحو الدرج الذي يحوي أحد كنوزها الثمينة وقالت في محاولةٍ لاستعطافه:
_ ما أنا طلبت شوكولا!!
اجابها بصوتٍ حنون:
_يا ندى أطلبي حاجة تفيدك مش تضرك حبيبتي كترها بتسد شرايين القلب.
اتسعت عينيها بشدة، لتردد سريعًا:
_خلاص هات الواحدة اللي قولت عليها.
مد عصام يده بها يردد بصوتٍ ضاحك:
_ مش قولتي أنك مش عايزة حاجة مني!
سحبتها منه تتناولها بنهمٍ، فابتسم لطريقتها التي بات يعشقها، ثم أمسك بالحاسوب وبدأ بالعمل.
********
_ إهدى يا خالد هتموتني عشان حلم ده حلم يا جدع!
قالها آسر وهو يحاول الركض بعيدًا عنه، في حين حدجه خالد بصوتٍ حاد:
_حبك برص يا شيخ.
صرخ بصوتٍ عالي متمتمًا في محاولة الهروب :
_ أرمي الفازة دي دا أنا عريس!
أتى أحمد على صوتهما، ليردد بتعجبٍ:
_في ايه يا خالد؟!
اختبئ آسر خلفه وهو يردد بصوتٍ لاهث :
_كويس أنك جيت يا أبو لهب ألحقني خالد عايز يموتني.
نظر أحمد له ثم نظر نحو الذي الذي أتى يحمل مزهرية بيده ليتسأل بدهشةٍ:
_ ايه اللي أنت ماسكه ده؟!
أشار له آسر يردد بتأكيد :
_رد على عمك رد
أخذها أحمد منه ، وعاتبه بحزن :
_ دي صغيرة أووي يا ابني متعملش حاجة مع الحيوان ده خد دي أحسن
أعطى أحمد لخالد مزهرية أكبر، لتتسع عين آسر برعبٍ مرددًا:
_أبويا بيساعد في جنازتي يا جدعان!
وركض سريعًا قبل أن يمسك به خالد.
هبط محمد من أعلى الدرج، يردد بتعجب:
_في إيه يا أحمد إيه الدوشة دي؟!
اجابه أحمد بلامبالاة:
_لا مفيش حاجة متخدش في بالك ها قولي عملت ايه؟!
حرك محمد رأسه مطمئنًا، يردف بهدوءٍ:
_ كل حاجة تمام أنا لسه جاي من عند المحامي وجهزنا الأوراق.
حرك رأسه براحةٍ، ثم توجه نحو الدرج مشيرًا له:
_ تمام أنا هطلع أشوف عصام جهز ولا لاء!
عاد آسر لهما يصرخ برعبٍ:
_ حد يلحقنا يا بني آدمين.
قطب محمد جبينه بدهشة، يتساءل بحيرةٍ:
_هو في ايه؟!
كتم أحمد ضحكته، يردف ببسمةٍ:
_متخدش في بالك!
**********
_ تعال هنا يا جبان
قالها خالد بغيظٍ وهو يحاول أن يصل إليه ، في حين صرخ آسر بذعرٍ :
_ يعني لو جيتلك وكسرت الفازة على دماغي هبقى شجاع مش عايز أم الشجاعة دي!
تعثر آسر بالسجاد وسقط أرضًا ومن خلفه خالد الذي ردد متوعد:
_ والله لأربيك.
لم يتأثر آسر بحديثه، بل ظل ينظر خلفه بصدمةٍ وذهول ظاهران على ملامحه،تعجب خالد من نظراته المذهولة فاستدار ينظر لما يراه فوجد ياسمين تهبط من أعلى الدرج بفستانٍ سماوي، ملامحها هادئة للغاية بعد مساحيق التجميل البسيطة، تعلقت عين آسر إلى معشوقته التي ترتدي فستان أسود مطرز بحبات لؤلؤ بيضاء اعطى لها شكلًا مميزًا.
اقتربت منهما ياسمين وتساءلت بشكٍ:
_عملت أيه يا آسر؟!
لم يلتفت لها بل كان نظره معلق على سها، فأردف وهو يشيح بيده لها:
_ سيبني أشوف القمر اللي نازل ده.
تركته واتجهت لتقف قبالته فوجدته مازال يرفع المزهرية على كتفه، فرددت بتعجب:
_خالد أنت كويس؟!
اجابها وهو يتركها عن يده ويتطلع لجمالها الساحر:
_ بقيت كويس دلوقتي!
ضحكت على كلماته، ثم قالت بمرح:
_ خلاص كل ما أسر يضايقك هخليك تشوفني عشان تهدأ كده.
ابتسم خالد لها بحبٍ، وأردف باستحسان لفكرتها :
_تصدقي ده حل كويس!!
ضحكت على حديثه، ثم قالت وهي تشير على ملابسه :
_ أنت ليه مغيرتش أحنا مش اتفقنا هنخرج كلنا لحد الساعة ماتيجي 4 نروح للمحامي!!
نهض وهو يخبرها:
_ هو اللي يشوف الزفت ده على الصبح يفتكر حاجة هطلع أغير حالًا عن اذنك..
أوقفته حينما نادته:
_ خالد!!
استدار عائدًا لها سريعًا يردف بعشقٍ:
_نعم يا روحي.
اشارت نحو المزهرية تردد ببسمةٍ ضاحكة:
_ الڤازة.
قطب جبينه للحظات، يردد بتعجبٍ بعدما استغرق وقت للاستيعاب :
_فازة إيه.. آه!!
وضعها من يده بعدما أدرك أنها لا تزال بيده، ثم صعد إلى الأعلى ولكن وجد آسر لا يزال واققًا يفتح فمه لما يراه، ضربه على مؤخرة رأسه يردد بسخطٍ:
_ غبي.
واتبع خطاه للاعلى،فاوقفته سها حينما تساءلت وهي تشير لذاتها بثقةٍ:
_ايه رأيك فيا بقى بعد إحداث بعض التطورات!
رفع حاجبيه بذهولٍ، يردف بدهشةٍ:
_يا شيخة أنتِ عملتي تطورات!!!
حركت سها رأسها بايجابية، تردف ببلاهة:
_ ايه رأيك!
_عادي يعني
قالها ببرودٍ، في حين اغتظت سها، وتلفظت بحنقٍ:
_ ماشي يا خالد!
ضحك خالد على تذمرها، ليجيبها بجديةٍ وسط بسمة منحها إياها :
_خلاص متزعليش، أنتِ قمر والله خسارة في الغبي ده.
ابتسمت برضا على حديثه، ثم أردفت بغرورٍ:
_طبعا يا ابني بس صعبان عليا أسيبه بعد ما عشمته بالجواز.
وأشارت له وهي تستكمل طريقها:
_ عن أذنك بقا أما أروح أشوف أسوره حبيبي.
تركته سها تنطلق نحو آسر، في حين ضرب خالد كف بالأخر، يردد بذهولٍ :
_ يابنت المجنونة أكيد لازم تتجنن مش هتتجوز آسر.
_خالد أنت بتكلم نفسك
قالها عصام بعدما انتهى من اعداد نفسه، ليجيبه خالد بسخطٍ:
_الحمد لله لسه في حد عاقل هنا، عصام حبيبي نصيحة مني ليك أوعي تقف مع آسر كثير أوعي عشان خاطري.
اتسعت عينيه بدهشةٍ من حديثه، وأردف بذهولٍ :
_خالد أنت أتجننت!!
عوج فمه بسخطٍ، يردد بسخريةٍ:
_لا لسه بس على ايد أخوك قريب جدًا متقلقش أنا هطلع أغير هدومي عشان مش نتأخر سلام.
****************
هبطت سها أخيرًا إلى الأسفل، تردد ببسمةٍ رقيقة :
_هاي ياسمين هاي آسر.
ارتفع صوت آسر بكلماتٍ شعبية:
_هاي بالقشطة والمكسرات والمزز!
اشمئزت ياسمين من كلماته لتردف باشمئزاز:
_ بيئة.
أكدت سها على حديثها متمتمة:
_فعلا.
هبط عصام من أعلى الدرج بهدوءٍ لتركض نحو سها متمتمة بانبهارٍ:
_ إيه الجمال والشياكة دي يا بوص ناوي تموت مين النهاردة!
اتسعت عين ياسمين تردد بغيظٍ:
_ أخويا بيتعاكس و أنا واقفة أوعي يابت كده!
ازاحتها ياسمين كي تقف جواره، في حين نظرت سها تردد ببلاهةٍ :
_عصام أكسب في أمي ثواب و أتجوزني أنت… يا سلام ده أنا أخرج معاك في كل حتة عشان الكل يعرف أن القمر ده جوزي.
شهق آسر بصدمةٍ، ثم ردد بغيظٍ :
_ مش حلو ولا حاجة ده فلتر يا غبية!
ضحكت ياسمين على طريقة آسر وكلماته، لتردد بضحكة ساخطة:
_ فلتت منك دي يا أسورة.
_ هتعملوا حفلة عليا و أنا واقف!
قالها عصام بحنقٍ منهم، فحاول آسر الحديث متمتمًا :
_يا بوص..
قاطعه عصام بحدةٍ :
_ إخرس أنت.
وضع آسر يده على فمه مرددًا بحنقٍ :
_حاضر
ضحكت سها عليه تردف بتشفي :
_ تستاهل.
حدجها عصام بنظرةٍ غاضبة، يردد بحدةٍ:
_وأنتِ كمان مش عايز أسمع صوتك.
اتسعت عينيها بصدمةٍ، ثم سألت بذهولٍ:
_ليه بس؟
رفع عصام حاجبه، يردد بصوتٍ حاد:
_إسكتي.
حاولت سها أن تتكلم ولكن اوقفها عصام يزمجر بحدةٍ:
_ إخرسي.
صمتت سها على مضضٍ، تردد بحنقٍ:
_حاضر
نظر عصام إلى شقيقته، ثم سألها بهدوءٍ :
_فين ندى يا ياسمين؟!
اجابته ياسمين ببسمةٍ حنونة:
_في أوضتها.
حرك رأسه في ايجابية، ثم ردد وهو يتطلع بساعته:
_ طب اطلعي شوفيها معلش يا حبيبتي.
***********
هبط كلًا من خالد وآسر بعدما أنتهوا من ارتداء ملابسهم،فتتساءل خالد بدهشةٍ:
_فين ندى؟!
اجابته سها بهدوءٍ:
_في أوضتها وزمانها نازلة.
اقترب منه عصام وسأله باهتمامٍ:
_عملت ايه في اللي طلبته منك؟!
حرك رأسه وهو يشير له بهدوءٍ:
_متقلقش أنا وكلت مصطفى بالمطلوب وكل المعلومات عنها هتكون معايا بالليل.
تعالى صوت آسر المزعج وهو يردد بغيظٍ:
_قومي لو سمحتي متقعديش جنبي.
شهقت سها بصدمةٍ، ثم تمتمت بحنقٍ :
_ليه يا خويا مقعدش جنبك ليه مبتقعدش جنب ستات!!
نظر لها بغضبٍ، يردف بغيظٍ:
_ أنا مش بهزر قومي من هنا و إلا..
قاطعته سها وهي تشيح بيدها متمتمة :
_مش قايمة الله هتعمل ايه يعني فرجني.
مسح خالد على وجهه يردد ببسمةٍ مختنقة :
_الخناقة أبتدت قوم نشوف في إيه!
_لا أنا سيبلك شرف المهمة دي لو قومت هقتلهم الإتنين و أخلص
قالها عصام بحنقٍ، فضحك خالد وتهض من مكانه متمتمًا:
_ خلاص أروح أنا..
انطلق خالد اليهما يردف بصوتٍ عالي:
_بس في ايه!!
تمتم آسر بتذمر :
_ أنا مش عايزها تقعد جنبي هو بالعافية!
تمتمت سها بضيقٍ:
_أنت ليه محسسني إني هقعد جنب أم كلثوم!
نظر خالد إلى سها،وردد بمللٍ :
_ ليه مش عايزها تقعد جنبك يا آسر؟!
ردد آسر بسخرية على حديثها :
_ تروح تقعد جنب البوص اللي هت,,موت عليه من ساعة ما شافته.
حركت سها رأسها وهي تأكد له ببرودٍ :
_ والله يا آسر أنت معك حق هروح أقعد جنبه على ما ندى تنزل بدل ما هو قاعد لوحده كده شكله وحش أوي.
انطلقت س في حين رفع آسر يديه إلى الهواء يردد بدعاءٍ وسط دهشة خالد :
_ الحمد لله إنها غارت الحلم يتحقق وتاكلني بصحيح.
منحه خالد نظرة ساخطة، وتحرك لمقعده بآلية تامة، راقبه عصام بشماتة فاحت بنبرته:
_تستاهل الشهامة والرجولة عرقها حامي أوي ورايح تحجز.. إيه اللي حصل!!
اجابه خالد بتهكم:
_مجنون بعيد عنك .
آتى آسر يقف أمام الأثنان يردد بسعادةٍ :
_خالود مقولتليش رأيك في البدلة الجديدة.
همس خالد بصوتٍ مخيف:
_ رأيي أنك تمشي من قدامي دلوقتي بدل ما أرتكب جناية في أحلى يوم في حياتي.
******
اقترب منهم محمد يتساءل:
_ها يا ولاد كله تمام؟!
اجابه خالد بسعادةٍ:
_ أيوة يا بابا بنستنى ندى وياسمين وهنخرج على طول.
أشار أحمد نحو الدرج، ثم ردد ببسمة تعلو ثغره :
_ أهم نزلوا.
تقدمت ندى تحتضن عمها مرددة بحبٍ :
_صباح الخير يا عمي.
اجابها أحمد وهو يغازلها :
_صباح الجمال والحلاوة وال….
قاطعه عصام بغيظٍ يعتريه الغيرة:
_إيه يا والدي شيل كلمتين تلاته لزوجتك العزيزة.
تمتمت آمال بضحكٍ على غيرة ابنها :
_متخافش يا عصام أحمد شايلي كثير صح يا حبيبي!
غازلها أحمد متمتمًا بحبٍ :
_و أكتر من كده ياقلبي.
تدخل آسر بالحديث، يردف بضيقٍ مزيف :
_ شوفوا الواد مش عامل حساب ليا وبيقل أدبه و أنتِ يا آمال إحترمي نفسك شوية!!
رمقه أحمد بنظرةٍ حادة، يزمجره بعنفٍ :
_ حاول تبعد عني النهاردة بالذات سامع.
أشاح آسر بيده، يردد بصوتٍ متهكم :
_ قال يعني أنا اللي عايز أشوف خلاقكم.
ردد عصام بحدةٍ بعدما استمع لكلماته:
_بتقول ايه يا حيوان!!
ابتسم آسر بتوترٍ، يجيبه:
_ ولا حاجة ده أنا بدعيلكم.
ردد محمد بضحك:
_ طب خلاص يالا كل واحد ياخد الموزه بتاعته ويورنا عرض كتافه.
شهق آسر بصدمةٍ، ينظر إلى سهير مردفًا :
_ الحقي يا سهير الرجل بيعاكس البنات.
نظرت سهير إلى الفتيات باعجابٍ، ثم قالت بحبٍ :
_ هما يستاهلوا الصراحة.
نظر لها آسر بصدمةٍ من فشل خطته بالايقاع بينهما، في حين تمتم خالد بتشفي:
_شكلك بقي زبالة أووي الصراحة.
أكدت ندى حديث شقيقها، تردف بضحكٍ :
_و أنا بقول كده بردو.
شعر آسر بحرجٍ، ليردف وهو يتطلع إلى سها قائلًا :
_احم مش يالا يا سها!!
حركت سها رأسها بنفيٍ، تردد:
_لا أنا هركب مع خالد.
صرخ خالد بعصبية بالغة:
_ لا خالد لا أرحموني لله ي..
نظر آسر إلى ركض خالد المذعور، ثم قال بشفقةٍ :
_ياعيني الواد أتجنن.
علق أحمد بتهكم :
_معاه حق اللي يقعد معاك ثانية لازم يتجنن الله يكون في عونه.
أشار عصام ببسمةٍ هادئة إلى ندى، يردد بحبٍ :
_يالا يا ملكتي.
بادلته ندى الابتسامة، تتحرك معه إلى الخارج متمتمة:
_يالا.
نظر آسر لخروج عصام مع ندى ودلفهما للسيارة، ليتمتم بحنقٍ :
_ يالا بقى يا بت هتحايل عليكِ!
نظرت له سها قليلًا ثم قالت:
_ماشي أتحايل شوية.
تدخل أحمد بصوتٍ جاد يحمل الحدة:
_ لا ياحبيبتي أنتِ هتخرجي معاه بالذوق أحسنلكم ونتقابل باليل هنا لما المحامي يجي يالا،شوية كمان وهنطردكم أنتم الاتنين.
***************
قضى الجميع يوم جميل لن ينسى ثم عادوا إلى القصر من أجل عقد القرآن، وبالفعل تم عقد قرآن عصام وندى، وخالد وياسمين، و آسر وسها
أمسك عصام يد ندى متمتمًا بحبٍ وهو يقبل جبينها :
_ ألف مبروك ياعمري.
اجابتن ندى بخجلٍ :
_الله يبارك فيك.
أمسك بكفها يردف بحبٍ:
_تعالي معايا أنا محضرلك مفاجأة.
أثار فضولها لتسأل بنبرةٍ طفولية فضولية :
_ مفاجأة أيه؟!
ضحك بخفةٍ، ثم قال من بين ضحكاته :
_ متبقاش مفاجأة لو قولت.. تعالي.
****************
_ أخيرًا بقيتي ملكي مش مصدق!
قالها خالد بعدم تصديق، في حين ضحكت ياسمين بخجلٍ تردد :
_ لا صدق.
ردد وهو يعلق بصره بعينيها:
_ أنتِ عارفة يا ياسمين أنا أستنيت اللحظة دي أد أيه؟
هربت ياسمين من نظراته المتعلقة بها، ليردف خالد بمكرٍ:
_معتش في مجال للهروب ليه!
اجابته بخجلٍ:
_ههرب ليه كده خلاص!
ضحك على خجلها، وعينيها اللتان تهربان منه، ليردف بتملك :
_ أنتِ فاكرة أني لو مكنتش كتبت الكتاب أنك كنتِ هتهربي مني ده بعدك.
تلون وجهها بحمرة الخجل، تردد بصوتٍ يحمل الحرج :
_خلاص يا خالد الله.
ردد خالد ضاحكًا :
_ قولتلك بحب أشوفك وأنتي شبه الكريز كده!
ركضت ياسمين بعيدًا، ليركض خلفها متمتمًا:
_ إستني بس.
*************
ردد آسر بغرورٍ:
_ مبروك عليكي أنا.
لوت فمها بتهكم، ورددت بسخطٍ :
_ليه يا خويا كسبت بنك الحظ!
أشار آسر على نفسه، يردف بفخرٍ :
_ أحسن يا بت.
ضحكت بسخرية ثم تمتمت بصوتٍ حانق :
_طب أمشي من قدامي بدل ما أرتكب فيك جناية عيل رزل.
رفع آسر حاجبيه، يردف باستنكارٍ :
_مين ده اللي رزل يابت ده أنتِ ليلة أبوكِ مش معديه النهاردة.
شهقت سها من طريقة حديثه، لتردف بجنونٍ:
_ طلقني أحسنلك.
علق على حديثها بسخريةٍ:
_ أحسنلي ليه هتعملي ايه!!
رفعت كعب حذائها الضخم وهوت به فوق رأسه،مشيرة ببسمةٍ واسعة:
_هعمل كده يا خويا.
_ آآآآه يابنت المجنونة.
صرخ بها آسر، ثم وضع يده على موضع الألم ليجد دماء تسيل منه، برق بعينيه برعبٍ وتمتم بصدمةٍ:
_إيه ده دم!!!
رددت سها بسخطٍ:
_ أكيد مش هتجيب كاتشب يعني!
صرخ آسر راكضًا نحو والده:
_ بابا.. بابا.
وجد آسر المحامي لا يزال موجودًا، ليردف أحمد بدهشةٍ:
_ في اي يا آسر ومين اللي عمل فيك كده!
نظر آسر إلى المحامي يردف بذعرٍ :
_الحمد لله أني لحقتك قبل ما تمشي أنا عايز أطلق دلوقتي طلقوني!
صُدم محمد من طلب آسر، ليردد بدهشةٍ :
_ أستهدى بالله يابني.
أشار آسر إلى المحامي، يحدثه بصوتٍ ملتاعٍ :
_ لا طلع بسرعة قسيمة طلاق ولا أي حاجة بسرعة الله يكرمك.
ردد المحامي بسخطٍ :
_مش أما قسيمة الجواز تطلع الأول!!
حدجه أحمد بنظرةٍ نارية، يردف بغيظٍ :
_ آسر أتلم في ايه!
هبط آسر قليلًا كي يرى رأسه، ليردف بألمٍ :
_أتفضل!
رأى أحمد رأس آسر وسأله بصدمةٍ:
_ايه ده مين اللي عمل كده؟!
أتت سها تجيب بفخرٍ:
_ ده أنا يا خالو متقلقش.
_أنتِ!!!
قالها أحمد بصدمةٍ، في حين أكدت سها الحديث تردد:
_ أيوه عشان يتأدب.
صرخ آسر بخوفٍ، يردف بصوتٍ مذعور :
_الحقني يا والدي الله يكرمك ده أنا لسه بتكلم كسرت كعب الجزمة على دماغي، أمال لو كنت مديت إيدي عليها كانت عملت ايه!
غمغمت سها بشرسةٍ لم يراها أحد من قبل:
_كنت فتحت كرشك بالسكينة!!!
…. يتبع…
يؤدي ارتباط أسعار الذهب وسعر صرف الدولار بتكاليف المواد الخام والاستيراد إلى تأثير مباشر على أسعار السيارات في الأسواق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
6

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل