
_ دادة يا دادة!
هتف عصام مناديًا لعاملة القصر الكبيرة التي جاءت فورًا وسألته طلبه:
_ايوا.
_ حضري لياسمين هدومها عشان متخدش برد يا دادة.
_ حاضر يابني.
انسحبت السيدة تجهز ما طلبه عصام، ليسمع بعدها صوت ندى:
_ أنا هنادي سها وهنغيرلها وأنت يا عصام هاتها أوضتها.
هزّ عصام رأسه موافقًا ليحمل ياسمين بين ذراعيه ذاهبًا إلى غرفتها، في هذه الأثناء دخل آسر ومحمد وأحمد القصر ليفزعوا من حالتهم تلك، هرول أحمد إليهم عندما رأى ياسمين بحالتها تلك، قال والقلق ينهش قلبه:
_ مالك يا حبيبتي؟!
_ هو اية اللي حصل؟!
هتف بها آسر وهو ينظر لندى، التي شرعت تقص عليهم ما حدث معها بإيجاز، وبعد ذلك ذهب عصام والجميع نحو غرفتها، أراح عصام جسدها على السرير، ليلاحظ ارتعاش جسدها، سحب الغطاء نحوه يدثرها بالغطاء ،ثم نظر لخالد قائلًا:
_خلاص يا خالد روح أنت كمان غير لتاخد برد.
_أطمن عليها بس يا عصام الأول.
هتف بها خالد بنبرته الخائفة، ليطمئنه عصام:
_ما هي يابني كويسة أهوه.
انسحب خالد على مضض ليبدل ثيابه، اتبعته ندى لتبحث عن سها حتى تساعدها لكن لم تجدها، حتى والدتها وزوجة عمها، لتستعين بعدها ب “الدادة” التي دخلت معها غرفة ياسمين، فكانت الأخرى قد بدأت تستعيد وعيها وتفتح عينيها، اندفعت ندى بخطواتها نحو النائمة على فراشها بسعادة، وهتفت:
_ كل ده نوم خضتيني عليكي؟!
تستجمع صوتها المعدوم لتقول بنبرةٍ ضعيفة تكاد تخرج من شفتيها:
_ آسفة يا ندى بس حقيقي كنت تعبانة.
_ سلامتك يا سو.
قالتها بحنو، وضمتها بين ذراعها، دخل محمد وأحمد وآسر وعصام، وخالد الذي لبس مسرعًا حتى يطمئن على حبيبته، اقترب محمد منها وقال لها:
_ ألف سلامة عليكي يا حبيبتي
_ الله يسلمك يا عمي.
هتفت بها بنبرتها الضعيفة، لتتأوه بعدها عندما قفز آسر فوق السرير، وأمسك عصام آسر من رقبته يهاتفه بحدة:
_في حد بيطلع على السرير كدا يا حيوان.
أفلت آسر نفسه من قبضة عصام، وهتف بمرحه متجهًا نحو ياسمين:
_ مش أنا عملت كدا يبقى في… وسع كدا …سوسو حبيبتي عايزة تفلسعي وتسبيني مع أبو لهب وابنه مين هيشعلل بينا.
_ أنزل يا زفت هنا!
هتف أحمد بحدة ليجيبه آسر بالرفض فورًا، يجلس إلى جانبها يحتضن كفها، تذكرت ندى اختفاء والدها فنهضت من مكانها لتذهب تجاه والدها تسأله:
_ بابا هي ماما فين؟!
_مع آمال وسها خرجوا من ساعة كدا تقريبًا.
أجابها والدها لتقف بعدها جواره، يجلس خالد إلى جانب ياسمين فسألها :
_أنتِ كويسة دلوقتي؟
_ الحمدلله.
أجابته متحاشية النظر إليه بنبرتها المتعبة، فأنبها خالد بقوله:
_عشان ما سمعتيش الكلام وخلتيني أعلمك السباحة.
_ أنا بخاف من المايه.
أجابها وهو ينظر لعينيها، ليحثها بحديثه مشجعًا إياها:
_ لازم توجهي خوفك وتتعلمي أنا مش هسمح الموقف ده يتكرر تاني.
_ خلاص أنا هتنازل وهتكرم وهعلمك.
هتف بها آسر بعد أن سمع حديثهما، ليهتف بعدها أحمد بسخرية:
_ يبقى كدا ضمنتي الموت طالما الغبي ده اللي هيعلمك.
أغمض آسر عينيه وكأنه يكبت غضبه، وقال مغمض العينين:
_ شوف أخوك يا عمي!
كتم محمد ضحكته، لينظر لأحمد قائلًا:
_ خلاص يا أحمد.
_ خلاص إيه أرمي بنتي للموت مع الغبي ده هي كلمة يا عصام اللي يعلمها يا خالد.
هتف بها بشيءٍ من الحدة، لينظر عصام لخالد غامزًا له بطرف عينه واعتذر لوالده قائلًا:
_ والله يا بابا أنا اليومين دول مش فاضي خالص ولازم أسافر عشان أخلص المشروع بتاع شركة جون أرورا ما أنت عارف وبعدين خالد سباح ماهر يعلمها.
ابتسم خالد لذكاء صديقه وأنه يريد أن يقرب ياسمين من خالد أكتر، اعترضت ياسمين بقولها الخجِل:
_ لا آسر هيعلمني.
_ خلاص خالد هيعلمك.
هتف بها والدها بحدةٍ خشيةً عليها من ذلك الأبله ، فابتسم خالد لياسمين إبتسامة ماكرة فهمت من خلالها ما ينوي له.
_ اللي تشوفه يا أبو لهب
هتف آسر بها بسخط، ليسأله والده بحدة:
_ بتقول إيه يا حيوان؟!
_ بقول ربنا يخليك لينا.
قالها متصنعًا ابتسامته، لتصدح ضحكة محمد الذي فشل في كتمها، لدلفت كلًا من آمال وسهير، فهتفت والدتها بقلق:
_ياسمين حبيبتي مالك بابي كلمني وقالي على اللي حصل!
_ أنتِ كويسة يا مامي؟!
سألتها سهير الأخرى بلهفة لتطمئن عليه، فأجابتها ياسمين بعد أن عاد صوتها لشيءٍ من طبيعته:
_ أنا كويسة يا طنط.
لحظة صمتٍ سادت في الغرفة بأكملها عندما دلفت سها، الجميع اعتلت وجهه الصدمة خاصةً عندما أظهرت جمالها الخفي؛ نسقت ملابسها بطريقة جميلة، وأن أزالت نظارتها التي كانت تأكل نصف ملامح وجهها بسبب حجمها الكبير ، وبعد أن صففت شعرها الذي لطالما كانت تعقصه لأعلى ، عيناها العسليتان تتوهجان مع فستانها الأحمر الأنيق الذي يصل طوله إلى ما بعد ركبيتها.
_ إيه الحلاوة دي ياسها!
هتف محمد بها بمرحٍ بعد أن أطلق صفيرًا معجبًا بإطلالتها، لتتسع ابتسامتها الجميلة وهي تسأله سؤالًا جوابه يمنحها الثقة بما فعلته:
_ بجد يا خالو؟!
_ بجد أنتِ بقيتي مزة.
أجابتها ندى المنبهرة بإطلالتها، ليُسمع بعد ذلك تعليق ياسمين:
_ آه يا واطية مش قولتلك استني لما اجي معاكي أنا وندى.
_إحنا اللي أصرينا عليها أنا وآمال.
هتفت سهير مبتسمة، فنظرت ندى إليها مجددًا وقالت:
_ كدا معاكي تصريح من القوات المسلحة معفو عنك.
تعالت ضحكات الجميع إلا آسر الذي وقف على قدميه يفرغ فاهه وينظر إليها بدهشةٍ كبيرة، أطبق عصام فكه وهو يقول بسخطٍ :
_ أقفل بوقك ده!
آسر ظل يتقدم من سها وهو يدور حولها وينظر لها بإعجابٍ شديد، هتف بعدها بنبرة اعجاب:
_ يا بنت الأيه كان فين كل ده بقى أنتِ سها معقول بس إيه الحلاوة دي يخربيت جمال أمك يا شيخة.
جذبه عصام من قميصه من الخلف وهتف بقلة حيلة:
_ هموت وأعرف بتجيب الألفاظ الزبالة دي منين؟!
_ سبني ياعم أما أشوف المزة دي حكايتها ايه!
هتف بها آسر بسخطٍ، فاحتدت نبرته والده قائلًا:
_ احترم إن إحنا واقفين يا حيوان.
_ مش وقتك خالص يا أبولهب أنت شايف اللي أنا شايفه.؟!
هتف بها وهو يلوح بيده لوالده، فحرك الآخر رأسه بقلة حيلة ثم قال:
_ خالد عصام هاتوا الود ده وتعالوا ورايا وأنت يا محمد.
انسحب الشباب من داخل الغرفة لتبقى الفتيات، انتظرت أمال ابتعادهم و أغلقت الباب ثم قالت بعد أن ضربت ظاهر يدها بباطن الآخر:
_ الواد هيتجنن.
_ يستاهل بت يا سها أوعي تستسلمي بسهولة.
هتفت بها سهير بحماسة، وهي تشجع سها على تغييرها الذي أجدى نفعه مع آسر خاصة، فنظرت لها سها وقالت بتردد:
_ اوك يا..
_ يا إيه؟!
_انطي.
هتفت بها بابتسامةٍ جميلة، لتتسع ابتسامة سهير وقالت بحب:
_ هاتي حضن بقى.
أخذتها في حضنها تمسح على ظهرها بحنان أمٍّ حُرمت منه، فصل عناقهما صوت ندى وياسمين في ذات الوقت:
_ طب وإحنا؟!
ابتسمت أمال وهي تقرب الاثنتين تحتضنهما وقالت:
_ أنتم حبايب قلبي.
***************
في غرفه المكتب..
اجتمع أحمد بأخيه وأبنائه، وباشر حديثه قائلًا:
_ أظن كفاية لعب عيال كدا ونفوق لشغلنا!
_ بقى مخليني اسيب المزة دي عشان الشغل.
هتف بها آسر بسخط، ليخرسه عصام بحدة نبرته:
_ أخرس يا زفت…كمل يا بابا.
تنفس والدهما بضيق وهو يقول:
_هيموتني الواد ده.
_بعد الشر عليك يا عمي.
هتف بها خالد، ليهز عمه رأسه وتابع حديثه:
_ المهم الزفت اللي اسمه أيوب البحيري…
قاطعه عصام بسؤالٍ ساخط:
_ماله سي زفت؟!
_ راجع السوق من أول وجديد أقوى من الأول وبيضرب من تحت لتحت.
_ بس هو أعلن افلاسه جاب الفلوس دي منين؟!
سأل خالد باستغراب، ليجيبه والده:
_ من أحمد السيوفي بقى بينهم شراكة.
حرك عصام رأسه بفهمٍ وقال:
_ كدا أنا فهمت.
_طب فهمني.
طلب خالد منه، ليوضح له عصام:
_ بالعربي كدا الوفد أتحد عشان يخدوا بتارهم من اللي اتسبب في خسارتهم.
_اللي هو حضرتك صح؟!
أشار إليه خالد بسؤاله هذا، ليؤكد الآخر بجوابه:
_بالضبط كدا بس عايز أشوف هيعملوا إيه المرادي.
نظر محمد إليه بفخر، لكن حبه الأبوي ومشاعر خوفه بسطت نفسها على عقله ليخبره محذرًا:
_ أحمد السيوفي مش سهل.
_وأنا بحب اللعب مع الصعب
قالها غامزًا لعمه، ولكن والده لم يمنع من تحذيره عندما قال:
_ بس يا بني أنت كدا بتقف قدام المدفع برجلك وخصوصًا أنه داخل في الصفقة اللي إحنا داخلينها.
_ده كدا تحدي بقى.
هتف خالد بها، ليسمع عصام بعدها بحديثه:
_وأنا بعشق التحدي.. خالد انسحب من الصفقة دي.
_إيه؟!
هتف بها الآخر بتعجبٍ، ليؤكد عصام حديثه:
_نفذ وبس وهتعرف كل حاجة في وقتها.
_هموت وأعرف بتفكر في ايه!؟
هتف بها عمه، ليضحك عصام بعدها ضحكته الشيطانية، وقال بمكر:
_هعرفهم مين هو عصام الدالي.
ابتسم أحمد على دهاء ابنه أما أسر فكان بعيدًا عنهم بعقله شاردًا بجمال الفاتنة التي ظهرت بحلةٍ جديدة تسرق قلبه “سها” ، نظر أحمد إليه بعد أن لاحظ شروده فسأله:
_ أنت مقولتش رأيك في المشكلة دي يا آسر؟
_ جمييلة وعسل تتاكل أكل.
أجابه وهو لازال شاردًا في سها، ليفيق بعدها على ضربةٍ شعر بها على مؤخرة رأسه من خالد، الذي سأله بسخريةٍ:
_هي مين دي اللي جميلة!؟!
_ المشكلة.
أجابه مسرعًا وهو يفرك مؤخرة رأسه بيده، فنظر عصام إلى خالد قائلًا:
_سبيه يا خالد ده غبي لا يصلح لشيء.
_طيب يلا كل واحد على أوضته تصبحوا على خير.
قالها أحمد واتصرف الجميع كلًا إلى غرفته، عدا خالد الذي سلك مسارًا آخر تجاه غرفة ياسمين يطرق بابها :
_ ممكن أدخل؟!
استمعت إلى صوته فاعتدلت بجلستها، وأذنت له، ليفتح الباب وتقدم نحوها يجلس إلى طرف الفراش، وحدثها معاتبًا:
_كدا ياحبيبتي تخضيني عليكي كدا ؟…ده أنا حسيت أن قلبي وقف.
_ بعد الشر عليك يا حبيبي.
هتفت بها بخجل، لتتسع ابتسامته مسمع اعترافها الذي يذيب قلبه، سألها مجددًا ببلاهة:
_ أنتِ قولت إيه سمعيني تاني كدا؟!
اشتعلت وجنتيها خجلًا تتمتم بصوتٍ حرج:
_ بس بقا يا خالد الله.
_ لا خالد إيه بقى؟! هتقولي قولتي إيه ولا هخليكي تتكلمي؟
ابتسمت بخجل ترفع بصرها نحو عينيه الزيتونية ثم قالت :
_ قولت حبيبي.
همس لها بعشق:
_ ياقلب حبيبك.
**********
وقف آسر خلف باب غرفة سها يطرقه بخفوت ويتحدث هامسًا:
_ بت يا سها افتحي.
_مش فاتحة أمشي من هنا يا أسر بدل ما أطلع أنادي لخالي يعلقك وأنت واقف كدا.
هتفت بها من الجهة الأخرى للباب وهي تبتسم، سمعت بعدها ترجيه قائلًا:
_ يابت افتحي هقولك كلام شاعري ورمانسي افتحي يا سها الله يهديكي.
_ لا مش فاتحة.
هتفت بها باصرار، ليستخدم الآخر حيلته قائلًا:
_ كدا ؟! طيب أمشي أنا بقى خسارة البيتزا اللي جبتها دي أروح اكلها مع البت سعاد الشغالة.
_ بيتزا وشغالة ؟!
حدثت نفسها بهما بصدمة، ففتحت الباب مسرعة، ليهتف بسخط:
_ تعالي بقى أنتِ مش عايزة تفتحي لي أنا الباب طيب شوفي بقى عشان نبقى على نور كدا أنتِ هتضربي، أنا بس بقولك عشان تكوني جاهزة في أي وقت للقلم اللي هينزل علي خدودك الحلوة دي.
_ حرمت والله يا آسر تاني مرة هفتح علي طول.
هتفت بها بخوفٍ وهي ترفع يديها تحمي وجنتيها منه، ليزيد إصراره قائلًا:
_ لا لازم تتعاقبي عشان متتعادش تاني.
كست نبرتها القوة وهتفت بها:
_ كدا طيب بص وراك ياحبيبي.
شعر بأحدٍ خلفه ليسألها بتوجس:
_ أبو لهب ولا ابنه؟!
_ بص بنفسك.
قالتها وهي تشير بحاجبيها للأعلى، ليلتفت آسر خلفه متفاجئًا بعصام، فقال بخوف:
_ حبيبي يا بوص.
_بتعمل إيه هنا في الوقت ده يا حيوان.
هتف بها بحدة، ليجيبه بمرح:
_ ماله الوقت زي الفل والقمر والدنيا عسل أهوه.
احتدت نبرته أكثر وقال من بين أسنانه:
_أنت بتختبر صبري صح؟ أنا بقى صبور خالص عشان كدا إن ما مشتش من قدامي حالًا هفلق دماغ اهلك دي نصين.
ما إن أنهى تهديده حتى سمع صوت باب غرفة آسر يغلق، ضحكت سها ملئ صوتها وقالت من بين ضحكاتها:
_عسل يا صوص.
أمسكها عصام من ياقة بيجامتها وقال بذات حدته مع آسر:
_ أنا مش منبه عليكي يا زفتة متفتحيش الباب ده.
تلعثمت وهي تجيبه قائلة:
_ غصب عني يا عصام الله… ضحك عليا وقالي معه بيتزا.
خلل أصابعه بين شعره بعصبية وقال:
_يعني حضرتك عايزه تبوظي كل اللي إحنا عملناه عشان بيتزا.
أخفضت بصرها للأسفل تتمتم باعترافها:
_ نقطة ضعفي الأكل أعمل إيه!
تركها عصام لتترنح في وقفتها ، وهتف بحدة:
_ أنا اللي هعمل مش أنتِ.
_هتعمل إيه؟!
سألته بخوف وهي تراه يخرج هاتفه من جيبه ليجيبها:
_ ولا حاجة أنا هقول لبابا إن الخطه هتفشل بسبب سيادتك وهو هيتصرف معاكي.
أخذت الهاتف من بين يديه، وهتفت بخوفٍ:
_ لا…عشان خاطر عيالك يا شيخ ماتعمل كدا.
_ ما أنتِ اللي بتعصبيني يا سها.
هتف بها مبينًا سبب ما يفعله، لتعتذر عن فعلتها قائلة:
_ آسفة مش هفتحله أبدًا.
_ ماشي على اوضتك.
دخلت سها غرفتها، وتوجه عصام إلى مقره السري الذي يتكون من صالة يوجد بيها جميع الأجهزة الرياضية على أعلى مستوى، كان يقضي معظم وقته يتدرب فيها، خلع قميصه وظل يتدرب أكتر من ساعةٍ دون أن يكل أو يتعب ولكن ما أوقفه عندما رأى خيال لشخص يراقبه.!
اقترب عصام من النافذة ليجد انعكاس صورتها تسترق نظراتها إليه، فقال باستغراب:
_ ندى ، أنتِ بتعملي إيه هنا؟!
ارتعبت لرؤياه، وبدأت تفكر في حيلةٍ يصدقها بها فقالت بتلعثم:
_ امممم… أصل..
_ بتفكري في حِجة تدخل عليا مش كدا.
قالها بسخرية تفاجأت منه لمعرفته خطتها فقالت في محاولةٍ تخفي بها كذبها:
_ يا ساتر عليك …لا أنا …آه كنت بنضف الشباك عليه تراب كتير أووي رغم الخدم اللي هنا بس محدش بينضف.
ارتفع حاجباه بسخرية، ثم قال مبتسمًا:
_ والله!! طب انزلي.
حاولت الهبوط عن مقعدها، فالنافذة مرتفعة للغاية،وشكت على السقوط فحالت يديه بجسدها عن الارض، نظر لها مطولًا وهي تفرك بيديها بصمت ثم سألها :
_أنت عرفتي أمتى المكان ده؟!
_ من زمان.
هتفت بخفوت، لتعتليه الدهشة مجددًا، ثم سألها:
_ إزاي مفيش حد يعرف المكان ده إلا خالد؟!
_ أنا مشيت وراك أول مرة وبعد كدا عرفت المواعيد بآجي كل اتنين وخميس وسبت.
هتفت باعترافها بفخر، فقلص عينيه وقال بعد اعترافها:
_ دا أنتِ بترقبيني بقى؟!
_ بصراحة آه.
قالتها بكامل شجاعتها، ليبتسم عصام بعد أن رفع حاجبيه وقال:
_ وكمان صريحة
ابتسمت بطفولةٍ، وأردفت بنبرتها الطفولية:
_ بابي علمني مكدبش مهما كانت النتيجة.
ربت على كتفها وكأنها طفلةً صغيرة، وقال مشجعاً:
_شطورة ياحبيبتي وعشان أنتِ شاطرة وبتسمعي كلام بابا هجبلك شوكلا.
_ بتتريق حضرتك.
مطت شفتيها باستياء وهتفت وهي تضع كفيها على خصرها، لتتسع ابتسامته ويجيبها:
_ أنا ؟! أبدًا، على العموم أنا داخل أكمل تمرين أطلع مالقيش هنا.
_ أجي معك عشان خاطري.
هتفت بتوسل، اتسعت عيناه منها بشدة وقال بسخرية:
_ تيجي معايا فين هو أنا رايح اتفسح؟!
مطت شفتيها بحزن مصطنع، وهتفت بحنق:
_ كدا ماشي يارب تيجي بكره تلقي كل الأجهزة مفرقعة في وشك.
_يا ساتر بتدعي عليا!
_حاجة زي كده.
ارخت شفتاها مبتسمة، ليبتسم بهدوءٍ، يحدثها قائلًا:
_على العموم تعالي اهي حاجة تسليني.
توقفت بخطواتها قائلة بسخطٍ:
_ شايفني ارجوز قدامك هسليك.
زفر مطولًا وقال بتحذير مصطنع:
_يابت احترمي لسانك ده بدل ما اقصهولك.
تدللت نبرتها وهي تنظر لعينيه:
_ أهون عليك يابوص.؟!
_ لا ياقلبي متهونيش تعالي.
قالها مبتسمًا، ليتابع السير نحو صالة التدريب، بدأ عصام تدريبه، وندى تراقبه بصمت وشرود قطعه بسؤاله:
_ وصلتي لإجابة؟!
_ إجابة إيه؟!
اجابها وهو يواصل تمرينه:
_ السؤال اللي بيدور في دماغك.
اعتدلت في جلستها وهي ترسم على شفتيها شبه ابتسامةٍ تبعها قولها:
_ السؤال ده اجابته عندك يا عصام.
جفف قطرات عرقه المنسابة بالمنشفة القريبة ووضعها جانبًا، ثم هتف بسخرية:
_ مش أما اعرفه الأول.
_ مين غير خالد عارف المكان ده؟!
سؤالها المباشر بل الصريح أصابه تمامًا، نظر إليها بتعجبٍ، ثم سألها ليستشف نهاية حديثها:
_ أنتِ عايزة توصلي لإيه؟!
شعرت بتجمع الدموع في عينيها وهي تتأمل الزهور المتدلية من الشرفة وقالت ببحة صوتها التي ظهرت جليًا:
_ لميس كانت عارفة المكان دا صح؟!
اخترق الألم اضلاعه، فقال بحزن:
_ أنا ولميس كنا بنزرعنا الزهور دي لان ده كان مكانا المفضل كانت بتيجي باليل تقعد معايا بالساعات وأنا بتدرب عشان كدا جبتلها في الأوضة الفاضية اللي جوه دي مكتب عشان تذاكر.
كان يتحدث عن فقيدته وهو ينظر أرضًا، ابتسم قليلًا ثم أردف: