منوعات

بقلم زكيه محمد

نفخت بغيظ ، و بداخلها مرجل يغلي ، بينما تابع هو بعبث ماكر :- إمتى هنول الرضا يا قمر ؟

جَعَّدَتْ أنفها بسخرية قائلة :- لما تشوف حلمة ودنك إن شاء الله .

تخطته بسرعة قائلة بخفوت :- أوف إمتى ربنا يتوب عليا من الأشكال دي ، يا ساتر .

بعد أن وصلت لنهاية الشارع قابلت صديقتها ، التي ما إن رأتها هتفت بحذر :- صباحو يا صاحبي ، مالك قالبة وشك كدة على الصبح ؟

هتفت بغضب :- صباح استغفر الله العظيم الواحد مش عاوز يغلط و ياخد ذنوب على الصبح ، هو في غيرهم جوز التيران اللي بلاني بيهم ربنا .

ضحكت بخفوت قائلة :- حد يقول للمعجبين بتوعه كدة بردو !

أردفت بضيق :- آلاء اسكتي الله يخليكي أنا على آخري لأحسن أسحب دراعك و أفش غلي فيه .

وضعت يدها على ذراعها بحماية قائلة بخوف :- و على إيه أسكت أحسن أنا مش مستغنية عن دراعي حبيبي ، يلا بينا بدل ما مدام سندس تشلوحنا .

أخذ يمسد على صدره بحرارة و هو ينظر في أثرها قائلاً بشر :- لا أنا مش هقدر أستنى أكتر من كدة تاني ، أنا لازم أتصرف ، و عرفت هعمل إيه ؟

قال ذلك ثم توجه ناحية حاتم الذي كان يسير و الغضب حليفه ، و هتف قائلاً بود مصطنع:- إزيك يا حاتم ؟ كدة يا صاحبي تخلي الشيطان يدخل بينا و يفرقنا !

هتف بتعجب :- أهلاً يا مدحت .

توجها سوياً ليجلسا ، فأردف مدحت بندم ماكر :- متزعلش مني يا صاحبي على آخر خناقة بينا ، أنا مش عارف عملت كدة إزاي ، البقاء لله في الست الوالدة ، أنا عارف أنها جات متأخر بس يلا أهم حاجة النفوس تهدى .

هز رأسه بعدم اقتناع :- ولا يهمك يا مدحت إحنا صحاب بردو في الآخر زي ما قولت .

أردف بمكر :- تعيش يا صاحبي ، احم هي بنت خالتك دي هتقعد رايحة جاية في الشارع كدة كتير يا حاتم ، أنا مش قصدي حاجة بس عيال الحارة عمالين يلقحوا عليها بالكلام وأنا بوقفهم عند حدهم ، بس أنت لازم تشد عليها دي ملهاش حد دلوقتي و الشيطان شاطر بردو .

أردف بحدة :- قصدك إيه يا مدحت ؟

أردف بخبث :- ما أقصدش بس لأحسن حد يلعب في راس البت و يخليها تمشي في سكة اللي يروح ما بيرجعش ، أنا عاوز أتجوزها و هسكنها في أحسنها شقة و كله جديد في جديد ، و مش بس كدة أنا هقطع ورق الكمبيالات اللي عليك ها قولت إيه ؟ أنا عملت بأصلي و ما رضيتش أودي الكمبيالات للحكومة .

زفر بضـ،ـجر قائلاً :- فيك الخير يا مدحت جميلك مش هنسهولك أبداً ، بس زي ما قولتلك أديني وقت وأنا هجمعهالك.

أردف بضيق :- كام مرة و بتقولي نفس البوقين .

أردف بهدوء مغاير :- لا المرة دي جد ، أنا جاتلي مصلحة فيها قرشين حلوين هخلصها و أديلك اللي فيه النصيب .

مط شفتيه بضيق قائلاً :- لما نشوف يا حاتم لما نشوف ….ثم تابع بداخله بوعيد :- و طالما أنتوا مش جايين بالذوق يبقى بالعافية .

وصلن لمقر العمل ، و توجها لمكانهم ، استدعت سندس رحيق فتوجهت لها على الفور ، جلست قبالتها وهي تزفر بضيق مما حدث للتو ، فهتفت الأخرى بمرح :- براحة عليا يا ست رحيق مش قد النار اللي بتطلع من ودانك دي .

ابتسمت بخفوت قائلة :- لا أبداً دة بس متهيألك .

سحبت نفساً عميقاً و زفرته بضيق قائلة بعتاب :- رحيق عاوزاكي تعرفي إنك بقيتي زي أختي بالظبط و الشركة دي كبرت بيكم وكلنا واحد ، أنا حساكي لحد دلوقتي بتتعاملي معايا بتحفظ و كأني هعمل فيكي حاجة وحشة لا سمح الله ، يا ريت يكون في ثقة متبادلة بينا ، أنا شايفاكي متضايقة و كنت حابة أعرف مالك علشان لو أقدر اساعدك .

ابتسمت لها بامتنان قائلة :- دة شئ يشرفني إنك تبقي أختي والله .

أردفت بحيرة :- أومال مالك ؟

ذمت شفتيها بضيق طفولي قائلة بتحذير :- و مش هتضحكي عليا ؟

هزت رأسها بنفي، فضيقت عينيها قائلة بخجل :- أصل …. أصل كنت فاكراكي هتستدرجينا و تخطفينا و تسرقي أعضائنا ولا تعملي فينا أي حاجة وحشة .

ما إن أنهت كلماتها الحمقاء ، دلفت الأخرى في موجة ضحك عنيفة ، و سرعان ما شاركتها الأخرى الضحك ، أردفت سندس بصعوبة :- بجد مش معقولة ، دماغك دي تحفة ..

هزت رأسها بموافقة قائلة بمرح :- معلش بقى خالتي الله يرحمها ملت وداني بالكلام دة ، كل ما أطلع ” أوعي تكلمي حد غريب يا رحيق ، ولا تاخدي منه حاجة ” ، لحد ما خلاص خلتني أشوف أي حد غريب شرير ، و بصراحة عندها حق مفيش أمان دلوقتي في الزمن دة .

أومأت بموافقة قائلة :- أيوة فعلاً دلوقتي الله أعلم بنوايا البشر ، ممكن يظهرولك طيبتهم و هما جواهم بلاوي ربنا يبعدهم عننا ، و دلوقتي يا ستي عندي ليكي خبر حلو حبيت أشاركك فرحتي .

نظرت لها بحماس فأردفت الأخرى بابتسامة عذبة :- شركة Master East اتعاقدت معانا ضمن حملتها اللي بتساعد الشركات الصغيرة تكبر .

قدمت لها التهاني الحارة ، فأردفت سندس بفرح :- يلا بقى علشان تجهزي لبكرة علشان هتروحي معايا هناك نوقع العقود .

أشارت لنفسها بعدم تصديق قائلة :- أنا ؟! أنا هروح معاكي !

ضحكت بخفة قائلة :- أيوة إنتي أومال مين ! يلا جهزي نفسك لبكرة .

نظرت لملابسها قائلة بخجل :- بس …بس أصل مش هينفع ، هبوظلك منظرك قدام الكل هناك .

قطبت جبينها باستنكار قائلة :- نعم ! تبوظي إيه بس يا رحيق ! كدة هزعل منك ، و يا ستي لو على اللبس نطلع دلوقتي على أحسنها معرض فيكي يا مصر و نجيبلك هدوم ، و قبل ما تعترضي هخصم حقه من مرتبك .

هزت رأسها بموافقة قائلة :- إذا كان كدة ماشي أنا موافقة .

ضحكت بخفة قائلة :- أيوة كدة فكي يا ستي من قوقعتك دي .

أردفت بمرح :- كدة ! إنتي اللي جبتيه لنفسك .

طالعتها بخوف مصطنع قائلة :- لا كدة إنتي هتخوفيني منك ، هبقى أقول لآلاء و أفهم دماغك علشان أعرف أتعامل معاكي كويس .

أردفت بضحك :- متبقيش جبانة و واجهيني أنا وش لوش يا كبيرة .

ضحكت بصخب قائلة :- لا دة إنتي مصيبة ، بقولك إيه أرجعي أرجعي للبنت المتقوقعة على نفسها كدة أريحلي .

هزت رأسها بنفي قائلة :- لا مليش دعوة مش إنتي قولتي رحرحيها متجيش تشتكي بعدين .

قطبت جبينها بتعجب قائلة :- رح… إيه ؟! إنتي قولتي إيه من شوية ؟

ضحكت بخفوت قائلة :- واحدة واحدة و هتاخدي على كلامي أصلنا مش تربية جاردن سيتي ، يلا هسيبك بقى ، بس متقوليش لحد إني رايحة معاكي .

نظرت لها بتعجب لتكمل موضحة :- علشان محدش يرشقلي في المصلحة وأنا بصراحة نفسي أروح معاكي و أشوف الناس النضيفة .

ضربت يديها ببعضهما بقلة حيلة قائلة :- لا إنتي شكلك اتجننتي رسمي ، روحي شوفي شغلك وعلى معاد المرواح هاخدك نروح زي ما اتفقنا .

أردفت بحماس :- ماشي وأنا هروح أقول للبت آلاء مش خسارة فيها الخبر .

خرجت مسرعة ، وهزت الأخرى رأسها قائلة بضحك خافت :- والله مجنونة .

ليلاً كانت حبيسة غرفتها مع طفلها ، الذي كان يجلس إلى جوارها يلعب بلعبه، فاستدار لوالدته حينما سمع منها شهقة فشلت في كتمها عنه ، فوضع يده الصغيرة على وجنتيها يمسح دموعها ببراءة قائلاً :- ماما ليه بتعيطي ؟ بطنك وجعاكي ؟

هزت رأسها بنعم قائلة :- أيوة يا حبيبي بطني وجعاني .

قبَّل الصغير موضع ألمها المزعوم قائلاً :- أنا بوثتها يا ماما علشان تخف بثرعة .

ضمته بحب قائلة :- حبيبي أنت يا ميدو ربنا يباركلي فيك يا روحي ، يلا تعال كمل الحروف بتاعتك علشان تبقى شطور و أجبلك لعبة جديدة حلوة .

صاح بحماس :- هااااي ماشي يا ماما هعمل الواجب كله .

بالخارج كانت تضع يدها على وجنتها و دموعها تتساقط بغزارة وإلى جوارها أيوب وابنه اللذان يغليان من شدة الغضب ، هتف أيوب بغضب مكتوم :- قومي شوفي بنتك و اعرفي منها اللي حصل هناك بدل ما أقوم أقتلها ، سبحان من صبرني و مقتلتهاش .

هتف محمود بغضب عارم :- أنا مش عارف يا بابا إزاي تدي كلمة لأخوك إنك متقربلهاش دة بدل ما نقوم نخلص عليها و نمنع الفضيحة.

غمغم بسخط :- محمود خلاص أنا هتصرف و هقوم أقررها بنفسي .

نهضت والدتها بذعر قائلة :- لا لا خليك أنا اللي هتكلم معاها بس هدي حالك الله يخليك.

نهضت بسرعة لترى ابنتها و تحميها من هذين اللذين كما لو تحولوا إلى ذئاب برية تريد الفتك بفريستها .

ولجت بهدوء ، و جلست قبالتها ، و تطلق سهاماً مليئة بالاتهام و العتاب ، نظرت للصغير قائلة بحنو :- أحمد يا حبيب تيتة روح برة عند خالك محمود و جدو أيوب .

هز رأسه برفض قائلاً :- لا لا جدو أيوب بيزعق و خالو كمان ، أنا هقعد هنا مع ماما .

أردفت بروية :- لا جدو أيوب معاه شيكولاتة كتير ..

لمعت عينا الصغير بحماس قائلاً :- و شيبثي ؟

أردفت بابتسامة باهتة :- و شيبسي يلا تعال هفتحلك الباب .

انزلق الصغير من على الفراش بسرعة ، ثم توجهت و فتحت له الباب وخرج فأغلقته و استدارت لتتوجه نحو تلك الغائبة ، التي يبدو أنها بعالم آخر صنعته خصيصاً لها لتهرب من كل ذلك الضجيج.

جذبتها من ذراعها بقسوة قائلة بغضب مكتوم :- عملتي كدة ليه يا بت بطني ، هي دي الرباية اللي ربتهالك ، هي دي جزاتي ، ردي عليا ردي ، هان عليكي تحطي راسنا في الوحل كدة ، أبوكي ليه الحق أنه ما يطلعكيش ، يا خسارة يا مؤمنة طيب كنتي وافقتي على واحد من العرسان اللي اتقدمولك بدل ما أنتي كدة رايحة تعملي الوساخة دي في الحرام .

هتفت بدموع و وجع :- والله يا ماما مظلومة محصلش حاجة من دي أبداً ، حرام عليكم ، كلامكم زي السكين بيوجع و يقتل ، مش قادرة أتحمل كفاية .

هدرت بعنف :- طيب اتكلمي قولي إيه اللي وداكي هناك ؟

عضت على شفتيها بع.نف ، فهي غير قادرة على الإفصاح عن السبب الحقيقي فلو تحدثت فسيحدث مالا يحمد عقباه ، فوالد أسماء لا يتفاهم البتة ، فوالدها يأتي صفر على الشمال بالنسبة له ، فلو علم بما فعلته ابنته سيقتلها فوراً ولن يتردد لحظة ، و علاوة على ذلك لا تريد الإفصاح بذلك السر الذي أئتمنتها عليه ، فهذه ليست أبداً من شيمها ، وها هي بين نارين وهي بالمنتصف تحترق ولا أحد يشعر بها .

فاقت من شرودها على هزة والدتها قائلة بحدة :- انطقي ما تفوريش دمي أكتر من كدة .

إلا أنها لم تتحدث و التزمت الصمت، فجن جنون الأخرى إذ نهضت قائلة بغضب :- خليكي ما تتكلميش بس أعرفي أنك لو ما تكلمتيش و اعترفتي بكل حاجة هتشوفي الويل من أبوكي ..

أنهت كلماتها، و غادرت الغرفة كالعاصفة ، بينما ألقت مريم بنفسها على الفراش ، و دفنت وجهها في الوسادة ، و أخذت تنتحب بمرار ، وكم ألمها عدم ثقتهم فيها .

خرجت تنكس رأسها للأسفل فأسرع أيوب قائلاً :- ها قالتلك حاجة ؟

هزت رأسها بنفي قائلة بأسف :- لا يا حج ما قلتش .

أردف بوعيد :- كدة يبقى جابته لنفسها ..

وما إن هم بالدلوف ، وقفت قبالته قائلة برجاء :- علشان خاطري يا حج أهدى ، اللي هتعمله مش هيجيب نتيجة ، لازم نتصرف بالعقل .

أردف باستنكار و غضب :- هي بنتك خلت فيها عقل ! سكات بنتك دة ملهوش غير حاجة واحدة بس إن فعلاً كلامنا صح ، دة أنا مش عارف أرفع عيني في أخويا و إبنه أقوله إيه مرات ابنك ما صنتش عرضك !

سقطت دموعها بحزن قائلة :- وحياة أغلى حاجة عندك بالهداوة يا أخويا ..

دفعها برفق قائلاً بحزم :- وسعي من وشي الساعة دي يا توحيدة أنا اللي فيا مكفيني ..

تخطاها و دلف لها ، بينما لطمت على فخذها بذعر قائلة :- يا لهوي يا لهوي البت هتموت في ايده .

هرولت للأسفل تستغيث بموسى ، و قد استغلت وجود محمود بالأعلى مع أحمد وابنه عندما طلب منه والده ذلك .

طرقت الباب بعنف ، ففتحته عواطف عواطف ، فتخطتها و ولجت للداخل تصيح باسم شقيق زوجها تحت ذهول الأخرى .

وجدته بالصالة مع ابنه إسلام فهتفت بخوف :- الحقي يا حج موسى أخوك هيموت البت فوق الله يخليك انجدها .

لم ينتظر أن تكمل حديثها إذ هرول للأعلى فوراً ، و لحق به إسلام ، بينما تقدمت عواطف منها و ربتت على ظهرها بشفقة ، ثم صعدتا للأعلى لينقذوا ما يمكن إنقاذه.

يصفعها بغل ، و يشدد على شعرها بقوة الذي يغطيه الحجاب قائلاً بحدة :- مين اللي كنتي معاه دة ؟ مين انطقي.

جف حلقها بخوف ، و شعرت بأن نهايتها قد اقتربت فأخذت تردد الشهادة بداخلها . دلف موسى بمفرده، و بقي إسلام بالخارج ، تقدم نحوه و جذبه عنوة قائلاً بغضب :- يا أخي بس كفاية ، بقى هو دة اللي وصيتك عليه بردو !

أردف بانفعال :- مش راضية تنطق ، شوفلك صرفة معاها ، أنا تعبت و هتجنن لا راضية تتكلم ولا نيلة ولا نافع معاها ضرب أقتلها أريحلي ؟!

انت في الصفحة 8 من 16 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
24

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل