
ضيق عينيه وهو ينظر ناحيتها قائلاً ببعض الوجع :- لا الحكاية مش ناقصة تخلف هي ، بس يا بابا !
خرجت بسرعة تهرول تستغيث بسندس ، إذ فتحت الباب على حين غرة قائلة بذعر :- إلحقيني يا مدام سندس في واحد ماسك رحيق ومش عارفة عاوز منها إيه !
قطبت جبينها بتعجب قائلة :- واحد مين دة ؟! تعالي وريني .
توجهن نحو المكتب ، وما إن دلفت ، حلت الصدمة على وجوههن حينما رأوا شادي منبطح على الأرض وهي فوقه تكيل له اللكمات بحقيبتها ، و هو يحاول أن يتجنبها قائلاً بصراخ :- يا بنت المجنونة كفاية هفطس ..
نظرت سندس لالآء قائلة بريبة :- متأكدة من اللي قولتيه من شوية دة ؟!
أردفت بتأكيد :- اه والله زي ما قولتلك يا مدام ، بس شاطرة يا رورو أيوة أديله كمان يستاهل ..
سمعن صراخه قائلاً :- حد يلحقني من الهبلة دي ..
هتفت سندس بحدة :- رحيق بس كفاية !
ابتعدت عنه، ونهضت قائلة بتذمر :- يا مدام سندس دة واحد قليل الأدب و محتاج يتربى ..
نهض هو بدوره قائلاً بضيق :- روحي يا شيخة وأنتِ عاملة زي علبة الكبريت كدة ، صحيح اجتنبوا شر من اقترب من الأرض .
نظرت سندس له قائلة :- هو أنت لسة ما قولتلهاش ؟!
هز رأسه نافياً وهو يقول بغيظ :- وهي أدتني فرصة أتكلم ، دي مفترسة والله .
حدجته بشراسة قائلة :- شكلك عاوز تضرب تاني صح ؟
ثم نظرت لسندس قائلة بضيق وهي على وشك البكاء :- يا مدام دة …دة حضني وقال كلام مش محترم زيه ، خديلي حقي منه ، انا عاوزة أبلغ البوليس .
تقدمت منها قائلة بحذر :- رحيق أهدي يا حبيبتي مفيش حاجة….
قاطعتها قائلة بصراخ :- مش ههدى محدش يقولي أهدي ، إزاي المحترم يعمل كدة هو محدش قالك أن دة حرام ولا أنت ما تعرفش ؟!
أردف بندم :- رحيق أهدي وأنا هفهمك كل حاجة .
صرخت بوجهه قائلة :- متنطقش اسمي على لسانك ، فاهم ؟
صرخ بوجهها بانفعال قائلاً :- أنا أخوكي …افهمي أنا أخوكي يا رحيق .
نزل عليها الخبر كالصاعقة في ليلة شتاء قارس ، و أخذت تتطلع له ببلاهة و ضياع ، شعرت بتخدر في أطرافها ، فلم تستطع أن تحملها قدميها ، فاقتربت منها سندس وامسكت بيدها ، بينما كانت آلاء متجمدة كحال رفيقتها .
اقترب شادي منها أكثر قائلاً بحنو :- أيوة يا رحيق أنا أخوكي ، بابا ليه سنين بيدور عليكي لحد ما فقد الأمل إلا أن عناية ربنا لطفت بينا ..
هتفت بضياع :- أنت… أنت.بتقول إيه ؟ أخويا إيه ، و أبويا إيه دة كمان ، أنت هتشتغلني ؟!
هز رأسه بنفي قائلاً بتأكيد :- لا أنا بتكلم جد ، أنتِ رحيق مجدي المرشدي بنت رجل الأعمال مجدي المرشدي .
صمتت قليلاً قبل أن تدلف في نوبة ضحك هستيري وسط دهشة الجميع ، بينما أردفت هي بضحك وهي تنظر لآلاء :- اسمعي يا آلاء بيقول إيه الجدع دة ! إنما نكتة بصحيح .
أقترب منها وهتف بقلق :- رحيق بطلي ضحك ، أنا مقولتش نكتة !
و ما إن هم ليمسك يدها ، نفضتها بعيداً عنها قائلة بصراخ :- أبعد عني ماتقربليش ، يا مدام سندس خليه يمشي من هنا أرجوكِ .
جذبها من كتفيها ببعض القوة قائلاً بجدية وهو ينظر بعينيها مباشرة :- رحيق فوقي ، أنا اسمي شادي مجدي المرشدي أخوكي سامعة ولا لا ؟ سواء برضاكِ أو غصب عنك أخوكي ولا يمكن أسيبك تاني ، بابا هيفرح اوي لما يشوفك .
أردفت بدموع عالقة :- بابا ! يعني أنا عندي أب ؟ ! هو رجع خلاص من الخليج ! و أنت إزاي أخويا أنا أمي مخلفتش غيري ، أرجوك بطل لعب بأعصابي ، أنا مش هستحمل كفاية اللي أنا فيه .
هز رأسه بنفي قائلاً بحنو :- حبيبتي أنا مبضحكش عليكي ، طيب استني كدة ..
التقط حافظة نقوده و أخرج بطاقته الشخصية و مدها لها قائلاً :- شوفي أهو إتأكدي من اسمي ، اسم بابانا واحد ..
تطلعت للبطاقة ، ثم قطبت جبينها قائلة باقتضاب :- دة اكيد تشابه أسماء أنا مليش أخوات .
أردف بحذر :- ما أنا أخوكي من الأب بس ، بابا متجوز واحدة تانية اللي هي أمي ، و معاكي أخت تانية أصغر منك بشوية .
أردفت بذهول :- نعم ! أنت عاوز تجنني يا جدع أنت ! ولو كلامك صح أنا مش عاوزاكم ..
ثم أضافت بفؤاد ذبيح :- دلوقتي افتكرتوني ؟! كان فين أبويا وأنا مرمية ليا سنين عند خالتي ، بدل ما يطبطب عليا راح أتجوز و خلف ولا كأن عنده بنت و سابنا كلنا عايشين في كدبة أنه سافر الخليج ، مش عاوزة حد أبعدوا عني أنا اكتفيت ..
ثم صرخت بانهيار في وجهه :- أطلع برة أطلع ..
تدخلت سندس بقلق من تأزم حالتها قائلة :- أستاذ شادي يا ريت تطلع دلوقتي و تستنى في مكتبي .
هتف بأسى :- بس …
قاطعته قائلة بهدوء :- يا ريت تطلع دلوقتي أنت مش شايف حالتها !
طالعها بحزن وهز رأسه بهدوء، ثم انصرف مسرعاً ، بينما تقدمت هي منها و احتضنتها بحنو ، و هنا انهارت رحيق حصونها ، إذ أخذت تبكي بصوت مسموع بحرقة بوجع على ما سمعته منذ قليل .
أخذت سندس تربت على ظهرها بحنو ، وهي تشرد بذاكرتها وتعود للخلف منذ أسبوع حينما أتت سميحة لمقر العمل و طلبت أن تقابل رحيق إلا أن الأخرى رفضت بعد أن اتهمتها في عرضها ، فتوسلت لتقابل سندس لأمر ضروري ..
عودة للخلف ، بعد أن أوصدت رحيق جميع أبواب الغفران بوجهها ، لم تجد غير سندس ، فتوجهت لها قائلة برجاء :- وحياة أغلى حاجة عندك لتسمعيني يا هانم ، في حاجة مهمة بخصوص رحيق عاوزة أقولك عليها.
هتفت بضيق :- حضرتك عاوزة تقولي إيه ؟ إيه اللي هيتقال بعد اللي حصل ؟!
أردفت بندم :- غصب عني إحنا يا هانم غلابة و محلتناش إلا شرفنا ، لما شوفت الصور عقلي وقف وصدقت زي ما الكل صدق ، الناس في الحارة على قد حالهم ميعرفوش شغل الفيتو … إيه دة مش عارفة أقول اسمه ، بس المهم حصل خير ، و براءتها ظهرت و رفعت راسها وسط الخلق ودة بفضل ربنا و بعدين أنتِ ..
أومأت بضيق قائلة :- اممممم و بعدين ؟
بللت شفتيها و تابعت :- رحيق طيبة و تستاهل كل خير ، و علشان كدة أنا هقولك على سر خطير يخصها بس وحياة الغاليين عندك ما تجيبي سيرة لحد ، و تخلي بالك منها .
انتبهت لها قائلة بقلق :- مالها رحيق اتكلمي .
هزت رأسها بخفوت، ومن ثم راحت تقص عليها كل شئ يخصها تحت أنظارها المصدومة ، و بعد ذلك تركتها بعد أن أوصتها بأن تنتبه لها .
على الجانب الآخر عند عقد الصفقة لاحظ مراد اسمها الذي كان موقعاً بين الأوراق ، فتوجه لسندس على الفور و تحدث معها بأمرها ، فأخبرته حينها بكل ما يتعلق بها ، و طلب منها أن تجري لها تحليل DNA دون أن تعرف ليقطع الشك باليقين ، وهذا ما حدث بالفعل حينما أكدت النتيجة نسبها لعائلتهم ، وأنها هي من ظل عمه يبحث عنها طيلة حياته ، و أسند له مهمة البحث عنها ، و ها هو القدر قد ساقها نحوهم دون أدنى مجهود يذكر .
أخبر شادي بالأمر الذي أتى فوراً لرؤيتها ، وحدث ما حدث …