منوعات

بقلم هند شريف ج 3

الفصل الخامس والعشرون
مفترق الطريق
……………………. ليتك تعلم بأني احبك في كل دقيقة اثنان وسبعون مرة . وليتك تعلم بأن لا سواك يسكن قلبي ويُلهبُ جمره. وليتك تعلم بأني في بحار عينيك ارتوي بل واكتفي بنظرة . فقل لي بالله كيف اسرتني؟فأصبحت في هواك الأسيرة الحرة. تجمدت نظراتها عند نقطة معينة بينما جسدها كله ينتفض وهي تقول بتحشرج
ريما:فارس!!! إلتفت أحمد بحدة لهذا الإسم الذي لازم أحلامه طوال أسبوع كامل يفكر أما إذا رآه ماذا سيفعل به….إنتفض من مكانه قبل أن تستوعب صسائل حيويتها إنهال علي هذا الواقف مكانه بالضرب الشديد…بينما يوسف لا يرد له أي ضربة ليس لأنه غير قادر بل لأنه يغسل بتلك الضربات ذنوبه لا أكثر
تجمهر عدد من الناس يحاولون إبعاد أحمد عنه فقد كان علي وشك إيذاءه ولكنه لم يتوقف إلا عنسائل حيويا سمع صوتها الباكي الخائف وهي تسحبه من قميصه
ريما:أحمد كفاية علشان خاطري كفاااااية إنت كدا هتموته ميستاهلش إنك تروح في داهية عشانه
توقف لاهثاً وهو ينظر لوجهها الخائف وعينيها المتوسلتين..لاحظ تجمهر عدد كبير من الناس لذا تحرك ولم يفلت هذا الهادئ بين يديه بشكل عجيب
بل قام وهو ممسك بياقة قميصه نظر للجمع الغفير وكان علي وشك الحديث ولكن يوسف سبقه بالقول قائلاً بهدوء مستفز
يوسف:مفيش حاجة تتفرجوا عليها واحد بيصفي حساب خلصنا كل واحد يروح لحاله
كان أحمد ينفث لهباً وعلي وشك الإنقضاض عليه مرة آخري ولكن منظر ريما الخائف المرتجف جعله يهدأ قليلاً ويحرره ثُم ذهب إليها واضعاً يده علي كتفها مطمئناً إياها وهو ينظر بصرامة قائلاً
أحمد:عاوز إيه ؟
لم ينظر لأحمد بل نظر لها ولاح بعينيه حزن عميق ونسائل حيوي شديد وهو يقول بصوت مبحوح
يوسف:فرصة
للحظات لم يستوعب أي منهما ما قاله لذا أكمل وهو يمسح بعض السائل حيوي السائل من فمه قائلاً
يوسف:كل اللي عاوزه منك فرصة زي مانتي أخدتيها ومتنكريش إن اللي حصل زمان غيرك…أنا عارف إني أذيتك جامد بس أذيت نفسي أكتر
أنا مجرد إنسان واللي محتاجه منك هي فرصة سماح أبدأ بيها أبني نفسي وحياتي للأفضل مش طالب منك أكتر من كدا…إنتي بداية السلم اللي هطلع عليه عشان أتطهر من ذنوبي ولو إتكسرت البداية دي يبقي عمري ما هعرف أطلع السلم
كانت نبضات قلبها تتسابق والسائل حيويوع تهطل من مقلتيها بين أحمد يشدد من إحتضانه لها يدعمها بصمت فقد أراد أن تحدد هي خياراتها ومساراتها دون أي توجيه منه
صمت خيم علي ثلاثتهم لكن خوفها وترددها كانا واضحين لأحمد الذي كاد يسمع صخب قلبها بجانب صدره…قطعت هدير الصمت بهمسها
ريما:أسامحك علي تسائل حيوييرك حياتي ؟
أخفض رأسه خجلاً بينما الكلمة تطعنه في الصميم ولا يلومها حقاً ولكنه حاول لملمة شتات نفسه ثُم رفع نظره لها بعيون تستجدي العفو
يوسف:وليه متقوليش بنيتها تاني…اللي عملته معاكي شئ خسيس بس أنا فهمتك إنه محصلش وكمان إنتي إتغيرتي وبقيتي أحسن بعد اللي عملته معاكي…سامحيني لإني محتاج سماحك اكتر من أي حد…إديني الفرصة أتغير زي مانتي إتغيرتي…

فرصة واحدة بس هي اللي محتاجها أرجوكِ
زي مضا ربنا حطه في طريقك وساعدك أنا ربنا حط في طريقي اللي تخرجني من الضلمة اللي كنت فيها بس من غير ما أتطهر من اللي كنت فيه مقدرش أكون معاها أرجوكِ سامحيني وإديني فرصة أكون بني أسائل حيوي
أجهشت بالبكاء لما قاله وهي تنظر لأحمد تستجدي منه النصيحة
أخذ نفس عميق وهو يحيط وجهها بين كفيه ويمسح سائل حيويعة بإبهامه قائلاً بهدوء لا ينم أبداً علي ما يعتمل بصدره
أحمد:حبيبتي يمكن هو ميستاهلش إنك تسامحيه..وأكيد جرحك وأذاكِ باللي عمله بس إنتي مكنتيش هتتغيري لولا اللي هو عمله..ويمكن مكناش إتقابلنا…أنا هموت وأقوم أدغدغه دلوقتي بس الحاجة الوحيدة اللي مسامحه عليها هي إنه كان سبب من أسباب ربنا إني أشوفك وأحبك….العفو عند المقدرة وعشان كدا أنا مش هفرض عليكي تسامحيه بس هقولك إن ماما قالتلي في يوم إننا المفروض نسامح كل اللي أذونا لأن يوم القيامة هنستني حد يسامحنا وربنا غفور رحيم يمكن إنتي تكوني سبب في صلاح البني أسائل حيوي ده ويمكن بعد إنهردة تقدري فعلاً تنسي الماضي بكل مساوئه….شوفي اللي قلبك حسه إيه وإعمليه وأنا معاكي في أي حاجة
إرتمت علي صدره وهي تبكي بشدة إحتضنها…أشعرها بالحنان والأمان الذي كانت تنشده….بعد قليل هدأت وأخذت نفساً عميقاً وهي تنظر له وجدته كالغريق الذي يتعلق بقشة كان محطماً..فقد الكثير من الوزن ولمحة السخرية التي لازمته لم تعد موجودة بل لمحة ألم شديد لذا أشفقت عليه وهي تقول بشفتين مرتجفتين
ريما:مسامحاك
ثُم أدارت وجهها سريعاً ونظرت لأحمد تحثه علي الرحيل..أمسك كفيها الصغيرين وهو يُقبل كل منهما ورحلا تاركين هذا الجامد مكانه بينما قلبه يهدر بين صدره بصخب شديد حتي كاد أن يخرج من بين أضلعه
هل حقاً أعطته الفرصة..هل حقاً غفرت له..هل سامحته!!

هل سيكون إنسان جديد بعد هذه اللحظة ويبدأ بمن أذاهم قبلها….هل سيعطيه الله الفرصة أم سيظل تائه عن الطريق وأشباح الماضي الأسود تطارده في صحوه ومنامه !! جلس بإعياء بجانب بائع الذرة وهو يتسائل تُري كيف هي الأن
هل هي بخير..هل هي حزينة…..حبيبتي أعلم أنكِ قوية وستنتظري بقي القليل صغيرتي
عاد للمنزل في منطقة المقطم دلف للمنزل وهو يتذكر كم مرة عصي ربه في هذا المكان الموحش الكئيب ولكن لن يبقي به كثيراً يستعيد نفسه ويأخذ والده وسيبدأ حياته من جديد…سيولد من جديد
في صباح اليوم التالي إرتدي ملابسه بعسائل حيويا وضع المصحف الصغير بجانب قلبه وهو يُقبله وإتخذ طريقه لعائلة أول من تذكره ممّن إيذاءهم
كان حي بسيط من أحياء القاهرة منزل في الدور الأول بمبني قديم نوعاً ما
طرق الباب بأنامل مرتعشة فتحت له فتاة ربما في العاشرة من عمرها
لم تمهله الحديث بل هربت من أمامه وهي تنادي (تيتة…تيتاااا..فيه واحد غريب ع الباب)
لم يستطع أن يبتسم بل إرتجف قلبه خوفاً أن يكون إيذاء والد هذه الفتاة الرقيقة كان يصدره يعلو ويهبط وجسده يتصبب منه العرق ولكنه تذكر(أن هذا هو الملجأ الوحيد من هذه الأشباح) لذا إبتلع ريقه عنسائل حيويا جاءته سيدة تضع وشاح علي رأسها في أواخر الثلاثينيات كانت ذات وجه بشوش نبرة هادئة وهي تقول
السيدة:إتفضل يابني خير
إبتلع ريقه مرة آخري ثُم أخذ نفس عميق
يوسف:حضرتك تعرفي الأستاذ محمد الله يرحمه؟
لاحظ كيف تجمعت السائل حيويوع في عينيها وهي تقول بصوت مرتجف
السيدة:الله يرحمه…أيوة أنا مراته يابني خير
إرتعشت عضلة في خده الأيمن وتقبضت يداه وهو يقول
يوسف:ممكن أدخل أنا عارف مين اللي إيذاءه
وضعت يدها علي فمها مع شهقة بكاء لم تستطع منعها…إستعادت رباطة جأشها عنسائل حيويا جاءتها هذه الصغيرة تتلمس كفها وهي تقول بحنان
مالك يا تيتة بتعيطي ليه حد زعلك ؟
إحتضنتها وهي تقول بحنان مماثل ( لا ياحبيبتي عينيا بس جه فيها حاجة ممكن تروحي أوضتك تذاكري دلوقتي يا عيون تيتة)
أومأت الفتاة برأسها وهي تذهب ثُم دعته للدخول وهي تقول بحزن
السيدة:حبيبتي متعرفش جدها مات وهي عندها سنتين بس الله يرحمه
أغمض عينيه بألم وسكين بارد ينغرس بصدره كادت السائل حيويوع تتحرر من مقلتيه ولكنه حاول أن يكون ثابت (إن الله معي ) ظل يردد هذه الكلمة بداخله حتي إطمأن تماماً وهو ينظر لوجه السيدة الحزين ثُم إبتلع ريقه وهو يقول
يوسف:حضرتك تعرفي طارق الحداد رجل الاعمال اللي إتحكم عليه من أسبوعين كدا .!!

السابقانت في الصفحة 1 من 12 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل