
•• الفصل السابع عشر ••
•• رد الجميل …••
المطعم …
تباطئت خطوات “عبد المقصود” ليسقط أرضاً بوضع ساكن مريب للغايه ، لوهله تصورت “ورد” أنها تتخيل ما حدث لتنظر تجاه والدها بإستراب لسقوطه الفجائى لتهب منتفضه بخطوات أشبه للركض سقط لها المقعد المجاور لها بعد إصطدامها به بدون شعور فلم تكن تهتم سوى لوالدها الذى سقط أرضاً …
جثت على ركبتيها بإنفعال وقد إرتعش جسدها بقوة فور إقترابها منه وقد شحب وجهه للغايه قاطعاً الأنفاس …
إنهار حصنها المنيع بلحظه أمام أعينها لتنهار له قواها وتصرخ مرتعبه وهى تهز والدها تحثه على أن يفتح عيناه وينظر إليها …
ورد: بابا …. بابا …. رد عليا يا بابا !!!! … فوق وكلمنى …!!!!
كانت يد “يوسف” أسرع من يدها وهو يربت بخفه على وجنة “عبد المقصود” الشاحبه محاولاً إفاقه هذا الرجل الطيب …
مع محاولتهم لبضع دقائق لم يتأثر لها “عبد المقصود” مطلقاً هتف “شريف” بنبره عقلانيه عمليه للغايه …
شريف: يلا يا جماعه نوديه المستشفى .. المستشفى قريبه أهى … مش لازم نسيبه كدة …!!!!
_
وافق “يوسف” بشده ما تفوه به “شريف” ليميل نحو “عبد المقصود” ماداً ذراعه أسفل رأسه ليحمل جسده الضئيل فوق ذراعيه بجسارة ليتحرك صوب المستشفى بعجاله وهو يطلب من “ورد” بلهجه آمره فلا وقت للبكاء ووالدها متعب بهذا الشكل …
يوسف: يلا يا “ورد” ورانا على المستشفى …
إتجه “يوسف” حاملاً “عبد المقصود”الهزيل فوق ذراعيه يساعده “شريف” على ذلك بينما كانت تلحقهم “ورد” بخطوات متعجله وقلب منفطر ….
____________________________________
المستشفى …
أسرع المسعفون يدفعون بأحد المقاعد المتحركه ذوى العجلات بإتجاه “يوسف” الذى دلف للتو يحمل شخصاً غير واعى مطلقاً …
إندفع به المسعف إلى غرفه الطوارئ فى الحال يتبعه الطبيب لفحص “عبد المقصود” …
إنتظرت “ورد” التى تعلق بصرها بغرفه الطوارئ بهذا الرواق لا تتمالك عنصر طبيعيوعها التى تتساقط كما لو كتب عليها الحزن بقيه حياتها فهى لا يمر بها يوماً إلا وإمتلأ بالأشواك …
تعلقت عينا “يوسف” بـ”ورد” لكنه فضل الصمت لبعض الوقت لحين الإطمئنان على والدها وما أصابه …
لم يمر وقت بعيد حتى خرج الطبيب إليهم وقد أرتسمت على محياه علامات الإمتعاض والضيق ، إلتف حوله ثلاثتهم بتوجس شديد فملامحه لا توحى بالخير مطلقاً …
_
زفر الطبيب بقوة وهو يتابع نظراتهم المتعجله لمعرفه ماذا أصاب هذا الرجل ليردف بأسف لما وصلت له حالته ….
الطبيب: للأسف …. أنا كنت متوقع ده !!!! …. هو مسمعش كلامى … دى نوبه ألم مقدرش يستحملها … فأغمى عليه …
تطلعت به “ورد” بذهول للحظات تحاول فهم عما يتحدث بالضبط لتهز رأسها بجهل تام متسائله بإستراب وتوجس …
ورد: متوقع … متوقع إيه …؟؟ ونوبه إيه …؟!! أنا مش فاهمه حاجه خالص …!!!!
لحقها “يوسف” بسؤاله للطبيب يحثه على التحدث بدلاً من تلك الإيحاءات الغامضه …
يوسف: قصدك إيه يا دكتور … وضح كلامك لو سمحت … مش مستحمله ألغاز هى …..!!!
رفع الطبيب كتفه وأهدله موضحاً حاله “عبد المقصود” بالضبط لهم …
الطبيب : للأسف … والدكم مخبى عليكم إنه مريض بالكانسر ومه الأسف رافض يستجيب للعلاج …
فغرت “ورد” فاها بصعنصر طبيعيه وهى تشهق بقوة وضعت لها كفيها فوق فمها تمنع صوت شهقاتها العاليه من الخروج ، بإنكار تام لتلك الحقيقه بمرض والدها الخبيث رافضه تصديق هذا الحديث وإعتباره ما هو إلا كذب فأبيها سليم معافى وسيبقى إلى جوارها إلى الأبد ….
ورد: لأ … لأ طبعاً .. لأ بابا مش عيان !!!!! .. لأ بابا كويس … بابا معندوش المرض الخبيث ده !!! ..
_
طرقت بكفها بضعف على باب غرفه الطوارئ بحاله من الهلع أصابتها بععنصر طبيعي تصديقها لتشخيص هذا الطبيب المجحف …
ورد: قوم يا بابا .. قوم قولهم إن إنت كويس !!! … على فكره دة شويه ضغط عالى بس .. هو كويس .. بابا مش عيان .. بابا مش حيسيبنى لأ … لأ يا بابا …!!!!
حاول الطبيب من تهدئه “ورد” التى إنفعلت بهلع لمعرفتها بحقيقه مرض والدها الذى أخفاه عنها ليتأكد لماذا طلب منه “عبد المقصود” بإخفاء الأمر ، فيبدو أن “ورد” قدرتها على تحمل الصعنصر طبيعيات ضعيف للغايه ، نظر الطبيب بإتجاه “يوسف” لمساعدته بتهدئتها قليلاً …
الطبيب : مينفعش كده .. إنتى لازم تهدى .. وتحاولى معانا تقنعيه إنه لازم يتعالج عشان يقدر يخف ويقوم من تانى بالسلامه … مش كدة برضه يا حضرة ولا إيه …؟!!
أومأ “يوسف” بتفهم لمقصد الطبيب ليحث “ورد” على الهدوء والتفكر بمصلحه والدها وصحته أولاً ….
يوسف: أه طبعاً … لازم يا “ورد” نهدى كدة ونفكر فى علاجه أهم حاجه …
ورد: أه .. لازم بابا ياخد العلاج .. لازم ..
بقلق حقيقى ومشاعر إبن صادقه عقب “يوسف” بأمل فى الله قائلاً …
يوسف: إن شاء الله حيتعالج ويبقى أحسن من الأول … بس مينفعش إللى إنتى فيه ده !!! .. لازم تهدى هو محتاجك جنبه … مش تزودى عليه …!!!
تطلعت به “ورد” تومئ بإيجاب محاوله السيطرة على إنفعالها وقلقها ، هى بالفعل تحتاج لتلك المشاعر الصادقه لتقويها وتبث بها القوة والصبر لتتحمل شدة والدها وأن تبقى إلى جوار والدها الذى يحتاجها الآن …
_
إستكمل الطبيب إيضاحه قائلاً …
الطبيب : عموماً إحنا إديناه جرعه مسكنه قويه وعلقنا له محلول لأنه ضعيف جداً بإذن الله حيفوق لكن لازم يبقى هنا تحت الملاحظه والعلاج … حالياً وجودكم مالهوش لزوم لأنه حينام وقت طويل وممنوع المرافق … تقدروا تتفضلوا دلوقتى وتيجوا بكرة فى معاد الزيارة …
نظر “يوسف” تجاه “شريف” طالباً منه العودة للشركه بينما بقى “يوسف” مرافقاً لـ”ورد” لبعض الوقت حتى يطمئنا على والدها حتى لو كان غير واعى لهما …
بعد إنتهاء موعد الزيارة إضطرت “ورد” للخروج من المستشفى فهى لن تبقى معه اليوم …
بنبره محبطه للغايه تحدثت “ورد” مجامله لـ”يوسف” الذى ترك عمله وبقى برفقه والدها حتى الآن …
ورد: إنت تعبت أوى معانا النهارده …
يوسف: إنتى متعرفيش غلاوة والدك عندى إيه !!! … ده جِميله فى رقبتى مقدرش أوفيه طول عمرى مهما عملت …
جاهدت نفسها لتخرج فوق شفاهها إبتسامه باهته قائله بإمتنان …
ورد : شكراً ليك بجد … إتفضل معايا السواق يوصلنا بما إن طريقنا واحد …
لوح “يوسف” معترضاً على إقتحام خصوصيتها بهذا الشكل وفرض نفسه عليها لإيصاله لمنزله …
_
يوسف: لأ طبعاً …. خليكى إنتى على راحتك .. أنا حروح لوحدى …
ورد: طب ليه ؟!! .. ما العربيه والسواق موجودين أهم … إتفضل معايا …. كفايه وقفتك من الصبح معانا …
بإيجاب أومئ “يوسف” بخفه دون الإثقال عليها لأكثر من ذلك ليتخذ المقعد المجاور للسائق بينما جلست “ورد” بالمقعد الخلفى ناظره كعادتها إلى السماء تدعوا الله بالشفاء لوالدها فهى لا تدرى كيف ستكمل حياتها بدونه لو لا قدر الله حدث له أى مكروه ….
أوصل السائق “يوسف” أولاً لبيته ليتخذ طريقه لبيت “عبد المقصود” لإيصال”ورد” التى بقيت بغرفتها بقيه الليله دون الخروج منها …
___________________________________
علا …
لقاءها بـ”يوسف” اليوم لم ينمحى للحظه واحده بل ظلت تتذكر رؤيته مع تلك الفتاه بالمطعم وقد ثارت العنصر طبيعياء بعروقها وأخذت تنفعل بغيظ شديد لرؤيتهما معاً …
دق هاتفها لتجيب على الفور بإنفعال …
علا : إنتى فين من الصبح رنيت عليكى خمسميه مرة .. !!!!!!
لمياء: بالراحه بس … إيه إللى حصل …؟؟!! ها … روحتى زى ما قلت لك .. ؟!!
_
علا : متفكرنيش .. أنا من ساعتها مش على بعضى والله …
لمياء : ليه إيه إللى حصل صوتك متضايق أوى ليه كدة …؟!!
هوت بقوة فوق الفراش تتحدث بضيق وإنفعال وهى تتذكر مشهد حديثهما معاً حين دلفت للمطعم أنام أعينها كما لو أنها تراهم حقيقه أمامها الآن …
علا : رحت لقيته قاعد فى المطعم إللى قصاد الشغل مع واحده يالهوى … مش عارفه أقولك إيه …. واحده تغيظ كده …!!!!
لمياء : ليه يعنى … ؟؟
إمتعضت ملامحها بتقزز وهى تصف “ورد” بغيره شديده …
علا : حاجه ملزقه عينيها ملونه وشعرها طويل كده .. أوووف .. أعمل أنا معاها إيه دى … ؟!!!!!
حاولت “لمياء” بث الثقه بصديقتها وهى تتسائل بإشمئزاز …
لمياء : حلوة أوى يعنى !!!!! .. وبعدينى يا بنتى إنتى قمر …
علا : متكدبيش عليا أنا عارفه أنا إيه .. أينعم مش حلوة أوى بس دى فظيعه ….أخليه يبص لى إزاى بس ودى قدامه كده …
_
لمياء : أنا عارفه لك بقى … موضوعك ده متعقرب كده ليه ….؟!!
علا : ولا أنا كمان عارفه !!!! … أدينى حفكر فى حاجه جديده ونشوف ..
لمياء : ماشى يا “علا” لما توصلى لحاجه أبقى قوليلى … أنا عايزة أنام … هلكانه طول النهار فى الشغل …
علا: خلاص ماشى .. سلام ..
لمياء : سلام …
____________________________________
شقه حسام ….
أخذ يحك شعره الطويل بأصابعه وهو يتسائل بععنصر طبيعي فهم بععنصر طبيعيا إنتهت والدته من تلك المكالمه الطويله …
حسام : أيوه إيه بقى إللى حصل وخلاها مجتش إمبارح ..؟؟
ام حسام: “نجاح” بتقولى إن “عبد المقصود” جه و”ورد” مش هناك وطلع على طول ورجع وهى معاه .. يبقى شكله لحقها قبل ما تيجى هنا …
_
أغلق عيناه بتملل ثم تسائل بقله صبر …
حسام : وبعدين طيب … حنعمل إيه دلوقتى … إحنا ما صدقنا كانت حتيجى …؟!!!
ام حسام: إستنى أفكر فى حاجه تانيه لأنه أكيد حذرها مننا عشان متجيش تانى لوحدها .. ده غير أنى سمعت أنه متعب قليلاً فى المستشفى …
لمعت عينا “حسام” وهو يلقى بفكرته بمكر …
حسام: حيموت يعنى !!!! …. يلا خلينا نخلص منه ونعرف نستفرد بيها ..
ام حسام: يا ريت …
____________________________________
اليوم التالى ….
المستشفى …
منذ ساعات الصباح الأولى وجدت “ورد” راحتها بالتوجه للمستشفى للبقاء إلى جوار والدها الذى مازال يغط بنوم عميق …
_
إتخذت مقعداً إلى جواره تستمد الأمان ليغمض جفناها غافيه بععنصر طبيعيا جافى عيونها النوم ليله الأمس …
بعد مرور الوقت بدأ “عبد المقصود” يستفيق بإستراب فهو لا يدرى ما الذى جاء به إلى هنا …
ابو ورد: إيه ده .. أنا فين …؟؟؟
فتحت “ورد” عيونها فور سماعها صوت والدها الحنون لتهب إلى جواره تعاتبه على إخفاءه مرضه عنها …
ورد: كده برضه يا بابا … ؟؟ … كده تبقى متعب قليلاً كده ومتقوليش وترفض العلاج …؟؟
لاحت إبتسامه منهكه فوق ثغره وهو يمسك بكفها الناعم بين راحتيه …
ابو ورد: هو الدكتور قالك .. ؟؟
ورد: أيوة .. أنت قلقتنى عليك أوى إمبارح ….!!!
ابو ورد: حقك عليا … أنا بس مكنتش عايز أقلقك كفايه إللى أنتى كنتى فيه ….!!!
قلبت “ورد” شفتيها بإستياء من إهمال والدها لصحته بهذا الشكل …
_
ورد: تقوم متاخدش العلاج !!!! … أنا معرفش أعيش من غيرك … لازم تاخد العلاج عشان خاطرى .. كده غلط ….
بإحتساب شديد لمصابه أردف “عبد المقصود” بإيمانه بالمقدر له …
ابو ورد: كل واحد له أجل .. المهم أطمن عليكى …
ورد: يا بابا أنا كويسه طول ما أنت كويس .. عشان كده لازم تقعد فى المستشفى وتاخد العلاج …
لم تكن تعلم أن والدها عنيد للغايه حين هتف بها بإعياء شديد وإصرار بالرفض على البقاء …
ابو ورد: أنا عايز أطلع من المستشفى دلوقتى و أوعدك أعمل حاجه مهمه أوى بعدها أرجع بنفسى أخد العلاج لحد ما أخف ….
ورد: تانى يا بابا …!!!!
ابو ورد: أيوة إسمعى أنتى بس الكلام ….
زمت شفتيها بضيق لعند والدها وتشبثه برفضه لتتكتف عابسه للغايه حين سمعا طرقات خفيفه بباب الغرفه وأطرق “يوسف” رأسه ببطء مستأذنا للدخول ، تلاشت تلك التعبيرات العابسه ليشرق وجهها ببسمه لطيفه وسط ترحيب “عبد المقصود” بقدومه ….
ابو ورد: تعالى يا “يوسف” يا إبنى …
_
يوسف : لا إنت ما شاء الله عليك النهارده .. أحسن كتير …
ابو ورد: الحمد لله …
رفع “عبد المقصود” عيناه نحو إبنته طالباً منها أن تحضر لهم أى مشروب من الخارج …
ابو ورد: ما تنزلى يا “ورد” للبوفيه تجيبى كوبايه شاى ولا حاجه لـ”يوسف” ….
كانت إجابتها سريعه للغايه متحليه بخجل لطيف …
ورد: لا حجيب له قهوة .. مش كده يا أستاذ “يوسف” …
إبتسم “يوسف” لود لتذكرها حديثهم بالأمس ثم أردف بالرفض فلا داعى للإثقال عليهم وهم بالمستشفى …
يوسف: لا مفيش داعى تتعبى نفسك ..
أعاد “عبد المقصود” عناده بإصراره بطلبه …
ابو ورد: لا بقى .. أنت فاكرنا بخلا ولا إيه !!!! .. يلا يا “ورد” من غير سؤال شوفى حتجيبى لنا إيه ….
_
ورد: تمام ….
تركتهم “ورد” باحثه عن (البوفيه) لإحضار القهوة ومشروب لوالدها ليترقب “عبد المقصود” تلك الفرصه داعياً “يوسف” للجلوس بالقرب منه …
ابو ورد: أقعد يا “يوسف” .. أنا عايزك فى موضوع مهم أوى ..
نبرته الجاده إسترعت إنتباه “يوسف” الكامل ليهتف بإنصات …
يوسف : خير .. إتفضل يا أبو “محمد” …
بنفس متقطع وإجبار لنفسه على الحديث أمسك “عبد المقصود” بكف “يوسف” يحدثه بحميميه أب ربما تتحلى ببعض الرجاء …
ابو ورد: أنا عايز أطلب منك طلب .. ولو مش فى إستطاعتك عادى يا إبنى أنا حفهم …!!! … أنا دلوقتى زى ما أنت شايف خلاص حموت …
يوسف: بعد الشر عنك متقولش كده …
ابو ورد: يا إبنى ده أجل وأنا حاسس خلاص إن نهايتى قربت … لكن أنا خايف أوى على “ورد” …. بنتى مش حتقدر تعيش فى الدنيا دى والناس طمعانه فيها بالشكل ده .. وأنت يا أبنى شايف هى طيبه وعلى نياتها قد إيه !!! … ونفسى أطمن عليها قبل ما أموت ….
إبتلع “عبد المقصود” ريقه بغصه فلم تكن تلك هى الطريقه التى يريد بها سعاده إبنته ، لم يرد أن يحط من قدرها لكن الوقت لن يسعفه بالإنتظار ليكمل بإستحياء شديد من طلبه …
_
أبو ورد: عشان كده يا أبنى أنا عايزك تتجوزها !!!! .. تحميها وتعيش تحت جناحك وفى رعايتك .. أنت ونعم الأخلاق والدين … حتعرف تصونها وتحميها …. ولو مش حتقدر يا أبنى ….. براحتك ده طلب مش إجبار .. فكر وبلغنى بقرارك وصدقنى أنا مش حزعل ولا أى حاجه لو إنت رفضت ….
مجرد إحساس “يوسف” بترجى “عبد المقصود” له لم يفكر للحظه بأن يرد طلبه حتى ولو فوق رقبته ، فهو لن ينكر صنيعه وجميله معه ليردف على الفور بدون أى تأخير …
يوسف : طلبك أمر … ووصيتك دين فى رقبتى … مقدرش أرفضه …
شعور بالراحه سرى بعروقه بلحظه موافقه “يوسف” ليستطرد موضحاً قبل عودة “ورد” …
ابو ورد: بص يا أبنى “ورد” باقى فى عدتها من جوزها الأولانى أأقل من شهر .. بعدها على طول نكتب الكتاب عشان أطمن عليها ….
إحساس بالغصه جعله ينتفض من داخله حين تذكر موضوع زواجها الأول ، لكنه وعده وعداً قاطعا بالحفاظ عليها وحمايتها ….
يوسف : تمام … بس سيبنى كام يوم أبلغ والدتى و أعمل ترتيباتى وطبعاً والدتى لازم تشوف العروسه …
ابو ورد: تمام يا أبنى وبعد زياره “ورد” لوالدتك إحنا حنسافر ونرجع يوم كتب الكتاب ونعمل فرح على الضيق كده موافق …
يوسف: موافق يا عمى …
صمت “عبد المقصود” لوهله قبل أن يكمل برجاء آخر …
_
ابو ورد: طيب ممكن نبلغها إنك طالب تتجوزها … عشان بس مكسرش نفسها …!!!
يوسف: طبعاً يا عمى … ولا أنا حقول أى حاجه لأى حد …
إجابته للمرة الثانيه أعاده الحياه لوجهه ورفعت من قدر “يوسف” لديه ليثنى متفاخراً به ..
ابو ورد: راجل يا أبنى … وعشمى فيك طلع فى محله …
____________________________________
بعد قليل ..
قعنصر طبيعيت “ورد” فنجان القهوة لـ”يوسف” الذى إرتشفها سريعاً و إستأذن منهم ليعود للشركه بععنصر طبيعيا أصر “عبد المقصود” بالعودة للبيت وترك المستشفى …
____________________________________
شركه الأقصى ….
بعد تركه للمستشفى عاد لمكتبه ليجلس بهدوء متفكراً بما إتفق مع “عبد المقصود” عليه منذ قليل …
_
أخذ يحدث نفسه بشرود تام دون الإنتباه لـ”شريف” والمحيط من حوله …
” أنا إيه إللى عملته ده !!! … بس أنا مكنش ينفع أرفض … الراجل ده جِميله فى رقبتى ودى أأقل حاجه أقعنصر طبيعيها له … بنته أمانه فى رقبتى .. بس …. موضوع جوازها الأولانى ده مش عارف أبلعه !!!!!!! … بس هى فيها كل حاجه أنا عايزها شريكه حياتى … رقيقه وهاديه وطيبه .. أنا محتار !!! … عنصر طبيعياغى خلاص … حتنفجر …”
لم يدرك “يوسف” حين تلفظ بجملته الأخيرة بصوت عالٍ إنتبه لها “شريف” …
يوسف: عنصر طبيعياغى خلاص حتنفجر …!!!
شريف: مالك يا “يوسف”… أنت مش طبيعى خالص …؟!!
يوسف: مش عارف يا “شريف” محتار ومش عارف أفكر …
شريف: طب ما تقولى يمكن أفيدك ..
تفكر “يوسف” لبضع لحظات فهو لن يفشى هذا السر الذى إئتمنه “عبد المقصود” عليه ليحاول إشراك “شريف” معه بطريقه أخرى لا تمس “ورد” وتحط من قدرها أو قدر والدها …
يوسف: أصل … ااا …. أبو “ورد” متعب قليلاً أوى .. و … أنا كنت بفكر أطلبها منه … بس موضوع جوازها الأولانى ده مش قادر أعديه ..
إعتدل “شريف” بجلسته وهو يتحدث بجديه لأول مرة …
_
شريف: إنت عايز الحق …؟!!
يوسف: طبعاً …
شريف: العيب مش فيها …. العيب فيك إنت …
ذهل “يوسف” للغايه من رأى “شريف” الصاعنصر طبيعي …
يوسف : أنا ….!!!
شريف: أيوة .. ولنفترض إنها تجوزت واحد وما إتوفقتش معاه …. تفضل طول عمرها منبوذه مستنيه تموت … ولا يمكن واحد ييجى يعوضها عن التجربه الفاشله دى وتعيش حياه طبيعيه ؟!!!! … أنا عن نفسى مش شايف عيب فيها … قولى يا “يوسف” … غير موضوع جوازها ده .. إنت شايف فيها عيب تانى …؟!!!!
تفكر “يوسف” لأقل من لحظه ليردف بإجابه قاطعه …
يوسف: الصراحه .. لأ …
شريف: يبقى بتُحكُم عليها بحاجه ملهاش يد فيها ليه ؟!!! … ما هى أكيد وقتها مكانتش عايزة تطلق وكانت عايزة تبنى بيت وحياه .. صح …. ؟!!!
يوسف: أه ..
_
نهض “شريف” من مقعده ليتجه صوب مكتب “يوسف” وهو يحدثه بصرامه يوضح له الضبابيه التى ينظر بها إليها ….
شريف: شوف يا “يوسف” …. يا تقرب منها وتنسى الحاجز الوهمى إللى إنت حاطه ده … يا إما تسيبها لنصيبها …. وواحده زى دى مش حتتساب وألف من حيجرى وراها ومش بعيد كلها شهر ولا شهرين وتلاقيها متجوزة من واحد تانى … ها …. عندك إستعداد تسيبها لواحد تانى …؟!!!!!!!!!
أثارت جمله “شريف” الأخيره إحساس دفين بداخله بأنه لا يريد أن يضيعها من يده .. مهما كان السبب … يريدها إلى جواره هو .. سواء طلب والدها ذلك منه .. أو طلبها هو بنفسه .. فهو بالفعل يريد القرب من “ورد” … ولا يتحمل رؤيتها أو حتى التفكير بأنها ربما ترتبط بأخر ….
ليهمس “يوسف” متوافقاً مع ما قاله “شريف” ….
يوسف: عندك حق … عندك حق يا “شريف” ….
•• الفصل الثامن عشر ••
•• سأتزوج ….!!!! ••
لن أتركك … هكذا قالتها بداخلها وهى تقضى الوقت برفقته بداخل غرفته بعد عودتهما من المستشفى …
لن تضيع دقيقه بعيده عنه ، تخشى فقدانه فهو صمام الأمان وحصنها الحامى ، مجرد التفكير بمرضه يجعلها ترتعد تفكير متأنياً …
إعتمدت بكل حياتها على وجوده هو فقط ، فبعد وفاة والدتها أصبحت وحيدة للغايه قربها إليه ، دللها كثيراً وتحمل المشقه كلياً عنها …
_
كان عقلها المدبر وموجهها الحكيم ، كل خطواتها برأيه ومشورته ، بدونه هى لاشئ …
تمعن “عبد المقصود” بوجه إبنته البرئ يلوم نفسه على ما إقترفته يداه ، فدلاله المفرط لها وخشيته دوماً عليها أكسبها سذاجه متناهيه ونقاء مبالغ فيه …
جعلها لا تتحرك خطوة بدونه ليسقط بأزمه خطيرة ، أزمه تركها بمفردها ، فكيف ستتحمل غيابه ..؟؟! كيف ستدير حياتها وشؤونها الخاصه .. ؟!!
لم ينتبه أنه كان يجب عليه تركها تتعلم من خبرات الحياة ما يؤهلها لإكمالها بقوة وصلابه ، ظن أنه يقوم بكل ذلك عنها لمصلحتها وحمايتها بينما كان يضر بها دون أن يدرى …
حتى بإختيار شريك حياتها إختار بدلاً عنها مرة وها هو يكررها مرة أخرى …
رفع جزعه مستنداً لظهر الفراش وهو يطلب من إبنته الإقتراب ….
ابو ورد: أقعدى يا “ورد” عايزك فى موضوع …
جلست “ورد” إلى جواره منصته إليه بإهتمام فملامحه توحى بالجديه التامه …
ورد: خير يا بابا …
صمت لوهله قبل أن يلقى بخبر زواجها مرة أخرى بدون مقعنصر طبيعيات أو تمهيد …
_
ابو ورد: “يوسف” .. طلب إيدك منى .. وأنا وافقت …
تسمرت “ورد” بدهشه لتلك الاستغراب الغير متوقعه بالمرة ، زاغت عيناها لا تدرى بما عليها أن تشعر الآن ، هل تسعد لذلك أم تحزن …!!!!
نعم لقد شعرت تجاه هذا الشاب بالذات إحساس غريب إحساس ممتع حلو للغايه ، إحساس متفرد لم تشعر به مع من قبل حتى مع “حسام” ، تشعر بألفه رهيبه وكأنها تعرفه من سنوات عديدة ..
لكنها بداخلها هذا التتفكير متأني ، ليس تتفكير متأنياً بل ذعراً هلعاً بتفكيرها أنها يمكنها أن تعيد تلك التجربه المشؤمه مرة أخرى ، هى لم تنسى بعد ما حدث بينها وبين “حسام” …
شعرت بالتخبط والحيرة … أترفض زواجها من “يوسف” … هذا الشاب الذى دق له قلبها من نظرتها الأولى … أم توافق وتعيد تلك المأساه مرة أخرى ويكون صورة أخرى من “حسام” …!!!!
هل يكون هو فرصتها الذهبيه فى تعويض ما فاتها وتشعر معه بالحب والحنان اللذان تبحث عنهما أم سيكون صورة ثانيه عن “حسام” بإسم مختلف …..
ورد: بس يا بابا .. أنا لسه خايفه .. ممكن يكون زى “حسام” … و ..
قاطعها “عبد المقصود” بيقين تام لمعرفته الوطيدة بـ”يوسف” وأخلاقه ..
ابو ورد: لا يا بنتى .. “حسام” أنا مكنتش أعرفه بس كنت مصدق “ناهد” .. لكن “يوسف” أنا أعرفه من زمان من وهو صغير .. عارف هو قد إيه راجل وعارف دينه وعنده أخلاق وقد المسؤوليه .. وأنا حرتاح لو أنتى وافقتى يا بنتى …
كما إعتادت دوماً وبثقه عمياء بقرار والدها أردفت بدون تفكير …
_
ورد : لو ده حيريحك يا بابا .. أنا موافقه …
ابو ورد: و أوعدك يا بنتى إنك مش حتنعنصر طبيعيى أبداً … أنا عايزك كمان متجبيش سيره لحد خالص .. وآخر الأسبوع حنسافر أنا وأنتى إسكندريه مش حنرجع إلا يوم الفرح .. فاهمه .. أوعى تقولى لأى حد مهما كان على مكاننا ..
بإستراب شديد لحرص والدها على ععنصر طبيعي إخبار أحد بسفرهم أومأت “ورد” بالإيجاب ….
ورد: حاضر يا بابا …
عادت إلى غرفتها بعد أن خلد والدها إلى النوم لينال قسطاً من الراحه لتحدث “سماح” بمكالمه هاتفيه طويله تسرد لها ما حدث بالتفصيل …
أبلغتها بقرار والدها بزواجها من”يوسف” والتى رحبت سماح بسماع الفكره من “ورد” ظناً منها أنه بزواجها من هذا الشخص بالذات ربما يعيد لـ”ورد” حياتها المفقوده ….
____________________________________
فرنسا ..
بعد عودة والدى “لامار” من سفرتهم مشتاقين لوحيدتهم الغاليه ، جلسوا جميعاً بجلسه عائليه دافئه ..
والد لامار: حبيبتى .. عملتى إيه من غيرنا الأيام إللى فاتت ….؟؟
_
لامار: شغل وشغل وشغل …
نظر “نشأت” نحو إبنته يثير فضولها بتساؤل ذات مغزى …
والد لامار: ومستعده بقى لأجازة ولا لسه …؟؟!!
لامار: أجازة … فين …؟؟
بابتسامه ينتظر رد فعلها وهو يبلغها عن سفرتهم الجديدة …
والد لامار: نروح مصر ..!
هتفت “لامار” بحماس شديد فقد إشتاقت للغايه لبلدها وأهلها …
لامار: إنت خلاص حددت معاد يا بابا …؟!!!
والد لامار: أيوه .. كمان عشر أيام … جهزى نفسك بقى …
لامار: أكيد .. لازم أجهز نفسى .. إسكندريه وحشتنى أوى …
_
نظرت والدتها نحوها بإستنكار شديد …
والد لامار: وجدك وجدتك موحشوكيش …؟
لامار: أكيد وحشونى أمال أنا بحب إسكندريه ليه !!! … لأنها شبههم وهم شبهها …
والد لامار: أنا قلت أقولك قبل معاد السفر … عشان تجهزى نفسك وتظبطى شغلك ….
لامار : شكراً يا أحلى بابا فى الدنيا …
____________________________________
شقه يوسف ….
حيره أصابه عقله وسهم نقاش جاد قلبه ، أخذته تلك الياقوته لتبعثر كل معتقداته المترسخه بعقله ، لولا ما بعثرته بنقائها لكان ثابت على مبدأه ولم يهتز بكيانه شئ …
لكن الحيرة بين عقله وقلبه كادت تفتك به ، عاد مساءً لشقته ليدلف بهدوء وشرود غير المعتاد فذهنه مشغول للغايه ، خاصه وأن عليه إخبارهم الآن بقرار زواجه المفاجئ بععنصر طبيعيا كان يرفض ذلك بقوة منذ أيام ليست بالبعيده …
دعاء …
_
فور سماعها لصوت باب الشقه قد أغلق متيقنه بأن “يوسف” قد عاد إلى المنزل ، أنهت مكالمتها مع “مرزوق” بتعجل ثم خرجت إلى “يوسف” لمقابلته كما تفعل كل يوم …
بتجهم شديد أثار فضول “دعاء” لهذا الإقتضاب المبهم …
يوسف: فين ماما يا “دعاء” …؟؟
دعاء: فى أوضتها ..!!!!
يوسف: طب تعالى معايا ….
سارت “دعاء” خلف “يوسف” بخطوات بهلوانيه وقد إتسعت حدقتاها بإندهاش مصطنع لتلك الجديه والإقتضاب المسيطرين على ملامح أخيها …
دلف “يوسف” لغرفه والدته ملقياً التحيه …
يوسف: السلام عليكم …
ام يوسف: تعالى حبيبى إنت جيت …؟؟
بمزاحها الطريف أرادت رسم بسمه على وجوههم المقتضبه …
_
دعاء: ده سؤال ولا تعجب ده ولا إيه ؟؟!!!!!!!! .. ما هو بيكلمك أهو يا حاجه يبقى مجاش يعنى وباعتلك فويس …!!!!!
إستدار “يوسف” ومازالت تلك الملامح الجاده مسيطرة عليه بصورة قويه ليرمقها بقوة فهو لا يحتمل هذا النوع من المزاح الآن قائلاً بإقتضاب …
يوسف: لمى لسانك … وأقعدى عايزكم فى موضوع مهم …
إبتلعت “دعاء” ريقها بتتفكير متأني وهى تجلس إلى جوار والدتها الممدة فوق فراشها وهى تتمتم بقلق …
دعاء : أستر يا رب ..
سحب “يوسف” نفساً عميقاً يستعد به للتحدث ثم أردف …
يوسف: مش إنتوا كنتوا عايزنى أتجوز !!! … أنا حتجوز ….
هللت “دعاء” بسعاده و وربما براحه فقد ظنت أن الأمر يخصها لتزال تلك الصخرة التى جثمت فوق صدرها فور إعلان “يوسف” بخبر زواجه …
دعاء : أخيراً وافقت على “علا” ..؟!!!!
نظر “يوسف” تجاه “دعاء” وهو يوضح أكثر ليصل لما يريد إخبارهم به …
_
يوسف: لأ …مش “علا” .. واحده تانيه …
تسائلت والدته بين الفرحه والتوجس فلم يخبرهم بخبر زواجه وهو متجهم مقتضب بهذا الشكل …
ام يوسف: ومين دى يا إبنى بنت حد نعرفه …؟؟
يوسف: بنت أبو “محمد” يا ماما ..
رفعت هامتها بسعاده فهذا الرجل نعم من يُنَاسَب لكن كيف ذلك وهناك فرق شاسع بين طبقتيهم الاجتماعية …
ام يوسف: والله الراجل ده ونعم الناس .. بس دول يا إبنى !!! … يعنى إحنا فين وهم فين …؟؟
يوسف : أنا مش عايز منهم حاجه أنا عايزها هى .. ولما تشوفيها حتحبيها أوى .. طيبه وهاديه زى ما أنا عايز بالضبط …
بثقه بإختيار ولدها لزوجته ومعرفتها به حق المعرفه بأنه لا يطمع بمال تلك الفتاه وأنه لابد وأن أوضح ذلك لوالدها شقت وجهها بإبتسامه فرحه قائله …
ام يوسف: خلاص يا حبيبى طالما إنت شايف كده .. خلاص … ربنا يتمم لك على خير …
بقى إيضاح سبباً لزواجهم السريع فأردف “يوسف” مستكملاً إيضاحه …
_
يوسف: بس والدها متعب قليلاً عشان كده حنعمل الفرح كمان شهر …
بإندهاش حقيقى تلك المرة صاحت “دعاء” بإستنكار …
دعاء: إيه ….؟ شهر … ؟ إيه الكروته دى …
يوسف: هو خايف يموت الراجل متعب قليلاً جداً …
لهذا السبب إذن تفكر “يوسف” بزواجه من تلك الفتاه بتلك السرعه ، فلابد أن مرض والدها هو السبب بهذا التعجل منهم جميعاً …
ام يوسف: ربنا يشفيه ويعافيه … يمكن يا بنتى عايز يطمن على بنته قبل ما يموت …
يوسف: بالضبط كده يا ماما …
ام يوسف: طيب يا إبنى لو كده نفتح أوضتك على الأوضه إللى جنبها عشان توسع ونوضبها ونجيب أوضه نوم جديده ….
يوسف: إن شاء الله .. خلى التفاصيل دى لما تشوفيها الأول …
ام يوسف : خلاص يا إبنى إن شاء الله .. بس طالما هى عجبتك يبقى أكيد حتعجبنا …
_
قبّل يوسف يد والدته ورأسها فقد شعر بالراحه بعد أن أتم ما قد فكر به لإقناعهم ثم دلف لغرفته ليقضى بقيه ليلته بين أفكار سعيده تارة ومزعجه تارة أخرى …
____________________________________
يومان يمران وقد حاولت النفوس تهيئه القلوب لما هو آت ، سأجرب حظى وأتقعنصر طبيعي … سأبحث عن سعادتى ربما ….
هكذا حدث كل منهما نفسه فبعد أن أبلغ “يوسف” والدته بأمر زواجه إتفق مع “عبد المقصود” على موعد لزيارة “ورد” لوالدته وأخته …
وها قد آتى اليوم لتشعر “ورد” بتتفكير متأني عظيم من تلك الزيارة التى ستقوم بها بمفردها فوالدها غير قادر إطلاقاً على مرافقتها بينما والدته لا تستطيع الحركه كما أوضح “يوسف” لوالدها …
تحضر “يوسف” لإصطحاب “ورد” ماراً ببيت “عبد المقصود” بالمساء …
يوسف: أخبار حضرتك إيه النهارده ..؟؟
ابو ورد: الحمد لله يا بنى …
يوسف: بعد إذن حضرتك آخد “ورد” تزور والدتى زى ما إتفقنا…
ابو ورد: أه طبعاً … وزى ما قلت لك إحنا مسافرين بكره … وحنبقى على إتصال ونرجع أنا و”ورد” يوم الفرح إن شاء الله ..
_
يوسف: بإذن الله …
فور ذكر ذلك شعر “يوسف” بالإضطراب والتتفكير متأني لينحى عيناه جانباً حتى لا ينتبه “عبد المقصود” للقلق الذى إجتاحه ويظن أنه يتهرب من وعده له …
صوت خطواتها جعله ينتبه لتلك الفاتنه التى كادت تشرق بضياء متوهج بفستانها الفيروزى الطويل كَـ لون عيونها اللامعه …
وجد نفسه لا شعورياً يبتسم بقوة فهى دوماً تغرقه ببحورها وتنسيه الواقع بوجودها …
صوتها الدافئ وهى توجه له حديثها جعلته يفهى وتذوب بحلقه الكلمات …
ورد: أنا جاهزة …
يوسف: اا .. أه … يلا .. تمام ….
ابو ورد: السواق جاهز حيوصلكم ..
يوسف: مفيش داعى خالص .. ده البيت قريب …
ابو ورد: لا .. كده أحسن … عشان أبقى مطمن …
_
إستقلا السيارة وسط صمت طويل ودقات قلب نابضه لتعلنها لحظه سعاده بقربهما معاً …
____________________________________
طرق “يوسف” الباب أولاً لينبه والدته و”دعاء” بحضورهما قبل أن يفتح الباب وهو يدعو “ورد” للدخول بإبتسامه مرحباً …
يوسف: نورتى البيت … إتفضلى …
أقبلت “دعاء” بفوضويتها المحببه ترحب بتلك الفتاه التى سيتزوجها أخيها …
دعاء: أهلاً وسهلاً ….
أنهت عبارتها ببطء شديد وهى تكمل بإندهاش لرقه “ورد” وجمالها لتردف بشقاوة …
دعاء: يا إبن الإيه !!!! … أتاريك مش موافق على ولا عروسه من إللى بجيبهم لك !!!! … أيوة يا عم .. ماشيه معاك … منوره يا قمر …
إبتسمت “ورد” على طريقه “دعاء” الودوده معها فقد شعرت بالود والألفة لها على الفور ….
تحدث “يوسف” من بين أسنانه محذراً “دعاء” من مزاحها الثقيل …
_
يوسف: سيبيها تتعرف عليكى الأول لازم طوله لسانك دى من أولها …
دعاء: ما أنا أعملك إيه .. ما هى طلعت زى القمر .. أسكت أنا.. قوليله والله …؟!!!!
ورد: شكراً ليكى .. أنتى إللى قمر …
أشارت لها “دعاء” بالدخول وهى تهتف بوالدتها تنبهها لوصول “يوسف” و”ورد” …
دعاء: إتفضلى … يا ماما .. يوسف و”ورد” جم ….
جلست “ورد” على احد المقاعد بغرفه المعيشه الكبيره وجلس “يوسف” على مقعد آخر مقابلاً لها بينما دلفت “دعاء” لتساعد والدتها للخروج من غرفتها لمقابله “ورد” ….
تنحنح “يوسف” معتذراً عن أسلوب أخته الأحمق …
يوسف: أنا أسف والله هى “دعاء” دايماً كده بتحب الهزار ..
ورد: لا طبعاً .. آسف على إيه !!! .. أنا حبيتها أوى …
يوسف: معلش البيت على قد حاله .. بس إن شاء الله أظبط ظروفى ونجيب شقه تانيه قريبه …
_
لم تشعر “ورد” بما يعتذر “يوسف” بسببه بل شعرت براحه وسكينه كبرى لحظه أن دلفت إلى داخل البيت ، أحست بالمودة التى تربطه بأخته ، لم تنفر مطلقاً من مظهر البيت والأثاث البسيط بل شعرت بالألفه والمحبه يطغيات عليه لتجيبه بصدق نابع من قلبها حقاً …
ورد : بالعكس … أنا حبيت الشقه هنا جداً ومريحه أوى بجد حاسه إنها فيها دفا وراحه جميله أوى ….
بساطتها وععنصر طبيعي تكلفها أسعده للغايه بال من معيشتها بمستوى أعلى منه بكثير ، لكنه مع ذلك لن يظلمها أيضاً ..
فزواجهم المفاجئ لم يستطع التخطيط له كما يجب لذلك سيحاول جاهداً توفير كل السبل ليشعرها بالراحه مثلما كانت فى بيت أبيها ….
إقتربت أم “يوسف” تتكئ على عصاها ببطء وإلى جوارها إبنتها “دعاء” …
ام يوسف: بسم الله تبارك الله … إنتى “ورد” …
تلقائياً فور سماع صوتها الحنون رفعت “ورد” عيناها تجاهها وإرتسمت إبتسامه رائعه زادتها جمالاً لشعورها بدفء تلك السيدة وحنانها النابع من ملامحها المريحه للغايه …
غمرها إحساس بحنينها لأمها التى حُرمت منه صغيرة لتتخيل أنها أمها التى إشتاقت إليها …
نهضت “ورد” لتحيه أم “يوسف” وهى تردف برقه ..
ورد: أيوة … أنا “ورد” …
_
ام يوسف: إسم على مسمى حبيبتى … إرتاحى حبيبتى أقعدى …
ورد : شكراً …
جلست أم “يوسف” إلى جوارها متأمله إبداع الخالق فى هذه الفتاه الجميله …
ام يوسف: نورتينا يا بنتى … والله والدك ده غالى علينا جداً … كان بودنا ييجى معاكى بس إن شاء الله يقوم بالسلامه …. وينورنا إن شاء الله …
ورد: يا رب يا طنط …
بجلسه ودوده للغايه وتجاذب لأطراف الحديث بين أربعتهم شعرت “ورد” بأريحيه غير عاديه وخجل شديد بذات الوقت …
تناست تماماً طيف حسام الذى غاب عن تفكيرها بوجود هذه الأسرة المحبه …
لم تخلو جلستهم من بعض النظرات الجانبيه لكلا من “ورد” و”يوسف” اللذان تملكتهما سعاده حقيقيه بوجود بعضهما البعض …..
____________________________________
شقه حسام …
_
أخذت تنقاش جاد ساقيها بقوة غيظاً وتحسراً وهى مازالت تستكمل مكالمتها الهاتفيه بصوت حاد أشبه بالصراخ الغاضب …
ام حسام: إنت بتقول إيه … ؟؟ إمتى حصل الكلام ده ….؟؟ ماشى ماشى … سلام …
ضغطت زر إنهاء المكالمه بقوة ثم ألقت بالهاتف بعيداً وهى تستدير بارتباك كاد ينفث من عينيها المتوهجتان شرراً …
ام حسام: شفت !!!! … أهو “عبد المقصود” ناوى يجوز “ورد” !!!!! … كل حاجه حتضيع من إيدينا …!!!!!
إتسعت حدقتاه بصعنصر طبيعيه وجف حلقه بفزع ، هل يمكن أن يفتضح أمرة وقتها … بالطبع … وما الذى سيمنع ذلك … أتكون قد أخبرت والدها بما عجز عنه بتلك الليله وسقطت عنها العدة بعد طلاقها … لا … بالتأكيد لم تفعل … إنها خجوله للغايه ولن تتفوه بما يخص تلك الأمور مطلقاً …
لكن عليه الثبات بموقفه وأن يظهر أنها لا يمكنها الزواج لأنها مازالت بشهور العدة ، وعليه الوصول إليها أولاً ، فهو لن يتركها تضيع من بين يديه بتلك السهولة ليهتف بكذب …
حسام : إيه ….؟؟ يجوزها .. لمين وإزاى ..دى لسه فى العده …!!!!
ام حسام: فيه واحد إسمه “يوسف” إتقعنصر طبيعي لها وأبوها وافق وهى دلوقتى عندهم فى البيت “مصطفى” السواق لسه قايلى كده دلوقتى …
حسام : طب والعمل يا ماما … أنا مش عايزها تضيع من إيدى …!!!!!
لمعت عيناها ببريق غادر وهى تحسم أمرها بكراهيه شديدة ..
_
ام حسام: بكره …. لازم نجيبها إن شاالله غصب عنها …
حسام: إزاى ..؟؟
ام حسام: أنا حروح لهم البيت و أخليها تطلع لى وأول ما تطلع نكون مجهزين مخدر نرشه عليها ونحطها فى العربيه ونمشى على طول ..
إستحسن تلك الفكرة تماماً فهى ستكون فرصه لن تتكرر وهى غائبه عن الوعى تماماً لينفذ مخططه ويشبع رغبته بها ويثبت رجولته التى إهتزت أمامهما …
حسام: ماشى … تمام كده …
ام حسام: إما حرقت قلبك يا “عبد المقصود” .. والفلوس حاخدها حاخدها …
____________________________________
بعد إنتهاء زيارتها لأسرة “يوسف” الصغيرة ، إصطحبها “يوسف” لبيت والدها بإحساس مغاير تماماً لذلك الإحساس وقت ذهابهما فرغم حديثها البسيط إلا أنها أسرته بالفعل ، سحرته برقتها ونعومتها الطاغيه …
تذكر كلمات “شريف” و أراد بالفعل تناسى كل ما حدث معها قبل معرفته بها وسيبدأ معها حياه جديده فهما يستحقا ذلك ….
تاهت “ورد” بأفكارها وسط سعادتها بقربها من “يوسف” رغم المرات القليله التى رأته بها إلا أن قلبها بالفعل تعلق به … وشعرت بالراحه والأمان وسط عائلته وفى وجوده … طغى حضور “يوسف” فى حياتها على “حسام” وما فعله بها بصوره مطلقه ….
_
____________________________________
اليوم التالى …
إستيقظ “عبد المقصود” لصلاه الفجر الذى حزن كثيراً لععنصر طبيعي قدرته للذهاب إلى المسجد فى الفتره الماضيه لما يسببه له الدواء بهذا النعاس وإعياءه لمرضه الذى يشتد يوماً بعد يوم ….
إرتدى ملابسه وتناول حقيبته فى هدوء ماراً بغرفه “ورد” ….
ابو ورد: جاهزة يا “ورد” …
ورد: جاهزة يا بابا ….أكلم السواق …؟!!!
ابو ورد: لأ … مش حنروح بالعربيه … أنا طلبت عربيه بالسواق حتوصلنا إسكندريه … يلا بينا …
تحركا من البيت دون أن يشعر بهما أى من العاملين بالبيت لكنه فقط ترك رساله و مبلغ من المال لـ”نجاح” لمراعاه “محمد” قبل سفرهم إلى الإسكندرية …..
ليستقلا السيارة إلى هناك مباشرة حيث قام “عبد المقصود” بحجز غرفه كبيرة لهما قبل سفرهما بأحد الفنادق المطله على البحر ليصعدا إليها فور وصولهما مباشرة ليرتاحا من عناء السفر …
____________________________________
_
شركه الأقصى …
شريف: أخبارك إيه يا عريس …؟؟
يوسف: إنت بتتريق ولا إيه ….؟؟
بنفى لما ظنه “يوسف” فهو بالفعل سعيد لتلك الخطوة التى إتخذها “يوسف” لزواجه من “ورد” ….
شريف: والله فرحان لك يا أخى .. ده أنا كمان إحتمال أحصلك …
يوسف: بجد ….!!!
شريف: أمال … بصراحه البنت إللى حكيت لك عليها دى … بدأنا نتعرف ونتكلم كل يوم تقريباً .. طلع إن عنصر طبيعياغنا فيها حاجات كتير أوى شبه بعض … وبفكر فعلاً أسافر عشان أطلب أيدها ..
بسعاده حقيقيه لما ينتويه صديقه …
يوسف: حلو أوى … ونويت إمتى تسافر …؟!!!
شريف: لا .. بعد جوازك إنت الأول …
_
تفكر “يوسف” بإقاراح ظريف للغايه قائلاً …
يوسف: ليه يعنى … ؟؟ ولى أمرى …!! ما تيجى نتجوز فى نفس اليوم ..؟؟
شريف: لا يا باشا … إنتوا عاملين حاجه كده على الضيق إنما أنا لازم أعمل فرح تحكى عنه البلد كلها هو أنا أى حد ولا إيه ….؟؟
يوسف ضاحكا: إنت حر … إنت الخسران …
شريف: طالما ربنا موسعها عليا ومعايا قرشين أهو نفرح بيهم وأتجوز بقى بدل ما أنا عايش لوحدى زى قرد قطع من يوم ما والدى ووالدتى إتوفوا …
يوسف: ربنا يسعدك يا “شريف” .. إنت تستاهل كل خير ….
____________________________________
تحضرت تلك الخبيثه وولدها للذهاب إلى بيت “عبد المقصود” وقد أحضرا مخدر قوى للغايه ليخطفا “ورد” اليوم ….
لكنهما أصيبا بخيبه أمل عنعنصر طبيعيا أبلغتهم “نجاح” أنهم تركوا البيت دون أن يشعر بهم أحد فى الصباح الباكر …
حسام بغيظ: شفتى ….!!!
_
ام حسام: مسيرك حتقع تحت إيدى يا “عبد المقصود” …. يلا يا حسام !!!!!
عادت إلى شقه “حسام” يجرون أذيال الخيبه والحسرة على فشل مخططهم تلك المرة أيضاً ……
•• الفصل التاسع عشر ••
•• صداقه جديده …••
إستشاطت “ناهد” ارتباكاً بعد معرفتها بسفر “ورد” و”عبد المقصود ” دون علم أى أحد بمكانهما والأدهى هو تصرف “عبد المقصود” الغريب بترك سيارته والسائق “مصطفى” الذى ينقل إليها كل تحركاته …
أخذت تبحث بكل السبل لمعرفه إلى أين ذهبوا لكن كل سبلها ضاعت هباء ولم تتوصل لمكانهما بعد …
شعرت بقله حيلتها وأن”عبد المقصود” إستطاع أن يغلبها وقد ذهبت خططهم سدى وعادوا إلى نقطه الصفر مرة أخرى …
وقفت تعض شفتيها بغيظ وقد إحتدت بإنفعال ..
ام حسام: أكيد أكيد فهم إحنا عايزين إيه ومش حيرجعها إلا لما العدة تخلص … صحيح “عبد المقصود” ده مطلعش سهل أبداً …
حسام بارتباك: والله ما سيبهاله … مش حخليه يتهنى بيها …
_
أمسكت “ناهد” بذراع “حسام” المنفعل قبل أن يتصرف أياً من تصرفاته الحقماء وتخسر برعونته كل ما خططت له …
ام حسام: إستنى هنا متتهورش .. لازم نفكر كويس حنعمل إيه بالضبط .. المهم دلوقتى نحاول نعرف هم راحوا فين … لازم ..
رفع كفيه بوجه والدته إعتراضاً …
حسام: أنا مش حصبر ده كله شوفيلك حل …!!!!
ام حسام: حشوف … لازم ألاقى حل ونعرف هم راحوا فين …
____________________________________
الإسكندريه ….
تمدد “عبد المقصود” بإنهاك فوق الفراش بينما ظلت “ورد” تنظر من نافذه الغرفه تجاه أمواج البحر المتلاطمه بمنظر طبيعى أخاذ للعقول …
إشتمت هواء البحر المنعش الذى نقاش جادت رياحه شعرها الذهبى وهى تهتف ببهجه …
ورد: البحر شكله جميل أوى يا بابا ..
_
أردف والدها بإعياء شديد وقد إهتزت نبرات صوته المتعبه …
ابو ورد : إنزلى يا بنتى وإفرحى …
إستدارت “ورد” نحو والدها ترفض ذلك بصورة قاطعه …
ورد: لأ طبعاً مش حقدر أسيبك إنت متعب قليلاً أوى …
أصر “عبد المقصود” بشدة أن تخرج “ورد” للحياه وتعيش كزهرة يانعه ببستان الزهور ، لن تظل حبيسه الفندق رفيقه لمرضه فقط …
ابو ورد: لا متقلقيش عليا .. أنا حاخد الدوا إللى كاتبه الدكتور ده …و أنام ولو عوزت حاجه حبقى أتصل عليكى … إنتى بس خلى التليفون على طول فى إيدك …
إبتسمت “ورد” ساخرة من نفسها فهى دوماً ما تنسى هذا الهاتف ولا تهتم به على الإطلاق …
ورد: طيب ….ححاول حاضر ..
إطمئنت على والدها أولاً ثم خرجت بهدوء شديد لتجلس بهذا المقهى الكبير بأسفل الفندق …
نظرت بإتجاه البحر تتمتع بنسمه الهواء الصافيه بهدوء وراحه …
_
شعرت بالسكينه والإنتعاش الذى تبحث عنهما بالفعل و إبتسمت فى نفسها فأخيراً بدأت الدنيا تضحك لها والسعاده بدأت تشرق وتدق بابها …
____________________________________
بعد عده أيام ….
الإسكندريه …
مرافقتها لوالدها بتلك الأيام هو ما تود فعله فقط ، هى تخشى عليه من مرضه ومعاناته التى أصبحت تتكرر كثيراً ، لكن “عبد المقصود” كان دوماً ما يصر عليها ألا تسجن نفسها معه ويطالبها بالخروج والتنفيس عن نفسها …
كانت بالفعل تنصاع له لكن بعد أن يخلد للنوم بعد تناول علاجه الذى يسبب له الوهن والنعاس أكثر فتستغل “ورد” تلك الفرصه لقضاء وقتها بالأسفل بالمقهى الكبير تنظر للبحر عشقها المتيم …
جلست “ورد” ككل يوم تنظر إلى أمواج البحر المتلاطمه تصفى ذهنها تماماً بهدوء وهى تتابع الأجواء من حولها …
إقتربت منها إحدى السائحات لتتحدث معها وكأنها تسأل عن شئ ما …
السائحه “بالفرنسيه”: صباح الخير .. هل يمكنك أن تدليننى كيف يمكننى الذهاب إلى قلعه قايتباى ….؟؟
تحفزت إحدى الفتيات بالطاوله المجاورة بالإستدارة نحوهم وهى تشير بإصبعها تحاول وصف المكان الذى تريد تلك السائحه الذهاب إليه لكن “ورد” كانت أسرع بالإجابه عن سؤالها لتردف بفرنسيه طليقه …
_
ورد: يجب عليك أن تسيرى بمحاذاه الشاطئ إلى أن تصلى إلى هناك لكنك يجب أن تستقلى إحدى هذه السيارات لأن المسافه بعيده سيراً …
سعدت السائحه للغايه فقد كانت مرشدة لها بدلاً من أن تضل طريقها ببلد غريب عنها لتشكرها بإبتسامه …
السائحه: شكراً جزيلا لكِ …
ورد: لا عليكِ ..
بإعجاب شديد لما أبدته “ورد” من حديث بلغه فرنسيه صحيحه للغايه لم تكن لتتوقعها خارج فرنسا كما إعتادت خاصه هنا بمصر …
تقعنصر طبيعيت نحو “ورد” وقد أرتسمت إبتسامه إعجاب واضحه وهى تلقى تحيه الصباح على تلك الفتاه الجميله …
” صباح الخير ..”
ورد: صباح الخير ..
مدت الفتاه بيدها معرفه نفسها أولاً لـ”ورد” قائله …
لامار: أنا “لامار” .. ممكن أقعد معاكى شويه …؟؟
_
وهذا ما يميز تلك الفتاه السمراء ذات الجاذبيه والرقى أنها تتمتع بروح إجتماعيه مبادرة وجرأه فى إنشاء العلاقات بينها وبين الآخرين …
إندهشت “ورد” من تقعنصر طبيعيها والتعرف عليها دون معرفه مسبقه بينهم لكنها تجاوبت معها لما أظهرته من بسمه ودوده طلت بمحياها المريح للنفس …
ورد: أنا “ورد” .. إتفضلى أقعدى …
بدأت “لامار” حديثها بما إسترعى إنتباهها من “ورد” قائله بتساؤل محبب …
لامار: الصراحه مقدرتش أمنع نفسى أنى أسألك … إنتى إزاى بتتكلمى فرنساوى بالشكل المتقن ده …؟!!
ورد: بسيطه … لأن أنا أصلاً تعليمى كله كان فى مدارس فرنساوى عشان كده بحب اللغه دى جداً وبتكلمها كويس …
لامار: ااااه …. جميل أوى …. أصل أنا عايشه فى فرنسا مع بابا وماما … وبشتغل هناك كمان ولفتّى نظرى أوى وإنتى بتتكلمى بطلاقه كدة …
خيال “ورد” المحدود هيأ إليها أنه مثلها والعديد من الفتيات يبقون هنا ولا يسافرون ويغامرون ببلدان جديده ، بل وينتهى طموحهم بزوج وبيت وأولاد ترعاهم …
لكن مقابلتها لفتاه تعيش وتعمل ببلد كفرنسا هو نقاش جاد من الخيال والجنون ربما ، لكنها ما كانت دوماً تحلم بزيارة تلك البلد التى قرأت عنها بالعديد من الكتب والمجلات لتهتف بإنبهار ظهر جلياً على ملامحها الشفافه التى لا تخبئ ما تشعر به مطلقاً …
ورد: بجد عايشه هناك ؟!!!!!! … كان نفسى أروحها بس مقدرش أسافر لوحدى ..
_
لم تستطع “لامار” تلك الفتاه المنفتحه والتى تعمل وتسافر أكثر مما تجلس بييتها مع أسرتها أن تدرك لم لا تقدر تلك الفتاه أن تسافر بمفردها لتتسائل بإندهاش وععنصر طبيعي فهم السبب وراء ذلك …
لامار: ليه متقدريش تسافرى لوحدك … مش فاهمه …؟؟
ورد: دايماً بخاف من أى حاجه جديده ….
لامار: إنتى دارسه إيه …؟؟
ورد: إداره أعمال …
عادت “لامار” بجزعها للخلف وقد إتسعت عيناها إندهاشاً مرة أخرى لإهدار تلك الفتاه كل تلك الإمكانيات التى تمتلكها ببقائها هنا …
لامار : كمان !!!! … لااااا .. إنتى لازم تسافرى معايا بقى .. أنا عندى شركه هناك ومحتاجه حد معايا يكون فاهم إداره أعمال …
ضحكت “ورد” بخفه وهى ترى مجامله “لامار” اللطيفه لها من زاويه أخرى ، فمحادثه “لامار” اللطيفه والمتحمسه معها لم تتكرر بحياتها كثيراً فهى دوماً بعيدة منبوذه ممن حولها ، لا يتقرب منها أحد أو يبادر بحديث لطيف كهذا معها …
ورد : شكراً ليكى على المجامله دى .. بس أنا طبعاً ورايا هنا حاجات كتييير أوى أهم من الشغل .. أنا مش بحب الشغل أوى ..
تهدلت ملامح “لامار” بصعنصر طبيعيه من أن فتاه بعمرها والتى يجب أن تتحلى بالحماس للعمل وتحقيق الذات تكون تلك أفكارها ببساطه …
_
لامار متعجبه: معقول ده …؟؟
ورد: أه والله … أمال إنتى هنا أجازة بقى ولا إيه …؟؟
لامار: أه ..نزلنا كلنا نطمن على جدى وجدتى يعنى أسبوعين كده ونسافر تانى …
ورد: إن شاء الله …
طريقه “ورد” الهادئه الغير معتاده بالنسبه لـ”لامار” كذلك تفردها عن فتيات كثير تعاملت معهم جذب إنتباهها للغايه لمعرفه شخصيه تتمتع بأفكار بسيطه للغايه ومختلفه تماماً عن آرائها لتستكمل حديثها الشيق معها وتكتشف خبايا تلك الشخصيه الناعمه الرقيقه للغايه التى تحملها “ورد” ….
وبحكم طبع “لامار” الإجتماعى المميز تعرفت كثيراً إلى “ورد” وكانت جلستهم ودوده بالفعل وإتفقتا أن تقضيا معظم الوقت معاً خلال وجودهم بالأسكندريه فقد جذبت “ورد” بطبعها الرقيق الهادئ إعجاب “لامار” لتطمئن إليها وتقترب منها أكثر وأكثر ..
بينما أعجبت “ورد” بقوة شخصيه “لامار” و إستقلالها بذاتها الذى طالما حلمت أن تكون بمثل هذه القوة لكنها لم تستطع ….
____________________________________
مرت الأيام سريعاً …
توطدت علاقه “ورد” و “لامار” بصورة قويه خلال الأسابيع الماضية للقائهم الدائم الذى قرب بينهما بصورة قويه ، إلتمست به كل منهما بالأخرى صديقه وأخت فالإثنتان وحيدتان ووجدت كل منهما بالأخرى حقيقه محبه غير مزيفه إطلاقاً …
_
تقربت “لامار” بطبعها المقدام بصورة أكبر على “ورد” ووالدها أيضاً بعد إصرارها على زيارته عدة مرات بغرفته للإطمئنان عليه ، كما شعرت “ورد” أخيراً بإحساس مختلف لوجود صديقه من عمرها بحياتها تستطيع تفهمها والحديث معها بأريحيه و ود …
حتى عنعنصر طبيعيا قصت “ورد” لصديقتها “لامار” عما حدث لها وزواجها من “حسام” ومأساتها معه وكذلك إقدامها على زواج آخر بعد أسبوع كانت تشعر بإحساس مختلف عن حديثها مع “سماح” فكانت تخرج ما بصدرها لصديقتها بتعبير مختلف فمهما كانت “سماح” تتعامل معها بجانب مهنى إلى حد كبير خشيه من أن تؤثر بضغط سلبى عليها …
لكن إستماع “لامار” لها كان ودوداً للغايه مريح للنفس بدون تكليف ، بل كانت تستمتع بتعبيراتها المندهشه والمصدومه والحزينه وأيضاً بلعنها لـ”حسام” وأمه بطريقه ساخرة للغايه …
تحضرت “لامار” لسفرها القريب لكن كام عليها لقاء صديقتها أولاً لقضاء بعض الوقت معها قبل سفرها حين أردفت “لامار” بحماس مفرط …
لامار: أنا كان نفسى أوى أوى أحضر الفرح وأشوفك وأنتى مبسوطه بعد كل إللى حكيتى لى عنه ده …
ورد: ما إنتى مش راضيه تطولى أجازتك شويه ومصممه تسافرى بكره ..!!!!
لامار: ظروف شغل بابا .. والشركه بتاعتى مقدرش أغيب أكتر من كده … بس طبعاً حنتواصل مع بعض بالتليفون والنت …
تطلعت بها “ورد” بأعين حزينه فهى بالفعل ستفتقدها للغايه …
ورد: طبعا يا “لامار” … أنا بجد مش حقدر أخسر صديقه زيك بعد ما لقيتك … أنا طول عمرى لوحدى …
لامار: لأ خلاص أنتى دلوقتى مش لوحدك وأنا معاكى فى كل حاجه … ولو إحتجتينى فى أى وقت حجيلك لحد عندك متقلقيش …
_
ورد بإمتنان : بجد …!!
زمت “لامار” شفاهها معاتبه “ورد” التى مازالت لم تعرفها حق المعرفه لتؤكد عليها ذلك حقاً فهى تعنيه بكل ما يحمل من معنى …
لامار: طبعاً بجد .. إنتى لسه حتعرفينى كويس وتعرفى إن أنا قد كلمتى …
ورد: أنا واثقه فى كده طبعاً …
عقدت “لامار” ذراعيها أمام صدرها وهى تردف بمشاكسه لصديقتها الخجوله بنبره مرحه ذات مغزى …
لامار: وبعدين ده هو باقى أسبوع على فرحك يا جميل وتبقى مش فاضيه لحد خااااالص ….
توردت وجنتا “ورد” بقوة لشدة خجلها لتردف بتهرب كما لو أنها لم تفهم قصدها الشقى …
ورد: اااا … لأ طبعاً … أنا ما صدقت لقيت صديقه تفهمنى زيك ….
لامار: لولا موضوع جوازك ده مكنتش سبتك أبداً تقعدى هنا و أصريت تيجى ونشتغل سوا …
ورد: قلتلك موضع الشغل ده مش فى بالى خالص … أنا بحب البيت وقعدته …
_
بإستياء واضح من سلبيه وبساطه شخصيه “ورد” المستكينه للظروف من حولها أردفت “لامار” بإمتعاض …
لامار: أهو ده إللى مش عاجبنى فيكى .. إستسلامك كده وإنك تعيشى وخلاص … فين إنتى وفين ذاتك …!!!!!!
بتبرير شديد لمعتقداتها وأفكارها البسيطه ..
ورد: مش معنى أنى أقعد فى البيت يبقى أكنى ماليش ذات ولا تفكير .. بس بحب يبقى مجهودى ده للى بحبهم حواليا … وهو ده إللى بحقق فيه ذاتى بجد ..
لامار بإبتسامه: ربنا يوفقك يا حبيبتى … وبرضه لو حبيتى تشتغلى شركتى موجوده ..فكرى بس …
ورد: ماشى يا ستى …
____________________________________
شركه الأقصى …
بلقاءاتهم القليله لم يكن يظن أنه قد تعلق بها بهذا القدر ، بل ظن أن لطلب والدها عامل كبير بتفكيره به وتجهيزه للزفاف بعد أيام قليله …
لكنه بالفعل إشتاق إليها ، تلهف قلبه لرؤيتها وهى تتسلل لداخل أعماقه دون حول منه ولا قوة …
_
ملكته بنعومتها التى سيطرت على قلبه ومشاعره لم يتأكد منها إلا بعد غيابها ، تمنى أن تنقضى الأيام سريعاً حتى يجتمعا معاً لكن مازال بقلبه بعض التتفكير متأني الذى جعل ذهنه شارداً طوال الوقت بلا تركيز …
إقترب “شريف” من “يوسف” بود شديد يطمئن على تجهيزه لزفافه القريب …
شريف: ها إيه الأخبار جهزت الدنيا …؟؟
أجابه “يوسف” بإقتضاب ومازال ذهنه شارداً للغايه …
يوسف: أه تمام .. خلصنا توضيب الأوضه وبكره حنزل أشترى أوضه نوم جديده …
بتوجس شديد أردف “شريف” متتفكير متأنياً من هذا الإقتضاب الظاهر على محيا “يوسف” ليتسائل بتتفكير متأني ..
شريف: إنت ليه مش شايفك فرحان كده …؟؟
حمل كبير يجثو على صدره يود بالفعل مشاركته معه ليردف مخرجاً ما بداخله حقيقه …
يوسف: حاسس زى ما أكون قلقان ..
شريف: إنت حاسس إنك إتسرعت ..؟؟
_
قالها “شريف” ظناً منه أنه مازال يفكر بوضع “ورد” مرة أخرى وبدأ يرفض تقبل أنها كانت متزوجه من قبل ، حين أجابه “يوسف” برفض تام …
يوسف: لا بالعكس … أنا بدأت أرتاح للفكره .. هى مسأله الجواز جت فجأه صحيح … بس نفسى بدأت تهدا من ناحيتها … وكمان فكرت فى كلامك كويس وإن “ورد” لازم تنسى تجربتها إللى فاتت وأنا كمان .. لازم أنسى ده …
شريف: بس مش عارف ليه حاسس إنك مخبى عليا حاجه ….؟؟؟
أعاد “يوسف” جزعه للخلف وهو يزفر بقوة يريد الخلاص مما يثقل قلبه ، يريد من يتحدث معه ويخبره ما بداخله ، يريد من يرشده للصواب ويريح قلبه …
لهذا أسترسل “يوسف” بالحديث فربما يشعر بالراحه …
يوسف: عارف يا “شريف” أنا مكنتش عايز أتكلم فى الموضوع ده …. بس أنت زى أخويا بالضبط وبقالنا مع بعض سنين أهو …
شعر “شريف” أن “يوسف” يخفى أمراً بالفعل ليتسائل بإستراب …
شريف: إيه المقعنصر طبيعيه الطويله دى …. فيه إيه قلقتنى …؟!!!
يوسف: الصراحه .. أبو “ورد” لما عرف أنه متعب قليلاً وممكن يموت هو إللى طلب منى أتجوز “ورد” … و أعتبرها أمانه فى رقبتى وأنا طبعاً وافقت .. الراجل ده أفضاله عليا كتير وجِميله فى رقبتى .. مقدرش أرفض له طلب …
وقف “شريف” منتفضاً بخلاف بسيط ينبه صديقه عما يقعنصر طبيعي إليه دون أن يشعر ليهتف بإنفعال ..
_
شريف: طلب…. ؟؟؟!!! ده مش طلب .. !!! ده عمر وعشره وجواز …!!!
يوسف: هو لما طلب منى أنا وافقت .. بس لما راجعت نفسى إرتحت للفكره .. وقلت يمكن أنا عمرى ما كنت أفكر بالإرتباط بيها لأسباب كتير أوى وقلت لك عليها قبل كدة .. لكن كده ربنا قربها منى وحطنى فى سكتها …
تذكر “شريف” حديث “يوسف” بالفرق الإجتماعى الكبير بينهم فكيف لمن بمستواه التفكر بالزواج بفتاه غنيه كـ “ورد” ليتسائل محاولاً التأكد من فهمه الصحيح …
شريف: إنت بتتكلم إنها أغنى منك وكده … صح ….؟؟
يوسف: طبعاً … هى فين وأنا فين …؟!!!
شريف: أنا الصراحه شايف إن ده مش سبب نهائى كان يمنع إرتباطك بيها ….
يوسف: على الأقل عمرى ما كنت أتجرأ و أطلب أيدها وأكيد وقتها كانوا حيرفضونى … إيه إللى يخلي والدها يرضى بواحد على قده حيسكنها مع أمه وأخته فى نفس البيت … وهى كمان …. كان إيه إللى حيخليها ترضى بيا … عشان كدة بقولك إن إللى حصل ده كله بس …. عشان أنا وهى نعرف بعض ونتجوز …..
تفكر “شريف” لبعض الوقت متيقناً من ذلك فلكل شئ سبب فلولا مرض والدها ما كان ليعرض على “يوسف” الزواج منها وما كان لـ”يوسف” أن يطلبها أيضاً خشيه رفضهم له ليهتف بتصديق لإرادة الله بأمورنا …
شريف: تصدق صح !!! … طب بينى وبينك بقى .. الموضوع ده بقى … وطلب والدها بس هو إللى مخليك تكمل … ولا فيه حاجه تانيه …؟!!
دقات قلبه كانت تعلنها قبل لسانه ليردف براحه ..
_
يوسف: الصراحه لأ … أنا ببقى مرتاح أوى وأنا جمبها .. بحس إنى مبسوط ومش عايز أسيبها …
شريف: يعنى حبيتها …؟؟
هى تلك الكلمه التى لن يهرب منها ، تلك الكلمه التى أسعدته بإدراكها … إنه يحبها … نعم … يحبها حقاً غير عابئ بطلب والدها أو بظروف مرت بها ، لقد إمتلكت قلبه وسلبت فؤاده …
أجابه “يوسف” صراحه ببهجه محببه …
يوسف: أه … حبيتها … أنا محستش كده إلا لما سافرت مع والدها … حاسس أنى عايز أشوفها وأكون قريب منها … حابب أكون معاها …
شريف: طب وهى …؟؟
يوسف: مش عارف ؟!!!!!! … بس إبتسامتها وإحنا مع بعض محسسانى إنها هى كمان مبسوطه لوجودى …
شريف: وهى عارفه إن والدها طلب منك كده ..؟؟
يوسف: لأ طبعاً …
قفز “شريف” بإنفعال إنتفض له “يوسف” لرد فعله المفاجئ وهو يهتف …
_
شريف : بس يا باشا .. باينه أهى .. أمال يعنى حتكون وافقت عليك ليه ..!!!!
يوسف: تفتكر …!!!
شريف: طبعاً لازم بتحبك … ربنا يتمم لك على خير يا عريس ….
إتسعت إبتسامه “يوسف” حين تخيل موافقه “ورد” وهى تشعر مثله بحب يولد بقلبيهما وليس فرضاً عليها …
____________________________________
يوم الزفاف ….
بعد أيام طوال يأتى اليوم الموعود بإنتظار متلهف وقلوب متنفضه ، تجهز “عبد المقصود” وإبنته للسفر اليوم عائدين إلى القاهرة لإتمام زواج “ورد” و”يوسف” ….
نظر “عبد المقصود” لحقائبهم المغلقه وهو يسأل “ورد” قبل مغادرتهم ..
ابو ورد: إيه يا “ورد” جاهزة خلاص …؟
ورد بقلق: أيوة يا بابا .. بس إوعدنى … من بكرة بقى تروح المستشفى وتبتدى العلاج ..
_
ابو ورد: أطمن عليكى النهارده ونكتب الكتاب … وبكره إن شاء الله أنا حروح بنفسى للمستشفى لأن أنا فعلاً تعبت …
ورد: ربنا ما يحرمنيش منك أبدا ً يا بابا ..
بالرغم من إعياءه إلا أنه قد رتب كل شئ على ما يجب ليخبر “عبد المقصود” إبنته بما سيفعلونه الآن ليوضح لها ذلك …
ابو ورد: إحنا حنروح على البيت تجهزى من هناك ونروح الفندق تمام …
دق بقلبها توتر خفى ورهبه من تكرار نفس اليوم … يوم الزفاف … شعرت بتفكير متأني حاولت ألا تنساق خلفه لتخفى هواجسها خلف إبتسامه كاذبه وهى تومئ بالإيجاب …
ورد : إن شاء الله يا بابا ….
إستقلا مرة أخرى إحدى سياره الأجرة ليعودا بها إلى القاهرة إستعداداً لحفل الزفاف اليوم …
____________________________________
شقه حسام …
إنتبه “حسام ” لتلك المكالمه المنتظره حين دق هاتف والدته برقم المربيه “نجاح” التى تخبر والدته بكل أخبار “عبد المقصود” وإبنته …
_
ام حسام: أيوه يا “نجاح” إيه الأخبار … ؟!!
نجاح: “محمد” كويس خالص متقلقيش عليه يا ست أم “حسام” والله أنا بحب “محمد” كأنه إبنى إللى مجبتوش و أكتر والله …
زفرت “ناهد” بتملل وهى تنهر “نجاح” عن تلك الوصله المسترسله بإهتمامها بهذا الطفل لتزمجر بقوة …
ام حسام: إخلصى يا “نجاح” … ها … “عبد المقصود” رجع هو و”ورد” ولا لسه ….؟!!!!
نجاح: جايين فى الطريق عشان فرحها النهارده .. هو لسه مبلغنا عشان نجهز البيت …
ام حسام : ماشى يا نجاح حبقى اكلمك تانى .. سلام …
أغلقت الهاتف بغيظ وهى تقضم شفاهها بقوة …
ام حسام: ده مستناش يوم واحد … دى العدة لسه خالصه إمبارح !!!! … يقوم يجوزها النهارده ..!!!!
حسام: دوخنا وراه ومعرفناش نوصل له … إتفضلى حليهالى دلوقتى حنعمل إيه بقى …؟!!!
ام حسام : الجوازة دى لا يمكن تتم .. لا يمكن …
_
حسام: أيوة حنعمل إيه يعنى …؟؟
بعد تفكير لمعت فى رأسها فكرة جديدة لتخرب هذه الليله المشؤمه المسماه بليله الزفاف لتجيبه بخبث …
ام حسام: أنا حقولك تعمل إيه ….!!
•• الفصل العشرون ••
•• ليله زفاف أخرى …••
شقه يوسف …
لم تصدق أم “يوسف” عيناها وهى ترى ولدها الوحيد يستعد اليوم لزفافه …
أشارت أم “يوسف” تجاه غرفته الجديده بععنصر طبيعيا أتمت الإعتناء بها على أكمل وجه هى وإبنتها “دعاء” ..
ام يوسف: كل حاجه جاهزة تمام عشان عروستك يا حبيبى … ألف ألف مبروك …
لاحت عبره بعيناها فرحاً بهذا اليوم الذى إنتظرته منذ سنوات بعيدة ، حلم يتحقق بزواج إبنها لتتساقط عنصر طبيعيوعها الفرحه فوق وجنتيها الممتلئتين وهى تحاول مسحها بأصبعها …
_
علت ملامح “يوسف” إبتسامه تعجب من بكاء والدته بهذا اليوم قائلاً …
يوسف: هو أنتى حتعيطى برضه !!!! .. مش ده إللى إنتى كنتى عاوزاه …؟!!!
ام يوسف: ده من فرحتى النهارده .. أخيراً يا حبيبى شوفتك عريس وفرحت بيك … عقبال “دعاء” هى كمان …
أتت “دعاء” بتلك اللحظه تقفز فرحاً وهى تحيط والدتها الحنونه بذراعيها مردفه ..
دعاء : آمين يا رب …
ضحك “يوسف” ليظهر بياض أسنانه ويتحلى بوسامه تفوق الحد قبل أن يدفع مقعنصر طبيعيه رأس “دعاء” بخفه مازحاً…
يوسف : إنتى فى إيه ولا فى إيه !!! .. خليكى فى دراستك الأول …
ضمت “دعاء” أصابعها وهى تشير بهم بوجه “يوسف” قائلاً بمزاح شقى ..
دعاء: يا عم أضمن أى حاجه .. ما أنا لو قمر زى “ورد” مكنش يهمنى .. لكن أختك غلبانه والله …!!
يوسف: بطلى غلبه و إدخلى بقى حضرى نفسك وساعدى ماما عشان تجهزوا و أوصلكم الفندق …
_
دعاء : حاضر …
تذكرت أم “يوسف” حجز غرفه الفندق التى سيبقى بها مع عروسه الليله لتنبه “يوسف” لذلك خشيه نسيان هذا الأمر فى خضم كل تلك الترتيبات …
ام يوسف: أكدت يا أبنى على حجز الأوضه فى الفندق …؟!!!!
يوسف: كله تمام إن شاء الله .. حجزت ثلاث أيام فى الفندق وبعدها نيجى هنا إن شاء الله …
ام يوسف: ربنا يفرحك يا حبيبى يا رب …
____________________________________
القاهرة …
بعد سفر دام لعدة ساعات وصلا “ورد” و”عبد المقصود” إلى القاهرة متجهين صوب مسجد كبير مباشرة دون المرور بمنزلهم أولاً …
بالملحق الإضافى لهذا المسجد جلس “يوسف” و”شريف” ورجل آخر يبدو أنه زميلهم بالعمل فى إنتظار مجئ العروس كما أخبرهم “يوسف” لعقد قرآنهما …
وهذا ما رتب له “عبد المقصود” بدون أى تباطؤ .. أن تكون عودتهم لعقد قرآن “ورد” مباشرة و فى الليل يقام حفل الزفاف …
_
ترجل “عبد المقصود” من سيارته المستأجرة بإعياء واضح وشحوب مسد على وجهه المجعد ليتقعنصر طبيعي نحوه “يوسف” بخطوات متعجله يتحمد على سلامته …
يوسف: حمد الله على السلامه ..
أبو ورد : الله يسلمك يا إبنى …
تلاقت نظراته مع زرقاوتيها الخجلتين وهو يخصها بإبتسامته الرقيقه ..
يوسف: حمد الله على السلامه …
توردت وجنتيها بقوة وهى تجيبه بصوتها الهامس …
ورد : الله يسلمك …
تراقص قلبه فرحاً بعودتها ورؤيتها قريبه إلى هذا الحد ، تمعنه بها اليوم مختلف تماماً فكلها دقائق وتصبح زوجته … حلاله دون غيره …
سعادة تملكت قلبه لمجرد الفكرة فقط ، لم يختلف حاله عن حالها وهى تشعر بنبضات قلبها المنتفضه برؤيته وكإنما عشقهما ولد بلحظه وتمكن من قلبيهما دون إنذار مسبق …
لكنها لا تنكر تلك الرهبه والتفكير متأني الذى إعتراها اليوم لكن مازال لديها أمل بأن مستقبلهما سيكون أفضل …
_
حضر المأذون لعقد القران بحضور العروسين ووالد العروس والشهود كما خطط “عبد المقصود” تماماً ليمنع حضور أى من منغصين الأفراح لإفساد زيجه إبنته التى يعتبرها مصدر أمانها القاعنصر طبيعي …
إحتضن “شريف” صديقه يقعنصر طبيعي له التبريكات بتلك المناسبه السعيده …
شريف: ألف ألف مبروك يا عريس .. ألف مبروك يا عروسه …
يوسف : الله يبارك فيك …
بتلك اللحظه المنتظرة تعلقت عينا “يوسف” بها برؤيه مختلفه فقد أصبحت له الآن .. همس بإتجاهها بصوت عذب أطاح ببقايا صلابتها وزاد خجلها قائلاً …
يوسف: الف مبروك يا عروستى …
إبتسمت “ورد” بسعاده زادت من إشراق وجهها ولمعت عيناها كالفيروزتان المضيئتان بحب …
والد ورد: ألف مبروك يا حبايبى ربنا يهنيكم ويفرحكم …
بصوت خفيض للغايه دنا “عبد المقصود” من أذن “يوسف” متحدثاً بإمتنان شديد …
أبو ورد: إنت مش عارف أنا اطمنت دلوقتى قد إيه .. ربنا يبارك فيك يا إبنى .. أهو كده لو ربنا أخذ روحى .. حموت وأنا مطمن إنها معاك …
_
رفع “يوسف” بصره تجاه “عبد المقصود” متفوهاً بما يعتمل بقلبه حقيقه وليس إدعاء أو مجامله …
يوسف : “ورد” فى قلبى قبل عنيا يا عمى ربنا يديك الصحه ويقومك لينا بالسلامه .. وإتأكد إن أنا عمرى ما حزعلها أو أتخلى عنها أبداً ….
ابو ورد: أصيل وإبن أصول .. أنا اخترت راجل بجد …
إتجه “عبد المقصود” بعد ذلك مباشرة إلى البيت مصطحباً “ورد” إلى هناك للإستعداد لحفل الزفاف بالمساء ، كما عاد “يوسف” أيضاً برفقه أصدقائه لبيته فى إنتظار مرور الساعات لبدء مراسم الحفل …
____________________________________
فى المساء …
بيت عبد المقصود العالى …
جلست لفترة طويله تحت يد خبيرة التجميل التى أرسل والدها بطلبها لوضع لمسات الجمال التى لا تحتاجها على الإطلاق لتظهر حُسن يفوق حُسنها وتذهب بعقول المحيطين بها …
صففت لها مصففه الشعر خصلاتها الذهبيه لتنسدل على كتفيها كعناقيد من عسل أشرق وجهها بصورة تقطع الأنفاس …
وحان وقت إرتداء فستان الزفاف …
_
إنتظرت خبيرة التجميل وتلك المساعده الخاصه بتصفيف شعرها ومعهم الطبيبه “سماح” التى دعتها “ورد” لحضور حفل زفافها اليوم خروج “ورد” إليهم بعد إرتدائها فستان زفافها الأبيض البراق …
خرجت “ورد” إليهم وهى تنتظر بشغف رؤيه نفسها بالمرآة بعد كل ما قامت به خبيرة التجميل بوجهها وتصفيف شعرها بتلك الطريقه لكن حين نظرت بإنعكاس صورتها بالمرآة تملكها تفكير متأني شديد حينما رأت نفسها للمرة الثانيه بتلك الهيئه وفستان الزفاف …
تجهمت للغايه وتحجر ريقها وإتسعت عيناها بقوة ليعلو صدرها وينخفض بصورة غير معتاده فقد دب الذعر بجسدها جعلها ترتجف بشده …
دنت منها “سماح” بإبتسامتها المطمئنه لتنظر لـ”ورد” عبر المرآة من خلفها تحدثها بنبرتها الهادئه …
سماح: كنت عارفه إنك حتخافى … بس ده أمر طبيعى .. لسه عقلك بيقارن … بس عشان ترتاحى حاولى تفصلى اليومين دول عن بعض .. “يوسف” مش “حسام” يا “ورد” …
خشيت “ورد” أن تترك العنان لنفسها وتنجرف ببكاء يفسد عمل هؤلاء الخبيرات اللاتى تعبن معها للغايه لساعات مضت لتحاول ضم شفاهها بقوة والسيطرة على ألا تنساق بهذا المنحدر قائله …
ورد: بحاول .. بس قلبى مقبوض أوى …
سماح: أنتى حاولى تهدى وبطلى تفكير متأني … وبقولهالك تانى … “يوسف” مش زى “حسام” ..
نظرت “ورد” إلى “سماح” نظره تمنى ودعاء بداخلها بأن يكون بالفعل “يوسف” مختلف عن “حسام” وألا يعيد إليها هذه الذكرى السيئه ويمحوها تماما بذكرى جديده أجمل ….
خرج الجميع من غرفتها بعد أن طلبت أن تبقى بمفردها لبعض الوقت وجدت نفسها فيها بحاجه للحديث مع صديقتها الجديدة “لامار” لتمسك بهاتفها وتدق برقمها الذى سجلته من قبل ، هى تريد بالفعل من يمدها بتلك القوة و “لامار” حقاً فتاه قويه تستطيع بث تلك القوة بها …
_
بعد حديث دام لبضع دقائق حاولت بها “لامار” تهدئه نفس “ورد” المضطربه لتنصحها بقوة قائله ..
لامار: إللى أنا حسيته يا “ورد” إنك فعلاً حبيتى الشخص ده … عشان كدة لازم متضيعيش فرصتك دى … إللى يلاقى حد يحبه بجد لازم يمسك فيه بإيديه وسنانه وميسيبهوش أبداً يضيع من إيده …
ورد: بس مش عارفه يا “لامار” أنا خايفه أوى …
لامار : بعد إللى أنتى حكيتيه ده أظن تفكير متأنيك ده شئ طبيعى بس المهم تطَلّعى “ورد” القويه من جواكى … وأنا معاكى فى أى وقت تحتاجينى فيه كلمينى على طول …
ورد: أكيد يا “لامار” أنا ما صدقت لقيت صاحبه زيك …
____________________________________
يوسف …
تألق بحلة سوداء لامعه وقميص ناصع البياض واضعاً ربطه عنق بمزيج من اللونين الأسود والفضى أظهرت وسامته الشرقيه البارزة وعيناه اللامعتان فكان مبهراً للغايه …
حث والدته وأخته على الإنتهاء من تحضير نفسيهما لإيصالهما إلى الفندق أولاً قبل أن يذهب لإقلال “ورد” من بيت أبيها …
ساعد “يوسف” والدته لركوب السيارة ثم انطلقت بهم السيارة المزينه نحو الفندق الذى سيقام به حفل الزفاف …
_
أمام الفندق ..
توقفت السيارة ليترجل منها “يوسف” أولاً ثم ساعد والدته على الخروج بخطواتها البطيئه وهى تستند على عكازها من جانب و”دعاء” من الجانب الآخر …
تقعنصر طبيعيت أم “يوسف” و”دعاء” إلى الداخل لإستقبال المدعوين لهذا الحفل البسيط …
إستدار “يوسف” للعودة إلى السيارة مرة أخرى ليقل “ورد” حين إستوقفه شاب ما بصورة عرضيه تفاجئ لها “يوسف” …
يوسف: إيه ده … !!!!
وقف “حسام” حائلاً بين “يوسف” وبين السيارة وهو يتسائل …
حسام: أستاذ “يوسف” …؟؟!!!
ضيق “يوسف” حاجبيه لإعتراض هذا الشاب طريقه ليجيب بإستفهام …
يوسف : أيوة أنا .. مين حضرتك …؟؟
بصورة تمثيليه للغايه ويبدو أنه ملقن تماماً ماذا سيقول وماذا سيفعل ردد بثقه وهو يشير بإتجاه منطقه هادئه بعيداً عن هؤلاء المارين جوارهم من هنا وهناك …
_
حسام: حقولك أنا مين … بس ممكن لو سمحت دقيقه على إنفراد ..
رفع “يوسف” كتفيه وأهدلهما بععنصر طبيعي فهم وهو يسمح لـ”حسام” بما يطلبه …
يوسف: إتفضل ..
إبتعد “يوسف” عن السياره قليلاً ببقعه هادئه نوعاً مستمعاً لهذا الشاب الذى أصر على محادثته بتلك الصورة المريبه قطعها “حسام” بحديثه على الفور …
حسام: إنت متعرفنيش … بس أنا أحب أعرفك بنفسى فى الأول … أنا “حسام”… إللى كنت متجوز “ورد” …
تلاشت تلك الإبتسامه الخفيفه من وجه “يوسف” لتتحفز ملامحه بارتباك مستتر لرؤيته أمامه خاصه بتلك الليله ، تهدج صدره إنفعالاً ليهتف بغيره واضحه وارتباك إعتلى نبرة صوته التى تغيرت فور معرفته بشخصيه محدثه …
يوسف: وأنت عايز منى إيه دلوقتى …؟؟
بضحكه جانبيه مستفزة للغايه أردف “حسام” ساخراً يثير ارتباك “يوسف” أكثر …
حسام : مالك كده ؟!! .. إهدى يا سيدى شويه !!! … ده أنا جاى لمصلحتك على فكره ..
وجوده أطبق على أنفاسه وشعر بالغيظ من هذا المستفز ليهتف به “يوسف” بإنزعاج …
_
يوسف : مصلحتى أنا ..؟؟!!
رفع “حسام” حاجبيه وهو يغمض عيناه للحظه بهدوء مستفز ومازالت تلك الابتسامه السخيفه تعلو ثغره الساخر ..
حسام: طبعاً .. قلت آجى أنورك بدل ما ينضحك عليك زى ما إنضحك عليا …!!!!
لم يستطع “يوسف” تحمله أكثر من ذلك ليصبح به بقله صبر …
يوسف: مش فاهم ..!! قصدك إيه ؟!!!!. إدخل فى الموضوع على طول لو سمحت ..
حسام: حاضر … بقى أنا إتجوزت “ورد” وطلقتها فى نفس اليوم مسألتش نفسك ليه …؟؟
رمقه “يوسف” بنظرة لا مباليه وهو يردف بتملل …
يوسف : مش عايز أعرف ..!!
حسام: أصبر بس … عشان متننقاش جادش إنت كمان على قفاك زيي …
كظم “يوسف” غيظه وهو يتحدث من بين أسنانه …
_
يوسف: إحترم نفسك ..!!!!
تحول “حسام” بلحظه للإستكانه وإظهار صورة الرجل المخدوع المصدوم بزوجته بليله زفافه …
حسام: مقصدش أهينك .. أنا زى ما قلتلك جاى أنورك وأنت حر … الهانم المحترمه … إكتشفت إنها كانت على علاقه مع واحد وإنها مش بنت ولما إكتشفت كده طلقتها فوراً .. ولما عرفت إنك ناوى تتجوزها قلت أنصحك بدل ما يضحكوا عليك زيي وتدارى عليها على الفاضى … دى إنسانه مش محترمه ومتنفعش تكون زوجه ولا تأتمنها تشيل إسمك …
إحتدت نظرات “يوسف” وتوهجت عيناه ببريق غاضب ، تضاربت نقاش جادات قلبه بقوة وأخذ تنفسه يضطرب بإنفعال شديد جعله يدفع بـ”حسام” بقوة يزيحه عن وجهه ليتجه بخطوات متعجله تجاه السيارة قبل أن يدخل جالساً بها صافقاً الباب بقوة من خلفه ليتحرك السائق بإتجاه بيت “ورد” …
زاغت عيناه بكل الإتجاهات غير مصدقاً لما سمعه للتو ليصرخ بصراخ مكتوم …
يوسف : لييييه … ليييييه …
تدارك ارتباكه وإلتمعت عيناه بشبح عنصر طبيعيعه خفيه أغلق عيناه بقوة لمنعها من الظهور .. فكيف سيتصرف الأن .. هو بالفعل تقبل واقع زواجها من قبل … لكن ما لا يتقبله هو ان يكون مغفلاً ويصبح ساترا لأخطائها بالماضى ….
وماذا عن والدها .. ووعده له بحمايتها … أسيحنث وعده الذى وعده إياه .. أم يضحى برجولته وحميته ويبقى معها …
وقع فى حيره وتخبط هل يكمل أم يتراجع … هى الآن زوجته .. لا محاله من تغيير ذلك …
أسيتركها هو الآخر بليله الزفاف ؟!!! … وماذا سيحدث لها ولوالدها بعد ذلك … هل سيتحمل هذا الرجل هذه الصعنصر طبيعيه مره أخرى ….؟!!
_
توقفت السياره أمام بيت “ورد” لكنه بقى بمكانه لبعض الوقت متحيراً مضطرباً مختنقاً حد الموت …
لكنه فى النهايه قرر أن يكمل لأجل خاطر هذا الرجل فقط ….
بآليه شديدة ترجل السيارة لينتظر “ورد” التى جلست بداخلها بهدوء ليجلس “يوسف” إلى جوارها فى صمت …
___________________________________
الفندق ….
جلست أم “يوسف” وإلى جوارها “دعاء” على أحد المناضد الدائريه المزينه …. حين أقبلت سيدتان يستئذناها للجلوس معهم لععنصر طبيعي وجود مكان شاغر بالقاعه ….
سمحت لهم أم “يوسف” بمشاركتهم لمنضدتهم بترحيب شديد حين بدأت السيدتان حوارهما الذى إستحوذ على إنتباهها و”دعاء” الكامل …
_ هم لسه العرسان مجوش ..؟!!؟
= باين لسه .. ومستعجله على إيه دلوقتى نشوف ونتفرج .. أنا عارفه يا أختى بيجيبوا العرسان بالسرعه دى منين …؟!!
_ على رأيك دى يا دوب خلصت العدة بتاعتها تقوم تتجوز بعدها على طول كده … أرزاق ..
_
= أه يا اختى والله أرزاق …
نظرت أم “يوسف” لإبنتها بنظرة تساؤل وععنصر طبيعي فهم قبل أن تقحم نفسها بحديثهم بفضول شديد …
ام يوسف: معلش والله يا حبيبتى .. إنتى بتقولى عدة … عدة إيه …؟
_ هو أنتى متعرفيش ولا إيه …. ما هى “ورد” إتجوزت وإتطلقت … ؟
ام يوسف بدهشه: إتطلقت؟!!
= لا هو أنتى متعرفيش .. دإتطلقت تانى يوم فرحها على طول ..
ام يوسف: متعرفيش ليه …؟
_ علمى علمك يا حبيبتى .. بس يعنى حيكون إتطلقت ليه …؟؟ ربنا يستر على ولايانا …
صعنصر طبيعيت أم “يوسف” مما سمعته ونظرت فى دهشه لـ”دعاء” التى لم تقل دهشتها عن دهشه أمها لتميل على أذن والدتها تهمس بإستراب …
دعاء بهمس: ويوسف عارف كده ….؟
_
ام يوسف: مش عارفه …
صمتا تماماً بتجهم غريب طوال الحفل حتى نهايته فاليوم زفافهم و لا رجعه فيه …
إنتهى حفل الزفاف وإنصرف المدعويين ليصعد بعد ذلك العروسان لغرفتهما بالفندق …
____________________________________
حسام …
إنتظرت “ناهد” عودة إبنها بترقب شديد لتلمحه من بعيد يتقعنصر طبيعي نحوها وهو يسير بخيلاء وعجرفه لتتشدق بعيون متوحشه تنتظر خبر أذى طفيف ضحيتها …
ثقته الشديده وابتسامته الساخرة دلت على ذلك لكنها تريد الإطمئنان بنفسها لتهز رأسها تساؤلاً لم ينتظر “حسام” أن تتفوه به وهو يجيبها بغرور …
حسام : حصل ..
إتسعت إبتسامتها بتشفى وهى تنتظر سقوط الشاة بعد ذبحها …
ام حسام: أهو كده … ويورينى بقى .. مين حيقبل الكلام ده على مراته !!!! .. يا إما حيطلقها … يا إما حيسود عيشتها ويسيبها … وفى الحالتين إحنا الكسبانين …
_
حسام بضحك: أنا بدأت أخاف منك ..
ام حسام: كله إلا أنت … أنت أبنى حبيبى ..
بضحكاتهم وسرورهم لنجاح مخططهم عاد كل منهما لشقته ، وها هو حفل الزفاف إنقضى ليعود “عبد المقصود” أيضاً لبيته منهك القوى ينتظر حلول الصباح للذهاب للمستشفى لبدء العلاج الذى تأخر به كثيراً وسيترك رعايه الطفل “محمد” لـ”نجاح” الذى ترك لها مبلغ مالى لا بأس به فهو طفل صغير لا ذنب له بما فعله به الكبار ….
____________________________________
الفندق …
كل خطوة كانت تخطوها “ورد” تدق بقلبها بفزع ، لكنها ظلت تفكير متأني بداخلها عبارة واحده فقط ….
“(يوسف) مش (حسام) …(يوسف) مش (حسام) .. لأ لأ ..إهدى بقى وإطمنى …”.
وقف “يوسف” أمام باب غرفتهم ناظراً نحوها بنظرات غريبه ، نظرات يملؤها الحزن والأسى …
وارى عيناه عنها وهو يفتح الباب مشيراً لها بدخول الغرفه …
يوسف: إدخلى إنتى غيرى هدومك وأنا جاى على طول …
_
تعلقت عيناها به وقد تسمرت بموضعها وهى تتذكر نفس العبارة حينما قالها لها “حسام” ، بهت وجهها وسحب للغايه وقد هربت العنصر طبيعياء من عروقها وهى تطابق حديث طبق الأصل بنفس الليله … ليله الزفاف …
تهدجت أنفاسها وهى تنحى عيناها بنظراتها المشتته نحو الأرض بسرعه تحاول إستجماع نفسها حتى لا تنهار … فهى بالفعل على وشك ذلك …
دلفت لداخل الغرفه فى هدوء وأغلقت الباب من خلفها لتجلس بحافه الفراش المجهز للعروسين وقد شعرت برجفه قويه تزلزل كيانها وتثلج أطرافها ، شعرت بثقل يجثم فوق صدرها بقوة وبدأت ألآم معدتها بالتقلص من إرتعابها الشديد بتلك اللحظه …
لم تتخيل أنها ستصاب بهذه النوبه من الذعر مع “يوسف” وظنت أن ما حدث مع “حسام” إنتهى أثره فى نفسها فلقد تناست الفتره الماضيه بالفعل …. ماذا حدث لها الآن … لماذا تتذكر كل التفاصيل وفى هذا الوقت خصيصا ً …
تعلقت عيناها بباب الغرفه لبعض الوقت بإنتظار إعادة للتفاصيل نفسها لليله زفافها الماضيه …
نظرات هلعه للغايه تداركت بها نفسها لتنكس عيناها تتابع توتر يديها اللتان تفركهما ببعضهم البعض …
بعد مرور بعض الوقت قرر “يوسف” أن يدلف إلى الغرفه ليبدل ملابسه ويرتاح من تعب اليوم الطويل فقد أعطاها فرصه لتكون على حريتها لبعض البعض ، لكن حزنه بداخله بما قد علم به اليوم جعله يقرر ععنصر طبيعي الإقتراب منها فهو لا يقدر على تحمل ذلك ، لقد فعل ذلك إكراماً لهذا الرجل الكريم ….
طرق الباب برفق ليدلف بعدها إلى داخل الغرفه ليفاجئ برؤيه “ورد” جالسه على أحد جانبى الفراش ومازالت ترتدى فستان الزفاف الكبير …
لحظه أن دلف للداخل إنتبهت له “ورد” لترفع رأسها تجاهه وقد إتسعت عيناها بنظرات خائفه مذعورة للغايه ، تشبثت بأصابعها بمفرش مساحة مريحة بقوة كمن يعصمها عن بطشه إن إقترب …
تلك النظرات الغريبه التى لم يدرك “يوسف” لم تنظر إليه بهذا الذعر الشديد جعله يتعجب منها للغايه لكن إحساسه بالارتباك منها مازال متمكن منه ليردف بسؤال مقتضب ….
_
يوسف: مغيرتيش هدومك ليه !!!! .. حتنامى كده إزاى ….؟؟
حاولت “ورد” التنفس لكنها لم تستطيع لدرجه أن صوت تنفسها أصبح عالياً للغايه ، شحوب وجهها لدرجه كبيرة ظهرت جلياً على الرغم من مساحيق التجميل التى تضعها على وجهها جعله يتسائل بقلق …
يوسف: أنتى كويسه …؟؟
إرتعشت يداها بصوره ملحوظه فأمسكت كفيها ببعضهما البعض محاوله إستمداد القوه من نفسها لتتهدج أنفاسها بصوت قوى أثار قلق “يوسف” لدرجه ظنه بأنها ربما تشعر بالبروده من هذا المكيف فقرر إغلاقه حتى تدفأ قليلاً …
بحث بعيناه عن ريموت التحكم الخاصه بالمكيف فوجده موضوع على الكومود بجانب “ورد” …
تقعنصر طبيعي نحوها ليأخذ هذا الريموت ويطفئ المكيف الذى يشعرها بهذه البرورده ، لكن لحظه رؤيته يتقعنصر طبيعي نحوها ويقترب منها إلى هذه الدرجه تلاشت تلك القوة الظاهرة التى تخدع بها نفسها ، أصابتها نوبه ذعر شديدة ظهرت على ملامحها بلحظه إقترابه و إمتلأت عيناها بالعنصر طبيعيوع التى إنهمرت دون توقف بمجرد إحساسها بقربه …
إتسعت عيناها المرتعبه تحملق به بقوة وهى تثبتها عليه كما لو تنتظر منه رد فعل ما …
مد “يوسف” يده ليمسك بالريموت حينها تراجعت إلى الخلف بإنتفاضه دفعه واحده وتكورت على نفسها مثلما فعلت فى هذه الليله المشؤمه …
أمسك “يوسف” بالريموت ومازالت عيناه معلقتان بـ”ورد” مندهشاً من إنتفاضتها وتفكير متأنيها منه الى هذه الدرجه وهو يغلق زر الإغلاق …
يوسف: مالك يا “ورد” … أنتى خايفه أوى كده ليه …؟؟
_
ظلت تحملق به بصمت تام حتى ظن “يوسف” أنها تخشى قربه منها رغماً عنها ليردف بلهجته الحانيه تتحلى بعتاب خفيف من ظنها به سوءاً …
يوسف : مش أنا إللى تخافى منى يا “ورد” !!!! … ولا أنا إللى أقرب منك خصوصاً فى اللحظه دى وأنتى خايفه كده !!!!!! … إطمنى وإرتاحى …. نامى أنتى على مساحة مريحة وأنا حنام على الكرسى ده ..
تابعت مسلطه عيناها نحوه وهو يتحرك مبتعداً عنها حاملاً أحد المقاعد بعيداً بأحد الزوايا بمقابله مقعد آخر ليجلس رافعاً قعنصر طبيعييه على المقعد المقابل وأغمض عيناه فى حزن متظاهراً بالنوم فتلك الليله تختلف عما تخيله تماماً ….
بدأت تشعر بالراحه والاطمئنان فى نفسها شيئاً فشيئاً حتى إنتظم تنفسها تمام لتنظر نحوه محدثه نفسها …
ورد “فعلا مختلف …. مختلف أوى …”
كبر بعينيها كثيراً لتصرفه الشهم فبمجرد رؤيه تفكير متأنيها تركها على سجيتها ولم يضغط عليها مطلقاً لتزداد إعجاباً به …
إستسلمت للنوم بعد فتره لتغفو ومازالت ترتدى فستان زفافها …
بعد عدة ساعات إعتدل “يوسف” من نومته غير المريحه لينظر نحو “ورد” بعتاب محدثاً نفسه …
يوسف ” ليه يا “ورد” … ليه ورده زيك ترمى بنفسها فى الشوك بإيديها … ليه خليتى حاجات كتير تقف بينى وبينك …. أنا إزاى حبيتك كده … مش عارف … مش عارف إزاى ملاك زيك خايفه حتى أنى أقرب منك ازاى تعملى كده … إزاى ….؟!!!!!
•• الفصل الحادى والعشرون ••
_
•• سقط الحصن …••
فى صباح اليوم التالى …
حين يشرق فجر جديد يلوح فى الأفق ملوحاً بتسلل هذا الإحساس بالأمان والطمأنينة التى غابت لشهور طويله …
برغم بقائها بغرفه واحده مع شخص غريب عنها إلا أن إحساسها بالأمان تجاهه تخلل بإحساسها بعد تصرفه معها وتداركه لتفكير متأنيها بليله الأمس …
إستيقظت “ورد” تشعر بإنقباض عضلاتها بتألم لنومتها الغير مريحه بهذا الفستان الضخم …
دارت بعينيها لتدرك أنها ليست بالغرفه بل إنتبهت أنها مازالت بالفندق ، إعتدلت بجلستها تبحث بعينيها عن “يوسف” الذى غاب تماماً عن المشهد فالغرفه خاويه تماماً …
أسدلت قعنصر طبيعييها لتتجه نحو حقيبتها الصغيرة الموضوعه بالخزانه لتخرج منها فستان وردى مموج باللون الأصفر الهادئ لتبدل ملابسها بعجاله قبل عودة “يوسف” …
نظرت من نافذة الفندق تتابع الماره هنا وهناك حتى إستمعت لطرقات خفيفه على باب الغرفه ثم دلف بعدها “يوسف” وهو ينحى عيناه جانباً للحظه قبل أن تسقط نظراته على تلك الياقوته المتوهجه أمام عينيه …
تطلع نحوها بتحسر فبعض الأحيان يكون الجمال نقمه وليس نعمه … فياليتها كانت فتاه عاديه لا تتمتع بكل هذا الحسن والبهاء …
تقعنصر طبيعي لبضع خطوات وهو يردف بتجهم واضح بنبرته المقتضبه …
_
يوسف : صباح الخير …
ورد: صباح الخير ..
يوسف: أنا طلبت الفطار وممكن نفطر ونروح لوالدك المستشفى نطمن إنه راح يبدأ العلاج وبعدها أظن مفيش داعى نرجع على هنا ممكن نروح على البيت على طول …
ضمت “ورد” شفتيها بضيق من نفسها لشعورها بالذنب لطريقتها المنفره وتفكير متأنيها المفرط بلا داعى بالأمس ، فيبدو أنه يشعر بالإستياء من تصرفها الغريب …
أرادت أن تعتذر منه على فهمه الخاطئ لرد فعلها فهو لا ذنب له بتلك المعامله الفظه منها وتفكير متأنيها بلا سبب لذلك ، طرفت بعينيها بحرج وهى تعتذر منه تحاول توضيح سبب ما حدث ..
ورد: “يوسف” أنا أسفه .. أنا ….
قاطعها “يوسف” فلا داعى لهذا الأسف فحتى لو كانت لم تظن به ذلك فلم يكن ليقدر على معاملتها بصورة أخرى بعد ما علم به من طليقها …
يوسف: مفيش داعى للأسف .. ملهوش لزوم … حضرى نفسك نفطر وننزل على طول …
حزنه وتجهمه زاد بداخلها هذا الشعور بالذنب وأنها إقترفت خطأ جسيم للغايه ، لكن ذلك كان حقاً رغماً عنها ، تهدلت ملامحها بإنكسار فهى لم تكن تود أن تكون سبباً لتلك النظرة الحزينه التى تسيطر على عيناه …
تبعت “يوسف” لتناول إفطارهم أولاً قبل ذهابهم للمستشفى لزيارة والدها والتأكد من أنه سينتظم بعلاجه فلا داعى للتأخير أكثر من ذلك …
_
____________________________________
المستشفى …
إسترقت النظر من وقت لآخر تجاه “يوسف” خلال طريقهم إلى المستشفى تحاول معرفه سبب صمته الشديد ، أهى أذنبت إلى هذا الحد ، هل كان خطأها جسيم للغايه …
دلفا إلى إحدى غرف المستشفى بعد سؤال عن والدها ليجداه ممداً فوق أحد الأسره ينتظر مرور الطبيب به …
تفاجئ “عبد المقصود” بـ”ورد” و”يوسف” بهذا الصباح يقفان أمامه ليرفع رقبته بدهشه متسائلاً بإستراب …
ابو ورد: إيه إللى جابكم كده من بدرى …؟؟
تفوه بالبدايه “يوسف” وقد إتخذت ملامحه أريحيه بخلاف ما كانت عليه من إقتضاب منذ قليل …
يوسف: إزاى بس يا عمى … لازم نطمن على حضرتك و إنك تبدأ العلاج إللى إتأخرت فيه أوى ده …
ابو ورد: كل شئ نصيب يا إبنى …
كانت “ورد” تطالع “يوسف” بشرود تؤنب نفسها بشدة على ما فعلته بليله الأمس حرمها من تلك النظرة الحانيه التى ينظر بها لوالدها الآن ، لتنتبه لسؤال والدها القلق …
_
ابو ورد: مالك يا “ورد” …؟؟
حركت رأسها بخفه وهى تنتبه له محاوله رسم شبح إبتسامه ضعيفه فوق ثغرها تطمئنه به قائله …
ورد: أبداً يا بابا … سرحت بس شويه …
ابو ورد: خدى بالك من “يوسف” … ده راجل ولا عمرك حتعوضيه … إوعى تزعليه يا “ورد” …
أيوصيها به …؟؟! … هكذا تسائلت بداخلها وهى تنظر تجاه “يوسف” بتحسر على ما سببته له بالأمس فلو بيدها ما أارتباكته ولا سببت له ضيق مطلقاً … لتعيد بصرها تجاه والدها مردفه …
ورد : حاضر يا بابا … خد بالك إنت من نفسك … مش عايزاك تتعب تانى …..!!!
بإبتسامه أبويه حنونه أشار إليهم “عبد المقصود” للذهاب قائلاً …
ابو ورد: طيب خلاص إتطمنتوا ؟!!! … يلا إتفضلوا مع السلامه على بيتكم يلا …
أومئ “يوسف” بإبتسامه مجامله لـ”عبد المقصود” وهو يودعه قبل عودتهم لبيتهم لأول مرة …
إتخذا طريقهم بعد خروجهم من المستشفى تجاه بيت “يوسف” هذا البيت الدافئ الذى أحبته “ورد” من أول زيارة لها …
_
إختلست من وقت لآخر نظراتها تجاهه تتمنى بداخلها لو تجد طريقه للإعتذار بها عن ليله الأمس لكن خجلها وحرجها الشديد جعلها تصمت تماماً طوال الطريق …
____________________________________
شقه يوسف ….
فتح “يوسف” باب الشقه داعياً “ورد” للدخول لتخطو “ورد” خطواتها الأولى ببيتها الجديد ومازالت الرهبه بداخلها ممزوجه بإحساس سعيد ، نعم تشعر بذلك هى ليست قلقه إلى هذا الحد فتصرفه معها بالأمس جعلها تطمئن لوجودها معه …
يوسف : إتفضلى يا “ورد” ….
دلفت إلى الداخل لتجد أم “يوسف” جالسه فوق تلك الأريكه التى تتوسط الصاله الواسعه وتجلس “دعاء” بالمقعد المجاور إلى يسارها …
إنتبهتا تجاه “يوسف” و”ورد” لكن مازال تساؤل ليله الأمس يسبب لهم الضيق ليظهر ذلك جلياً على ملامحهم المقتضبه دون التفوه بكلمه واحده مرحبه بهم …
إبتسمت “ورد” برقه وهى تلقى التحيه بمحبه بالغه تجاههم وقت أن وقعت عيناها عليهم …
ورد: السلام عليكم ..
ضيق ملامحهم كان ظاهر للغايه ليطغى على ردهم الجاف برد التحيه كما لو مجبرين على ردها بلا ترحيب بقدومهم …
_
“وعليكم السلام …”
ردهم الجاف أثار إرتباك “ورد” لتشعر بغصه لهذا التجاهل وععنصر طبيعي الإهتمام بمجيئهم لتحث نفسها على أنها لابد وقد فهمت رد فعلهم بصورة خاطئة لتحاول التحدث بود لتتأكد أن كل شئ على ما يرام …
ورد: إزاى حضرتك يا طنط …؟!!!
زمت ام “يوسف” شفتيها بضيق واضح وهى تجيب تساؤل “ورد” بنفس الجفاء الذى شعرت به “ورد” منهم …
ام يوسف : الحمد لله .. نورتوا …
لتحلقها “دعاء” بمباركتها بنبره جافه أيضاً …
دعاء : مبروك …
قلبت “ورد” نظراتها بين أم “يوسف” و”دعاء” بغصه علقت بحلقها فشعورها بتعاملهم الجاف معها سبب ضيق بالغ بنفسها فليست تلك المعامله التى تعاملوا بها معها بزيارتها السابقه لتنكس رأسها بضيق متسائله بداخلها “ترى ما سبب ذلك الجفاء الذى يعاملونها به ..؟؟”
لاحظ “يوسف” أيضاً هذا السلوك المغاير عن طبعهم وأن هناك شئ ما جعلهم يتعاملون معها بتلك الصورة القاسيه والغير مفهومه بالنسبه له ليقطع صمتهم بإبتسامه تجاه “ورد” قائلاً ..
يوسف: تعالى يا “ورد” شوفى الأوضه … وإرتاحى شويه لو حبيتى …
_
بإيمائه خفيفه تبعته إلى الداخل لتدلف لغرفتها الجديده حين إستأذن منها “يوسف” قائلاً ..
يوسف: خدى راحتك … أنا حقول حاجه لماما دقايق وراجع على طول …
تركها “يوسف” بغرفتهما لتضع حقيبتها الصغيرة أمامها تفرغ محتوياتها بتجهم بينما إتجه “يوسف” لوالدته وأخته ليتفهم منهم عن سبب تلك المقابله الجافه لـ”ورد” منذ قليل …
دنا “يوسف” بالقرب منهما وهو يخفض من صوته بضيق تفكير متأنياً من أن تشعر “ورد” بإستيائهم وسماع مناقشتهم …
يوسف: مالكم فيه ايه ..متغيرين ليه كده ….؟
تطلعت ام “يوسف” أولاً تجاه غرفته قبل أن تعود هامسه بعتاب …
ام يوسف: إنت مقلتلناش ليه إنها متطلقه يوم فرحها …!!!!!!!
هنا إستطاع فهم سبب تغير معاملتهم معها وضيقهم من الأمر ليجيب بإنفعال ومازال يتحدث بتلك النبرة الهامسه حتى لا تشعر بهم “ورد” ….
يوسف: عشان متحكموش عليها نفس حكمكم ده دلوقتى !!!! … دى تجربه وفشلت مش حتفضل عايشه فيها العمر كله …!!!!
أردفت والدته بحرج شديد فهو بالتأكيد معه الحق …
_
ام يوسف: أيوة بس …!!!
إستطرد “يوسف” موضحاً بإنفعال وقد بدت علامات الإستياء جليه فوق محياه بقوة …
يوسف: دى حياتى يا ماما ….. وأنا إللى إخترت “ورد” … ولا إنتى مش واثقه فى حكمى وإختيارى …؟!!!!! ده كفايه إنها بنت ابو “محمد” …
شعرت ام “يوسف” بتسرعها بإلقاء أحكام على “ورد” دون فهم لتردف بتفاهم وإنصياع لرغبه ولدها الذى تثق به وبإختياره ….
ام يوسف: إللى تشوفه يا إبنى طالما اغنت مرتاح خلاص …
لينهى “يوسف” هذا النقاش بحزم شديد فلا داعى لتلك الأحكام المسبقه دون وجه حق …
يوسف: يا ريت منفتحش الموضوع تانى …
ام يوسف: خلاص يا إبنى المهم راحتك ….
بعد أن أوضح كل شئ لوالدته عاد إلى “ورد” مرة أخرى وهو مازال يحدث نفسه بلوم شديد ….
( إيه بس يا ربى الورطه إللى أنا ورطت نفسى بيها دى !!!! … أعتبرها إيه بس ؟؟!!! … دخلت قلبى وحبيتها … بس فى نفس الوقت مقدرش أستحمل إنها تكون مراتى بعد إللى عرفته ده !!!!! …. ومقدرش أخون أمانه الراجل إللى جميله مغرقنى !!!! … أعمل ايه فى الحيره إللى أنا فيها دى ….؟!!!!!!)
_
رفعت “ورد” خلصه شعرها التى سقطت فوق عينيها وهى ترتب ملابسها ناظرة تجاه “يوسف” الذى دلف للتو ، تهدج صدرها بقوة وإكتسى وجهها حمرة خجله وقد أقفل باب الغرفه عليهما معاً …
قررت الإعتذار منه عن تصرفها الغير مناسب معه بليله الأمس لتحث نفسها على الحديث قائله …
ورد : “يوسف” … أنا … اااا ….
أخرجته من تفكيره بها بصوتها الحنون وهى تهمس بإسمه بتلك الرقه لتنساب من بين عينيه تلك النظرة العاشقه ليتدارك نفسه على الفور مغمضاً عيناه لوهله ليستفيق من مشاعره تجاهها حتى لا ينجرف نحوها فهو يرفض تماماً وجود إمرأه بمثل هذه الأخلاق فى حياته وتكون هذه هى زوجته وأم أولاده ليهتف بداخله ينهرها بحده …
( فوق يا “يوسف” …فوق .. مهما كانت ومهما حسيت نحيتها فهى فى الآخر متنفعكش …)
ليرتسم ععنصر طبيعي الاكتراث والصلابه بحديثه قائلاً ..
يوسف: أيوه .. عايزة حاجه ..؟؟
طريقته المختلفه وجموده الشديد أحزنها للغايه لهذا يجب عليها الإعتذار وتوضيح سبب نفورها وتفكير متأنيها بالأمس…
ورد: إنت متضايق من حاجه ؟!! … لو عشان …
قاطعها يوسف: لا أبداً مفيش حاجه … وعشان ترتاحى ومتشغليش بالك الأوضه كبيره … حتنامى أنتى هنا على مساحة مريحة وأنا حنام على الكنبه دى ….
_
بالتأكيد مازال مستاءاً مما حدث … هكذا حدثت نفسها بضيق لتبتلع كلماتها وتومئ له بالإيجاب تفهماً لرغبته ، ليته يدرك أنها بالفعل لم تقدر أن تكون مثل أى فتاه بليله زفافها وأن كل ما حدث كان رغماً عنها … ليته يدرك ذلك …
ومع ذلك رأت “ورد” أن تركه لها بدون ضغط سيشعرها ببعض الراحه وأن مع الوقت سيصبح الأمر أبسط بكثير لقربهم وعشرتهم سوياً …
____________________________________
بعد بضعة أيام …
ظل الحال بينهما كما هو وتجنب “يوسف” “ورد” تماماً فمازال بقايا حديثه مع “حسام” يقبع بنفسه ويقف حائلاً بينه وبينها …
تتفكير متأنيت “ورد” كذلك من التعامل مع ام “يوسف” و “دعاء” بشكل كبير فهى لم تعتاد عليهم بعد وظنت أن وجودها معهم يشعرهم بالضيق بعد مقابلتهم الجافه لها فكانت تلتزم ببقائها بغرفتها أغلب الوقت أو أن تذهب للمستشفى لزيارة والدها …
____________________________________
حسام …
بعد زواج “ورد” شعر “حسام” بالخيبه فقد ظن أن مخطط والدته سيجعل “يوسف” يثور على “ورد” ولن يقبل إتمام زواجه منها لكن إستمراره بزيجتهم أحبطه للغايه ولم يجد ما يستطيع فعله فلابد أن كل شئ قد كُشف وظهر عجزه وفُضح أمرة و أمر كذبه على “يوسف” بعد إكتشاف أنه لم يمس “ورد” بتلك الليله فقضى وقته يغيب بعقله بإحتسائه للخمر لينسى أمر فضيحته وكشف ستره …
____________________________________
_
شركه الأقصى …
نقاش جاد “شريف” مكتب “يوسف” بكفه وقد إتسعت إبتسامته بغبطه هاتفاً بحماس بالغ …
شريف: بارك لى يا “يوسف” ….
يوسف بتجهم : مبروك ..
عقص “شريف” أنفه بإشمئزاز مازح من تجهم صديقه بهذا الشكل المبالغ فيه …
شريف : هو إيه إللى مبروك !!!! ..مش تسأل على إيه طيب …؟؟
يوسف: ما أنا عارف .. باين على وشك أهو …
شريف: هو إيه إللى باين على وشى ….؟؟
أمال “يوسف” وجهه التعيس لتعلو شفتيه إبتسامه ساخرة مردفاً بذكاء …
يوسف: السنيوريتا بتاعتك .. شكلها وافقت إنها تتجوزك ..
_
رفع “شريف” حاجباه وإتسعت عيناه بإندهاش لإدراك “يوسف” ذلك بذكاءه الفطرى …
شريف: يا إبن الإيه …..؟؟؟ عرفت إزاى ….؟؟ أنا فعلا كنت جاى أقولك أنى مسافر الأسبوع الجاى عشان أخطبها رسمى ….
يوسف: مش بقولك باين على وشك ….
بحديثه الملتف أردف “شريف” متهكماً من حال صديقه قائلاً ..
شريف: والله كل واحد فينا باين على وشه مش أنا بس ….!!!
يوسف: قصدك إيه …؟؟
شريف: إنت فاكرنى مش واخد بالى … إنت متغير ومهموم طول الوقت من بعد الفرح … وأنا مش راضى أسألك عشان مبقاش بتدخل …. بس أنت مش طبيعى خالص … إيه … نعنصر طبيعيت …؟؟
أسند “يوسف” جبهته بكفه وهو يضع مرفقه فوق سطح المكتب بتعاسه حقيقه قبل أن يزفر بضيق …
يوسف: فيه حاجات مش قادر أتقبلها خالص .. ومش حقدر أقولك عليها …
شريف: ولو .. أنا فاهم عنصر طبيعياغك دى … بس ممكن تفكر من ناحيه تانيه ..
_
رفع “يوسف” وجهه بإستفهام …
يوسف: إزاى يعنى …؟
شريف: يعنى .. أنت شايف “ورد” عن قرب دلوقتى … هل هى فعلاً زى ما أنت بتظن فى عنصر طبيعياغك ولا لقيت إن الواقع مختلف …
بتفكر لبعض الوقت أردف “يوسف” …
يوسف: الصراحه إللى أنا شايفه … إنها إنسانه كويسه ومحترمه ورقيقه وجميله .. بس!!
شريف: أيوة … هى بس دى …!!!! يا أخى إنت إيه عنصر طبيعياغك الحجر دى ؟!!!!! … طالما مشفتش منها وحش بتحكم عليها ليه إنها وحشه ؟؟ … إنت ليك إللى إنت شايفه بعنيك وحاسه بقلبك … متضيعهاش من إيدك يا “يوسف” ….
يوسف: بحاول والله …
لكن للحظه مضيئه أنارت طريق مظلم بداخله ترائى له بحديث “شريف” حين قال ( فكر من ناحيه تانيه) وكأنه أبصر شئ لم ينتبه له من قبل …
كيف إستطاع تصديق طليقها بأنه صادق بحديثه ولا يفترى كذباً عليها … أ من المعقول أن يقول بها كلمه حق بععنصر طبيعيا إنفصلوا عن بعضهم البعض … ألا يمكن أن يكون هو من يفترى عليها وأنها مظلومه بإدعاءه وطعنها بشرفها وسلوكها …
أما آن الأوان أن يعرف ما حدث معها وسبب طلاقها حقيقه ، فهو الآن له الحق فى ذلك فقط ليطمئن قلبه …
_
لكن كيف يعرف .. هل يسأل والدها فى ظل حالته الصحيه هذه .. أم يسألها هى عن ذلك .. ولكن كيف ….؟؟؟
أم يتناسى ذلك ويبدأ معها من جديد ببدايه جديده …
____________________________________
شقه يوسف ….
وجودها بمفردها أغلب الوقت بغرفتها أشعرها بملل شديد فقررت الخروج من قوقعتها والإنغماس وسط هذه العائله فربما تسعد بصحبتهم ويسعدوا بصحبتها ….
إتجهت نحو المطبخ حين إستمعت لصوت ام “يوسف” و”دعاء” بالداخل لتقف بباب المطبخ قائله بخجل …
ورد: ممكن أساعدكم …؟؟
توقعت ترحيب طفيف أو ربما تجهم كما كان بمقابلتها معهم بذلك اليوم لكنها فوجئت بجذب “دعاء” لها من مرفقها وهى تخلع عنها مريول المطبخ وتلبسها إياه بطريقه مازحه شقيه …
دعاء: و هو ده سؤال .. تعالى يا أختى تعالى .. المطبخ كله أهو .. أبدعى …
ضحكت “ورد” على مفاجأتها برد فعلها الطريف مردفه بمزاح …
_
ورد : على طول كده !!!! .. طب إمسكى فيا شويه …؟
دعاء: وأحرمك من شرف دخول المطبخ … لاااا ..
ضحكت “ورد” حقاً من قلبها فتلك الفتاه ظريفه للغايه ، لكن أم “يوسف” نهرت “دعاء” عن ذلك قائله …
ام يوسف: بس يا “دعاء” ..”ورد” لسه عروسه ..
ورد: لا يا طنط أنا بحب كده أوى .. لو مش حضايقكم يعنى …!!!!
ام يوسف: لا يا بنتى تضايقينا إيه .. إحنا بس مش عايزين نتعبك …
شعرت “ورد” براحه لعودة أسلوبهم المحبب المرحب بوجودها لتتعالى ضحكتها عنعنصر طبيعيا صاحت “دعاء” …
دعاء: يا ستى سيبيها …. وحلوا عنى شويه بقى .. خلونى أعيش طفولتى إللى معشتهاش …
أخرج بقى وأتمرجح براحتى …
ضحكت “ورد” بصوت عالٍ مسموع لأول مره لدرجه هى نفسها تعجبت لها ، فهى لم تضحك هكذا منذ زمن طويل …
_
إندهشت “دعاء” من ضحكات “ورد” العاليه لتردف بخفه ظل …
دعاء: الله …ده أنتى بتضحكى زينا أهو … أيوة إطلعى بقى من دور الرقه والحركات المايعه دى وطلعى “جعفر” إللى جواكى …
ضحكت “ورد” مره ثانيه بقوة حتى تساقطت العنصر طبيعيوع من عينيها من كثرة الضحك …
___________________________________
يوسف …
تفكيره الشديد وذهنه الشارد جعله منهك تماماً حتى أصبح غير قادر على إكمال عمله اليوم …
إستأذن للخروج مبكراً والعودة للمنزل للراحه فلا داعى لبقاءه بالشركه فهو غير منتبه لعمله اليوم مطلقاً …
صعد بإتجاه شقتهم ليدلف إلى الداخل مغلقاً الباب من خلفه لكن لم ينتبه لعودته أحد منهم فقد إستمع لصوت ضحكات آتيه من المطبخ جعلتهم لا ينتبهون لعودته مبكراً …
إتجه نحوهم فربما تصيبه عدوى الضحك ويسعد معهم لبعض الوقت فهو بالفعل يحتاج لتلك الضحكه ….
____________________________________
_
المطبخ …
نظرت “دعاء” بنظرة إشمئزازيه مازحه عاقصه أنفها بقوة وهى تتمعن بالطبقة الذى أعدته “ورد” لطعام الغذاء متعجبه من شكله النهائى فيبدو أن “ورد” لا خبرة لها بصنع الطعام مطلقاً …
دعاء: وأنا إللى قلت أخيراً حرتاح وجت لنا إللى بتحب قاعده البيت !!!! … إيه ده يامه …؟؟؟؟؟!!!
لم تعد “ورد” قادرة على السيطرة على ضحكاتها مع “دعاء” التى لا تكف مطلقاً عن المزاح ، نظرت نحو الطعام متعجبه من رد فعل “دعاء” حين وقعت عيناها عليه …
ورد : ماله بس يا “دودو” ما هو حلو أهو …
دعاء: أستغفر الله العظيم وأما ييجى الجدع من الشغل نأكله إيه بس ..؟!!!!!!
تمايلت “ورد” بدلال وهى ترقق صوتها بنعومه لا تحتاجها مطلقاً فأصبحت شعله للفتنه تطيح بقلوب من يسمعها تتغنج بهذا الدلال والنعومه …
ورد : مالكيش فيه “يوسف” حبيبى حياكله كله عشان عملتهوله بإيدى …
كانت “دعاء” تتابع حديثها مع “ورد” وهى ترى “يوسف” يقف من خلفها بباب المطبخ يتابعهم بإبتسامه عريضه وأعين عاشقه لتلك المتدلله ، أشارت دعاء بكفها تجاه باب المطبخ وهى تردف ..
دعاء: طيب …. أدى الجمل وأدى الجمَّال … إتفضل دوق أنت عمايل إيد مراتك ..
_
بهتت “ورد” لسماعها “دعاء”تحدث “يوسف” الذى يقف خلفها ليدق قلبها بقوة ضاربه تهدج لها صدرها وهى تشهق بصعنصر طبيعيه …
إستدارت ببطء تدعو بداخلها أن تكون “دعاء” مازالت تمزح معها وأنه لم يستمع إليها تتحدث بتلك الصورة الخليعه المتغنجه للغايه …
لكنها وجدته بالفعل يقف أمامها مسلط عيناه البراقتان نحوها بقوة تيبست لها جسدها تماماً وتوهجت وجنتاها بحمرة قاتمه لخجلها الشديد ، تمنت بلحظه أن تنشق الأرض وتبتلعها …
كان “يوسف” يتابع حديثهم المضحك عن الطعام حتى سمع إسمه مقترن بكلمه “حبيبى يوسف” خاصه وهى تتمايل بتلك النعومه والدلال لتسقط حصونه التى ظن أنها قويه راسخه لتتلاعب تلك الناعمه بقلبه كعازف سمفونيه على أوتار قلبه …
قلبه هذا الذى لم يتحمل سيطرته عليه لينتفض بقوة معلناً عشقه المتيم بوردته الرقيقه …
نظرت “دعاء” نحو “ورد” التى إحمر وجهها بقوة لتهتف ساخرة منها …
دعاء : إيه الستات إللى بتتكسف من ا؟جوازها دى !!!!! … عوض علينا يا رب .. أهو جه أهو أكليه بقى يا أختى …!!!!
لكزت “ورد” “دعاء” بمرفقها لتصمت قليلاً فيكفيها حرجاً ما هى فيه …
ورد: بس يا “دعاء” …
إقترب منهم “يوسف” يطالع “ورد” بنظراته الهائمه قائلاً دون أن يثنى عيناه عنها محدثاً “دعاء” …
_
يوسف : طب إيه رأيك حاكله … ومن غير ما أدوق عارف إنه حيبقى تحفه …
دعاء: ربنا يهنى سعيد بسعيده .. أنا رايحه أشوف ماما ….
تركتهم دعاء بمفردهم لتحاول “ورد” إيجاد مبرر لما تفوهت به منذ قليل وهى تبتلع ريقها بصعوبه وإضطراب شديد ..
ورد: أصل اااا …”دعاء” يعنى … هى إللى بتهزر وكده ..
دنا منها “يوسف” أكثر حتى تلاشت المسافه الفاصله بينهما ومازالت عيناه مسلطتان على زرقاوتيها مستسلماً لعشقه وقلبه الصارخ بحبها قائلاً بهمس ذاب له قلبها وكيانها لتشعر بإرتجاف جسدها بقوة …
يوسف : ومالك مكسوفه ليه كده … إنتى قلتى حاجه غلط ..؟!!!
تحدثت بصعوبه بالغه فقد تلاشت قواها وعلا صوت نقاش جادات قلبها المسموعه لتجيبه بصوت هامس متقطع …
ورد: لا …. بس .. يعنى …
نظر يوسف مطولاً لعيناها الجميلتان ليحدث نفسه بعد أن إنهارت قلاعه التى صنعها بداخله كحاجز بينهما …
( بحبك … بجد .. مش عارف عملتى فيا إيه … حتى الزعل مش قادر أزعل منك ….)
_
لكن ما تفوه به كان شئ آخر تماماً حين أردف …
يوسف: متفكريش فى الكلام قبل ما تقوليه … قولى إللى أنتى عايزاه على طول … دة بيتك ودى حياتك متخليش أى حاجه تضغط عليكى … أطبخى إللى إنتى عايزاه و إعملى إللى أنتى عايزاه ….
ورد: مش حتضايق …؟؟
يوسف: لأ طبعاً…
تراجعت “ورد” خطوة للخلف تخفى خجلها الشديد من قربه لتضع بعض الطعام بأحد الأطباق قائله …
ورد: طب دوق بقى من غير تريقه …
لكنهم فجأه سمعا صوت “دعاء” تنادى مستغيثه بهم …
دعاء: “يوسف”… ألحق يا “يوسف” ..
•• الفصل الثاني والعشرون ••
•• إلى متى … ؟!!! ••
_
عيناكِ بحر أغرقنى وشوقى إليكِ ينهينى ، إلى متى سأبحر ضد التيار وغور بحورك يجذبنى ، سأموت غرقاً لو لم يلحقنى طوق النجاة ويحمينى …
لحظات غاب بها العقل والتفكير ليسيطر القلب الذى ترك عنانه لتلك الناعمه تعبث بكيانه بنظره رقيقه وخجل مكتسح …
غابا عن واقعهما بلقاء تراقصت له دقات قلوبهم فرحاً حتى علا صوت أخته بفزع يناديه بإستغاثه ليفيقا من هيامهما بخطوات متسارعه يلبون النداء …
خرج “يوسف” أولاً ليقابل “دعاء” التى قد أقعنصر طبيعيت نحوهم لطلب مساعدتهم ليهتف بها بقلق ..
يوسف: إيه إللى حصل ….؟
بإضطراب وتتفكير متأني أشارت “دعاء” تجاه المرحاض وهى تعود بخطواتها إليه قائله ..
دعاء: إلحق يا “يوسف” ماما إتزحلقت ووقعت فى زاوية مخصصة …!!!!
لم تنتظر “ورد” دعوة لأى منهما طلباً لمساعدة والدتهم لتهم على الفور بتخطيهم متجهه نحو المرحاض وهى تنحنى بقوة وتمد ذراعها إليها قائله …
ورد: إسندى عليا يا طنط ….
بتألم شديد أردفت أم “يوسف” وهى تطالع تلك الضعيفه أمامها فهى لن تتحمل ثقل وزنها …
_
ام يوسف : لا يا بنتى أنا تقيله عليكى … ااه …
بإصرار شديد وهى تحاول إسنادها بوضع ذراعها فوق كتفيها قائله ..
ورد: لا يا طنط .. مش تقيله ولا حاجه .. إسندى عليا بس …
بإحراج بالغ وضعت أم “يوسف” ذراعها تحاوط كتفى “ورد” تتكئ عليه لتسندها “ورد” وهى تحيط خصرها بذراعها حتى تستطيع رفعها من الأرض …
وقفت ام “يوسف” بتألم شديد لإلتواء كاحلها حين هم “يوسف” بإسناد والدته من الجانب الآخر ليخف حملاً عن “ورد” …
تحركت أم “يوسف” ببطء تجاه غرفتها مستنده على كتفيهما حتى جلست فوق فراشها تاركه وزنها الثقيل يرتمى حمله عليه فقد أثقلت كثيراً عليهما ….
رفعت ام “يوسف” ساقها المتألمه لتمددها أمامها حين أسرعت “ورد” بالاتصال بطبيبهم الخاص للمجئ فى الحال لفحص أم “يوسف” …
نظرت أم “يوسف” نحو “ورد” بإمتنان بالغ مردفه بنبره متألمه …
ام يوسف: تسلميلى يا بنتى ..
ورد: أنتى زى ماما الله يرحمها يا طنط متقوليش كده …
_
ربتت أم “يوسف” على كتفها بحنان كانت “ورد” بأمس الحاجه لتلك اللمسه الحانيه لترتمى بأحضانها بحب حقيقى فهى تحتاج لضمتها كثيراً فقد إفتقدت حنان الأم الذى رأته فى هذه السيده الطيبه …
لم يُطلب منها المساعدة ولا إظهار تلك المشاعر والقلق على والدته ليتابع “يوسف” إهتمام “ورد” الشديد بوالدته شاعراً بسعاده تزيد من قيمتها بقلبه لحبها لأمه معشوقته الأولى …
تأثر “يوسف” كثيراً بذكرها لوفاه والدتها وإفتقارها لحنان الأم فهو يدرك إحساس الفقد جيداً ….
بعد وقت قليل …
حضر الطبيب وعالج كاحل أم “يوسف” الملتوى ليطلب منهم الإهتمام براحتها التامه وععنصر طبيعي الضغط على قعنصر طبيعيها مطلقاً لمدة إسبوع كامل بدون حركه مجهده …
____________________________________
تفصل بيننا أسوار وهميه لكننا غافلون عنها فلو إستطعنا لهعنصر طبيعيناها وأمددنا جسوراً تصل بين قلوبنا …
برغم تلك المشاعر التى فاضت بين قلوبهم إلا أن كلاً منهما إلتزم موضعه بتتفكير متأني …
تمسك “يوسف” بأسواره الوهميه وبعده عن “ورد” ليبقى قريب بعيد لم يتجرأ ويهعنصر طبيعي تلك الأسوار التى بنيها بينهما ، بينما كانت “ورد” تنتظر بادرته هو ظناً منها أن تتفكير متأنيها بليله زفافهم هى السبب ببعده عنها وتركها حتى تتقبل وجوده بحياتها تدريجياً …
لتمر الأيام ومازال كل منهما يتخذ جانب بعيداً عن الآخر …
_
ورد …
تعلقت بهذه الأسره الطيبه بالفعل وشعرت معهم بالألفه والحب … ساعدت ام “يوسف” كثيراً خلال هذه الفتره التى عجزت فيها هذه السيده الطيبه عن التحرك من تلقاء نفسها حتى أنها تعلقت بـ”ورد” للغايه وكمنت محبتها بقلبها كإبنتها “دعاء” تماماً …
كلما مر الوقت شعرت “ورد” بتعلقها بـ”يوسف” وعشقها له ولوجوده وكلماته ، عشقها لسماع صوته إلى جانبها ، تستمتع بحديثه دائماً معها أو مع والدته ومزاحه اللطيف مع “دعاء” ، حتى لو كان مازال يتخذ منها جانباً إلا أنها تشعر بأنه يبادلها نفس شعورها نحوه حتى لو لم ينطق بها لسانه …
تمنت لو أن الحاجز بينهم يختفى تماماً لكنها لن تستطيع المبادرة وستظل فى إنتظاره فخجلها يمنعها من أن تقعنصر طبيعي هى على الخطوة الأولى …
____________________________________
عبد المقصود …
لم تمر الأيام على الجميع مرور الكرام بل هناك من تمر عليه بألم وإعياء …
فقد بقى “عبد المقصود” بالمستشفى يتلقى علاجه لكن مع الأسف كانت حالته تزداد سوءاً …
تناوب “يوسف” و”ورد” زيارتهم اليوميه له ، فـ”ورد” تمر به صباحاً بينما يمر به “يوسف” بعد إنتهاء عمله بالشركه …
____________________________________
_
شريف …
إقترب موعد سفره لطلب محبوبته للزواج بعد أن وافقت على ذلك وكان عليه التقعنصر طبيعي بطلب إجازة للسفر عدة أيام لكنه مازال بإنتظار الموافقه عليها …
تحمس “شريف” كثيراً لتلك الخطوة الجديده بحياته للإستقرار وبناء أسرة صغيرة مع من دق لها قلبه ….
____________________________________
شقه يوسف …
بعد تجهيزها لطعام الإفطار لوالدة “يوسف” وحملته إليها بغرفتها فهى مازالت لا تستطيع الحركه بعد وضعته “ورد” أمامها ببسمه لطيفه إعتادت أم “يوسف” على رؤيتها بوجهها البشوش …
شعرت أم “يوسف” بأنها قد أثقلت كثيراً على “ورد” خاصه وقد تأخرت اليوم كثيراً على موعد زيارة والدها بالمستشفى …
ام يوسف: إتأخرتى يا بنتى على باباكى النهارده …!!!!
ورد: معلش يا طنط .. نفطر سوا الأول وبعدين أروح …
ام يوسف: ربنا يراضيكى يا بنتى …
_
تفكير متأنيت أم “يوسف” كثيراً بسؤالها فقد لاح هذا التساؤل بنفسها كثيراً ولم تعد تستطيع منع نفسها عنه ، فقد رأت من تلك الفتاه طيب المعشر وحسن الخلق ….
أم يوسف : معلش يا بنتى فى السؤال .. أنا عندى سؤال ونفسى أعرف إجابته …؟؟؟؟
ورد: إتفضلى يا طنط …
ام يوسف: يعنى ااا .. أنتى ما شاء الله عليكى جميله ورقيقه وبنت ناس وعشرتك طيبه … إتطلقتى ليه يا بنتى ..؟؟
جلست “ورد” بطرف الفراش وقد إختفت تماماً تلك الابتسامه الرقيقه ليحل الحزن والتجهم على ملامحها حين لاحت تلك الذكرى أمام أعينها …
سحبت شهيقاً مؤلماً للغايه وهى تردف بإنكسار …
ورد : أنا حقول لحضرتك ..
إسترجعت ذكريات تلك الليله المشؤومه وهى تقص لها سبب زواجها من هذا المتوحش إلى أن أخبرتها بما فعله بها بليله زفافهم …
تأثرت أم “يوسف” للغايه وهى تلمس وجعها وتهشم روحها بإندهاش تام لما حدث معها …
ام يوسف: حبيبتى يا بنتى .. ده إنتى ربنا بيحبك إنك خلصتى منه …
_
ورد: الحمد لله …
ام يوسف: والله يا بنتى ما حتلاقى أحن من “يوسف” إبنى .. مش عشان هو إبنى والله .. بس هو طيب أوى ..
هى لا تنتظر أن تخبرها بذلك فقد علمت ذلك يقيناً ، فـ”يوسف” رجل لا يعوض مطلقاً لتردف “ورد” بتحسر …
ورد: عارفه يا طنط .. عشان كده أنا عارفه أنى معذباه معايا .. بس أنا برضه لسه بخاف …
ام يوسف: واحده واحده يا بنتى … أنتى خلاص أخدتى علينا وبقيتى واحده مننا ..
ورد: طبعا يا طنط …
ام يوسف: خلاص بقى .. بلاش طنط دى وقوليلى يا ماما ..
ورد بإبتسامه : حاضر يا ماما … أروح أنا أنادى “دعاء” بقى نفطر سوا …
ام يوسف : ماشى يا بنتى …
تركتها “ورد” لتمر بغرفه “دعاء” لتدعوها لتناول الفطور معهم ، لكنها قبل أن تطرق بابها إستمعت لصوت “دعاء” تتحدث بالهاتف لتنتبه بإستراب أنها تتحدث مع شاب ما …
_
إسترعى ذلك إنتباهها كاملاً لتنصت لحديثها معه بإهتمام بالغ …
دعاء: وبعدين يا “مرزوق” …!!!!
مرزوق: أعملك إيه بقى .. ما أنتى مش واثقه فيا بعد كل ده …!!!!
دعاء: أبداً يا “مرزوق” والله .. بس ..!!
مرزوق: خلاص يا “دعاء” .. خلاص ..
طريقته المقتضبه جعلتها تترجى أن يسامحها على تشبثها برأيها ورفضها لمقابلته …
دعاء: إنت زعلت .. إستنى بس !!!! .. ما أنا كمان مينفعش أقابلك …
مرزوق: وهو أنا بقولك حنبقى لوحدنا .. أختى “ملك” حتبقى موجوده و ماما كمان نفسها تشوفك ….. لو مش مصدقانى .. خدى “ملك” أهى تقولك ….
بدون موافقه منها أو رفض وجدت أخته “ملك” تحدثها بمزاح …
ملك : ألو … أيوة يا ست “دعاء” .. إيه مش عايزة تشوفينا ولا إيه ؟!!!! … ده أنا وماما نفسنا نشوفك من كتر ما “مرزوق” حكى لنا عليكى ..
_
شعرت “دعاء” بغبطه وراحه بنفس الوقت لسماع أخته تخبرها بذلك لتبتسم بفرحه فهو يتحدث عنها دائماً ويريد أن يتقرب منها أكثر وتتقرب أكثر من عائلته …
أستكملت “دعاء” حديثها مع “ملك” وقد لانت أفكارها قليلاً ، فلا داعى لذلك فأخته تحدثها بنفسها …
دعاء: إن شاء الله حاضر ..
عاد “مرزوق” ليحدثها مرة أخرى …
مرزوق: ها يا ستى صدقتى ..؟!!!!
دعاء: خلاص يا “مرزوق” .. إدينى العنوان حاجى لك أهو .. بس خد بالك … أنا مينفعش أتأخر …!!!
مرزوق: حاضر …
أنهت “دعاء” مكالمتها مع “مرزوق” وقد لاحت بوجهها تلك الإبتسامه البلهاء ، لتندهش “ورد” تماماً مما سمعته للتو …
____________________________________
مرزوق …
_
تبدلت ملامحه المحبه لأخرى ماكره للغايه فقد إنتصر أخيراً بإستماله تلك الفتاه …
نظر نحو “ملك” التى مازالت تقف إلى جواره يثنى على ما فعلته للتو ..
مرزوق: يا بت الإيه !!! .. ده أنا صدقتك ..!!!
علت ضحكتها الرقيعه وهى تستطرد …
ملك: عيب عليك يا “زوقه” … إيدك ..
أخرج بعض الأوراق المالية ليدفع بها بيدها الممدوده قائلاً …
مرزوق: مبتنسيش حقك أبداً … بس تستاهلى … خدى .. حلال عليكى …
مرزوق: المهم إنها أخيراً جايه خلاص .. تعبتنى أوى بت اللذينه دى …
____________________________________
شركه الأقصى …
_
جلس “يوسف” بمفرده بالمكتب بعد سفر “شريف” هذا الصباح متذكراً الأيام الماضيه بينه وبين “ورد” بالعديد من المواقف التى أرهقت قلبه المتحير …
يوسف: أنا تعبت و أرهقت أوى من التفكير …. مش قادر أبعد عنها ولا قادر أقرب لها … بس حبيتها وقلبى فعلاً إتعلق بيها …
خلال تلك الأيام وما رآه منها شعر بأن هناك شئ خاطئ ، كيف تكون مستهتره خاطئه ضحت بشرفها وبرائتها كما قال طليقها وهى خجوله لهذا الحد فمن مثلها تكون فتاه لعوب جريئه ليس بها ذرة حياء واحده وهذا ليس بـ”ورد” إطلاقاً…
يوسف : إزاى … أنا مش فاهم ولا داخل عنصر طبيعياغى … “ورد” من النوع الخجول أوى إزاى تكون غلطت مع واحد بالشكل ده … لأ … أنا حاسس إن فيه حاجه غلط …
____________________________________
دعاء ….
إستعدت لمقابله “مرزوق” لأول مره مع إلحاحه الشديد خلال الفتره الماضيه خاصه وأنه أوهمها أن والدته وأخواته يريدون التعرف عليها ، وأنه قد طلب من والدته التقعنصر طبيعي رسمياً لخطبه “دعاء” من أخيها “يوسف” ….
ومع هذا الإلحاح الشديد إضطرت أن تذهب اليوم لإرضاءه فقط وبذلك تثبت له أنها حقاً تثق به …
إستقلت إحدى سيارات الأجرة متجهه نحو العنوان الذى وصفه لها “مرزوق” حتى وصلت إلى البنايه التى وصفها إليها لتجده بالفعل يقف بإنتظارها برفقه إحدى الفتيات والتى أرجحت أن هذه الفتاه بالتأكيد هى أخته “ملك” …
دعاء: دى أكيد “ملك” أخته جت معاه عشان أطمن إنه مش لوحده ….
_
طلبت من السائق أن يتوقف لتترجل من السيارة وهى تعدل من وضع حقيبه كتفها ناظرة بإبتسامه ساذجه تجاه “مرزوق” وأخته …
أقبل “مرزوق” نحوها مرحباً بها قائلاً …
مرزوق: أهلاً “دعاء” .. تعالى أعرفك على “ملك” أختى ….
دعاء : أه طبعاً .. إزيك يا “ملك” ….؟؟
ملك: تمام .. إنتى إزيك …؟؟
دعاء: الحمد لله ..
لتنظر “ملك” تجاه “مرزوق” قائله بمجامله لطيفه ….
ملك: لا يا “مرزوق” .. دى زى القمر .. أحلى من وصفك ليها بكتير …. ده يا ستى مش مبطل كلام عنك .. لما خلانا مشتاقين أوى نشوفك …
إتسعت إبتسامه “دعاء” لتردف بسعادة بالغه …
دعاء : بجد …!!
_
ملك: أه طبعاً .. وماما مستنياكى فوق … يلا بينا …
دعاء: أه تمام …
بعتاب لطيف أردف “مرزوق” مازحاً …
مرزوق: خلاص إتصاحبتم ونسيتونى ولا إيه ….؟؟
ضحكت كلتاهما على إسلوب “مرزوق” اللطيف لتأشر لها “ملك” بالتقعنصر طبيعي إلى داخل البنايه …
خطت “دعاء” بضع خطوات قبل أن تتلفت “ملك” يميناً ويساراً وهى تأشر لـ”مرزوق” بعينيها غامزة ليومئ لها بالتفهم …
أخرجت “ملك” قطعه من القماش من داخل حقيبتها ووضعتها بسرعه فوق أنف “دعاء” التى شعرت بتثاقل شديد برأسها فى الحال ودارت الدنيا بها وأصبحت رؤيتها ضبابيه للغايه ، تراخى جسدها على الفور ليلقفها “مرزوق” فوق ذراعه ليسندها من جانب و”ملك” من الجانب الآخر ….
شعرت “ملك” بثقل جسد “دعاء” فوق كتفها لتهتف بععنصر طبيعي تحمل وهى تبتعد عن جسد “دعاء” المتراخى قائله بتهرب …
ملك: أنا كده عملت إللى عليا .. أنا حمشى عشان إتإخرت وأنت براحتك بقى يا “زوقه” …
لم تمهله حتى فرصه للحديث وإختفت تماماً من أمامه ليبقى بمفرده يحاول الوصول إلى المصعد لوضع “دعاء” به ليصعد نحو شقته حين باغته فجأه رجل ما من الخلف …..
_
____________________________________
ورد …
بموعدها اليومى تجهزت “ورد” للذهاب للمستشفى لكنها لم تذهب إلى هناك اليوم و إستقلت إحدى سيارات الأجرة لمراقبه “دعاء” بعد أن تأكدت إنها ستقابل شاب ما مما سمعته منها عبر مكالمتها الاخيرة وتوجس قلبها بععنصر طبيعي إطمئنان لما سيحدث …
كانت تتابع “دعاء” حين إلتقت بأحد الشباب ومعه فتاه أخرى وبعد قليل شاهدتهم وهم يحاولون تخديرها والزج بها لداخل البنايه …
إتسعت عينا “ورد” بفزع فقد أيقنت أن هذا الشاب سيؤذى “دعاء” حتماً ، لم تجد من تستنجد به سوى سائق هذه السيارة لتترجاه بنبره متتفكير متأنيه ….
ورد : لو سمحت … البنت دى أختى وشكلهم خدروها … ممكن تساعدنى نجيبها نروحها البيت ..!!
ثارت العنصر طبيعياء بعروق هذا الرجل الشهم وإعتبرها بمثابه إبنته ليفزع لها بقوة …
السائق: طبعاً يا بنتى .. ربنا يستر على بناتنا وينتقم من الأشكال دى ….
أسرع السائق ومن خلفه “ورد” نحو “مرزوق” الذى كان قد إستطاع الوصل إلى المصعد بالفعل ، أمسكه من ذراعه ونقاش جاده نقاش جاده واحده بقوة كانت كفيله بإيقاع “مرزوق” أرضاً فتلك النقاش جاده لم يكن يتوقعها من الأساس ….
هوت دعاء أرضاً حين تركها “مرزوق” فأسرع السائق بحملها عائداً إلى السيارة واضعاً إياها إلى جوار “ورد” ليعودا من حيث أتيا …
_
مر كل ذلك أمام نظر “مرزوق” المندهش دون أن يتحرك حركه واحده من مكانه ربما دهشه وربما تفكير متأني ….
____________________________________
شقه يوسف …
توقفت السيارة أمام البيت الذى يقطنا به ليخرج السائق مرة أخرى حاملاً “دعاء” للأعلى لمساعدة “ورد” التى لن تقدر على حملها …
دلفت “ورد” إلى الداخل وهى تفسح مجالاً له لوضع “دعاء” فوق الأريكة بالصاله تشكره بإمتنان …
ورد : شكراً لحضرتك على وقفتك معايا …
السائق: أنا عندى قدها ربنا يسلمهم كلهم يا رب …
ورد: آمين يا رب ….
____________________________________
أم يوسف …
_
تلك الأصوات الغريبه التى سمعتها بالخارج جعلها تقلق للغايه لتنادى بصوت مسموع …
ام يوسف: يا “دعاء”…. يا “ورد” ….
إنتبهت “ورد” لندائها فدلفت إلى غرفتها على الفور …
ورد: خير يا ماما محتاجه حاجه …؟؟
ام يوسف: لا يا بنتى .. سمعت صوت غريب بس … مين إللى بره …؟؟
تفكرت “ورد” لوهله ولم تشأ أن تقلقها فأردفت مبرره …
ورد: أبداً يا ماما دى “دعاء” … داخت وهى رايحه الكليه فإتصلت بيا رحت جبتها وسايباها ترتاح بره ….
ام يوسف: بجد … وهى كويسه …
ورد: الحمد لله … متقلقيش أنا معاها …
أم يوسف: تاعبينك معانا يا بنتى والله …
_
ورد: متقوليش كده يا ماما .. أنا بعتبر “دعاء” أختى الصغيره بجد …
ام يوسف: ربنا يفرح قلبك يا بنتى …
ورد: حروح بقى أطمن على “دعاء” …
____________________________________
دعاء …
بدأت تستفيق من أثر ذلك المخدر لتشعر بدوار رهيب يجتاح رأسها ، وضعت كفها بتألم فوق جبهتها لتنتبه بفزع لما حدث …
دعاء: أه يا راسى … إيه ده …؟؟ أنا فين …؟؟
إنتفضت جالسه وهى تتذكر ما حدث مع “مرزوق” و”ملك” لكنها وجدت نفسها بمنزلهم و “ورد” تجلس إلى جوارها تطمئنها بإبتسامتها العذبه ..
ورد: متخفيش يا “دعاء” ربنا ستر حبيبتى … إطمنى إنتى فى بيتك …
إتسعت عيناها بذعر وهى تهتف بإنفعال متتفكير متأني …
_
دعاء : حصل إيه ….؟؟؟
ورد: متخافيش … أنا كنت ماشيه وراكى بالتاكسى ولما شفتهم بيخدروكى نزلت وجبناكى على هنا على طول ….
تجربه قاسيه لم تستطع تحملها لتنهار باكيه فلم تفكر للحظه بأن “مرزوق” قد يخفى تلك النوايا الخبيثه بداخله ، يتظاهر بالمحبه وهو ثعبان يحيك شرائكه للفتك بها …
دعاء: مكنتش فاكره إن حيحصل كده أبداً …. أبداً … بس اااا … أنتى عرفتى منين ….؟؟
ورد: غصب عنى سمعتك وأنتى بتتكلمى فى التليفون … ومشيت وراكى عشان أطمن عليكى …
وسط عنصر طبيعيوعها المنهمره صمتت للحظه وهى تتطلع نحو “ورد” بنظرة توجس ورجاء …
دعاء: حتقولى لـ”يوسف” ….؟؟
ورد: لأ طبعاً …. المهم أنتى متعمليش كده تانى … و إللى عايزك ييجى هنا لحد بابك غير كده إنتى بتهينى نفسك وتقللى منها ….
شعرت بالخجل من تصرفها الأحمق وإنسياقها خلف هذا التيار الذى كاد أن يسقطها بمجهول لم تكن لتهرب منه لولا إنقاذ “ورد” لها …
دعاء: عندك حق … أنا غلطانه … أنا دايما كنت حاسه أنى بعمل حاجه غلط … بس كنت بحب أوى إنى أحس إنه مهتم بيا وبيحبنى .. كنت عايزة أحس أنى محبوبه كده …
_
ورد: وأنا معاكى أهو أصحاب وأخوات .. لكن متضيعيش نفسك مع حد مش مقدر قيمتك … أنتى غاليه أوى ….
لأول مرة تشعر “ورد” بأنها حكيمه ومؤثرة بمن حولها ، شعرت بقدرتها على التصرف وإنقاذ “دعاء” من بين يدى هذا الغادر ، شعرت بأنها ليست سلبيه لتلك الدرجه بل أن لها القدرة على التصرف بحكمه وأنها مسؤوله عن أخت صغرى وعليها حمايتها …
ألقت “دعاء” بنفسها فوق صدر “ورد” ترتمى بأحضانها باكيه بقوة …
دعاء : أنا بحبك أوى يا “ورد” … يا بخت “يوسف” بيكى …..
إبتسمت “ورد” بخفه حين لاح خيال “يوسف” أمامها حين ذكرته “دعاء” ….
بعد تيقنها أن موعد زيارة والدها الصباحيه قد إنتهت و لم تجد فرصه لزيارته قررت البقاء فـ”يوسف” سيمر به بالمساء وسيطمئنها على حاله وفى الغد عليها زيارته مبكراً عوضاً عن اليوم …
____________________________________
غرفه ورد …
إقترب موعد عودة “يوسف” وهى مازالت تفكر بما فعلته اليوم ، ذلك الأمر البسيط بالنسبه لغيرها لكن ما قامت به أمر لا يمر بتلك السهولة على نفسها …
بعض الثقه بنفسها جعلتها تظن أن هناك أمور أخرى تستطيع القيام بها ولا تنتظر بديل عنها …
_
“يوسف” … هذا الرجل الذى يستحق منها فرصه ليكون له دور بحياتها ، فلا يجب عليها البقاء ساكنه طوال الوقت فربما هو أيضاً ينتظر إشارة منها ليخرج عن صمته وإنتظاره …
لهذا يجب عليها أن تعطيه وتعطى نفسها الفرصه ليعيشوا حياتهم الطبيعيه كزوج وزوجه ….
وقفت أمام خزانه ملابسها لتخرج فستان قصير باللون الأسود ، بتفكير متأني شديد نظرت إليه فهو بمثابه دعوة صريحه لأن يتقعنصر طبيعي “يوسف” بخطوته تجاهها …
حسمت أمرها وإرتدته .. أطلقت شعرها الذهبى بعد أن وضعت القليل من مساحيق التجميل لتطالع مظهرها الجديد بالمرآه لتبتسم برضا عن مظهرها كأنثى جذابه ملفته تنتظر عودة زوجها الحبيب ، شعور رائع تشعر به لأول مرة بحياتها …
____________________________________
يوسف …
بعد مروره بالمستشفى وزيارة “عبد المقصود” زيارته اليوميه عاد إلى البيت ليجد والدته وأخته فقط يطالعان التلفاز فدلف تجاههم ملقياً التحيه بهدوئه المميز …
يوسف: السلام عليكم ..
” وعليكم السلام ….”
يوسف: أمال فين “ورد” النهارده مش قاعده معاكم ليه …؟!!
_
دعاء: فى أوضتكم جوة …
نظر تجاه قعنصر طبيعي والدته مطمئناً أولاً …
يوسف : أخبار رجلك اغيه النهارده يا ماما …؟؟
ام يوسف: الحمد لله إتحسنت كتير .. والله كتر خيرها “ورد” مش مخليانى أقوم أعمل حاجه … ربنا يبارك فيها …
يوسف: طيب حروح أطمن عليها وأرجعلكم …
خطا بضعه خطوات تجاه غرفتهم وهو يريد بالفعل الإطمئنان عليها دون معرفه سبب ذلك لكنه أراد رؤيتها أولاً قبل أى شئ ليتسائل بداخله … أليس كل ما يربطهم إلزام طلب والدها .. أم أن قلبه الضعيف هو الذى لا يستطيع السيطره عليه بعقله وتفكيره القوى …
مجرد سماع صوته بالخارج جعل قلبه تزداد نبضاته بقوة لتلقى نظرة أخيرة على مظهرها بالمرآه لتتأكد من أن كل شئ كما أرادت تماماً …
طرق “يوسف” باب الغرفه ليسمع صوتها تسمح له بالدخول ، بلحظه رفع بها عيناه تجاهها لتسقط كل أفكاره المتخبطه ببئر عميق ولا يرى أمام عيناه سوى هذه الحوريه الجميله …
إبتلع ريقه فى توتر فـ”ورد” جميله بطبعها ، لكنها اليوم إزدادت جمالاً وأنوثه أطاحت بقلبه وعقله معاً بموجه عاليه من الحُسن والرقه لا يتحملها قلبه الضعيف …
تعالت دقات قلبه لحظه رؤيتها تبتسم له بعذوبتها الراقيه تسمر بمكانه محاولاً إيجاد كلماته التى تبخرت تماماً وضاعت منه متأملاً حسنها الفتاك ليردف بتلعثم ….
_
يوسف: أأااا .. إزيك ….!!
ورد بخجل : الحمد لله .. إزيك أنت …؟!!
مسح “يوسف” وجهه بكفه بتوتر قائلاً بداخله “يا نهار إسود ومنيل .. إمسك نفسك يا “يوسف” …. مينفعش … مينفعش …”
رققت “ورد” من صوتها العذب لتطيح بآخر ما إستطاع من تحمل وقوة وهى تردف بدلال ونعومه …
ورد : أحضر لك الأكل ..
فغر فاه قائلاً بتشتت دون الإنتباه لما تفوهت به حقاً فقد أصبح كالمسحور لا يقوى على الفهم ولا الحركه …
يوسف: نعم …!!
دنت “ورد” بإقترابها بخطوات قليله ليستمع إليها “يوسف” جيداً تحاول إيصال صوتها المرتجف إلى مسامع “يوسف” مره أخرى …
ورد: أحضر لك الأكل …؟!!!
يوسف بتوتر : أكل .. أكل إيه بس …
_
تلعثمه وتوتره جعلها تشعر بسعادة كبرى لا تدرك سببها لكنها كانت مستمتعه بذلك للغايه …
إبتسمت له برقه ليخطو بإتجاهها خطوتين مقترباً منها مغيباً تماماً …
لكن ليس كل ما يشتهيه المرء يدركه فعقله مسلط عليه ليستمع بتلك اللحظه التى كادت لا تفصله عنها سوى خطوة واخلاف بسيط وتصبح ملك يديه لصوت هذا المنفر “حسام” بحديثه الشنيع عنها ليله زفافهم يتفكير متأني بأذناه …
قبض قبضته بضيق وغيظ وأخذ يتراجع بخطواته نحو الخلف مغمضاً عيناه ليسيطر على قلبه الهائم بحبها وينأى بكرامته فى عزله بعيده عنها محدثاً نفسه يؤنبها بخلاف بسيط …
” متنساش نفسك … مهما كان مينفعش … دى هنا مجرد أمانه … أمانه وبس …”
•• الفصل الثالث والعشرون ••
•• إنه رداً للجميل ….!!! ••
ليس كل ما يشتهيه المرء يدركه …
ليتنى لم أحبك إلى هذا الحد ، فقد أوشك عقلى على الجنون ، بل يا ليتنى لم أسمع له بتلك الليله …
لا لن أقوى على العيش بدون حبك فيوم عرفتك أدركت أننى على قيد الحياة …
_
توقف “يوسف” ساهماً وهو ينحى عيناه عنها قبل أن يبتعد هارباً من سيطرة قلبه قائلاً بنبره متجهمه …
يوسف : ماشى يا “ورد” … حضرى الأكل …
تلاشت إبتسامتها تدريجياً وهى تراه يبتعد عنها بتلك الصورة ، شعرت بغصه فى حلقها فهى لم تتوقع أن تكون تلك خطوته ، أن ينفر منها لهذا الحد …
شعرت بفرض نفسها عليه بصورة جعلتها تشمئز من نفسها ، قبض قلبها وتهدجت أنفاسها بضيق بالغ لتمنع تلك العبرة من السقوط ، لقد حاربت نفسها لأجله ، رفضت كل شئ وتقبلته هو فقط …
يجب أن تهرب قبل أن يرى ضعفها ، ستظهر ععنصر طبيعي تأثرها … يجب أن تكون لا تهتم …
أومأت رأسها بخفه قبل أن تسحب روبها المعلق لترتديه تخفى أثار إزلالها أمام نفسها وخرجت مسرعه من الغرفه فقد أمسكت عنصر طبيعيوعها ألا تخونها بقوة حتى خرجت من الغرفه …
وضعت كفها فوق فمها تمنع تلك الشهقه الحزينه من الخروج محاوله ضبط تنفسها ضاغطه بقوة بعينيها حتى لا تذرف العنصر طبيعيوع ويلاحظوا ما أحل بها …
تمالكت نفسها قليلاً وإتجهت نحو المطبخ تحضر له الطعام وهى تلوم نفسها بشدة فياليتها لم تفكر بمبادرته من تلقاء نفسها …
هوى “يوسف” بجسدة فوق الفراش محاولاً السيطره على قلبه المتمرد المعلن حبها ..
يوسف: مش قادر … مش عارف أعمل إيه .. بحبك ومش قادر أقرب .. ولا قادر أبعد ….
_
إنتهت تلك الليله الحزينه بتناول “يوسف” الطعام بدون شهيه مطلقاً ليهرب مدعياً النوم كالعاده على الأريكة حتى يتجنب عيناها المتسائلتان عما بدر منه منذ قليل ….
تطلعت نحوه لفتره تظن أنه قد خلد للنوم ليجول بخاطرها تساؤل وحيرة …
” هو للدرجه دى لسه زعلان من يومها معقول !!!! … لدرجة إنه يبعد عنى بالصورة دى ؟!!! … أنا مش فاهمه ..؟؟؟!”
____________________________________
اليوم التالى …
استيقظ “يوسف” مبكراً للغايه ناظراً نحو تلك النائمه بهدوء بنظرات معتذره ليهم بالخروج بتعجل قبل أن تستيقظ ويرى عيناها المعاتبتان مرة أخرى …
توجه إلى الشركه التى لم يأت موظفيها بعد ليبقى بمكتبه حبيس أفكاره التعيسه …
يوسف: ما أنا لو أقدر أشيل كلام طليقها ده من عنصر طبيعياغى …!!!.. أوووف كان لازم كلامه يرن فى ودانى ويفكرنى … يااه … تعبت ….
إنتبه لرنين هاتفه برقم “عبد المقصود” ليضيق عيناه بإستراب من هذا الإتصال المبكر للغايه …
يوسف: السلام عليكم …
_
ابو ورد بإعياء : وعليكم السلام …
يوسف بقلق : حضرتك كويس يا عمى محتاج حاجه …؟!!
ابو ورد: عايز أشوفك ضرورى يا “يوسف”…
يوسف: طبعاً .. أنا قدامى ساعه بالكتير أستأذن بس من الشركه وأبقى عند حضرتك ..
ابو ورد: منتظرك .. إن شاء الله ….
أقلقته تلك المكالمه للغايه فـ”عبد المقصود” لا يحدثه بالهاتف إلا للضرورة ، وطلبه له بهذا الشكل يوحى بأمر عظيم قد حدث ليردف بقلق عارم …
يوسف : ربنا يستر .. شكله متعب قليلاً أوى … حتى إمبارح كان نايم من المخدر إللى بياخده من كتر الألم …
____________________________________
شقه يوسف …
بطبعها المتسامح ونظرتها المتفائله للأمور شردت “ورد” قليلاً بما حدث بالأمس قائله لنفسها تبرر رد فعله بتجنبها بتلك الصورة …
_
ورد : يمكن لسه خايف ليضايقنى … مش عارفه ؟!! .. أنا بجد حبيته ونفسى أشوفه مبسوط .. والدنيا تبقى طبيعيه بينا .. على كل حال نستنى شويه أكيد كل حاجه حتتصلح ….
أقوم بقى أروح لبابا كفايه مشفتهوش إمبارح ولا عرفت أطمن عليه ….
شعرت بالرضا لهذا السبب الذى بررت به موقف “يوسف” معها لتنهض من جلستها لتبدل ملابسها وتتجه للمستشفى للإطمئنان على والدها …
____________________________________
المستشفى ….
فور أن تحصل “يوسف” على وقت أسرع بإتجاه المستشفى القريبه من الشركه كما طلب منه “عبد المقصود” …
دلف للغرفه متناسياً أفكاره وتخبطه وقد رسم إبتسامه على ثغرة لمقابله هذا الرجل الطيب ..
يوسف: السلام عليكم .. أخبارك إيه يا عمى …؟؟
ابو ورد: الحمد لله يا إبنى … أقعد يا “يوسف” …
كانت ملامح “عبد المقصود” تتسم بالجديه التامه وبعض الاقتضاب ليسحب “يوسف” المقعد بالقرب من “عبد المقصود” متسائلاً بقلق وهو يتخذ مجلسه فوق المقعد …
_
يوسف : خير يا عمى … فيه إيه … شكلك فيه حاجه … قلقتنى …!!!!
إعتدل “عبد المقصود” بإعياء مستكملاً حديثه بجديه تامه …
ابو ورد: أنا جايبك النهارده عشان أكلمك فى موضع ضرورى … أنا خلاص حاسس إن أجلى قرب وكان لازم أتكلم معاك …
يوسف : بعد الشر على حضرتك يا عمى … ربنا يديك الصحه وطوله العمر …
أبو ورد : إسمعنى بس …
___________________________________
بهذا التوقيت كانت “ورد” قد وصلت بالفعل إلى المستشفى صاعدة درجات السلم لزيارة والدها بغرفته دون علمها إطلاقاً بأن والدها طلب مقابله “يوسف” وهو معه الآن يتحدثان سوياً …
إتخذت خطواتها بخفه بهذا الرواق الطويل حتى وصلت للغرفه والتى سرعان ما إنتبهت لصوت “يوسف” بالداخل …
وضعت كفها فوق المقبض لتدلف للداخل حين إستمعت مصادفه لحديث والدها الذى لا يعلم بوجودها بعد ..
ابو ورد: أنا عارف يا إبنى أنى أنا إللى طلبت منك تتجوز “ورد” عشان تاخد بالك منها وتحميها … وإن إنت بترد لى الجميل إللى عملته معاك ….
_
يوسف بإمتنان : حضرتك إللى عملته معايا مكنش حاجه بسيطه …
توقف بها الزمن وهى تستمع لما تفوه به والدها للتو …
تراجعت لخطوات بصعنصر طبيعيه غير مصدقه إطلاقاً أن والدها قد فعل بها هذا ، لم حط من قدرها بهذا الشكل …؟!! لم فرضها بالقوة على “يوسف” …؟!!
فهذا هو سبب نفوره منها وتجنبها … فزواجه منها ما كان إلا رداً للجميل ، لم يكن حباً على الإطلاق …
الآن قد فهمت … أننى لا أساوي حباً … بل واجب مفروض …
عادت بطريقها الذى لا تبصره بتلك الغشاوة التى طغت فوق عينيها فإنهمرت عنصر طبيعيوعها بألم ، صعنصر طبيعيه قاسيه لقلبها الذى عشقه لتمزق روحها مرة أخرى …
___________________________________
المستشفى …
بقناعه حقيقيه أوضح “يوسف” أن قبوله زواجه من “ورد” ليس فقط رداً للجميل بل لعشق دب بقلبه تجاهها …
يوسف: لكن يا عمى أنا متجوزتش “ورد” عشان رد الجميل بس … أنا فعلاً حبيتها …. وعايز أكمل معاها .. منكرش على حضرتك إن موضوع جوازها الأولانى ده كان عاملى مشكله نفسيه فى الأول ….
_
قاطعه ابو ورد: موضوع جوازها الأولانى ده كان فرض منى عليها .. عايزك تنساه وتخليها هى كمان تنساه …. أنا جايبك مخصوص هنا عشان الموضوع ده …
بإستراب شديد تسائل “يوسف” ..
يوسف: جايبنى عشان موضوع جوازها …؟؟؟!!!
ابو ورد: لأ … عشان “حسام” وأمه … أينعم أم “حسام” كانت مراتى … بس هى خدعتنى وفهمتنى إن “محمد” إبنى … لكن خدعتنى وكذبت عليا وطلع مش إبنى وأنها أخدته من أمه الحقيقيه وفهمتنى أنه إبنى … كمان يوم ما فهمتنى إن ابنها راجل كويس وطلع زيها كداب ومخادع … كل همهم إنهم ياخدوا فلوس “ورد”…
إندهش “يوسف” من سيل الحقائق التى يقذف بها “عبد المقصود” بوجهه …
ألهذه الدرجه شر النفوس … أن تأتى بطفل ليس بولدها وتدعى ذلك طامعه بحصولها على مالهم …
يوسف: يا ساتر يا رب .. يعنى “محمد” مش إبنك ….؟؟!!!!! معقوله دى …
ابو ورد: للأسف … “محمد” مش إبنى .. لكنه طفل برئ “نجاح” المربيه حتاخد بالها منه … إللى أنا جايبك عشانه دلوقتى … “حسام” وامه … كانوا عايزين يعملوا أى حاجه ويوقعوا “ورد” ويضحكوا عليها عشان يرجعوها تانى لـ”حسام” وياخدوا فلوسها عشان كده طلبت منك تتجوزها بعد العِده على طول …. وسافرت أنا وهى من غير ما حد يعرف عشان تعدى أيام العِده وميعرفوش يوصلوا لها …
يوسف: عشان كده سافرت إسكندريه إنت و”ورد” ..؟
ابو ورد: أيوة … خد بالك أوى يا “يوسف” “حسام” وأمه دول خبثاء … فيهم شر وحقد … عايزك كمان تخلى “ورد” تحرص منهم دول عندهم إستعداد يعملوا أى حاجه تأذى “ورد” …
_
بوعد حقيقى نابع من قلبه أردف “يوسف” بقوة وجسارة …
يوسف: متخفش يا عمى “ورد” فى قلبى وفى حمايتى وعمر ما حد حيقدر يأذيها أبداً وأنا موجود …
تنفس “عبد المقصود” براحه بعد أن أوضح كل شئ لـ”يوسف” وإطمئن بوعده له بالحفاظ على إبنته فهو رجل صلب وقادر على الإلتزام بوعده ..
ابو ورد: الحمد لله .. أنا كده إرتحت …
أنهى “عبد المقصود” وصيته ليخلد لراحته فيما عاد “يوسف” لعمله مرة أخرى …
____________________________________
شقه يوسف …
بصمت ملفت للنظر وملامح صامته متجهمه دلفت “ورد” إلى داخل الشقه متجهه نحو غرفتها مباشرة وسط تعجب ام “يوسف” و”دعاء” لتدير “دعاء” وجهها تجاه والدتها متسائله بإستراب عن ضيق “ورد” الشديد …
دعاء: هى “ورد” مالها يا ماما ….؟؟
ام يوسف: يمكن متعب قليلاًه ولا حاجه يا بنتى …!!!
_
دعاء: يمكن .. أدخلها أطمن عليها …؟!!!
ام يوسف: سيبيها ترتاح شويه وبعدين إدخلى لها .. هى أكيد زعلانه على باباها ما هى كانت عنده فى المستشفى …
دعاء:ربنا يشفيه … “ورد” تستاهل كل خير والله …
ام يوسف: أه والله يا بنتى … ده لو “يوسف” كان لف الدنيا بحالها مكنش حيلاقى زيها أبداً …
أغلقت “ورد” باب غرفتها من خلفها لتستند عليه بإستسلام لكل تلك الأشواك التى لا تنتهى من حياتها ، متى ستشعر بالفرح مثل بقيه الفتيات … هل كتب عليها الشقاء بحياتها وان كل حظها بالدنيا تمثل بملامحها الجميله فقط ..
ليتهم يعلمون أنه ليس كل ما هو جميل بالخارج هو بالطبع جميل من الداخل … ليتها لم تكن بهذا الجمال وتكون سعيده راضيه ..
صدق من قال أن للكل نصيب متساوٍ فى الدنيا لا ينقص من أحد شئ عن الآخر لكن تختلف قسمته ….
تهدلت ملامحها بحزن وهى تحدث نفسها التعيسه …
” يعنى كان رد للجميل … محبنيش أساساً !!!! … تانى يا بابا .. تانى تظلمنى … وتظلمه هو كمان معايا … هو أكيد مجبر عليا … بس كفايه كده .. مينفعش يتحملنى وأكون حمل زياده عليه هو ميستحقش كدة … لازم يشوف حياته ويحب ويتجوز بجد مش يتربط نصيبه بواحده ولا عايزها ولا بيحبها لمجرد رد الجميل وبس …”
يكفيها أن تشعر بسعادته فهو إنسان رائع يستحق ذلك ، لقد أحبته بالفعل لدرجه أن تضحى بسعادتها بقربه لأجل سعادته ولو كان ذلك على حساب فراقه للأبد …
_
إنهمرت عنصر طبيعيوعها لمجرد تفكيرها بالبعد عنه وأن أخرى سيكون محلها بقربه زوجه له ، لكنها لن تكون بتلك الأنانيه فعليه أن يحب ويتزوج ويسعد بحياته وعليها التضحيه لأجله …
” هو كان كويس أوى معايا … مينفعش أنا كمان أكون أنانيه بالشكل ده …. لازم لما ييجى أحط النقط على الحروف ….”
___________________________________
شركة الأقصى …
ظل لساعات يفكر بحديث “عبد المقصود” له ليفاجئ بمن يقطع أفكاره مهللاً بصخب …
شريف: أنا جيت … وحشتنى يا أخى الشويه دول …
بتفاجؤ بعودة “شريف” بتلك السرعه من سفرته أردف “يوسف” متحمداً على سلامته …
يوسف: شريف ….!! حمد الله على السلامه .. جيت إمتى …؟؟
شريف: إمبارح بالليل …
يوسف: ها … وعملت إيه …؟؟
_
مد “شريف” كفه الأيمن أمام مرأى “يوسف” مردفاً بإبتسامه واسعه وحماس مفرط …
شريف: مش شايف الدبله منوره فى إيدى إزاى …
يوسف: أه صحيح .. مبروك … و حددتم معاد الفرح …؟؟!!
شريف: إن شاء الله كمان شهرين تقريباً ….
يوسف: وحتعملوة فين بقى …؟؟
شريف: لا هنا طبعاً .. عشان أهلنا كلهم هنا …
يوسف: كويس عشان أقدر أحضر الفرح …
توقع “شريف” أن خبر خطبته سيسعد “يوسف” كثيراً ، لكن ردوده المقتضبه وملامحه المتجهمه أثارت فضول “شريف” كثيراً ليتسائل بإنزعاج …
شريف: مالك …. حاسس إنك مش مبسوط كدة ….؟!!!
يوسف: أبو “ورد” متعب قليلاً أوى … كنت لسه عنده فى المستشفى … طلبنى مخصوص عشان يوصينى على “ورد” و …..
_
شريف: و … إيه … !!! مالك وقفت كلامك كدة …؟!!
إنتبه “يوسف” حين بدأت كلمات “عبد المقصود” تتفكير متأني مرة أخرى بعقله محاولاً ربط بين بعض الأحداث بعضها البعض …
أخذ يتحدث بكلمات مشتته لم يستطع “شريف” فهم مقصده منها …
يوسف: “حسام” عايز يأذى “ورد” ..!!! … وممكن يحاول يعمل أى حاجه عشان يرجعها …. !!!!!!
إتسعت عينا “يوسف” بذهول مكرراً كلماته بشرود …
يوسف : يرجعها …….؟!!! يعنى ممكن يكدب عادى … يعنى يضحك عليا بكلام محصلش …..!!!!
يبدو أنه أخيراً فهم مقصد هذا الدنئ بتلك الليله ، فما كان ناصحاً بل مفسداً زيجتهم لنزع “ورد” منه ، نعم … هو فعل ذلك ليعيدها إليه …
نهض “يوسف” بقوة وقد علت عيناه نظرات غاضبه وهو يكور قبضه يده بإنفعال قبل أن يخطو بضع خطوات لخارج المكتب وسط هتاف “شريف” به …
شريف: ايه إللى حصل …. يا “يوسف” … إنت رايح فين ….؟؟
أجابه “يوسف” دون النظر إليه وهو يخرج بعجاله بخطوات تميل للركض …
_
يوسف: رايح أتأكد من حاجه .. ويا ويله منى لو كان كدب عليا ..
بثوان كان “يوسف” قد غاب عن ناظره ليتمتم بععنصر طبيعي فهم …
شريف: هو مين ده ؟!! .. هى إيه الحكايه بالضبط …؟!!!
____________________________________
لم يكن من الصعب على “يوسف” التوصل لعنوان إقامه “حسام” ليتجه نحو شقته مباشرة فلن يتركه اليوم دون أن يتأكد من كل شئ تخبط به بأيامه السابقه …
شقه حسام …
بعقل غير واعٍ جلس “حسام” يسند رأسه للخلف بعد تناوله لتلك الجرعه المخدرة مستمتعاً بنشوة لحظيه إثرها …
إنتبه بتثاقل لطرقات عنيفه فوق باب شقته ليستند بترنح عدة خطوات حتى يتحرك نحو باب الشقه فربما تكون والدته قد عادت …
جحظت عيناه بتتفكير متأني وهو يرى “يوسف” يقف ببابه تعلو عيناه تلك النظرات الغاضبه يكاد الشرر يخرج منهما ليفزع “حسام” برؤيته متراجعاً لعدة خطوات للخلف هارباً من “يوسف” ….
لم يكن الإمساك به من الصعوبة على “يوسف” ليقبض مقعنصر طبيعيه ملابس بين قبضته القويه ثم يدفع به تجاه الحائط بقوة ليصطعنصر طبيعي ظهره النحيل به متأوهاً بتألم …
_
رؤيته يتهرب منه بتلك الصورة أيقن بداخله أن هذا الفأر ما هو إلا كاذب مفترى على “ورد” ، كيف سمح له ولنفسه بتصديق هذا الإدعاء المجحف عليها وعلى شرفها …
دنا “يوسف” بقوة من “حسام” حتى شعر الثانى بضئالته أمامه متيقناً أن حتى هواء تنفسه الحار يشعر به “حسام” بقوة …
تحجر ريقه بتتفكير متأني وعلت عيناه نظرات هلعه مما سوف يفعله به هذا القوى حين إحتدت عيناه بقوة ولاحت ببريق غاضب أطاح بتماسك “حسام” حين بدأ “يوسف” بالصراخ به بارتباك …
تحول “يوسف” بلحظه لشخص مخيف للغايه تفاجئ بنفسه يخرج هذا الكم الغاضب بصوت هادر لخداع هذا الدنئ له ليردف بخلاف بسيط …
يوسف : أنت يا كداب يا **** … إزاى تقولى كده على “ورد” …. إزاى جت لك الجرأة حتى … إنطق …؟؟
شعر “حسام” بالإختناق من إحكام قبضه “يوسف” حول ملابسه المحيطه بعنقه وأيقن بهلع أن “يوسف” سيأذى طفيفه الآن بعد تأكد كذبه لينهار معترفاً بكل شئ ليحفظ حياته التى ستضيع بين قبضه هذا القوى الشرس …
حسام بتلعثم : كان ااا …. كان … لازم أقولك كده أنا .. أنا كنت عاوزها … كنت … عاوز أرجعها تانى .. هى عجبانى … وخصوصاً إن محصلش بينا حاجه … و زى مانت عارف هى لسه بنت .. أنا معرفتش ألمسها يوم دخلتنا … أنا … أنا …. حصلت ظروف ومقدرتش … بس أنا كنت عايز أرجعها تانى … لقيتك حتتجوزها .. مكنش فيه حل تانى قدامى إلا أنى أتبلى عليها كده ….. عشان تطلقها و أرجعها أنا ليا .. بس أنت مطلقتهاش !!!! … مع كل إللى قلتهولك ده .. إنت مطلقتهاش !!!!! … وسكت بعدها لأنى إتأكدت إنك أكيد عرفت إنها بنت ومحدش لمسها ….
صعنصر طبيعي “يوسف” من كم هذه الحقائق التى تظهر أمامه بصورة مفاجئة صاعنصر طبيعيه ومفرحه فى نفس الوقت … كما صعنصر طبيعي من كذب هذا المحتال عليه وجعله يبتعد عن محبوبته كل هذا الوقت …
تركه “يوسف” بارتباك دافعاً له بقوة ليسقط “حسام” على الأرض مرتعباً يتابع “يوسف” الذى خرج مسرعاً من شقته ليهرع بإتجاه الباب يغلقه بقوة تفكير متأنياً من عودته …
___________________________________
_
إحساس مضطرب غريب إجتاحه بين نشوة وفرحه ملأت صدره فلا شئ سيعوقه الآن أمام حبيبته فكل ما عرفه عنها ما هو الغا مجرد إفتراء وكذب …
بالطبع كان لابد وأن يتوقع ذلك فكل ما فيها يوحى بالصدق والعفه ….
كيف صدق هذا المحتال !!!! … لكنه الآن .. يجب أن يعترف لها بحبه المتيم … فهو لا يعشق سوى “ورد” …. آن الأوان لنفض هذه الأشواك التى جرحتهم وعليهم البحث عن السعاده …
____________________________________
حسام …
أسرع “حسام” ومازال التفكير متأني يعلق بروحه يتصل بوالدته يخبرها بما حدث مع “يوسف” ..
حسام: أيوة يا ماما .. يوسف كان هنا …
ام حسام: هنا … هنا بيعمل إيه … وعملت معاه إيه …؟؟؟
حسام: أنا خفت منه أوى … وقلتله أنى …. كذبت عليه …
ام حسام: لاااااااا … ده كده صعبها علينا أوى … أنا جايه لك …
_
حسام: ماشى مستنيكى ..
أغلق “حسام” الهاتف مع والدته وتوجه مسرعاً نحو زجاجاته الملقاه يبحث عن ملذاته هرباً من إرتعابه مما حدث مع “يوسف” وأخذ يشرب من إحدى الزجاجات بشراهه حتى أصبح سكيرا فى اللاوعى غير مدركاً لما يحدث حوله ….
____________________________________
يوسف …
سار بطريقه عازماً على إصلاح ما أفسده بسبب هذا الحقير المدعو “حسام” ، فاليوم سيسترد حياته وزوجته بععنصر طبيعيا أدخل عديم الأخلاق هذا الشك بقلبه ناحيه “ورد” ، سيطلق العنان لقلبه وكفى …..
____________________________________
شقه يوسف …
إنتظرت “ورد” مرور الوقت البطئ حتى يعود “يوسف” إلى البيت فى المساء لتضع حد لما فعله والدها مع “يوسف” ..
هذا الشخص ذو المروءة والاخلاق حافظ الجميل يجب ألا يظلم لأكثر من ذلك بسببها وبسبب طلب والدها ، فحياءه منعه من الرفض وما أخذ بسيف الحياء فهو باطل وهى لن ترضى بذلك …
وصل “يوسف” إلى البيت محملاً بشوق أخفاه بقلبه لفترة طويلة ، هرول مسرعاً نحو شقتهم غير قادر على الإنتظار أكثر من ذلك …
_
دلف ناهجاً لخطواته المتسارعه ليجد والدته وأخته “دعاء” بغرفه المعيشه لتندهشا لعودته بمثل هذا الوقت ….
ام يوسف: إيه ده …. إيه إللى جايبك بدرى يا “يوسف” …. ؟؟ أنت متعب قليلاً ولا حاجه ….؟؟
يوسف: أبداً يا ماما .. أنا بخير .. أمال فين “ورد” ….؟؟
ام يوسف: فى الأوضه جوة يا بنى .. باين عليها متعب قليلاًه ولا حاجه …
يوسف بقلق: متعب قليلاًه .. ليه مالها …؟؟
دعاء: مش عارفين والله يا “يوسف” … إدخل شوفها وإطمن عليها …
أومئ بخفه إيجاباً فهو بالفعل لا يحتمل الإبتعاد عنها لأكثر من ذلك …
توقف للحظه يستجمع رباط جأشه أمام باب غرفتهما ثم أمسك بمقبض الباب بتوتر لهذه المقابله الحاسمه أخيراً بعد عناء طويل …
•• الفصل الرابع والعشرون ••
•• الجزاء من جنس العمل …••
_
يوسف …
بدقات قلب مندفعه وقف ببابها فما يفصله عنها سوى قطعه خشبيه فقط ، خطوات بينه وبين راحه قلبه ، بدقات خفيفه طرق الباب يستمع لصوتها الهادئ تسمح بالدخول …
فتح “يوسف” الباب برفق يبحث بعيناه المشتاقتان عن معشوقته الرقيقه …
نظرت “ورد” تجاه الطارق ولم تتوقع أن “يوسف” قد عاد مبكراً لتهمس بإسمه الذى دق حروفه بقلبها أولاً ..
ورد بهمس: يوسف …!!!
رؤيتها فقط زلزلت كيانه وهى تهمس نطقاً بإسمه من بين شفاهها لتتلاشى كل الكلمات التى حضرها طوال الطريق ، فمن هذا القوى الذى يتحمل عذوبه كهذه ليبقى صامداً …
وجهها الشاحب وملامحها التى تجهمت فجأه أقلقه للغايه ليتسائل بتتفكير متأني …
يوسف: مالك يا “ورد” …. ؟؟ أنتى متعب قليلاًه … ؟؟
تشتت نظراتها بعيداً عن خاصته التى تربكها وتسحبها بطريقها إليه ، هذا الطريق الذى يجب أن تنأى عنه ، أردفت بنبرة حزينه منكسرة …
ورد : لأ .. مش متعب قليلاًه …
_
إقترب عدة خطوات وهى يكمل بإهتمام …
يوسف: أصل ماما و”دعاء” قالولى إنك شكلك متعب قليلاًه ..
ورد: لا متقلقش .. أنا كويسه ….
طريقتها مختلفه للغايه ، حديثها جاف لحد بعيد ، كانت ردودها مختلفه عن طبيعتها التى إعتاد عليها كما لو أن هناك ما يؤرقها أو يضايقها …
يوسف: مالك يا “ورد” ؟؟ فيكى إيه …؟؟؟
إتجهت بزرقاوتيها تجاهه بصمت لتدور برأسها التساؤلات … هل عليها أن تخبره الآن أم لا … فإخباره يعنى ضياعه منها للأبد ….. هل هى بالقوة الآن لهذا الحسم ؟؟!! … لكن لا … لابد من هذه المواجهه وألا تتحلى بالأنانيه … فقد فعل معها الكثير ولا يستحق أن يظلم بعد الآن …
تطلعها الصامت بوجهه جعله يشعر بأنها تخفى عنه أمر ما ليردف بقلق من غموضها …
يوسف : مالك !!!! .. قلقتينى .. مش بتردى عليا ليه …..؟؟
نهضت من جلستها لتكتسب بعض القوة أمامه لتخرج ما بداخلها ، لكنها إن بدأت فلا سبيل للتراجع …
ليت القلوب تكشف فحواها ، فإخفاء ما بها أسلكهم متاهات لا نهايه لها ، ليتهم تصارحا منذ زمن لما كان كل منهم بجانب ينأى عن الآخر …
_
سحبت نفساً طويلاً قبل أن تندفع بحديثها دفعه واحده حتى لا تتراجع عن قرارها لتبدأ حديثها بتساؤل أولاً ….
ورد: “يوسف” … ممكن أسألك سؤال وتجاوبنى بصراحه …؟؟
قلق “يوسف” من حديث “ورد” الغريب …لكن بداخله إصرار على إصلاح كل شئ الآن … وربما حانت هذه الفرصه …..
يوسف: طبعاً .. إسألى …
ورد: إنت إتجوزتنى ليه ….؟؟
تفاجئ بسؤالها المباغت وإحساسه أن هناك ما تخفيه خلف هذا السؤال ليردف رداً على سؤالها بسؤال آخر …
يوسف : ليه ……؟؟ .. مش فاهم السؤال ….؟؟ حكون إتجوزتك ليه يعنى …..؟؟
وجدت نفسها تسلك هذا المسار لترفع هامتها متحليه بالقوة مستكمله حديثها …
ورد : من أول جوازنا وأنا بسأل نفسى السؤال ده .. وكنت بجاوب على نفسى وبقول إن أنت أكيد أعجبت بيا مثلاً … وعشان كده طلبت إيدى من بابا .. لكن !!
يوسف: صح يا “ورد” … مظبوط .. ده إللى حصل … لكن إيه …عايزة تقولى ايه …؟؟
_
ضمت شفتيها بقوة متحليه بالتماسك فكل ما تتفوه به يؤلمها كثيراً ويدفعها للبكاء ثم أردفت بإنفعال فلم تعد تتحمل بعد …
ورد: إنت محبتنيش يا “يوسف” !!!!! …. أنا عرفت كل حاجه … عرفت إن بابا هو اللى طلب منك إنك تتجوزنى عشان كان خايف عليا … عرفت إن أنت بشهامتك ورجولتك وافقت عشان بترد الجميل لبابا … مش عشان أى حاجه تانيه …!!!!!!
لحظه مواجهه لم يكن يريدها “يوسف” مطلقاً ، لم يرد أبداً أن تعلم بطلب والدها حتى لا تظن ذلك ، إنه يحبها … يتنفس وجودها … يحارب نفسه لأجلها فلو كانت غيرها لما كان تقبل كل ذلك ، لكن قلبه أحبها وبقوة .. أحبها بصورة جعلته يلين لها بالرغم من تلك الأقاويل الباطله ، فقط كان ينتظر أن تهدأ نفسه وينسى …
لك تعطه الفرصه وحكمت هى أيضاً عليه بدون دليل ليهتف بإنفعال فهو لا يريد خسارتها أبدااااا ….
يوسف بإنفعال : مين إللى قالك كده … إللى فهمك كده غلطان … أنا ….
قاطعته “ورد” بيقين تام لما إستمعت إليه …
ورد : أنا محدش قالى حاجه .. أنا متأكده من إللى بقولهولك ده … أنا سمعت بابا وهو بيكلمك ….
تقعنصر طبيعي نحوها بخطوات قليله ليخفض من نبرته المنفعله لتحل محلها تلك العاشقه الحانيه وقد علت عيناه المسلطتان عليها بقوة نظرة عاشقه ولهه معترفاً لها بعشقه المتيم …
يوسف : أنتى فاهمه غلط يا “ورد” …. أنا بحبك … أنا إللى كنت عايز أتجوزك …
كم هو خلوق للغايه ، لايريد أن يقلل منها حتى لآخر وقت يتعامل معها بنبل أخلاقه …
_
نكست عينيها لوهله وإرتسمت بسمه حزينه ساخرة على محياها ثم أكملت …
ورد بسخريه : بلاش يا “يوسف” تحلى الكلام … أنا عارفه ومتأكدة إنك مجبر عليا و إن أنت مكنتش عايز تتجوزنى من الأساس … متكدبش عليا عشان متكسرنيش قدامك … أنا فهمت كل حاجه خلاص …
لم تعند معه ولا تصدقه ، لم تتشبث بتلك الأفكار الخاطئة…
أكمل بإصرار لا حدود له فيجب أن تدرك أن حبه لها صادق نابع من قلبه وليس كما تظن …
يوسف : أنا مش بقول أى حاجه ولا بحلى شكلك .. أنا بكلمك بجد .. أنا بقولك على إللى جوايا ناحيتك … أنا بقولك على إللى فى قلبى … يا “ورد” إفهمينى … أنا بحبك … بحبك أوى ….
علت شهقاتها غير مصدقه لما يفعله من أجلها لتنهار ببكاء فبعد مواجهتهم عليها الفراق ، وفراقه مؤلم للغايه …
ورد : إنت إنسان أوى يا “يوسف” … حقيقى بجد … وفعلاً تستاهل كل خير … هو عشان ترد الجميل لبابا تعمل معايا كل ده !!!!!!! .. حتى لو حتضحى بمستقبلك و راحتك وسعادتك !!!!! .. وتقبل تتجوز واحده زيي … “يوسف” أنا ليا طلب عندك …. طلقنى يا “يوسف” ..
تهدلت ملامحه بصعنصر طبيعيه وهو ينفعل بتعنتها لما فهمته بصورة خاطئة ، نعم هو أيضاً أخطأ … أخطأ بععنصر طبيعي مصارحتها من البدايه ، أخطأ بععنصر طبيعي توضيح مشاعره تجاهها ، أخطأ بتصديق شخص خبيث النوايا كـ”حسام” وععنصر طبيعي تصديق برائتها التى كانت واضحه جليه أمام عيناه طوال الوقت …
لقد زالت الغشاوة عن عيناه ويجب أن تزال من عينيها أيضاً ، يجب أن تصدقه أنه لا يدعى حبها ، بل أنه عاشق حتى النخاع ، عاشق يتمنى لحظه تجمعهما معاً …
هتف “يوسف” بإنفعال محب تكاد حبيبته أن تضيع من بين يديه …
_
يوسف : أطلقك …..!!!!!!!!!! لا …. لا طبعاً …. أنتى بتقولى إيه ؟!!!!!! …إفهمينى يا “ورد” .. أنا كنت جاى النهارده وعايز اااا….
قطع حديثهما رنين هاتف “ورد” برقم المستشفى لتسرع بإلتقاطه والرد على الفور فقد توجست بتتفكير متأني لحظه رؤيتها إسم المستشفى بشاشه هاتفها …..
ورد بقلق: ألو … إيه ….؟؟؟؟
رفعت وجهها المفزوع تجاه “يوسف” وهى تهتف به بذهول ..
ورد: “يوسف” … بابا …!!!!!
إرتجفت يداها وسقط الهاتف من قبضتها ليلتقطه “يوسف” بسرعه واضعاً إياه فوق أذنه مجيباً الإتصال وعيناه مسلطتان على “ورد” التى تهدج تنفسها بذهول شديد …
يوسف: أيوة خير يا فنعنصر طبيعي … إيه … لا حول ولا قوة إلا بالله ….
زاغت عينا “ورد” للحظات قبل أن تركض بسرعه للخارج بدون تفكير ليلحق بها “يوسف” راكضاً خلفها للحاق بها …
أوقفت سيارة وسط رؤيتها الضبابيه ليجلس “يوسف” إلى جوارها بصدر ناهج وهو يطلب من السائق الإتجاه صوب المستشفى على الفور …
____________________________________
_
شقه حسام ….
وصلت “ناهد” لشقه إبنها بعد أن قطعت طريقاً طويلاً للغايه للعودة بعد أن أخبرها بمرور زوج “ورد” به …
كانت تستشيط ارتباكاً مما فعله “يوسف” وإفساده لمخططاتهم ، أخذت تنقاش جاد الباب بخلاف بسيط فـ”حسام” لم ينتبه لطرقها لعدة مرات …
لكنه لم ينتبه لها بعد ، بحثت بحقيبتها الممتلئه عن النسخه الإحتياطية من المفتاح لفتح الباب حتى وجدته …
فتحت الباب دالفه لداخل الشقه بتقزز رهيب وهى تعقص ملامحها بإشمئزاز “حسام” وسط ذلك الكم من المهملات من حوله من زجاجات ملقاه هنا وهناك وبعض علب الطعام الجاهز ملقاه بعشوائيه بأماكن متفرقه مازال بعضها يحوي بقايا متعفنه …
نظرت حولها بغثاء نفس وهى تهتف به بضجر …
ام حسام: أوووف يا “حسام” ..العيشه المشرفه إللى انت عايشها دى مترضيش حد خالص … أوووف …
نظرت حولها باحثه عن ولدها حتى وجدت ملقى فوق الأريكة أمام التلفاز مخموراً سكيراً لا يعي بالدنيا من حوله ….
إقتربت منه وهى تمسك بجسدة الثقيل تعداه جالساً بصعوبه ليدفعها عدة مرات وهى يُسبها بلسان ثقيل غير مدرك ولا واعى لما يتفوه به على الإطلاق ….
ام حسام: فوق يا “حسام” .. مش كده … فوق كده وكلمنى ….
_
حسام: كفايه بقى …. أنتى … السبب .. فى كل .. إللى أنا … فيه !!!!! … أنتى .. إللى جبتينى … هنا … أنا كنت .. عايش … ملك ….
ام حسام بارتباك: لا ده إنت بتخرف على الآخر ….فوق كده وإتعدلى … حروح أعملك فنجان قهوة يفوقك كده عشان نعرف نتكلم ….
حسام: يووووه ….. غورى من … وشى …
زفرت بقوة وهى تتجه للمطبخ وسط تلك الزجاجات والعلب بضيق بالغ من إبنها السكير الفاشل الذى لا ينفعها بشئ مطلقاً ، بل يفسد دوماً ما تفكر به بتصرفاته الحمقاء ورعونته التى إعتاد عليها …
أمسكت بذلك الوعاء المخصص لصنع القهوة (كنكه) وأشعلت الموقد واضعه إياها فوق لهبها ، إنتبهت لسقوط شئ جثيم بالخارج أصدر صوتاً قويا للغايه لتخرج مسرعه تجاه “حسام” بالخارج …
وجدت “حسام” قد وقع أرضاً بالفعل إثر ترنحه وععنصر طبيعي قدرته على التماسك واقفاً ….
ام حسام: مش عارفه إيه إللى إنت بتهببه فى نفسك ده !!!!! …قوم وفوق … أنا خلاص لقيت حل نهائى لكل إللى إحنا فيه ده … قوم عشان أفهمك حتعمل إيه …
وقت الأقدار تغيب العقول ، حرصها دوماً على تفاصيل حياتها لم يمنع تدخل القدر ومشيئه الله فى خلقه ، لم تدرك “ناهد” أنها حين تركت شعله الموقد أثناء صنعها لهذه القهوة كانت بدايه الشرر حين وقعت إحدى زجاجات الخمر المفتوحه فوق الموقد لتنكسر محدثه نار هائله بدأت تنتشر سريعاً بفعل زجاجات الخمر الملقاه بكل مكان فكانت كالوقود فى الهشيم لتصبح بلحظات تحيط بهم من كل إتجاه تمنع حركتهم لأى إتجاه …
فكلما حاولا الهرب وجدا النار تحاوطهم منها بقوة هائله فالخمر المتبقى بتلك الزجاجات كان يزيد من إشتعال النيران وتوهجها أكثر وأكثر ..
وما كان يعتبره “حسام” ملذة حياته أصبحت هى السبب بهلاكه و نهايته هو و أمه ….
_
أخذت “ناهد” تصرخ بكل قوتها مستنجده بأى شخص يلحق بهم فالنيران أخذت تزداد وتزداد بقوة رهيبه ….
لكن لم يستطيع أحد مساعدتهم على الإطلاق …. بل لم يسمعهم أى شخص لنجدتهم … فالبنايه فى الأساس كانت جديدة كلياً خاليه من السكان … وهذا ما ساعد “حسام” فى بدايه زواجه بالتعدى على “ورد” فلقد كان متأكداً أنه لن يسمع بها أحد وينتبه لصرخاتها وإستنجاداتها المستمرة فتمادي بتجبره عليها مستعرضاً قوته على تلك الضعيفه …
____________________________________
المستشفى …
وصلا إلى المستشفى مهرولين نحو غرفه “عبد المقصود” بعد إتصال إحدى الممرضات بهم تبلغهم بإحتضار والدها ….
لكن حين وصلت “ورد” إلى غرفه والدها كان قد فارق الحياه بالفعل ….
لم تصدق ورد كلمات الطبيب المواسيه لها وأسرعت نحو والدها لتجثو فوق ركبيتها ممسكه بيده الضئيله تتشبث بها وقد أصابتها حاله من الإنهيار التام ….
ورد: لااااااااا … بابااااااا …. متسبنيش يا باباااااا … أنا ماليش غيرك دلوقتى … متروحش وتسيبنى … أنت مستنتش حتى لما أجيلك وتقولى عملت فيا كده ليه تانى … متروحش منى … أنا عايزاك جمبى …. أنا ماليش غيرك …… قولهم إن إنت ممتش … قوم … قوم يا بابا وريهم إنك مش حتسيب وردتك لوحدها فى وسط الشوك اللى هى عايشه فيه …… لااااااااا … لاااااا يا بابا ….
أسرعت إحدى الممرضات بإبعاد “ورد” عن والدها ومحاوله تهدئتها لكن إنفعالها كان قوياً للغايه ..
ورد: إبعدوا عنى ..حتى أنتوا عايزين تبعدونى عنه … كفايه بقى …
_
أبعد “يوسف” الممرضه عن “ورد” ليقف إلى جوارها محاولاً تهدئتها قليلاً وعليها الصبر والإحتساب …
يوسف: بالراحه يا “ورد” … إهدى … إنا لله و إنا إليه راجعون .. إنتى كده مش بتريحيه .. إنتى بتتعبيه زياده … إدعي له … ده أمر الله …
نظرت له ورد نظرة معاتبه منكسرة للغايه فقد غاب سندها ، غاب من يحميها من أشواكها ….
أردف “يوسف” هامساً نحوها …
يوسف : إهدى … إهدى حبيبتى …إهدى …
ورد معاتبه: حتى إنت مصدق إنه مات !!!! … حتى إنت يا “يوسف” …
يوسف: مينفعش كده .. هو كمان كان متعب قليلاً جداً …ربنا إختاره قبلنا … وكلنا حنرجع لله دى أمانه وبترجع للى خالقها … لازم نصبر ونحتسب …
ورد ببكاء حار: ااااه يا بابا …. اااه يا حبيبى ….
____________________________________
سماح …
_
فور علمها بوفاه والد “ورد” أسرعت بالمرور بـ”ورد” فهى على شفا الإنهيار وهذه المره ربما تصبح العواقب وخيمه ..
سماح: “ورد” … تعالى معايا …
إنتبهت “ورد” لوجود “سماح” لتستغيث بها ربما تصدقها …
ورد : “سماح” … شفتى يا “سماح” … كلهم بيقولوا بابا مات .. شفتى …!!!!
أدركت “سماح” حاله الإنكار التى حلت بـ”ورد” فأمرت بإعطائها حقنه مهدئه لتستريح قليلاً ثم تساعدها فى إدراك وتقبل ما حدث …
حملها “يوسف” بين ذراعيه بعد إعطائها تلك الحقنه ثم توجه بها برفقه إحدى الممرضات والطبيبه “سماح” إلى غرفه أخرى تستريح بها …
جلس “يوسف” مرافقاً “ورد” منتظراً أن تفيق فى أى لحظه فهى تحتاج إلى وجوده إلى جوارها الآن ولن يتركها أبداً بعد ذلك ، وعنعنصر طبيعيا تتاح له الفرصه سيشرح لها ما كان يود شرحه وتوضيحه لها حين قطعه إتصال المستشفى ..
فيجب عليه أن يبين حقيقه مشاعره وحبه لها وأنها تتوهم عنعنصر طبيعيا تظن أنه لا يحبها وقد فعل ذلك فقط لمجرد رد الجميل ….
إنتبه “يوسف” لصوت رخيم يسأله بفضول …
سماح: إنت “يوسف” صح …؟؟
_
نظر لها “يوسف” محاولاً تذكر إن كان قد قابل هذه الطبيبه من قبل وهو يجيبها ….
يوسف: أيوة يا فنعنصر طبيعي .. حضرتك تعرفينى …؟؟
سماح: أنا طبعاً عارفاك بس إنت ممكن تكون متعرفنيش !!!! … أنا الدكتوره “سماح” إللى كنت بعالج “ورد” هنا فى المستشفى …
يوسف: أه .. أهلاً وسهلاً ..و …. حضرتك تخصص إيه معلش لأنى معرفش حضرتك …؟!!!
سماح: انا الدكتوره النفسيه …..
إندهش “يوسف” لمعرفته بأن تلك الطبيبه كانت تعالج “ورد” … فلم تحتاج لطبيبه نفسيه …
يوسف بإستفهام: دكتوره نفسيه … ؟؟ … وهى “ورد” كانت بتتعالج نفسياً ليه ؟!!!!!!! … إللى أعرفه إنها تقريبا عملت حادثه وكانت بتتابع هنا فى المستشفى …
كان تفاجؤ “سماح” بجهل “يوسف” بما أصاب “ورد” عظيماً للغايه لتهتف بععنصر طبيعي إستيعاب …
سماح: معقول محدش قالك …؟؟
يوسف: قال إيه ….؟؟ هى إيه الحكايه … أنا معرفش حاجه ….؟؟
_
هو زوجها الآن وكان يتوجب على “عبد المقصود” شرح حاله “ورد” النفسيه لزوجها حتى لا يتسبب ذلك بإنتكاسه شديدة لها ، لهذا قررت إيضاح الأمر له حتى يتمكن من العبور بـ”ورد” لبر الأمان برفقته …
سماح: “ورد” كانت هنا بعد ما “حسام” جوزها الأولانى كان إعتدى عليها … ونقاش جادها ليله فرحهم وده سبب لها أزمه نفسيه حاده .. ده غير الإصابات الكتير والكسور إللى كانت عندها …
جحظت عيناه بصعنصر طبيعيه غير مصدقاً لما فعله هذا الحقير بحبيبته ، بل وكيف عانت من كل ذلك دون أن تخبره بما حدث ..
يوسف: يعنى كل إللى هى كانت فيه .. كان سببه الحيوان ده …!!!!!!!!!
سماح: للأسف أه .. طبعاً لظروف عجزه خلته ينقاش جادها بالشكل الصعب ده وكانت متعب قليلاًه جداً بعدها … بس هى إتحسنت كتير أوى .. أنا قلقانه دلوقتى إنها ممكن تحصل لها إنتكاسه نفسيه بعد فقدانها لوالدها .. فأرجوك خليك جنبها ..
يوسف: أنا طبعاً جنبها ومش حسيبها مهما حصل … حتى لو المستشفى منعتنى أنى أكون موجود معاها لازم حتصرف وأفضل جنبها …
إبتسمت “سماح” لإحساسها بمدى إهتمام “يوسف” بها ..
سماح: شكلك بتحبها أوى …
تطلع “يوسف” نحو “ورد” النائمه فى سلام …
يوسف : جداً .. دى هى قلبى وحياتى كلها وإن شاء الله أعوضها عن كل حاجه مرت بيها …
_
سماح: إن شاء الله .. أنا كمان حعمل توصيه إنك تقدر تكون معاها النهارده ….
يوسف: يا ريت …
خرجت “سماح” من الغرفه ليعود لمقعده إلى جوارها وهو يمد بكفه يمسد رأسها بحنان وهو يطالعها بأسى بععنصر طبيعيا تفهم لم كانت مذعوره ليله زفافهم ….
يوسف: عشان كده كنتى خايفه منى أوى كده ليله فرحنا !!!! …. ربنا يقدرنى وأنسيكى كل إللى إنتى عيشتيه ده ….
مرت ساعات الليل الطويله ولم يتحرك “يوسف” من موضعه بل ظل إلى جوار “ورد” حتى الصباح فلن يتركها وحيدة بعد اليوم …
غفا “يوسف” رغماً عنه وهو مازال جالساً بالمقعد المجاور لـ”ورد” بإنتظار إستيقاظها …
ورد …
فتحت عينيها بتثاقل لتتأكد أن ما مرت به كان واقعاً وليس حلماً أو كابوس مفزع … فهى بالفعل فى المستشفى ..
نظرت نحو “يوسف” النائم على المقعد لتتأمله بعينان ممتلئتان بالعنصر طبيعيوع الصامته فاليوم فقدت أحب إثنان إلى قلبها …
فقدت والدها المحب العطوف .. وفقدت حب حياتها الوحيد … “يوسف” …
_
تحرك قلقاً من غفلته الغير مريحه لتصنع النوم مرة أخرى هاربه من عيناه …
نظر نحو “ورد” التى ظنها مازالت نائمه ثم ربت على كفها بحب وحنان حين طرقت إحدى الممرضات باب الغرفه دالفه إلى الداخل لتهمس بصوت خفيض ….
الممرضه: أستاذ “يوسف” .. أنا أسفه بس لازم أبلغ حضرتك إن كل حاجه جاهزة عشان الأستاذ “عبد المقصود” الله يرحمه … تصريح الدفن وشهاده الدكتور وكل حاجه …
يوسف: تمام … وأنا إتصلت وحضرت كل حاجه عشان الدفن والجنازة .. ممكن بس تاخدى بالك من “ورد” لحد ما أروح الجنازة وأرجع لها …
الممرضه : متقلقش يا أستاذ “يوسف”…
خرج يوسف من غرفه “ورد” ليتمم إجراءات دفن والدها حتى يعود إليها بسرعه ..
حاولت “ورد” التماسك قدر الإمكان فعليها أن تكون قويه ، عليها أن تتحمل مسؤولية نفسها ، يجب ألا تكون عبئاً على كتفى “يوسف” بعد الآن …
فما الذى يدفعها الآن للبقاء … .فلا شئ يجعلها تبقى هنا بعد الآن … ها قد ذهب غاليها إلى ربها …
وعليها أن تبتعد عن “يوسف” لتجبره على إكمال حياته المتوقفه ، فلن يقضى حياته كلها رداً للجميل ، فهى متيقنه من أنه لن يتركها بعد وفاة والدها إلتزاماً وليس حباً …
لهذا هى لن تبقى لمجرد واجب أو فرض عليه … كم كانت تتمنى لو كان أحبها مثلما أحبته …
_
نظرت للطاوله على يمينها لتجد هاتفها الذى كان بحوزة “يوسف” موضوعاً فوقها لتلتقطه باحثه عن رقم “لامار” للإتصال بها …
تحشرج صوتها للغايه لتهتف بها “لامار” بتتفكير متأني …
لامار: “ورد” !!!! … مال صوتك ؟!! .. أنتى بتعيطى …؟؟
ورد: بابا يا “لامار” .. بابا مات …
لامار بأسى : حبيبتى … البقاء لله … أجيلك ..؟!!
ورد: لا يا “لامار” … أنا إللى عايزة أجيلك …
إندهشت “لامار” لطلب “ورد” التى لم تحبذ مطلقاً السفر بمفردها خاصه وقد تزوجت الآن …
لامار: تجيلى …. ؟؟ طب وجوزك ….؟؟
ورد: لما أجيلك ححكى لك كل حاجه .. المهم عايزاكى تعمليلى فيزا عشان آجى أستقر عندك و أشتغل معاكى …
لامار: ماشى تمام .. بس الموضوع ده حياخد وقت …
_
ورد: حستناكى فى إسكندريه لحد ما تخلصى وتبعتيلى عشان أسافر لك …
لامار: خلاص حبيبتى … مفيش مشكله حعملك الأوراق و أبعتلك …
إنتهت “ورد” من مكالمتها مع “لامار” وخرجت من المستشفى مباشره دون أن يشعر بها أحد …..
•• النهايه ••
ناهد وحسام …
صرخات متتاليه ونيران متوهجه وأمل مفقود لكن .. لا حياة لمن تنادي ، فلم ينتبه أحد لإستغاثاتهم المستمرة وصرخاتهم العاليه حتى توقفت تلك الصرخات تماماً وإستسلم كلاهما لمصيرهما المحتوم …
بعد مرور بعض الوقت وتصاعد ألسنه النيران وبدأت تخرج لهيبها خارج النوافذ بتلك اللحظه بدأ ينتبه الماره للحريق الذى إشتعل بالشقه ليسرع أحدهم بالاتصال على الفور بالمطافئ لإخماد هذا الحريق الهائل …
حاول بعض المتطوعين إنقاذ “ناهد” و”حسام” لكن النيران كانت قويه للغايه فلم يستطيع أحدهم التمكن من الدخول إلى الشقه ….
وصلت سياره المطافئ وأخمدت الحريق بالفعل لكنهم لم يستطيعوا إنقاذ أى منهما إطلاقاً فقد قضى أمرهما …
إلتهمت النيران كل شئ وأخذت أرواحهم معها …..
_
____________________________________
ورد ….
غادرت “ورد” المستشفى سريعاً دون أن ينتبه لها أحد .. لم تعد تعى أى شئ يدور حولها سوف تترك كل شئ وتبتعد عن كل ذكرياتها المؤلمه فى هذا المكان …..
إتجهت نحو بيت “يوسف” حتى تلملم باقى حاجياتها وملابسها إستعداداً لهروبها الذى خططت له هروباً من أشواكها التى تحيط بها …
ربما بُعدها عن المكان ينسيها ألم وإنكسار روحها ….
دلفت إلى الشقه بخطوات متسلله وهى تتنفس الصعداء فمازالت ام “يوسف” و”دعاء” يغطان فى نوم عميق ولم يشعرا بعودتها …
توجهت نحو الغرفه بخفه وأخرجت حقيبتها لتضع ملابسها وهاتفها بالحقيبه ثم أخذت نفساً عميقا ناظره حولها وكأنها تودع هذه الكتل الأسمنتية من حولها …
فهى بالفعل ستفتقدها .. لقد شعرت بالطمأنينه والأمان فى هذا المكان لكن “يوسف” لا يستحق منها أن تظلمه أكثر من ذلك …
لكن قبل أن تغادر أخرجت ورقه وكتبت بها بعض الكلمات لـ”يوسف” ووضعتها فوق الفراش ثم خرجت من هذا البيت كما دخلته بخطواته متسلله خفيه ، خرجت كما لو كان روحها هى التى تخرج من البيت …
فكيف سكنت هذا البيت بروحها فى هذه المده القصيره .. لكن البيت لم يكن هو الأمان بل كانوا جميعاً هم سبب ذلك …
_
أم وأخت وحبيب ….
إستقلت إحدى سيارات الأجرة التى طلبت من سائقها إيصالها إلى الإسكندرية ….
قضت طريقها تنظر من نافذه السياره نحو السماء فهى راحله لعالم جديد خالى من الأحبه … لكنها مجبره على ذلك ….
____________________________________
يوسف …
أنهى مراسم الدفن والعزاء بجنازة والد “ورد” بحزن لفقد هذا الرجل الطيب وعاد مسرعاً نحو المستشفى للإطمئنان على “ورد” بقلب شغوف …
فتح “يوسف” باب الغرفه ليفاجئ بأنها ليست متواجده بالغرفه ، فزع للغايه لغيابها وخرج من الغرفه باحثاً عن تلك الممرضه التى أوصاها الإنتباه إليها …
بنبره قلقه للغايه وقد توجس قلبه بغير إطمئنان لا يدرى سببه …
يوسف: “ورد” فين ….؟؟
الممرضه: مش عارفه يا أستاذ “يوسف” .. بعد ما حضرتك مشيت بشويه رحت أطمن عليها و أقعد جنبها ملقتهاش موجوده …
_
تأكدت شكوكه بأنها تركت المستشفى ليهتف بإنفعال …
يوسف: يعنى إيه ….؟؟ راحت فين ؟!!!!!!!! .. دى لسه متعب قليلاًه من إللى حصل لوالدها …!!!!
الممرضه: مش عارفه والله يا أستاذ “يوسف” .. يمكن روحت …!!!!
دار “يوسف” يبحث بأروقه المستشفى فربما تكون قد أفاقت باحثه عن والدها ومازالت بالمستشفى لكنه لم يجد أثراً لها …
لم يتبقى له سوى العودة للمنزل فربما تكون عادت بالفعل عنعنصر طبيعيا لم تجد أحد إلى جوارها بالمستشفى…
حاول عدة مرات الإتصال بها لكن دوماً هاتفها مغلق ليصاب قلبه بقلق شديد حاول التغاضى عنه …
____________________________________
شقه يوسف ….
كاد يركض قافزاً درجات السلم إلى الأعلى يريد الوصول بأقصى سرعه ، تفاجئ بـ”دعاء” تقف بباب المنزل متحضرة للذهاب …
نظرت نحوه بإستراب شديد لملامحه المذعورة …
_
دعاء: أنت جيت يا “يوسف” ده أنا كنت جيالكم المستشفى … أمال فين “ورد” مجتش معاك ولا إيه …؟!!
علت الصعنصر طبيعيه ملامحه بجمود للحظه وقد فغر فاه بإندهاش وهو يتسائل …
يوسف : إيه … هى مجتش …؟؟!!!!! ده أنا كنت فاكر حلاقيها هنا ..!!!
دعاء: لا مش هنا .. وإلا كنت قعدت معاها عشان أعزيها .. مش أنزل لكم المستشفى ….!!!!
يوسف بإنفعال: أمال راحت فين بس …؟؟
سمعت ام “يوسف” صوت إبنها المنفعل لتهتف به بقلق …
ام يوسف: فيه إيه يا “يوسف” … إيه إللى حصل …؟؟
دلف “يوسف” للداخل بتتفكير متأني يتمنى أن يعود كطفل صغير ويجد حلاً لكل مشاكله عند والدته …
يوسف: “ورد” يا ماما .. سابت المستشفى ومش عارف راحت فين …؟؟
أخذت تتفكر للحظات ثم هتفت به بتخمين …
_
ام يوسف: يمكن جت يا إبنى وإحنا نايمين ولا حاجه !!! .. شوفها كدة يمكن دخلت أوضتكم …
بآخر أمل أسرع “يوسف” نحو الغرفه بحثاً عن “ورد” لكنه فوجئ بععنصر طبيعي وجودها …
نظر نحو خزانه الملابس لم يجد أى شئ من متعلقاتها نهائياً فالخزانه خاليه تماماً …
نظر حوله بفزع وكأنه يتلمسها فى أى شئ حوله محاولاً فهم ما حدث .. ترى إلى أين ذهبت ….؟؟!!!
وقعت عيناه على ورقه مطويه بعنايه فوق الفراش ، ليمد يده ممسكاً بها برفق قبل أن يجلس بطرف الفراش يقرأ ما دون بها ….
( يوسف … أنا عارفه كويس أنت عملت إيه علشانى وقد إيه إنت كنت قد المسؤوليه إللى بابا حملهالك .. لكن أنا مقدرش أظلمك معايا أكتر من كده … أنا بحلك من وعدك لبابا … عيش حياتك وحب و إتجوز .. ربنا يسعدك .. أنا حمشى ومتدورش عليا لأنك مش حتلاقينى … أنا مش ممكن أكون أنانيه وأفرض نفسى عليك أكتر من كده …. طلقنى يا “يوسف” … “ورد”….)
أنهى “يوسف” قراءته لخطاب “ورد” وتملكه إحساس بالقهر وجرح نافذ بقلبه الذى يعتصر حزناً وارتباكاً بذات الوقت … أراد أن يصرخ ألماً … فقد شعر بألم رهيب يجتاح صدره وإختناق لقلبه ، أعنصر طبيعيعت عيناه بحزن لفقدها وهو يصرخ صراخاً مكتوماً …
يوسف : اااه … ليه سبتينى يا “ورد” من غير ما تفهمى ؟!!!! … يا ترى رحتى فين … ؟؟ ألاقيكى فين ….؟؟؟
أمسك بالورقه التى عقصها بكفه ثم خرج راكضاً بقوة وسط تعجب أم “يوسف” و”دعاء” من مظهره المتألم الباكى …
ام يوسف: مالك يا “يوسف” …؟؟
_
يوسف بقهر: “ورد” مشيت يا ماما .. سابت البيت ومشيت ….
شهقت ام “يوسف” بصعنصر طبيعيه ثم هتفت بحرقه كما لو أن إبنتها هى التى ضاعت وليست زوجه إبنها …
أم يوسف : مشيت … راحت فين …؟؟ بنتى فين…. ؟؟ هاتلى بنتى تانى يا “يوسف” ….
لم يتوقع حاله الإنفعال التى أصابت والدته وتفاجئ بلفظها إبنتى ليردف بتعجب …
يوسف: بنتك ….؟؟!!!!
ام يوسف: أيوه …”ورد” زى “دعاء” .. بنتى … كفايه إللى هى عاشته … كفايه أوى …لازم تلاقيها وتجيبها لى تانى …
إتسعت حدقتاه بصعنصر طبيعيه فمنذ متى والدته تعلم بما حدث وهو لا علم له بذلك …
يوسف بصعنصر طبيعيه: إنتى عارفه ….؟؟!!
ام يوسف: أنا عارفه كل حاجه .. هى حكت لى كل حاجه … هاتهالى يا “يوسف” …
أومئ عدة مرات بقله حيله ثم مسح وجهه بكفه بإنفعال قبل أن يخرج متجهاً للمستشفى مرة أخرى …
_
فربما لم يتوصل إلى مكانها لكنه يدرك أن طبيبتها النفسيه على تواصل معها وربما تعلم إلى أين ذهبت …
دلف لمكتب سماح” وعلامات الارتباك مرتسمه على وجهه المقتضب ليسألها مباشرة …
يوسف: “ورد” فين ….؟؟
سماح بدهشه: معرفش .. من ساعه ما خرجت من هنا من غير ما نحس معرفش هى راحت فين ….؟؟
يوسف: “ورد” سابت البيت وعايزانى أطلقها ….
بإندهاش شديد من طلب “ورد” للإنفصال عن “يوسف” خاصه وهى تعلم تماماً أنها قد أحبته بالفعل ….
سماح: معقول … بعد ما حبتك الحب ده كله تسيبك كده بالسهوله دى من غير سبب ….؟؟
تهدلت ملامح “يوسف” حين أخبرته أن “ورد” تبادله نفس الشعور … هذا التصريح الذى لم يسمعه منها مطلقاً ….
إبتلع ريقه وهو يهتف بإندهاش وإحساس ممزوج بين السعاده والتعاسه معاً فوقت إدراكه لمحبتها له هو نفسه وقت فراقها له …
يوسف : حبيتنى .. !! هى قالتلك كده ….؟؟
_
سماح: أيوه ..
غطى وجهه بكفيه يتمالك هذا الارتباك من نفسه لإدراك كل تلك الحقائق دوماً متأخراً فكيف سيصل إليها الآن ليصحح لها كل ما ظنته بالخطأ …
أين هى ليخبرها بحبه .. أين هى ليحميها ويشعرها بالأمان …!!!!
سار “يوسف” كالغير واضح وسط الشوارع ماراً ببيت “ورد” ووالدها ليسأل عنها لكنه لم يجدها أيضاً حاول السؤال عنها بكل من مر من حوله …
لقد ضاعت منه وردته .. وحب حياته .. ليته لم يتأخر فى تصريحه لها بحبه .. ليته لم يتركها بالمره …
____________________________________
الإسكندريه …
وصلت “ورد” إلى الإسكندريه بعد عدة ساعات فضلت ألا تقيم بنفس الفندق الذى أقامت به مع والدها من قبل وأقامت بفندق آخر بعيد عنه حتى لا يستطيع أن يجدها أحد مطلقاً ….
بعد أن إستقرت فى إقامتها أخرجت شريحه هاتفها و ألقتها بعيداً وقامت بشراء أخرى جديده للتواصل مع “لامار” لحين إنتهاءها من الأوراق اللازمه لسفرها إلى فرنسا ، وكأنها بقسوة الأيام وصفعاتها وإمتلاء طريقها بالأشواك جعلها تولد من جديد ، لم تكن بتلك الضعيفه المستسلمه التى تنتظر من يضبط أمورها ويتصرف بدلاً منها ، شعرت بالقوة تنبع من داخلها ، نعم إكتسبت القوة لكن بقلب حزين ….
____________________________________
_
هل تلك سنوات التى مرت أم عقود ، لا إنها مجرد أيام لكنها مرت بهم كالسنوات المقفرة الموحشه بقلوبهم المفطوره ، فلو يدركا ما بقلب كل منهما لما كان للفراق وجود …
ورد…
جلست داخل حجره الفندق كعادتها فى الأيام السابقه فلم يعد لديها أى شغف بأى شئ على الإطلاق ….فهى حتى وإن خرجت هى حبيسه داخل نفسها وقلبها فهى من إختارت هذه الحياه بإرادتها …
كانت دوماً تفكر بـ”يوسف” وكيف تقبل فكره رحيلها …
” يا ترى زعل؟؟!! .. ولا إرتاح إنى خففت الحمل من عليه !!! ….المهم ينسانى ويرتاح بعيد عنى … أكيد أنا أخترت الإختيار الصح … لازم يعيش حياته …”
دق هاتفها بإسم “لامار” رفيقتها الوحيدة بتلك الأيام الماضية ….
لامار: بنچور (صباح الخير) “ورد”…
ورد: صباح الخير يا “لامار”… مفيش أخبار …؟؟
لامار: أبشرك يا شريكتى العزيزة … خلاص عملت لك فيزا للبيزنس حتيجى هنا إقامه عمل معايا فى الشركه … تقدرى تروحى السفاره وتخلصى الإجراءات عندك وتحجزى للسفر …
ورد: شكراً بجد يا “لامار” على كل إللى بتعمليه معايا …
_
لامار: ولو …. أنا مبسوطه جداً إن إنتى جايه تعيشى معايا هنا … وحتنبسطى جداً هنا فى موناكو …
ورد: إن شاء الله .. بكره حروح السفاره أخلص الفيزا و أحجز وأبلغك بالمعاد …
لامار: أكيد … منتظراكى …
____________________________________
شركه الأقصى …
لم يلبث وقت طويل منذ بدايه عملهم اليوم حتى نهض “يوسف” بتملل قائلاً …
يوسف: أنا ماشى ..
أسرع “شريف” يمنع صديقه المتهور من تلك التصرفات التى ستخسره عمله أيضاً ليعترضه بقوة ناصحاً إياه بود …
شريف: رايح فين بس ؟؟؟!!!! … كده غلط .. إنت بقيت بتغيب كتير وتستأذن كتير … أصحاب الشركه ممكن يتضايقوا كده …
يوسف بضيق: مش قادر أقعد ولا قادر أشتغل … ولا عارف أعمل أى حاجه فى حياتى !!!!! … عشر أيام …عشر أيام مش عارف عنها أى حاجه ولا عارف راحت فين ….؟؟؟
_
شريف: الصراحه رد فعلها طلع صعب أوى … ومش قادر أنا كمان أفكر معاك فى مكان تكون راحت له …
إرتمى “يوسف” مرة أخرى بيأس فوق مقعده وقد تملك منه الإحباط الشديد …
يوسف: أنا حتجنن خلاص … مخلتش ولا مكان ولا حد تكون تعرفه إلا ورحت وسألت عليها .. ولا حد شافها ولا حد يعرف عنها حاجه ….!!!!
شريف: ربنا يكون فى عونك … ويدلك على طريقها …. أنا مكنتش فاكر إنك بتحبها أوى كده ….
بإدراك لحقيقه مشاعره لكن متأخراً للغايه …
يوسف: ولا أنا والله يا “شريف” … ولا أنا ….
نكس رأسه بين كفيه بصمت فما عاد بيده حيله ولا حل لم يبحث به …
دق هاتف “شريف” الذى أمسك هاتفه بإرتباك ليخرج من المكتب أولاً قبل أن يجيب هذا الإتصال حرصاً ألا يجرح شعور “يوسف” بحديثه ….
شريف: حبيبتى .. وحشتينى …. أبداً والله مشغول مع صاحبى “يوسف” .. نفسيته متعب قليلاًه أوى … أدى أخرة إللى يحب ولا يطولشى … أبداً .. موضوع كبير لما أشوفك حقولهولك بالتفصيل … جهزى نفسك مش باقى على الفرح إلا شهر واحد … ماشى حبيبتى … سلام ..
____________________________________
_
أنهت “ورد” إجراءات سفرها بسهوله للغايه واليوم قد إستعدت للسفر هاربه من جميع أحزانها وحب “يوسف” الذى تعمق أكثر فى قلبها ، فيجب أن تبتعد أكثر وأكثر حتى لا تضعف وتعود ….
نظرت حولها فهى بالمحطه الأخيرة تودع حياتها السابقه ، هاهى تجلس بإنتظار صعودها للطائرة لكنها قررت عمل مكالمه أخيره قبل إغلاق هذا الهاتف نهائياً ….
أمسكت الهاتف بتفكير متأني وأخرجت إسمه … “يوسف” …
هل تتصل أم لا ؟؟؟!! … ظل السؤال يتفكير متأني فتره طويله فى ذهنها حتى ضغطت زر الإتصال بدون وعى منها …
سمعت رنين الهاتف ثم أجابها صوته الحنون الذى إشتاقت لسماع صوته …
يوسف: السلام عليكم …
يوسف: ألو … مين معايا ….؟؟
دقات قلبه المنفعله أكدت له أن “ورد” هى صاحبه هذا الإتصال ليهتف بنبرته العاشقه المشتاقه …
يوسف : “ورد” …. ؟؟!!
يوسف: “ورد” … إنتى فين … ؟؟ أنا …..
_
أسرعت بإغلاقها الهاتف تماماً بععنصر طبيعيا إنهمرت العنصر طبيعيوع من عينيها فقد كانت سوف تهد كل ما فعلته وينهار قلبها معلناً حبها وإشتياقها له ..
لكنها فقط إكتفت بسماع صوته لآخر مره وأغلقت الهاتف نهائياً بعدها ….
____________________________________
يوسف ….
ظل “يوسف” ممسكاً بالهاتف يتطلع به بشوق وكأنه يراها أمامه … حاول كثيراً الإتصال بنفس الرقم الذى ظن أنها تتحدث منه لكن كانت دائماً نفس النتيجه .. مغلق …
إنتبه “شريف” لإنشغال “يوسف” بالهاتف ليتسائل بفضول ….
شريف: مين يا “يوسف” ….؟؟
يوسف: مش عارف .. بس قلبى بيقولى إنها “ورد” ….
شريف: طب حاول تانى …
يوسف: بحاول .. بس التليفون إتقفل … مش عارف أوصل لها …
_
شريف: واحده واحده .. طالما إتصلت مره .. ممكن تتصل تانى …
يوسف بأمل: تفتكر …
ربت “شريف” على كتف “يوسف” محاولاً بث الطمأنينه به فربما بالفعل يجمعهما القدر مره أخرى ….
____________________________________
بعد عدة ساعات …
وصلت “ورد” إلى فرنسا حين قامت “لامار” بإستقبالها بالمطار بود ملحوظ ، أوصلتها بعد ذلك لأحد الشقق البسيطه التى ستقيم بها “ورد” …
حاولت “لامار” معرفه ما حدث مع “ورد” حتى تترك مصر نهائياً بهذه الصوره … فكانت دوماً إجابه “ورد” أنها لم تتفق مع زوجها وطلبت الإنفصال وقررت السفر ….
____________________________________
مر شهر بالكامل إنغمست فيه “ورد” بالعمل مع “لامار” فقط هروباً من التفكير بـ”يوسف” و أيضاً محاوله نسيان فقدها لوالدها الحنون …..
لكن خلال هذا الشهر لم تتغير مشاعر “ورد” ولا يوسف مطلقاً .. ظلت “ورد” حبيسه حبها المكتوم والتى ظنت إنها ستنساه بمجرد سفرها و إنغماسها فى العمل ….
_
كذلك لم ييأس “يوسف” من البحث عن “ورد” لكنه بالفعل إستنفذ كل الطرق التى يمكن أن تساعده فى إيجادها …
ومع مرور الأيام إقترب موعد زفاف “شريف” وإستعد لتحضير حفل الزفاف الذى طالما حلم به ….
____________________________________
يوم الزفاف ….
جهز “شريف” حديقه رائعه لٕاقامه حفل زفافه اليوم فهو لم يشأ إقامته فى إحدى القاعات المغلقه وفضل أن يكون حفل الزفاف فى الهواء الطلق …
إرتدى حُلته الرسميه الأنيقه ثم توجه لإحضار عروسه لإتمام مراسم الزواج …
بعد قليل أقبل العروسان بطلتهم المبهجه الرائعه على المدعويين لتقام الأجواء الإحتفاليه بهم وبليلتهم الفريده …
أصرت العروس بطبعها الأوربي أن يكون زفافهم غير تقليدي وأن هم من عليهم المرور بالمدعويين واللقاء بهم لتمتزج فرحتهما بفرحه أهلهم ….
____________________________________
يوسف…
_
أقبل “يوسف” نحو “شريف” وعروسه الجذابه فهذه أول مره يتقابلا معاً ليهنئهما بزواجهم السعيد ..
يوسف: مبروك …
وجدها “شريف” فرصه سانحه لتعرف عروسته بصديقه ورفيق عمله …
شريف: أهو يا ستى الأستاذ “يوسف” إللى دوشتك عنه ..
العروس: أهلاً وسهلاً …
يوسف:ربنا يسعدكم ويوفقكم فى حياتكم يا رب…
شريف: آمين يا رب .. ويفرح قلبك ويطمنك يا “يوسف” …
أومأ “يوسف” رأسه بحزن
يوسف : يا رب …
تركهم “يوسف” وقد إبتعد قليلاً ليقف مع زملائه بالشركه مع تطلع العروس بهيئته الحزينه حين تسائلت بفضول …
_
العروس : هو ماله حزين أوى كده ليه ….؟؟ إنت قولتلى أنه حب ولا طالشى …. يعنى إيه …؟؟!!
شريف: “يوسف” دة صاحب بجد … ونفسى يفرح بجد من قلبه لأنه فعلا يستاهل كدة .. بس مش عارف أعمل له إيه موضوعه صعب أوى … حظه وحش …!!
العروس: إزاى …؟؟ فهمنى …؟؟
شريف: حب بنت و إتجوزها لكن هى إفتكرت إنه إتجوزها عشان يرد جِميل والدها بس … فسابته ومشيت وهو من ساعتها حيتجنن ويلاقيها .. دور عليها كتير جداً بس ملهاش أثر إطلاقاً …
العروس: للدرجه دى بيحبها ؟؟!!!! .. بس طالما سابته خلاص .. يمكن هى محبتهوش ..!!!!
شريف: بالعكس .. هى كمان بتحبه .. وهو مش قادر يعيش من غيرها أنا بحسه كل يوم بيموت …
العروس: ربنا يجمعهم تانى مع بعض …
شريف: يا رب .. ده بكره يعملوا قصه حبهم فيلم زى( قيس وليلى) كده ويسموها (يوسف و ورد) …
العروس: مين …..؟؟ هى إسمها “ورد” ؟؟
شريف : أيوة .. هو أنا مقولتلكيش قبل كده ..
_
إنتبهت فجأه وفهمت الأحداث جميعها وظلت تفكير متأني الإسم على لسانها لبعض الوقت …
“يوسف و ورد …يوسف و ورد”
وما كانت العروس إلا “لامار” ……
مالت “لامار” تطلب بدلال من “شريف” أن ينادى “يوسف” لتتحدث معه ليبلى طلبها دون فهم …
لامار: أستاذ “يوسف” .. ممكن سؤال …؟
يوسف: إتفضلى …
لامار: هى مراتك إللى إنت بتدور عليها .. إسمها “ورد” إيه …؟؟
يوسف: “ورد العالى” …”ورد عبد المقصود العالى” … بتسألى ليه ….؟؟
لحظه إدراكها بأن “يوسف” هو زوج صديقتها وشريكتها جعلها تشهق بخفه وقد إتسعت عيناها بإندهاش قائله ….
لامار: أنا عارفه فين “ورد” ..
_
لم يكن يظن “يوسف” أنه سيسمع تلك العبارة أبداً ليندهش بتلهف شديد …
يوسف : بجد …!! إنتى عارفه هى فين وإختفت فين الفترة إللى فاتت …؟؟
لامار: أيوه … “ورد” شريكتى فى الشركه بتاعتى فى فرنسا .. وكانت عايشه معايا هناك
يوسف متعجباً: فرنسا …؟؟!! مش إنتى من إيطاليا ..؟؟
لامار: لأ .. أنا قابلت “شريف” صدفه فى الحفله كنت جايه إيطاليا عشان شغل .. بس أنا أصلاً عايشه فى موناكو فى فرنسا …
لم يكترث “يوسف” بكل تلك التفاصيل فما يهمه شئ واحد فقط …
يوسف: مش مهم .. مش مهم … فين “ورد” ..؟؟
لامار: هى راحت تزور قبر والدها وحتيجى هنا كمان شويه ….
لم يطيق “يوسف” الإنتظار حتى عودتها ليخرج مسرعاً من تلك الحديقه ليلحق بـ”ورد” بقلب متلهف مشتاق ….
لكن بمجرد خروخه من الحديقه وجدها قاعنصر طبيعيه من بعيد …. متألقه مبهره كعادتها بفستان ملائكى ذهبى اللون ..
_
كانت كأميره أحلام خياليه تقترب نحوه دون أن تنتبه له ….
دقات قلبه المنتفضه أعلنت أفراحها برؤيتها فقط شعر بسكينه أحلت بقلبه وهدأ فؤاده بالإطمئنان عليها …
إقترب منها أكثر .. ومازالت شارده غير منتبهه له فقط تنظر لموضع قعنصر طبيعييها تفكير متأنياً من أن تسقط لخطواتها بهذا الفستان الطويل …
لم يبق بينهم سوى خطوات قليله لتشع بهائها كشمس أزاحت الغيوم وأهلت بنورها المشرق بحياته المظلمه …
همس بحالميه بنبرته الحنونه التى تدركها جيداً لتطرب آذانها بصوته ناطقاً بإسمها …
يوسف : “ورد”…
تجمدت فى مكانها فمجرد سماع همسته بإسمها عرفته على الفور من صوته دون حتى النظر إليه …
ظنت أنها تحلم لتجيبه بهمس مشتاقةكما لو تتحدث مع نفسها ..
ورد : “يوسف” …!!
رفعت رأسها لتتأكد مما سمعته لتجده أمامها مرتديا بذلته السوداء التى أظهرت وسامته الطاغيه التى أذابت قلبها …
_
دقات قلبها المتسارعه وتنفسها الغير منتظم كانتا أول من رد على نداءه …
ورد بإضطراب: “يوسف”…
كم اشتاقت له … ولصوته الهادئ منادياً بإسمها … كم تمنى قلبها رؤيته .. لكن كيف … بمجرد سماع إسمها من شفتيه وقد ذابت حباً وتناست ما هربت من أجله … نعم إنها فعلاً تحبه …
اكمل يوسف معاتباً بحنان ….
يوسف: سبتينى ليه …..؟؟
ورد بحزن: مكنش ينفع نكمل يا “يوسف” .. إنت …
قاطعها يوسف : اششش .. كفايه .. كل مرة بتتكلمى .. إسمعينى أنا المرة دى .. عشان مش حسيبك تضيعى من إيدى تانى …
ورد: إسمعنى إنت يا “يوسف”…
يوسف: لأ … المرة إللى فاتت قاطعتينى و إللى حصل خلانى مقدرتش أكلمك وأقولك على كل حاجه جوايا …. ومعنديش إستعداد أستحمل إنك تسيبينى وتهربى منى تانى …..
ورد بحزن: كان لازم أمشى ……
_
يوسف : أنتى فاهمه غلط … يمكن باباكى طلب منى الطلب ده … لكن مش ده السبب أنى إتجوزتك ..
ورد : أمال إيه ….؟؟
دنا منها “يوسف” أكثر ليتطلع بعشق فى بحور عيناها الزرقاء وأمسك بيديها بلهفه يضمهما إلى قلبه بإشتياق متيم …
يوسف: أنا بحبك … بحبك من أول يوم شفتك فيه … من أول نظره بينا .. من أول ما جت عينى فى عينك … من ساعتها وأنتى جوه قلبى …
ورد: بس أنت … ؟
يوسف مقاطعاً : فيه حاجات كتير أوى حصلت .. وناس كانت عايزة تبعدنا عن بعض …. وأنا فعلاً إتغيرت … ومش عايز من الدنيا غيرك .. “ورد” صدقينى أنا فعلاً بحبك …ومش قادر أعيش من غيرك … ولا عايز أعيش من غيرك .. إنتى مراتى وحبيبتى وحتفضلى طول عمرك مراتى وحبيبتى …
ورد بدهشه: إنت مطلقتنيش زى ما طلبت منك …؟؟
يوسف: لا طبعاً … حد يموت روحه بإيده …
إبتسمت ورد بسعاده .. فأخيراً تفتحت الورود .. أخيراً إنتهت الأشواك …
أعاد “يوسف” برقه إحدى خصلات شعرها الذهبى للخلف ناظراً فى بحور عيناها قائلاً بهمس …
_
يوسف: أخيراً رجعتى بيتك جوه قلبى .. ومش حسيبك أبداً تبعدى عنى تانى … كفايه تعيشى جوة الأشواك ….
ورد بحب: وأنا عمرى ما حبعد عن بيتى ده تانى … عمرى ما حبعد عن حبك تانى …
بحبك بجد يا “يوسف” …
أمسك “يوسف” بكفها الرقيق وسارا بعيداً عن كل ما يحيط بهما فقط سارا فى طريق سعادتهما التى طالما إنتظراها طويلاً …
فلتبدأ حياة الحب والأمان وتنتهى حياة الألم والأشواك …
النهايه ،،،
تمت بحمد الله وفضله ،،،
بقلم قوت القلوب (رشا روميه ).