منوعات

بقلم فاطيما يوسف

همسة عتاب
بقلمي فاطيما يوسف

قاعدة قدام البحر بتفتكر إللي حصل لها وتتمني الزمن يرجع بيها سنة واحدة بس مكنتش هتعمل إللي عملته ،

ولا كان ده بقي حالها إللي محير كل إللي حواليها ومخليهم قلقانين عليها ،

قاعدة تفكر هتعمل ايه في المص$يبة إللي هي فيها ومسيرها في يوم من الأيام هتنكشف ساعتها هتعمل ايه وهتفول لهم إيه ،

فلاش باك
متجمعين كلهم في قاعة فخمة والكل حوالين العريس والعروسة مستمتعين بسحر اللحظة ،

اصحاب العروسة حواليها جمبها وماسكين إيدها بيهدوها من التوتر ،

النهاردة كتب كتابها علي حبيبها أسامة واللي كانوا بيحبوا بعض من بقالهم سبع سنين منهم تلت سنين خطوبة ، بعد عناء شديد مع أبوها وأمها إللي مكنوش موافقين نهائى علي أسامة علشان مستواه مش من نفس مستواهم ،

فضلت وراهم سنين علشان يوافقوا وبتستخدم مرة اسلوب الزعل ومرة تمنع الأكل ومرة تاخد حبوب وتنتحر علشان تضطرهم يوافقوا عليه ،

استسلموا قدامها وقدام محاولاتها إللي مملتش منها سنين ولما لاقوها وصلت للانتحار خضعوا للأمر الواقع من رعـ,,ــبهم عليها في النهاية هي بنتهم الوحيدة ،

إللي معندهمش غيرها ولا ليها أخ ولا ليها أخت ،
وبعد مازهقوا إقناع فيها إن ابن عمها بيحبها وعايزها وشاب محترم وأخلاقه عالية وبيحبها من وهما صغيرين لكن هي لا حياة لمن تنادي ،

واتخطبوا وشرطوا الخطوبة تبقي تلت سنين لعل وعسى يطفشوه أو يقنعوا بنتهم لكن خلاص الأمر بقي حقيقة و خلاص المأذون بيكتب الكتاب لحد ما قال :

_بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير ،

وشد المأذون المنديل وبص أبوها لأسامة وقاله خلي بالك من هبة دي أمانة وبأمنك عليها ، اوعي تزعلها في يوم من الأيام ولا تيجي عليها ،

دي بنتي الوحيدة واللي مليش غيرها ،

بصت لابوها والدموع باينة في عنيها من سحر الموقف وجريت عليه وح$ضنته وقالت له باطمئنان:
_ جري إيه ياعم الشباب أنا لسه هقعد شهرين كمان علي قلبك ده يدوب كتب كتاب ، ولسة الفرح قدامه شهرين بحالهم مش هسيبك فيهم ياحبيبي .

شدد أبوها عليها وهي في حضـ,,ــنه وقال لها بفرحة:
_ مبروك يا بيبو ياحبيبتي ربنا يسعدك ويبارك لك في حياتك يارب وأشوفك أسعد واحدة في الدنيا .

هنا جت أمها وشدتها من حضنه وقالت له بدموع:
_ وسع كده بقي خليني أخدها في حضني وأبارك لها.

حضنت مامتها أوي والفرحة مش سايعاها ،

وباركت لها مامتها ودعت لها ربنا يكمل فرحتها علي خير ، وأصحابها كمان جم عليها حضنوها وباركوا لها ومنهم إللي غلس عليها ،

وفجأة الدجي اشتغل أغاني وأخدوا العروسة وقعدوا يرقصوا معاها ويفرحوها ،

وعريسها أصحابه خدوه هما كمان ورقصوا معاه ،

والعريس والعروسة أخيراً جه معاد رقصتهم مع بعض ،

واشتغلت اغنية العروسة المفضلة ،

قرب عنيك وأسهر معايا وهات إيديك تحضن هوايا ،

والأغنية شغالة وهما الاتنين منسجمين مع الرقصة وبص أسامة في عينيها وقال لها بحب يكفي العالم بحاله :

_ ألف مبروك علي قلبي إللي أخيراً بقيتي ملك إيديه ياحبيبتي ،

أخيراً بقيتي مراتي واسمك بقي علي إسمي وحضنك ده بقى ملكي ،

وكمل بتوهان وهو باصص جوه عنيها بعشق:
_ بحبك ياأغلي مافي حياتي ، لأ ده إنتي كل حياتي والنفس إللي أنا بتنفسه ،

وراح شايلها ولافف بيها وهو حا,,ضنها وماسك فيها ومتبت وخايف عليها زي الطفل الصغير لا تقع من بين إيديه ،

وبعدين نزلها وباسها من راسها بكل الحب .

بصت هيا كمان جوه عنيه وقالت له بعـ,,ــشق أكبر من عشقه ليها:
_ أنا كمان مش بس بحبك وبمو,,ت فيك ،
أنا بعشـ,,ــق النفس إللي بتتنفسه ياأسامه ،

ربنا يحفظك لقلبي ومايحرمنيش منك أبداً يانبض قلبي .

وخلصت الحفلة البسيطة بتاعت كتب كتابهم ،
وأخدها أسامة يعزمها علي العشا في مركب علي النيل ويقضوا وقت سعيد مع بعض وده طبعاً مستأذن من باباها هي خلاص بقت مكتوب كتابها تخرج معاه عادي لوحدهم من غير ولا بنت عمها ولا بنت خالها ،

ركب أسامة عربيته وهو حا,,ضن إيديها ومتبت فيهم وكانه خايف لا تهر,,ب من بين إيديه ،

وصلوا للمركب بعد نص نص ساعة وكان يخت جميل يس$حر العين من جماله ، وأول ماراحو ناحية اليخت أخدها في حضنه يركبها اليخت وفجأة قالها بصي يابيبو كده لفوق ،

بصت هبة لفوق وحطت ايديها علي بوقها من المفاجأة إللي كانت عبارة عن إسمها واسمه في السما مكتوبين بالألعاب النارية بألوانها الزاهية ،

وبعدين قلب كبير محفور فيه كلمة :
_ بعــ,,ــشقك ياقلبي وعمري وحياتي كلها.

وراح رافعها في الهوا يلف بيها وحا,,ضنها جامد وجواه إحساس غريب إنها ممكن تضيع منه وميشوفهاش تاني ، والإحساس ده بقي بيرواضوا كل شوية في الأيام الأخيرة دي ،

وبعدين نزلها وبص في عنيها بهيام وهي كمان بصت له نفس بصة الهيام ويمكن اكتر كمان لأنها بتعشقه عشق السنين ، وقال لها:
_ أنا مش مصدق نفسي إن إنتي بين إيديا وإني حا,,ضنك ، وإن بعد كدة هحـ,,ــضنك وقت مانا عايز بدون مانخاف ولا نقعد نتلفت حوالينا ،

متتصوريش حض$نك ده بيمثل لي إيه ، متجمع فيه كل معاني الإحساس ، ح$ضن إحتواء زي حض$ن الأم لابنها ، ح$ضن اش$تياق زي حض$ن الحبيب اللي مسافر بعيد عن حبيبه عمر بحاله بالرغم من إني بشوفك تقريباً يوميا،

ح$ضن ر,,غبة كل لما عيني تيجي في عنيكي بدوب وبتوه جواهم ،

حضن أمان شكل إللي مسافر بعيد عن وطنه ولما صدق رجع من سفره وبيشم ريحة تراب بلده كأنه أبهي العطور ،

الدموع اتجمعت في عنيها من إحساسها بكلامه إللي اخترق قلبها وكل كيانها ، ما هي كمان عاشقة ودايبة فيه ويمكن أكتر كمان وقالت له بتأثر من كلامه بعد ماباست إيديه الاتنين بحب وهيام :

_ ياه ياأسامة إحساسك وكلامك توهني وكلامك علشان خارج من جوة قلبك دخل قلبي واتسرب في دمي وكل حتة فيا ، عمري ما ند,,مت ولا هند,,م إني اختارتك وفضلتك علي أي حد وعمري ماهندم علي السنين إللي عافرت فيها علشان أكون بين إيديك ،

ولو رجع بيا العمر ألف عمر مش هرضي غير بيك شريك ولا غيرك حبيب ولا قبلك قريب ولا بعدك يدق قلبي لغريب ،

ربنا يخليك لقلبي ومايحر,,منيش من حضنك ولا ضمتك .

حاوط رقبتها بإيديه وثبت عيونه علي شفايـ,,ــفها وباسـ,,ــها بكل رقة تكفي العالم بحاله وهي مستجيبة ومنسجمة وبتبادله البو$سة بنفس الحب ونفس الإش$تياق ، لحد ماحس إنها مش قادرة تاخد نفسها، بعد عنها وش$دها من إيديها ووداها علي ترابيزة محطوط عليها كل أصناف الأكل إللي بتحبها ،

وطول ماهما بيتعشوا كل شوية يقول لها أحلي كلام الهوي والحب إللي بيدوبها فيه اكتر ماهي دايبة ،

وخلصوا العشا وقعدوا مع بعض قاعدة رو$مانسية جميلة وعمرها ماتتنسي طول حياتهم ،

وأثناء ماهما قاعدين رن موبايلها برقم باباها وكان بيستعجلها إنها ترجع علشان خلاص الوقت اتأخر ،

وردت عليه وقالت له إنها راجعة حالاً وقفلت معاه،

وبصت لأسامة بمحايلة وهي بتطبطب علي إيديه وقالت له :
_ معلش ياحبيبي بابا بيتصل علشان نرجع ونعوضها في خروجة تانية خلاص محدش بعد كدة هيتحكم في علا,,قتنا ولا خروجنا مع بعض.

ابتسم لها وهو متفهم وبيصبر نفسه إنها خلاص كلها أيام وهتبقي في بيته ومحدش هيحوشها عنه خالص ولا هيتحكم فيهم ، وأمر قبطان اليخت إنه يرجع بيهم ، ولف ورجع بيهم ووصلوا للمرسي

وأخدها من إيديها ونزلها من اليخت براحة وهو خايف عليها وركبوا العربية ورجعها بيتها وطلعها لحد فوق وسلم علي باباها ومامتها ومشي ،

وبعد ما مشي قعدت معاهم شوية صغيرين وقامت بسرعة دخلت علي أوضتها لما موبايلها نور برسالة لأسامة إنه هيرن عليها ويكلمها ،

رن عليها أسامة وقال لها اول مافتحت :
_ وحشتيني يانور عيوني الحبة الصغيرين دول .

ردت عليه وهي بتلعب في شعرها وبكل انبساط وسحر قالت :

_ إنت كمان وحشتني اوي يا أسامة .

وكملت بحماس

ها ياحبيبي عملت إيه مع بتاع الموبيليا خلص الأوضة زي ماحنا عايزينها ولا لسه ،انا متشو$قة أوي أشوف شكلها أوي بعد ماقلنا له علي التغيير إللي إحنا عايزينه أكيد هتطلع جميلة .

رد عليها بنفس الحماس وأكتر :
_ أنا واثق في ذوق حبيبي وإنها هتطلع تحفة ده كفاية إنها اختيارك ياقلبي انتي ،

وكمل كلامه وقال بتذكر :
_ آه صحيح قبل مانسي هعدي عليكي بعد بكره إن شاء الله هنعدي عليه علشان تشوفي اللون الأخير كده عاجبك ولا لأ ،

وراح عامل صوت بنفسه كأنه بيشرب حاجة وبياخد نفسه منها ،
حاجة هي عارفاها كويس جداً وطلبت منه ميشربهاش خالص وبالرغم من كده وهو بيكلمها دلوقتى بيشربها وفاكر إنها مش هتحس بيه ولا هتدري باللي بيعمله ،

لكن علي مين هي عارفاه وفاهماه أكتر من نفسها ميت مرة ،

وفجأة قالت له بع$صبية وغضب:
_ أسامة إنت بتشرب لسه الزفت ده ياأسامة ، إحنا مش متفقين إنك متشربش القرف ده تاني .

اتلجلح أسامة واتفاجأ من إحساسها حتي بنفسه إللي طلع منه ورد عليها بكذب :
_ لأ ياحبيبتي متفهمنيش غلط أنا والله بشرب سيجارة عادية خالص مفيهاش أي حاجه .

اتنرفزت عليه بسبب كذبه وتحويره عليها ومفكر إن كذبته دي هتخيل عليها وهتصدقها وقالت له:
_ وكمان بتكذ،ب عليا بطل شغل الحوارات والأفلام إللي بتعملها عليا دي إحنا بقينا واحد وأنا فاهماك اكتر من نفسك ، بعرفك من صوتك إذا كنت فرحان ولا حزين،

تعبان ولا سليم ، نايم ولا صاحي ، من الآخر بعرفك من النفس إللي بتتنفسه ياأسامة ،

ولو سمحت أنا هقفل علشان عايزة انام ،

ولسة هيقول لها استني ويعتذر لها إنه مش هيعمل كده تاني كانت قفلت السكة في وشه وقفلت موبايلها خالص علشان تعاقبه ، ورمت الموبايل وحلفت تفضل معقباه ومتكلمهوش لمدة أسبوع بحاله علشان يحرم يرجع للشرب تاني بعد ما عانت معاه سنين علشان ما يشربش ،

ومتضايقه جدآ ومخنو$قة إنه بكل سهولة بيضيع تعبهم هدر وبيرجع لنفس نقطة البداية ، وعند كلمة البداية اتوجعت أوي وقلبها دق بعنف وقالت لنفسها بتصميم :
_ لأ يا أسامة لأ مش هسيبك ترجع للقرف ده تاني بعد ما تعبنا وحاولنا ودخلت المصحة مرة واتنين ،

بعد أنا ومامتك ماوقفنا جمبك ودعمناك علشان توقف الشرب وبعدناك عن صحاب السوء إللي وصلوك للحالة دي ،

مش هسيب مر السنين يرجع تاني ووقفتي قدام بابا وماما بسببك ييروح هدر ،

وراحت علي التليفون الأرضي حطت فيشته إللي شالتها علشان مايوصلهاش وكلمت مامته علي موبايلها واستنت ترد ،

طبعا الوقت كان متأخر بس في الاخر جالها صوت مامته وهي بترد بقلق :
_ إيه ياهبة ياحبيبتي في إيه قلقتيني .

انفطرت هبة من العياط وقالت لها :
_ أسامة ياماما رجع للشرب تاني أنا عرفته من صوته وأنا بكلمه ، من فضلك أنا هعاقبه وأبعد عنه بس إنتي راقبيه وخليكي زي ضله علشان مانبقاش بعاد إحنا الاتنين ويتعمق جوه دايرة الشرب أكتر ونرجع لنقطة الصفر من تاني ،

أنا هشد وأنتي ترخي علشان يفوق لنفسه ، أنا خلاص تعبت ياماما ومبقاش فيا حيل للمناهدة .

ردت عليها أمه بتعب أكتر منها لابنها إللي فاطر قلبها وتعبها وقالت لها تطمنها :
_ حاضر ياهبة حاضر ياحبيبتي متقلقيش ،
وكملوا كلامهم دي تطمن دي واتفقوا هيمشوا إزاي معاه وقفلت معاها ، وراحت نامت من كتر التعب بتاع اليوم واللي مكملش بفرحته وانتهي بنكد .

أما هو فزهق من كتر ما اتصل عليها وراح مطلع سيجارة محشية من إللي صاحبه إدهاله ولسه هيولعها ، دخلت أمه عليه فجأة وبمنتهى الغضب ادته قلم علي وشه ،

ادته قلم من قوته يسمع في قلبه وعقله علشان فكر بس أنه يرجع للزفت ده تاني بعد ماتعافي منه ،

أما هو أنصدم من القلم إللي أمه ضربته له وإللي معملتهاش حتي في عز علاجه وعز أزمته ،

ورد عليها وهو موطي راسه في الأرض من غير ما يلومها علي أنها إزاي تضربه وهو في السن ده ،

وقال لها :
_ أنا آسف ياأمي بس غصب عني ضعفت ومقدرتش أقاوم ،

سامحيني ياأمي ، سامحيني.

أخدته في حضنها وهما الاتنين بيعيطوا بصوت عالي وقالت له بإصرار :
_ لأ ياأسامة لأ مينفعش تضعف ياحبيبي ، مينفعش ترجع تاني للدمار والهلاك وتدمرني معاك أنا وأخوك وإللي بقت مراتك النهاردة وإللي وقفت معاك وشربت الذل من إللي حواليها علشان خاطرك ،

وشددت علي حضنه وهي بتضربه علي ضهره بالراحة ودموعها مغرقة وشها وكملت :
_ مينفعش يابني ترجع للموت برجليك وتقابله بالأحضان ، مينفعش تهد ثقة هبة فيك بعد مابنيتها بالعافية ،

لازم تبقي أقوي من كده لازم تبقي أقوي من إن سيجارة تحركك يمين وشمال وتتحكم فيك ،

أول ماواحد من السافلين يجي يديك القرف ده ارميه تحت رجليك وافرمه بجزمتك وأنت مرتاح للي بتعمله ، لازم تبقي أقوي من المخدرات ياحبيبي إللي هدمر لك عمرك وتخسرك أعز الحبايب إللي عافرت علشان تنول هم وتبقي في حضنهم .

شدد هو علي حضن أمه ومسك فيه جامد بألم ودموع بسبب ضعفه واحتياجه ،

ليه الإنسان بيرمي نفسه في التهلكة وهو مش دريان ويرجع يندم ؟
ليه الإنسان بيبقي كل حاجة جواه بتقول له إنت غلط ومتمشيش هنا ومتعملش كدة ويسكت نفسه اللوامة ويمشي مع نفسه الأمارة ؟

ليه الإنسان في لحظة ضعف يخسر أعز الناس علشان أي غريزة جسدية بتتحكم في مشاعره مع إنه عارف إنها هتخسره وبالرغم من كده مكمل ورا هوي النفس ،

ليه الإنسان أول مايحس بلحظة ضعفه بتقرب منه مايرجمهاش ويخنقها قبل ماتخنقه ،

وفضلت أمه تهدي فيه وتطبطب عليه لحد مالقته نام وسابته وخرجت ، تصلي وتدعي ربنا إنه يريح ابنها من القرف ده ويهديه ويبعد عنه الأذي خالص ،

وكأن أبواب السماء مفتوحة وإللي هيحصل هيدمرها ويدمر قلوب تاني غيرها كل أملها اللقا بعد العذاب ،

وفضلت هبة علي موقفها معانداه وقافلة تليفونها أسبوع بحاله ومش عارف يوصل لها خالص وكل لما يروح تقول لمامتها إنها تعبانة ومش قادرة تخرج تقابله ، ومامتها هتجنن منها وكل لما تسألها عن السبب مرة ترد وعشرة متردش ، لحد مازهقت منهم هما الاتنين ،

لحد مافي يوم زهق من بعدها عنه وشرب تاني والمرة دي شرب كتيير ،

وراح لها وفضل قاعد تحت بيتهم استني أبوها وأمها وهما رايحين شغلهم الصبح ،

وأول ماخرجوا وأطمن إنهم مشيوا بعربيتهم بعدها بربع ساعة طلع لمراته فوق خلاص مابقاش قادر على بعده عنها ، وكأنها الأكسجين إللي بيتنفسه وإللي من غيره يا يموت يا يعيش ، طلع بلهفة وشوق وحنين وكأنها غايبة عنه سنين وخلاص الصبر خلص من عنده ومبقاش متحمل ،

ساعات الحاجات إللي بتريحنا وتبقي بين إيدينا نفرط فيها ومنعرفش قيمتها إلا بعد مانحس إنها هتضيع مننا وساعة مايجي في بالنا فكرة الضياع الحرب في العقل والقلب يشتغلوا ويتخانقوا مع بعض لحد ماواحد فيهم يفوز على التاني ،

في ناس بيحكموا العقل ويرجحه كفته علي كفة القلب ودول نوعاً ما حياتهم مستقرة شوية ،
بس بردو ممكن حكم العقل يخسرهم حاجة يفضلوا يندموا عليها طول عمرهم وعلشان حكموا عقلهم مابيبينوش الندم خالص ولو لحظة ، شخصيتهم القوية غلبت عواطفهم ،

وفي ناس بيرجحوا كفة القلب وبيضربوا بكل حاجة عرض الحيطة ويمشوا ورا سعادة قلبهم إللي ممكن يدمرهم علشان عاطفته غلبت حكمته ،

وبين ده وده شواهد ياإما تبين الصح للاتنين فيمروا بسلام ، ياإما مايخدوش بالهم منها ويضيعوا في خبر كان ،

طلع ضرب الجرس واستناها تصحي من نومها تفتح له علشان يملي عينه بشوفتها ويشبع قلبه بطيفها ، ويشبع روحه بنفسها ،

وبعد دقيقة واحدة بس فتحت الباب وهيا بحجابها وبكامل احتشامها ،

أول ماشافته قلبها دق بعنف و جسمها اهتز من منظره إللي يوجع القلب والأعصاب من الهالات السودا إللي تحت عنيه ودقنه الطويلة وجسمه الهزيل ، وده كله من أسبوع واحد بعدته عنه ،
ومستحملتش ومقدرتش تقاوم إنها تاخده في حضنها وراحت رمت نفسها جواه،
وهو كمان مسك في حضنها بإيده وسنانه وراح قافل الباب برجليه ،

وهمس لها في ودانها برغبة وشوق واشتياق :
_ وحشتيني وحشتيني وحشتيني ،

وكمل بنفس الهمس إللي دوبها:
_ هنت عليكي تغيبي عني كل ده ،
هنت عليكي تسيبي قلبي وروحي بين اديكي وتسبيني علي مشارف الموت بترجي لقاكي ،

مردتش عليه غير أنها تشدد من حضنه وكأنها غريق ولقي البحار إللي ينقذه من الغرق ،

وفي لحظة قربها جننه وريحتها أسكرته وشكلها وهي لسه صاحية من النوم أغراه وكل ده ميجبش ذرة في اشتياقه ليها من بعدها عنه وفجأة باسها بوسة طويلة واتحولت بوسة الاشتياق لرغبة جامحة ،

شد لها حجابها من علي راسها وكل ده وهي مستجيبة مغيبة معارضتهوش وبتدعيه يكمل من غير أدني اعتراض ،

أما هو البوسه أخدت منحني تاني منحني خطر وحجابها بس إللي منكشفش ،

وراحوا الاتنين لدنيا تانية خالص دنيا العشق الممنوع اللي ممنوش رجوع ،

وبعد نص ساعة بعد ماوقعت هبة في المحظور وفاق أسامة علي صوت صرختها ، بعد عنها فوراً بس بعد إيه بعد فوات الأوان وإللي كان كان ،

أخدها في حضنه وطمنها وهداها من دموعها إللي مش مبطلين علي أملها الضايع وفرحة عمرها إللي كسرتها بإيديها وإللي مهما عملت مش هترجع لأصلها تاني ،

لأن إللي حصل زي عود الكبريت بالظبط لما يتولع وينطفي خلاص كده ملهوش لازمة تاني ،

وده كل إللي بتفكر فيه هبه ،

أما هو فضل يهدي فيها وهو بيقول لها وبيطمنها:

_ متعيطيش ياحبيبتي إحنا معملناش حاجة غلط إحنا متجوزين علي سنة الله ورسوله وكلها شهرين بالظبط ومتبعديش عن حضني تاني ،

وأنا عمري ماهتخلي عنك ولا هجرحك ولا هزعلك بكلمة واحدة يانبض قلبي ،

هديت وقالت له وهي بتداري نفسها بخجل من إللي حصل :
_ خلاص ياأسامة إللي حصل حصل أنا وأنت انجرفنا ورا مشاعرنا ووقعنا في المحظور ،

ممكن بقي تقوم تمشي دلوقتى قبل ماحد يجي وياخد باله من إللي حصل وساعتها هيحصل مالا يحمد عقباه .

باسها من راسها وقال لها:
_ حاضر ياقلبي بس افتحي تليفونك علشان هكلمك اول لما أروح علشان اطمن عليكي يا قلبي ،

شاورت له براسها إنها موافقة ،
وقام أسامة ونزل ركب عربيته وهو حاسس بنشوة واستمتاع خلوه سرحان وهيمان ومش بس كده ومن أثر الشرب إللي شربه وخلي دماغه في حتة تانية خالص وفجأة اصتدمت عربيته بعربية تانية اصتدام شديد هو إللي كان غلطان فيه ،

وانقلبت العربية بأسامة وهو جواها بين الحيا والموت ، واتجمعوا الناس حواليه من كل حته وحاولوا يخرجوه من العربية واتصلوا بالإسعاف ،

وبعد مدة الاسعاف وصلت وبسرعة نقلوا أسامة علي المستشفى وباقي المصابين إللي كانو معاه ،

ده كله وهبة قاعدة في أوضتها مخنوقة ومقهورة علي إللي حصل بكل إرادة منها وكأنها كانت مغيبة ساعتها وعقلها كان في عالم تاني تايهة فيه بكل جوارحها ولما فاقت وأدركت فاقت علي كابوس ،

وياريتها هتقف علي كده ولا زي ماطمنها أسامة إنه مش هيسيبها ، بس القدر كان ليه رأي تاني وحكم تاني ،

وهنا بقي أسامة وهبة مشيوا ورا قلبهم من غير أي ذرة عقل وكانت النتيجة ،

جالها إتصال من مامته ردت عليها وكانت منهارة ومش قادرة تاخد نفسها وقالت :
_ أسامة ياهبة الحقي أسامة عمل حادثة وبين الحيا والموت ،

التانيه قلبها وقع في رجليها من الرعب وألف فكر وفكر صال وجال في دماغها من مجرد سماعها لخبر حادثة أسامة ، ووصل دماغها لبعيد وانهارت بسكوت مخيف علي السيناريوهات إللي جمعتها في دماغها ،

من مجرد خبر بس آمال بقي لما يتجسد لواقع وحقيقة ، وأول ماجه في بالها فكرة حقيقة الإنهيار إللي بصمت اتحول لصوت عالي وهي باصة في السما وهنا بقي افتكرت ربنا ،

علشان ينجدها من جحيم حطت نفسها فيه ومعملتش حساب إن الغلطة إللي بتيجي في لحظة الضعف بألف غلطة ،

بصت للسما وقالت :
_ يااااارب متوجعش قلبي عليه يارب ومتورنيش فيه إللي يخليني ميته بالحيا ،

يااااارب إحنا غلطنا وغلط كبيير بس إنت كريم وكرمك واسع وحاسبنا برحمتك مش بعدلك يارب ،

وفي ثواني كانت لبست وخرجت بسرعة البرق علي المستشفي تشوف جوزها إللي بقي قولاً قدام قلة قليلة من الناس وفعلاً بينهم هما الاتنين بس مفيش غيرهم ،

دخلت المستشفى لقت والدته منهارة وقاعدة علي الأرض ببتبكي بصوت ودموع يلين من وجعها الحجر ،

وقفت مكانها من المنظر وإللي منه استشفت خبر موتها بالحيا ، موت قلبها إللي راح مع الحبيب ،
موت عمرها إللي خلص وقت ماطلعت روح نصها التاني ،

موت روحها اللي نزفت قهر ووجع هيلازمها طول عمرها ،

راحت عليها وقالت لها بأمل :
_ طمنيني ياماما أسامة بخير صح ؟
طمني قلبي إللي هيقف وقولي لي إنك بتعيطي علشان الحادثة شديدة ،

طمني قلبي وقولي لي إن الدكاترة طمنوكي وإنه هيخرج من الأوضة دي سليم ،

وأنها مجرد حبة جروح وهيرجع لي حبيبي العمر والأيام ،

ماااااات أسامة مات ياهبة أسامة مات ،

قالتها أمه بوجع وقهر وصدمة وبكا وصوت عالي خلي كل إللي حواليهم مشفق علي حالتهم من الوجع والألم الظاهر للأعمي يحس بيه ،

آآآآه آآآآه لأ يا أسامة لأ متعملش فيا كده وتسيبني وتمشي ،

قالتها هبة بوجع ونواح يقطع القلب ،

وكملت بعياط وهي مش مصدقة ولا قادرة تاخد نفسها:
_ لأ ياأسامة إنت وعدتني إنك مش هتسيبني وهنكمل مع بعض الحلو والمر وعدتني إننا هنقسم كل حاجة وحشة وحلوة مع بعض،

سبتني بدري ياأسامة بدري أوي ياحبيبي،

يااااااااارب خدني وراه مش هقدر أعيش ولا أكمل من غير قربه وحبه وقلبه ،

يااارب رجعلي أسامة يااااارب مش هقدر أتنفس من غيره ،

وفضلوا الاتنين يعيطوا في حضن بعض في مشهد تقشعر له الأبدان،

وهنا في اللحظة دي الحياة بتقف قدام عنينا في لحظات الحزن ونفكر إن كده خلاص مفيش نهاية للحزن ، وإن مفيش فوق الأرض أتعس مننا ،

فنقسي علي نفسنا ونحكم عليها بالموت بالبطئ ، عايشين آه وبنتنفس لكن روحنا ماتت مع الغالين إللي راحوا ، ونعيش زي الميتين بالظبط والدنيا اسودت في عنينا وإن خلاص بمرواح الغاليين لا ضحك لا فرح لا حياة وعايشين حياتنا جسد بلا روح ،

مات أسامة واندفن في مشهد يزلزل العاصي ويخليه يتوب ،
يزلزل المخطئ في حق نفسه ويخليه يفوق ،

ويهد القوي إللي مفكر نفسه أقوي من إللي خلقه وفارد نفسه في الدنيا بالطول والعرض ومش عامل حساب للحظة كل شئ ممكن ينتهي ويفارق وكله ذنوب ،
_________________________________

بعد وفاته بشهر ونص هبة جسمها ضعف جداً وبقت هزيلة وحالتها لاتسر عدوا ولاحبيب ،

فجأة وهي قاعدة في أوضتها بطنها وجعتها وحست بقلبة في معدتها وطارت علي الحمام جري ورجعت كل إللي في معدتها ،

وأمها واقفة وراها بتتقطع علي منظر بنتها وجمالها إللي راح ووشها إللي بهت وجسمها إللي قرب يختفي من قلة الأكل والنوم وفسرت ترجيعها إن جالها برد في معدتها بسبب إهمالها في نفسها ،

أما هبة قلبها طب بين ايديها ومش مبطل دقات من الخوف والرعب بسبب إللي جه في بالها واللي هي شبه متأكدة منه ،

وطمنت أمها أنها بخير وأنها مفيهاش حاجة وهما حبة برد وهتاخد حبوب وهتبقي كويسة ،

وتاني يوم استنت لما أمها وأبوها نزلوا الشغل لبست وخرجت راحت صيدلية بعيدة علشان تجيب اختبار عمل من مكان بعيد عن منطقتها خالص ولا حد يعرفها ولا تعرف حد ،

وجابت الاختبار ورجعت البيت بسرعة عملته واستنت النتيجة إللي بتظهر بعد عشر دقايق وكانهم ميت سنة ، بس الإختبار مخيبش في ثانية ظهر وشافت المكتوب اللي ممنوش هروب ،

وانضاف لقايمة الوجع وجع جديد ومش أي وجع ده البوص زي ما بيقولوا ،

وكلمت نفسها بصوت عالي:
_ هتعملي إيه دلوقتي ياهبة في المصيبة إللي إنتي فيها دي ،

هتموتي إبنك وابن حبيب عمرك علشان ماتنكشفيش ولا هتسبيه وتستحملي الملامة إللي ممكن تقضي علي أبوكي وأمك خالص ،

ولا الناس إللي حواليكي هيبصو لك إزاي بعد كده ،

أعمل إيه يارب أعمل إيه دبر لي أمري ،

يارب أنا تعبت واتعلمت الدرس واتعلمته كويس جداً ،

وطلعت منه بوجع ودمار بامتياز مع الشرف ،

يااااارب ،
وفضلت دموعها تجري على وشها وكأنها خلاص بقت هي والدموع أصحاب وعشرة عمر ومش هيفارقوا بعض أبدا،

كل ده حصل ومفيش مخلوق يعرف عنها حاجة ولا أمها ولا أبوها ولا حتي صاحبة من صاحباتها ،

وفضلت تعبانه وراقدة في السرير ولا بتاكل ولا بتشرب وبتوهم أمها أنها بتاكل كل لما تسألها ،

علشان متتغضطش عليها وترجع من الأكل وينكشف أمرها ، وساعتها هتتمني الموت ومش هتطوله ،

بس لحد امتي رصيد الإنسان من الستر هيكمل معاه ؟
لحد امتي هيفكر إنه ذكي ومحدش هيكشفه إلا إذا اعترف بنفسه ؟

لحد امتي هيفضل يدور جوه صراع نفسه وكتمانه إللي ممكن يدمره في لحظة ؟

لكل واحد فينا لحظة ضعف لأ لحظات ضعف بس فيه لحظات ضعف ماتضيعش ولا توجع قلوبنا وفيه لحظات ضعف تقضي علينا وتخلينا نتهد ومنقمش منها تاني ،

وبين ده وده قلوب بتحيا وبتتعلم وبتكمل ،
وقلوب تانية بتموت وبتتدمر وياعالم هتكمل ولا مش هتكمل ،

خلاص هنا هبة فاض بيها الكيل ومبقتش قادرة تتحمل لوحدها وقررت تحكي لمامتها كل حاجة ،

وهينوبها إيه يعني غير إللي هي فيه حبة وجع زيادة وده يجي ايه في بحر وجعها ،

حبة دموع زيادة عادي بقت الدموع ملازماها ومش مفارقاها ،

حبة لوم وجلد نفس وعتاب بجرح عادي برده جلدها لنفسها كل يوم عن اليوم إللي قبله فاق الوصف بمراحل ،

اتصلت بصاحبتها الأنتيم وإللي عارفة كل حاجة عنها وقالت لها بعياط شديد:
_ الحقيني ياريهام أنا في مصيبة كبيرة وقعت علي دماغي ومكنتش عاملة لها حساب .

ردت صاحبتها وهي بتهديها ولكنها قلقانة من جواها:
_ اهدي ياهبة اهدي ياحبيبتي واحكي لي فيه ايه علشان أفهم مش هعرف أفهم حاجة منك وأنتي منهارة كده .

هديت هبة شوية وراحت قايلة لها بوجع مخلي قلبها ينزف :
_ أنا حامل ياريهام حامل حامل،

حامل من أسامة الله يرحمه وابنه في بطني ،

قولي لي أعمل إيه في المصيبة إللي أنا فيها دي؟

انصدمت ريهام ولسانها اتلجم ومبقتش عارفة تنطق تقول لها إيه !

تقول لها نزليه وارتاحي وريحي نفسك ،بس كدة بتقول موتي روح بريئة ،
ولا تقول لها نزلي إبنك من أسامة حبيبك وجوزك واللي ممكن يبقي ذكري جميلة منه تعيش معاها ،

وياتري لو سابته المجتمع هيرحمها وهيسيبها تربي ابنها أو بنتها في هدوء ،

ياه علي الغلطة إللي بتدمرنا في لحظة ، وبتدمر عمر بحاله ونفضل ندفع تمنها أيام وسنين وشهور ،

مقدرتش تقول لها حاجة غير إنها تطمنها وتهديها وأقنعتها باللي هي مقتنعة بيه أصلا إنها تقول لمامتها فوراً بس تستني اسبوع كدة تهدي أعصابها فيه علشان تقدر تفجر القنبلة وتستحمل عواقب الانفجار ،

وفضلت هبة تلت أيام من غير أكل بتمثل قدام مامتها أنها بتاكل وبتشرب ومامتها تعبت منها وخلاص مبقتش عارفه ولا فاهمة بنتها مالها ولا إيه إللي جرالها ومفسرة حالتها إنها حزينة علي جوزها وحب عمرها إللي مات من قبل مايتجوزوا فعلياً ،

لكن يشاء القدر إنه يقف في صفها النوبة دي وينصف روحها شوية ودي رحمة ربنا إللي بتنزل بعباده ،

الرحمة إللي محاوطنا بيها في كل نفس وفي كل مكان ،وفي كل زمان ،

الرحمة إللي بيها بيطبطب علي جروحنا وبيداويها حتي لو الدوا مفعوله علي المدي البعيد،

قامت هبة من نومها بعد أسبوع من قرارها إللي أخدته في نفس الليله إللي قررت تحكي فيها لمامتها ،

لكن ستر ربنا منعها المرة دي وكأن لسه ماآنش الأوان علشان تبوح بالمكتوم ،

جريت علي الحمام تشوف فيها إيه وأثناء ماهي بتجري حست بسخونية مابين رجليها ،

دخلت بسرعة وشافت في إيه ، وانصدمت من إللي شافته ، دم مغرق رجليها بشكل مرعب حطت إيديها علي بوقها تكتم وجعها وفضلت مكانها في الحمام مستنية باقي حلمها الضايع يروح مع إللي راحوا ،

فضلت واقفة مكانها بطنها تتقطع ومستحملة الوجع بسكات من غير مايطلع لها حس ،

وده نوع من العقاب إللي بيتحمله المخطئ إللي بيوقع نفسه في الغلط ولما يكتشف بيستحمل كل إللي بيجراله وهو ساكت ،

بيستحمل كل أنواع العقاب في صمت وسكوت لأنه معندوش أي حجة في الدفاع عن نفسه ،

خرجت من الحمام وهي ماسكة بطنها وبتتوجع ومسكت الموبايل ودخلت علي جوجل تبحث عن علاج لحالتها دي علشان محدش يحس بيها ،

وفعلاً لقت كذا علاج كتبت نوعين في ورقة وقلم وصورتهم وبعتت هم لصاحبتها علي الواتس تجيب هم لها وتيجي فوراً ،

بسرعة راحت صاحبتها الصيدلية وجابت لها العلاج وحطته في شنطتها وطلعت جري علي صاحبتها ،

ضربت الجرس واتحاملت هبة علي نفسها وقامت فتحت لها الباب ،

صاحبتها أول ماشفتها قلبها وجع عليها جداً ،

سندتها ودخلتها الأوضة وبسرعة راحت علي المطبخ تعمل لها أي حاجة تاكلها ،

علشان مينفعش تاخد العلاج علي معدة فاضية ،

كل ده ومامتها وباباها في الشغل ،

عملت لها لقمة خفيفة وضغطت عليها علشان تاكل ،

واستجابت هبة أنها تاكل بالغصب علشان تاخد العلاج وتفوق شوية قبل أمها ماتيجي من الشغل ،

وأكلت وأخدت العلاج وصاحبتها عملت لها حاجات سخنة تشربها ،

وبعد ساعة قالت لها قومي خدي شاور وأنا هنضف الدنيا هنا قبل والدتك ماتيجي ،

وفعلاً قامت خدت دش ينزل عن جسمها الوجع والتعب ،

والتعب الجسدي هيروح لكن التعب النفسي والتدمير إللي هيا فيه هيتداوي إزاي ،

بعد ماكانت خلاص أقنعت نفسها إنها مش هتتخلي عن ابنها من أسامة وهتواجه بيه العالم بحاله ،

وهتستحمل معاه اللوم والعتاب والاستهزاء لكن مش هتنزله وتغضب ربنا تاني ،

وعلشان ربنا رحيم بعباده كتير أوي بيخفف عنهم الوجع علشان يقدروا يكملوا ،

أخدت الدش وخرجت كانت صحبتها نضفت المكان كويس وروقته ونيمتها علي السرير وغطتها كويس وقالت لها انها حطت العلاج في دولابها وعرفتها مواعيده بالظبط وطلبت منها إنها تنام الساعتين دول قبل ما مامتها ترجع وتصحي قبل ماتيجي علشان متشكش فيها وهيكون العلاج عمل مفعول وريحها شوية ،

ومرت أيام وأيام وشهور وشهور لحد ماعدي سنة ،

ونرجع من الفلاش باك ،

قاعدة قدام البحر وقررت خلاص تحكي لمامتها عن مشوار تعبها إللي اتحملته لوحدها علشان هي صاحبة الغلط الوحيدة في الموضوع كله،

قررت تحكي علشان إبن عمها إللي رجع قرر عرضه تاني مرة واتنين علشان بيحبها ،

وكل مرة ترفض وتتحجج إنها لسه مش مستعدة لأي ارتباط علشان التجربة المريرة إللي مرت بيها ،

ويتكلم نفسها بشجن اتعودت عليه:
_ياه ياأسامة تخيل أنا عاملة إزاي دلوقتى عايشة زي الميتين بالظبط ،

إنت رحت للي خلقك واستريحت وأنا هنا بدفع التمن ،

التمن إللي بدفعه من سنين من يوم ما عرفتك وفضلت أعافر معاك بكل جهدي وأقف قدام أمي وأبويا والدنيا بحالها علشان حبك إللي خلاني شبه إنسانة ،

جت مامتها من وراها وهي بتقول لها بإبتسامة حنونة :
_ حبيبة قلبي عملت لك كوباية الشاي بالنعناع إللي بتعشقيها ،

شكرتها هبة وسألتها:
_ آمال بابا فين ياماما ؟

ردت عليها وقالت لها:
_ نزل يتمشي في اسكندرية شوية ياستي بيقول شوارعها بتوحشه وأما بيصدق يجي هنا كل إجازة صيف علشان يفضل يلف فيها ، ويشبع منها وبرده ما بيشبعش ،

وطلب مني أتمشي معاه بس أنا قلت له إني هقعد معاكي هنا علي البحر ،

ابتسمت لأمها بشرود وقررت خلاص تبدا من معاها الكلام وخلاص لامفر وقوع البلا ولا انتظاره ،

وبصت لمامتها وهي بتفرك في إيديها وقالت بلجلجة:
_ ماما عايزة أتكلم معاكي في موضوع مهم وخاص جداً ياأمي ،

بس ياريت تتقبلي مني وتستنيني لحد ماخلص للآخر وبعدها اعملي فيا إللي إنتي عايزاه ،

مسكت مامتها إيديها تطمنها وشاورت لها بعينيها أنها تتكلم وتحكي ومتخافش ،هي أصلا مستنياها بقالها مدة تترمي في حضنها وتحت رجليها علشان تفضفض بوجعها ،

بدأت هبة تحكي حكايتها من ساعة إللي حصل معاها هي وأسامة يوم كتب الكتاب ،

لحد حملها وسقوطها وتعبها وهمها وشلالات الدموع مغرقة وشها وجسمها إللي بيتنفض وهي بتحكي ،

كل ده ومامتها كأن سهم وقع علي قلبها ورشق فيه ،

وعلي لسانه وأخرصه من إللي بنتها حكته ومش بس كدة واللي عاشته واستحملته كمان ،

كل ده وهبة خلصت ومستنية العاصفة إللي بعد الهدوء من مامتها واللي سكوتها رعبها أكتر وأكتر ،

وفجأة أخدتها أمها في حضنها وهي بتعيط جامد وبتطبطب عليها جامد وفضلوا الاتنين في حضن بعض يعيطيوا ويشهقوا كل واحد فيهم علي ليلاه ،

وبعد شوية إتكلمت أمها وهي في حضنها وقالت بقلب متقطع:
_ ياحبيبتي يابنتي كل القهر ده عشتيه لوحدك ومفكرتيش تقولي لي!

كل العذاب والوجع ده اتحملتيه بطولك من غير حد مايقف يسندك في كل وقعة وقعتيها !

كل الدموع والمرار والألم ده ومفكرتيش تيجي تترمي في حضن أمك ياقلب أمك وتشتكي وتفضفضي من الخوف والرعب !

آه يابنت عمري وقلبي آه ياحبيبتي آه ،

وفضلت تحضن فيها وتبوسها من راسها ومن وشها إن بنتها الوحيدة لسه عايشه بعد كل إللي عاشته وحكته ،

بتحمد ربنا في نفسها إنها معملتش زي إللي بيعملوا اليومين دول وينتحروا وساعتها كانت هتموت وراها ،

وفضلوا علي حالهم ده لحد ماهديوا وبعدين اتكلمت أمها وهي بتسألها:
_ وياتري ندمتي وعرفتي غلطتك إللي ماتعليمتيهاش ببلاش ياحبيبتي ولا لسة مصرة علي موقفك ؟

مسحت هبة دموعها بايديها وردت علي أمها:
_ ندمت على غفلتي ياأمي لكن عمري ماندمت علي حبي لأسامة ،

ندمت على عدم تحكمي في نفسي وفي مشاعري وإني محافظتش علي نفسي كفاية لكن ماندمتش علي اختياري لأسامة رغم كل إللي حصل ،

متتصوريش ياماما مهما أحكي لك أسامة كان بيحبني قد إيه مش هتصدقي ،

ولكن من الحب ماقتل !

هو مات وراح عند ربنا واستريح وأنا عايشة زي الميتين ،

وخبطت علي قلبها وقالت بدموع :
_ ياريتني كنت مكانك يارتني كنت بدالك يا أسامة ولا إني أعيش محطمة أعيش حياة بلا حياة ،

اترعبت أمها من دعوتها علي نفسها وحطت إيديها علي بوقها وقالت لها :
_ بس ياهبة بس يابنتي متدعيش علي نفسك ياحبيبتي ،

ربنا يخليكي ليا وميحرمنيش منك أبداً يابنتي ،

ده إنتي روحنا وحياتنا وعمرنا كله ،

فداكي كل حاجة ياعمري ،
وخلاص إللي حصل حصل وبعدين إنتي كنتي متجوزة علي سنة الله ورسوله مش خاطية أينعم كان مكتوب كتابك وكان لسة قدامك شهرين علي فرحك بس هنعمل ايه مقدر ومكتوب يابنتي ،

واللي انكتب علي الجبين لازم تشوفه العين ،

خدي راحتك وأنتي بتداوي جروح قلبك وجسمك وروحك ، وإللي عايزك يقبلك بظروفك إنتي مكنتيش ماشية علي حل شعرك إنتي كنتي متجوزة ،

وملكيش دعوة بالناس خالص، الناس ولا بيسيبوا السليم في حالة ولا العيان ، ولا الصالح ولا الطالح ،

وكل واحد مليان عيوب متدارية وهموم مستخبية بتداري ورا الإبتسامة الكذابة ،

كل واحد يسيب الناس لرب الناس هو إللي يحاسبهم علي السئ والحسن ،

كل واحد يركز في حاله أحلاله ومتقلقيش ياحبيبتي إنتي تعبتي وعانيتي مع جوزك الله يرحمه علشان تصلحي شأنه وكل ده مكتوب عند ربنا واللي عنده مابيتنسيش ،

وكملت وهي زعلانة ،

بس أنا ليا همسة عتاب عندك :
_ ليه مجتيش لأمك ياقلب أمك وقلتلي علي همك وتعبك وأنا كنت هشيل معاكي ياقلبي ؟

ليه سبتي الخوف يتمكن منك ويدمرك وأنا طول عمري معتبراكي صاحبتي وأختي وامي قبل ماتكوني بنتي ؟

جريت علي أمها وحضنتها جامد واستريحت خلاص والهم إللي في قلبها راح ،

بعد ماطمنتها أمها وطبطبت عليها وعلي جروحها ووعدتها إنها هتقف جنبها ومش هتسيبها أبدا للدنيا تخبط فيها وصبرتها إن ربنا هيبعت لها العوض علي حزنها وقهر قلبها إللي يسعدها ويفرحها ،

واتفقوا مع بعض إن حملها وسقوطها يندفن ويموت مع اللي مات وكفاية بس إن إللي هيرتبط بيها ، يعرف أنها كانت متجوزها ويا يقبلها ويقدرها علي كدة ياإما سكة السلامة ،

وهدتها إنها هتفهم باباها بهدوء وتطمن حتي لو عنفها شوية تستحمل وتعدي ،

زي ما كل حاجة بتعدي الألم والأمل بينهم حرف واحد متبدل ،
والصبر والجبر برده نفس الحروف بس تحقيقهم مرتبط ببعضه ،

وهما في حضن بعض فجأة أغنية في الكافيه إللي جمبهم اشتغلت وكانت بتعبر عن إللي هما فيه بالظبط وكانت بتقول:
_ هنعيش ونشوف معاناة وظروف والفرحة هترجع من تاني والدنيا هتبقي مصالحاني ،
حالنا بيتغير في ثواني وفي غمضة عين ،
في سباق ماشيين وفراق وحنين والشدة تملي تقوينا وتبين مين قلبه علينا،

وعلي حس الأمل إللي مالينا عايشين راضيين،

ده ياما حكايات أولها ناس بتنسي وآخرها حب لاقيناه عوضنا علي إللي عيشناه ،

وياما حكايات خلت حياتنا أحلي والصعب ياما عدي والصعب كله نسيناه .

وخلص الاسكريبت
وقولوا لي رأيكم فيه

#فاطيما_يوسف
#همسة_عتاب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
20

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل