منوعات

لع,نه الماضي بقلم سعاد محمد سلامه

 

 


رواية /قلب الحقائق

الكاتبة/سعاد محمد سلامه

تمهيد
….. ❈-❈-❈
بسم الله الرحمن الرحيم
(«فأما اليتيم فلا تقهر، وأما السائل فلا تنهر») صدق الله العظيم
ماذا إذا كانت يتيمه وسائله، تجرعت كأس اليُتم منذ لحظة ولادتها، آتت هى للحياه، لتفارق بنفس اللحظه والداتها، لم تكن تعلم أن بُكائها وقت ولادتها سيصبح مُلازماً لها طوال عمرها، تولى شأنها والداها، ولكن هذا أيضاً سُرعان ما تركها وهى بعمر الخامسه، لتتولى بعد ذالك مسئولية تربيتها خالتها التى تعمل(نامصه) تكسب عيشها بتحفيف نساء القريه مقابل مبالغ زاهده، لكن كانت تكفى لسد رمقها هى وتلك اليتيمه، لكن حتى هذا لم يدوم طويلاً أيضاً، توفيت خالتهاوهى بعمر الحاديه عشر، طفله يتيمه، لا أهل، ولامُعيل، أخذها شيخ المسجد الخاص بالعزبه، ربما يكسب فيها ثواباً وهو يربيها مع أبنائه، لكن كيف، وهى قريبة أغنى رجل بالعزبه، أخذها الشيخ لبيت ذالك الرجل،الذى رحب هو وزوجته بها على مضض  أخذها كى يظهر أنه رجل البر والأحسان
❈-❈-❈
الفصل الأول”حُكم عادل
❈-❈-❈

بنى سويف سنة 2019

بين جدران أحد محاكم تلك المحافظه الكبيره
دخل ذلك القاضى،بهيبه دائمًا تصحبهُ،بأى محكمه يزاول فيها مهنته،التى تقتضى منه الحقانيه،فهو قاضى،يُحكم بين الناس بالقانون،دخل مباشرةً الى غرفة،رئيس المحكمه،إستأذن على الباب،ثم دخل بعد أن سُمح له دلف يرسم بسمه يُعرف نفسه قائلاً:
السلام عليكم،أنا القاضى،”إسماعيل مرتضى دراج” ومنتدب جديد للمحكمه.

وقف رئيس المحكمه له مرحباً يقول بحفاوه:
عليكم السلام،أهلاً بيك فى محكمتنا يا سيادة القاضي،سمعتك سبقاك،وكنت أتمنى من زمان اتعرف عليك.

تبسم إسماعيل وهو يُصافح رئيس المحكمه قائلاً:
أتمنى تكون سُمعتى طيبه،وأنا ليا الشرف أنى أتعرف على قاضى محترم،ومعروف بالنزاهه،زى حضرتك.

تبسم رئيس المحكمه وهو يعود للجلوس على مقعده مُشيرًا له بالجلوس قائلاً:
سُمعتك طيبه،وكمان سمعت إنك مش بتخاف من حد،وبتحكم بالدلائل والبراهين،ومش بتخاف،فى الحق غير الله،وده اللى شجعنى أنى أعطى لك أهم قضيه هنا فى المحكمه،قضية خدت وقت كبير ولها ضجه كبيره،كمان قضية إستئناف على حكم إعدام فى حق شاب فى قضية إ اب،إتفضل ملف القضيه أهو.

جلس إسماعيل بعد أن أشار له رئيس المحكمه بالجلوس،وأخذ الملف من يد رئيس القُضاه،متبسماً يقول بمرح:
من أولها كده،قضية إستئناف،وإعدام،حضرتك واثق فيا أوى.

تبسم رئيس المحكمه قائلاً:
قولتلك سُمعتك سبقاك،وكمان بالصدفه عرفت إنك من مواليد محافظة بنى سويف،وحادثة قضية الأ اب دى،تمت هنا فى المحافظه،يعنى ممكن تكون قريب من المتهم فى القضيه،وعندك معرفه بالمتهم اللى لازم يتحاكم ،هو أبن عيله كبيره هنا ومعروفه وليها سيط كبير،يظهر المال السايب،والدلع،فسدوا أخلاقه،عندك الأسماء فى الملف،وكمان ميعاد القضيه بعد حوالى أسبوعين،أظن مده كافيه تقدر فيها،تحسم القرار،لأن للآسف لو أتأيد الحكم يبقى ده آخر أستئناف له.

إبتسم إسماعيل قائلاً:
أوعدك هدرس ملف القضيه كويس جداً، وبناءً على التحقيقات والبراهين هيكون حُكمي.

رد رئيس المحكمه، بإبتسامه وثقه:
وفقك الله للحق دايماً.

نهض إسماعيل قائلاً:
تأذنلى حضرتك أروح للمكتب الخاص بيا.

نهض رئيس المحكمه هو الآخر، مادداً يدهُ له بالمصافحه قائلاً:
طبعاً إتفضل، وأتمنى لك التوفيق، مره تانيه هنادى على الساعى عشان يعرفك مكان مكتبك.

أماء إسماعيل رأسه بإبتسامه

بعد دقيقه..
دخل إسماعيل الى ذاك المكتب المُخصص له بالمحكمه،شكرا الساعى الذى مدح فى سمعته الطيبه، وبعدها غادر، ذهب نحو مقعد خلف المكتب وجلس عليه، وضع ذاك الملف على المكتب أمامه ثم نظر  نحو ذاك تمثال للـ المرأة العمياء التى تحمل كفتي الميزان،ذاك التمثال المعروف بميزان العداله
رمز العداله إمرأة عمياء،تنهد ثم أمسك ذاك الملف مره أخرى،وقام بفتحه،وقراءة ما هو مدون به،وأخذ يُفكر ويحلل التحقيقات السابقه،وسبب صدور حُكم الاعدام،هل هو حقاً جزاءً لفعلة ذلك الشاب.

بأول ورقه بالملف رأى صورة الشاب
نظر الى إسمه، نطق قائلاً: “ماجد ثروت الشعراوى”.
فى ذالك الحين دخل عليه الساعى مره أخري يحمل بين صنيه قائلاً:
الجهوه كيف ما طلبتها يا سيادة الجاضى،يارب تعچبك.

ترك إسماعيل الملف،ونظر متبسمً للساعى قائلاً:
متشكر،القهوه جت فى وقتها بالمظبوط.

تبسم الساعى قائلاً:
صحه،وهنا،معاوزيش منى حاچه تانيه،أنى فى خدمة چنابك،إسمى عطوان .

تبسم إسماعيل قائلًا:
لما هعوزك،بحاچه هناديلك يا عم عطوان،بس دلوقتي بشكرك عالقهوه،اللى ريحتها تعدل المزاج.

رد عطوان ببسمة:
أنى خدمت كتير تحت يد جُضاة،بس أنت أول جاضى يجولى يا عم عطوان ربنا يعلى مراتبك،وتُبجى فى يوم وزير العدل.

ضحك إسماعيل:
وزير العدل مره واحده،متشكر،لأمنيتك الطيبه،بس صدقنى العدل كلمه مش سهله.
………
بالمساء
بأحد الشُقق الخاصه.
بغرفة المكتب
فتح إسماعيل ذاك الملف،أعاد قراءة
إسم المتهم”ماجد ثروت الشعراوى”
تحدث هامساً:
السنين لفت بسرعه،من قبل ما أقرى إسمك عرفتك،طلعت بتشبه أبوك مش بس فى الشكل الخارجى،لأ وكمان نفس الطباع القذره،بس علشان أريح ضميرى هقرى التحقيقات مره تانيه،علشان مغلطش نفس الغلط القديم،وإللى دفعت تمنه بريئه.

بدأ إسماعيل بقراءة ملف القضيه، بتمعن شديد، الى أن إنتهى، منه وأخذ القرار، بناءً على تلك التحقيقات، وشهادة الشهود، وأيضاً مُلابسات القضيه، وضع الملف على المكتب، ونهض تاركً غرفة المكتب، وتوجه الى غرفة النوم،
وجد زوجته  مازالت مُستيقظه تضجع بظهرها على الفراش تقرأ أحد الكُتب،الخاصه بتعليم الأطفال.
نظر لها قائلاً:
لسه صاحيه، يا “لميس”.

وضعت الكتاب جانباً وإبتسمت له وأجابته: كنت براجع بعض المعلومات علشان رباب، لما تسألنى عنها أعرف أجاوبها، بس أنت خلصت قراية الملف اللى كان معاك بسرعة كده،أيه القضيه سهله قوى كده؟

خلع المعطف الذى كان يرتديه، وقام بوضعه على أحد المقاعد، وتوجه الى الفراش جوار لميس و تنهد مُجيبًا:
بالعكس دى قضيه مهمه جداً، بس التحقيقات موضحه كل شئ قدامى، وأخدت القرار.

إبتسمت لميس قائله بهدوء:
ربنا يوفقك للحكم بالحق.

قالت هذا وإقتربت منه ضمت نفسها لجسده، وقبلت وجنته تنظر له بشوق، فهم إسماعيل نظرات عيناها، هى تريد حقها منه، وبالفعل أعطى لها هذا الحق، لينهض من عليها بعد وقت، نائماً بظهره على الفراش شعرت به، كآن عقله كان مشغولً، إقتربت منه ووضعت رأسها على صدره، وهمست له سائله:
مالك حاسه أنك مضايق،أو عقلك مشغول.؟

أبعدها إسماعيل عنه برفق،ونهض من على الفراش قائلاً:
فعلاً عقلى مشغول،بالقضيه اللى بين إيديا،القضيه دى مش سهله، دى فيها حُكم بـ الإعدام،يعنى حياة بنى أدم،فى إنتظار كلمة منى،أنا مش جايلى نوم،هروح أوضة المكتب أقرى شويه،يمكن فِكرى يهدى،نامى أنتِ تصبحى على خير.

قال إسماعيل هذا وغادر الغرفه،قبل أن ترد عليه لميس التى تعجبت من رد فعله،هو كان معها عقلهِ شارد،شعرت كأنه كان يؤدى فرض عليه لا أكثر،تعلم أنها ليست المره الأولى التى تشعر معه بنفس الشعور الفاتر من ناخيته،لكن هذه المره همس بإسم “رباب”أثناء علاقته معها،مالذى أتى بإسم إبنتهم على ذهنه بهذا الوقت الحميمى، تحير عقلها، فى هذا الشعور الذى يحيرها احقًا سببه تلك القضيه، وهنالك سؤال آخر يلح على عقلها، لما لا يريد العوده ويسكن معها هى وإبنته بمنزل عائلته الفخم القريب من تلك المحكمه لما فضل السكن بتلك الشقه التى أعطتها له المحكمه، أسئله دارت بعقلها، إجابتها لديه هو فقط،لكن أين هو، لقد ترك الغرفه وذهب.

بينما إسماعيل لم يتجه الى غرفة المكتب، كما قال لها، بلإتجه الى غرفة نوم صغيرته، التى جلس على مقعد صغير جوار فراشها، ظل يتأمل ملامحها البريئه، للحظه وضع خياله أخرى تنام أمامه تبكى، عيناها تنزف دمًا  ليست عيناها فقط، جسدها كله ينزف، شعر بوجع فتاك فى قلبه
أغمض عيناه سريعاً ثم فتحهما مره أخرى،ربما إختفت صورة الأخرى من أمامه لكن لم يختفى آلم قلبه النازف بوجع الضمير، لكن تبقى الحقيقه النائمه أمامه هى طفلته شعر بالخوف عليها أن يآتى يومً وتدفع هى ثمن خطيئته بالماضى…هنا شعر بالندم والشديد والحسره على من فقدها بالماضي.
❈-❈-❈

السابقانت في الصفحة 1 من 16 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
2

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل