
عامل ايه يابني فينك محدش بيشوفك ..سحبها من كفيها
-مشاغل والله يابنت عمي، بس ايه الحلاوة دي، دا شكل الحفلة على شرفك ثم اتجه بنظره الى ربى
-لا قلبي كدا، قمرات الألفي، جذب أخته لأحضانه
-ايه الجمال دا ياروبي، لا عز ازاي خرجكم انتم الأتنين كدا
امسكته ربى من وجنتيه
-حبيبي ياجسورة، لا ولسة غنون جاية مع بيجاد هنشوف القمر بحق وحقيقي
حاوطها وتحرك للداخل خلف جنى التي دلفت بجوار تقى
جلس الجميع وبدأت الحفل كالمعتاد بالأغاني والمشاركات..خرجت غنى وجنى الشرفة ينظرن لجمال النيل
-المنظر هنا حلو أوي..وافقتها جنى الرأي
تعرفي نفسي في بيت في غابة، يحاوطه أشجار وبعيد بشوية يكون فيه بحر
ضيقت غنى عيناها:
-غابة ياجنى، ايه يابت عيشة الحيوانات المفترسة دي
أطلقت ضحكة ناعمة وضعت كفيها على فمها عندما ارتفعت ضحكاتها
-ايه التشبيه دا يابنتي، طب تعرفي بجد نفسي في كدا..قاطعهم دخول فيروز
-واقفين هنا ليه، ماتدخلوا جوا
أشارت جنى للنيل وأردفت
-المنظر هنا حلو، غير الهدوء معبر جدا عن شخصيتنا
رفعت حاجبها بسخرية مردفة
-لا والله، يعني احنا مش كويسين بنحب الدوشة، وبعدين لو تعبانة مكنتيش تيجي، قاطعهم وصول جاسر
-جنجون عصيرك ياقلبي،عارفك بتحبي الميكس، وغنونة قلبي مش ناسيكي
كانت غنى تنظر إلى فيروز بنظرات مستاءة
-ميرسي ياجاسر، انا ماشية، رفعت نظرها إلى فيروز
-كل سنة وانتي طيبة..أمسكت غنى كفيها
-استني انا كمان ماشية..ضيق جاسر عيناه:
-فيه ايه مالكم
أتت غنى للحديث، قاطعهم صوت فيروز
-اصل جنى مش مرتاحة ياحبيبي، شايف الكل هنا ثنائي وهي لوحدها
توسعت أعين غنى تنظر إليها بذهول
-تصدقي بالله لولا زعل اخويا مكنتش دخلت بيتك، انا جيت عشانه مش عشانك ، بجد انتي إنسانة مستفزة، قالتها وهي تنادي على بيجاد الذي يجلس بجوار ياسين
-في ايه ياغنى..أشارت بغضب
-فيه أن بنت عمك اتهانت من مراتك في بيتك ياحضرة الضابط ، وعلى فكرة يامدام فيروز، هي مكنتش جاية احنا لتحيلنا عليها، عشان منسبكيش لوحدك، بس طلعتي متستهليش
رفع نظره على جنى التي ابتعدت بنظرها عنه، ثم تركت كف غنى
-غنى انا ماشية بعد اذنكوا..تحركت سريعا للخارج وانسابت عبراتها على وجنتيها، وجدت المصعد مشغول اتجهت للأسفل عبر الدرج، ودموعها تفرش طريقها حتى اختفت الرؤية من أمامها
❈-❈-❈
لحظة صمت لشخص يجذبها لأحضانه
-آسف معرفش أقول ولا أعمل ايه عشان متزعليش..رجعت للخلف وهزت رأسها
-لا مفيش أسف، انا ال آسفة ممكن يكون قولت حاجة تزعلها
ازال دموعها بإبهامه
-جنى آسف، متزعليش من فيروز هرمونات الحمل، متزعليش منها حبيبتي
ابتسمت بسخرية وهزت رأسها
-مش زعلانة يابن عمي..
-أيوة عيطي يااستاذة جنى وفهميه أني وحشة، ماهو جاسر صدرك الحنين
جز على أسنانه وأشار إليها
-امشي من قدامي بدل ماورقة طلاقك توصلك حالا
نزلت درجة تعقد ذراعها وتنظر إلى جنى
-تقدر تقولي ليه الأستاذة رفضت العريس ال كان متقدملها من كام يوم، مع أنه كويس دا حتى ابن ظابط في الجيش، ولا ايه يااستاذة جنى، ولا أنتِ بتحبي العرسان الكتير حواليكي
ضغط على ذراعها بغضب
-امشي من قدامي متخلنيش افقد اعصابي..أزالت جنى عبراتها ورسمت ابتسامة
-مش يمكن بحب واحد ومستنية يجي يخطبني يااستاذة فيروز مع أن ميخصكيش
انحنت بجسدها تنظر لجاسر
-أيوة بقى هو مين دا ال بتحبيه، قولي للي بتقولي عليه اخوكي، ولا يمكن شيفاه حاجة تانية
صفعة قوية حتى ترنح جسدها، نظرت إليه بذهول
-بتضربني عشان كاشفة الأستاذة ال عاملة بريئة..بتر حديثهم هاتف جنى، نظرت للمتصل وكأنه طوق نجاة، ثم رفعت نظرها إلى فيروز
-مش هرد عليكي يافيروز، كفاية ال جوزك عمله، وعشان اريحك الشخص ال بقولك عليه جاي عشان يوصلني..فيه اتهامات تانية يامدام، ثم أجابت على هاتفها
ايوة يايعقوب اتأخرت، انا تحت هستناك، قالتها وهرولت للأسفل تهرب من قلبها اللعين
بينما الاخر الذي تصنم بوقفته ينظر بذهول لتحركها وكلماتها التي أطلقتها كرمح مشتعل أصاب صدره
اتجه ينظر لزوجته وتحدث مزمجرا
-من اللحظة دي انسي انك مراتي، كدا وصلنا لآخر حياتنا انت من طريق وأنا من طريق، أشار إلى بطنها، ودا إكراما لحملك مش أكتر، قالها وتركها متجها إلى الأعلى
عند جنى
وصلت للأسفل وعبراتها تغرق وجنتيها
-ليه يابن عمي توجع قلبي كدا، استقلت سيارتها وهي تهز رأسها بغضب، فكلما تذكرت حديثها ينشق صدرها وتشعر بنيران تكوي قلبها، استمعت إلى رنين هاتفها
-الو ..قالتها بصوت متحشرج بالبكاء
-باشمهندسة، كيف حالك..توقفت بجانب الطريق
-الحمد لله..آسفة غلطت فكرتك عز ارجوك تسامحني
-لم انزعج سيدتي، صمت ثم تحدث
-هل تبكين..أزالت عبراتها
-ابدا، انا بسوق العربية، فيه حاجة..قالتها جنى حتى تنهي المكالمة
-كنت احتاج فايل المشروع، قاطعته سريعا
-بكرة هيكون على مكتب حضرتك، بعد اذنك انا سايقة ومش عارفة اتكلم مع حضرتك
باليوم التالي..ولجت اليه المكتب بوجه شاحب
-المشروع هنا عز راجعه وكله تمام، بس لازم حضرتك تشوفه بما انك شريك
-هل لي الحق اتسائل لماذا هذه العيون حزينة..رسمت ابتسامة
-وهل هذا من قوانين العمل سيد يعقوب!!
أطلق ضحكة مرتفعة ثم نهض من مكانه وهو يتجه إليها
-ياآلهي ماهذة الطفلة الشرسة..ابتسمت له تهز رأسها فلقد رسم ضحكتها
جلس بمقابلتها
-يعقوب أيوب المنسي ابلغ من العمر سبعة وثلاثون عاما، لم يسبق لي الزواج تربيت بالولايات المتحدة، توفي والدي بعمر الشباب، امتلك امبراطوريه للمعمار في الشرق الاوسط، وحيدا منفرد وابحث عن زوجة وقورة ، اريد زوجة لتربية اطفالي منهج دينهم
اغمض عين وفتح الأخرى قائلا بمزاح :
-زوجة عينيها باللون البني الذهبي، الذي يميل للون القمح، خصلاتها لا أعلم مالونها، مستديرة الوجه، مرفوعة الانف، ثغرها كحبة كريز بلونها، ضحكتها كقطرة ندى لورقة شجر
طولها لم تكن طويلة ولم تكن قصيرة، مرحة تحب الحياة، تعشق الرسم والتصوير، صمت للحظة وأكمل ماجعلها مذهولة
تعشق أحدهما ولكنه يبدو بالغباء، ترسم احلام بسيطة على تلال من الرمال الواهية
-هل لي اكمل حديثي ام هذا يكفي
-اتتحدث عني؟!
وضع ساقا فوق الاخرى، وأخرج تبغه الغالي ينفثه بهدوء:
-اعلم عنكِ كل شيئا، لم أجزم معرفتي كل شيئا، ولكن علمت ماهو اهم
-هل أخبرتك بشئ غير موجود بكِ؟!
ام انكِ تهربين من الحقيقة
-سعدت بمعرفتك وعرض الزواج المغري، ولكنك أجابت على سؤالك
-انني ابني اوهاما شاطئية سيد يعقوب
-اتعشقينه كثيرا!!
صمتت للحظات ثم رفعت نظرها إليه
-هل أسمح لك الخوض بحياتي الشخصية سيد يعقوب
هز رأسه رافضا وهو يدخن تبغه
-سيدتي لقد تفهمتي الموضوع خطئا، انا أفهم بنظرة العيون جيدا، فقمت بتحليل شخصيتك الجميلة
صمت للحظات ثم تحدث بأريحية :
-احتاج ديل بيننا، انا ابحث عن شيئا فكنت احتاج مساعدتك، هذا مااقصده
ضيقت عيناها متسائلة
-لم افهم ماتعنيه
-علمت أن لي ابنة عم بالقاهرة، ولا احد يعلم عنها شيئا، هناك من قال الشخص الذي يعلم مكانها جواد الألفي، حاولت معه كثيرا ولكن لم اخرج بمعلومة تصلني اليها، نحن مفترقان منذ عشرون عاما ولا أعلم عنها شيئا
-كيف لي مساعدتك، وكيف ستساعدني
احتاج معرفة مكانها، وجواد الألفي هو الشخص الوحيد الذي يعلم بمكانها،
هزت كتفها
-وهل ستظن أن عمي سيخبرني بمكانها
-اعلم أنه لن يخبركِ سوى في حالة واحدة وهي أن أكون فردا من العائلة، لانه خائفا عليها، وهذا احترمته كثيرا
جلست غير مستوعبة مايقوله ..برضو معرفتش انا ايه دخلني في الموضوع
-نحن نعمل مع بعضنا منذ أكثر من شهرين، واظن أن هذا وقتا كافيا لخطبتنا
هبت واقفة
-انت اكيد مجنون
ابتسم بهدوء وهو يحاوط المكان ثم اتجه اليها ونظر إليها بعينين ثاقبة
-اظن انكِ سترتاحين من الضغط، اليوم تحدثت مع والدك وعلمت الكثير والكثير، سوف اعمل معك ديل …ادخل عائلة الألفي لأصل لأبنة عمي في مقابل اعطيكي الحرية كاملة حتى تنعمين بحبيبكِ، وقبل اي شيئا أنه يحبك وبحبك كثيرا وهذا علمته من خبرة سابقة جميلتي
تحركت بقلبا ينتفض الما
-سأفكر وارد عليك فيما بعد
خرجت من شرودها على صوت يعقوب
-لقد وصلنا جميلتي
استدارت إليه
-بلاش جميلتي دي، بتخليني اصدق انك خطيبي حق وحقيقي
قهقه بصوته الرجولي، ثم غمز بطرف عينه
-ايغار من جميلتي!!
نظرت للخارج بحزن
-معرفش ليه معلق على الموضوع انا وافقت اساعدك بس انت بتفكر حاجات مش موجودة
ترجل من السيارة متجها إليها
-هيا انزلي جنى، انا لست بهذا الغباء، أننا رجال ونعلم النظرات
توقفت أمامه
-يعقوب انا وافقت على الخطوبة في مقابل اسافر ودا الحل الوحيد ال بابا وعمو يوافقو
أما موضوع جاسر دا مش بالي هو متجوز ومراته حامل، فبلاش تقنعني بغير كدا لو سمحت، هو بيحب مراته جدا، اكيد مش هيسيب مراته الحامل ويحبني، انا كنت قدامه
تحرك بجوارها
-اعلم أن النساء بهم ذرة غباء احيانا، ولكنني لا اعلم أن الغباء عندك قنبلة
موقوته عزيزتي ، انا اقول لكِ حديث وأنتِ تحاولين تغير نضجي الفكري
فالان سأصمت وليس لاقناعك
مرت الأيام سريعا الى أن أتى اليوم الذي تغيرت فيه أقدار الجميع
❈-❈-❈
بالإسكندرية كانت تجلس تضم حفيدتها
-شوفتي الجمال يانهى، واخدة ميكس من ياسمينا وأوس
ربتت نهى على كتفها
-ربنا يباركله فيها ويحفظها حبيبتي يارب
تناولتها نهى
-هتسميها ايه ياأوس..ابتسم إلى نهى، ثم نظر الى زوجته واردف
-هسميها مسك إن شاء الله ، عشان تبقى حياتها زي المسك
طبعت قبلة على جبينها
-حلو الأسم ياحبيبي تتربى في كنفك وكنف امها إن شاء الله
وصل بيجاد يطالعها غامزا
-معرفش البت دي طالعة وحشة لمين ياطنط غزل، مع إن ياسمينا ملكة، أن بقول شبه أبوها
لكمته غنى محذرة
-نعم ياحبيبي، ليه أوس وحش، دا مش موجود في عيلتك كلها
رفع حاجبه ساخرا
-بس ياهبلة، لوك لوك وخلاص، أنتِ شايفة البت وحشة عشان تقولي كدا ياعبيطة
ضحك الجميع على حديثه،
لكمته وتحركت
-انا مش هكلمك يابيجاد، قهقه وهو يجذبها لأحضانه
-طب وحياة حماي مااقدر على زعلك ياغنايا
أما في ذاك الركن الهادئ يجلس مالك بجوار تقى
-وبعدين انا متفق مع بابا على آخر الأسبوع تقوليلى هتسافروا اكيد بتستهبلي
رفرفرت بأهدابها
-مالك لو سمحت لازم تعذرني، بابا صمم نسافرله، وخصوصا بعد ما جواد ساب الشرطة
نهض مزمجرا بغضب:
-سافري، أنا استاهل اصلا
قالها وتحرك للخارج
جلس ريان بجوار جواد
-عامل ايه يا ابو نسب ثم اتجه بنظره لصهيب الذي يتحدث مع بيجاد وعمر ويضحكون
ابتعد جواد بنظره بعيدا وأردف:
-الحمد لله كويسين، انت اخبارك ايه، مبروك ولادك استلموا الشغل
تراجع بجسده
-إحنا كنا بنجيب العيال ليه ياجواد عشان الوقت دا، انا مش هفضل اتعب لوحدي، عمر ذكي وعارف الشغل شوية، وبيجاد بيتعلم بسرعة الحمد لله
اومأ جواد متفهما فأردف
-لسة عايز يعمل شركة سياحية برضو
ارتشف ريان من قهوته ثم أردف
-عملها ..بيجاد ميقدرش يبعد عن الجو كتير، لولا تعبي الأخير كان مستحيل يشتغل في الشركة
انت ايه اخبارك، وليه جاسر مجاش هو مراته، مكنتش قايل كلكم هتيجوا تقضوا كام يوم في الجو دا
حمحم جواد ثم أردف:
-عنده شغل، ومراته حامل وتعبانة، محبتش ارهقها في السفر، وخصوصاً جاين بالعربيات
تذكر شيئا فأ رد دف
-يوسف لسة في أمريكا، عز هيسافر عمل شراكة هو وأوس مع رجل أعمال
أشار بيديه قائلا
-خطيب جنى، ابن العقيد أيوب المنسي
اه فاكره طبعا، بيجاد بيشكر فيه، اعذرني معرفتش انزل الخطوبة
-لا ياحبيبي ولا يهمك عارف مشاغلك
نهض وأشار له
تعالى نقعد في التراث عند صهيب والباقي؛ فيه موضوع عايز اخد رأيك فيه
قبل قليل في منزل جاسر
❈-❈-❈
-جاسر أنا قدام البيت، بس مفيش بواب ممكن يكون راح يشتري حاجة
-طب ادخلي وأنا معاكي حبيبي، ابتسمت على كلماته العفوية، وتوردت وجنتيها
-لو سمحت يابن عمي بلاش كلامك دا، مراتك تموتني وخطيبي يزعل
زفر متنهدا، ثم ابتسم عندما تخيل خجلها من حديثه
-فيروز انا جيت، ولكنها توقفت
-جاسر مفيش حد، ولكنها تحدثت
-فيه حد برة هشوف..ارجع خصلاته للخلف متحدثا
-شوفيها وانا هقفل واكلمك بعدين..صمت ثم سحب نفسا وزفره بهدوء وأردف
-جنى فيه موضوع مهم لازم نتكلم فيه النهاردة قبل بكرة، للأسف الموضوع اتأجل اكتر من اللازم
قطبت مابين جبينها متسائلة
-موضوع ايه دا، على العموم متتأخرش، متنساش عندي سفر بكرة ولازم اجهز حاجتي تمام متقولش شغل ومش شغل
-لا مش هتأخر وعد ياقلبي المرادي مش هتأخر، انا أتاخرت كتير
توقفت عندما وجدت الكثير من الرجال يحاوطونها
جاسر فيه رجالة كتيرة في بيتك، توقف فجأة بالسيارة
رجالة ازاي !!
استمع إلى صوت أحدهما
البت اهي هاتوها..أسرعت تصرخ
-الحقني ياجاسر..استمع إلى أحدهما
-هتروحي فين ياروح أمك
هنا النفس انحبس في صدره، ونبضاته تتسارع، وعضلات لسانه تعطلت وكأنه أصيب بجلطة شلت مخارج الحروف وهو يتخيل أحدهما يستولى على ملكة قلبه، لحظات كعدد من السنين مرت عليه وهو عاجز إلى أن صرخ بها
-جنى حبيبتي روحي اوضتي واقفلي على نفسك كويس، غصة مريرة منعت تنفسه وجعلت جسده كاللهيب وهو يسرع بسيارته بسرعته الجنونية، كاد أن يفعل الكثير من الحوادث
دلفت سريعا الغرفة واغلقتها مثلما قال لها، استمعت إلى صراخه باسمها
-جنى سمعاني حبيبتي حاولي تتخبي أو دافعي عن نفسك، تذكر شيئا
-جنى عندك مسدس في على الكومودو افتحيه بسرعة وخليه معاكي، ياله حبيبي
بكت بشهقات وهي تراهم يدفعون الباب، صاحت عليه
-جاسر أنا خايفة، تعالى انقذني لو سمحت، صوت بكائها جعله كالمارد الذي يريد أن يشعل الكون بأكمله ..حتى انسابت عبراته رغما عنه، حاول السيطرة وهو يسرع بسرعته الجنونية
-حبيبي انا جايلك، اسمعيني كويس، شوفي المسدس ياله، افتكري انا دربتك عليه، فاكرة ياجنجون
صرخت عندما اشتد دفع الباب
انا مش فاكرة حاجة، جاسر ألحقني ..أغلقت معه ثم اتجهت إلى أخيها
-عز ألحقني حبيبي
هب فزعا
-جنى انتي فين ..بكت بشهقات وتحدثت
عند جاسر ، قالي روحي شوفي فيروز، وفيه ناس طلعولي وبيجروا ورايا
عز انا في اوضة جاسر وهم بيكسروا الباب
هرول للخارج فيما انتبه الجميع
-عز في ايه، تسائل بها جواد
هرول إلى سيارته
-جنى حد بيجري وراها عند جاسر، اتصل بالشرطة ياعمو يلحقو اختي . ..تحرك الجميع إلى سيارتهم ، رفع جواد هاتفه
-جاسر انت فين
-بابا ..الحقني،فيه حد عندي في البيت وجنى هناك لوحدها، معرفش مين يابابا..هموت لو حصلها حاجة
-طب أهدى حبيبي انت فين دلوقتي..قدامي خمس دقايق..
توقف جواد يمسح على وجهه وكأن عقله توقف
-جاسر أهدى انت متعرفش مين وعايزين ايه الشرطة هيكونوا عندك، بلاش تتهور، احذر حبيبي وانت داخل البيت تمام ياجاسر، خد بالك من نفسك ومن بنت عمك، واحنا في الطريق
❈-❈-❈
اتجهت إلى سلاحه ووقفت خلف الباب وهي تدعو الله أن ينجيها
كـُسر الباب ودلف رجل ذو بنية ضخمة يبحث عنها ..ارتجف جسدها والسلاح بيديها، رأى اثار لقدميها فاتجه إليها ثم فجأة جذبها من خصلاتها، أطلقت طلقة ولكنها لم تصبه، اخترقت الجدار
-انت بتلعبي معانا يابت، ثم تحدث إلى أحدهما
-البنت هنا ياباشا ومعاها مسدس كمان قالها متهكما
صعد الأخر سريعا، وجدها تحاول الفكاك من الآخر
سبها..قالها عديم الاخلاق ، نظرت حولها تبحث عن السلاح الذي سقط من كفيها
-عايز ايه ياحيوان، قالتها بجسد مرتعش..اقترب منها وفجأة جذب حجابها وقام بشق ثيابها بلحظة وهي تحاول الفكاك من قبضة الآخر وتركل بأقدامها وتصرخ
دفعها بقوة على الفراش يحاوطها بجسدها، يوزع نظراته على الغرفة
-الله ياولاد ، دا هيكون قنبلة لحضرة الظابط، بنت عمه مع عشقيها على سريره، صور يابني قالها وهو يقوم بتقبيلها بعنف،وهي تدفعه، وتلكمه، حتى مزقت وجهه بأظافرها محاولة الفرار، ولكنه كان كأسد مفترس، حيوان بري لا يعرف للرحمة موضع
بكت وبدأت تترجاه، ولكن هل لحيوان أو ذئبا أن يشفع لأنثى ضعيفة ويضعف أمام دموعها
صرخت وصرخت حتى امتلأت صرخاتها المكان وهي تحاول بكل قوتها الدفاع عن نفسها،قام بتمزيق ثيابها بالكامل، وحاول الاعتداء كحيوان بري ينهش بلحم فريسته، دفعته بقوة بمنطقته المحظورة وهو ترى أنها أوشكت على النهاية، فبكائها ورجائها لم يشفع لها ..تحركت سريعا من تحته وهي تبحث كالمجنونة عن منقذها، صاحت باسم مالك قلبها، رأت السلاح اسرعت لجلبه ولكنه كان الأسرع ف ركله بعيدا عنها، وجذبها وصوت ضحكاته كصوت اصوات صاخبة يكرهها الجميع، وضعت كفيها على أذنها عندما بدأ يلقي عليها ابشع الألفاظ البذيئة
أمسكت المصباح الكهربائي ذات الأضاءة الخافتة الذي يوضع بجوار الفراش،دفعته برأسه
تركها بعدما مزق ثيابها بالكامل، وظهور جسدها أمامه باستفاضة، نظر إليها بإعجاب وامتلكته الرغبة بها لا محالة..
جذبها ودفعها بقوة إلى الفراش، هنا انهارت قواها بعدما صفعها عدة صفعات على وجهها، حتى شعرت بالدوار …وحاول الاعتداء إلا أن الله منصف المظلومين، وجدت نظراته إليها صرخة اهتز لها جدران المنزل باسم جاسر
-جاااااااسر…وكأن الله رحيم بك ايتها الفتاة، لينقذك من الذئاب البشرية
ترجل من سيارته سريعا وعيناه الثاقبة تدور بالمكان، هرول إلى الداخل
استمع الى صرخاتها باسمه، اصابه الهلع، وصعد درجات السلم سريعا حتى كاد أن يسقط على وجهه.عدة مرات تحرك وصوتها يصم آذانه كعويل إعصار جامح تتدفق منه امطار من نار
❈-❈-❈
صعد سريعا وقلبه ينبض بعنف خوفا عليها
هل شعر أحدكم بنحر عنقه بخنجر بارد
وقف مشدوها ملجم اللسان بل
تسمر بذهول وشعر كأنه طائر بترت أجنحته، فتسارعت نبضاته، همس اسمها بإرتعاش عندما وجد حالتها المزرية، شحب وجهه كمن سلب روحه لبارئها..تحرك بجسدًا مرتجف، وروحه تأن بأنين وتر مقطوع…هوى بجسده أمامها يهز رأسه بعنف وعيناه أصبحت كزخات المطر، يود لو يدمر الكون ومابه
جذبها يضمها بين ذراعيه، يود لو يخفيها بين ضلوعه، ضمها بقوة يسحقها
-حبيبتي ايه ال حصل، مين عمل فيكي كدا..ولكن لا يوجد رد، فكأنها جسدا بلا روح..أخرجها يحتضن وجهها بكفين مرتعشين ينظر إليها ملجم اللسان، اخيرا همست باسمه
-جاسر خبيني منهم حبيبي ، خبيني قالتها وهوت بين ذراعيه تتمنى أن لا تفيق ابدا
صرخ باسمها صرخة بكل ما لديه قوة، ولكن ماذا سيفيد صراخه، بعدما شعر ببرودة تجتاح جسدها
لم يستطع تمالك نفسه أكثر من ذلك فانهارت حصونه بشهقاته المرتفعة وهو يضمها إلى صدره ويصرخ بصوت تهتز له جنود السموات والأرض
نظر إليها بدموع الحسرة، والى ثيابها الممزقة وجسدها الذي يوجد به آثار الأعتداء، بكى وبكى حتى شعر بانقطاع انفاسه، وجفاف عبراته
حملها كأغلى شيئا يمتلكه لما لا وهي نبض القلب وشريان الحياة لديه
وضعها على فراشه بهدوء كبسكوت ناعم ملمس الشكل يخشى عليه من تكسيره واتجه إلى ثياب زوجته، وعبراته تغسل وجهه بنيران الذنب..اتجه إليها سريعا بجسد مرتجف، وقلبا يأن بألم العالم كله
قام بإلباسها ثيابا أخرى بيد مرتعشة، وضع جبينه فوق جبينها وانسابت عبراته حتى أغرقت وجهها
-وحياتك عندي ياأغلى من روحي لأجبلك حقك من كل كلب ال نهشوا في لحمك حتى لو كانت أم ابني نفسها
جمع خصلاتها التي وجدها يكفيه ممزقة، كور قبضته يعض عليها يريد أن يحرق الكون على مارآه من غاليته ..حملها بعدما اكمل ثيابها كاملا يضمها لصدره كالأم التي تحمل رضيعها …قابله أحد الضباط والشرطة التي ملأت المكان، بوصول مليكة وجواد حازم
ذهل جواد من حالة جاسر المزرية، وهو يحملها بأحضانه
-جاسر ايه ال حصل، جنى مالها، كذلك مليكة التي توقفت أمامه، مالها بنت عمك ياحبيبي
تراجع بعيدا وهو يضمها لصدره يريد تخبأتها داخل ضلوعه
تراجع يهز رأسه ،لا يريد أحدًا أن يراها لو أحس احدكم بما أصابه بتلك اللحظة التي اعترت فؤاده، لبكت السماء تألما على حالته
ضمها متراجعا لسيارته، بكت مليكة عندما وجدته بتلك الحالة تعصر عيناها ألما، تنظر إلي جنى التي بأحضانه ويضمها بقوة،كأنه يخبيها عن العالم أشارت إلى جواد
-ألحق ابن خالك ياحبيبي شكله مش حاسس بحاجة
-ماما اوعي تقولي حالة جاسر دي أن جنى حد اغتصبها
بكت بشهقات وهي ترفع أكتافها للأعلى، ثم تحركت متجهة إلى سيارة جاسر
استقل السيارة بالخلف ومازال يضمها لأحضانه، منتظر جواد يقوده للمشفى
كانت نظراته عليها وحدها، ركب جواد ومليكة السيارة دون حديث، ينظرون لدموعه التي كزخات المطر، نزل جبينه على جبينها
-افتحي عيونك حبيبي، جنى …خرج اسمها من بين شفتيه محترقة بآهة عميقة شقت صدره …جنىىىى خرجت من جوف حسرته وهو يضمها بقوة ويهز رأسه رافضا مايصير لها
نظر جواد إليه من خلال المرآة وارتجف جسده فاردف
-جاسر ايه ال حصل، وايه ال وداها عندك
كإن لا يسمع ولا يرى، عيناه عليها فقط، يتلمس وجنتيها الشاحبة بأنامله
همس بجوار أذنيها
-جنى حبيبة قلبي بلاش تعملي فيا كدا، هموت ياجنى، هموت ، افتحي عيونك يالا
ولكن لا أحد يستجب
مازال جبينه فوق جبينها وبكائه يزداد حتى فقد جواد أعصابه صارخا به
-انت يلا اسكت، وقولي ايه ال حصل
طبع قبلة مطولة على جبينها هامسا
-وصلني المستشفى بسرعة ياجواد، جسمها بيبرد، بسرعة ياجواد
امسك كفيها يدلكه، وينفخ به
-لا اكيد مش هتعملي فيا كدا، لا مستحيل تموتيني كدا، هزها بعنف عندما وجد الشحوب يسري بوجهها بالكامل
ترجل سريعا من السيارة وولج للداخل يصرخ بالأطباء
-دكتور هنا، حبيبتي بتموت هنا …صرخ بها حتى اجتمع المسعفين وبعض الأطباء حوله
اتجه بها لأحدى الغرف بعدما رفض أحد حملها، وضعها على الفراش بهدوء، ينظر إلى الطبيب
طمني عليها لو سمحت
-لو سمحت اطلع برة عشان نشوف شغلنا، ولج جواد ومليكة، جذبه جواد للخارج، بينما ظلت مليكة بالداخل
هوى على الأرضية الباردة وكأنه فقد روحه بالكامل، فأصبح جسدا خاليا من النبض
❈-❈-❈
عند فيروز قبل قليل
خرجت من المطبخ استمعت إلى صوت هاتفها
-أيوة ياماما فيه ايه
-فيروز تعاليلي بسرعة عايزاكي دلوقتي
ارتشفت عصيرها قائلة
-لا ياماما لازم استنى الست جنى، بعدين ..بترت حديثها ، عندما
استمعت إلى حركة بخارج المنزل، أغلقت الهاتف ووضعته على رخامة المطبخ ثم اتجهت للخارج، وجدت بعض الملثمين يهجمون على المنزل، هرولت للخارج بعدما وجدت أحدهم يشير إلى المنزل وضربه لبواب المنزل..ظلت تسرع في الشوارع واحدهما خلفها، ولجت إلى إحدى الشوارع تمسك احشائها عندما شعرت بألما يفتك بها
جثت على الأرض بعدما وجدت الدماء تنسدل منها، بكت حينما اشتد الألم ،فجلست على الأرضية تحتضن احشائها، وجدتها إحدى المارة
-مالك يابنتي قاعدة كدا ليه
أمسكت كف السيدة كالغريق الذي وجد منقذه
انا حامل وبنزف
أشارت السيدة إلى سيارة أجرة واتجهت بها إلى المشفى
وصلت الى المشفى بوقت قياسي بسبب قربها منها
بعد الكشف المبدئ تحدث الطبيب :
-للأسف الجنين نزل، ولازم تدخل عمليات، هذا ماأردفت بها الطبيبة
ثم نظرت إلى السيدة وأردفت
-لازم جوزها يكون موجود…
عند جاسر وجواد
خرج الطبيب من غرفة جنى، هب متجها اليه
-ايه يادكتور جنى مالها
نظر بأسى للأسفل
-دي شبه جناىية، ومحاولة اغتصاب وحشية، للأسف المريضة مش بتستجيب للعلاج وشاكين أنها دخلت في غيبوبة، المريضة حالتها متأذية لازم اخبار الشرطة
هنا انهارت قواها وجثى بركبتيه، عندما شعر بشلل بكافة خلايا جسده، يود لو يصرخ ويملأ الدنيا صراخا حتى تزهق روحه لبارئها
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
افتقدك جدا ..
افتقد همساتك التي كانت تشعرني ..
بالامان والحنان ..
حتى ولو لم تكون بجانبي ..
افتقد صوتك الذي لم ولن يغادر .. مسامعي ..
افتقد ضحكاتك وعتابك وكبريائك ..
افتقدك كثير ..
لو كُنت قريب و وضعت يدك ..
على قلّبيِ لهدأت الحروب ..
لو كُنت قريب و عانقتني لـ تلاشت ..
الرغبة بالموت ..
لو كُنت قريب و مسحت دمعي ..
لأزهرت عيناي من جديد ..
لكنك تقف بعيدًأ و أقدام المسافة ..
ثابتة لاتتحرك ..
و لسانُ قلّبي أخرسته غُصته ..
ليس لأنك أضعتني في الزحام ..
و ليس لأن قلّبي أحرقته الشمس ..
وهو ينتظر ..
بل لأنّي عجزت أنّ أكون ظلك ..
عجزتُ أنّ أكون بالقُرب منك ..
إنّ غيابك ينهش ما تبقى مني ..
أنا حقاً أفتقدُك جِداً و غيابك ..
هذا يجعلّ ساعاتي في أشدّ ثُقلها ..
و كأن حجرًا ثقيلًا وضع فوق قلّبي ..
نعم افتقدك ..
❈-❈-❈
من بين إنفاسٍ ملتهبة وقلب محترق، جذب مقعدٍ وجلس بجوارها، ممسكا كفيها يملس عليه، ونظراته تعانقها كالأم التي تعانق رضيعها
رفع أنامله على شفتيها المجروحة، هنا شعر وكأن أحدهم اعتصر قلبه، فشعر بإنسحاب انفاسه، لأول مرة يشعر بذاك الألم الذي يفتك بأعضائه
ظل يمسد بأنامله كأنه يزيل أثارها، دنى يضع رأسه بجوار أنفاسها ومازالت أنامله تبحر فوق وجهها
-جنى أول مرة احس بالوجع دا، حاسس بحد بيدبحني بسكينة باردة، لا هو بيخلص مني ولا سايبني، طلعتي غالية أوي يابنت عمي
انهمرت عبراته ممزوجة بنزيف روحه حينها اشتهى الموت بكل جوارحه بتلك اللحظة فاستأنف حديثه الباكي
-القدر المرادي منصفنيش ياحبيبة عمري، ينفع كدا تعملي فيا كدا ياجنى هونت عليكي، جاسر هان عليكي توجعيه كدا
ياله افتحي عيونك حبيتي وطمني قلبي، رفع رأسه وهمس بجوار أذنها
-لو بتحبيني فعلا افتحي عيونك وريحي قلبي ياجنى لو سمحتي..ظل يحادثها لبعض الوقت إلى أن دلفت الممرضة
-كفاية حضرتك، لو سمحت لازم تخرج عشان نشوف شغلنا، اتجه ببصره إليها متسائلا:
-أعرف بس هي مالها، ليه مابتفقوش
تابعت المحاليل التي تغرز بورديها وقامت بمتابعة حالتها
-هتفوق يافندم إن شاء الله، خلال كام ساعة هتلاقيها فاقت، الصدمة كانت عنيفة عشان كدا العقل رافض الواقع، بس مش معنى كدا أنها هتفضل كدا، مازالت تفحص مؤشراتها الحيوية فأستأنفت حديثها
-العلاج دا هيفوقها، المهم تقدر تتعايش مع الواقع بعد ال حصلها ..قالتها الممرضة ثم اتجهت إليه
-دلوقتي ممكن تسبها ترتاح، بلاش نزعجها لو سمحت
اومأ برأسه، نهض ثم انحنى يطبع قبلة على جبينها
-أنا برة ياجنجون مستنيكي حبيبي، همس بجوار أذنها
-وعد من جاسر الألفي لأحرق قلب اللي عمل فيكي كدا، المهم ترجعيلي، وبعدها مش هتنازل عنك حتى لو غصب عنك، مستعد أحرق الكون كله، بس ترجعي وتقولي جسورة، ناظرها للحظات ..وآهة خفيضة ورغم أنه أخرجها ببطئ إلا أنها أحرقت جوفه تراجع بخطواته للوراء.وعيناه تراقب جسدها المسجى، ثم استدار متحركا للخارج
بعد أكثر من ساعتين وصل جواد وعز بنفس التوقيت ، ولج الأثنان سريعا إلى المشفى
بأنفاسٍ متقطعة تسائل عز جواد حازم الذي يتوقف أمام إحدى الغرف وبالجانب الآخر تجلس مليكة على إحدى المقاعد
-جواد ..قالها عز بتقطع، ونظرات ضائعة وقلب ينتفض خوفا على إخته .. استدار جواد الذي يربع ذراعه أمام صدره ونظراته على جاسر، ولكن فاق على نداء عز، استدار بجسده
-خالو، تحرك جواد بجوار عز وهو يوزع نظراته على ثلاثتهم
-ايه ال حصل وفين جنى؟! ثم وجه نظره لأبنه الجاثي على الأرضية يضع ذقنه على ركبتيه وينظر بنقطة وهمية لا يشعر بهم…توقفت مليكة بعدما ربتت على كتف جاسر بحنان قائلة:
-جاسر باباك جه؛ ولكنه لم ينظر ولا يتحرك ظل كما هو على نفس الحال
حمحم جواد وعيناه تحاوط عز
-جنى اتعرضت لهجوم واعتداء وهي دلوقتي نايمة مش حاسة بحاجة، والدكاترة بيحاولوا يفوقوها
ارتجف جسد عز، فلقد وقع حديث جواد على قلبه كضربة خنجر قاتلة، هز رأسه كالمجنون ،واستفهم باستهجان
-ايه ال بتقوله دا يابني، هي كانت رايحة، فجأة صمت وذهب بصره لذاك الجاثي .. شهق وهو ينظر لعمه بعدما وجد حالة جاسر.. هنا فاق من صدمته ينظر لحالة جاسر الذي تؤكد حدسه
شعر بنيران تحرق داخله كمرجل جف مائه من كثرة الغليان..تراجع للخلف وعيناه تائهة يبحث عن مكان اخته هامسًا كالمعتوه
-لا ..أكيد دا كذب، لا جنى مستحيل، لا جنى، استدار يبحث في الغرف كالمجنون، حتى وقعت عيناه عليها بأحد الغرف
ولج إلى الغرفة بجسد يرتجف، وعينان كزخات المطر، همس باسمها بشفتين مرتجفتين
-“جنى”..قالها بشهقة، ونظراته على جسدها الشاحب ..تحرك بخطوات هزيلة كالذي يتحرك على جمرات من النيران؛ حتى وصل إلى فراشها، ودموع عيناه تفرش طريقه
هز رأسه وصرخة من جوف حسرته وهو يضمها إلى صدره
-“جنى”..قالها بصوت هزت له جدران المشفى
ولج جواد خلفه …تسمر بمكانه وهو يرى تلك التي يحتضنها اخيها، هل حقا هذه تلك الفتاة الحيوية، ملاكهم، ماذا فعلت بكِ الذئاب البشرية حبيبتي لتصبحبين بتلك الحالة..خطى إلى أن وصل إلى عز الذي يضم أخته وشهقاته تنتفض له القلوب ..ربت على كتفه ودموعه انسابت على وجنتيه
-حبيبي قوم كدا، خليني اشوفها
أشار بكفيه على أخته
-شوفت ياعمو، ليه يعملوا فيها كدا، هي مأذتش حد، مين ال ممكن يعمل فيها كدا،
جذب جواد عز
-قوم ياحبيبي سيب اختك خليها ترتاح، هنعرف دلوقتي ايه ال حصل..تعالى ياعز انت سامع الممرضة بتقول ايه، جذبه للخارج ..واتجه إلى جنى يدثرها بالغطاء..انحنى يطبع قبلة على جبينها
-اختاروكي أنتِ لتدفعي التمن ياحبيبتي، آهة خفيضة خرجت بنيران الذنب وهو يكور قبضته حتى نفرت عروق عنقه..فتحرك للخارج
خرج والغضب يتعاظم بداخله، وغلا دماءه في عروقه ، تحرك متألمّا وقبضة قوية تعتصر فؤاده، اه ياربي كم هو مؤلم شعور العجز والألم في آن واحد بخطوات ضعيفة متهالكة خطى للخارج ونيران تعصف بقلبه وسائر جسده وجد عز يقف أمام جواد
-مين ال عمل كدا، وانتوا كنتوا فين..قالها بصوت جهوري..قاطعت مليكة حديثهم
-حبيبي انا كنت في البيت على اساس جنى تعدي عليا وقولت هنخرج، اتصلت وقالت عمتو هعدي على فيروز
-الحادثة حصلت في بيت جاسر ياعز مش عندنا
تسمر بمكانه وكأن كلمات مليكة كالسهام أصابت جسده فترنح للخلف ..يستند على الجدار، نظر عز إليه متسائلا
❈-❈-❈
-هو قصده ايه ياعمو..تحرك جواد الذي اصيب بشلل كامل بجسده ، حتى شعر بعدم مقدرته على الوقوف، اتجه إلى ابنه:
-جاسر..رفع بصره لوالده وارتسم الألم داخل مقلتيه، يشعر بنيران تلهب جسده بالكامل، فرفع كتفه للأعلى
-ملحقتهاش يابابا، حاولت بس ملحقتش…قالها وعيناه تذرف الدمع بالدمع وتسطر الحزن بملامح وجهه
تحرك عز متجها إليه بجبين متغضن يكرر حديثه
-ملحقتش مين، ، صمت وهو يشير بسبابته إلى جواد مردد
-قصدك إن اختي فيه حد اعتدى عليها عندك في البيت، ومراتك موجودة، وبدعوة منك ياحضرة الظابط ، زمجر بها بصوت جهوري، أفزع جميع من يقف بجواره
تحركت مليكة إليه بعدما نزلت كلماته كنيزك على رؤوسهم صاحت غاضبة:
-عز ممكن تهدى احنا في مستشفى، وكفاية حالة جنى وجاسر،ايه ال بتعمله دا
دفع المقعد بقدمه وبأعين زائغة غير مستوعبة مانزل على مسامعه، يهز رأسه متجها يبحث عن الطبيب
-فين الدكتور، والله ماهرحم حد ، قالها وتحرك كالمجنون
أما جواد الذي حاول إيقاف ابنه
-قوم..قاعد كدا ليه..نظرات ضائعة لوالده فكأن الأرض تبدلت غير الأرض والزمان غير الزمان، والقدر يصفعه بقوة قائلا:
-بهدلوها يابابا، رفع كفيه أمامه
-بدي مقدرتش الحقها يابابا، انا السبب، أنا ال طلبت منها تروح هناك
احتضن جواد وجهه ابنه، يمسح دموعه بعنف
-قوم ومتبقاش زي البنت المجروحة، قوم واصلب نفسك ياحضرة الظابط
شهقة خرجت من جوف حسرته يهز رأسه بعنف وهو يرجع خصلاته المتمردة على جبينه بعنف كاد أن يقتلعها من جذورها، ويطحن ضروسه ضاغطا عليها بقسوة كلما تذكر حالتها ثم أشار على نفسه
-اصلب نفسي، هي فين نفسي دي، بقولك بهدلوها، جنى عاشت الألم كله بسببي
ابتلع غصة بطعم العلقم وحاوط رأس ابنه
-حبيبي كله قدر ومكتوب، قوم بلاش حالتك دي، وزع نظراته يبحث عن فيروز فتسائل
-فين مراتك؟!
هز كتفه بعدم معرفة ولم يجبه، اتجه إلى مليكة
-فين فيروز يامليكة، عملوا فيها حاجة
هزت رأسها بالنفي واجابته
-محدش كان موجود غير جنى ياجواد..أمسكت ذراعه وبعيون متألمة
-يعني ايه مكنتش موجودة!!
اتجه لجاسر ونظر إليه بغضب
-فين مراتك، قوم شوف مراتك فين، ليكون حصلها حاجة
كور قبضته يجز بأسنانه ندما على ماوصل إليه من تفكير، فرفع بصره لوالده ونظرة مقتولة بخنجر الغدر
-انت كنت صح، ياريتك موتني ولا كنت اتجوزت منها يابابا
هزة عنيفة أصابت جواد فيما توسعت عيناه بذهول يهز رأسه رافضا حديثه
-انت بتقول ايه يلآ، قصدك اللي حصل لبنت عمك بسبب مراتك
استمع عز لحوارهم ..بدأت نبضاته الهادرة تتخبط بعنف بين ضلوعه، واتسعت حدقتيه شاهقا مما استمع إليه
وصل إلى جاسر بخطوة ثم أوقفه يهزه بعنف:
-انت بتقول ايه؟!
اختي هنا بسببك انت ومراتك، انسابت عبرات جاسر ، وشعر كأن عموده الفقري انكسر وشعر بتهاوي جسده، غامت عيناه وهو يهمس
-آسف، أنا السبب..صفعة قوية، تليها صفعه على وجهه، وتجمد جسد جواد وانعقد لسانه مذهولا، صمتا مخنوق بالصدمات مما يراه من أفعال عز ولم يتوقف على ذاك ولكنه صاح بأبنه غاضبا
-حقيييير، امشي ياحيوان دفعه بقوة حتى كاد أن يسقط على الأرض
توقف جواد حازم بينهم
-عز اتلم جاسر مش حاسس بنفسه، ثم اتجه إلى جاسر
-ايه ال بتقوله دا ياجاسر، ممكن تسكت اعصابنا بايظة
تراجع يستند على الجدار
-انا بقول الحقيقة، اللي حصل لجنى بسببي، انا السبب فيه، انا اللي اتصلت بيها عشان فيروز طلبت مني أنها تقعد معاها، وبعدها بدقايق حصل الهجوم وفي بيتي ومراتي مش موجودة ياجواد، تقدر تقولي تفسير غير دا
ترنح جواد وهو يشعر بأن النفس انحبس بصدره ونبضاته تتسارع وشعر بتعطل أعضائه وكأنه أصيب بجلطة
اتجه إلى جاسر بخطوات مهزوزة، ثم لكمه بصدره بترنح :
-اسكت يلا مش عايز اسمع صوتك، عشان لو مراتك ليها دخل وحياتك عندي لأدفنها بايدي حتى ابنك مش هيشفعلها، قالها مع انبثاق عبراته
اتجه جواد حازم إلى جاسر ينظر لعمه بذهول:
-انتوا ازاي بتقولوا كدا وليه فيروز تعمل كدا في جنى، لا اكيد جاسر بيهبل من ال شافه
بوجه ضربه الألم وقلب ينتفض بنبضاته ويتسارع حتى شعر بتوقفه، وعيونٍ تنفجر من نيران الغضب صاح غاضبا
-عشان بحب جنى، عشان قولت لفيروز هطلقك،
صدمة ذهول أصابت الجميع حتى جحظت اعينهم، ارتعش جسد عز وهو يهز رأسه بعنف وعيناه كنيران جحيمية
-لا أكيد انت مجنون، اكيد الواد دا مجنون، استدار إلى جواد الذي هوى على مقعده ووضع رأسه بين راحتيه
-ابنك بيقول ايه، الواد دا بيقول ايه..جذبه من ثيابه وبدأ يهزه بعنف
-انت بتقول ايه يلا، هي مين دي ال بتحبها، اختي ال ماتت بسببك سنة كاملة، جذبه وظل يدور به
-ماهي كانت قدامك وانت عملي عبيط، جاي بعد مااتجوزت ومراتك بقت حامل،جاي تقولي هتتجوزها، دا أنا ادفنك مكانك وميهمنيش حد
قالها ثم دفعه بقوة سقط من خلال على الأرضية وهو لم يبد أي فعل
أما جواد حازم الذي وقف مذهولا وكأن على رأسه الطير، يردد حديثه
-عشان كدا جنى رفضت حبي، يعني انت كنت بتلعب عليا ياجاسر، وهي ..صمت ينظر إلى جواد
-ساكت ليه ياخالو ياكبير العيلة، ماترد على ابنك، قوله ايه الهبل ال بيقوله دا
بدأ عز كالمجنون يحطم كل ماتطاله يده
-هموتك ياجاسر، هموتك، اقسم بالله لو اتأكدت ال حصل لأختي دا بسببك هموتك
-بااااس..مش عايزة اسمع ولا كلمة، فكروا في صهيب لما يوصل ويشوف بنته كدا، ثم رفعت نظرها إلى جواد الذي تغير وجهه وأصبح شاحب وأكملت
-شوف هتقول ايه لاخوك اللي تاني مرة يتكسر ياحضرة اللوا
هنا اغمض عيناه وانزلقت عباراته، وشعر بقبضة تعتصر فؤاده عندما تذكر صهيب
دقائق وصل صهيب بجوار ريان..بساقين مرتعشة وريان يحاوط أكتافه حتى لا يسقط بخطوايه
-بنتي..بنتي فين ياجواد؟!
برودة اجتاحت أوصاله وارتجفت أعصابه عندما فقد قدرة النظر إلى أخيه وهو يسمع تألمه بصوته
استدار يبحث عن عز الذي جلس غارقا بنيران صدره محاولا السيطرة على نفسه؛ حتى لا يهجم على جاسر ويلقيه لغيبات الجب
لاحت نظرته لجاسر الجاثي على الأرضية الباردة، انزل كف ريان واتجه إليه بخفقاته التي اشعرته بألم حاد بصدره
-جاسر…همس بها صهيب بتقطع..رفع جاسر عيناه المتورمة إليه وعبراته مازالت تغسل وجنتيه
-قاعد كدا ليه ياحبيبي وفين بنت عمك، قالولي عندك وحد حاول يموتها، اوعى تقولي عملوا حاجة لأختك ياحبيبي
آآآه..صرخ بها عز عندما فقد توازنه بالكامل واتجه إليه يسحبه حتى أوقفه وظل يلكمه
-ماترد على عمك ياحيوان ساكت ليه، قوله عملت ايه في بنته..وصل إلى أذنه وهمس بفحيح
-قوله عملت ايه في اختك يلا..قالها بضحكات مرتفعة من بين بكائه..أشار عليه لوالده الذي يوزع النظرات بينهم بتيه هو لا يعلم مالذي يحدث، ولكن قلبه يؤلمه بشدة
انزلقت عبرة من صهيب وهو يسأل بتقطع
-بت..كل..م ابن عمك كدا ليه ياعز..تحرك بالارتعاش، فالذي وصل اليه جعله غير متزن، شعر بإنسحاب أنفاسه ونظراته على جواد الصامت الذي يستند بظهره على الجدار مطبق الجفنين كأنه يتهرب منه
فصل عز عن جاسر وحضنه
-متزعلش من عز هو بس زعلان على اخته، قولي فين اختك ياحبيبي، هي كلمتنا وقالت فيه حد بيجري وراها
دفن رأسه في حضن عمه، وبكى بصوت مرتفع، صوت اهتزت له قلوب الجالسين سوى من عز الذي يكور قبضته محاولا عدم الوصول إليه لقتله..اتجه ريان لجواد حازم
-البنت ماتت ياجواد ولا ايه..رفع مقلتيه لريان وهز رأسه نافيا
-جنى اتعرضت للأغتصاب ياعمو ريان
❈-❈-❈
هنا تلاشت قدرة صهيب وتراجع بجسده خطوة للخلف، مبتعدا عن جاسر، ودموعه افترشت وجهه، حاول الحديث ولكن كأن الحروف هربت ولم يعلم كيف يكون الكلام
برودة اجتاحت جسده وهو يهذي بتقطع وعيناه على جواد المتصنم بجلوسه
-اغت..ص..ا..ب.. قصد..ك بن..تي، ولا قصدك..هنا شعر بسحابة سوداء تحاوطه، فترنح جسده فهوى مغشيا عليه تلاقه جاسر القريب منه بذراعيه، هب جواد فزعا من مكانه، وكل دمعة انحدرت من أخيه كأنها نيران تكوي صدره
صرخ عز بالمسعفين حتى توصلوا اليه، حملوه متجهين إلى غرفة للكشف عليه
وصلت نهى وغزل وبيجاد وأوس بعد فترة، كانت الوجوه على الجميع مرسومة بالألم والحزن
خطت نهى تبحث بعينيها على صهيب وعز، ولكنهما غير موجودين، اتجهت سريعا بخطوات متعثرة الى جواد ومليكة
-فين بنتي ياجواد، بحثت بعينيها
-عز وصهيب فين، وجواد كمان مش موجود ياغزل، فين بنتي
توقفت مليكة تحتضنها
-نهى اهدي حبيبتي، صهيب تعب شوية واخد مهدئ، وجواد وعز معاه،
حاوطتها بنظراتها منتظرة باقي حديثها
-أيوة فين جنى..تحركت غزل بعدما شعرت بالكارثة من وجوههم، وضمت نهى إليها
-تعالي يانهى ارتاحي، وانا هشوف ايه ال حصل
ابتعدت عنها صارخة
-اهدى أنتِ مش شايفة وششهم، بنتي فين يامليكة وليه صهيب واخد مهدئ
-ماما..أردف بها عز ..استدارت بلهفة إليه، أسرعت بخطوات متعثرة حتى كادت أن تسقط على وجهها
-فين اختك ياحبيبي..حاوطها بذراعيه وهو يرمق غزل سريعا متجها إلى غرفة جنى
اتجهت غزل إلى مليكة وجاسر
-ايه ال حصل البنت حصلها ايه..قلبها ينتفض بقوة غير مسيطرة على أعصابها مما سيقال، هي استنتجت أن هناك شيئا سيئا حدث
-قصت مليكة لها ماصار، مع صرخة نهى بالداخل..هرولت للداخل بجوار مليكة
❈-❈-❈
عند فيروز
-مدام سمعاني، فتحت عيناها تنظر حولها متسائلة
-انا فين..تذكرت ماصار لها، وضعت كفيها على أحشائها
-ابني حصله حاجة..كانت الممرضة توصل إليها أكياسا من الدم
-لو سمحتي يامدام لو سمعاني حركي ايديك..حركت كفيها تمسح دموعها وهي تهذي
-ابني، فين ابني
-مدام عايزين جوزك ضروري، لو سمحتي لو رقم نتواصل معه
-ليه، ابني مات؟!
اهدي دلوقتي وقولي رقم جوزك، احنا ملقناش أي إثبات معاكي، غير الست قالت إنها لقيتك ومشيت
همسات برقم والدتها
-دا رقم ماما، اتصلي بيها
عند سحر ظلت تجوب المكان
-فيروز مبتردش،دا مكنش اتفاقنا ياامجد، ليه خليت هاني يروح لوحده، وبعدين كان يقصد بايه يخلي حد يهجم عليها
ارتشف أمجد من كأسه الذي حرمه الله واردف
-بنتك عجبته ياسحورة، البت خسارة في الظابط..ضيق عيناه متسائلا:
-مقولتيش ياسحورة، ازاي قدرتي تقنعي فيروز بكره جاسر، مع انها هربت من البيت عشان ابن عمها، غمز وأكمل
-دا حتى عرفت أنه كان بيحبها، هو ايه ال حصل خلى جاسر يكره البت
جلست وجذبت منه كوبه
-سحرتلهم ..جحظت عيناه ينظر إليها بذهول، ثم أطلق ضحكة صاخبة يهز رأسه
-مش معقول ياسحر، ايه ال بتقوليه
نفثت تبغها وقوست فمها
-كنت مستني اشوفها زي حياة ولا إيه، فيروز دي فرخة بتبيض دهب
صمتت تتذكر ذاك الشخص ثم رفعت نظرها
-تعرف واحد طلبها ليلة واحدة وكان مستعد يدفع فيها 10مليون، لولا هربت بمساعدة الست حياة
مط شفتيه للأمام وتحدث مستهزئا
-اهي راحت لظابط ببلاش..توقفت وبدأت تقهقه ثم اتجهت وجلست بجواره
-وحياتك هو شهر واحد وقلبت عليه حياته، وخليتها زي الخاتم في اصباعي
غمز بعينيه متسائلا:
-ليه عملتي ايه، تراجعت تضع ساق فوق الأخرى وتكلمت بعنجهية
-ماقولتلك ياأمجد سحرتلها، واحدة عرفتني على عرافة مشهورة اوي، وبصراحة انتهزتها فرصة، والسحر عمل الشغل ال عايزاه وأكتر كمان
قهقه أمجد وهو يهز رأسه رافضا كلماتها
-انتِ مصدقة كلام الهبل دا..رفعت حاجبها ساخرة ثم مدت كفيها على ركبتيه وغمزت له
-تحب تجرب ولا إيه ياأمجد عشان أكدلك أن الست دي عملت اللي مقدرتش عليه
تراجع بظهره ونظراته تحاوطها، يستمع إليها بإهتمام
-يعني بنتك كرهت الظابط من السحر، طب هو ازاي صدق وهو كان بيحبها بدليل اتجوز بنت مجرم، ضحك وهو يلوح بكفيه
-آسف ياسحور ماهي دي الحقيقة ..جزت على أسنانها
-اتمقلط عليا ياامجد، بس هشبع فضولك، لما رجعوا من شهر العسل البنت كانت رافضة قربي خالص، بس هددتها دنت تنظر بمقلتيه
-عارف هددتها بإيه، فاكر نادر طبعا واللي عمله فيها، ولولا العملية إياها كان زمانها بتنفذ كلامي، بس ابوها الله يسامحه فضل يقول البنت هتفضل معيوبة ومش هتتجوز وراح عملها العملية
اومأ منتظر باقي حديثها
بدأت تيجي مجبرة لحد مالسحر اللي الست عملتهولها وضربت ضربتي، شوية صور ليها وهي في احضان دا ودا، وصور وهي بتشرب، غير كام تسجيل ملعوب فيه لظابط أنه اتجوزها انتقام، مع عمايل جواد الألفي وكل شوية ونصايحه، وانا ازود الجرعة هنا دا مش بيحبوكي معتبرينك بنت مجرم
نفث تبغها وأزالت رمادها بإبهامها ثم رفعت نظرها إلى أمجد مستأنفة حديثها
-عملت حفلة هنا، واتصلت بجاسر على أساس أنه يجي ياخدها لقيها بترقص قدام حامد البنا وانت عارف حامد وبلاويه..طبعا شخصية زي جاسر مش هيقبل على مراته اللي شافه
قهقهت وهي تتذكر تلك الليلة
انحنت بجسدها تنظر إلى أمجد
-تعرف عمل ايه ..ضربها وقالها هطلقك، وكان هيطلقها فعلا بس اغمى عليها وعرف وقتها أنها حامل
ظلت تقهقه بصوتها البغيض، ونهضت متجهة للبار، مع اني اقنعته قبلها أنها بتاخد حبوب منع الحمل، وبعتله فيديو أنها اتجوزته عشان تنتقم لعمها وابنه، واكدتله بكلامي اللي عملته فيه قبل الجواز، وكمان سقوط الجنين اللي بسببي بعد مااقنعتها تاخد حاجة وتنزله، وفهمته كمان أنها كانت ناوية متجبش منك عيال بس الحمل التاني جه غلطة، وفعلا اقنعتها أنها تاخد حبوب منع الحمل، مع العلم مكنش بيعبرها ولا بيقرب منها غير لما هي تستعمل أساليبها اللي خليتها تمشي عليها بحذافيرها
اتجهت إلى أمجد تحمل كاسيان من الخمر ثم جلست وناولته أحدهما واستأنفت حديثها
-تعرف قالي ايه لما قولتله كدا
قالي وانا اتجوزتها تمن للورق اللي وصلنا واللي بسببه كل المجرمين اللي زي عمها وغيره في السجن، انا هعيش مع بنتك يومين وارميها، ماهي مكنتش تطول اصلا تكلم واحد من عيلة الألفي، ومش اي حد دا جاسر الألفي
قهقهت وهي تهز رأسها وتلوح بيديها:
-العبيط بنتي كانت جوا وسمعت كلامه، ولما واجهته قالها اه، انا اتجوزتك عشان انسى بنت عمي أما حوارات الحب دي تمثيل ويوم مااسلم قلبي هسلمه لواحدة نضيفة
قهقه أمجد بعد حوارها
-يخربيتك ياسحور دا انتِ الشيطان يضربلك تعظيم سلام
جزت على أسنانها وتحدثت غاضبة
-كنت مستني مني ايه والهبلة ماشية وراه، استنى لما تكون زي حياة اللي مبهدلة ابوها، كان لازم اشفي غليلي من ابن الألفي
تحولت عيناها للهيب عندما تذكرت حديث جواد
-ابوه جالي هنا ياأمجد وهددني قال ايه ابعدي عن حياة ابني
أشارت على نفسها
-عايز يبعدني أنا عن بنتي، طيب استنى بس لما تولد والله لأحصرهم على حفيدهم ومش بس كدا لأعملهم جرسة واخليها تفضحهم، وافضح بنت صهيب كمان اللي بتتلزق في الولد، لا والاهبل جاي بكل بساطة يقولها زي ما دخلنا بالمعروف نخرج بالمعروف
ألقت الكأس حتى تهشم وصرخت
-معروف ايه دا، عايز يطلقها ببلاش والله لأخد اللي وراه واللي قدامه بس اصبر عليا
❈-❈-❈
أرجعت خصلاتها بعنف وهي تشير لأمجد
-شوف هاني وصل لفين، خليه يعرفني البنت وصلت لفين..بتر حديثهم هاتفها
-أيوة..ضيقت عيناها متسائلة
-مستشفى ايه..طيب
الغضب ارتسم على وجهها كاد يندلع من حدقيتها لتهتف باستنكار
-شوفت عمايل زفت هاني، البنت في المستشفى وكمان نزلت البيبي
في المشفى بعد وصول الجميع وحالة التوتر التي انتابتهم وخاصة بعد حديث جاسر..نهض متجها إلى غرفة جنى
هب عز ناهضا يجذبه من ثيابه
-انت رايح فين، انت مش مرحب بيك امشي غور من هنا
دفعه جاسر عندما فاض به، وفقد السيطرة على انفعالاته
-امشي من قدامي عشان منخسرش بعض..
تجهمت ملامحه واتجه إليه كالبركان الثائر
-لا يلا تعالى وريني هتعمل ايه، تخسرني، انت مفكر انك غالي عندي، تعالى كدا
نهض بيجاد عندما تأزم الوضع، نظر لجواد الذي لم يرف له ساكن فكأنه لم يشعر بما يحاوطه
-توقف بيجاد بينهم
-ممكن تهدوا، احنا في المستشفى ، لاحظوا انكم بين عيانين..لم يصمت عز وأصابه نوبة جنونية عندما فتح جاسر باب الغرفة وولج للداخل عند جنى
دفع بيجاد بغضب
-الواد دا بيحرق دمي، اقسم بالله بيحرق دمي..نهضت ربى واتجهت إليه ووجهها عبارة عن لوحة من الألم والحزن
أمسكت كفيه
-عز حبيبي ممكن تهدى، شكلك نسيت جنى بالنسبة لجاسر إيه
استدار يرمقها غاضبا،ثم نفض كفيها
-بالنسباله ايه يادكتورة قوليلي، مش دا اللي رماها وراح اتجوز، وهو عارف انها بتحبه، مكفوش وجعها لا كانت هتغتصب في بيته، ردي عليا يادكتورة وقوليلي
-جنى بالنسبة لجاسر إيه غير أنه بيتسلى ويقضي وقت حلو، هو خسران حاجة، بنت جميلة بريئة كل شوية تترمي في حضنه، وياترى هو
اخرررص ياحيوان…قالها جواد بعد صمت دام لساعات منذ رجوعه، نهض ووقف أمامه عندما وجد حديثه القاسي لأبنته
امسكه من كتفه بعنف يضغط عليه وصرخ بوجهه عاليا مماجعل الدموع تتجمع بعينيه
-نسيت نفسك يلا بتشك في اخلاق اخوك، اخسي عليك، نسيت أن دا تربية جواد الألفي يلا
لكزه بصدره وابتلع ريقه بصعوبة، وشعر بتثاقل بتنفسه وكأن حجرا يطبق على صدره ثم قال بوجع مرير بعدما ترقرقت عيناه بالدموع
-دا جاسر ياعز، افتكر أن جاسر هو عز وعز هو جاسر، واللي يوقف قدام التاني هفعصه بجذمتي سواء انت ولا هو، واللي متعرفوش هو وقف من كام شهر وقالي انا عايز ارتبط بجنى …صفعه بخفة على وجهه
-انا ماوافقتش ياباشمهندس، على الرغم متأكد أن الاتنين بيحبوا بعض، بس رفضت عشان مظلمش اختك ..متجيش تعمل راجل وتسيئ لأخوك قدامي، وابوك عارف كل حاجة ، يعني انت مالكش كلمة عندي
دنى عز ينظر لمقلتيه وأردف
-طيب اسمعني ياحضرة اللوا، ابنك لو اخر راجل مستحيل اخليه يقرب من اختي، ومش بس كدا، علاقتي بيه اندفنت ومبقاش يهمني، يعني من الاخر كدا ينسى حد اسمه عز الألفي، ومعنى ينسى عز ينسى جنى، خليه يروح يشوف مراته هي أولى بيه
أشار بسبباته محذرا إياه
-ولو انت عمي جواد فعلا ويهمك جنى اللي بتقول عليها بنتك خليه يبعد عنها، وهاتلي حق اختي اللي ابنك اهدره
قالها ثم دفع ربى من أمامه وتحرك متجها إلى والده
وقفت ربى تنظر إلى أثره بذهول، ثم رفعت نظرها إلى أبيها
-بابا ايه اللي حصلنا؟!
أطبق على جفنيه يجذبها لأحضانه، ثم طبع قبلة على رأسها
-اعذريه حبيبتي، عز مجروح ومش أي جرح، دا مطعون في أخته ياروبي، وأكيد فاهمة معنى كلامي
أزالت عبراتها ثم رفعت نظرها إلى أبيها
-هو جاسر بيحب جنى فعلا ولا قال كدا إحساسه بالذنب، اتجه بنظره الى غزل المتصنمة فأشار بعينيه على أبنته
سحبتها غزل
-تعالي ياروبي سيبي بابا دلوقتي، بعدين نتكلم ياقلبي
بالداخل عند جنى
جذب المقعد وجلس بجوارها
-حبيبتي عدى ست ساعات هتفضلي كدا، ايه جاسر مش وحشك ياجنى، انتِ وحشتيني، ووحشتيني أوي كمان
زفرة حارة خرجت من جوفيه
-عارف إني غلطت، بس وحياة ربنا اتنازلت عنك عشان سعادتك، فكرتك بتحبيه، شوفتي عملتي فيا ايه، دنى يهمس لها
-اتنازلت على قلبي عشان اشوف السعادة في عيونك، اصلك غالية عاليا أوي، توهت ياجنى، توهت وقلبي تاه معايا، حاولت انسى وأتناسى بس مقدرتش، رضيت بقدري بس قدري مرضيش بيا، عرفت مفيش سعادة وأنا بعيد عنك، عارف اتأخرت، وعارف كلهم كانوا عندهم حق
❈-❈-❈
احتضن كفيها وآه خفيضة خرجت من جوفه بطعم العلقم مستأنف حديثه
-كنت مستعد أتنازل عن نفسي بس مشفش الحزن في عيونك، عارفة لو عمو صهيب عرف وقتها أن فيه مشاعر ليكي ، كان هيغصبك عارف، ولو اتغصبتي عليا كنت هموت ياجنى، كنت مستعد أفضل دافن مشاعري بس أهم حاجة عندي اشوف نظرة الحب من عينكي، مستعد أكون اخوكي طول حياتي بس أشوفك سعيدة مع اللي قلبك اختاره
تنهيدة عميقة بأنفاس محترقة عندما توقف عن الحديث فلم يجد من كلمات تعبر عما يجيش في صدره، اكتفى إليها بالنظرات وهو يرسمها برماديته، ثم انحنى يطبع قبلة عميقة على وجنتيها، رمشت بأهدابها عدة مرات هامسة باسمه
لاحت ابتسامة شقت ثغره وهو يحادثها
-جنى حبيبتي..سمعاني ..فتحت عيناها تنظر لوجهه القريب، صرخت مبتعدة تضم جسدها
-ابعد عني..صرخت بها وهي تضع كفيها على أذنيها
-ابعد..صرخت حتى استمع عز الذي وصل بمصاحبة صهيب
جذبها بقوة لأحضانه
-جنى اهدي حبيبتي..دفعته وصرخت
-ابعد ياحيوان..قالتها منتفضة عندما شعرت بكفيه على جسدها
انهمرت عبراته ممزوجة بنزيف روحه حينها اشتهى الموت بكل جوارحه وهي يرها تنفر منه، وتصرخ مبتعدة خائفة
جذبها بعنف، يحاوطها بين ذراعيه كقلعة حامية لها يهمس بجوار أذنها في الوقت الذي دفع عز وصهيب الباب والجميع خلفهم
-اهدي حبيبتي..أنا جاسر، اهدي انتِ هنا في أمان، شهقت ببكاء تهذي بكلمات لم يفهمها
طبع قبلة على خصلاتها عندما انزلق حجابها من انفاعلاتها
-جنى انتِ في حضني محدش هيقدر يقربلك حبيبتي..اهدي
بكت وبكت تشدد من احتضانه وهي تحاوط خصره، قائلة بصوت متحشرج بالبكاء
-خبيني ياجاسر، خبيني منهم، مسد على خصلاتها
-متخافيش ياقلبي، انا هنا..اقترب صهيب وهو يستند على عز في دلوف جواد، والجميع ينظر إلى تشبسها بأحضانه وبكائها وكلماتها التي انهمرت الدموع لأجلها
“خبيني حبيبي ، عايزين يغتصبوني” جنى همس بها صهيب ..هنا صرخت وابتعدت تجذب خصلاتها تمزقها وتبكي بشهقات …اغتصبوني يابابا..الحيوانات نهشوا لحم بنتك..هوى صهيب على فراشها، وجذبها لأحضانها مع ارتفاع صوت بكائه
-محدش قرب منك ياحبيبة ابوكي، ظلت تدفع والدها وتصرخ، ابتعدت عن الجميع تضم جسدها وهي تهز رأسها
-مش عايزة اشوف حد، كله يبعد، عايزة ماما..ياماما
قالتها ببكاء، أسرعت الطبيبة تحاول حقنها بمساعدة جاسر وعز وجواد للسيطرة عليها
صرخت بصوت شق المكان،
-حيووووووان.. حيوانات
ظل تهذي بها حتى غفت بمكانها ..حملها عز ووضعها على الفراش ثم دثرها، ذهبت عيناه لبعض الأثار التي تركها ذاك الجبناء الذين لا يعرفون قيم ولا أخلاق..فنهض معتدل وعلى حين غرة صفع جاسر بقوة
شهقة خرجت من غزل وهي تصرخ باسم ابنها..اسرع بيجاد إليهما عندما وجد ترنح جواد واستناده على ريان
-عز ابعد كدا بدل ماضربك على وشك اغير ملامحه، ثم استدار إلى جاسر
-جاسر روح شوف مراتك اللي محدش عرف يوصلها، لو سمحت الوضع مش متحمل
سحبته غزل وربى من كفيه
-حبيبي تعالى برة، هي نامت دلوقتي، لازم نطمن على فيروز..قطع حديثهم رنين هاتفه..خرج للخارج واجاب
-نعم …انت فين ياحضرة الظابط..مراتك مرمية في المستشفى لازم تيجي فورا عايزينك ضروري
-مستشفى ايه؟!
تسائل بها وتحرك كالألي
وصل بعد قليل..أسرعت إليه تصرخ فيه
-كنت فين وبنتي بين الحيا والموت، كنت فين لما هجموا عليها وضربوها وسقطوها
رفع نظره مذهولا
-حد اعتدى عليها، تسائل بها بعينين متسعتين …بترت حديثهم الممرضة
-المدام لازمها عملية حالا ولازم موافقة جوزها لو سمحتوا
-عملية!!قالها متعجبا
-آسفين يافندم المدام فقدت الجنين وعندها نزيف شديد، حاولنا معاها ولكن للأسف لازم من إستئصال الرحم
صدمة عنيفة حتى شعر ببرودة تجتاح جسده، فهتف
-استئصال رحم ليه؟!
ربعت سحر ذراعيها
-ليه متعرفش أن فيه ناس هجموا عليها ، بنت عمك بعتتهم عشان يسقطوها
اتجه إليها وتقدم منها وعينيه ترسل سهاما مشتعلة ثم أشار بسبباته
-كلمة كمان وهنسى انك ام مراتي، اللي يعتبر كدا ملهاش حاجة عندي، كدا كل واحد مننا في طريق، بس انا هعمل بأصلي وهفضل معاها لحد ماتفوق وترجع لحالتها ودا كرم مني مش اكتر يامدام
دنى وانحنى بجسده يرمقها بنظرات نارية
-متفكريش التمثيلية دي خالت عليا، اكيد ترتيبكم جه عليكم بس ربنا عادل واهو الحمد لله مفيش حاجة تربطني بأقذرأيام عشتها مع بنتك
دفعها بيديه وتحرك وهو يهتف بغضب
-وسعي كدا من قدامي وشوفيلك ركن استخبي فيه عشان مطلعش جنان حياتي كله عليكي يااقذر عباد الله
مرت عدة أيام والحال كما هو، حتى ذهب ذات يوم للمشفى عند فيروز، فمنذ عمليتها وافاقتها لم يتقابلا، ولج الى غرفتها وجدها تغفو
جلس بجوارها لبعض الوقت وهو يطالعها، فبعدما وجد سجلات الكاميرا، واستماع مكلامتها مع والدتها ونيران غضبه تحرقه، يود لو يزهق روحها لماذا فعلت به ذلك، ألم تكن انثى وتشعر بكم الألم الذي تعرضت له جنى
فاق من شروده على صوتها
-جاسر..نصب عوده واتجه إليها
-حمدالله على السلامة يافيروز، عاملة ايه
وضعت كفيها على أحشائها وبكت
-شوفت ابني ضاع مني ياجاسر، نزل بجسده وحاوطها بذراعه
-دا عقاب عشان اللي عملتيه في الاول، كان ذنبه ايه ابني الأول تنزليه، اهو التاني لحقه، كدا عدل ربنا ياحبيبتي ومش بس كدا، لسة فيه مايصدمك
رمشت بأهدابها وهي تبكي
-فرحان فيا وشمتان هو دا مش ابنك كمان، ليه مش زعلان، دا كله عشان يفضالك الجو مع الست جنى
انحنى مرة أخرى وانفاسه الحارقة على وجهها كادت تحرقها
-فيروز أنتِ طالق
احتاج اليك
كحاجة العصفور لجناح وليفه
فهلا ضممتني
مِن أينَ لي..
أن أُعاملَكَ كغريبٍ بعد أن كنتَ مَوطني؟!
أن أمُرَّ بجواركَ ولا أنتبه، بعدما كُنتُ أستشعركَ وبيننا أميالٌ وأميال؟!
مِن أينَ لي..
أن أنسىٰ ملامحكَ التي كُنتُ أحفظُها عن ظهرِ قلب؟!
أن لا أُمُيِّزَ صوتَك مِن بينِ ألفِ صَوت؟!
مِن أينَ لي..
أن تُصبِحَ شخصًا عاديًْا ومِن قبلُ.. كُنتَ روحي؟!
❈-❈-❈
انحنى بجسده وعيناه تغرز بفيروزتها:
-فيروز إنتِ طالق، عارف اني اتأخرت، بس معلش ملحوقة، متعرفيش إن رب الخير لا يأتي إلا بالخير
قالها ناصبا عودا معتدلا بوقوفه يطالع صدمتها ودموعها التي انهمرت بغزارة
-أكيد بتهزر مش كدا، مستحيل تعمل فيا كدا إنت بتحبني ياجاسر مش كدا، اعتدلت متأوه وتوقفت متجهة إليه
-حبيبي أنا آسفة متعملش فيا كدا لو سمحت، حاوطت خصره ووضعت رأسها على صدره تبكي بشهقات
-جاسر متمعلش فيا كدا، انت عارف بحبي
تراجع للخلف وأبعدها بهدوء
-فيروز أنا طلقتك، مفيش حاجة هتربطنا تاني، طلع بابا عنده حق، أنتِ متنفعنيش، حياتك غير حياتي
صرخت فيه بقهر:
-قولي بقى أخدت الامر من سيادة اللوا، ماهو أنا بنت المجرم، اللي ابوك اقنعك بكدا، عيلتي كلها مجرمين، إنما انتم طاهرين مش كدا ياحضرة الظابط
ظل واقفا بجموده وكأن كلماتها كالهوا لا تعنيه، فهتف وهو يضع كفيه بجيب بنطاله
-كل حقوقك هبعتهالك، شقة النيل هكتبها باسمك زي ماكنتي عايزة مؤخرك هيوصلك، كل ماتحتجيه هيكون عندك
دفعته كالمجنون وتناست آلامها تصرخ فيه
-مستحيل، مستحيل تبعد عني ياجاسر، ياتعيش معايا يااما مفيش حياة ليك مع غيري
ولجت والدتها بعد صرخات ابنتها
-مالك ياروزة بتصرخي كدا ليه، ثم اتجهت إلى جاسر
-يعني بقالك اسبوع مختفي ومحاولتش تيجي تشوفها ويوم ماتيجي تخليها تعيط
استدار متجها إلى باب الغرفة
-انتهينا يافيروز، وياريت تنسي في يوم انك قابلتي واحد اسمه جاسر..وزع نظراته عليها وأردف متهكما
-متخافيش الست ماما هتعرف تنسيكي بسرعة
ذُهلت سحر مما استمعت إليه، فأسرعت تمسكه من ذراعه
-يعني ايه كلامك دا!!
رفع نظره لكفيها على ذراعه، ثم إليها وجز على أسنانه ضاغطا عليها
-ايدك، متطاوليش على أسيادك، مش معنى كنت جوز بنت كنت بحترمك، قرفك كله عندي، نفض كفيها كأنها شيئا مؤذي
وأشار بسبابته إليها:
-لسة محسبتكيش على اللي عملتيه، أفوقلك بس يامدام
قالها وتحرك متجها للخارج
جثت فيروز على الأرض تصرخ باسمه
-جااااسر متسبنيش..اتجهت والدتها إليها
-الواد دا عمل فيكي ايه، فوقي كدا واحكيلي ايه اللي حصل
على بُعد بعض الكيلو مترات بمشفى اخرى، كانت الجميلة تغفو بالمهدئات وأصبحت كزهرة خريف تبعثرت وريقتها ..وبجانبها يجلس ابيها يحتضن كفيها ويطبع قبلة عليه
ولجت نهى إليه:
-صهيب حبيبي قوم ارتاح، الدكتور منعك من الحركة، لازم ترتاح لو سمحت
نظراته مصوبة على ابنته التي ذُبلت وأصبح وجهها شاحبا، استمع الى همسها باسم جاسر نهضت تصرخ وتضع كفيها على أذنها تنادي باسم مالك قلبها
احتضنها والدها يحاوطها كالطفل الرضيع
-اهدي حبيبتي أنا جنبك، بابا جنبك ياجنى..بكت بصوت تنفطر له القلوب
-بابا احميني يابابا، احميني..دلفت غزل إليهما
جلست بجوارها، تتلاقها من صهيب الذي انهارت قواه
-جنى حبيبتي..عاملة ايه ..تراجعت بجسدها تحتضن نفسها، توزع نظراتها عليهما، ثم وضعت رأسها على حافة الفراش وهمست بدموعها
-قالي استني حبيبتي أنا جايلك، احمي نفسك وانا جايلك، خوفت واستخبيت، قالتها وهي تنظر لأركان الغرفة كأنها تبحث عن أحدهما، فاستأنفت ببكاء كزخات المطر، هو اتأخر وهي سابتني لوحدي، صرخت كتير كتير ، بكت بشهقات وهي تنظر لوالدتها
-دورت عليكو، محدش جه وانقذني منهم، نظرت لنفسها وصاحت ببكاء مرتفع
-قطعوا هدومي، وانا فضلت اترجاه، قالي هتمتع بيكي على سرير ابن عمك عشان احصره عليكي..صرخت ودافعت عن نفسي وضربته يابابا، وناديت على جاسر كتير..قالي كلام وحش..وضعت كفيها على أذنيها وصرخت باسم جاسر كأنها تتعرض مرة أخرى للاعتداء
-جااااسر..صرخت بها تبتعد عنهم وهي تنظر إليهم بخوف كأنها لا تعرف احد منهم، اقترب صهيب محاولا السيطرة عليها عندما بدأت تمزق وجهها باظافرها ، نفسه هنا، امسحوا نفسوا من على وشي، بدأت تمزق وجهها كالمجنون..بكت نهى بشهقات عندما وجدت حالة ابنتها
تحركت غزل سريعا مسيطرة عليها بمساعدة صهيب وقامت بحقنها، رغم ارتجاف كفيها من حالتها التي تدهورت يومٍ بعض يومٍ
❈-❈-❈
ولج جواد بعدما استمع الى صرخات جنى عندما وصل إلى غرفتها
تحرك سريعا عندما فشل صهيب بحملها بسبب تعبه..حملها عنه ودثرها بالفراش وهي تهذي بكلمات لم تفهم
رفع بصره إلى غزل
-هي هتفضل كدا ياغزل، عايشة على المهدئات
جلست غزل بجوار نهى التي انهارت بالبكاء
ربتت على ظهرها وأجابت زوجها:
-للأسف ياجواد الحادثة كانت صعبة اوي عليها، ومننساش أن جنى أصلا حساسة، وكانت بتتأثر من كل حاجة
نظرت إلى صهيب بأعين تفيض المٍ
-صهيب لازم تتعرض على دكتور نفسي، مفهاش حاجة عضوية ..أطبق على جفنيه
ساعده جواد على الوقوف
-صهيب قومت ليه من سريرك، تعالى معايا..استدار بنظره الى ابنته
-وأسيبها لوحدها ياجواد، طيب لما تفوق ومش تلاقيني هتقعد تعيط وتخاف، دا أنا جنبها وصرخت ..انحنى يلمس وجنتيها التي قامت بجرحها
-شوفت عملت في نفسها ايه
صمت للحظات مستندا على جواد
-فين جاسر، اوعى تكون طردته زي ماسمعت ياجواد
تحرك جواد معه للخارج متجها لغرفته
-صهيب ارتاح، نتكلم بعدين..امسك كف جواد وبعيون ارهقها الحزن والألم
-انا عايز جاسر ياجواد ابعتله هاته..ساعده جواد في التسطح
-نام دلوقتي حبيبي وبعدين نتكلم، جاسر في شغله
وضع له ماسك التنفس عندما وجد تنفسه ضعيف، ممسدا على خصلاته
-ارتاح ياحبيبي حاول تتنفس كويس، سيف جاي هو ميرنا في الطريق بعد ماعرفوا اللي حصل
رفع الماسك وأردف:
-جواد مش عايزة زحمة، مش عايز بنتي تحس باختلاف في حياتها، كل واحد يرجع يمارس حياته زي الأول والحمد لله انها جت على أد كدا
ولجت مليكة بجوار جواد ابنها
-عامل ايه يا صهيب
هز رأسه ورسم ابتسامة
-كويس ياحبيبتي، مكنش المفروض تسافروا النهاردة، ليه ماسفرتوش
تحركت وجلست بجوار جواد أخيها تربت على كفيه
-حبيبي نطمن عليك وعلى جنى الأول
رفع بصره إلى جواد..احتضنها جواد من أكتافها
-ملوكة جنى كويسة، وصهيب كويس اهو، سافري حبيبتي ومتشغليش بالك بينا
نهضت غاضبة ونظرت إليهم بحزن
-يعني بتطردوني من حياتكم ياجواد، يعني مش كفاية طردتوا ولادي من ارتباط بناتكم وولادكم، جاين كمان مش عايزني اشاركم وجعكم وحزنكم
ذُهل جواد من حديثها، فنهض متوقفا بإتجاهها وسحب كفيها للخارج عندما ذهب صهيب بنومه
-ليه يامليكة بتقولي كدا، من امتى واحنا بنبعدك، انت شايفة حالة اخوكي ازاي، مش عايزين نتعبه
انسابت عبراتها وتحدثت بصوت متحشرج من البكاء
-ماهو انت مستخسر فيا اكون جنبكم ياجواد، معتبرني غريبة، دا حتى الغرب موجودين ومتكلمتش
قطب جبينه متسائلا:
-غرب!! مين دول
اقتربت تغرز عيناها بمقلتيه
-ريان ياجواد، ريان اللي من يوم الحادثة وهو ملازمكم، إنما لما قولت هبعت لحازم رفضت، وكأن حازم دا مش من العيلة
تنهيدة عميقة بأنفاس حارقة خرجت من جوفه
-مليكة أنا مش متحمل الضغط دا كله، كفاية تعب اخوكي، ومشاكل عز وجاسر، وجنى اللي يوم عن يوم حالتها بتدهور وانت جاية بتكلميني في ريان وحازم
زفرة محملة بالوجع وأشار على صدره
-هنا نار بتحرق اعصابي، انا ربنا اعلم بحالتي ازاي قادر اقف على رجلي، ابني اللي من اسبوع معرفش عنه حاجة، بعد ماطردته، حتى معرفش لقي مراته ولا لا..وحالة عز اللي مش عارف اسيطر عليه،
امسكها بعنف صارخ
-انا ببعد عز عن جاسر ياباشمهندسة عشان ميتهوروش ويؤذوا بعض، وصل بيا الحال افرق ولادي عن بعض
أشار إلى غرفة صهيب واستأنف غاضبا
-اللي جوا دا عنده شريان اتقفل خالص ومحتاج عملية في أقرب وقت، ردي عليا وقولي اساند مين ولا مين وانا بسند نفسي بالعافية عشان محدش ينهار، عشان منخسرش اكتر من كدا
ارجع خصلاته بغضب كاد أن يقتلعها وصاح معنفا إياها
-العيلة بتوقع، وانت مش حاسة بحاجة، مشفتيش عز بيعامل روبي ازاي، مشفتيش اتهاماته لجاسر..اهدي يامليكة مش وقت جواد ولا ريان ولاحتى حازم
قالها وتحرك سريعا
❈-❈-❈
بعد فترة وصل جاسر متجها إلى غرفة جنى، قابلته غزل على باب الغرفة
-حبيبي انت فين؟! ومراتك فين
كانت عيناه على غرفتها ..فتحرك متجها إليها
-هشوف جنى الأول ..أمسكت كفيه تهز رأسها رافضة
-نهى جوا، وبلاش ياجاسر، باباك قال ايه، ممكن تبعد حبيبي لما الدنيا تهدى
سحب والدته وأشار بسبباته
-ماما هدخل أشوف جنى، ياريت الكل يتقبل وجودي جنبها..وصل عز وبأعين يتطاير منها الشرر توقف أمامه يدفعه
-الواد دا بيعمل إيه هنا..أتى للكمه امسك ذراعيه جاسر، ونظر لمقلتيه بتحدي
-أنا عذرك بس هتسوق فيها هدوس عليك ومش هرحمك، اللي جوا دي مش اختك بس، ليا فيها أكتر منك
ثارت جيوش غضبه، فلكمه بقوة
-بتقول ايه ياحيوان.. شهقت غزل وهي تضع كفيها على فمها، تحاول أن تفصل بينهما ولكن كان بداخل كل واحد نيران تلتهم الآخر
استمع اليهم ريان الذي خرج من غرفة صهيب
زفر مختنقا، فالوضع أصبح مؤلمًا
-فيه ايه منك له، مفيش احترام خالص، طيب راعو أننا في مستشفى..اتجه بأنظاره إلى جاسر وتحدث بفظاظة
-جاسر الحكاية مش ناقصة يابني، ووجودك دلوقتي مش مستحب، بلاش نشوف قلبة جواد عليك، فلو سمحت امشي من هنا فورا قبل ماباباك يجي
ثم اتجه إلى عز
-عارف انك مجروح على اختك، بس دا ابن عمها يعني دمها ولحمها، متنسقش ورا غضبك يابني، الغضب نار بتاكل كل اللي يقابلها، وفكر في تعب أبوك
مسد على كتفه وأشار إلي جاسر
-انتوا قبل ما تكونوا ولاد عم فأنتم اخوات، بلاش شيطانكم يخسركم بعض
-يلا ياجاسر، امشي لو سمحت
-عمو ريان مش همشي غير لما أشوف جنى، هشوفها يعني هشوفها..كور عز قبضته يجز أسنانه
-الواد دا عايز اموته، شوفت ياعمو ريان بتقولي اخوك
فتح الباب ودلف مغلقا الباب خلفه..وكأنه لم يستمع إليهما ،أتى ليدلف خلفه امسكه ريان
-عز خلاص بقى سيبه يشوف بنت عمه، هو معذور انت مش شايف حالته، مرتاح كدا وانت شايف جاسر كدا، دا متأثر اكتر منك، اتلم كدا عشان اليوم يعدي على خير
❈-❈-❈
بالداخل كانت نهى تمسد على خصلاتها وتقرأ قرآن بجوارها، شعرت بدلوف أحدهما رفعت عيناها..وجدته متوقف على بعد بعض الخطوات
أشارت بكفيها، تحرك بخطوات سلحفية وعيناه تغشاها الدموع تظلل غيمته وقلب متهمشا من الحزن والوجع ، ظل يخطو كطفل يتعلم المشي وهو يبحر بعيناه عليها، جلس بجوارها ثم دنى يطبع قبلة على جبينها، وروحه تأن كوتر مقطوع …دقق النظر بملامحها التي بهتت بالكامل، كور قبضته وشعر بالألم ينخر عظامه نخر عميقا..آهة بألف وجع من قلب متألم
-دي جنى، استدار يطالعها برماديته المغشية بالدموع،
لسة بتنام بالمهدئات
هزت رأسها
-لسة عايشة على المهدئات..سكنت هنيهة وهي تطالعه بصمت ثم تسائلت :
-معرفتش حاجة على مراتك
طالعها بتردد هو اتخذ قرارا أن لا يعلم أحدًا في ذاك الوقت
نظر للبعيد وكأن هذا الشخص تحول لشخص آخر، وأصبح زاهدا في كل شيئا ورغم صمته وهدوئه، إلا أن عيناه متألمة مجروحة
اتجه بأنظاره إلى جنى
-سقطت البيبي وطلقتها ياطنط، بس محدش يعرف
شهقة خرجت من فمها، تهز رأسها رافضة حديثه
-ليه يابني كدا، أنا مش مصدقة يكون ليها يد في اللي حصل لجنى متظلمهاش ياحبيبي
انسابت دموع الضعف والألم بآن واحد ولم يستطع تمالك نفسه أكثر من ذلك فانهارت حصونهم وهتف مؤكدا
-مش عشان كدا بس مع إني متأكد ، انا تعبان ومش مرتاح، ودلوقتي برجع الوضع لمسيره الطبيعي ياطنط
اتسرعت ياحبيبي كنت ادلها فرصة، مش كل اللي نظنه بيطلع صح..اتجه يجلس بجوار جنى وحاول تغيير الحديث
-ليه سايبة شعرها كدا، افرض الدكتور دخل، لبسيها حجابها لو سمحتي
ابتسمت وربتت على ظهره
-غيران عليها ياحضرة الظابط ولا إيه
كانت نظراته تبحر عليها
-إنتِ مش شايفة إنها تستاهل الغيرة..اتجهت لأبنتها ثم تحدثت بمغذى
-ايوة طبعا لازم تغير هي دي مش اختك ولا إيه
❈-❈-❈
جملتها أشعلت حقول النيران بصدره حتى احتل الغضب ملامح وجهه فهتف مزمجرا
-لا مش اختي، ومش عايز اسمع نغمة اختي دي تاني لو سمحتي ياطنط نهى، عشان معملش جريمة، كفاية ابنك المتخلف
لمعت عيناها مع ابتسامة زينت ثغرها ..ثم تنهدت متجهة بأنظارها إليه
-وكان ليه من الأول ياجاسر، عمك حاول يفهمك بس..رفع كفيه
-مع احترامي لحضرتك ياطنط ممكن منتكلمش في الموضوع دا
هزت راسها رافضة حديثه
-دا أهم حاجة لازم نتكلم فيها ياجاسر، ومتنساش أن جنى مخطوبة دلوقتي
زفرة حارة خرجت من جوفه ثم تحدث
-كانت مخطوبة ياطنط، دلوقتي هي مش مرتبطة، وزي ما بيقولوا كدا أنا أولى من الغريب
انفرجت شفتيها مذهولة لا تصدق ما تسمعه، هدأت ثم تحدثت بهدوء
-لا والله..قالتها مع رسم إبتسامة، ثم استأنفت حديثها قائلة
-يعقوب لسة معرفش اللي حصل لجنى عشان هو مش موجود في القاهرة، تفتكر لو يعرف هيسبها
-هيسبها مش بمزاجه اصلا
شهقة خفيضة خرجت من فمها، تهز رأسها
-لا دا انت فعلا اتجننت زي ماعز بيقول
-طيب ليه تجيبي سيرة المتخلف دلوقتي بس
-بص ياحبيبي أنا عارفة إنك بتحب جنى كأخت ليك، وعمايلك وكلامك دا عشان مشيل نفسك الذنب، خليك زي ماانت ياجاسر، اخوها الحنين بلاش تقنع نفسك بحاجة مش موجودة
لم يجد مايعبر به عن مايختلج صدره، لقد تعثرت الكلمات عند شفتيه وكأنه لا يعرف التعبير عن مشاعر دفنت بداخله حتى أصبحت كتلة نارية ستنفجر ..سكت هنيهة يسحب نفسا ثم زفره ببطئ قائلا
-مش هكدب عليكي وأقولك انا مبحملش نفسي المسؤلية، بس قبل دا كله جنى حد مهم جدا في حياتي، وقبل ما حضرتك تتكلمي كل اللي حصل بسبب جنى،
قطبت جبينها عابسة
-جنى..ليه عملت ايه؟!
ارتسم الألم داخل مقلتيه محدقا بها وقبضة حادة تسحق قلبه عندما لاحت ذاكرته لذاك اليوم
❈-❈-❈
فلاش
-جاسر..توقف مستديرا إليه
-عارف الوقت مش مناسب
بس فيه موضوع عايز اكلمك فيه، عايز اخد قرار وخايف من ردة فعل عز
طالعه منتظر حديثه
-أنا بحب جنى وخايف الموضوع يتفهم غلط
قشعريرة اختلجت كيانه، وتعلقت عيناه بجواد منتظر بقية حديثه والذي أشعر آنذاك بالوجع، وكأن أحدهم صفعه بآلة حديدية حتى فقد توازنه، فاستند على سيارته، وتسائل مهزوز الجسد مندفع النبض
-جنى بنت عمو صهيب،،قالها مبتلع ريقه بصعوبة
أومأ جواد مبتسما
أيوة يابني متعرفش ولا أيه، أنا وجنى على علاقة مع بعضهنا شعر بغصة منعت تنفسه حتى شعر بالأختناق فقام بفتح زر قميصه
فكنت عايزك تكلم خالو صهيب وتفهمه
استدار بجسد مترنح وخطوات متعثرة، يهز رأسه عندما فقد الكلام واستقل سيارته متحركا بسرعة جنونية، ونار العشق تلتهب صدره بل اعضائه بالكامل
توقف بالسيارة على جانب الطريق وهو يكور قبضته بعنف حتى شعر بتلك القبضة تعتصر فؤاده بالكامل، امسك هاتفه
❈-❈-❈
-جنى إنتِ فين
تسائل بها والغضب المحموم يكاد يندلع من حدقتيه وونفور عروق رقبته..أجابته
-خارجة من الجامعة وعندي ميعاد مع جواد، ليه فيه حاجة
باتت عيناه زائغة ونبضاته تهدر بعنف، فكور قبضته بعنف يجز عليها بأسنانه..أخرجته من حالته عندما تسائلت
-هتروح لغنى المستشفى، لو هتروح نتقابل هناك
-إن شاء الله..هقفل عندي شغل..قاطعته صارخة
-كنت عايز حاجة!!
-لا ..قالها وتحرك بالسيارة متجها إلى المشفى، وصل بعد قليل قابله ياسين
-جاسر كنت فين بتصل بيك مبتردش
-فيه حاجة ولا ايه ؟!
همس له
-البنت اللي في الشقة الدادة بتقول رافضة الأكل وبتسأل عليك..فاق من ذكرياته على صوت نهى :
-جاسر عمك صهيب كان بيسأل عليك، يبقى عدي عليه، وبلاش تطول عند جنى عشان عز وباباك
اومأ برأسه، نهضت متحركة للخارج ..تراجع بجسده على المقعد وهو يرسمها بعينيه
انحنى قائلا
-عارفة لو حاسة برجفة قلبي اللي حاسس بيها دلوقتي كنتي قومتي وضحكتي قولتي
-قاعد كدا ليه ياجاسورة، عندي وجع يكفي العالم كله ياجنى
-ليه عملتي فينا كدا، طب بدل ماحبتيش جواد، ليه قولتي انك بتحبيه وفجأة رجعتي في كلامك، طب لو فعلا عشان استقل بيك قدام الناس، دا سبب يخليكي تكرهيه..هتجنن يابنت عمي والأسئلة دي بتضرب عقلي، وكل ماأسألك تقولي نصيب
انحنى مقتربا منها أكتر
-موضوع يعقوب بتلعبي بيه ليه جنى، قصدك ايه من الحركة دي، ماهو متقنعنيش انك بتحبيه، تبقي هبلة ومتعرفيش أنا حافظك اكتر ماانت حافظة نفسك
احتضن كفيها يلثمه، ثم ربت عليه وتحدث إليها كأنها تستمع إليه
-هروبك بخطوبة يعقوب مالهاش غير تفسير واحد يابنت عمي، ولو فعلا الموضوع كدا، هنزعل من بعض جامد، وهعاقبك جامد أوي ياجنى، صدقيني على أد حبي ليكي على أد ماهيكون عقابي انك بتهربي مني بخطوبتك
تنهيدة عميقة غادرت ضلوعه حتى شعر بتكسرها فتحدث بأسى :
-هنتعاقب كتير اوي ياجنى، وشكلنا هنتعب مع بعض، بس متخافيش عقابك هيكون جوا حضني، انحنى وهمس بجوار أذنها
-اتأكد بس من شكوكي وصدقيني وقتها محدش هيرحمك مني، حتى قلبي دا مش هيشفعلك
❈-❈-❈
ولج عز يدفع الباب بغضب
-ايه القعدة عجبتك ولا إيه ياحضرة الظابط..لم يعريه إهتمام وانحنى يطبع قبلة على وجنتيها أمام عز، الذي ثارت جيوش غضبه فجذبه بعنف للخارج
-انت عايز ايه يلا، عايز توصل لأيه
انزل يد عزبهدوء مستفز وهو يرمقه بتحذير فهتف بهدوء رغم حزنه منه
-انا لحد دلوقتي بتعامل معاك على أساس الأخوة ياعز، بلاش تخليني أفقد اعصابي عليك
لكمه عز بوجهه، رد عليه جاسرلكمته
-مالك ياحيوان منك له، ايه شغل الأطفال بتاعكم دا، مفيش احترام خالص
دفع جواد عز بكفه بعيدا، ثم اتجه لأبنه
-ايه اللي جابك، أنا مقولتلكش متجيش..نكس رأسه أسفا وقال بألمًا يعتصر ماتبقى من روحه المعذبة
-هفضل منفي لحد امتى، مقدرتش ابعد اكتر من كدا يابابا، رفع بصره لوالده وهتف
-جاي اصحح اخطائي..أشار بكفيه إلى ممر الخروج
-امشي ياجاسر من قدامي دلوقتي، انا لسة محسبتكش، لكزه بصدره وأشار بسبباته
-خليك فاكر أنك متحسبتش لسة، امشي دلوقتي من قدامي مش عايز أشوف وشك
ابتلع ريقه بصعوبة واختلج صدره بالذنب فتحدث
-بابا أنا جاي وطالب السماح، ومستعد لأي عقاب
شعر ببعض تأنيب الضمير بعدما لمح الألم بعين أبنه، هو يعلم أنه يضغط عليه، ولكنه اضطره لذاك عندما لم يستمع إليه منذ البداية
رسم قناع بارد على ملامحه يعكس غليانه القابع بصدره فتحدث دون نقاش:
-بعدين نتكلم اطمنت على بنت عمك خلاص امشي
وصلت نهى إليهم
-جاسر عمك صهيب عايزك..اومأ ثم نظر لوالده حتى يشفع له ولكنه استدار يواليه بظهره..تحرك متجها إلى غرفة عمه، بينما اتجه جواد إلى عز وامسكه بعنف من ذراعه
-من امتى وانت عدواني وحلوف كدا يلا، هتتلم ولا ألمك انا
تسارعت انفاس عز محاولا السيطرة على أعصابه فرفع رأسه لعمه
-قولي حضرتك ياعمو، لو واحدة من بناتك أنا عملت فيها كدا، هيكون رد فعلك ايه
❈-❈-❈
دفعه جواد بعيدا عنه بحركة قاسية مليئة بالنفور، وأشار بسبباته متوعدا
-اغلط ياعز، اغلط كمان، جنى دلوقتي مش بنتي وانت مش ابني..لكزه بقوة ارتد من خلالها عز للخلف والغضب تلون بملامح جواد وامتزج بنبرة صوته الفظة
-انا كنت عاذرك وقولت مصدوم بس هتستهبل هخليك تكره نفسك
انكمشت ملامح عزباعتراض تجلى في نبرته:
-دا كله عشان قولت لابنك ابعد عن اختي
-ابن مين يلا..هو دا مش اخوك، حاولت غزل التدخل
-جواد أهدى، متنساش ضغطك لو سمحت
لم ينظر إليها ولم يهتم ب حديثها، وصل إليه يمسكه من تلابيبه
-انت عملت اكتر من كدا ياحيوان، فمتفكرش نفسك برئ، كانت عين جواد تلقي اليه سهاما مشتعلة فستأنف بقسوة
-متعمليش ملاك، عشان مدوسش عليك، دفعه بقوة واستدار ليتحرك ..كانت تقف والدموع تنساب على وجنتيها في اشتداد الحوار بين والدها وزوجها
اتجهت إليه بعد مغادرة والدها ..توقفت أمامه
-عز ..متزعلش من بابا وجاسر، انت لسه مُصر إن جاسر أذى جنى
تلاقت عيناه بعينها وتعالت أنفاسه الحارقة بنيران الغضب المنبعثة منه بعد حديث جواد
-عشان اخوكي حقير يادكتورة، اخوكي ساب اختي وراح اتجوز واحدة معندهاش ضمير كانت هتضيعها، ايه الغل والحقد دا كله، مسح على وجهه بعنف ثم رفع بصره إليها وألقى عليها حديثه الذي جعل جسدها ينتفض
-والله لأندمه واحرق قلبكم عليه، على أد وجع وانكسار اختي لازم اكسرك ياجاسر
قالها وتحرك مغادرا وخطوايه تأكل الأرض كالنيران التي تلتهم القمح
❈-❈-❈
بالداخل عند صهيب
دلف جاسر وهو منكس الرأس، وجسده يرتجف ألمًا وحزنا على عمه
خطى بخطى سلحفية يقدم قدما ويتراجع بالأخرى، وعيناه على عمه الذي رفع نظره يطالعه بصمت
وصل إليه وظل واقفا وكأنه صم بكم لا يعلم كيف الحديث
لوى صهيب شفتيه ساخرا ثم تحدث:
-دا ايه الادب اللي نزل عليك فجأة يابن جواد..رفع نظره لعمه وتعلقت عيناه المتألمة بعين صهيب المتسامحة
-آسف..قالها بكل ندم من قلبه، ثم انحنى بأحضانه عندما رفع صهيب ذراعيه إليه
-تعالى ياأهبل يابن العبيطة
ألقى نفسه بحضن عمه وظل يبكي بشهقات مرتفعة وهو يهمس بصوت متحشرج بالبكاء
-مكنش قصدي نوصل لكدا، مكنتش اعرف والله ياعمو، صدقيني لو اعرف نصيبي هيكون كدا مكنتش حاولتاحتضنه صهيب يربت على ظهره قائلا:
-متحملش نفسك فوق طاقتها ياحبيبي ..دا كله قدر ومكتوب
آه حارقة خرجت من جوف جاسر وهو يبكي بحرقة ونبض قلبه ينتفض بأنين
-قولي آدوي الجرح ازاي ياعمو، والجرح عميق مالوش دوا ياعمو
أخرجه صهيب من أحضانه محتضنا وجهه يزيل دموعه بأنامله
تواصل بصريا بينهما مع بكاء جاسر وضعفه أمام صهيب، أطبق صهيب جفنيه بقوة يعتصره، ثم فتح عيناه قائلا:
-جاسر..انسى كل اللي حصل، نهى حكتلي على اللي حصل معاك، عايزك متزعلش من عز وأبوك
أشار للمقعد بعينيه
-اقعد عشان كلامنا هيطول
جذب المقعد وجلس بجوار عمه ..ران صمتا بالمكان لبعض الوقت حتى قطع الصمت صهيب
-بتحب جنى ياجاسر؟!
انحبس النفس بصدره، حتى شعر بإنسحاب الأكسجين من المكان ونبضاته تتسارع، طال النظر لعمه بالصمت وعقله يأبى البوح بما يشعر به، وقلبه يشير بالبوح بكل مايشعر به، فالقلب يعشق بكل جوارحه حتى أصبحت حياته مرتبطة بعشقه لها، وهذا ما علمه بعد حادثتها الذي تمنى موته حينها لا محالة
حمحم صهيب حتى يقطع صمته ثم تسائل:
-لدرجة دي السؤال صعب يابن اخويا
اشاح بوجهه بعيدا عن عمه عندما انسابت دموعه فهتف بهدوء رغم نيران عشقه
-حياتي بجنى زي القلب للجسم ياعمو، عايز تموتني أبعدها عني ..مش هقولك غير كدا..قالها بنبرة شجية حزينة خرجت متمزقة بلهيب العشق
تنهيدة مؤلمة اخرجها صهيب على ماوصل الحال إليه ..
-اسمعني ياجاسر كويس، وافهم معنى كلامي ياحبيبي ، انا بقالي يومين بفكر لحد ما وصلت للحل اللي هقولك عليه، بس اوعدني الأول الكلام دا يفضل بينا سر، وحاجة كمان لازم تفهمها
وعدك هتتحاسب عليه لو منفذوتش
أومأ برأسه منتظر حديثه
سحب نفسا ببطء عندما شعر بإختناق تنفسه ثم تحدث بصوت ضعيف
-انا هدخل عمليات بعد يومين، ومش عارف هطلع منها ولا لا
-الف سلامة عليك ياعمو، وسامحني انا السبب في وجع قلبك
ابتسم صهيب بخفوت واستأنف حديثه:
-سبني اكمل، عارف إنك السبب في دا كله، عشان لو سمعت كلامي من الأول مكناش وصلنا لكدا، بس برجع وأقول كله قدر ومكتوب ياحبيبي ..انا اتكلمت مع باباك امبارح وهو رافض اللي هقولك عليه، ومسبليش خيار تاني، لازم اطمن على جنى
لأحظ جاسر ارتجافة طفيفة بجسد عمه، فجذب كفيه يربت عليه
-هعملك كل اللي تؤمر بيه ووعد، لو عايزاني ابعد عن جنى، اوعدك مش هقرب منها، المهم متزعلش مني، ومتفكرش كلامي لعز تهديد، انا كنت مضايق وبسكته وخلاص
رفع صهيب كفيه المرتجف، وصفعه بخفة على وجنتيه
-اسكت ياحمار، بطل هبل، انت بتفكرني بأبوك زمان، اللي عايز افهموهولك ياحبيبي متدفنش اي مشاعر جواك، سواء حب او غضب
صمت لأخذ أنفاسه، شعر بتقطع نفسه، فأمسك الماسك التنفسي ووضعه على وجهه لبعض الدقائق، وجاسر يتابعه بأنظاره الحزينة..
بالإسكندرية وخاصة بمنزل بيجاد وغنى
ولج إلى منزله بعد يوما شاقا من العمل..هرولت إليه على الدرج
-بيجاد اتأخرت ليه
رفعها من خصرها ثم طبع قبلة على وجنتيها
-معلش حبيبي كان عندي كام اجتماع كدا
سحبته من كفيه بعدما نادت العاملة
-خدي شنطة البيه دخليها اوضة المكتب، وجهزي الغدا
-تحت أمرك يامدام..قالتها العاملة وغادرت
جلس على الأريكة يتمدد بجسده يضع رأسه على ساقيها ..مسدت على خصلاته
-قوم خد شاور عشان تتغدى، وبعد كدا ارتاح
اغمض عيناه ثم تحدث
-غنى اعمليلي مساج، حاسس دماغي هتتفجر..انحنت بجسدها تطبع قبلة على خاصته ثم غمزت بعينيها
-يعيني على الحلو لما تبهدله الأيام..اعتدل يقهقه عليه، ثم جذبها حتى جلست بأحضانه
-لا حبيبي شمتان فيا
رفعت حاجبها بسخرية
-أيوة شمتانة، وفرحان كمان، ثم انكمشت ملامحها بألم وتبدل حالها
-مش قولت هنسافر القاهرة النهاردة، قلبي وجعني على جاسر اوي
حملها متجها للأعلى
-اديني يومين بس حبيبي اخلص الاجتماعات المركونة عندي، وهننزل، أنا أقدر ارفض لغنايا طلب
حاوطت عنقه ثم وضعت رأسها على صدره
-بيجو حبيب قلبي بعشقه اوي أوي
-أيوة يابنت جواد طول ماانا بنفذ أوامرك بيجو وحبيب قلبك ووقت لما أقولك لا
يامفتري يامنحرف يادكتاتور
ارتفعت ضحكاتها الناعمة وهي تهز ساقيها
-ابدا ابدا انت ظالمني، انزلها بهدوء يغمز بعينيه
-هشوف دلوقتي ياغنون الدكتاتوري هتعملي معاه ايه
نظرت حولها ثم جحظت عيناها متراجعة للخلف
-جايبني هنا ليه يابن المنشاوي ..ارتفعت صوت ضحكاته وهو يضرب كفيه بالأخرى
-مش بقول بتقلب بسرعة
جذبها بقوة ثم حاوطها بذراعيه
-الست اللي بتدخل الحمام مع جوزها بتعمل ايه،، قالها غامزا بعينيه
رفعت ذراعها تحاوط عنقه ثم هتفت مازحة
-بيغسلوا سيراميك الحمام ياحبيبي
انحنى يضع رأسه بتجويفها
-وأنا عايز اغسل السيراميك ياغنايا..تسمرت بوقفتها محاولة الفكاك من قبضته
-بيجاد وسع كدا..حملها مرة أخرى وولج لداخل كابينة الحمام
-والله مايحصل ابدا
عند ربى وعز
بعد عدة ساعات ولج الى غرفته كانت تجلس بالشرفة تنظر للخارج بشرود، ويظهر على ملامح وجهها الحزن
شعرت بوجوده، استدارت تنظر إليه بصمت .. سحب نفسا وزفره بهدوء ثم اتجه إليها
-قاعدة كدا ليه..نهضت متوقفة أمامه
-هجهزلك الغدا..قالتها وتحركت ولكنه عرقل مشيها بالوقوف أمامها، سحب كفيها واتجه بها إلى الفراش
-اقعدي لازم نتكلم..شعرت بقبضة تعتصر قلبها ولا تعلم لماذا، ناهيك عن شعورها السيئ الذي يقتنص روحها
رفعت عيناها الرمادية التي يغطيها طبقة كرستالية من الدموع
-لو هتقول كلام يزعلني ياعز، بلاش تتكلم لو سمحت ، استنى لحد ماتهدى، بلاش تنساق ورا غضبك وبعدين نخسر حاجات منعرفش نرجعها تاني
ابتعد ببصره عن عيناها الحزينة وهتف
-روحي اقعدي اليومين دول عند باباكي، انا الأيام دي مجروح وممكن اجرحك معايا..قالها ونهض متحركا
نظرت بذهول لظهره الذي ولاها إياه فهمست بتقطع
-بس أنا مش عايزة ابعد عنك ياعز..كور قبضته واستدار إليها بلهيب غضبه
-هتقدري تقاطعي اخوكي، هتسمعي الكلام لو قولتلك انسي أن ليكي اخ اسمه جاسر
بعينين متسعتين هتفت بذهول
-أكيد انت مجنون مش كدا، ايه اللي بتقوله دا، عايز تحرمني من اخويا
أشار عليها ساخرا
-شوفتي يادكتورة، اهو قولتي عليا مجنون، ياكدا ياتروحي بيت ابوكي قالها وتحرك مغادرا
هوت جالسة على الأريكة عندما شعرت بدوران الأرض تحت أقدامها، انسابت عبراتها تهمس
-لدرجة دي ياعز ..تبعني انا
مرت عدة أيام
ذات مساءٍ وصل للمشفى، صعد لغرفتها وجد يعقوب يجلس بالخارج بجوار عز
ولج للداخل دون حديث، نهض عز خلفه، وجده يحمل جنى متحركا بها للخارج
-انت بتعمل إيه يلا..ركله بقوة حتى تراجع للخلف قائلا:
-ابعد عني عشان مزعلكش،وهوديها لدكتور تاني، ثم تحرك متجها بها للأسفل، قابله جواد الذي يخرج من غرفة العناية
-واخد بنت عمك على فين..احتضنها يوزع نظراته بينهم، ثم تحدث إلى والده بهدوء، رغم نيران قلبه
-بابا لو سمحت خليني امشي جنى لازم دكتور نفسي يشوفها غير دا ، من فضلك متمنعنيش عشان معملش حاجة تزعلكم …صفعة قوية على وجهه، ثم تلقى جنى بين ذراعيه، هاتفا بغضب
-وريني كدا هتعمل ايه يزعلني..توقف متسمرا بمكانه ينظر لوالده الذي دلف بها للغرفة، استمع الى عز
-احمد ربنا أن ابوك انقذك مني..اتجهت نهى إليه
-جاسر امشي دلوقتي وخليك اد وعدك ياحبيبي..ياريت تشغل دماغك شوية ياحضرة الظابط
فتحت الجميلة عيناها تنظر حولها بذهول تكتشف أين هي، اعتدلت تنظر لثيابها التي بدلت حاولت التذكر ولكن لم تستطع كأنها أخذت حبوب فقدان الذاكرة..استدارت تنظر لذاك الكومودو، وجدت به تلك البطاقة، وبجانبها هاتف
فتحت البطاقة وقرأت مابداخلها
عشقي لكِ
يشبه الادمان اعلم أنه مؤذي ولكن راحتي فيه••
متل المطر يصيبني بالبرد ولكني مغرمة به
#جنى_الألفي
قطبت جبينها ثم اتجهت للهاتف و
جذبته ثم فتحته، لم يوجد به سوى رقمٍ واحد
قطبت جبينها متسائلة
-رقم مين دا؟! وأنا فين..المذهل أن صورتها على الهاتف
امسكته بيد مرتعشة وهاتفت الرقم الذي يسجل
كان هناك في تلك الغرفة يستند بساقية الموضوعة على المقعد وهو يشاهد ذاك المكبل من ذراعيه وأقدامه ويوضع بأسفله تلك النيران التي تشتعل أسفله وهو يصرخ، ووجهه الذي تشوه بالكامل بتلك المادة الحارقة
جلس ينفث تبغه بإستمتاع من صرخاته وهو يراقبه بصمت لبعض الوقت..ألقى سيجاره واتجه إليه يجذبه من خصلاته بقوة قائلا
-لسة لسانك عايز اقطعه عشان كلماتك القذرة تحرم تطلعها على أي بنت..قالها وهو يلكمه بقوة بوجهه حتى شعر بكسر أنفه
استمع الى صوت هاتفه، أخرجه ينظر لتلك الصورة التي أنارت هاتفه فهتف
-صباح الورد..قطبت جبينها متسائلة
-انت مين ..قهقه عليها واردف مازحا
-انا اللي متصل ولا إنتِ، أكيد واحدة حلوة بتعاكس واحد حلو زيي
-جاسر..همست بها وهي تنظر حولها بذهول ..توقف وهو يستمع الى لحن اسمه بنبرتها الشجية التي أرسلت إلى روحه ملاذا ككأس خمر ليتخدر ويجعله بحالة سكر بعشقها فقط
أجابها بنبرته الهادئة التي تخصها وحدها
-عيون جاسر..وكأنها لم تستمع إلى حديثه فتسائلت
-انا فين ياجاسر، وايه المكان دا
ارجع خصلاته المتمردة على وجهه وآهة ابلغ من أي رد وروحه تعانق قلبه وهو يجاوبها
-انتِ في قلبي ياجنجون، نص ساعة وأكون عندك حبيبي متخافيش، مفيش غير قلبي اللي عندك ودا عمره مايأذيكي