
ج1
الفصل الأول..
جبر السلسبيل..
“سلسبيل” كانت هادئة و هي تستمع لحديث “بخيتة” السام، و كلماتها المُهينه لها، تنعتها بالخادمة بل والأدهي أنها تريدها زوجة لابنها الأخر المُسمي ب “عبد الجبار”!!!
يا الله لقد كان شقيقه يدعي “عبد الرحيم” يعاملها بمُنتهي القـ,ـسوة، طريقته كانت تصفـ,ـها بالعـ,ـذاب مما دفعها تقدم على الأنتحار مرات عديدة خسرت خلالهم حملها مرتين قبل معـ,ـرفتها حتي بوجوده ،كان لا يتحدث بلسانه مطلقًا معاها، الكثير من الصفعات تتلقاها منه على وجهها طيلة اليوم بسبب و بدون سبب فماذا سيفعل بها شقيقه؟؟..
تبطأت دقات قلبها و شعرت بالفزع، و الرعب يدب بأوصلها جعل جسدها تنخفض درجة حرارته حتي جُمدت أطرافها و أصبحت كالثلج رغم تلك النيران التي تتآجج بصدرها خاصةً بعدما استمعت لجملة أدمت قلبها، و جعلت عبراتها تنهمر علي وجنتيها الشاحبة دون بكاء حين قالت “بخيتة” بسخرية..
“بالك انتي لو خرچتي من أهنه أبوكي هيهملك لحالك تدوري على حل شعرك و تدلي على البندر عند أهل أمك إياك!! .. أخرتك مرات أبوكي هترميكي في الزريبة مع المواشي، و أول ما والدي طلب يدك وافجو عليه طوالي”..
أطبقت عينيها على الفور حين ضربتها ذكريات مؤلمة، تذكرت معاملة زوجة أبيها لها كلما تركت منزل زوجها غاضبه، كانت تجـ,ـعل والدها يلقنها ضربًا مبرحًا حتي تفقد الوعي بين يدية، لتستيقظ تجد نفسها نائمة داخل الحظيرة أسفل أقدام البهائم، و من ثم تعود مجبرة غير مخيرة لتنجو بحياتها من ضرب والدها المبرح، فصفعات زوجها، و كلمات والدته السامة أرحم بكثير من ضربات سوط والدها الذي يمزق لحمها ..
ارتجف جسدها بقوة حين ربتت “بخيتة” على كتفها أفاقتها من دوامـ,ـة ذكراها المريرة مردفة بتعقل لا يخلو من صرامتها..
“لو فكرتي في حديتي زين يا مرات والدي هتلاقي چوازك من والـ,ـدي “عبد الچبار” و جعادك حدايا أهنه رحمة ليكِ”..
مّر الوقت و هي واقفة محلها كالصنم تمامًا بلا حراك، تتابعها “بخيتة” بنظرات جامدة كعادتها،حديثها أصابها بمقتل، تبخرت جميع أحلامها إلى سراب..
رأت نفسها وحيدة لا ظهر لها و لا سند حتي في وجود والدها الذي كان السبب بزيجتها هذه و هي لم تتم عامها الخمسة عشر حتي، و الآن سيزوجها مرة أخرى دون مشورتها ..
……………………………….. لا حول ولا قوة الا بالله�……..
توقفت سيارة من الطراز الحديث بعد رحلة سفر استمرت لساعات طويلة من القاهرة إلى الصعيد، أسرع السائق بمغارة مقعده ليفتح الباب ل “عبد الجبار” الذي وصل للتو، كان يجلس بجانب السائق بينما زوجته “خضرا” تجلس بالخلف بجوار ابنتيها “فاطمة، حياة”..
“حمد لله السلامة يا “عبد الچبار” بيه.. نورت الصعيد يا كبير”..
أردف بها السائق بترحاب شديد..
“أنت هتتچوز على أماي يا أبوي؟”..
نطقت بها “فاطمة” ابنته الكبري صاحبة العشر سنوات، جعلته يمد يده و يغلق باب السيارة الذي فتحه له السائق..
شهقت” خضرا” بخفوتٍ، و أسرعت بوضع كف يديها على فم ابنتها مرددة بغضب..
” اجفلي خشمك يابت”..
تمالك “عبد الجبار” أعصابه معبئًا نفسًا عميقًا إلى رئتيه
قبل أن يلتف لهم ،تحدث بهدوء لا يخفي غضبه المشحون من زوجته و هو يتنقل بنظر بين ابنتيه قائلاً..
” صوح يا فاطمة.. أنا هتچوز الليلة”.. نظر لزوجته نظرة جعلت قلبها يرتعد بخوف بين ضلوعها مكملاً بأسف ..
“الفضل يرچع لأمك وچدتك اللي مسلمتش من زنهم على دماغي واصل”..
“ربنا يتمم لك بخير يا أخوي، و يرزقك من سلسبيل خيتي بالولد اللي يبجي في ضهرك و سند أخواته البنات”..
قالتها” خضرا” بابتسامة دافئة تخفي بها حزنها الذي يفطر قلبها العاشق له،فهي لن تستطيع الإنجاب تانيةً بعدما تعرضت لنزيف شديد بعد ولادة ابنتها الصغري انقذوها منه الأطباء بشق الأنفس..
زفر” عبد الجبار” بضيق، و اصطك على أسنانه بقوة كاد أن يهشمهم، و هو يطلع لزوجته بأعين يتطاير منها الشرر، و من ثم رفع كفه وضعه على مؤخرة رأسها جذبها عليه مغمغمًا بهمس داخل أذنها..
“أنتي خبرة زين أن الچوازة دي هتكون حبر على ورج وبس، و إني مريدش الواد طالما مش منك أنتي يا خضرة، و كفاياكي حديت ماسخ جدام البنات عاد”..