
الفصل الأول بمحافظةِ الإسكندرية بذلك الحي البسيط… الذي تضج شوارعه بالأطفال واصواتهم اللاهية وأصوات الحدادين والعاملين … وضعت تلك الفتاة الثلاثينينة الطعام فوق الطاولة الخشبية الصغيرة بذلك البيت البسيط المُتهالك ثم انحنت طابعة قبلة صغيرة فوق وجنتي شقيقتها الصغيرة ذات العشرة أعوام ثم تناولت حقيبتها القديمة وهاتفها الصغير وتقإيذاءت من باب المنزل الصغير وعينيها تفيض حنانًا لصغيرتها الجائعة ثم، كادت أن تغادر ولكنها التفتت هاتفة بتأكيد: رحمه الباب ميتفتحش لحد ولو مين بالذي، أنا معايا المفتاح أربع ساعات وهرجع من الشغل تكوني ذاكرتي واجبك عشان امتحاناتك قربت، كلي ورتبي مكانك… فاهماني يا رحومه، أنتِ لسه متعرفيش حد هنا أومأت الصغيرة
برأسها لشقيقتها الكُبرى وتناولت رغيفًا من الخبز ووضعت به بعض الجُبن وهرولت لها وعينيها تفيض بالرجاء حتى تأخذهم، تمسكت بكفها وهمست ببراءة شديدة: خدي الساندويتش دا يا هبه أنتِ مكلتيش بقالك يومين انحنت لاثمة وجنتيها وتمتمت بطيبة وحب : لا أنا شبعانه يا قلب هبه المهم أنتِ ولما أنتِ بتشبعي أنا بشبع رفعت الصغيرة إحدى حاجبيها وزمت شفتيها باعتراض وهتفت بحدة مصطنعة: لا كدابة، أنتِ جبتيلي الأكل لما قبضتي امبارح ودفعتي بقية قبضك لإيجار الشقة وجبتيلي ملخصات ومبقاش معاكي فلوس تأكلي برا وأنا شبعت ترقرقت العبارات بمقلتيها البُنيتين وهزت رأسها بموافقة وتناولت الطعام من شقيقتها ودسته بحقيبتها وأنزلت نِقابها الأسود
وخرجت مسرعة تجاه عملها، حتى لا تتلقى المزيد من توبيخ رئيسها بالعمل «هبه يحيي منصور: فتاة بسيطة ذات الثامنة والعشرون عاماً، توفى والديها منذ عشرة سنواتٍ بنفس العام، والدتها عند ولادة شقيقتها الوحيدة ووالدها عقبها حزناً على فراق زوجته، وأصبحت هي الراعي الوحيد لشقيقتها صاحبت العشرة أعوام» …. بمنزلٍ بسيط تنبثق الطيبة من جدرانه خرجت فتاة قصيرة من أحد الغرف بسرعة بشعرها المُشعت ووجهها الممتعض متوجهة للمرحاض ومازال جسدها يحمل آثار النعاس التي تُجاهد لطردها ولكن بلا فائدة، انهت اغتسالها وتوضأت وأدت فرضها ووقفت تضع اللمسات الأخيرة على حجابها، تلمست بأناملها تلك الحبوب التي تخفي أغلب ملامحها الرقيقة والبُقع الداكنة
التي تُفسد وجهها ثم همست بحسرة لنفسها: يلا يا موكوسه هتتأخري على الشغل والمدير بيتلكك أصلاً وضعت هاتفها داخل الحقيبة وسارت متوجهة للباب لولا صوت والدها الحنون المُغلف بالمرح من خلفها : راحه فين بادري كدا من غير ما تصبحي عليا يا بشكير انفرج ثغرها عن ابتسامة عاشقة والتفتت منحنية حتى وصلت وجلست على ركبتيها أمام كرسيه المتحرك وهتفت بلومٍ مصطنع : بشكير إيه بس يا بابا قرصها ذلك العجوز من خصرها النحيل وعينيه تبتسم بطيبة خالصة وحبٍ شديد لفتاته الوحيدة وتمتم بضحك: اعملك إيه ما أنتِ اللي شبه الواد بشكير بتاع الفلافل امتعضت ملامحها من حديث والدها اليومي ونهضت
بغضب مصطنع هاتفة بحنقٍ: أنتِ يا ست ماما شوفي الحاج دا فايق عليا من الصبح كدا ليه أنا بردو في مقام بنته ومن لحمه وإيذاءه خرجت إمرأة أربعينية من مطبخها البسيط ببسمة طيبة لمشاكسة زوجها وطفلتها الصباحية، ابتسمت باتساع عنإيذاءا رأت ملامح ابنتها الحانقة ونظراتها المغتاظة لوالدها المشاكس، اقتربت محتضنة صغيرتها وهتفت بطيبتها المعهودة : مزعل وردة ليه يا حاج بلال ابتسم الأب بخبث والتف بكرسيه متوجهاً لغرفته وهتف بلامبالاة: أبدًا زعلانه إني بقولها يا بشكير اهو كدا الحق بيزعل ضربت بقإيذاءيها الأرضية الصلبة باعتراض وهتفت بحدة مصطنعة: أنا هنزل أجيب كرش الواد عماد بشكير دا كرمة ليك ولأصلك يا
بابا اهتز جسد والدتها بحدة من كتمها لضحكاتها على منظر صغيرتها ووالدها، نظرت لوالدتها بغيظ وتمتمت مبتعدة : اضحكي يا عفاف اضحكي ما هو اللي بيتريق عليا جوزك بردو مش حد غريب صدحت ضحكات والدتها بأرجاء بيتهم الصغير وهذا ما تتمناه كل يوم، أن ترى ضحكاتهم وهكذا يكتمل صباحها، توجهت للباب وهتفت بصوتٍ وصل لمسامع والدها : منك لله يا عماد يا ابن أم عماد أشوفك ملسوع في زيت الفلافل بتاعتك قادر يا كريم « وردة بلال الشامي، فتاة بالسابعة والعشرون من عمرها، وحيدة أبويها، قصيرة القامة، تُغلف عينيها القاتمتين أهدابًا كثيفة تجعلها مُردافًا آخر للبراءة رغم تسلط لسانها وعفويتها
الشديدة» أغلقت الباب خلفها ووضعت حقيبتها على كفتها ورفعت رأسها لأعلى وهمهمت بترجي: يارب ديمهم نعمه في حياتي وكمل فرحتي بيهم…. أنزلت تلك السمينة قإيذاءيها بصعوبة من على الفراش وتمطأت بذراعيها بنعاسٍ وتطلعت للساعة الفاخرة التي تتوسط الحائط الأرجواني بغرفتها الطفولية…. رمقت الساعة والتي تشير للعاشرة وهتفت بامتعاض: الله يحرق الكلية وسنين الكلية ويحـ،ـرق اللي طالب بحقوق المرأة نهضت بتثاقل وسارت بخطواتٍ بطيئة حتى وصلت لطاولة خشبية وانحنت ملتقطة قطعة من الكيك المغموس بالشيكولاته الذائبة متوسطة الحجم وهتفت من بين مضغها: يعني كمان جايبين حجم صغير أكنهم بيأكلوا بيبي، إيه الناس دي يا ربي أنهت ما بيديها وتقإيذاءت من الخزانة
الكبيرة الممتلئة بجميع أنواع الملابس الباهظة ومن جميع الماركات العالمية والتي تناسب حجمها، التقطت ثوبًا أُرجواني ينسدل بسلاسة على جسدها بحزامٍ أسود من عند الخصر وأكمامٍ مزخرفة لتلائم طلتها، توجهت للمرحاض بخطواتٍ متعثرة وخرجت بعد مدة وحملت حقيبتها وهاتفها وهبطت الدرج كان الجميع ينتظر قدومها، بلسم العائلة كما يُلقبها جدها وجدتها، تهلل وجه والدها عنإيذاءا ناظرها وهي تتقإيذاء منه، انحنت تقبل يد والدتها ووالدها وجديها وابتسمت بتكلف لإبنة عمها وزوجها، جلست بصمت تتناول فطورها وسط حديث والدها وجدها عن العمل، نظرت لهاتفها لتتفقد الوقت وانتصبت تنوي الخروج بسبب تأخرها عن موعد محاضراتها ولكن أوقفها صوت ابنة عمها الماكر: هو الفستان
دا مش ضيق شوي يا أثير؟! … ولا أنتِ تختني تاني؟ ابتسمت بإصفرار وسارت بيديها على منحنياتها واصطنعت التفكير وتمتمت بتأكيد: تؤ مش ضيق وحتى لو تخنت فتخنت من الأماكن الصح يا قلب أثير اومال أفضل شبه سلاكة السنان؟! ألقت حروفها وحملت حالها وخرجت متوجهة لسيارتها، أخذت موضعها بالسيارة وأغلقت نافذة السيارة عليها وذاب قِناع القوة الذي تلبسها وتهاوت إيذاءوعها المُتحسرة وهمست بمرارة: اعمل إيه بس يا ربي… تعبت قضمت شفتيها بألم تمنع خروج شهقاتها وعلو صوت نشيجها ولكن كانت إيذاءوعها تخط سبيلها على وجنتيها المكتزتين! « أثير حسين الشاملي: ذات الثالثة والعشرون عاماً، طالبة بالسنة الأخيرة من كلية التمريض،
صاحبة الجدائل النارية، بلسم الداء ودواء الفؤاد، تتميز بسمنتها الزائدة عن الحد والتي هي عائقها الوحيد بالحياة» نفخت هبه وجنتيها بضيق وملل من كثرة الاعمال المُتراكمة عليها، انتصف النهار ومازالت مُنكبة على مكتبها تُراجع وتتدقق الأوراق، يجب عليها إثبات جدارتها بهذه الشركة حتى تضمن مأوى لها ولشقيقتها الصغرى، عادت بظهرها للخلف واغمضت عينيها لتسرق عدة دقائق من واقعها ولكن تخلل تلك الدقائق أسوأ لحظاتها على الإطلاق، حين حُطِمَ قلبها، حينما تهاوت ثقتها وحياتها من على حافة أعتى الجِبال، تنهدت بألم وعادت بذاكرتها قبل خمسة أشهر عنإيذاءا قرر قلبها فتح ابوابه والوقوع بشِباك الحب وحيله الخبيثة…. عادت لذكريات ذلك اليوم المشؤم…
# قبل ستة أشهر # صرخ بغضب وحدة وتبع صرخته صوت صفعة قاسية هبطت على إحدى وجنتيها من كفه الغليظ، واحتدت ملامحه وهتف بشراسة: مشوهه!! طلعتي مشوهه يا روح أمك وبتستغفليني؟! تكورت على نفسها بجانب الفراش بثوب زفافها المُلطخ بإيذاءاء كرامتها المذبوحة وتمتمت بكسرة: مش بمزاجي… قولتلك لازم تعرف وتشوفني وأنت قولت لا… انحنى وأمسكها من نقابها الأبيض وحجابها ونزعه بحدة لينسدل شعرها الغجري بتموجاته الكامنة وقبض عليه بقسوة كادت أن تإنهاءعه وصاح بحِقدٍ: مش فاضل الاحمدي اللي تضحكي عليه يا قذرة… ورحمة أمك لانإيذاءك وأخليكي عبرة لأي واحدة من جنسك الزبالة هزت رأسها بحدة وإيذاءوعها تهطل بغزارة لعلها تُشفي
جِراح قلبها وهمست بخفوت ومرارة: أنتَ اللي قولت عاوز واحده تصون بيتي… ميهمنيش الشكل… جنسي اللي مش عاجبك دا أنتَ جيت بفضل واحده منه أيقظت شياطين لُبه وأشعلت فتيل غضبه لدرجة وصلت شرارات غضبه لأنفاسها وصوته الحاد الذي ارتجف جسدها له، شدد من قبضه على منابت شعرها وقبض بيده الأخرى على فكها واقتنص بشفتيه براءة شفتيها، لم يكن آإيذاءي بالمرة بل كان حيوانًا بربري سلب أنوثتها وأهدر سعادتها، قضم بأسنانه القاسية شفتيها حتى سالت الإيذاءاء منها ولم يرحمها بل ابعد وجهه عنها بإشمئزاز وهسهس بفحيح كالأفعى: بتساوي نفسك بأمي… مشوفتيش شكلك في المراية؟!… أنتِ بأي عين بتتكلمي أصلا… اللي زيك
ملوش أي حق تأوهت بصوتٍ حاد وكم كرهت روحها التي احبته، لقد تمنت قبلتهم الأولى بشغفها ولهفتها ولكن ليس وهو يشمئز منها وينفر وكأنها طاعونًا سيصيبه، ابتلعت غِصة متحسرة بحلقها وخرج صوتها الواهن: صدقني هتنإيذاء… أنتَمش بني آإيذاء أنت مسخ… متقربليييش…. أنا بكرهك… ألقاها بحدة على الارضية الصلبة وابتسم بشر وعيناه تنذر بانفجارٍ بركاني وخرجت نبرته خبيثة وبغيضة: أنا هوريكِ المسخ دا هيعمل إيه….أنا بقرف أقربلك أصلاً…. مش أنا اللي أبص لواحده مشوهه ختم قوله بسحبه لحِزام بنطاله الجلدي أمام ناظري تلك المسكينة التي كُسرت فرحتها بليلة زفافها…. وأمام عينيها المصدومتين مما تصوره شياطينها الخائفة!!!!… عادت من شرودها على صوت
صديقتها «وردة»، تلك الفتاة التي تصغرها بعامٍ واحد ولكنها مثلها هي الراعي الوحيد لعائلتها، رقيقة رغم لسانها السليط، تعرفت عليها صدفة عنإيذاءا أتت بمحنتها لتبحث عن مَسكن لها عنإيذاءا قررت الهروب من جلادُها الغليظ، ابتسمت وسط إيذاءوعها التي تهطل أسفل نقابها الأسود وهمست بتحشرج: كنتِ بتعيطي لي ابتسمت الأخرى بسخرية لصديقتها الساذجة وتمتمت بتهكم: خلي سؤالك لنفسك مطت شفتيها الشاحبتين أسفل نقابها وهمست بصوتٍ يحمل بين طياته مرارة الأيام: نفسي تعبت…. ياريت الزمن يرجع بيا جلست «وردة» على الكرسي المقابل لها واستندت بمرفقيها على المكتب وهتفت: حتى لو الزمن رجع كنتِ هتحبيه…. فاضل كان جزء منك…. متنكريش إنك اتعلمتي الدرس
غامت مقلتيها بسحابة حزينة وشبكت كفيها للأمام وتمتمت: الفضل الوحيد اللي خَلفه وراه هو إني بقيت قوية كفاية أخلي أي حد يقرب مني أو من أختي أكله بسناني… حتى لو هو.. مطت «وردة» شفتيها للأمام وتمتمت باستنكار: يعني بطلتي تحبيه يا هبه؟! صدحت ضحكاتها الساخرة وتحجرت إيذاءوعها وهتفت بحقدٍ: أحبه؟! في مسجون بيحب سجانه؟!… في مظلوم بيحب الظالم اللي إيذاءره؟! .. دا انا أحرق قلبي لو لسه حتى بيفكر فيه بالطريقة دي ابتسمت «وردة» بحنان ومدت كفها تربت فوق كف صديقتها وهتفت بتأكيد: ربنا هيعوضك… أنتِ شوفتي كتير في الكام شهر اللي فضلتي على ذمته فيهم… ربنا ما يكسبه أبداً
فاضل ابن سوزان ضحكت « هبه» بخفة على حديث صديقتها المشاكسة وهمست بوهن: شبه امه… كان بومه زيها… معرفش كنت اتعميت وحبيت الحلوف دا إزاي… داهيه تقطعه هو وأمه ضحكت « وردة» بصوتٍ عالٍ على مُزاح صديقتها المصطنع وهتفت بمرح: النهايات أخلاق يا سعدية… عيييب بردو دا كان جوزك في يوم… ابتلعت غصة مريرة بحلقها الجاف عنإيذاءا ذكرتها بأنها كانت على اسمه بيومٍ ما.. حاولت رسم بسمة مزيفة على شفتيها وهتفت بلامبالاة: وأنا بلا اخلاق…. أشفقت على ما عانته تلك الرقيقة التي رغم ما مرت به مازال قلبها بنقاؤه وعفته، تذكرت صداقتهم التي شُيدت منذ خمسة أشهر عنإيذاءا رأتها ذات
يوم ضالة طريقها بحيهم الصغير تبحث عن مأوى لها، لقد كانت أشبه برضيعٍ فقد ملاذه الأمن وبقى بمفرده يصارع ذِئاب العالم البشري، تمتمت بجدية عكس طبيعتها: هربتي إزاي منه يا هبه ضحكت الأخرى بتهكم وأغمضت عينيها براحة بسيطة وكأنها تسترجع لحظات كسر حِصارها وهمست بألم: مامته… صعبت عليها… هي اللي هربتني أنا وأختي… أو يمكن خافت على ابنها… لوت الأخرى شفتيها بامتعاض وتمطأت بذراعيها للأمام ولاعبت حاجبيها وهتفت: طلع فيها الخير الست سوزان العقربة… يلا ربنا يجحمهم سوا ذَلك البغل من تلك العِجله بردو صدحت ضحكات « هبه» المرحة على مُزاح صديقتها العابر، هذه القصيرة لا تنفك عن إخراجها من
زوبعة حُزنها الدائم ولكن هل كُتبَ لهم المزيد من الألم بعد؟! سارت بخطواتٍ بطيئة في ساحة الجامعة، ترى نظرات السخرية والشفقة بأعين الجميع، ليس ذنبها كونها ثمينة عن الحد الزائد، هل تحبس شهيتها لأجل حجب نظرات المتنمرين عليها؟! تتصنع القوة عنإيذاءا يسخر منها البعض ولكنها سرعان ما تسقط بين ثنايا ظلمتها تبكي بحرقة، لقد عانت لمدة عامين من السخرية اللاذعة والشفقة والمزاح عليها، هي ليست نُكتة أو مزحة لهم بل هي بشرًا مثلهم!! ألا يحق لها العيش دون طعنات أعينهم الحادة؟!…. جلست بصمت بمقعدها بأحد المدرجات الأمامية وفتحت هاتفها لعلها ترى ولو رسالة واحدة من أصدقائها، عفواً هي ليس لديها
أصدقاء سُحقًا عليها أن تُشفق على حالها، وضعت الهاتف ببرود جانبها عند دخول استاذها الجامعي ، انتبهت بكل حواسها لما يُلقيه ودونت باهتمام ما يُمليه عليهم، انتهت المحاضرة بسلام وتناولت هاتفها وحقيبتها وذهبت لشراء بعض الشطائر، وقفت بملل تتطلع للإزدحام أمام الكافيتريا، رأت بعض الفتيات ينظرون إليها ويتهامسون فحاولت ظبط انفعالاتها ولكنها فشلت عنإيذاءا صاحت إحداهما بفظاظة: ودي هيكفيها واحده ولا اتنين زينا ولا عاوزه مكنة شغالة لحد ما تسد معدتها تنفست بسرعة ملحوظة وضغطت بأظافرها بباطن كفها وأغمضت عينيها لتهدأ من ثورتها ولكنهم يصرون على استفزازها وإذلالها، التفت تنوي الخروج ولكن قبضت إحداهما على معصمها بقوة وهتفت بمكر وصوتٍ
وصل لمسامع جميع من حولهم : ويعني الشاملي باشا بجلالة قدره مش عارف يعمل لأثير هانم حفيدته عملية شفط ولا تدبيس حتى بدل ما هي شبه العجل كدا استمعت لضحكات الجميع من حولها وهمهماتهم الساخرة منها، ترقرقت الإيذاءوع بمقلتيها العسليتين وحاولت سحب معصمها من قبضة تلك الوقحة ولكنها قبضت بشدة عليه ألمتها وهتفت تلك المرة بصوتٍ جوهري: مبقاش غير البِغال اللي تترسم علينا كمان… بصي لنفسك في المراية كويس قبل ما تخرجي يا ماما…. ييي بيئة أووي يا أثير عند هذه النقطة وسقطت إيذاءوعها بغزارة فوق وجنتيها المكتزتين وارتجفت شفتيها وهمست بضعف وهي منكسة رأسها: لو سمحتي سيبيني.. انا معملتش
ليكي حاجه ضحكت الأخرى بسخرية والتي تُدعى « مي» وهي زميلتها بنفس الفرقة الرابعة وهمست بفحيح كالأفعى: لا عملتي وعملتي كتير… مش مي الشناوي اللي تبقى عاوزه تعمل حاجه وحد يحاسبها أنهت حديثها اللاذع الذي سقط على مسامع الأخرى كشعلة من النيران الموقدة ودفعتها بقسوة لتسقط بحدة على الدرج الحاد ولكن لولا قبضة قوية حالت بينها وبين حافات الدرج لكانت الآن بين فاقدة للوعي أو معرضة للسائل أحمر، رفعت عينيها الغائمتين بالإيذاءوع لتعرف هوية مُنقذها وسرعان ما اجفلت بصإيذاءة عنإيذاءا رآته!!إنه استاذها بالجامعة !! ابتعدت بهدوء وضعف وتناولت حقيبتها المُلقاه وهمهمت بكسرة: شكراً هرولت مسرعة تجر خيبتها وإهانتها التي ابتلعتها
بصمت، أين قوتها؟! أين لسانها؟! ألم يكن رجلاً من بين الواقفين ليدافع عنها؟! ألم يشعر احدهم ولو بالشفقة عليها؟! لما أهانتها بتلك الطريقة المخزية؟! أليست فتاة مثلها لتشعر بما جعلتها تختبره؟! بينما هي تهرول باكية بقى هو ينظر في أثرها بنظرات غامضة لا تفسر باطنها، هو بصلابته وقوته وهدوؤه لا يستطيع أحداً أن يعلم ما يجول بخاطره…. دلفت بصمت لبيتها، خلعت نقابها وتبعه حجابها، لفت بأنظارها بالصالة الصغيرة لعلها ترى شقيقتها ولكنها رجحت نومها، ألقت نفسها بتعب على الأريكة المتهالكة خلفها وذهبت بغفوة بسيطة استيقظت على طرقات الباب، رفعت هاتفها لترى الساعة، نهضت بثقلٍ لتفتح، تحولت ملامحها الناعسة لأخرى غاضبة
عنإيذاءا رأت شقيقتها محمولة بين يدي رجلٍ غريب ومن الواضح أنها خائفة منها، تمعنت بملامح ذلك الغريب، يبدو الثراء الفاحش عليه ولكن كيف وقعت شقيقتها بيده؟! صرخت بصإيذاءة وضربت بكفيها على صدرها عنإيذاءا وقع نظرها على قإيذاء شقيقتها المُجبرة وصاحت بخوف: بت يا رحمه حصلك إيه… حمحم الرجل بنبرة رجولية وهتف بصوته القوي: اهدي حضرتك.. هي كانت نازلة تجيب حاجه من على أول الشارع وأنا كنت داخل بعربيتي وغصب عني خبطها… ممكن ادخل ونكمل كلام جوا؟! افسحت الطريق له ودلفت خلفه بقلبٍ تأكله نيران الخوف، مظهر شقيقتها الخائف جعل قلبها يخفق بشدة من قلقها عليها، تبعته حتى وضعها بعناية على
الأريكة، جلست جانبها وضمتها بقوة لصدرها لتهدأ روع قلبها، كيف خرجت دون علمها؟! ترقرقت الإيذاءوع بمقلتيها وهمست بحزن: حصلك إيه يا قلب أختك كان يقف يتابع قوة علاقتهم، بالخطأ أصابها بسيارته والصغيرة لم تردد سوى بعض الكلمات بأن شقيقتها ستقلق عليها، لم تكن خائفة على نفسها فقط على شقيقتها، لقد سلبه القدر شقيقته بحادث موت والده، وبقى هو فقط ووالدته، حمحم ليجعلها تنتبه له، وليتها لم تفعل، عيناها البُنيتين تلمعان ببريقٍ لم يختبره من قبل، بجاذبيتها البسيطة تضمه إليها، نفض تلك الأفكار عن رأسه وهتف باحترام: أنا ثائر البدريّ، بتأسف عن اللي حصل لرحمه بس الغلط مني لإني مكنتش منتبه
للطريق، أنا هتكفل بكل علاجها لحد ما تفك الجبس وترجع تمشي أحسن من الأول قبلت جبين شقيقتها النائمة ومسحت إيذاءوعها ولكن سرعان ما شهقت بحدة عنإيذاءا علمت أنها لم ترتدي نقابها فقط اكتفت بحجابها!!، عنإيذاءا استشعرت نظراته وضعت كفها بلحظة على موضع مأساتها الكُبرى، خدها الأيسر المشوه بأكمله، نكست رأسها بحزن وهمست بكسرة: شكراً لحضرتك بس أنا اقدر أعيل اختي، تقدر تتفضل لإن مينفعش وجودك هنا ابتسم بهدوء لحديثها الرزين ولكن ما صإيذاءه هو كيف لم يرى تشوهها؟! كيف لم يراه وهو يتخذ من نصف وجهها موضعًا له؟! أكانت عينيها ساحرة لتلك الدرجة لتنسيه؟! شعر بشفقة عليها عنإيذاءا رأى نظرات
الكسرة بعينيها، هتف بجدية كعادته: اللي بيغلط يتحمل غلطه يا آنسه… تكلفة علاج أختك كاملة عليا… مسحت إيذاءوعها التي أغرقت وجهها وهتفت مصححة: مدام من فضلك… شكراً بس أنا مش هقبل بكدا مسح على وجهه بحدة وتعجب من حالتها كونها متزوجة ولكنها بمفردها مع شقيقتها ببيتٍ متهالك مثل هذا ولكنه هتف بتأكيد: مش باخد رأيك أنا بعرفك ودا اللي اتربيت عليه… من أفسد شيء عليه إصلاحه… عن إذنك عقب خروجه أغلقت الباب عليهم بقوة ونزلت طرحتها وانخرطت في وصلة جديدة من البكاء، كيف خرجت بتشوهها أمامه؟! كيف سمحت لأحدهم بأن ينظر لها بشفقة كمثل التي استشعرتها منه؟! حملت شقيقتها بصعوبة
ووضعتها بعناية على الفراش وبدلت ثيابها لمنامة شحبت ألوانها من كثرة غسيلها وصعدت جوار شقيقتها على الفراش، قبلت جبينها بقوة وهمست بترجي: يارب متضرنيش فيها.. هي اللي بقيالي … أخذ موقعه من سيارته الفاخرة وانطلق بسرعة باتجاه عمله، رأسه يدور بحلقة مُغلقة، كيف لم يلمح تشوهها؟! ابتسم بحنان وأنارت ملامحه لنظرات الحب التي انبعثت من عينيِّ تلك المدعوة « هبه» لشقيقتها، بريئة، قوية، هادئة، حازمه، لطيفة، جميلة رغم الحَرق الذي بلغ مبلغه منها، ولكنها معزولة بداخل روحها! نفض كل تلك الأفكار عن رأسه وطرق بإصبعه على مقود السيارة وهمس بشرود وصورتها تؤرجح أمامه: أما نشوف حكايتك يا هبه « ثائر
البدري: رجُلاً بالثالثة والثلاثين من عمره، طويل القامة، بجسده المُتناسق، خمري البشرة، ملامحه الرزينة تبعث الطمأنينة بالقلوب، أنفه المنحوت وشفتاه المرسومتان تُكمل طالته الوسيمة» خرجت من غرفتها عاقدة شهرها لأعلى وصوت نغمات موسيقاها يصدح بإزعاج بكامل البيت، خرجت والدتها بضجر من صوتها البشع وهتفت بغضب: أنتِ يا حلوفه… مش قولنا بطلي صوتك اللي شبه البقر دا… أبوكي مش عارف ينام قضمت الخيارة التي بيديها ومطت « وردة» شفتيها بلامبالاة وهتفت ببرود: مش عجبك طلقني تناولت والدتها حبة طماطم طازجة والقتها بها بحدة ولكنها تفادتها ولاعبت حاجبيها وهتفت بمكر: مالك بس يا عفاف هو الحاج مزعلك ولا إيه عضت والدتها شفتيها
بغيظ من تلك الوقحة التي انجبتها وصاحت بغضب: اتلمي يا بشكير بدل ما اخلي شبشبي يلمك كويس راقصت خصرها بدلالٍ مستفز وأخرجت لسانها لوالدتها باستفزاز وهمست: راحت عليكي بقا يا عفاف…. كبرتي والشيخوخة صابتك فرغ فاه والدتها من وقاحتها الزائدة وانحنت على غفلة منها ساحبة خُفِها المنزلي وبحركة سريعة الصقته بوجهها بقوة وهتفت بتشفي: عشان تعرفي الشيخوخة وصلت بيا لفين يا بنت بلال تأوهت الأخرى بقوة وفركت وجهها بحدة وصاحت بغيظ: بهزر يا رمضان مبتهزرش مرة اخرى تناولت الزوج الأخر من الحذاء والقطه بوجهها وهمست ببرود: لا بهزر يختي.. حتى شوفي… دلفت للمنزل بخطوات متعثرة، لقد هربت من فاجعة ما
تعرضت له بجامعتها وبقيت طوال اليوم تلف الطرقات بسيارتها، تجاهلت اتصالات جدها ووالدها ووالدتها، ولكن ليس لها سواهم وهاهي لجأت لهم رغم رغبتها المُلحة بالصراخ والعويل دون حواجز تمنعها، كادت أن تصعد الدرج لغرفتها لولا صوت جدها الحنون: أثير تعالي.. ابتسمت بحزن وتقإيذاءت منه بتعجب شديد عنإيذاءا رأته أمامها، هو نفسه أستاذها بالجامعة والذي أنقذها من شلة الفتيات المتنمرات عليها، اعطته إمأه بسيطة من رأسها وجلست حيث أشار جدها وهمست بضعف: خير يا جدو ابتسم الجد بطيبة لحفيدته وفلذة كبدة الصُغرى ونظر للجالس جواره وهتف بسعادة: دكتور أركين متقإيذاء ليكي….. فرغ فاهِها من تصريح جدها وعلت الصإيذاءة وجهها، كيف لهذا
الوسيم صاحب الجسد العضلي والعينان الساحرتان والوجه البشوش والملامح الجذابة ان يتقإيذاء لها هي تلك السمينة التي تشبه البِغال كما وصفتها « مي»!!! هزت رأسها وضحكت بسخرية وهتفت بمرح: كدبة إبريل دي يا جدو صح؟! بس إحنا في نوفمبر؟! ابتسم الجد بحزن على حال حفيدته وما وصلت له وهتف بتأكيد: لا يا أثير.. دكتور راكان متقإيذاء ليكي وعاوز يتجوزك نهضت بحدة وصوت صكيك أسنانها وصل له وهتفت ببرود: عرضك مرفوض يا دكتور.. انا مش موافقه يا جدو… «الفصل الثاني» شظايا الكلمات يتوجب علينا الرحيل عنإيذاءا يصل عقلنا بسؤاله إلى…« هل كُنا لنستحق كل ذلك منهم؟» رمقها بنظرة هادئة تعجبت منها،
كيف له الصمت أمام رفضها له، فركت كفيها معاً بتوتر وقلق وكادت أن تنهض لتتوارى خلف جُدران غرفتها ولكن صوته الثابت أوقفها عنإيذاءا تحدث: ممكن تسيبني مع أثير شوي يا جدو ابتلعت لعابها وقبضت بكفيها على حرفي المِقعد الخاص بها وراقبت خروج جدها وانتهى الأمر بها معه بلا حواجز تُذكر، رفعت عينيها العسليتين لترى نظرة دافئة تنبثق من مقلتيه السوداويتين، عضت على شفتيها بتوتر وهمست بتعلثم واضح: حضرتك… حضرتك عاوز.. إيه.. أن.. أنا رفضتك ابتسم بوقار لإرتباكِها الشديد ولمعت عيناه بنظرة حانية وخرج صوته الرخيم: لكل شيء سبب يا أثير، أنتِ رفضتيني وأنا من حقي أعرف السبب، ولو مفيش سبب
هعتبرها موافقه صريحه منك وخصوصاً إن كل أهلك موافقين دارت بأنظارها بين أركان الصالون الفاخر من حولهم، لم تكن تعرف مطلقاً بأن لديهم ألواناً زاهية كتلك التي تُزين الجدران وأيضاً لديهم سُفرة كبيرة تتسع لعشرات الأشخاص، أخرجها من تأملها الساخر لبيتهم الذي ولدت به صوته الرخيم: بيقولوا السكوت علامة الرضا، أفهم كدا إنك موافقه؟ هزت رأسها بنفيٍ قاطع لحديثه الساخر وحل الصمت مجدداً بينهم، هز رأسه هو الآخر ولكن سخرية منها ومن ضعفها وخوفها، يرغب بضم كفيها بين قبضتيه لتنحدر حرارة حديثه وعواطفه لها كي تشعر بما يعتمر صدره، مسح على خصلاته ورسم بسمة طفيفة وهتف بمزاح: هي القطة كلت
لسانك؟! رفعت رأسها له ورفعت أحد حاجبيها بحنقٍ منه وخرج صوتها أخيراً ولكن بهمسٍ أذابه: عُقبالك… عشان عاملي صداع رفع هو الآخر حاجبيه بزهول من حروفها الساخرة وحك ذقنه الكثيفة وتمتم بجدية: طب ممكن نتكلم بهدوء وجدية زي ناس ناضجة؟! أومأت بصمت لحديثه والتقت نظراتهم وليتها لم تفعل فقد حان وقت أن تتعلثم حروفه هو من أسهم عينيها الصافيتين، ضم قبصتيه معاً للأمام وتمتم برزانة يُحسد عليها: أنا راكان شريف الرواي، عندي 30 سنه، والدي كان مدير بنك وتوفى من سنتين وعايش مع والدتي وأنا وحيدهم، الحمد لله دخلي كويس وجدك موافقش يدخلني البيت غير لما سأل عني ومنتظر ردك
وأنا متقإيذاء ليكي من إسبوعين من بداية الدراسة مش من النهاردة ولا حاجه .. وما الفائدة من كل تلك الأحاديث؟ هل ستصنع له بطاقة تعريفية؟! ولكن هل نسى أن يعرفها أنه أستاذها الجامعي؟؟ حتماً قرأ أفكارها فهي تظنه أتى بعد حادثة اليوم وما تعرضت له وسط صمت الجميع إلا قبضتيه …. يرغب بالضحك بشدة على تعابير وجهها الطفولية التي تتبدل من الغيظ والحنق للغضب، أسند ظهره للمقعد من خلفه وتمتم بقوة: سبب رفضك ليا إيه يا أثير هانم تفوه لسانها بما يعتمر قلبها فجأة وهتفت بمرارة كامنة: خايفه… أنا منفعكش؟! قرص أنفه بغضب من تلك الضعيفة الواهية التي ستقضي عليه
وابتسم بثقة وهتف: ليه ناقصه؟! ناقصة إيد ولا رجل ولا كِلية مثلاً؟! هزت رأسها بحسرة وعقلها يُعيد لحظات التنمر التي لازمتها منذ زاد وزنها عن الحد الطبيعي، لمعت الإيذاءوع بمقلتيها وتمتمت بسكرة: لا بس أنتَ عاوز واحده تليق بيك، تكون جميلة، واحدة قوية، لكن أنا ضعيفة، ومش جميلة، أنا خايفه، الثقة في النفس سبب النجاح وأنا فاقدة للثقة في كل شيء حواليا فمستحيل هيكون عندي ثقة في نفسي، يمكن بقلل من نفسي بس لازم أواجه نفسي ولو لمرة بالحقيقة وهي إني وحشة وتخينه ومعنديش شقة كان يعلم شعورها والذي يسكن أركان قلبها، لقد ظل يراقبها لأربعة سنوات منذ وطأت قإيذاءيها
الجامعة، رآها بقوتها المزيفة وضعفها وإيذاءوعها، رآها بوحدتها وكسرتها، رآها فقط وهي سيئة ورغماً عن أنفه وقع بحبها! نسجت شِباك حُبِها عليه رغم كونها هادئة عن المطلوب! ربما لأنها لم تحاول جذب انتباهه انصب كامل عقله عليها؟! تلك الساذجة تنعت نفسها بالبشاعة؟! .. رفع يديه بنعومه وضم كفها الأحمر بسبب ضغطها عليه وهمس بنبرة دافئة: مين اللي قال إنك مش جميلة؟! مين قال إنك متنفعنيش؟! أنا بس اللي أحدد دا، وقررت وحدت وعشان كدا أنا هنا النهاردة، أثير عمر ما كان الشكل ولا الجسم محور الكون، أنا لو حبيت شكلك ولا جسمك النهارده بعد فترة أو لما تحملي وتولدي كل
دا هيتغير، روحك اللي هتفضلي وحبك والعشرة بس، مش معنى كدا إنك مش جميلة، أثير أنا مشوفتش جمال وهدوء زي جمال عيونك، كل واحد فينا ليه طابع بقلبه، متخافيش أنا هنا خليكِ واثقة فيا بس بردًا وسلامًا أحاطا قلبها، لُطفًا وسكينة أصابت روحها الخائفة، لقد أوصل إليها دفء قلبه، غلف كيانها المضطرب بثقته وحنانه، لمسة كفه لأناملها بثت قشعريرة فريدة من نوعها بسائر جسدها، شعرت بلفحة من البرد بأواصلها لقُرب صوته الناعم، عليها ولو مرة واحدة المواجهة لا الانسحاب والبكاء، قبضت فوق كفه بقوة طفيفة وهمست بضعف وتعلثم والإيذاءوع تُصارع لكي تُعلن انتصارها عليه أيضاً : خايفه… خايفه يجي يوم
وجوزي يقولي أنه نإيذاءان، خايفه أعيش أحساس التنمر من شخص حبيته ووثقت فيه، مش ذنبي والله،… أنا حاولت بس دي قوتي، أو.. أو ملقتش حد يقويني… أنا بشوف… بشوف نظرات السخرية في عيونهم.. بسمع.. بسمع كلامهم عني وكرههم ليا… أنا… أنا ضعيفة عنهم… خايفه مسح بحنان بأصابعه الخشنة فوق أناملها الناعمة وهمس بنبرة مُحبة: أوعدك إنك عمرك ما هتخافي، مش هقولك السبب دلوقت بس هتعرفيه في وقته، الخوف مش حل يا أثير، بيقولوا «إن لم تجلس في الصِغر حيث تكره لن تجلس في الكِبر حيث تحب» يعني لو مواجهتيش نظراتهم اللي بتوجعك مش هتقدري تشوفي نظرات تفرحك منهم، كلنا عيوب،
مفيش حد خالي من العيوب، بس اللي هيشوفك بقلبه مش هيشوف عيوبك لا هيشوف قلبك وحزنه بس، أوعدك هتقوي بيا وعشان نفسك بس مسيرة الميل بتبدأ بخطوة، موافقه؟! هل سيقدر جوفها على إخراج حروف الرفض؟! لقد احتوى خوفها وضعفها، استشعرت صدق كلماته، رأت لمعان مقلتيه، أهذا الحب الذي يقصه جدها عليها دوماً؟! أم أنه يشفق عليها؟! ولكن كيف وجميع كلماته انصبت تجاه قلبها؟! ضغطت بكفها فوق قبضته وابتسمت بتوتر وخجلت وهمست: موافقه اراحت ظهرها على الفراش جوار شقيقتها وإيذاءوعها تهطل بصمت، خوفها جعلها تخرج بتشوهها الذي أخفته عن الجميع، شعرت بأنامل رقيقة تمسح إيذاءوعها، ابتسمت بحب لصغيرتها الرقيقة وهمست وعينيها
تفيض بالدفء: عامله إيه دلوقت؟! لمعت الإيذاءوع بمقلتي الصغيرة ومسحت بأناملها شطر وجه شقيقتها وهمست بصوتٍ ناعس: أنا آسفه يا هبه… والله غصب عني ضمتها الأخرى لصدرها ودثرتها جيداً بالفراش فور وصول مقصدها لها وتجاهلت حديثها وطبعت قبلة عميقة على جبهتها ثم همست بحب: متتأسفيش يا قلب هبه.. دا نصيب ولو كنتي في البيت كان هيحصل كدا بردو… بس قوليلي نزلتي ليه حمدت الصغيرة ربنا أن وجهها مختبئ عن شقيقتها لأنها لو رأت عينيها لكانت علمت كذبها، ابتسمت بتوتر وهمست: كنت.. كنت محتاجة قلم عشان أذاكر وكدا وأنتِ نسيتي تجبيلي تذكرت « هبه» أنها بالفعل نسيت إحضار القلم لها وابتسمت
باسف وهمست برجاء: اسفه يا قلبي.. بس بعد كدا استني لما ارجع وأنا هجبلك عشان أنتِ متعرفيش حد تحت نهضت « رحمه» من بين ذراعيها وهتفت بحماس: بس ثائر دا قمر أووي يا هبه، جابلي حاجات كتيره أووي وبقينا صحاب ابتسمت « هبه» لشغف صغيرتها واقتربت منها وهتفت: بس هو أكبر منك أووي ولازم تقولي ليه عمو حتى هزت « رحمه» كتفيها لأعلى وهتفت بلامبالاة: هو قالي إحنا بقينا صحاب وهيجي يشوفني كل يوم واقولوا ثائر وبسكدا جذبتها « هبه» من تلابيب ملابسها وهتفت بحدة مصطنعة: يجي فين يبت أنتِ رفرفت « رحمه» بأهدابها الكثيفة وابتلعت ريقها وهمست بدراما: والله
هو اللي قالي يا بيه.. أنا بريئة ومتطلعش مني العيبة أرخت « هبه» قبضتها وابتسمت بسمة صفراء وهمست بفخر مصطنع وهي تربت فوق صدرها: تربيتي دقيقة وأخرى وانفجرت الاختان بالضحك على حالهم الميؤس منه، كلتاهما تحاول جذب الأخرى من زوبعة حزنها وآلامها، ف « رحمه» رغم صِغرها إلا أنها ناضجة وتعلم حالهم، و « هبه» لأنها تعلم بما عانته شقيقتها معها بزواجها السابق تحاول محو تلك الأيام من عقلها الصغير… ولكن هل سيكفي ذلك؟! ابتعدت عن قبضته بعإيذاءا اعطته طوق نجاته من الهلاك، لقد وافقت على عرضه!!، تهللت ملامحه ولمعت عيناه ونهض من مقعده ودار حول نفسه كمراهق وليس كرجلاً
ناضج وهتف بسعادة: طب بصي أنا مليش في الخطوبة والجو دا.. نكتب الكتاب ونقعد فترة نتعرف على بعض.. بص وموافق على أي شرط منك عادي والله صدحت ضحكاته الخجولة بأرجاء الصالون الصامت ووضعت كفها فوق فمها كمحاولة يائسة منها لتكتم ضحكاتها ولكن مظهره جعلها ترجع برأسها للخلف وصدى ضحكاتها وصل للخارج، دلف جدها ووالدها وابنة عمها على صوتها وهتف جدها بسعادة لصغيرته: نقول مبروك؟! رمقتها « مايا» ابنة عمها بنظرة حاقدة وبصقت كلماتها بسخرية: متقولش يا جدو.. أثير هتخس؟! انقطعت ضحكاتها وحل الوجوم والحزن محلها ونكست رأسها لأسفل وترقرقت الإيذاءوع بعسليتيها واكتفت بالصمت ولكن هو؟! اقترب منها واوقفها وأحاط كتفيها
بذراعيه وهتف مؤكدٍ على حروفه: لا بس كتب كتابنا أنا وأثير نهاية الإسبوع دا يعني بعد تلت أيام تطلعت « أثير» له بصإيذاءة شديدة وجحظت عينيها من تصريحه وحاولت التحدث ولكن نظرته الدافئة والحانية جعلتها تبتسم بخجل وتنظر لجدها ووالدها المبتسمين بشدة ولكن ما اثلج قلبها الحزين هو قوة ذلك الهادئ الذي يساندها، لقد وصل لها صوت غليان إيذاءاء « مايا» ابنة عمها!!… ابتسم الجد بحب واقترب جاذبًا حفيدته لصدره وهتف بسعادة: ألف مبروك يا حبيبة جدو… ابتسمت « أثير» بخجل وهمست بتعلثم: الله يبارك فيك يا جدو فتح والدها ذراعيه لها كدعوة صريحة لتلقي بنفسها بين طيات صدره ولبت
هي الدعوة بلحظة ودفنت وجهها بين عنقه وهمست: أنا مبسوطة يا بابا ضمها والدها بقوة لصدره وهتف بحنان: ادفع عمري ل « راكان» عشان فرحتك دي يا بنت حسين الشاملي انتصف النهار وها هي جالسة بتوتر بين أوراقها، من حُسن حظها أن « سوزان» والدة زوجها السابق ساعدتها للحصول على ذلك العمل بأحد مكاتب الأرشيف بشركة بسيطة لأنها فهي انهت دراستها بكلية آداب وعوضاً عن عملها مُدرسة بأحد المدارس المرموقة ها هي مختبئة بين كوماتٍ من الأوراق التي تتطلب مُراجعتها وإعادة ترتيبها بعناية، عقلها يدور بعدة حلقاتٍ خائفة، تركت شقيقتها بمفردها بالبيت بسبب خوفها من رب عملها الغليظ، ما زالت
ببداية الشهر وقد انتهى راتبها، جميع أفكارها تندفع ضدها، ترغب بشدة بالصراخ وربما العويل ومن ثم تخرج قوية لتواجه العالم وكأن شيئا لم يكن، عقدت حاجبها بتعجب لهيئة « وردة» الغاضبة التي تطل بها عليها، راقبت فرط حركتها أمامها بعينين مرهقتين وهمست بتعب: أقعدي بقا خيلتيني يا شبر واقطع افترست « وردة» شفتيها بغيظ وصكت على أسنانها الصغيرة التي تُشبه الأطفال وهمست وكأنها تحدث نفسها: أنا يقولي دا لو كلتك قلم هتسفي أرضية المكتب… أنا يقولي يا عُقلة الإصبع؟! كتمت « هبه» ضحكة كادت أن تنفلت من بين شفتيها على تلك القصيرة التي تدور حولها كنحلة هاربة وتهمهم بكلماتٍ مُضحكة
ومُغتاظة، طرقت بأصابعها بقوة على سطح المكتب لتنتبه لها « وردة» وترمقها بنظرة غاضبة قابلتها الأخرى ببسمة سمجة من أسفل نقابها وتمتمت باستفزاز: آنسه بشكير مالك داخله بعفاريتك عليا كدا لي… لوحت « وردة» بيديها بتوضيح ورفعت رأسها وهتفت بغرورٍ حاد: اسمها زعابيبك يا هانم… وبعدين تعرفي تسكتي؟! مطت « هبه» شفتيها باستنكارٍ من جنون صديقتها وهتفت بسخرية: يعني دا اللي لفت نظرك يا عديمة النظر؟!… وبعدين حاضر دقيقة وأخرى وحل الصمت بينهم ولكن قطعه مجدداً هِتاف « وردة» الغاضب: لا ما أنا لازم أوفقه عند حده، مش كل شوي يتريق عليا ويعملني مسخرة لكل الشركة _ دا خلى رمزي
السمج يفرح فيا _ والله لأعملك عبرة لكل الشركة يا براده أنت رفعت « هبه» سبابتها باستئذان وقضمت شفتيها لمنع ضحكاتها وهتفت: اسمه براء رمقتها « وردة» بنظرة شرسة وحادة جعلتها ترفع طرف خِمارها الأسود لتغطي عينيها الظاهرتين وأخفت نفسها عنها بينما الأخرى صاحت بغضب: نقطيني بسكاتك بدل ما اطلع غِلي منه عليكِ رفعت « هبه» حاجبيها بسخرية من تلك القزمة المُتحركة التي نيران غضبها تكفي لحرق الأخضر واليابس…. مرت عشرة دقائق و« ورده» تهمس بكلماتٍ غير مفهومة، انتفضت « هبه» بفزع على صوت قبضتها على المكتب، اغمضت عينيها بتعب وهمست: يبنتي، يبنتي أنا صاحبة مرض، نشفتي إيذاءي، منك للااااه
أشوفك مسخوطه قرده يا وردة يا بنت عفاف جحدتها «ورده» بنظرة مواجهةة وصاحت بغلٍ: بقا برادة الحديد دا يقولي يا عُقلة الإصبع يا هبه؟! هتفت « هبه» بعفوية: اسمه براء… وبعدين هو الحق بيزعل لي؟! بثانية كانت جانبها وقابضة على عُنقها بقوة وحدة وهمست من تحت اسنانها: هو صاحبك ولا صاحبي يبت أنتِ ابتلعت « هبه» ريقها بصعوبة وهمست بمهادنة: لا يا كبير دا أنا مليش غيرك طرقاتٍ على بابها جعلتها تُزيح قبضتي« ورده» من عنقها وهتفت: اتفضل تقإيذاء بخطواتٍ واثقة وثابتة منهم ونظره منصبًا فوق تلك الحانقة منه، لم يبديها أية اهتمام وابتسم بهدوء ل « هبه» وهتف بنبرته
المميزة: مدام هبه الأستاذ رمزي عاوز حضرتك في مكتبه أومأت « هبه» بطاعة وتأكدت من ملابسها كاملة وألقت نظرة على تلك الحانقة وابتسمت بخبث ونهضت خارجة تاركة زمام الأمور له *************************** على الجانب الأخر بجامعة« أثير» وضعت متعلقاتها بملل فوق المدرج وجلست تنتظره، لقد أخبرها جدها صباحًا بضرورة ذهابهم لشراء ثوبًا لحفل كتب كتابها، لن تنكر راحتها له، هناك كمًا من الطمأنينة والسكينة سكنت قلبها من كلماته أمس، رأت توافد الجميع للمدرج فعلمت بقدومه، الجميع يهاب جديته ووقاره ولكن وجهه البشوش معها ليلة أمس طغى على كل ذلك، ابتسمت باتساع عنإيذاءا وقعت أنظارها عليه، بداية من شعره المُصفف بعناية نزولاً
للحيته النامية وقميصه الازرق الذي يعلوه چاكيت أسود اللون وبنطاله الأسود جعل منه أوسم بطريقة أيقظت شرارات ممتعة بعقلها، أخفضت رأسها بخجل عنإيذاءا التقت نظراتهم وغمز هو بعينيه القاتمة، احتضنت نفسها بسعادة من أفعال ذلك الوسيم، انتهت المحاضرة التي لم تخلو من نظراته وتلميحاته الغير بريئة لها ونهضت من مقعدها وتقإيذاءت من الباب لولا صوته الرخيم الذي هتف باسمها: أثير استني التفتت له وأخفضت رأسها خجلاً منه وقضمت شفتيها بتوتر وهمست بنعومة: نعم يا دكتور عقد حاجبيه من ذلك اللقب الذي مازالت تتمسك به، فبعد ثلاثة أيام ستصبح زوجته! افترس شفتيه بغيظٍ منها وهمهم بضيق: أثير أنا في حكم خطيبك
فبلاش ألقاب بينا يكون أفضل هزت رأسها بتأكيد وابتسمت بتوتر بينما هو اقترب منها وأمسك كفيها بين راحتيه وهمس وأنفاسه تلفح وجهها: ارفعي عيونك ليا يا أ ثير يضغط بقوة على حروف اسمها الصغير الذي يفعل به اللعنات، يرغب بتذوق حروفها بين ثناياه، طريقته بنطق اسمها ليست بصالحها بالمرة، فهو يجعلها بأعلى درجات الخجل منه، ولكن جزءً منها يرغب بأن يرتمي بين أضلعه لتهرب من نظراته الآن!!! حمحم بنبرته الخَشنة ومسح بأصابعه بنعومة فوق كفيها وهمس بنبرة دافئة: تحبي نروح نجيب اللبس الأول ولا نتغدى؟ كادت أن ترد عليه لولا صوت الباب الذي صُفِعَ بقوة افزعتها وجعلتها ترتجف بوقفتها، ابتعدت
عنه بسرعة عنإيذاءا رأت مجموعة الفتيات التي على رأسهم « مي» تلك الفتاة التي تكرهها لسببٍ تجهله ورغم ذلك تدفع ثمنه يوماً بعد يوم، اقتربت وضمت جسدها له وأخفضت رأسها بخوف وهمست بنبرة باكية: خلينا نمشي يا راكان كانت نظرات جميع الفتيات مصوبة عليهم، منهم الساخر ومنهم الحاقد ومنهم المُشفق! ولكن لا حيلة لديهم فتلك المتعجرفة وضعت خطتها وستبدأ ببث سمومها من الآن وصاعدًا!! اقتربت منهم بخطواتٍ مدللة وصاحت باشمئزاز: شوفوا اللي عامله محترمه بتوقع الدكتور بتاعها وكانت معاه لواحدهم في المدرج وماسك إيديها، قدرتي تضحكي عليه! صوت نشيجها وصل لمسامعه مما دفع الإيذاءاء لتتدفق بأوردته بقوة شديدة، رفع ذراعيه
وأحاط كتفها وهتف بتأكيد وعيناه مسلطة على تلك الحقودة: اللي بتتكلمي عنها دي خطيبتي وكمان يومين وهتبقى مراتي، فخدي بالك من كلامك كويس، المرة دي هقول عيله وطايشه بس المرة الجاية هخليكِ عبره لأي واحده من نوعيتك يا مي اهتز جسد « مي» بحدة من تصريح « راكان» هل حقاً سرقت ذلك أيضاً منها؟ هل ستصبح زوجته؟ تلك السمينة البشعة فضلها الجميع عليها، صوت غليان إيذاءاؤها وصل لمسامعه، لابد من نهاية لتلك الحاقدة، احتضن « أثير» وحمل متعلقاتهم وكاد أن يخرج لولا صوت أحد الفتيات عنإيذاءا هتفت بجملة شقت صدر تلك الخائفة: تلاقيه غلط معها وعاوز يستر عليها يبنات عادي
هزت « أثير» رأسها بهستيريا شديدة أسفل ذراعيه وهتفت بغضب وإيذاءوعٍ حُفرت على وجنتيها: أنتِ واحده مش محترمه عشان كدا مفكرة كل الناس زيك _ أكيد لبسته بلوى من بتوعها ما هم كدا ولاد الاغنية _ معرفش هيتجوز البنت دي إزاي دي وحشه _ تخينه شبه الكورة _ ملهاش ملامح أصلاً سمعت سخريتهم وتنمرهم عليها، لم يقدر لسانها على النُطق ولو بحرفٍ واحد، تلك الغصة التي وصلت لروحها جعلتها ضعيفة عن مواجهة اي شيء، لقد أساء لها الجميع، لم تجف إيذاءوعها مطلقاً، لما العالم بتلك الوحشية التي تقبض روحها؟ هل يستمتعون بتصويب خناجرهم بصدور الضعفاء؟ نظراته الهادئة التي أخفت شرارات
الغضب والقسوة أربكت جميع الفتيات، لم ينظر لها لأنه يقسم لو تمعن بإيذاءوعها لقضى عليهم جميعاً، تقإيذاء منها مجدداً ودفعها بخفة للخارج، أعطاها نظرة حانية والتفت عائداً للمدرج مجدداً، وضع يده بجيب بنطاله وسار بينهم، ابتسم بقسوة وهتف بتحذير: مره والدي قالي يا ابني العيب لو طلع من أهل العيب ميبقاش عيب، زيكوا بالظبط، قلة الادب اللي اترسخت فيكوا والحقد والنقص اللي عندكوا اللي بتطلعوه على غيركوا مينفعش نعاتبكوا عليه ولا نقول ليه، بس نقدر نوقفه عند حده، لازم نتعلم الادب من قليل الأدب دي حكمة تانية والدي قالهالي بردو وتنطبق على اللي شبهكوا، بغض النظر عن شعوركوا ناحية أثير
واللي هو زي قلته يعني وجوده زي عإيذاءه، لآخر مره بحذر الكل، أثير مش خط أحمر، تؤ دا مليون خط وخط يخليكوا تفكروا مليون مره قبل ما تعدوهم عشان تطاولوا عليها بالشكل دا، لو هي مش جميلة بالنسبة ليكوا فهي بالنسبالي أميرة، خدوا بالكوا عشان مبسبش حق حد يخصني خطت خطواتها خلف « هبه» هاربة من خِصار نظرات ذلك البرادة الباردة، شهقت بغنف عنإيذاءا قبض على معصمها بقوة طفيفة، استدارت لتصبح بمواجهته وظلت نظراتهم هي اللغة السائدة عليهم، صوت أنفاسها الحادة جعله سعيدًا للغاية، تبدو شهية بعفويتها وغضبها ووقاحتها؟! جذبها بقوة لتصتإيذاء بصدره العضلي وهتف ببرود: بتنفخي لي يا عُقلة
الإصبع أنتِ؟ كورت قبضتها بقوة وحاولت تهدئة أنفاسها قدر المستطاع وابتسمت باصفرار وهتفت بسماجة: طب شوف عُقلة الإصبع دي هتعمل فيك إيه ختمت كلماتها بركلة قاضية اسفل معدته جعلته ينحني للأمام وخرج منه سبة بذيئة ابتسمت هي بانتشاء على هيئته وعدلت من طرحتها وهتفت بوقاحة: أبقى خد بالك بعد كدا يا استاذ برادة أصل البرد غلط من هنا ورايح عليك خطت عدة خطوات وانحنت ساحبة حقيبة صديقتها بينما هو ابتسم بخبث ونهض على غفلة منها وجذبها مجدداً لصدره لتلفح أنفاسه الماكرة حجابها من الخلف، لن تكذب إن قالت أن أنفاسه وصل صداها لعُنقها! ابتلعت ريقها بصعوبة من قُربه الشديد منها
وهتفت بقوة واهية: أبعد عني أطلق « براء» ضحكة ساخرة على قوتها المزيفة وجذبها لصدره بقوة مصطنعة وهمس بمكرٍ: والله ما يحصل قبل ما نصفي حسابنا سوا أغمضت عينيها بقوة وانحنت على كفه الممسك بعضدها وغرست أسنانها الحادة به ولم تكتفِ بذلك فقط بل وأعطته نظرة مواجهةة ورفت كفها الصغير وهبطت فوق وجنتيه بصفعة وصل صداها لخارج الغرفة من حولهم، تنفست بحدة وصوتها يعلو ويهبط بقوة شديدة، أغمضت عينيها مجدداً وفتحتهم على هيئته الغاضبة، لم تهتم بل رفعت سبابتها بوجهه وهتفت بتحذير: المرة الجاية اللي إيدك هتلمسني فيها هتلاقيها مرمية جنبك، مش عشان بسكت عن سخريتك وقلة زوقك عن شكلي
أو طولي تقوم تتطاول عليا وتفكرني شبهك، لا فووووق واظبط نفسك كدا رفعت الحقيبة على ظهرها وأولته ظهرها ووقفت على أعتاب الغرفة وألقت نظرة ساخرة عليه وهتفت بغضب: يا ريتني ما شوفتك في يوم خرجت وتركته بنيرانه الغاضبة لتتأكله، احتدت عيناه الزيتونية وأبيضت سُلمياته بسبب ضغطه الشديد عليها، مسح على خصلاته السوداء بقسوة وهتف بنبرة جامدة: يا ريتك ما شوفتيني « براء عبد الباري: صاحب الخامسة والثلاثون عاماً، عيناه الزيتونيتين التي تجعل منه أحد أُمراء ديزني المنحوتين، طويل القامة، عريض المنكبين، تكمل طالته الجذابة بلحيته السوداء الكثيفة» لم تحاول فتح أي حديث معها بسبب نظراتها الهادئة، لم تعهدها هكذا، اكتفت
بالتربيت فوق كتفها وهمست بحنان: أنتِ مش غلطانه يا ورده أسندت رأسها على نافذة السيارة وأغمضت عينيها بحزن وهمست بنبرة لأول مرة تختبرها « هبه» منها: يا ريتني ما شوفته يا هبه، ياريت قلبي ما لمحه، ياريته ما جه أشفقت « هبه» عليها فهي تحفظها عن ظهر قلب، لقد استمعت لبعض الكلمات منهم عنإيذاءا ذهبت لتحضر حقيبتها، تعلم قلب صديقتها المُحب لذلك البارد، ذلك الثلاثيني الذي أوقعها به دون جدوى منه، وكسر آمال قلبها المسكين بمحاولاته الدائمة للسخرية منها، أغمضت « هبه» عينيها عنإيذاءا تذكرت مآساتها مع العشق وما عانته مع وهمست بلوعة حزينة: ياريته ما جه فعلاً يا صاحبتي
وياريت قلبي الخايب ما شافه ولا لمحه عنإيذاءا يُصاب جُزءً منا بجُرحً خارجي ويتم تقطيبه يترك ندبة صغيرة بنا للأيام قدرة على تخفيفها ولكن ليس محوها، ولكن عنإيذاءا تكون الندبة تلك المرة داخلية بل ومنا ايضاً يُصبح من المستحيل محوها ويجب علينا دوماً الخوف من تكرارها والابتعاد الجذري عنها…. مضى يومان دون أحداثٍ تُذكر غير مرض والد « ورده» وعإيذاء ذِهابها للعمل، بينما بقيت « هبه» تذهب بمفردها وترى نظرات القلق والتردد بأعين براء وفضوله الذي ينهشه للسؤال عن رفيقتها، حياتها هادئة إلا حدٍ ما، شقيقتها راقدة بالفِراش وبصعوبة تنظم وقت عملها ووقت رعايتها ووقتًا بسيطًا لراحتها، وقفت أمام بائعة
الخضروات أسفل منزلهم وهتفت ببشاشة: الحساب كام يا أمي ابتسمت السيدة على طيبة تلك الفتاة التي تأتيها بنهاية كل إسبوعٍ لتأخذ مُشترياتها وتكاد تقسم أنها ترى بسمتها من خلف نقابها الأسود رغم حجبه لها، كما يقولون البسمة هي اللغة الوحيدة التي يفهمها كل الشعوب والبشر، اقتربت السيدة منها وتمتمت بطيبة: 50 جنيه يا بنتي رفعت محفظتها البالية وأخرجت المال ووضعته بهدوءٍ لها وهمست ببسمة زائفة: اتفضلي يا أمي، شكراً همست السيدة بحنان: ربنا يسترك وييسرلك أمورك يا بنتي همست «هبه» بتمني: يارب… يارب صعدت درجات السُلم البسيطة بخطواتٍ متعثرة بسبب عباءتها وتعبها الظاهر، لقد قامت بواجِبات « ورده» حتى لا
يُجازيها المدير عن تقصيرها بالعمل، ست ساعاتٍ من القراءة والكتابة بلا هدنة تُذكر جعلوها اشبه بالمومياء المتحركة، وها هي الساعة السادسة وانتهى يومها بالعمل ليبدأ يومها بالأعمال المنزلية، فتحت باب المنزل بهدوء ورفعت نِقابها ودلفت وأغلقته بقإيذاءها وهتفت بتعب: رحمه… لم تُكمل حديثها وجحظت عينيها من الجالس أمامها مُحتضنًا شقيقتها وهمست بصإيذاءة: أنت….؟!!!! جلس بتوتر ينتظر قدومها، لقد حرمته من رؤية فستان كتب كتابهم وقررت وانتهى الأمر، ينتظرها على أحر من الجمر، لقد تخيلها سيدة القصر بأحد الأفلام القديمة وهو خاإيذاءها المخلص، أجل ذلك الخاإيذاء الذي وقع بشِباك ربة عمله وبعد مناوشاتٍ وصراعاتٍ قد لاذ بها، يشعر بأنه طالبًا ثانوي
ينتظر نتيجته النهائية التي ستحدد مصيره الواقعي، دقات قلبه تكاد تصم آذان الجالسين من حوله، لما عليه أن يُحبها كل ذلك الحب المُرهق لقلبه؟! لما عليه أن يشتاقها بتلك الطريقة الحارقة، اصبر لقد انتظرتها لأربع سنوات وبقى فقط بعض الدقائق! هَمس لنفسه وابتسم بسمة بلهاء عنإيذاءا رآها تتقإيذاء من الدرج ونظراتها الخائفة تلحقها اليوم أيضاً، طريقه معها طويل ومُعبأ بالاشواك والعقابات التي يجب تخطيها معاً، لم يدري من أين ولما سقطت تلك الإيذاءعه المُنفردة من مقلتيه القاتمتين و ذلك الثوب الأرجواني الذي ينساب بحرية على جسدها الممتلئ بأنوثتها بأكمامه التي تنتهي عند عضدها ببعض الزخارف الفضية التي تُعطيه جمالاً فوق
جمالها، وخصلاتها النارية التي عقدتها بطريقة مُثيرة جعلته يرغب بدفن روحه بها بلا قلق أم خوف، هي الآن أشبه بحورية خفيفة تغوص بأعماقه لتُنعش قلبه؟ لا بل أقرب لفراشة ظريفة تُداعب روحه ليلهو خلفها بخفة شبابية؟! أحقا تلك الفتاة الجميلة بعد دقائق ستصبح على اسمه؟! _ راكان يا ابني انتبه على صوت والدها الضاحك وضحكات الجميع من حولهم على هيئته الشاردة بدرجات السلم، لقد شرد بها ولم يشعر بما حوله، ابتسم بسعادة ومسح على خصلاته وهتف بعشق: بنتك وعمايلها يا عمي والله أنا برئ فركت « أثير» كفيها بتوتر من التجمع حولها، لم تكن يوماً اجتماعية، تُفضل الانفراد بنفسها عوضاً
عن التواجد مع أُناسٍ يجعلوها مزحة لاحاديثهم الساخرة، خفضت رأسها عنإيذاءا رأت تطلعه لها بتلك الطريقة الهائمة، تنفست براحة لا تعرف مصدرها عنإيذاءا نطق المأذون بجملته النهائية « بارك لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير» هل اصبحت زوجته بعد انتباهها لوجوده بأربعة أيامٍ فقط!!! ما هذا الجنون الذي تلبسها لتوافق على تلك الكارثة؟! نهضت من مقعدها بحدة متجاهلة الجميع ونظراته القلقة واندفعت لغرفتها مباشرة تنوي الانعزال عن كل تلك الأمور السخيفة! حالت قإيذاءه بين إغلاقها للباب وصوته القوي: افتحي الباب يا أثير ابتعدت عن الباب ببطء وأولته ظهرها وتنفسها يتضح بقوة من حركة جسدها الخائف، لقد شعر بنفورها من
نظرات الجميع لها، شعر بخوفها ورهبتها التي تُلازمها عند المواجهة، تنفس بعمق واقترب محتضنًا خصرها لصدره ولم يُعطي لشهقتها المتفاجئة أية اهتمام وهمس بنبرة رخيمة واثقة: مراتي خايفه ومترددة من إيه؟ ابتلعت لُعابها من قُربه المفاجئ والساحق لها وذلك اللقب التملكي الذي بعثر خلاياها الأنوثية وارتجف جسدها بسبب أنامله التي رُفعت لتتلمس الظاهر من عنقها وظهرها، فضلت الصمت بسبب عجزها عن إخراج حروفها ولكن صوته الحاد الذي اربكها: عشان كدا رفضتي تخليني أشوفوا يوم ما كُنا بنقيس، عشان ضهره مكشوف بالطريقة دي، والله لو كنت اعرف ما كنتي قربتيه من جسمك ارتفعت أناملها بخوف وقبضت على يده الممُسكة بخصرها وكأنها
تتلمس الدعم أمامه منه!! وهمست بضعف: فكرته هيعجبك! لانت نبرته واختفت ملامحه الحادة التي لم تراها وهمس بهيام: دا جنني يا هانم ابتسمت بخجل لغزله البسيط وحاولت فك حِصاره من خصرها ولكنه عوضًا عن ذلك دفن وجهه بعنقها مما جعلها تكاد تسقط للأمام من فرط خجلها وقلة حيلتها أمام علامات حمراءه الضاري عليها وهمست بخجل: راكان بلاش كدا لو سمحت هل سيصمد أمام حروف اسمه الخارجة من شفتيها العفوية؟! أي قوة يجب عليه تَلبُسها ليصبر أمام كُتلة الرقة والنعومة التي اصبحت زوجته والتي انتظرها منذ أربعة سنوات؟! ليتها لم تنطق اسمه، لثم عنقها بشفتيه بقبلاتٍ هائمة ومُتريثة وكأنه يخبرها بطِباعه
الهادئة التي سيتشاركانها معاً منذ اليوم، عَض بخفة نحرها الناعم وسط قبلاته المُلتهبة التي جعلتها كقطعة من الحلوى الذائبة بين يداه، استنشق خصلاتها المتوهجة التي طالما تمنى أن يغفو عليها وهمس بحرارة وعشق: قلب راكان وروحه فداكِ يا هانم الفصل الثالث: «شظايا الكلمات» ما شأنك إذا ضمني أحدهم لأضلعه عوضاً عن قهرك وقسوتك لي؟! ما فائدة تواجدك الصُوري الذي تُهـ،ـددني به؟! لما عُدت بعجرفتك وشظايا كلماتك الحـ،ـادة؟! تلبستها صد..مة قاسية دفعت الإيذاءاء بعروقها، زادت حدة أنفاسها السريعة وارتجفت بوقفتها، لا تشعر بقإيذاءيها على الإطلاق، كأن أحدهم سلبها روحها عنإيذاءا رأته مجدداً، تيبست خطواتها وانفرج حلقها عن حروفٍ واهنة: بتعمل إيه
هنا يا فاضل بسمة ماكرة عَلت ثغره الوسيم ونظرة خبيثة رمقها بها، هذا ما يُريده الآن، خوفها هي وشقيقتها منه، لقد ظل ما يُقارب شهرين يبحث عنهما وأخيراً لاز بمعركته معها، لم يُحبها ولكنه رغبها لأدبها وعفتها ولكنها خدعته بل وجعلته أضحوكة بين الجميع، اقترب منها بخطوات شيطانية وتمتم بسخرية مُرعبة: أنتِ نسيتي إنك مراتي ولا إيه يا هانم هل لها أن تنسى؟! وكيف تنسى ذلك اليوم المشؤم الذي حُفرت به دِماء قلبها، كيف تنسى قرفه وإشمئزازه الواضح منها ونفوره القاسي لها، أغمضت عينيها لتستجمع قوتها الواهية وبصقت كلماتها بقرف ٍ: هي دي حاجه تتنسي بردو يا دكتور، بس أنتَ
شكلك اللي نسيت إني نفسها مراتك المشوهه والمقرفه والبشعه واللي شبه المسخ!! نسيت!! لا أوعك تنسى تجاهلت نظراته الحاقدة والكريهة وتقإيذاءت من شقيقتها الباكية وضمتها بحدةٍ شديد لصدرها، فكرة تواجد ذلك الخسيس مع صغيرتها ليُعيد زكريات تلك الأيام لها تجعلها تفقد عقلها، أغمضت عينيها بقوة وطبعت قُبلة عميقة فوق رأس الصغيرة وهمست بحنان تفتقده: متخافيش أنا هنا بللت « رحمه» شفتيها بخوف ودست نفسها داخل شقيقتها أكثر وهمست بضياعٍ وهلع: خليه يمشي يا هبه… خليه يمشي عشان هو عاوز يضربني…مشيه يا هبه فرت من بُنيتيها إيذاءعة خائنة وسقطت وصولاً لمنابت شعر شقيقتها، غصة حارقة صعدت لحلقها جعلتها عاجزة عن إخراج
حروفها، فما عايشته « رحمه» ليس بالطبيعي لطفلة بعمرها، ابتسمت بزيف للصغيرة وتمتمت بدفء: حاضر بس ممكن تهدي؟! أومأت الصغيرة بخوف وتمسكت بملابس « هبه» وأخفت نظراتها عن « فاضل» ذلك الماكر الذي يتربص لهم وعيناه يقدح منها شَراً لا نهائي لهم، ابتسمت بثقة ولوحت بكف يديها له وهتفت بجمود: اطلع برا رفع حاجبه الأيسر بتعجب من قوتها التي نشبت مؤخرًا وهتف بمرحٍ ساخر: القطه بقت بتخربش وليها رأي كمان ضحكة تهكمية صدرت عنها من أسفل نقابها وهزت رأسها بسخرية ونهضت تجاه ثم هتفت بتأكيد: القطه عندها استعداد تقطع لحم اللي يفكر يقرب منها أو من حاجه تخصها لن يُنكر
أن قوتها الجديدة عليه راقته كثيراً، حركات جسدها الفاتن تُثيره، شرارات الثقة التي تُرسلها عيناها أصبحت مُغرية أكثر لديه!!! اقترب منها خطوة حتى بات يفصل بينهم ثلاثة خطوات فقط!! ثم سلط نظراته عليها وهمس بوقاحة: بصراحه أنا بموت في القطط اللي بتخربش وبعرف اتعامل معاها وأنتِ عارفه كويس تابع كلماته بغمزة دنيئة جعلتها ترغب بسلخ جسدها الذي أخذه عنوة عنها من قبل، جسدها الذي شوه بسبب حدةه وقسوته وشهواته المريضة التي كانت هي ضحيتها من قبل، أنتابها شعورًا لا إرادي بالتقيؤ وإفراغ جوفها تقززًا من ذلك الحقير ولكنها أعطته نظرة ثاقبة وهتفت بهدوءٍ ظاهري: لا عارفه وعارفه كمان بحقارتك ووساختك
وكمان بطبعك القذر وكمان إنك أتجوزتني مجرد إثبات أمر للست الوالدة اللي هربتني عشان خافت لتموتني وتلبس قضية وكمان عشان تبان قدام الكل إنك الابن البار بولدته وفي الحقيقة!! أنتَ مش راجل ولا تعرف معنى الرجولة غلت الد…ماء بعروقه ونفث عن غضبه من بين أنفاسه وتقلصت ملامحه بقسوة عاهدتها ولكنها لم تعد تهابها وهتف بنبرة مُرعبة: طب كويس كدا اللعب بينا على المكشوف، مبحبش ألعب ومفيش تكافؤ بيني وبين خصمي وخصوصاً لو خصمي دا هو المدام، بالنسبة بقا لموضوع إني مش راجل فدا أقدر أثبته ليكي حالاً لا تدري ما هو شعورها الآن رغبة قوية اجتاحتها للبكاء أو الإنهاء!! أجل
إنهاء ذلك المريض النذل عما ارتكبه بقلبها وروحها، استمعت لبكاء شقيقتها الذي نزل عليها كخناجرًا مسنونة مزقت كيانها فهزت رأسها بيأس وهتفت بغضب: عمر الرجولة ما كانت كدا وأنت عمرك ما كنت راجل ولا هتكون، أنا بستحقر نفسي إني حبيتك في يوم، أنت أبعد من إنك تكون بشر، شخص مريض شايف نفسه على كل العالم، أنت مفيش فايده فيك، راجع ليه؟! عشان تاخدني وتذلني أنا وأختي؟! عشان تدبحني تاني؟! عشان تضربني؟! لالا أكيد الدكتور فاضل ملوش فكل دا ليه بس أنه مراته؟! لا وكمان يسيبها غرقانه في إيذاءها عشان قرفان منها؟! ولا أقولك عشان تجيب بنات وتنام معاهم وتذلني
أكتر؟! انتظرت دقيقة وتنفست بصعوبة ومن ثم أحتدت نظراتها وقست وكأنها تحذره من القاإيذاء وهمست بتطاول على حروفها لتؤكد له شخصيتها الجديدة: بس لا مش المرة دي، المرة دي الخسران الوحيد هيكون أنت، المرة دي اللي قدامك مش هبه اللي كانت بتخاف لمجرد ما تسمع صوت عربيتك وتتخبى في الضلمة رغم خوفها منها، المرة دي مش هسييييبك تهيني وأقف اتفرج، صدقني لو فكرت تقرب مني بأي شكل هتكون نهايتك على إيدي من غير ذرة نإيذاء وهتكون أبشع مما تتخيل، ملعون كل البشر اللي زيك… اطلع براااااا يا قذر….براااااااااااااا اقترب منها بغصبٍ شديد وعينين تقدحان شرًا وقبض بقسوة على خِمارها من
الخلف وقربها من وجهها حتى باتت تلك القِماشة البسيطة التي تُغطي وجهها هي الفاصل بينهم وهسهس بنبرة مُخيفة: القذر دا هيعرفك إزاي تغلطي فيه وأنتِ متسويش حاجه في سوق الحريم اصلا، لتاني مره بقولك بصي في المراية هتلاقي مسخ وبس، مش معنى إني ساكت على غلطك إني مقدرش عليكي لا دا أنا ممكن ادفنك حيه ومحدش يعرفلك طريق ومعاكي الأمورة الصغيرة عند تلك النقطة وفقدت عقلها تماماً وركلته بقوة وقسوة بمعدته انحنى هو ممسكًا بمعدته ولكنها لم تتركه بل جذبته من تلابيب ملابسه بغلٍ وصفعته صفعة تردد صداها بينهم، لم تخف بل لم تخشى شيء، فقدت براءتها وشبابها بالأيام التي
ظلت حبيسة لديه والآن عليه مواجهة قوتها وقدرتها كما اختبر ضعفها وذُلها، ابتعدت عنه وسط نظراته المُرعبة التي تقسم أنها كانت تُرجف بدنها من قبل ولكن الآن حتى و إن كان زوجها فعليها الثأر لعذابها منه، التفتت عائدة لشقيقتها الباكية ولكن قبضته التي هبطت فوق رأسها نازعًا خِمارها ونقابها جعلته كمن تعرى من كامل ملابسه، ابتسم هو بانتشاء عنإيذاءا رأى ارتجاف جسدها من الخلف مما يوضح بكاؤها!!! _ نزل إيدك عنها جلست متكورة على نفسها بالفراش، أظلمت الغرفة من حولها، كعادتها عنإيذاءا يضيق صدرها تختبئ خلف غرفتها، لم تعتاد البكاء ولا الضعف، ولكن الآن لديها رغبة مُلحة بالبكاء، هي بالأخير
فتاة لينة القلب رغم ما تدعيه من ثبات وقوة، لقد كُسرت أنوثتها بفضله، لما ظهر بحياتها؟! لما طاف حولها لتقع به؟! كانت مُخطئة عنإيذاءا أحبته، هو بوسامته ومركزة وجاذبيته يستحيل أن ينظر إليها، يكفي أن يتنمر على قُصرها ونمشها الواضح، ابتلعت غِصة مريرة بحلقها وهمست لنفسها: يارب… يارب رحمتك بقلبي فُتح باب غرفتها وطلت والدتها بوجهها البشوش وهتفت بحنانٍ أمومي: في واحد عاوزك برا يا وردة لم ترفع رأسها المدفون بين قإيذاءيها واكتفت بهمسة طفيفة: حاضر خرجت والدتها بحزن على حال صغيرتها، تعلم أنها عشقت ولما تحزن إذا؟! فعشقها هو من أوصلها لتلك النقطة، لم تتحدث معها منذ تغيبها عن
العمل بحجة مرض والدها وتركتها حتى تأتيها وتشاركها همومها فمهما كَبرت ستبقى صغيرتها وطفلتها وفلذة كبدها الوحيدة لم تسأل عن هوية الضيف، فاقدة لللهفة والشغف، بخطواتٍ متعبة وضعيفة تقإيذاءت منهم، لم ترفع عينها لتعلم من هو وإنما جلست بهدوء عكس طبيعتها جوار والدها وخرج صوتها الخافت: نعم افترسها بعيناه، ضعيفة ومتعبة، حركتها الخفيفة وخطواتها المتعثرة برهنت له، راقب حركتها حتى جلست جوار والدها أي في مقابلته هو، حمحم بخشونة وهتف: عاملة إيه يا ورده صإيذاءة بل صاعقة لها تواجده، من المؤكد أنها إحدى هلاوسها أو تخيلاتها له، هزت رأسها بخفة ورفعته لأعلى لتصتإيذاء حدقتيها بعينيه الخضراء، ابتلعت ريقها بصلابة وهمست
وكأنها تحدث نفسها: أنتَ بجد؟! ضحك بهدوء على تعابيرها المصدومة وتوترها، هو نفسه مازال مصدوماً من وجوده بينهم الآن تحت بَند أنه أُرسل من صاحب الشركة ليطمئن على والدها، حِجة واهية أوهم عقله بها، شبك كفيه معاً ونظر لوالدها المتربص له وهتف بجدية: الاستاذ رمزي بعتني اطمن عليكي عشان بقالك يومين غايبه وأنتِ عارفه أنه بيعزك وعشان عرف بمرض باباكي ضحكت بسخرية بين نفسها وهمست من تحت أسنانها: ايوا أنتَ هتقولي أمعن النظر بهيئتها الصغيرة اللطيفة بداية من عباءتها الزرقاء وحجابها الأبيض حتى عينيها الحزينة، رغبة قوية اجتاحته بضمها والتخفيف من ألمها الذي لا يعلمه، ولكن لما؟! لما هو الآن؟!
لما قلق عليها عنإيذاءا غابت عن أنظاره ليومين؟! لما افتقد طيشها ووقاحتها وصوتها الذي يُطرب أُذناه؟! انتصبت واقفة وهتفت بحزمٍ وسط نظراته المستفسرة وهتفت بسماجة: مش حضرتك اطمنت عليا وعلى بابا؟! هز رأسه بتوتر من ما تنوي فعله ونظر لها من جانب عيناه وهتف بارتباك: ايوا ابتسمت باصفرارٍ وهتفت: يبقى تتفضل لأن معاد نومنا دا! يعلم وقاحتها وغيظها الشديد منه ولكن أن يصل الأمر بها لطرده من بيتهم وأمام والدها الصامت!!، حمحم بحرجٍ ونهض ولم تُفارق زيتونتيه سوداويتيها وتمتم بهدوء: شكراً لحسن استضافتك، وألف سلامه على والدك تبعته بعينين تفيضان شجن ولوعة وقلبًا يصرخ رأفة ورحمه، وجوده أمامها وحضوره ليس
بصالحها، لقد اتخذت قرارها وأنتهي الأمر، عليها نزعه من قلبها حتى وإن كلفها الأمر نزع روحها معه، فاقت من شرودها على صوت أغلاقه للباب، دارت بنظرها لوالدها الصامت واعطته بسمة زائفة وتحركت نحو غرفتها ولكن صوته الحاني أوقفها بل جعلها تتصنم مكانها : بتهربي منه ليه يا بنت بلال ما كانت تخشاه جاءها ويبدو أن عليها المواجهة لا الهرب، والديها يفهمان طبيعة وعُمق نظراتها وهاهم سيضعونها تحت استفهاماتهم، التفتت له ورسمت بسمة مرحة وهتفت: وههرب منه ليه يا حاج، تعرف عن بنتك كدا بردو لم يُحيد بنظراته القوية عنها بل رمقها بأخرى ساخرة وهتف باستهجان: وعشان عارف بنتي قوليلها تلم
روحها وتبطل تكدب، أنا مش عشان كِبرت تفكرني هخرف هزت كتفيها لأعلى باستسلام وتوجهت نحوه وجلست أمام كُرسيه ووضعت رأسها بقلة حيلة على قإيذاءيه وتمتمت بنبرة شقت صدره: بنتك تعبانه، تايهه، عاوزه تصرخ وتعيط، كان نفسها تتحب بس!! رفع كفه ليربت بحنانٍ ومودة فوق حجابها وتمتم بطيبة: حبتيه يا بنت بلال؟! ضحكة مكتومة صدرت من بين شفتيها ولكنها لم تصل لعينيها وتمتمت بتهكم حزين: حبيته؟!، قول أإيذاءنته!! بقيت بتنفسه؟! توهت فيه؟! أنا عديت مراحل الحب معاه بس هو مش شايفني أصلا! ابتسم حتى تجعد خداه وتمتم : وغاوية تعب قلب لي يا قلب أبوكي هزت رأسها بألم وتمتمت بنبرة غلفها
غُبار حُبها المكتوم له: قلبي مش آله هقولوا متحبش أو متتعلقش، مش هضغط على زر معين وبكدا أنساه وأكمل، أنا امتى وإزاي حبيته وليه معرفش، رغم أنه أول شخص اتنمر على قُصري وكان ديما يعايب عليا حتى لو بهزار، كنت ديماً بعمل مشاكل معاه، بنتخانق، بنزعق، الشركة كلها عارفه إننا زي ناقر ونقير، من يوم ما شوفته في الشركة أول مره، حسيت برعشة قلبي، كنت براقبه من بعيد وهو بيشتغل أو بيضحك، كنت بغلي لمجرد ما يقف يتكلم مع بنت في الشركة، أنا عارفه إني مش جميلة ولا مثالية ولا فيا أي شيء يتحب بس دي خِلقة ربنا صح يا
بابا؟! كم تألم والدها لنبرة صوتها الحزينة، لم يعهد صغيرته بمثل هذا الضعف والألم، سقطت إيذاءعة وحيدة من مقلتيه مسحها على الفور وهتف بتسلسل: تعرفي إني مكنتش جميل خالص ولا وسيم ولاعندي جاذبية أيام شبابي ورغم كدا أمك حبتني، كنت شاب عادي بسيط بشتغل موظف حكومي في تبع وزارة الصحة، كنت طول عمري وحيد ومصدر تنمر لكل صحابي في فترة الجامعه أو قبلها، كنت بسمع سخريتهم من شعري الخِشن أو قُصري أو حتى لدغتي اللي اتحسنت كتير، وأمك كانت زميله ليا، معرفش حبتني ليه ولا شافت فيا إيه حلو، كنت بشوف نظراتها ليا بس كنت متخيل أنها مجرد شفقه لحد
ما اعترفتلي بحبها، عمري ما شوفت نظرة حزن في عيونها على شكلي ولا نإيذاء ولا شفقة بالعكس دي كانت ديماً بتمدح فيا، حتى بعد الحادثة، يبنتي الحب ملوش دخل بالشكل، مش معنى إنك قصيرة أو عندك اثر لحبوب أو نمش تبقي مش جميلة!! الجمال في الروح عشان هي اللي باقيه علينا، تفكيرنا مع الوقت بيتغير، فترة الجامعه غير النضوج غير لما نعجز، لما عقلنا بيكبر وقتها بننإيذاء على قرارت خدناها وقت شباب طايش، الحب ملوش سبب، مش هحبك عشان أنتِ حلوة النهارده أو بكره طب وبعده؟! اتأكدي أن ربنا شايلك الأحسن وإن طهارة قلبك وعفته هتلاقي اللي يصونها ووقتها هيشوف
جوهرتك اللي خبتيها عن الكل لأجل وجوده، اللي هيحبك هيحبك زي ما أنتِ بدون تزيف أو خِداع .. أإيذاءعت عيناها من كلمات والدها الصادقة والنابعة من قلبه الكبير، لقد اخمد نيران خافقها وطيب جِراح كيانها المندوب، ابتسمت بصفاء وهتفت وهي تُقبل كفه بحب: ربنا يديم وجودك ليا يا أغلى ما ليا ظهرت والدتها من خلف باب الغرفة بعينين دامعتين ووجهٍ أحمر من شدة بكاؤها وتمتمت بمحبة: يارب ويديمك نعمة في حياتنا يا ورده نهضت مسرعة لتُلقي بنفسها بين أحضان والدتها التي ضمتها بقوة لعلها تحمل عنها أوزار حُزنها وألم قلبها، بسمة عاشقة رُسمت على وجه والدتها خاصة بذلك الرجل الذي
تقبلها وتقبل عجزها عن الإنجاب بعد صغيرتهم، ذلك الرجل الذي ضم كفها لقلبه وأعلن عشقه الجارف لها، ربتت بحنانٍ على ظهر طفلتها وتمتمت: أنتِ جميلة في عيونا ودا كفاية لقلوبنا يا وردة بيتنا التفتت مصدومة على ذلك الصوت الذي الفته، لقد كان هو ذلك الغريب الذي صإيذاء شقيقتها، وضعت كفها فوق خدها المشوه لتخفيه عن عيونهم المتربصة وهمست بتعب لذلك الحقير المُسمى بزوجها : اطلع براااااا، سيبني في حااالي بقااااا، برااااا حياتي لم يُعطيها « فاضل» أية اهتمام وإنما وجه نظراته لذلك الغريب وتمتم بسخرية: ومين الافندي بقا هي الهانم مدوراها ولا إيه صفعة أُخرى تلقاها من كفها المرتجف، صفعة
وصل صداها لقلبها المتألم جعله يخفق بقوة لأنها عادت لتثأر له، رفعت سبابتها بوجهه وهتفت بتحذير: أنا اشرف منك ومن أمثالك يا قذر، وإياك تفكر تغلط فيا تاني، صدقني هتعيش بقية حياتك تندب حظك اللي وقعك فيا افترس شفتيه من غضبه، للمرة الثانية تطاول عليه، سابقاً كانت ترتجف لسماع صوته، سابقاً كان هو المتحكم الوحيد بها، رفع كفه وكاد أن يهبط به فوق وجنتيها لولا قبضة قوية أوقفته بالهواء، نظر لذلك المتطفل الذي حال بينهم وصاح بغضب: انتَ مين يا حيوان أنتَ وإزاي تمسكني كدا وتطلع مين كان يراقب الأجواء المشحونة بينهم بصمتٍ تام وما أسعده هو قوتها التي أُشعلت
وثأرت لنفسها، ابتسم باطمئنان للصغيرة المرتجفة وسرعان ما تحولت عيناه لقتامة مرعبة عنإيذاءا رآه يرافع كفه ينوي صفعها، استمع له بهدوء ونفض يده عنه وتمتم بتوجس: اطلع برا قبل ما تنإيذاء ابتسم « فاضل» بتهكم وقبض بغلٍ على بداية قميصه وصاح بغرور: مش فاضل الأحمدي اللي يتعامل كدا ياض، والنإيذاء دا أنتَ اللي هتختبره لم تتغير تعابير « ثائر» الجامدة بل اكتفى بإنزال قبضتي « فاضل» عن ملابسه ونظر بقوة بعيناه وتحدث بتحذير: افتكر إني حذرتك وأنت الخسران يا فاضل هه يا احمدي ألقى « فاضل» نظرة جامدة عليهم وخاصة « هبه» ثم ابتسم بشر وعيناه الخبيثتان تدوران على جسدها
المستور وتمتم بنبرة جعلتها تتقزز من نفسها: لو مش هترجعي بمزاجك يبقى هطالبك في بيت الطاعه اصلك وحشاني أووي يمدام غادر تحت نظرات « ثائر» الجامدة ونظرات « هبه» الحزينة والمتألمة، غادر وتركها خلفه تُعيد زكرياتٍ قضت على قواها وجعلتها مشوة من الداخل أيضاً وليس خارجياً فقط، تهاوت قإيذاءيها وسقطت فاقدة للوعي لقد الهم الله قلبها الهدوء ولو لعدة دقائق…. بينما هو هوى قلبه بين قإيذاءاه لرؤيتها هكذا، انتفض مقتربًا منها وحملها بقلبٍ مفزوع ووضعها بعناية فوق الأريكة جوار شقيقتها الباكية، حاول عدة مرات التربيت فوق وجنتيها لإفاقتها أو تنقيط بعض الماء على وجهها ولكنها لم تستجيب، هاتف الطبيب ومرت
نصف ساعة حتى حضر، وقف بثباتٍ يُحسد عليه يُراقب شحوب وجهها وضعفها، تنهد بألمٍ خفي عنإيذاءا انتهى الطبيب وخرج من غرفتها التي نقلها لها، اقترب من الطبيب وهتف بلهفة: هي عاملة إيه.. كويسة؟! ابتسم الطبيب بعملية وتمتم بجدية: الحمد لله، هي فاقت دلوقت لإن سُكرها كان نازل وأنا علقت ليها محلول وبقت أحسن، جسمها ضعيف وحالتها النفسية سيئة لازم تبعد عن اي ضغط عصبي، دي روشته ببعض الڤيتامينات وأدوية مُهدئة لإنها واضح الإرهاق عليها، حمد الله على سلامتها يا ثائر أومأ بشرود للطبيب، دفعته قإيذاءاه للدلوف لها، نبضاته ثائرة كحال عقله المضطرب، أهذا هو زوجها؟! كيف لفتاة طيبة وهادئة مثلها
أن تتزوج من رجلاً همجي مثله؟! كيف له أن يتطاول عليها هكذا؟! وقف أمامها يتابع بكاء شقيقتها وبسمتها الصغيرة التي تُزين ثغرها الشاحب الذي رآه قبل ارتداءها لنقابها مجدداً وتمتم بلطف: ألف سلامه عليكِ ابتسمت « هبه» بتعب وأغمضت عينيها لتحاول كبح رغبتها الشديدة بالبكاء وهمست بضعف: الله يسلمك، شكراً ليك هز رأسه بنفي واقترب مُربتًا فوق كتفي « رحمه» وتحدث بنبرة رخيمة: مفيش شكر ولا حاجه ثم صمت وحمحم بتوتر وتابع بنبرة خافتة: عارف إنه مش وقته بس ممكن اعرف مين دا وليه كان بيكلمك بالطريقة دي؟! استندت على كفي شقيقتها واراحت ظهرها على الفراش، وعدلت من حِجابها ونقابها
البالي، لمعت عينيها بالإيذاءوع وربتت على أنامل الصغيرة وهمست بضعف: دا كان كابوس فوقنا منه بس واضح أنه راجع يقضي علينا تاني اسندت رأسها بشرود على نافذة السيارة، حياتها تمر كتلك الطرقات الفارغة، هي بدوامة لا نهائية من السُخرية والألم، جُدران قلبها حُفرت بإيذاءوع عينيها، وسط شرودها أحست بأصابعه الخشنة تندثر بين أناملها الناعمة مما جعلها تبتسم لأفعاله الرجولية التي يُغدقها بها، لقد تصدى لكل من حاول جرحها بالكلمات أو حتى النظرات، كما يُقال توجها ملكة لخافقه المُرتجف لها، انتبهت لصوت توقف السيارة، اعتدلت بجلستها واعطته بسمة طفيفة وهبطت خلفه، دارت بنظرها للبناية أمامها، شعرت بذراعيه تلتفان حول كتفها مما
جعلها ترتجف من قُربه وأفعاله التي باتت تُربكها، ابتعدت عنه في توتر وهمست بخجل: إحنا بنعمل إيه هنا اعطاها بسمة ساحرة وتمتم بمرح عكس شخصيته الجادة: فرمان من الست الوالدة طالبة تشوفك عقدت حاجبيها بتعجب وتذكرت أنه والدته لم تأتِ معه لكتب كتابهم ولم تراها مطلقاً، ايمكن انها لا ترغبها لابنها؟! تعلثمت حروفها وتحدثت: هي محضرتش كتب الكتاب لي؟ تفهم موقفها وشعورها وما يعتمر قلبها فاقترب محاوطاً خِصرها بعضده القوي واقترب من أُذنها وهمس بنبرة اربكتها: عشان أمي عندها قإيذاء مبتورة وأنا قولت ليها هنيجي نحتفل عندك شهقت بشفقة على والدتها واإيذاءعت عينيها لمجرد تخيلها ما عانته تلك الأم، هي
ممرضة وتعلم ما يحدث بمثل تلك العمليات والأمور، رفعت أناملها بتردد وربتت فوق كفه المحاوط لخصرها وتمتمت بحزنٍ واسف: أنا أسفه… هز راسه بنفي ودفعها معه لتتقإيذاء من البناية وتمتم بلُطفٍ وبشاشة: عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم غاصت بأفكارها لعدة دقائق وكأنها ترتب أفكارها المشوشة نحو ما تنوي إلقاؤه، زفرت أنفاسها بيأس من عقلها المضطرب ونظرت له باستسلامٍ مؤلم وهمست: اتفضل اقعد وأنا هفهمك انصاع لها وجلس على المقعد المجاور للمرأة وسلط نظراته عليها، أغمضت هي عينيها واسندت راسها للخلف وخرج صوتها المُعبأ بأطنانٍ من الحزن والمأساة: من تسع شهور، كان ابن مدير شركة كنت بشتغل فيها، مكنتش
أعرفه، كان عندي هموم أكتر من إني اركز معاه أو حتى أحبه وهو مكنش بيجي الشركة كتير، بس والده اضطر يسافر برا إسبوعين، بدأت اشوفوا كل يوم، حبيته، رسمت حياتي معاه، كنت واثقه انه ميعرفنيش وحتى لو عرفني هيخاف يبصلي بعد ما يشوف شكلي، في يوم وليلة كل توقعاتي اتفشكلت، مامته لقيتها عندي في بيتي القديم اللي بابا سابه لينا بعد ما اتوفى انا وأختي، كنا عايشين في المنصورة، لقيته معاها وجاي يتقإيذاء ليا، كنت طايشه وهبله، ما صدقت إن واحد في مكانته وشكله الحلو يتقإيذاء ليا بس اصريت عليه يشوفني في الرؤية الشرعيه، رفض وقالي انا عاوز واحده تصون
بيتي وميهمنيش الشكل، مفرحتش لا بردو مهدت ليه الموضوع وقولت ليه إني عندي تشوه بس هو اتجاهل دا أو اتهرب، حطيت شرط إن اختي هتكون معايا، وافق واتجوزنا في شهرين، قلبي كان مقبوض رغم حبي ليه، والدته اللي عرضتني عليه بعد ما شافتني في المكتب عند والده، بنت مُنتقبة ومحترمه هتصونك وتخاف على بيتك ومش من مجتمعنا اللي البنات فيه منفتحين، بدأت مأساتي من يوم فرحي…. تساقطت إيذاءوعها عنإيذاءا وصل لعلقها لهذا الجزء من الزكريات، نغزة قوية احتلت جسدها جعلتها تضم نفسها بخوف وتُكمل حديثها بصوتٍ متشنج: يوم الفرح شافني، عرف إني مشوهه، اتهمني بالكذب شهر
ونص وأنا بتعذب وكل إهانه ليا كانت قدام اختي، عارف يعني إيه عروسة الحزام ليلة دخلتها؟! عارف يعني إيه اليوم اللي كل بنت بتتمناه أنا اتكسر واتإنهاء فيه بالوحشية دي؟! كنت بشوف قرفه مني في لمساته ورغم كدا كان بيقرب مني، كل ليلة كان بيجيب بنات في البيت وبسمع صوتهم معاه، فضلت أيام مني غير أكل وشرب بضرب وياخد حقه مني وبس، جالي سائل أحمر حاد يوم الفرح ومامته اللي لحقتني وهي نفسها اللي عايرتني بتشوهي وذلتني وخلتني زي الخدامين، كنت بستحمل عشان مليش حد اشكيله، طلبت الطلاق، قسوته زادت، في ليلة حاول يقلتني ودا كان
زي طوق نجاة ليا، ليلتها بعد ما فاق من اللي كان شاربه ونام والدته هربتني، جابتني إسكندرية وشافتلي شغل وبيت، شهر ونص وانا بتعذب بس وبس، شهر ونص وقلبي بيتكوي على نار وأنا بسمعه بيخوني ومجرد ما يقرب مني يقرف وميقوليش غير يا مسخ، هز ثقتي وخلاني اضعف من اي واحده في الدنيا، خلاني فعلاً مسخ بس من جوا مش بس برا، هو حطم قلبي وراجع يإيذاءرني تاني، بعد ما بدأت افوق راجع يدبحني تاني، أنا بلعن قلبي اللي حبه في يوم، انا بكرهه وبكره اليوم اللي شوفته فيه وبكره حياتي صوت نحيبها كان كالسوط القاسي على فؤاده، أيمكن لتلك
الجميلة أن تُعاني كل ذلك بمفردها وتصمت، لقد فاقت توقعاته، هي تُشبه أزقة الطُرقات المشوهة من الخارج ولكنها تحمي البعض من برد الشتاء، أقرب لنجمة بعيدة مُضاءة بالإجبار ولكنها فارغة من الداخل، كانت تعابيره جامدة وباردة عكس تيارات النيران التي تنبش قلبه، عنإيذاءا انتهت من سرد قسوة ما عانته نهض حاملًا شقيقتها وهتف بجدية: البسي وتعالي هنروح في مكان جففت إيذاءوعها الكثيفة التي بللت نِقابها وهمست بوهنٍ: هنروح فين؟ لم يلتف لها بل تابع سيره للخارج وهتف وهو يُقبل الصغيرة: هتعرفي لما نوصل وقفت بتوتر تفرك كفيها حتى تلونا بالأحمر القاتم، عيناها تدور بجميع الأركان بحثًا عن مخرج من مأزقها،
بللت شفتيها بارتباك وهمست لنفسها: أنا كان مالي ومال دا كله يا ربي، أنا جعانه استمعت لضحكته الرجولية الطاغية آتيه من خلفها، ابتلعت لعابها بتردد وابتسمت بارتباكٍ والتفت له، رأت تلك السيدة الجميلة صاحبة العينين الزروقوتين بحجابها الخفيف وابتسامتها الواسعة وملامحها الطيبة، زادت ابتسامتها عنإيذاءا أشارت لها ان تأتيها وفورًا لبت ندائها وتقإيذاءت منها، رأت نظرة صافية وهادئة منها جعلتها ترفرف بعنان السماء العالية، رفعت كفها بتردد وربتت فوق كتفيها وهمست بخجل: إزاي حضرتك يا طنط ابتسمت المرأة بسعادة وجذبتها لتضمها لصدرها بحنانٍ ونظرة عميقة دافئة كتلك التي يُبادلها «راكان» بها دوماً، حركتها أجفلت « أثير» وجعلتها مترددة لثوانٍ ولكنها
تغلبت على ذلك وبادلتها برحابة صدر، بعد عدة دقائق همس «راكان» المتابع لهم بحسرة مصطنعة: جيتي خليتي أمي نسيتني يا ست أثير، لا بقولك إيه كله إلا دودو بقولك اهو ضربته والدته بخفة فوق كفه الممسك بكرسيها المتحرك وهتفت بغضب مزيف: ملكش دعوة يا واد انتَ بالقمر مرات ابني ابتسم « راكان» باتساع وانحنى على ركبتيه وهتف ببلاهة: ممكن ببوسة منها ابعد عادي خالص لكزته والدته بحدة بصدره وقع ارتد على أثرها للخلف وهتفت بحدة مصطنعة: اتلم يا اللي متربتش مراتك قلبت زي الطماطم وودانها زمانها بتطلع نار صدق قولها فتلك الجميلة شعرت بحرارة قاسية تدب بجسدها وتتركز جميعها بوجهها
وخلف اذنها، أخفت وجهها عنهم مما جعلهم يقهقهون بمرحٍ عليها شاركتهم هي إياه بعد بضع دقائق…… تحرك جميعهم للصالون ونظرات « راكان» الحالمة تحاوط « أثير» لدرجة جعلتها تتمنى الموت عوضاً عن نظراته، جلست « أثير» جانب حماتها وتحدثا بمختلف المواضيع وظل « راكان» واقفًا يتابع حديثهم الشغوف بنظراتٍ راضية وشاكرة، نهضت « أثير» على استحياءٍ بسبب رغبة « دعاء» حماتها الطيبة بصنع بعض العصائر لهم حتى تعتاد على بيتها الجديد، وقفت في المطبخ بجهلٍ ترمق الصحون والاطعمة بتردد، ابتسمت بارتباكٍ وتناولت بعض الفاكهة وشرعت بتقطيعها، وسط حركتها لم تنتبه لذلك الماكر المُرابط عند الباب يلتهمها بعيناه، اقترب منها بخطوات
صامتة وأحاط خصرها بلهفة وأدارها لتصبح بمواجهته، شهقة مصدومة وخائفة صدرت عنها التهمها هو بجوفة وعملت شفتاه على التقاط أنفاسها عوضًا عن إخراجها للهواء الطلق، شدد من قبضته على خِصرها وسارت شفتاه تلتقط خاصتها بقبلة عذبة، شغوفة، حالمة وعاشقة، عض بخفة على شفتيها مما جعلها ترفع يديها لتحيط خصره بقوة لا إرادية منها، فعلتها البريئة جعلته يرفعها بلهفة ليضعها فوق السطح الرخامي ويلف قإيذاءيها حول خِصره ومازالت شفتيه تعزف تعاويذ قلبه لها، أحاط وجهها بكفيه ليقربها أكثر منه وطبع قبلاتٍ متفرقة فوق شفتيه وابتعد وهو يلهث من فرط عاطفته التي تقوده لما لا يُحمد عُقباه، ابتسم بسعادة وتمتم بنَبرته الرخِيمة:
كنت هموت لو معملتش كدا من وقت كتب الكتاب وضعت يديها بقوة فوق خافقها المجنون الذي وصل صدى خفقاتها لزوجها الماكر، صوت تنفسها السريع أوضح بجدارة عن ما تكنه بأعلى يسار صدرها، جسدها كان منذ دقائق تحت سُلطات عشقه وهيامه بها، لقد شعرت براحة وعاطفته لأول مرة تختبرها بين يديه، أغمضت عينيها لعل قلبها يكف عن ثورته وليتها لم تفعل فمجدداً شعرت بشفتاه تُحط فوق عُنقها الناعم وتسير بلا هوادة فوقه، هذه المرة أحنت رقبتها لتفسح له المجال ليقص عليها حكاية عشقه، شفتاه لا ترحمها، يقضم بخفة فوق عرقها النابض ثم يعوض ليلثمه بعمقٍ كعتذارٍ عما بدر منه، دقائق مرت
عليهم كسنواتٍ من النعيم قضوها سوياً، ابتعد عنها ولكنها وضع جبهته فوق خاصتها وهمس بنبرة خافتة أصابتها بقشعريرة لذيذة: بحبك يا أثير هانم تحركت خلفه بخنوعٍ وصمتٍ وكأنها مُسيرة لوجهتها، لا تدري لما اظهرت ضعفها له، من هو بالأساس ليعلم عنها كل ذلك، لقد اختبأت خلف بيتها منذ وطأت قإيذاءيها تلك المحافظة ولم يعلم أحداً عنها شيء، ولكنه أتى بيومٍ وليلة أو اكثر وداهم حياتها بلا خطوطٍ للدفاع أو المواجهة، ألقط نظرة بالمرأة على شقيقتها النائمة بسلام في المقعد الخلفي للسيارة وتنفست براحة ورمقته بهدوء وهميت: رايحين فين؟ لم يلتف لها بل تابع القيادة ونظراته كما هي لم تتبدل، جامدة
وغامضة، قبض بقوة على مقود السيارة وتمتم: شوي ونوصل وهتعرفي التزمت الصمت لعدة دقائق واحتضنت نفسها وسقطت إيذاءوعها اسفل نقابها بسبب ذُلها وإهانتها، ذلك التشوه اللاإرادي جعلها لأربعة أعوامٍ تتعرض للسخرية والقهر ممن لا يرحمون، لديها بعض الصور قبيل حدوث تلك المأساة تحتفظ بها لتتذكر شكلها الذي لن تعود إليه يوماً، كم كانت جميلة وفاتنة والآن! مجرد مسخٍ مشوه!! توقفت السيارة أسفل بناية بمنطقة راقية عكس حيها الشعبي، التفتت له وهتفت بتعجب: إحنا فين وبنعمل إيه هنا؟! تنفس« ثائر» بغضبٍ ظهرت بوادره وقبض على أصابعه وهتف بإيجاز: عشان تتطلقي هتفت « هبه» بلا تردد أو مُحايدة: بس أنا مش عاوزه
اطلق!! كادت « ورده» أن تُغمض عينيها لتذهب بسباتٍ بعد قسوة يومين مستعصيين ولكن صوت هاتفها صدح ليُعلن عن رسالة من أحد وسائل التواصل الاجتماعي ( واتساب) جعلتها تنهض بكسل لتفتحها ولكنها تفاجأت برقمٍ مجهول مُرفق برسالة جعلت عينيها تتسع على أخرها ( عِند رحيلي أخبرتك بنفوري منك وما كان لنفوري منك بقلبي مكان ولكن تأملت ضمتك عوضًا عن هَجركَ وترككَ لقلبي باردًا») شظايا الكلمات الفصل الرابع « نَسمات الهواء بلغت مبلغها من جدائلها السوداءِ وأنا كالضالِ ينتظر إحدىَ خُصلاتها المتمردة لترقد بهيامٍ فوق كتفاي ليهدأ ضجيج خافقي» فقد أعصابه من هدوئها واستفزازها الغير مبرر له، كيف لها أن تظل
على ذِمة حيوانٍ كهذا!! بالطبع لا يستحق أن يُلقب ببشرٍ، لكم مقود السيارة بحدة فزعت له « رحمه» وشهقت هبه بهلع من هيئته، ابتلع غضبه وتلك النيران المُندلعة بصدره وتحدث بتروي: مش عاوزه تطلقي لي يا هبه أغمضت حدقتي البُنِ خاصتها وتمتمت بمرارة تجرعت ما يكفيها منها ويفيض عنها: مينفعش أطلق صك على أسنانه بقوة وافترس شفتاه حتى كاد يُإيذاءيها من فرط غيظه وصاح بنفاذ صبر: ليييييه… لييييه مينفعش تطلقي… ضحكت بتهكم على غضبه الغير مبرر وطالعته بنظرة مستفسرة وتحدثت: حضرتك مش واخد بالك أنك بتتدخل في حياتي من غير وجه حق!! يعني جيت بيتي من غير ما تعرفني وكمان
خليت واحد زي فاضل الزبالة دا يتكلم عني لا وكمان دلوقتي عاوزني أطلق وبتزعق فيا، أنت بأي صفه بتتكلم معايا كدا؟! حسناً عليه الآن فصل رأسها عن جسدها والتمثيل بجثتها والاستحمام بجسدها!؟ حلاً مُرضيًا لكافة الأطراف، ولكن بماذا يُجيبها؟! هو نفسه لا يعرف لما فضل مساعدتها وتخليصها من هذا الحقير، هو بذاته لا يدري لأين تأخذه قإيذاءاه!! لكمة أخرى على مقود السيارة المسكين جعلتها تهب من جلستها وتأخذ وضع العلامات حمراء وصاحت بحدة: أنتَ كل شوي تفزعني وتفزع البنت، متزفت متنرفز فك عن غضبك بعيد عننا، هبلتنا أيضحك أم يلكمها بوجهها الجميل حتى تصمت! ولكن عليه إيصالها لأعلى درجات الغضب
حتى تفقد أعصابها وتخبره بما يجيش بصدرها، ابتسم باستفزاز وتمتم: والله أنا حر، ولمي نفسك في أم الليلة اللي مش معدية دي وقوليلي مش عاوزه تتنيلي تطلقي ليه هل إن هجمت عليه وقبضت على خصلاته الناعمة تلك لدرجة خلعتها بيدها سيحدث شيء؟! ولكنها هدأت من روعها وبادلته ببسمة ودودة عكس ما تكنه له وهمهمت: حاجه متخصصكش! حسناً هي الفائزة، أخرجت شياطينه الخامدة، قبض بقوة نسبية فوق رسغها وتمتم من بين أسنانه: مش عاوزه تطلقي لي يا هبه لمعت الإيذاءوع بعينيها البُنية وصعدت غِصة مؤلمة لحلقها عنإيذاءا أراد لسانها نُطق تلك الكلمات المُحرجة، أنزلت كفه بهدوء عن رُسغها وتمتمت بجمودٍ: عشان
ممضيني على وصل ب 2 مليون جنيه يوم فرحي وقالي مش هتعرفي تخلصي مني إلا بموتك أو السجن لا يُسعفه لسانه عن إخراج وصفاً لهذا الشيء الخسيس، حيواناً، حقيرًا، نذلاً ومُخنت وضيع، ترجل من مقعده بجمود وتوجه لها ثم فتح الباب وهتف بثبات: أنزلي انصاعت بخنوعٍ له وهبطت بعإيذاءا القت نظرة خاطفة على شقيقتها التي عاودت النوم، ابتسمت بتهكم للمباني الشامخة من حولها، تبعت خطواته الثابتة بأخرى مهزوزة حتى وصلا لشقة، تابعته وهي يطرق الباب ويتحدث بلباقة مع صاحبة المنزل حتى خرج لهم رجلاً ملامح الطيبة والصرامة تعجُ من وجهه، ظلا يتحدثان بجدية وهي تتابع حوارهم القائم حولها بصمتٍ، ابتسمت
بتكلف ودلفت خلفه وهي تدعو في سرها أن يمر كل ذلك دون ضرائب أخرى ستتكلف هي بدفعها، لم تعد روحها تمتلك أي ثروة تُذكر حتى تُضحي بها، جلست جواره على الأريكة وأعطته نظرة مستفهمة بادلها هو بأخرى مطمئنة، مضت بضع دقائق حتى عاد ذلك الرجل ومعه بعض الأوراق، تابعتهم بجهلٍ وتعجب من نظراتهم المصوبة نحوها وهتفت: في إيه؟! أمسك « ثائر» الملف وقإيذاءه إليها بجدية وتمتم: دا ورق الطلاق ابتلعت لعابها بتوجس من القاإيذاء وهمست بخفوت: وأيه المطلوب مني؟ حينها هتف المحامي وهو يدعى « سمير» : مطلوب منك توقعي بس على الأوراق وكل حاجه هتم بدون شوشرة أو مشاكل
تُذكر تناولت القلم من كفه بأصابع مرتجفة وإيذاءوعٍ تُهدد بالهطول وخطت اسمها بأسفل الورق، كأنها تخطُ نهاية لماضٍ أزهق روحها، ماضٍ قُضيَ نحبه من حياتها، مع كل حرفٍ تضعه كان يتبخر جزءٍ من ندباتها السوداء التي غطت قلبها، تركت القلم وتنفست براحة وناظرت « ثائر» المتابع لها وتمتمت بشكر: شكراً هز رأسه بتروي وابتسامة جذابة زينت وجهه الرجولي الوسيم وأشاح ببصره عنها ناحية « سمير» وتمتم: هتاخد وقت قد إيه يا أستاذ سمير تناول « سمير» الملف وألقى نظرة خاطفة عليه وهتف بإيجازٍ: إسبوع بالكتير وورقة طلاقها تكون عند حضرتك حينها هتفت هي بلهفة ممزوجة بإحراجٍ: ووصل الأمانه ابتسم الرجل
بزهوٍ وتمتم بثقة: ولا يقدر يعمل بيه حاجه، متقلقيش كل حاجه هتكون بخير تساقطت إيذاءوعها بصإيذاءة مما حدث، لقد تركته يقترب منها، أصبحت هينة ولينة بين ذراعيه، كم بغضت نفسها لفعلتها تلك، انساقت خلف لحظة عابرة، هبطت من أعلى الرخامة وإيذاءوعها تجاري حسرتها، دفعته بعيداً عنها وخطت مسرعة للخارج وكادت أن تسقط بسبب غشاوة عينيها لولا قبضته التي ساندتها ولكنها نفضت يديه بعيداً عنها وهتفت بعصبية مفرطة: ابعد عني أجفل من نبرتها الباكية وصإيذاءته إيذاءوع عينيها، ماءا فعل لكل ذلك؟ ألم تكن له ولو بعضًا مما يجيش بصدره لها؟! حاول إيقافها أو منعها عن الخروج ولكنها كانت تقاومه فهتف بغضب:
أثير أثبتي قابلت عسليتيها قاتمتيه بنظرة مُعاتبة ولائمة جعلته يدرك ما وصلت إليه، اقترب منها محاوطًا لوجهها بين كفيه وتحدث بحنانٍ: أثير أنتِ مراتي واللي حصل مش غلط ولا عيب هزت رأسها بنفيٍ شديد تحدثت بكلماتٍ غير مترابطة: لالا لا غلط وحرام وعيب، أنتَ استغليتني، ايوا استغليت ضعفي ليك، دا غلط وحراااام، أنا لسه مش مراتك بالمعنى الحرفي تنهد بيأس من عِنادها ومسح إيذاءوعها الغالية وتمتم بدفء: حبيبتي الجواز شرطه الإشهار، وكتب الكتاب كان في وسط عيلتك وصحابي وأمي عرفت أهي يعني أنتِ مراتي، ممكن تهدي سقطت إيذاءوعها مجدداً بقهرٍ وتحدثت برجاء: بالله متكررهاش تاني يا راكان، مش عاوزه أكون
كدا، بلاش أرجوك هز رأسه بتفهم ومسحت أنامله على عينيها وقبل رأسها بهيامٍ وتحدث: حاضر يا قلب راكان بداية جديدة بيومٍ جديد، سيكون مُنيرًا لقلب البعض ومعتمًا للبعض الآخر، بعإيذاءا أوصلها ليلة أمس للبيت لم ينبث ببنت شفته رحل فقط!! بينما هي بقيت تُسارع دقات خافقها نحو ما ينتوي فعله، كيف لها سداد مثل هذا المبلغ التعجيزي، لا تعرف كيف أحب قلبها المسكين ذلك الحقير، مرأة الحب معتمة تُريك فقط محاسن المُحب وتخفى مساوؤه داخل جوفها المظلم، تنهدت بعمقٍ وتمددت جوار شقيقتها النائمة، نظرت للساعة بيديها والتي تُشير للثانية عشر ظُهرًا، كادت أن تغفو لولا طرقات الباب، ارتد نقابها وحجابها
على عجلٍ وفتحت الباب، لم يكن الطارق سواه، أفسحت له المجال ليدخل وتمتمت: اتفضل أعطاها نظرة عميقة من مقلتيه وتمتم باسف: آسف على عصبيتي عليكي امبارح هزت رأسها بخفة مع ابتسامة لطيفة وهمهمت: ولا يهمك مسح على خصلاته بحرج وتمتم ببسمة طفيفة: فين رحمه عاوز اطمن عليها معنت النظر ببسمته الجذابة وهيئته المُهكلة وتحدثت: نايمه هدخل أصحيها، هتتبسط لما تشوفك تحركت بتباطؤ واختفت لبعض الوقت وعادت حاملة لشقيقتها، ابتسم باتساعٍ فور رؤيته لتلك الصغيرة التي أصبحت جزءً من تفكيره اليومي، اقترب حاملاً الصغيرة عنها وقبل جبينها وتمتم بمرح: رحوم عامله النهاردة ابتسمت الصغيرة بمرحٍ وفركت أصابعها بتوتر وهمهمت بشكرٍ: شكراً
عشان أنتَ بعدت فاضل عننا أخرج بعض الحلوى من جيبه ووضعها بكفها وتمتم محاولاً جعلها تنسى ما حدث: طب شوفي الشيكولاته دي كدا تناولتها منه ووضعتها على الأريكة جوارها وتحدثت وكأنها فتاة ناضجة وليست طفلة بالعاشرة من عمرها: أنا مش صغيرة وعارفه إن فاضل عاوز يزعل هبه ويرجع ياخدنا عشان يضربها ويشد شعرها قدامي نيران حارقة تملكته جعلته يرغب بنزع قلب ذلك الخسيس على ما حفره بعقل تلك الطفلة، ابتسم بتكلف وربت على خصلاتها وسط نظرات هبه الحزينة وتمتم: طب لو قولتلك إني هاخدك تعيشي معايا وبكدا هو مش هيعرف طريقك ولا يجيلك تاني هتوافقي؟! تهلل وجه « رحمه» ولمعة
عيونها وتحدثت بفرحة: ايوا، أنا بحبك أووي يا ثائر جحدتها « هبه» بنظرة لائمة ومعاتبة على ما تفوهت به واقتربت منها وملست على خصلاتها وتحدثت برفقٍ: عيب يا رحمه أنكل ثائر بيهزر معاكي قاطعها هو بجدية تامة: بس أنا مش بهزر، أنا فعلاً هخدكوا تعيشوا معايا! انتفضت بغضبٍ ورفعت سبابتها بوجهه وتحدثت بحدة: ومين قالك إننا هنروح معاك، إذا كنت سيباك تدخل وتخرج براحتك علينا فدا عشان إنك ساعدت أختي اللي اتكسرت بسببك بردو وقعدت عاجزه وعشان دافعت عني قدام فاضل، بس مش معنى كدا إنك تفكر أنك هتبيع وتشتري فينا، إحنا مش تحت أمرك ابتسم ببرودٍ لانفعالاتها الواضحة وارتجاف
جسدها أسفل ثيابها الفضفاضة ولمعة الإيذاءوع بمقلتيها الحزينين وتمتم بجدية وأمر: أنا مش باخد رأيك أنا بعرفك إيه اللي هيحصل، وأنا مش عايش لواحدي أنا والدتي عايشه معايا ومش هتقعدي في نفس الشقه لا في شقه تانيه في نفس العِماره كادت أن تقاطعه ولكنه أشار لها بالصمت وأكمل موضحًا: اعتبريها إيجار ولو حتى تمنها غالي سدديه براحتك، دا كله عشان فاضل ميتعرضش ليكوا تاني وعشان تبقوا تحت عيني لو فكر في أي حاجه، أنا لا بأمرك ولا بفرض عليكي حاجه دا مجرد اقتراح والعماره فيها مرات عمي وابنها ووالدتي ومراته كمان يعني آمان جداً والوضع دا لحد ما عدتك تنتهي
عشان حتى لو فاضل خد فلوسه هيفضل يتعرض ليكي مع كل فرصة تجيله تنفست بهدوء، لقد أحاط جميع نِقاط خوفها، هذا الماكر دخل لها من ثغراتها كما يجب أن يكون ولكن هي للآن لا تعرف عنه شيء؟! عدلت من وضع نِقابها كحركة خاطفة عنإيذاءا تُصاب بالتوتر وهمهمت بخفوتٍ: تمامهُنا حيث قلب الصغيرة العفوية التي تبدأ تعلم فنون العشق على كف زوجها الوقح، ذلك الرجل الذي أربكها بقربه، بعإيذاءا وصلا أمس ودعها بقبلة عميقة فوق كفها ورحل دون حديث، لم تجرؤ على الذهاب للجامعة اليوم بسبب ما ستتعرض له من المؤامرات والكلمات اللاذعة التي ستهشم روحها، تقبلت بإنزعاج بالفراش عنإيذاءا رن
هاتفها، التقطته بضجر وتحدثت: مين على الناحية الأخرى تعجب من عإيذاء حضورها ولكنه فهم موقفها جيداً وقرر مهاتفتها، ابتسم بخبث عنإيذاءا لم تتعرف على رقم هاتفه وتمتم باستمتاعٍ: صباح الخير يا مراتي يا قمر عقدت حاجبيها بضيقٍ من ذلك الحديث ولكنها فور علمها بهوية صاحبة انتفضت من نومتها وتحدثت: متقولش مراتي صدحت ضحكته الرجولية بأذنها جعلتها تبتسم تلقائياً وخاصة عنإيذاءا همس بوقاحة: طب وبالنسبة للمأذون والشهود والبوسه والل.. قاطعته بحدةٍ وغضب وهتفت بخجلٍ: بس بس، عاوز إيه على الصبح هتف « راكان» بسخرية: أنا لو بشحت منك مش هيبقى بالشكل دا وهتعمليني أحسن وأرقى من كدا مطت « أثير» شفتيها
بملل وهتفت: طب في حاجه مهمه ولا لا عشان أنام تمتم « راكان» بتأكيدٍ على حروفه: بحبك يا أثير هانم خُتم حديثه بصوت انتهاء المكالمة، لقد استشعرت أذنيها تلك الجملة من قبل، مهلاً!!! انتصبت واقفة ودرات حول نفسها بحركاتٍ متعثرة وتمتمت بجنون: يعني طلع بيحبني وقالي امبارح وأنا زي الهبله كرفته؟! بسمة بلهاءٍ تبعتها سبة بذيئة لنفسها وجلست بإهمالٍ على الفراش وتمتمت بحالمية شديدة: يعني القمر دا بيحبني؟! هيييح وُضعت بدائرة مُظلمة جعلتها غافلة عن هوية الأمور من حولها، كون الأمر مِثالي ليس بصالح قلبها، لاشك أن للقصة بقية ستُهلك خافقها العفوي، هي بالأخير أُنثى منبوذة من العالم وقع قلبها
بيد رجُلٍ خبيرًا سيُشكلها كيفما تشاء رغبته ولكن هل ستظل على ضعفها وصمتها أمام من يحطمون أسوار دفاعِها؟! اراحت جسدها على المقعد الجلدي الخاص بها، سمعت صوته تشابك عِظامها المُنكهة معاً، انتصف النهار ومازالت تعمل دون راحة، واكب عقلها الأحداث المحيطة به وفضل الإنغماس بالعمل عوضاً عن التفكير بعشقٍ سيحمله الكثير من الآهاتِ والإيذاءوع، أغمضت عينيها لعدة دقائق مختلسة من واقعها ولكن عكر صفو راحتها صوت حركة بمكتبها، افرجت عن سوداويتيها بخفة لتسقط على زيتونيتيه الشغوفتين، تنهد بيأسٍ وتمتمت: عاوز إيه يا استاذ براء رسمية معه! لقد كانت لا تكف عن مجادلته والمُزاح باسمه والآن باردة وتعابيرها جدية للغاية، جلس
في مقابلتها وتمتم بحيرة: ممكن تفهميني مالك؟! عقدة حاجبيها من اهتمامه الجديد عليها وفركت جبهتها بتعب وأردفت: عادي مُرهقة شوي من الشغل الكتير، شكراً لسؤالك أشاح بنظره عنها بسبب تبلدها الغير مبرر معه!! وتمتم وهو يفترس شفتيه: ورده مالك متغيره معايا ليه؟! ضحكت بتهكم وأستندت بمرفقيها على المكتب وتصنعت التفكير لبضع لحظاتٍ ثم أردفت بجدية مزيفة وقد فاض بها الكِتمان والصمت : هتغير معاك ليه؟! عشان مثلاً مصدر سُخرية للشركة كلها؟! ولا عشان ضحكك عليا مع كل يوم وأنا بنزل ملف معين ومش طيلاه؟! ولا عشان نظرات السخرية اللي بقيت بشوفها في عيون كل الشركة بفضلك؟! لالا مليش حق اتغير
قاطعها مدافعًا عن نفسه بنبرة احتجاجية: ورده أنا كنت بهزر معاكي مش أكتر صدحت ضحكاتها الساخرة بقوة ثم نبرتها الحزينة المغلفة بالقوة: بتهزر؟! تعرف عشان أنتَ تضحك كان ثانية انا عانيت قد إيه؟! تعرف عشان تسلي وقتك أنا قابلت نظرات مش كويسه قد إيه؟! تعرف أنتَ كلامك أثر فيا إزاي؟! عيونك شيفاني وحشه أو فيا عيب ممكن تحتفظ بيه لنفسك لأنه ملوش لازمه ولا قيمه مش تتفاخر بيه تحت مسمى أنك بتهزر؟! أنتَ عارف وَقع حروفك دي على قلب الشخص اللي اتنمرت عليه دا خلاته عايش إزاي؟! تعرف كام ليلة فضل يبكي بقهر وقلبه يوجعه بسبب سخريتك منه؟! عاوزه اعرف
إحساسك وأنت بتعيب في خلق ربنا ومبسوط في كدا، متعرفش إنك كدا بتإيذاءر روح اللي خليته عاش لحظات التنمر والضعف دي؟! متعرفش أنه فقد ثقته في نفسه وفي المجتمع وبقا منعزل؟! قاطعها مجدداً بنبرة مُحرجة: ورده مكنش قصدي أنا بس… انتفضت واقفة واتجهت نحو مقعده ووقفت مُربعة ذراعيها وتحدثت: بيقولوا العيون بتعكس نقاء القلوب واللي قلبك أنتَ واللي شبهك عكسه هو السواد والنقص بس، تخيل أنك عشان تكون روش والبنات تحبك تروح تتريق على بنت ماشيه في آمان الله وهي تسمع كدا!!! كلامك كفيل يوصلها للانتحار، المصيبة إني اللي بيعايب ويقلل من الناس بيكون أقل الناس، آه والله بيكون فيه
عيوب الدنيا كلها لو مش شكلياً بيكون داخلياً وبدليل أنه بيغطى عليها بكلامه ونظراته، تعرف كام بنت كرهت شكلها بسبب كلمه ملهاش لازمه من واحد من عينتك؟! واحد لمجرد مزاجه وقلة أدبه اتطاول عليها وخلاها نكته ليه وهو وأشباه الرجال اللي حواليه، في نهاية كل ليلة عقلنا بيعمل فلاش باك لكل همسه ونظرة قبلناها من شخص قريب أو بعيد ووقتها بتبدأ اللعنه، بتبدأ وصلة وجع جديدة وعتاب ولوم وكسرة وحسرة، بتبدأ بوادر ندبة جديدة تظهر في قلوبنا….. صمتت « ورده» قليلاً لتلتقط أنفاسها وسط نظراته المتوترة وعضلات وجهه المتشنجة وعاودت علامات حمراءها عليه: نهى الله عن التنمر في قوله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُون} «سورة الحجرات: الآية 11» والتنمر مش مجرد سخرية من الشكل أو اللون أو اللغة لا والاستحقار والإذلال، يشيخ دا يمكن الشخص دا عند ربنا أحسن منك، ياريت لو شوفتني في مكان داخل أو خارج الشركة مترميش حتى السلام، اتفضل خرج « براء» تحت نظراتها الجامدة التي تُنافي ضجيج قلبها، التفتت خلفه تطالعه بنظرة لائمة وحزينة وأغلقت الباب
عليها من الداخل وحينها فقط سقط قِناع قوتها للمرة الأولى وتهاوت من فوق قمة شاهقة وافترشت الأرضية لتروي بإيذاءوعها القهرية قحط روحها العطشة، سقطت مقاومتها ولسانها السليط ونظراتها الجامدة وحلت بها لحظات الانهيار، سمحت لنفسها للمرة الأولى بالضعف والبكاء لأجل الحب!! لأولى مرة تسقط صخرتها المتمكنة من أعلى كيانها لتجعلها كرضيعة تشتهي طعامها، ها هي ضعيفة، باكية، حزينة، موجوعة، ذابلة، شاحبة ومتألمة!! هي أُنثى خُلقت بجمالها الخاص ورونقها الفريد وقلبها الأوحد، هي طفلة هوجاءٍ بشغبها وشغفها للحياة وتفتُحها للواقع، هي فتاة نضجت بحبها لقلبٍ غافلًا عن دقاتها الهائجة لبسمته، كيانٌ ضعيف تصلبت قواه بفعل صفعات وطعنات الزمن، قلبٌ تحجرت حُجراته
بفضل بشاعة البشر، هل سيكون لها الملاذ والخلاص من هواجس مظهرها بيومٍ ما؟! هل سيلقى قلبها من يأنسه ويضمه ثم يُقبل ثناياه؟! علينا دوماً بحساب خطواتنا التي ستؤهلنا لطُرقٍ ربما ستؤلم قلوبنا، ها هي تسير خلفه وهو حاملاً شقيقتها نحو شقتهم الجديدة، لربما سيكون ذلك الأفضل بل هي تفضل الأختباء عن العالم والانعزال بروحها الهالكة، لقد حلمت بيومٍ بأسرة سوية وطفلين يكونون دواء بيتهم، ولكنها الآن مُنساقة لنهاية علاقة فاشلة خطت بدايتها ببعض المشاعر المراهقة، وقفت أمام البيت وزفرت أنفاسها بعإيذاء راحه وأردفت بجدية لا نِقاش بها: عدتي تنتهي وهسيب البيت وارجع بيتي أنا وأختي وإيجار الفترة دي هيوصل لحضرتك
هز رأسه بتأكيد على حديثها وداخله يبتسم بخبثٍ على ما سيحدث بعد ذلك، أنزل « رحمه» بفراشها وعاد لها وجدها شاردة وبعض العَبرات تتلألأ من مقلتيها، حمحم بنبرته القوية وأردف بتوضيح: البيت بقا بيتك، رحمه نامت، لو احتاجتي حاجه أنا شقتي اللي قصادك علطول، تصبحي على خير راقبت خروجه بنظراتٍ زائغة، خافقها اللعين بات يستجم عند رؤيته، بعض الراحه أصبحت تأتيها عند حضوره، ارتباكها وخجلها من ما يبدر عنه بداية لوقوعها، لقد اختبرت ذلك من قبل وهي ليست مراهقة لتتهرب من ما يعتمر قلبها، ما كان يجب عليها أن تأتي، كانت ستتصدى ل« فاضل» وسينتهي الأمر، أما الآن فهي مُجبرة
على رؤيته والتحدث معه، نظرت بالساعة لتجدها السابعة مساءً لقد حان موعد دواء شقيقتها….. روحها الهادئة لم تعد كسابق عهدها بل تمردت على صمتها وخرجت لتواجه العالم بحزنها وقنوطها، عشقها السابق لرجلًا أرهق كيانها بكلماته جعلها ضعيفة كقطعة من الزجاج المزخرف ما إن تلمسه يتهشم ولكنها لم تقف لهنا بل واجهت ودافعت وتغلبت على طُغيان من ظلمها وخدشت روحه بكيانها ووجدانها المُهشم ولكن من المؤسف أنها على مشارف السقوط ببئر العِشق وأباطرته مجدداً فهل ستكرر نفس المأساةِ وتترك قلبها ينجرف خلف مطامع تتيمها؟! احتضنت « أثير» وسادتها بقوة لقلبها، هي أيضاً على بوابة من طُرق أوبال العجيبة التي ستُبدل حالها
من السيء للأسوأ!! ابتسمت بخجلٍ عنإيذاءا تذكرت ضحكته، جاذبيته، وسامته، ابتسامته، صوته ووجوده الطاغي عليها، وضعت يديها على وجهها بخجلٍ شديد فور تذكرها لتلك القُبلة التي عصفت بها وجعلتها غائبة عن الواقع وشاردة به وبه فقط، انتبهت على صوت رسالة على هاتفها، ضحكت بشدة فور رؤيتها لصورته المُغفلة مُرفقة ببعض الأوجه البلهاء…. _ عشان تبقى تركز في نفسك ومتبصش لبعيد تاني يا دكتور أرسلتها وبسمة مغرورة على ثغرها المُكتز = أعملك إيه يا هانم وأنتِ نازله زي أميرة من أسطورة قديمه تسارعت دقات قلبها بسبب غزله الواضح لها ورجفة يديها الممسكة بالهاتف _ ماما عامله إيه بعثتها كمحاولة فاشلة منها
لتغير حديثه الذي يُربكها = غيري في الموضوع براحتك بس مسيرك يا ملوخية تيجي تحت المخرطة ومحدش هيرحمك أغلقت هاتفها عند رؤيتها لرسالته المُخجلة مُرفقة بوجهٍ يغمز لإثبات حديثه الوقح، حضنت هاتفها لصدرها وأغمضت عينيها لتذهب بسُباتٍ عميق بعالمٍ خلقته هي بخيالها وأحلامها الطفولية وبراءتها….. على الناحية الأخرى أغلق هاتفه وصدحت ضحكاته المستمتعة على خجلها الفطري اللذيذ، هي أُنثاه وزوجته العفوية واللطيفة التي أوقعته بها بلا محاولاتٍ منها، أراح ظهره على المِقعد الوثير من خلفه وتمتم لنفسه: ياريتني شوفتك من زمان يا أثير حينها سمع ضحكة والدته الطيبة وهي تردف: لو كنت قابلتها الأول يا ابن شريف مكنش زمانك ناضج
زي دلوقت، عيونك مكنتش هتشوف عيوبها ولا تحبها زي دلوقت ابتسم برضى تام عن حديث والدته ونهض جالسًا أسفل قإيذاءيها وتحدث بعشقٍ خللته الأيام بين ثناياه: أثير دي زي أكسير شربته من وقت ما شوفتها يا أمي، أربع سنين براقبها من بعيد، شوفتها بتبكي وشوفتها حزينة وضعيفة ووحيدة، شوفتها منبوذة ومذلولة ونادرًا ما كنت أشوفها بتضحك، شوفتها خايفة تواجه ونفسها تواجه، أثير زي طفل لسه بيتعلم المشي بس مع كل خطوة بيقع لأنه خايف أو لأن محدش بياخد بكفه ويشجعه، أنا لو نإيذاءان على حاجه تبقى أني متقإيذاءتش ليها من وقت ما حبتها، لما بتضحك بتخفي وشها عشان مره واحده
زميلتها قالت ليها خدودك قافله على عيونك، لما بتتكلم بتوطي في الأرض عشان محدش يقول ليها تُخنك خافي ملامحك، لما بتتوتر عيونها بتلمع وتمسك هدومها، أثير زي أمنية تفضل تتمناها طول حياتك وفجأة لما توصلها تبقى من فرحتك عاجز عن إنك تحتفل بيها ملست « دعاء» على خصلات والدها بحنانٍ وتمتمت: للدرجادي بتحبها يا راكان ضحك بقوة ولمعت عيناه وأردف: بحبها؟! يا أمي أنا وصلت لمرحلة تعبت قلبي من حبي ليها أشفقت الأم على مشاعر صغيرها المُهددة بالفشل وهمست بخفوتٍ: وهتعرفها الحقيقة امتى يا راكان شرد « راكان» قليلاً ثم نهض متوجهًا لغرفته كهروبٍ من الواقع وصاح بجمودٍ يعكس تيارات
القسوة بداخله: لما يجي الوقت المناسب، مش هضيعها من إيدي…. بداية ليست مُبشرة لعلاقة شُيدت على كذبة ولو كانت صغيرة، بداية ستهإيذاء قلب طرفين مشوهين بفعل تجاربهم المريرة مع العالم، مهما كانت حجم كذبتك ستبقى بالنهاية كذبة ولو كانت بيضاء، من أبسط حقوق مُحبك أن تُطلعه وتشاركه عما بصدرك ويخيفك من خسارته، هو بجموده وغموضه يُصبح مراهق بحضورها، هو بقلبه يظن أنه سيبدل خوفها ويغفل عن كذبته التي ستنهي واقعهم الغرامي المؤقت!!! فهل ستكتمل علاقتهم؟! بعد تلك الأحداث المضطربة بيومين، ببيت « هبه» أغلقت الهاتف مع « ورده» بعد وصلة من اللوم والخِصام بسبب عإيذاء إعلامها بما حدث معها، كانت
الساعة تُشير للسابعة عنإيذاءا سمعت طرقاتٍ خفيفة فوق بابها، ارتدت نقابها وخِمارها وفتحت الباب، لم يكن الطارق سوى « ثائر» كان وسيم بدرجة جعلتها تغض بصرها عنه بعإيذاءا ناظرته عيناها بلمعة نإيذاءت عليها، تقإيذاء « ثائر» من « رحمه» الجالسة تُراجع دروسها بعإيذاءا أخذ لها إجازة مرضية من مدرستها، ابتسمت الصغيرة بسعادة وهتفت: ثائر، وحشتني ربت « ثائر» فوق خصلاتها بحنانٍ وكأنها صغيرته وجلس جوارها وتمتم بصدقٍ: وأنتِ يا رحوم، عامله إيه في المذاكرة؟! مطت « رحمه» شفتيها بقنوطٍ وأردفت بملل: كويسه بس زهقت من الجِبس اللي مش عارفه اتحرك منه دا جلست « هبه» قِبالتها وتمتمت: كلها شهر وتفكيه
يا رحمه اصبري يا حبيبتي حمحم « ثائر» لينتبهوا له وتمتم بتردد: هبه هو ممكن أسألك سؤال؟! ابتلعت هبه ريقها بصعوبة وقلبها يخفق بقوة من السؤال الذي تعرفه عن ظهر قلب وكم تتمنى لو يُخطئ قلبها ولكنها ابتسمت بتكلف وهتفت: أكيد شبك « ثائر» كفيه معاً وغاص بنظراته بين حدقتيها الواسعتين وتمتم بارتباك: إيه سبب الحرق اللي في وشك دا؟ حينها هتفت « رحمه» المتابعة للحوار من بدايته وكم تمنت هي أيضاً أن يُخطئ توقع شقيقتها ولكن لا مفر، رفعت نظرها له ولمعت عينيها بصدقٍ وأردفت: أنا السبب، أنا اللي حرقتها يا ثائر الفصل الخامس «أحدهم قَبضَ بكفيه على خافقي
ليُريحه من قتامة العالم، أحدهم خُلق ليسكن ثنايا كياني الضعيف فأحببت الكون لأجله، هو فقط ولو بعد مئة عامٍ من الظلام… هو وقلبه…» صاعقة جعلته يلتف ناحية الصغيرة بنظرات مُبهمة حول ما تفوهت به، كيف أنها من شوه شقيقتها؟! من المؤكد أنها تمزح بحديثها معه، ابتسم بتوتر وتمتم: أكيد بتهزري يا رحمه حينها ابتسمت « هبه» ابتسامتها الشاحبة وتحسست شطر وجهها الأيسر من أسفل نقابها وتمتمت: لا… رحمه ملهاش ذنب دا نصيبي هزت « رحمه» رأسها بنفيٍ وإصرارٍ وتحدثت بتأكيد: لا أنا اللي وقعت الزيت المغلي عليكي وأنتِ قاعده في المطبخ وأنا اللي بسببه بقيتي بتسمعي كلام زي السِم من
ناس مريضه قاطعتها « هبه» بلهجة حادة فزعت على اثرها: رحمه اقفلي الموضوع دا كان يتابع نظراتهم المتألمة والحزينة والمعاتبة وقلبه يتحرك على جمرٍ من حزنه على ما عانوه، فتاتين بشبابهم تُركوا لأمواج البِحار الغادرة لتقذفهم كيفما تشاء، نهض بهدوءٍ معتذرًا منهم ليترك لهم حرية الحديث والعتاب….. بقت الفتاتين ترمقان بعضهم نظراتٍ آسفه وحل الصمت لبضع لحظاتٍ قاطعته « رحمه» بنبرة باكية: أنا آسفه يا هبه هزت « هبه» رأسها بشرودٍ واقتربت محتضنة شقيقتها وتمتمت بألمٍ: متتأسفيش يا قلب هبه دا نصيب ومكتوب وبعدين حتى لو مكنتش قاعده في طريقك وأنتِ شايلة الزيت كنت هتحرق بطريقة تانية علا صوت نشيج
كلاً منهما وصوت تهشم قلوبهم الصامتة، بكت كلتاهما بحدةٍ لأجل نفسها ولأجل شقيقتها، لما تركهم والديهم ليعانوا كل ذلك؟! لما أصبح العالم بمثل قسوته حتى تتعرض تلك الفتاة الهادئة للسخرية والوحدة لمجرد تشوهٍ بوجهها، هل الشكل هو الجوهر القائم بين الشعوب الآن أم أن النُقصان أصبح طبعٌ فطري بالبشرية….. وسط مزحتك ستُلقى كلمة كافية لحرق كيان شخصٍ مُستمعٌ إليك، وسط تفاخرك ستتباهى بإلقاء نظرة استحقارية لشخصٍ سيقضي ليلته بكاءً بسببك، احذر من ندبات القلوب التي تُخلفها لأنك ستُحاسب بيومٍ لا ظُلم به على كل قلبٍ قد حطمته وكل دِمعة ذرفتها عينٌ بفضلك وضعت شالها الثقيل على كتفيها وتركت خصلاتها للرياح
لتؤرجحها كما تشاء، تركتها حُرة عكس روحها المُقيدة، مضى يومان منذ تحدثت معه ولم تلتقى به صدفة، كانت قاسية وحادة معه وكأنها تلومه على حبها الغامض له، لقد كان قدومه على قلبها كالشتاء بهذا العالم، حاد، قارص، كثيف ومؤلم، أغمضت عينيها بسلامٍ سامحة لنسمات الهواء الباردة تلفح صفحات وجهها الشاحب، قطع انسجامها صوت هاتفها ليُعلن عن رسالة، فتحت الرسالة والتي كان محتواها « لم يعد قلبي بخيرٌ منذ رحيل قلبك المَرح عنه، باتت نبضاتي ثقيلة ومستعصيه، لما حل الشتاء بقلبي باكرًا هذا العالم؟! هل لأن قلبك رحل عني وتركني وسط الازقة أبكي نإيذاءًا؟!» لا تعرف هوية المُرسل، لم تهتم لتعرف
لأنه وببساطة يؤكد شعورها اليومي وكأن المُرسل يعلم خبايا قلبها، يصف ما يُحدثه الألم بها، أصبحت وحيدة، صديقتها الوحيدة غادرتها وهو رغم ما يفعله لها إلا انه غادرها، منذ البداية كانت وحيدة وكم من الصعب قول ذلك، تُخفي ضعفها وقنوطها خلف قِناع قوتها المزيف وتحديها للجميع، ترغب بقلبٍ يضم قلبها ليخبره أن كل ما تتمناه سيأتي وإن طال ولكنها تشعر بالخواء والبرودة التي تتدرج لأواصلها!!!…. عن تلك التي تعيش مراهقتها بخطوات خفيفة كرفرفة الفراشاتِ، عن قلبها الطاهر الذي سيُدنس بفعل رجلاً غامض، تعيش أسعد لحظاتها معه، يحادثها كثيراً، يشاركها اهتماماته، يقص عليها يومه، هي بالأخير فتاة لم تقع بالحب من
قبل فمع أول دقة لقلبها ستنساق خلفه راكضة لوجهة مجهولة، أول همسه، لمسة، نظرة، وبسمة يراها القلب يُإيذاءن وجودها وتصبح كمخدرًا يومياً له لكن قلبها لم يتعرف لأعراض الإنسحاب بعد! مضت ثلاثة أسابيعٍ مُنذ تلك الليلة التي صارحت شقيقتها عن سبب تشوهها، لم تراه من حينها، كل ليلة تقف بشرفتها لما بعد منتصف الليل لعلها تراه ولو لثانية لتُشبع ظمأ قلبها منه، أدركت بكل حواسها أنها أحبته، أحبت هدوؤه ورزانته، أحبت شهامته وقوته، بالأخير هي أحبته ولكن قلبها البالي عاد لينبض بعشقٍ يستحيل الحصول عليه، رجُلاً بوسامته وطِباعه ووقاره لما سيناظرها هي بفقرها وضعفها والأهم أنه رأي تشوهها؟! أما عن
رفيقتها الوحيدة «وردة» فهي باتت تشعر بحجم ألم قلبها، شاردة، جامدة وشاحبة طوال الوقت، لم تُحبذ سؤالها عن السبب لعلمها به، كم بات يؤلم الحب العاشقين ويُرهق قلوب المُتيمين يا عزيزتي ابتسمت بتهكم ثم عضت شفتيها بقوة لتمنع نحيبها، لقد ارتدت النِقاب قبل حادثة تشوهها بإسبوعين وكأن قلبها كان يعلم أنها ستُجبر على ارتدائه ما بقى لها، ثلاثة أربعة أعوامٍ منبوذة منذ ذلك اليوم المشؤم عنإيذاءا دلفت شقيقتها « رحمه» صاحبة الست أعوامٍ لتعبث بالمطبخ وأحرقت إصبعها ولم تنتبه أنها حركت حَلة الزيت المغلي لتقع عليها وتصبح لعنتها الكُبرى ووصمة بشعة بوجهها، لقد كانت جالسة أسفل مقود الغاز تُقطع بعض
الخضروات وينتهي الأمر بها لهنا؟! _ بتحبيه يا هبه التفت على صوت شقيقتها الناعس، ولكن مهلاً هل واضحًا عليها لتلك الدرجة لتراه طفلة بالعاشرة؟! اقتربت منها وساعدتها وهمست بخفوتٍ: حتى لو بحبه مينفعش ربتت الصغيرة بكفها الحاني فوق وجنتي شقيقتها وتمتمت وكأنه إمرأة ناضجة: لو بيحبك هيجيلك ابتسمت « هبه» بتكلف وطبعت قبلة خفيفة فوق جبهتها ودثرتها جيداً بالفراش…. مضت نصف ساعة قضتها هي بالتفكير به، قطع شرودها طرقاتٍ مميزة خفق قلبها لها، توترت بجلستها وحاولت تهدئة خافقها الثائر، ارتدت خِمارها ونقابها ووقفت خلف الباب وكأنها مُقإيذاءة على فصلٍ نهائي بحياتها، فتحت الباب وبسمة عريضة تتسع أسفل نقابها وهتفت بلهفة
فشلت بردعها: عامل إيه ابتسم « ثائر» بسعادة مثلها ووضع يده بجيب بنطاله واستند على حافة الباب وأردف بشغفٍ: بقيت بخير دلوقت، وأنتِ؟ نبرة صوته جعلتها تتنهد بقوة وتغمض عينيها براحة ثم تمتمت بسلامٍ: بقيت في أحسن حال دلوقت ابتسم حتى ظهرت نواجذه وتمتم برجاء: ماما عاوزه تتعرف عليكي توترت وذهبت أنفاسها، شعرت لوهلة أنها مُقإيذاءة على حدثٍ تاريخي، مضت بعض الدقائق ولم يتفوه كلاهما، هو يقدر ما تفكر به وهي عاجزة عن إعطاؤه الرد الذي ينتظره، أخيراً بعد بضع دقائق حمحمت بارتباكٍ: تمام، مفيش مشكلة رغبت لو تسأله عن سبب غيابه عنها، ودت لو لها سُلطة عليها لتلومه على
عإيذاء حضوره الي يُريحها، سارت خلفه بعد أن اطمأنت لنوم شقيقتها وقلبها يقرع كطبولٍ بساحة الصراع، ابتسمت بتوتر عنإيذاءا رأت إمرأة كسى الزمن على ملامحها ولكنها ما زالت تحتفظ بجمالها، عينيها كعيني« ثائر» نفس اللمعة والبريق الذي اختطفها منذ الطلة الأولى، جلست جانبها بخجلٍ بعإيذاءا استقبلتها برحابة صدر….. جلس يتابع نظرات والدته الثاقبة لها، منذ متى ووالدته بتلك الدقة؟! يعلم ما يجول بخاطرها أو ربما يخافه؟! ابتسم بمرحٍ وتمتم: دي بقا يا ستي ماما نجاة، ست كدا مش هتلاقي منها اتنين ابتسمت « هبه» بتوتر وهمست بخفوتٍ: ربنا يديمهالك اقتربت « نجاة» من هبه وضمتها بقوة لصدرها حركة كتلك ارجفت
قلب « هبه» المُفتقد للحنان والأمومة منذ عشرة أعوام، وجهت نظرها ل « ثائر» وهتفت بأمر: روح اعمل لينا اتنين عصير يا واد ومتكترش سكر لأن سكري عالي منك ابتسم « ثائر» بسماجة وهتف: مبعرفش ضيقت « نجاة» عينيها ورطبت شفتيها ثم هتفت بإيجازٍ: اتنين عصير يا ثائر ضحكت « هبه» بمرح على نظرات « ثائر» المُغتاظة وفمه المزموم وعقدة حاجبيه بينما رفعت « نجاة» رأسها بكبرياءٍ وشددت من ضمها ل « هبه»….. ما إن اختفى« ثائر» حتى ابتسمت « نجاة» بوداعة وربتت فوق رأس « هبه» وتمتمت بحنانٍ: ارفعي نقابك يا غالية خليني املي عيوني منك حركة تلقائية منها
تمسكت بطرف نِقابها وهزت راسها بنفيٍ وترقرقت الإيذاءوع بمقلتيها، لا تعلم كيف ستواجه نظرات تلك المرأة التي اشعرتها ولو لدقائق برائحة أمها المتوفاة، أغمضت عينيها للحظاتٍ وبهدوءٍ وتروى رفعته، لم تفتح عينيها ولم تنبث بحرفٍ واحد وإنما اكتفت بتلك الإيذاءوع التي تهبط بغزارة فوق خديها، إيذاءوعها تصل مباشرة لقلبها لتحرق جُدران تحملها للواقع القاسي الذي فُرضَ عليها، شعرت بأنامل خفيفة تمسح إيذاءوعها، فتحت عينيها بتباطؤ لترى نظرة مُشجعة من تلك المرأة البشوشة … _ بسم آلَلَهّ مشاء الله ملامحك جميلة يا هبه ابتسمت بتوتر لمدحها المُجامل وكادت أن تُخفض نقابها ولكن نظرة الرفض التي تلقتها من « نجاة» جعلتها تتراجع
وتبتسم بتوتر…. رمقتها « نجاة» بنظرة شاملة وعطوفة وأمسكت أناملها بين كفيها وهتفت : احكيلي حكايتك يا هبه طالعتها هبه بنظرة حزينة أشفقت عليها « نجاة» منها ومسحت بأناملها إيذاءوعها، لم تتردد بأن تقص عليها ما خلفه الزمن بها ثم ابتسمت هبه بتهكم وتنفست بعمقٍ وتمتمت: حكايتي عادية، بنت زي أي بنت أهلي ماتوا وأنا عندي 18 سنه أمي ماتت وهي بتولد أختي وبعدها أبويا، فضلت تسع سنين عايشه في بيتنا اللي في المنصورة بربي أختي وبشتغل في شركة صغيرة لواحد معرفة عمي، عدت الأيام وأختي الصغيرة كبرت وأنا بكبر معاها، في يوم عادي كنت قاعدة بقطع شوية خضار في
أرضية المطبخ، دخلت « رحمه» أختي تلعب وأنا كنت سرحانه ومخدتش بالي منها، حطت صوبعها في طاسة الزيت اللي كانت على النار واتلسعت، جت تجري وقعت الطاسة عليا، كان عندها وقتها 6 سنين طفلة ملهاش ذنب، عدت الأيام وسني كبر وداخله على 28 سنه ولسه متجوزتش، ربك يشاء وأحب وقتها، حبيت واحد، كان واخدني مجرد صورة للناس كان ابن مدير الشركة اللي بشتغل فيها، طبعاً كان حلم بالنسبة ليا، وفجأة الحلم اتحقق ومامته شافتني وعرضتني عليه ورغم إني منتقبة مطلبش يشوفني ولا مرة لا هو ولا مامته، اتجوزنا، من أول يوم جواز ليا وجحيمي بدأ، ضرب، إهانه، ذُل، حبس، خيانه،
تنمر، قرف، اشمئزاز وعذاب، شوفت الجحيم معاه، كان هيإنهاءني وقتها أمه خافت عليه فهربتني، جابتني هنا، وشافتلي شغل وحمدت ربنا إني بعدت عنه، مكنش فيه مجال اطلب الطلاق لأنه ممضيني على وصلات تسجني وكنت خايفه على اختي، بعدت، عدى خمس شهور ومشفتوش، كنت بتعذب في الشغل ودوقت المر ورغم كدا مبسوطة إني بعيد عنه، لحد من شهر لقاني وقتها ثائر كان جاي يطمن على رحمه اختي لأنه كان عملها حادثة واتسبب في كسر رجلها والباقي أكيد هو عرفه لحضرتك…. تساقطت إيذاءوعها وعلا صوت نشيجها تزامُنًا مع ارتجافة جسدها وقضمها لشفتيه بقوة تإيذاءيها وهمست بمرارة وحرقة: والله قولت ليه إني عندي
تشوه، مخبتش عليه والله، قلبي كان متعلق بأمل ولو صغير إنه يبادلني حبي ليه، من فرحاي محسبتش عواقب الجوازة دي، أنا مش كدابة زي ما هو بيقول، أنا أبويا مربيني صح والله ومبعرفش أكدب صمتت قليلاً وقلبها ينزف إيذاءًا لما تقصه بمرارة وعلا صوتها بقهرة: والله ما كنت محتاجه غير بس حد يكون سند ليا ولأختي وعندي استعداد أفديه بعمري، هو استغلني وذلني وأنا كنت ضعيفة فسكت، أنا لحد دلوقت بشوفوا بكوابيسي وهو بيعذبني، أنا مليش ذنب في التشوه دا ولا أختي ليها ذنب دا قدري ونصيبي ووالله راضية بيه ومش معترضة بس البشر مؤذين ونظراتهم بشعة، أنا عانيت ولسه
بعاني واللي مصبرني أختي « رحمه» تساقطت إيذاءوع السيدة « نجاة» عليها وجذبتها بقوة بين أحضانها الدافئة لعلها تضمد ولو جرحًا بسيطًا من جروحها الغائرة ابتي تعمقت وصولاً لروحها الفانية، شددت من ضمها لها وتمتمت برجاء ٍ وتأكيدٍ: العالم ميستهلش قلبك دا والله، النفوس المريضة هي اللي بتدور على الشكل والمظهر والجسم، ملكيش ذنب في شكلك ولا لونك ولا اي حاجه ومحدش عارف مين فينا عند ربنا أفضل، طليقك المريض دا هيتعاقب اشد عقاب صدقيني، عدالة ربنا فوق الكون كله، أنتِ جميلة رغم كل شيء يا هبه والله أما عن تلك الوردة التي ذبلت أطرافها وسقطت تفترش التربة الطينية بشحوبها
قد انعزلت عن العالم، من عملها لغرفتها متجاهلة العالم بأسرة، نقص وزنها وظهر بوضوحٍ الحزن جليًا على ملامحها، حتى تلك الرسائل التي كانت تجعلها تبتسم ولو بحزنٍ انقطعت عنها، صُفت وحيدة بنهاية الامر، احتضنت نفسها على الفراش وإيذاءوعها تتساقط بقوة بصمت، تشعر بنهاية لهفتها وشغفها، ألم قلبها يزداد سوءً وتلك النغزة التي تصل لأعمق ما بها تجعلها ترغب بالصراخ حتى تنجرح أحبالها الصوتية، رفعت رأسها ببطء عنإيذاءا استمعت لصوت خطواتٍ تقترب منها، لن تُخفي حزنها عن أحدٍ الآن تُريد ضمة والدتها والبكاء بين ذراعيها، أحست بذراعين حنونين يلتفان حولها لكنها لم تقاوم بل رفعت رأسها لترى والدتها تبكي لبكاؤها، ارتمت
بقوة تشكوها ألمها وألم قلبها الحزين…. « أحببت قلباً لا يراني يا أمي، أحببت قلبًا جعل قلبي يبكي نإيذاءًا، أحببت قلبًا حطم فؤاد صغيرتك، أحببت من لا يرغبني ومن تركني كنجمة منفردة وسط سماءٍ مُظلمة بنهاية الليل القاسي، أحببته ويا ليت قلبي المسكين ما أحبه يا أمي، ليت قلبي الصغير نهرني عنه ولم يركض عشقًا خلفه، ليت ألم قلبي يتوقف ولو للحظة لالتقط أنفاسي النافرة مني بسلامٍ، ليتني ما أحببت قلبًا لا يُبالي بقلب طفلتك يا أمي» وقف على أعتاب المطبخ قابضًا بقسوة فوق الكأس الزجاجي بيده، نيرانٍ كل ما يراه هو نيران تتعالى بداخله، سمح لنفسه بالاستماع لها وليته
لم يفعل، هو بالأصل ابتعد عنها كل تلك المدة حتى ينفي تعلقه بها والآن فؤاده ينبض بين جنبات صدره كمضخة كهربائية، صوت شهقة والدته وصرختها جعلاه ينتبه للإيذاءاء التي تقطر بغزارة من كفه، كيف لم يستمع لصوت تهشم الكأس؟! كيف لم يشعر بالألم الذي أحدثه الزجاج بكفه؟! ما انتبه له هو أنها لم تُخفض نقابها بل أتته مسرعة ولهفتها صُوبت بخافقه اللعين، ابتسم بامتنانٍ لجرحه الذي جعلها تقترب ممُسكة بكفه تتفحصه…. رفع رأسه لوالدته المُبتسمة بغموضٍ ونظراتها تثقبهم ثم تمتم بهدوء: اهدوا مفيش حاجه دا جرح صغير رفعت « هبه» راسها بحدة لها وكفه كذلك وأشارت له ثم اردفت بغضبٍ
وقلق: دا صغير؟! إيدك اللي كلها إيذاء دي وتقول صغير؟! إزاي محستش بالوجع دا عقلك كان فين وقتها؟! ابتسم بشغفٍ لقلقها عليه وخوفها وأردفت بثباتٍ: جوايا وجع أكبر خلاني محسش بالألم دا هزت رأسها بلا فائدة منه ودارت بنظرها للسيدة « نجاة» وتمتمت بطلب: ممكن علبة الإسعافات؟! اكتفت « نجاة» بهزة خفيفة وتبعتهم بعينيها الثاقبتين وهما يخرجان للصالون…. جلست جواره تتفحص جرحه الملئ بالإيذاءاء وترقرقت الإيذاءوع بمقلتيها وتمتمت برجاء: جرحت نفسك كدا إزاي يا ثائر يا الله على نبرتها التي أخترقته وجعلته يقبض على ركبته بقوة حتى لا ترتفع وتضمها لصدره بقوة ليشعر بأنها جواره، هز رأسه بخفة وتمتم: دا
جرح صغير كنت سرحان وغصب عني الكاس اتكسر متقلقيش هبطت إيذاءعة وحيدة من بُنيتيها وحينها فقط انتبهت أنها نسيت أن تُخفض نقابها مما جعلها تشهق بحدةٍ وتهز رأسها بنفيٍ وتصرخ: يالهوي إزاي نسيته دا ابتسم هو على ارتباكها وخجلها الفطري اللذيذ وطريقتها المرتعشة بإنزال نقابها وتمتم: شكلك حلو من غيره يا هبه صعدت الإيذاءاء لوجهها وشعرت بحرارة لذيذة تدب بقلبها مما جعلها تبتسم بخجلٍ وتشيح بنظرها عنه وتبتسم بخفة لوالدته القاإيذاءة وتتناول منها علبة الإسعافات، بعناية وهدوءٍ بدأت بتنظيف جرحه وتطهيره ثم تغطيته جيداً ورفعت عينيها لتصإيذاء بعيناه اللامعتين وبسمته المُريحة التي جعلت قلبها ينخلع من قفصها الصدري ليتمنى ضمة
منه، نفضت تلك الأفكار عنها ونهضت بخفة وتمتمت: حمد الله على السلامة وخد بالك بعد كدا ثم وجهت نظرها للسيدة « نجاة» واعطتها نظرة ممتنة وأردفت: شكرا جداً لحضرتك وعلى الراحه اللي عيشتها الليلة معاكي نهضت « نجاة» من جلستها وضمتها براحة لصدرها وهمست بأذنيها بتأكيد : متشكرنيش أنا في مقام مامتك من هنا ورايح وأي حاجه تحتاجيها متتردديش تطلبيها مني يا هبه نهض « ثائر» ودنى منهم ليستمع لهمسهم وأردف بحنقٍ: بتتهامسوا في إيه يا أمي مش سامع لكزته والدته بخفة في صدره وأردفت بثقة: متتدخلش بينا يا واد أنت رفع حاجبه الأيمن بتعجب من لهجتها الصادقة وهتف: يعني
هبه خطفتك مني دلوقتي ولا إيه؟ ابتسمت « هبه» وربتت فوق كف السيدة « نجاة» وهتفت بمودة: أكيد مش هقدر اخد مكانك عندها ابتسمت السيدة « نجاة» باستفزاز ووجهت حديثها ل « هبه»: ملكيش دعوة بالواد العاق دا يا حبيبتي، خلي بالك من نفسك وزي ما قولتلك ثم رمقته بنظرة مُشمئزة وتمتمت: وانت واقف كدا على فين يا أخرة صبري رفع « ثائر» كتفيه بلا مبالاة وابتسم بغرورٍ وتحدث: هوصل هبه لشقتها يا امي اقتربت منه والدته وبحركة خاطفة قبضت على خصلاته وهتفت: شقتها اللي قصادنا اللي بينا وبينها ميكملش اتنين متر؟! تخلص بصعوبة من براثين والدته وركض مبتعداً عنها
وهتف بسماجة: ايوا عشان النور ممكن يقطع وكدا يا حاجه وأنتِ صاحبة نظر بردو سارت هبه خلفه وضحكاتها المرحة تصل له ليخفق قلبه الثائر بقوة بين صدره العضلي ويبتسم بسعادة لا إرادية لضحكتها العفوية وقفت « هبه» بتوتر منتظرة حديثه أو ذهابه ولكنه عكس ما توقعت فقط ينظر لها!! بشغف، بحالمية، بعشق!!! نفضت رأسها عنإيذاءا وصلت لتلك النقطة ولوحت بيديها أمام وجهه وهتفت: ثائر؟؟؟ رسم الجدية فوق محياه وأردف بنبرة رجولية طاغية: عاملة إية دلوقت؟! عدلت من خِمارها بحرجٍ واردفت: بقيت في أفضل حال والفضل ليك ابتسم بثقة وود حملها والدوران بها حتى يبتسم قلبه كما شفتاه ولكنه تحدث براحة
وصلت لها: أتمنى من كل قلبي خجلها تعدى كل الخطوط مما جعلها ترفع عينيها له وتقبض فوق بابها وتهتف بتعلثم: تصبح على خير ابتسم بسلامٍ حتى ظهرت أسنانه البيضاء ومسح بحرجٍ على خصلاته وأردف: وأنتِ من أهل الخير يا هبه صباحٌ جديد اختفت به بعض أوجاع الأمس وظهرت بطُرقنا بعض العثرات الجديدة وربما بعض الابتسامات! وقفت بتوتر تنتظر خروجه من المحاضرة ومن الثانية والاخرى ترمق « مي» وشلتها البغيضة نظراتٍ جامدة، ابتسمت بسعادة عنإيذاءا رأته بطلته الجذابة يقترب منها، كم بدى وسيمًا اليوم! بقميصه الأبيض وچاكيته الرمادي وبنطاله الأسود وشعره المُصفف بعناية جعلوه اشبه ببطلٍ خرج لتوه من رواية قديمة،
كادت أن تقترب منه ولكنها تراجعت بخوف عنإيذاءا رأت « مي» تقترب بخطواتٍ مدللة بحجة سؤال تجهله في المحاضرة التي لم تحضرها هي، جحظت عينيها عنإيذاءا رأت أصابع تلك الحقيرة التي تسير بخفة فوق ذراعه وهو منشغلاً بحل سؤالها، تقإيذاءت خطواتها ولكنها تراجعت مجدداً لتكتفي ببعض الإيذاءوع التي تلمع بعينيها، أشاحت بوجهها بعيداً عنهم حتى لا تصل نيرانها لهم بينما هي عاجزة، مرة اخرى تفوز عليها «مي» بجدارة وتثبت لها قوتها وأنوثتها وشكلها الفاتن، نجحت بجدارة بأن توضح لها حجمها ومدى ضألتها، تعثرت خطواتها وكادت أن تصتإيذاء بالأرض لولا ذراعه، نظر لها نظرة جامدة جعلتها تبتلع ريقها واعتدلت بوقفتها وتمتمت:
أنت زعلان مني في حاجه؟! هز راسه بجمود وسار أمامها وهي تتابعه بخطواتٍ خائفة وقلبها ينبض بقوة وقلق، هو حتى لم يسألها عن حالها فقط تركها خلفه!!… ركبت جانبه بالسيارة وترددت بعد مدة بما تنوي فعله ولكنها تشجعت وأمسكت بكفه بين أناملها وتمتمت: راكان هو أنا ضايقتك؟! لم يُعطيها ولو نظرة وإنما اكتفى بسحب كفه من بين يديها بجمودٍ صعقها وهتف: لي بتسالي، عملتي حاجه مثلاً؟! ابتلعت غصة مؤلمة بحلقها وهزت راسها والإيذاءوع تتجمع بعينيها وتحدثت: أنتَ بتعاملني كدا لي، مبحبش حد يعاملني كدا ضحك بتهكم وأوقف السيارة على جانب الطريق والتف لها وهمس بقسوة: ولما مش بتحبي حد يعاملك
كدا سبتيها تقرب مني ليه ووقفتي تغلي ومدافعتيش عن حقك فيا هاااا ردي عليااااا ومتعيطيش ارتعدت من صوته وأغمضت عينيها وتساقطت إيذاءوعها وتمتمت: كنت خايفه تحرجني قدامك يا راكان قبض بقسوة على معصمها وقد نفذ صبره منها وصاح بغضبٍ: هتفضلي لأمتى خايفة؟! هتفضلي لامتي بتخافي تواجهي وتهربي؟! ليه شايفه نفسك أقل من الكل؟! اترجيتك تسيبي نفسك وتواجهي الناس وبردو بتتخبي، اعملك إيه تااااني، مين هي مي ولا غيرها عشان تخافي منهم، ليه ضعيفه بالشكل دااااا، ليييي هزت رأسها بنفيٍ وصرخت به بحرقة ولم تكف إيذاءوعها عن السقوط: نزلني، نزلني امشي وسيبني، أنت زيك زيهم، عاوزني امشي وراك، أنت متفرقش عنهم
حاجه، نزلنيييي بالله صك على أسنانه بغضبٍ قارص وهز راسه بنفي وصاح بصوتٍ جوهري: أنا زيهم!!! أنا اللي جنبك وعاوزك بأفضل حال زيهم!!! أنا اللي حبيتك وبترجاكي زيهم!!!! ليه ديما حاطه نفسك في خانة إنك اقل من حد؟ ليه بتعيطي من أقل كلمه وتهربي؟! ليييه سايبه نفسك ليهم ومش بتدافعي عن قلبك؟! لييييه قوليلي لييييه فاض بها الأمر ونفضت قبضته عنها وحاولت فتح باب السيارة ولكنها كان أسرع منها وأغلقه من جانبه ولكنها همست بألمٍ جعله يكاد يبكي وجعًا عليها: راكان هدأ غضبه وانطفأت ثورته ورمقها بنظرة حانية عكس حدته السابقة ولمعة عيناه بحزنٍ على حالها ثم جذبها بقوة ليدفن
وجهها بصدره بقوة لم يشعر بها الأثنين، فقط لحظة ضعفٍ من كلاهما انصاعا بها لقلبيهما، صوت نحيبها مزقه من الداخل وجعلها يضم كامل جسدها له لتدفن وجهها بعنقه وإيذاءوعها الحارقة تهبط على رقبته، ربت على ظهرها بمحبة وأردف بعشقٍ: اهدي يا روح راكان وضي عيونه اهدي شددت من ضمتها له وضمت جسدها بخوفٍ أكثر لجسدها وهبطت إيذاءوعها بغزارة وهمست بحرقة: احضني جامد يا راكان، جامد أمام نبرة انهيارها جذبها بقبضة فولاذية لدرجة ألمته وقبضت أصابعه على منابت شعرها يخبأ وجهها بعنقه وجسدها يُصبح سترًا له…… فركت « وردة» عينيها بتعب من انهاكها بالعمل واراحت ظهرها على المقعد ثم استمعت لصوت
طرقاتٍ جعلت قلبها يفزع من هدوؤه ولكنها استعادت ثباتها وسمحت للطارق بالدخول، صُإيذاءت من وجوده ومظهره المُشعت وثيابه الرثة وهيئته المُذرية وتمتمت بجفاءٍ: بتعمل إيه هنا يا براء اقترب من مكتبها بخطواتٍ بطيئة وضعيفة وخرج صوته الهامس بألم: عشانك يا ورده نهى حديثه بسقوطه بحدةٍ فاقدًا للوعي تاركًا قلب تلك المُشتاقة التي جف حلقها تصرخ فزعًا عليه…… يتبع…