منوعات

بقلم فاطيما يوسف

#بسم_الله_الرحمن_الرحيم

#اللهم_صلي_وسلم_وبارك_علي_سيدنا_محمد_وعلي_آله_وصحبه_وسلم

 

#البارت_الأول

#بين_الحقيقة_والسراب

#بقلمي_فاطيما_يوسف

 

لِماذَا جِئْتِي إلى هُنا يا امْرَأة آلامي !

كيف لكي أن تعتقدِي بأني نسيتُ أحزانِي ؟!

أيُمكِن أن يلدغُنِي سُمُّ الحيَّةِ وأعودُ إلى وكرها من جديدٍ يا من دمَّرتي كيانِي ،

بلا فقدْ دثَّرتُكِ بين ثنايا الماضِي وعلى عهدِ الفراقِ باقِ ولن يُنسِيني زمانِي

 

#خاطرة_مالك_الجوهري

#بقلمي_فاطيما_يوسف

 

صباحاً في مدينة الإسكندرية عروس البحر المتوسط ، ومنبع العشق للعاشقين ومأوى السحر والجمال للمحبين ،

 

تجلس ريم في منزلها ممسكة بقلمها ودفترها تصمم رداءً جديدا من تصاميمها الرائعة التي تحلم أن تنفذ ولو تصميما واحداً منها بيدها،

 

 

ده جروبي للي حابب ينضم 👆👆👆

ولكن زوجها يرفض دائما فهو لايريد أن يتعبها

أبدا مهما حاولت معه أنها تحب بل تعشق التصميم وتريد أن تجسده علي الحقيقة ،

 

ولكن كل مرة تأبي محاولتها بالفشل الذريع ، ولكنها في نهاية الأمر أقنعته أن ترسم التصاميم و تقوم ببيعها عبر تطبيق أمازون ،

 

ورأي تصميماتها مدير أكبر مصانع الملابس في الإسكندرية وتواصلوا معها عبر رقمها ومضوا معها عقداً بتلك التصاميم الرائعة ،

 

وهاهي منذ عامين تتعامل معهم دون أن يروها أو يعرفوا عنها إلا أشياء بسيطة ،

 

هي فقط ترسل لهم عدد من التصاميم كل شهر وفور انتهاء الشهر تجد ثمن تلك التصاميم مبعوثة لها عبر تطبيق “فودافون كاش ” ولكن زوجها يأبي أن يأخذ منها جنيها واحدا ومتكفل لأي شيء يخصها هي وأ بنائه ومنزله بأكمل ،

 

أكملت التصميم بحرفية ونظرت له بانبهار وهي تحادث نفسها بفرحة :

_ الله الله عليكي ياريما إيه الحلويات دي ،

 

وأكملت بمشاغبة مرددة :

_ والله إنتي خسارة في البلد دي ،

 

وأثناء جلوسها في شرفتها وهي سعيدة بتصميمها سمعت جرس شقتها يعلن عن وصول ضيف ،

 

ارتدت حجابها وخرجت لتفتح الباب ووجدتها صهرتها ،

 

ابتسمت بوجه بشوش وأفسحت لها المجال كي تدلف مرددة بترحيب :

_ اتفضلي ياهند ، عاملة إيه ؟

 

أجابتها الأخري بابتسامة خفيفة:

_ الحمد لله كويسة ، آمال إنتي مختفية فين كده يختي ولا حد بيشوفك ولا بتسألي ، قلت لما أنزل أسأل انا .

 

أشارت إليها أن تجلس في الشرفة مكان جلوسها ورددت بعفوية:

_ معلش بقي ياهنودة كنت مشغولة في تصميم من بقالي يومين مع شغل البيت ومسؤولية الأولاد ، والله بحس إن الوقت مش بيكفيني .

 

تأففت الأخري من ذلك الحديث الذي دائما تسمعه من تلك الريم وأردفت بسخرية:

_ يختي إيه إللي مخليكي تاعبة نفسك كدة في التصاميم والحاجات دي ،

 

ده إنتي جوزك ماشاء الله عليه مش محتاج،

 

وأكملت بتقليل من شأنها وهوايتها:

_ علشان إيه يعني توجعي إيدك وعينك وهما كام ملطوش بتاخديهم آخر كل شهر ، وتهملي في بيتك وولادك وصحتك .

 

هتفت ريم بتعقل شديد وباتزان دون أن تفقد أعصابها من تدخل تلك الهند بشؤونها ، وهي تحاول الاستهزاء من عملها دائما :

_ مين قال ياهند إني مهملة في بيتي أو اولادي أو جوزي !

 

أنا بصمم وأنا قاعدة في بيتي ووقت فراغي ،

 

ثم أشارت بيدها علي شقتها مسترسلة حديثها :

_ وبعدين بصي حواليكي كدة وشوفي إذا كنت مهملة ولا لأ واديكي طلعتي علي فجاة من غير ماأكون مرتبة لحاجة يعني ،

 

واستطردت حديثها لكي توصل لها الصورة صحيحة :

_ وكمان أنا مش بصمم علشان العائد المادي،

اصلا باهر مش مخليني محتاجة حاجة ومش بياخد من فلوسي حاجة خالص ،

 

بس أنا بحب التصميم والأزياء وعندي شغف الإهتمام وإني أنفذ أفكاري علي الواقع ،

 

وميضرش إني أستفاد من حاجة شكل كدة ماديا طالما مش مقصرة في بيتي ولا ولادي .

 

بهتت ملامح هند من رد ريم الراقي المهذب وأكملت حديثها تسألها عن والدتها كي تنسيها الكلام في ذلك الموضوع التي لم تمل من تردادها له كل مرة تجلس معها .

 

أحياناً يواجهنا أشخاص عقولهم فارغة وكل مايشغلها بث الطاقة السلبية التي يعيشونها في آذان غيرهم ،

 

وهؤلاء التعامل معهم نجعل أصابعنا في آذاننا ولا نضعها نصب أعيننا ونرمي بها عرض الحائط حتي لو استكبروا علينا استكبارا .

 

_______________________

 

في منزل مالك الجوهري ظهراً

 

يقف في غرفته الواسعة ذات الطلاء الهادئ اللون والذي يبعث في النفس الراحة والهدوء كصاحبها فمالك يعشق الجلوس في تلك الأجواء الهادئة بالرغم من طبيعته العصبية ،

انتهى من ارتدائه لملابسه الكاجوال فهو قلما يرتدي الملابس الكلاسيك إلا في الاجتماعات المهمة ،

ثم مشط شعره بحرفية ونثر عطره المفضل إليه بسخاء ،

 

وجمع أشيائه وأخذ مفاتيح سيارته وهبط للأسفل ،

 

وجد والدته السيدة عبير تجلس وتضع السبرتاية أمامها وتصنع قدحا من القهوة و التي تطهيها كل يوم في هذا الوقت خصيصاً لولدها مالك ،

 

والتي تعلم مواعيد ذهابه يومياً فهي امرإة تمتاز بالطيبة الشديدة والحب لأبنائها ،

 

ولم تفكر يوماً من الأيام أن تتزوج بعد وفاة زوجها العزيز وتعيش حياتها فقط ترعى أبناءها ،

 

أحست بخطوات مالك تهبط الدرج فوجهت أنظارها إليه بإبتسامة مشرقة وأردفت بنبرة حنون :

_ صباح الخير يا مالك ، تعالي ياحبيبي اشرب قهوتك ،

 

واسترسلت بمحبة نابعة من قلبها الجميل:

_ عاملة لك بقي فنجان قهوة متعرفش تشربه من إيد حد غير عبير .

 

قبل أن يرد عليها الصباح احتضنها وقبل يداها ورأسها بإحترام وود ورد عليها الصباح قائلاً بدعابة:

_ أحلي صباح علي أحلي بيرو في حياتي وأحلي بيرو في الدنيا بحالها ،

 

واستطرد متسائلاً باهتمام :

_ ها أخدتي دوا الضغط قبل ماتفطري ولا نسيتي زي امبارح ؟

 

أفسحت له المجال كي يجلس بجانبها وأجابته وهي تفرغ محتوي القدح في الإناء بعناية قائلة :

_ أيوة ياحبيبي أخدته متقلقش عليا أنا زي العفريت قدامك أهو بسبع أرواح ،

 

متشغلش بالك بيا إنت أنا عايزاك تركز في حالك وتهتم بنفسك شوية ،

 

ثم أخرجت تنهيدة من صدرها محملة بالهموم وتابعت بخفوت :

_ ياحبيبي إنت من ساعة ما طلقت إللي ما تتسمي نهال وأنت حياتك كلها شغل في شغل ونسيت نفسك خالص ، ونسيت إن العمر بيجري وكل لما أقول لك تابع مع دكتور علشان خاطر ربنا يشفيك ، تتابع شوية وترجع تهمل في نفسك .

 

ضيق عينيه بملل من حديث والدته الذي لاتنفض عنه يوماً ، ودموعها التي تشق قلبه شقاً كلما رآها تهبط علي وجهها بسببه وأردف بعتاب محب وهو يضع إناء القهوة علي المنضدة واحتضنها وهو يربت علي ظهرها :

 

_ ياماما ياحبيبتي كل يوم تعيطي وتكلميني في الموضوع ده وتاعبة نفسك علشاني ، دموعك دي بتنزل علي قلبي تكويه وبتحسسني إني السبب في ضيقتك دي كل يوم ،

 

واسترسل بتوضيح كي يطمأنها:

_ أنا متابع والله ياست الكل مع الدكتور وهو أكد لي خلاص إن كلها شهور وأبقي تمام بإذن الله وهفرح قلبك ياحبيبتي .

 

انفرجت أساريرها واطمئن قلبها وربتت علي فخذه بحنان مردفة بفرحة:

_ بجد يامالك يابني ولا بتقولي كدة وخلاص علشان تريحني ؟!

 

ياحبيبي أنا نفسي ومني عيني أطمن عليك وأفرح بيك وأشيل ولادك علي إيدي قبل ماأموت .

 

وضع يده علي فمها قبل أن تكمل حديثها الموجع لقلبه مرددا :

_ لأ ياحبيبتي متقوليش كده ربنا يديكي طولة العمر وتفضلي منورة حياتي ياأمي ده من غيرك ماأقدرش اعيش ولا أكمل ياست الكل ، وست قلبي .

 

واستطرد يطمأنها بحفاوة أكثر :

_ متقلقيش ياأمي أنا مسافر ألمانيا كمان شهرين علشان أشوف مكن جديد وحاجز مع مركز عالمي هناك من يومين ،

 

وبعت لهم التحاليل وطمنوني جدا وقالو لي إن حالتي أصلا مش صعبة ولا حاجة وإن ليها كورس علاجي هاخده بانتظام وعلي فترات وإن شاء الله هبقي تمام وزي الفل ،

 

طمني قلبك ياأمي .

 

ارتاح بالها واطمئن قلبها ونظرت له قائلة بدعاء:

_ ربنا يكمل شفاك علي خير ياحبيبي ويرزقك من الخير أعلاه ومن السعاده أقصاها .

 

أمن علي دعائها وأكمل قهوته وقام مستأذنا منها كي يذهب إلى عمله ،

 

وتركها وغادر وهي تدعي له أن يسدد خطاه ويجعل السلامة تحالفه أينما كان .

_____________________________

 

في البنك الأهلي بمدينة الإسكندرية حيث يتجمهر في البنك المئات من الأناس ،

 

ينتظرون أدوارهم بنظام عالي وترتيت ويرجع ذلك النظام لمدير البنك الأستاذ “جميل ” فكم هو جميل حقا قلباً وقالباً ،

 

فهو يدير البنك بحرفية ونظام يشهد له الجميع فهو نابغة في إدارة الأعمال بشكل عام وفي الحسابات بشكل خاص ،

 

يجلس جميل في مكتبه وأمامه جهاز اللابتوب الخاص بالبنك ويجلس معه أيضاً مهندس الألكترونيات المسؤول عن إدارة الالكترونيات وأجهزة الحاسوب ومسؤول أيضاً عن تأمينها ضد الهكر ،

 

فجميل اختار موظفينه بدقة وعناية فائقة لأجل المسؤلية العظيمة التي تقع على عاتقه تجاه البنك ،

 

تحدث جميل بجدية إلي المهندس نادر وهو يعمل على حاسوبه دون أن ينظر له مرددا:

_ ها يابشمهندس عملت إيه مع الهاكر إللي حاول يخترق حسابات البنك ومفكر نفسه ذكي ومحدش هيكشفه ؟

 

استمع إليه نادر بآذان صاغية وأجابه بثقة وتأكيد:

_ متقلقش يافندم أنا مقفله كل الطرق إللي يقدر يخترق بيها الحسابات وعايز أفرحك كمان وأقول لك إني خلاص قدرت أوصل لمكانه برغم كل الاحتياطات اللي عاملها ،

 

واسترسل حديثه بإيضاح:

_ ابن الذين بيتكلم من أرقام برايفت ومن أماكن عامة يعني كافيهات مثلا مختلفة من كل بلد شكل يعني مرة يحاول من مصر ومرة من بورسعيد ومرة من الاسماعلية وهكذا ،

 

علشان مقدرش أحدد مكانه كل مرة بالظبط ،

 

بس القدر خدمني في مرة وكنا خارجين أنا وواحد صاحبي وكنا في الجيزة قاعدين في بيته ،

 

وجالي رسالة علي الموبايل إنه بيحاول يفتح لأني مظبطه علي برنامج معين عندي لو فتح بأي طريقة أنا مترصد له ،

 

متتصورش الواد ده دماغه رهيبة وكمية ذكاؤه عاملة إزاي يافندم كل مرة بيكتشف إن في حد كاشفه فيغير طريقته فوراً في الهكر والتعامل ،

 

مش عارف ليه ميستغلش دماغه العبقرية دي في الصح ويسيبه من سكة اللوع والحرام إللي ماشي فيها دي !

 

قطع حديثه جميل موضحاً له عقلية ذلك الهاكر قائلا بذكاء :

_ إللي زي ده يانادر مش عايز يتعب ولا يعافر ، مستني ضربة الحظ إللي تجي له علي طبق من دهب فيقفش فيها پإيده وسنانه ويقول يافكيك ،

 

وأشار علي حاله بفخر متسم بالدعابة:

_ بس علي مين ، ميخلش ويعدي علي جميل .

 

ابتسم الآخر وردد بدعابة مماثلة:

_ طبعاً ده دماغه فايتاه ومش عارف هو إنه بيتعامل مع خُط البنوك ،

حضرتك أيقونة ذكاء متحركة وكلنا هنا شغالين بتوجيهات حضرتك يافندم.

 

أماء له بشكر وطلب منه أن يكمل حديثه ،

 

أكمل نادر حديثه شارحاً بتفسير :

_ وبصيت ياباشا لقيت إشعار جاي لي إن فتح في مكان معين تابعت المكان واتفاجأت إنه في الجيزة ،

في أقل من ربع ساعة كنت قدام المكان طيارة ودخلت الكافيه الموجود فيه ومن استكشافي شفت واحد في منتهي الشياكة قاعد والأيباد بتاعه قدامه ، قربت منه كويس ودققت في إصدار الأيباد من ورا في رقم معين كدة أدخله عندي وأعرف إذا كان ده من ضمن أجهزة الهاكر ولا لأ ،

 

تعبت جدا علشان أتحقق من الرقم بس جبته في الآخر بصعوبة جداً ، علشان ميشكش فيا ،

 

وعرفت إن هو يافندم راقبته وأخدت رقم عربيته وبعتها لواحد صاحبي في المرور ولسة مستني يجيب لي أخباره بالتفصيل،

 

طبعاً منقدرش نقبض عليه إلا وهو متلبس وخلاص قربت يافندم ، وهجبهولك لحد عندك وهقدمه لك هدية علي طبق من دهب .

 

_الله عليك ياهندسة عمري ماشكيت في ذكائك لحظة يانادر …قالها جميل بثقة ، وأكملوا حديثهم عن أمور أخري تخص البنك .

 

______________________________

 

في كلية التجارة جامعة الإسكندرية ،

 

في نهاية السنة الدراسية حيث تتوافد جميع الطلاب علي قدم وساق لآداء الإمتحانات ،

 

بتوتر شديد مُلاحظ علي وجوه الطلاب من مختلف أقسام كلية التجارة ،

 

يدلف الدكتور رحيم المالكي المدرج المسؤول عن مراقبته اليوم ،

ألقي السلام بجدية واحترام علي جميع الطلاب الماكثين في توتر وهرج ومرج من دورانهم حول بعضهم ، كل يسأل غيره ويستفسر عما يريد ،

 

انتظموا في أماكنهم فور دخول الدكتور المراقب عليهم ورددوا السلام بوقار واحترام مماثل ،

 

وزع جميع الأوراق بالعدد عدا ورقة واحدة ، استغرب ونظر إلي المقاعد ليري ماإذا كانت زيادة أم ماذا ؟

 

وبالفعل وجد مقعدا فارغا نظر إلي الطلاب وتساءل بجدية :

_ في مكان فاضي وورقة زيادة ياجماعة مين محضرش خلاص فاضل عشر دقايق وورق الأسئلة يوصل ؟

 

تلفت الطلاب يميناً ويساراً ليروا من ينقصهم وبعد لحظات بسيطة أجابت طالبة قائلة باستغراب:

_ ده مكان مريم عماد ، معقولة إيه إللي أخرها وللأسف مش معايا تليفونها اكلمها عليه ،

 

_طيب محدش يعرف عنها حاجة خالص ولا يعرف سبب تأخيرها إيه ؟ …قالها رحيم بقلق دكتور علي طالب ، كقلق الأم علي ابنها من رسوبه في أمر ما ،

 

لم يعرف اي منهم اي طريقة للوصول إلي مريم لأنها انطوائية جداً ولا تتحدث مع أحد إلا قليل قلة من زملائها ،

 

وظلت مريم متأخرة لنصف ساعة من دخول وقت الإمتحان ، وفجأة وجدوا من يقرع علي الباب بدقات سريعة،

 

حوَّل رحيم أنظاره إلي الباب واستشف بذكائه أنها المتأخرة عن موعد الإمتحان ،

 

ضيق عينيه بزهق وعنفها قائلاً باستنكار وهو ينظر إلي ساعته:

_ الأستاذة إللي مش واخدة بالها من إن وراها امتحان وجاية متأخرة ولا هاممها ،

 

واسترسل حديثه باستهزاء :

_ ياتري البرنسيسة إيه إللي أخرها عن الإمتحان كان عندها ميتنج مع وكالة أنباء ولا حاجة ؟

 

تجمعت الدموع في مقلتيها من استهزائه بها أمام الطلاب دون أن يتركها تشرح سبب تأخيرها ،

 

ولكن هذا الاستهزاء لا يشغلها حالياً بقدر ما يشغلها آداء الإمتحان فردت بهمس واستعطاف :

_ أنا متأسفة جداً لتأخيري يادكتور بس والله غصب عني ظروفي صعبة جداً هي إللي أخرتني ، وطمعانة من حضرتك إنك تدخلني الإمتحان ومتضيعش عليا المادة .

 

فكر مع حاله وأوجعه استعطافها واعتبرها مثل إخوته لو وضعوا في نفس الموقف ،

 

فأشار إليها بيديه أن تدلف إلي مقعدها وأعطاها ورقة الأسئلة والإجابة ،

 

تنهدت بارتياح وأخذت الورقة منه وذهبت إلى مقعدها بتعب شديد حاولت أن تخفيه من على معالم وجهها ،

 

جلست وبدأت في الإجابة بهدوء وصمت مثل باقي زملائها ، وجاهدت حالها علي عدم الإنهيار من شدة التعب والإجهاد الذي تشعر بهم ،

 

ولكنه كل حين ينظر إليها بفضول انتابه فجأة ،

 

لاحظ عليها التعب والإجهاد واضحين للأعمي يراهم ولكن وجدها تجاهد حالها ، فقرر أن لا يشغلها حتي تنتهي فهي متأخرة مايقرب من ساعة ،

 

انتهي الجميع من إجابة الإمتحان عدا هي الموجودة في المدرج معه تحاول أن تنهي إجاباتها بسرعة جدا فالوقت انتهي منذ عشر دقائق ،

 

نظرت إليه باستعطاف أن يمهلها عشر دقائق فقط كي تنهي الإجابة ، وقبل أن تتحدث أحس هو بطلبها ، فأشار إليها أن تكمل لأنه لاحظ إجهادها ،

 

وبعد ربع ساعة بالتمام أنهت الإمتحان وذهبت لكي تعطيه الورقة و إذا بها قبل أن تصل إليه قوتها تنهار ، وتسقط مغشياً عليها قبل أن تسلمه بالورقة ،

 

انتفض من مكانه ذاهبا إليها برعب وحاول أن يصل إليها قبل أن تقع أرضاً لشدة متابعته لها ، وبالفعل قبل أن تصل رأسها أرضاً كان ممسكاً بها ،

 

تمعن في ملامحها البرئية والتي من الواضح أن ورائها انكسار وحزن يكسوا معالم وجهها ،

 

ثم حاول إفاقتها ضارباً علي وجهها بهدوء مرددا بقلق :

_ آنسة مريم آنسة مريم فوقي ،

 

لم تجدي محاولته نفعاً فأنزل رأسها بتمهل أرضاً وأخرج من حقيبته زجاجة البريفيوم الخاصة به ووضع منها علي يديه ثم ذهب إليها علي عجالة ومرر يداه علي أنفها ،

 

وبالفعل استجابت لمحاولته وتململت بين يديه وبدأت بفتح عينيها رويداً رويداً ،

 

وتقابلت زرقاويتها مع عسلية عيناه عن قرب شديد ،

هدأت من روعها وما إن وجدها أفاقت وتحاول لملمة شتاتها تركها بهدوء ،

 

اعتدل من قامته وسألها محاولا الاطمئنان عليها :

_ مالك ياآنسة مريم شكلك مجهد جدا وباين التعب جداً علي وشك ، إنتي بتشتكي من حاجة معينة تاعباكي ؟

 

رمشت بأهدابها بتوتر وإجهاد وأجابت باختصار شديد:

_ لأ الحمدلله مش بشتكي من حاجة بس كنت مجهدة بسبب ضغط المذاكرة ،

 

ثم شكرته بامتنان علي وقوفه بجانبها وعدم حرمانها من الإمتحان ، ولملمت أشيائها وغادرت بهدوء كما دخلت ،

نظر إلي طيفها بشرود وردد مع حاله بشرود:

_ دي مالها دي ،

دي شكلها وراها حوار كبير أوي ،

ثم جمع الأوراق الخاصة بالإختبار وغادر تاركاً المدرج ، وتلك المريم بغموضها غاصت اعماق عقله

 

___________________________

 

في شقة راندا المالكي

جالسة مع أبنائها تدون في دفترها الأشياء التي ستأخذها معها وهي مسافرة إلي زوجها دبي ، حيث انتهي أبنائها من آداء الامتحانات منذ اسبوع وحان وقت سفرهم إلي زوجها الحبيب يقضون معه الأجازة الصيفية ،

 

ومن عادتها قبل أن تسافر إلى أي مكان تدون الأشياء التي تحتاجها وتراجع عليها ليلة سفرها ، حتي لاتنسي شئ ويكون هاماً وتندم فيما بعد فهي مرتبة ومنظمة جداً ولا تسمح بالتهاون في شئ ،

 

وإذا بالهاتف الخاص بها يعلن عن وصول مكالمة ،

نظرت للهاتف وابتسمت بفرحة وأجابت علي الفور بابتسامة :

_حبيبي كنت لسة علي بالي وبفكر فيك والله ولقيتك بتتصل ، عامل ايه يا هوبة؟

 

ابتسم زوجها وأجابها وهو يدخل شقته في الكويت عائدا من عمله وقال مشاغباً لها :

 

_ وياتري بقي ياست راندا أنا بغيب عن بالك وبختفي ساعات ولا أنا في بالك علطول ؟

 

إبتسمت بحالمية وهي تداعب خصلة شعرها وتحدثت بنبرة يملؤها الحنين لزوجها الحبيب الغائب الحاضر ، الغائب بجسده ولكن حاضر بروحه ويحاوطها في كل مكان :

_ إنت مبتغيبش عن بالي ياإيهاب علشان أنساك ، أو بالأخص مفيش حاجة بتشغل بالي غيرك ياحبيبي .

 

وعلي جانبيها أبنائها يعزفون بأيديهم كطريقة للمداعبة علي حديث والدتهم حين تحادث أباهم وتنسي نفسها من شدة الإشتياق ،

 

فنظرت إليهم وضحكت بصوت عالي آثار دهشة زوجها وسألها بفضول :

_ ياتري بقي إيه إللي طلعك من الإنسجام مع جوزك حبيبك وخلاكي تضحكي أوي كدة ؟

 

انتبهت لسؤاله وتوعدت بالإشارة لأبنائها وأجابت:

_ الأولاد هو في غيرهم مركزين معايا خالص وأنا بتكلم معاك وبيعزفولي كمان تصور بقي .

 

ضحك بشدة وهو يتخيل منظر أبناؤه وهم كالعادة يشاكسون والدتهم وطلب منها أن تفتح الفيديو كول :

_ افتحي الفيديو كول علشان حبايب بابا المشاكسين وحشوه ونفسه يطمن عليهم .

 

استجابت له علي الفور وفتحت الفيديو كول ، وطار أبنائها عليها مهاب علي يمينها وسما علي يسارها ، يتسارعون لرؤية أباهم الحبيب مرددين بشغب محبب :

_ ازيك يابابي عامل ايه ، وحشتنا أوي ،

 

وبعثوا له قبلة بأيديهم ،

 

رد لهم القبلة بمثلها واجابهم يطمئنهم :

_ حبايب بابي عاملين ايه وحشتوني كتير قد الدنيا بحالها .

 

أجابوه بطمأنة علي حالهم :

_ متقلقش علينا ياحبيبي إحنا كويسين جداً ومش ناقصنا غير وجودك جمبنا وفي حضننا ياغالي .

 

أخذ نفسا عميقاً وأردف بصبر:

_ خلاص ياحبايبي كلها أسبوع وتيجوا وتنوروا لي دنيتي المضلمة من غيركم ،

 

ثم استرسل حديثه بحزن اكتسبه من الغربة وطول البعاد :

_ متتصوروش حياتي من غيركم عاملة إزاي ملهاش طعم ولا معني ولا لون ،

 

ولا بستمتع وأنا باكل لوحدي ، ولا بحس بطعم الحياة إلا بوجودكم معايا ياحبايب قلبي ،

 

حزنت راندا لأجله ووجهت الكاميرا علي وجهها وحدثته لتهدا من إحساسه بالوحدة :

_ هتصدقني يا إيهاب إني حاسة زيك بالظبط نفس إحساس الوحدة ، بالرغم من إني حواليا ماما وبابا وأخواتي وولادي ،

 

بالرغم من إني في بيتي وفي بلدي ،

 

بس أنت بالنسبة لي كلهم ياإيهاب أبويا وأمي واخويا وبلدي وسكني وسكينتي وكل ما ليا إللي مبحسش بيهم إلا وأنا في حضنك وبين ايديك ،

 

تركها أبنائها تحادث والدهم بخصوصية ودلف كل منهم لغرفته ،

 

تأثر بحديثها الصادق الخارج من أعماق قلبها ورشق في أعماق قلبه وردد بحب :

_ ياه ياراند كلامك عامل زي البلسم اللي بينزل علي قلبي يهديه من وجع البعاد والغربة ،

 

عارف ياحبيبتي وحاسس بيكي وبإحساسك ،

عارف إنك بتتألمي زيي وأكتر كمان ، يمكن أنا بتلهي في الشغل هنا وضاغط نفس جامد علشان أضيع اكتر وقتي ،

 

أما إنتي ياحبيبتي شايلة مسؤلية البيت والأولاد لوحدك وكل مسؤولياتهم وهمومهم ومشاكلهم عليكي ،

 

وأكمل بنبرة حماسية كي يلهيها :

بس أنا بقي مجهز لكم بروجرام اول اسبوع هيعجبكم جداً وأخدت أجازة الأسبوع كله،

 

وضاغط علي نفسي بقالي اسبوعين علشان أخد الأسبوع ده أجازة .

 

_ياااه ياإيهاب كل مرة ببقي جايالك فيها ببقي طايرة من الفرح زي أول مرة بالظبط …قالتها راندا بحالمية وحب ،

 

وظلا يتحدثان بكل مشاعر الوحشة والحب والغرام ،

 

“الغربة ” تعطينا رغد في العيش ولكن تسرق من صاحبها أحلي سنين العمر ،

 

في الغربة تمرض وحدك ولا تجد من يداويك ، وتأكل وحدك ولا تجد من يوآنس وحشتك ،

 

في الغربة تشعر بالحنين للأهل والوطن والزمان والمكان وأقصي أحلامك ساعة واحدة فقط تقضيها بجانبهم ولم تطولها،

 

في الغربة أشيائك كلها منظورة والبعض ينتظر رجوعك لكي يتطلعوا إلي الأشياء التي تأتي بها وليس ليتطلعوا إلي شخصك ،

 

ثمن الغربة عمراً، عزوة مفقودة، بكاء علي لقاء الأحبة كل يوم بلا دموع ،

 

في الغربة تفقد الإحساس بألذ متع الحياة بل تفقد الإحساس بالحياة ،

 

الغربة لا تعطي سوي شئ واحد فقط الأموال ،

ولكن ماذا عساها الأموال أن تفعل هل تشتري راحة بال ، هل تشتري ساعة واحدة في قرب الأحبة ، هل تشتري طمأنة الأهل حين المرض ،

 

كثير من المغتربين بعد عودتهم في المطاف النهائي يقولون ندما لو عادت بنا الأيام ما اغتربنا وما ضيعنا أجمل سنين العمر ،

 

لكل مغترب وتاركا شطر من قلبه أنت مجاهد عظيم من أجل البقاء ، ولكل مسؤولة وراء ذلك المغترب أنتي مناضلة عظيمة من أجل الإرتقاء .

__________________________

 

“واثق الخطا يمشي ملكا ” تستحق تلك الجملة أن تقال علي مالك الجوهري ،

 

ولكن ملكا بأخلاقه ملكا بقناعاته الهادفة وليس بالشكل والمادة ،

 

وصل إلي مصنع الملابس الخاص به وترجل من سيارته بهيبة ووقار وهو يغلق أزارر حلته الكاجوال ،

ويعدل من نظارته الشمسية ذات الماركة العالمية المعروفة “لاكوست” بلونها الأسود ، والتي تخفي نظرات عينيه ببراعة ،

 

دلف متعجلاً بخطاه وهو يلقي السلام بتواضع علي أفراد الأمن الماثلين أمام المصنع ،

 

فهو خلوق جدا وليس فيه داء الكبر علي عماله ولا هو صاحب النظرات المرعبة التي يعانيها الجميع ،

 

بل هو معتاد مع عماله علي السلام والكلام والتواضع والمحبة ،

 

دخل إلي مكتبه بعد ما ألقي التحية باحترام علي السكرتارية المخصصة لمكتبه ،

 

وفور دخوله خلع نظارته الشمسية ونزع الجاكيت الكلاسيكي ووضعه في الشماعة المخصصة الموجودة في استراحة مكتبه ،

 

وجلس علي كرسيه ممسكاً الهاتف يطلب من مديرة مكتبه أن تبعث للأستاذ علي صديقه الصدوق ، ومدير المصنع أن يأتي له ،

 

استجابت له على الفور وهاتفت مكتب الأستاذ علي وطلبت من الإتيان إلي مكتب مالك ،

 

بعد عشر دقائق وصل علي ودق على الباب بأدب ودخل ملقيا السلام وأردف بجدية وهو يجلس:

_ ازيك يامالك ، حمد لله على السلامة .

 

أجابه مالك بوجه بشوش:

 

_الله يسلمك يا علي ، أنا تمام الحمد لله ،

أخبار التصميمات الأون لاين ايه ،

شغالين تمام ولا مقصرين ؟

 

أمسك بالملفات المطبوعة الموضوعة أمامه وأعطاها له بعملية مرددا:

_ بصراحة شغالين كويس جداً أكتر من المصممين إللي شغالين وجها لوجه معانا هنا ،

 

أتمني إن ولو واحدة فيهم توافق تيجي تشتغل معانا هنا علي أرض الواقع ،

علشان الفنانين والناس المهمة إللي بتجي لنا ومبيكونوش عايزين تصاميم اون لاين للأسف ،

 

مش بيقتنعوا إلا لما يقعدوا مع المصمم ويعرفوه إللي عايزينه بالتفصيل بيبقوا كدة مستريحين .

 

اختلف مالك معه في وجهة النظر وأدلي رأيه بعملية رجل محنك مدرك بالتصاميم:

_ أختلف معاك في النقطة دي،

ياعلي المصمم ده فنان خيالي بيسرح بخياله في صورة ويفضل يسرح فيها لحد ما يحس إنه قرب منها يقوم بقي مشغل الموسيقى إللي بيحبها ،

 

ومشروبه المفضل ويقعد في حتة هدوء علشان يبدع رسمته ويطلعها زي ماهو راسمها في خياله بالظبط ويمكن تطلع أحسن كمان،

 

واسترسل بتوضيح أكثر:

_ علشان كدة أنا حابب شغل التصاميم الأون لاين وخاصة صاحبة ماركة ” ريما ستور ”

 

بجد التصاميم بتاعتها عاجباني وفي حتة تانية خالص ، ليها لمحة إبداعية في التصميم مريحة جدا ،

أكيد صاحبة الماركة دي إنسانة هادية وراقية علشان تتطلع لنا التصاميم بالروعة دي ،

 

وأكمل بتمني :

_ مصممة بالخبرة المتجددة دي أكيد سنها معدي ٤٥ سنة علشان خبرتها في التصاميم متطورة جداً عن الباقيين إللي بيبعتوا لنا ، واللي نعرف عنهم كل حاجة إلا دي رافضة أي طريقة للتواصل معاها ،

 

بجد أتمني في يوم من الأيام إني أقابل فنانة زي دي ومصممة عظيمة مينفعش تبقي مغمورة جوة التصميمات كدة ، ومتخرجش للعالم الخارجي وتحضر أتيليهات ، أنا واثق ومتأكد إن دي لو ظهرت هتكسر الدنيا.

 

حمحم علي بصوته وأخذ التصميمات المطبوعة وأعطاها له قائلا:

_ أتمني ذلك بس ساعتها لما منافسين كتير يحاولوا يخطفوها أو يحتكروها متزعلش ،

 

واسترسل وهو يمد يده بالتصميمات :

_ إتفضل ياسيدي التصميمات الجديدة أهي ،

إللي استلمناها أول الأسبوع بص عليها كدة وشوف إللي هيعجيك ايه ، وشوف إللي عايز تعديل أبعته تاني يتعدل .

 

أخذ منه التصميمات وتحدث بعملية وهو يتطلع إليها دون أن ينظر له :

_ السوق علمني إن الكف السابق غالب يابني ، يعني دي أول مايجي في بالها فكرة الظهور مش هتعدي من تحت إيد مالك الجوهري ،

 

ودة مش غرور مني ولا حاجة لأ دي خبرة سنين اكتسبتها من خلال ممارستي للعمل من أول مابتديت ، إنت عارف أنا المصانع دي ولا ورثتها ولا جات لي كدة من الهوا ،

 

تعبت فيها وعملتها من الصفر وطبعاً نجاحها يرجع أولا لفضل ربنا عليا في إنه رزقني التوفيق ، وللعمال إللي وقفت جمبي وسندتني من البداية لحد إللي وصلت له ،

 

واسترسل بدهاء:

_ وبعدين إنت قلت لي قبل كدة إنها اتعرض عليها عروض كتيرة جدا من منافسين حوالينا وهي كانت دايما بترفض ،

 

وقالت لك إنها يستحيل تسيب الكيان إللي ابتدت واتطورت وحققت نجاح معاه ،

 

صح ولا أنا غلطان ؟

 

وافقه علي حديثه وأجابه بتأكيد :

_ صح جدا يامالك ريما ستور بالذات فيها حتة الوفاء للي بتشتغل معاهم ومش ماشية بمبدأ اللي يغريها بفلوس أكتر تروح وراه ،

 

هي شايفة إن إسم الجوهري أضاف ليها ولسه هيضيف لها كتير علشان كدة مكملة وهتكمل معانا إن شاء الله ،

 

وظلا يتحدثان في أمور المصنع والتصميمات لمدة ،

 

إلي أن دق الباب ودخلت السكرتارية مرددة بعملية:

_ مالك بيه الأستاذة نهال برة وعايزة تقابل حضرتك ،

 

ضيق عينيه بزهق وردد باستنكار:

_ قولي لها مالك بيه مشغول ،

 

وكاد أن يكمل إلا أنه وجدها تقتحم المكتب بكل غرور وابتسامة سمجة قائلة باستسماح :

_ معلش يامالك عايزاك في حاجة مهمة ومش هعطلك كتير ممكن ؟

 

أشار بعينيه للسكرتيرة أن تتركها وتغادر ،

 

وقام علي من مقعده وهو يلملم أشياؤه قائلا باستعجال:

_ طيب أنا همشي أنا بقي ورايا مقابلات كتير ، اشوفك في الميتنج بالليل متنساش سلام .

 

لأ مش هنسي مع السلامة ،

 

رددها مالك بهدوء ، ثم نظر إلي الجالسة تنظر له بتبجح وقال ببرود :

_ خير إن شاء الله إللي جايب نهال هانم لحد عندي وبدون ميعاد سابق ؟

 

رمشت بأهدابها بتوتر ورفعت مقلتيها تنظر داخل عيناه كطريقة منها للتأثير عليه كقبل ذلك وأردفت بعتاب :

_ كدة يامالك دي مقابلة تقابلها لي بعد المدة الطويلة إللي مشفتكش فيها ،

 

مكانش العشم برده .

 

دق بقلمه على مكتبه ليبين لها عدم اهتمامه لثرثرتها وأوضح بسخرية:

_ عشم إيه إللي بينا يانهال إللي بتتكلمي عليه ،

 

العشم ده تبليه وتشربي مايته وتقولي الحمدلله وراه إني رضيت اقعد معاكي أصلاً .

 

استمعت لحديثه وقالت بحزن مصطنع :

_ للدرجة دي هنت عليك تقول لي كدة ،

 

للدرجة دي هانت عليك عشرة ٨ سنين جواز واتنين خطوبة !

 

ضحك بصوت عالي دليلا على الاستهزاء بكلامها وأكمل وهو يحك ذقنه بتساؤل:

_ إنتي مصدقة نفسك والكلام العبيط إللي إنتي جاية تقوليه ده ،

 

خلاص مالك بتاع زمان إللي اتحايل عليكي هو وأمه إنك تفضلي جمبه ومتسيبهوش علشان خاطر أزمة صحية مسيري هتعالج منها ، وبالرغم من كده بينتي أصلك بدري أوي ،

 

واسترسل بسخرية:

_ يابنت الأصول .

 

قامت من مكانها واتجهت إلى مقعده واقتربت منه وهي تنظر داخل عيناه قائلة بندم صادق:

_ كنت لسة صغيرة وغصب عني ضعفت من ضغط ماما وإللي حواليا ، ورجعت لك دلوقتى ندمانة ومشتاقة ومن الآخر عايزاك يامالك قلبي ،

 

وبحركة مفاجأة منها وضعت قبلة هائمة علي يداه ،

 

انتفض من أمامها كمن لدغه عقرب وبسرعة ابتعد عنها فمالك يخشي الله ولا يقبل بأي شئ محرم يفعله وعنفها قائلاً بشدة :

_ إنتي إزاي يابني آدمة إنتي تسمحي لنفسك تقربي مني بالمنظر ده يامحترمة !

 

عيب علي الحجاب إللي لايمت بالحجاب بصلة اصلا إللي إنتي لابساه ،

 

وذهب إلى الباب وأشار بيديه كطريقة لطردها مرددا بعنف:

_ ودلوقتي حالاً إتفضلي اطلعي برة معنديش وقت أضيعه معاكي ،

 

ثم اتسعت عينيه بحدة كحدة عيون الصقر مردفا بصوت عالي:

_ إتفضلي وياريت مشفش وشك هنا تاني .

 

قامت وهي تحمل حقيبتها بعنف وأردفت بتوعد جراء كرامتها المهدورة وهي تقف أمامه مرددة :

_ هتندم يامالك وهتدفع تمن طردك ليا من هنا واستهزائك بيا ،

 

ثم خرجت بسرعة غاضبة من مكتبه تدل على غضبها الشديد واستيائها من مقابلته لها الغير متوقعة في عقلها بالمرة .

 

أما هو بعد خروجها حدث حاله وهو يضرب بكفٍ علي كف:

_ قال ياقاعدين يكفيكوا شر الجايين ،

 

وذهب إلى مكتبه وطلب فنجانا من القهوة كي ينزع عنه صداع الرأس من تلك الشمطاء التي كانت تجلس معه الآن .

 

أما هي بعد خروجها ركبت سيارتها وجلست بها وأمسكت هاتفها وهاتفت شخص ما مرددة بعصبية :

 

_ أيوة ياست هانم هو ده اللي قلتي لي ده الوقت الصحيح إللي هترجعي له وهيقابلك بالأحضان ،

أجابها الطرف الآخر:

_ اهدي بس إيه إللي حصل لعصبيتك دي ؟

 

جزت علي أسنانها بغضب ونطقت بسخرية:

_ البيه طردني طردة الكلاب من مكتبه وكأني حشرة وعاملني بمنتهي البرود ،

 

أنا نهال الدين يتعمل فيا كده،

 

واسترسلت بتوعد:

_ والله لا أندمه علي إللي عمله معايا وهدفعه التمن غالي ،

 

وظلا يتحدثان بتخطيط كل منهم علي هواه

__________________________________

تري مالمجهول المنتظر لأبطالنا مالك، مريم ، ريم

 

#انتهي_البارت

#بين_الحقيقة_والسراب

#فاطيما_يوسف

بين الحقيقة والسراب 2

 

#بسم_الله_الرحمن_الرحيم

#لا_إله_إلا_انت_سبحانك_اني_كنت_من_الظالمين

#البارت_الثاني

#بين_الحقيقة_والسراب

#بقلمي_فاطيما_يوسف

 

حياة الصغار أتمني أن تعود وأنسى معها ألامي التي اقتحمت روحي ودمرت كياني ،

طفولتي اندثرت تحت التراب وأصبحت سراب ،

حياتي أصبحت حقيقتها ضباب وارتياب،

وما بين الحقيقة والسراب أرواح داخلها خراب .

 

#خاطرة_مريم_عماد

#فاطيما_يوسف

 

في منزل باهر الجمَّال زوج ريم عصرا

 

عاد باهر من عمله فهو يدير مع أخيه سلسلة المطاعم المشهورة في الإسكندرية بالأسماك البحرية ذات النكهة المميزة بمطاعهم ،

 

ليتناول وجبة الغداء مع زوجته وأبنائه فهو عكس أخيه يحب التجمع مع أبنائه علي طاولة الطعام،

 

دلف إلي داخل المنزل وصعد إلي الطابق الثاني لكي يسلم على والدته ويطمئن عليها أولا ،

 

دلف إليها بوجه مبتسم وهو يقبل رأسها:

_ إزيك ياماما عاملة إيه يابرنسيسة اسكندرية بحالها .

 

واسترسل وهو يغمز لها بمداعبة:

_ إللي يشوفك كدة ميقولش عندك شابين طوال عراض زيي أنا وزاهر .

 

_الله أكبر عليكوا ياحبايبي ربنا يحرسكم ويحميكم من العين يااارب …. قالتها والدته بصدق ،

 

وأكملت بنبرة متهكمة :

_ بردوا جاي علي ملى وشك علشان تتغدي مع البرنسيسة ريم هانم ،

 

ماكنت اتغديت مع أخوك ماهو مبيجيش زيك كدة كل يوم ويتعب نفسه ،

 

ولا الست ريم هانم تزعل وتعلق لك المشنقة.

 

استوعب سؤالها وأردف بنبرة عتاب محاولا تجنب سخريتها :

_ ليه ياماما ديما مش متقبلة ريم وديما شايفاها زوجة الإبن المتسلطة والمتحكمة ،

 

واسترسل بعتاب :

_ علي فكرة بقي إنتي مربية رجالة مفيش حريم بتحكم هم ، كل الحكاية إني بحب أتجمع مع ولادي ومراتي علي سفرة واحدة ،

 

وكمان بابا الله يرحمه معودنا علي كدة كان يسيب شغله ويجي يتغدي معانا.

 

لوت شفتيها بامتعاض وأردفت بنفس سخريتها:

_ ولما إنت راجل كدة زي ما بتقول سايب البرنسيسة تشتغل رسامة وخياطة ليه ؟!

 

هي محتاجة فلوس علشان تجرسنا وسط الناس بشغلها علي النت ؟

 

انتصب قائماً كي ينهي الجدال العقيم الذي لايسمن ولا يغني من جوع مع والدته وأردف وهو ينظر إليها باستعطاف:

_ ياماما قلت لك ميت مرة ريم مبتشتغلش علشان الفلوس ولا علشان محتاجة ،

 

وبعدين ليه مسمية شغلها ده خياطة أو رسامة مع إن دي مهنة عظيمة لكل ست بتشتغلها علشان تحسن من مستوي حياتها وتقف جنب جوزها ،

 

واستطرد بتفهم :

_ ريم مصممة ياماما ومصممة شاطرة جدآ وموهوبة وبتشتغل بهدف تضييع الوقت علشان متحسش بملل ،

 

ولا إنتي عايزاها تبقي زي هند قاعدة مع دي شوية ودي شوية وجايبة لجوزها مشاكل .

 

اقتنعت بحديثه لكن عن هند فقط وأكملت بتشبس :

_ وليه متكونش زي اختك ماهي ولا بتقعد مع دي ولا دي ولا بتجيب مشاكل وبردوا حافظة قيمة جوزها ومركزه وسط الناس .

 

تأفف بضيق وتحدث بحدة:

_ لو سمحتي ياماما ياريت متتكلميش معايا في الموضوع ده تاني ريم شخصية وأختي شخصية وطالما مراتي في حالها ومبتجبليش مشاكل خلاص .

 

أمسكته من يده وأجلسته كي تراضيه لأنها رأت علامات الضيق ارتسمت علي وجهه :

_ ياحبيبي أنا بقعد باليومين هي فوقي وأنا تحتها ومبشفهاش ،

 

وأكملت وهي بحزن مصطنع:

_ والعيال ولادك بيوحشوني وببقي نفسي أشوفهم وهي مبترضاش تنزلهم إلا ورجلها علي رجلهم .

 

ربت علي ظهرها مرددا بحنان:

_ خلاص ياماما هتكلم معاها في موضوع النزول والولاد ده ، أما موضوع التصميم والهواية إللي هي بتحبها معلش ياأمي اعذريني .

 

إبتسمت بانتصار لاعتقادها أنها مغصت اليوم علي ريم ورددت بخبث:

_ لأ ياحبيبي متتكلمش معاها أنا مش عايزة أعمل لك مشاكل مع مراتك وتقول لك أمك ومش أمك آه .

 

_ولا مشاكل ولا حاجة ياحبيبتي ريم عاقلة ودماغها كبيرة …قالها باهر وهو منتوي الخروج مودعا والدته وصعد إلى شقته في الطابق الرابع وهو ينفض جميع ما قالته له والدته عن باله .

 

دلف المنزل وما أن استمع ولده الصغير مجيئه هرول إليه مسرعا بسعادة عارمة ،

 

وأخذه بين أحضانه مرددا بإبتسامة:

_ حبيب بابي إللي واحشني قد الدنيا بحالها ،

 

ونظر يميناً ويساراً متسائلاً بلهفة :

_ آمال فين مامي ؟

 

خطت إليه تحتضنه كعادتها عند عودته من الخارج ،

استقبلها بين أحضانها وقبلها من جبهتها مرددا بحب:

_ حبيبتي الجميلة إللي واحشاني جداً .

 

قبلته من وجهه وأردفت بإبتسامة عذبة:

_ حمد لله على السلامه ياقلبي ، إنت كمان واحشني جداً ،

 

واسترسلت وهي تشير إلى الطاولة :

_ يالا ياحبيبي اقلع الجاكت واغسل ايديك أنا جهزت الأكل علي السفرة ،

 

بسرعة بقي علشان احنا جعانين جدا ومستنينك ومرضيناش ناكل حاجة خالص إلا لما تيجي .

 

ذهب إلي المرحاض كي يطهر يداه وتحدث:

_ حالاً أهو هغسل إيدي وأجي لكم يا حبايب بابا ،

 

وجلست العائلة الصغيرة مجتمعين علي طاولة الطعام بكل حب وألفة متسامرين بضحكات ومشاغبات باهر مع أطفاله وزوجته ريم ،

 

وقرر أن يقضي باقي يومه معهم ،

 

ريم لها ولدان من باهر عمر في سن الخامسة من العمر ، وياسين عمره شهرين فقط .

___________________________

 

في منزل جميل المالكي ،

 

تقف راندا ووالدتها فريدة في المطبخ يجهزون الطعام ،

 

فراندا أتت لتقضي اليوم هي وأبنائها مع والدها ووالدتها وأخيها لأنها ستسافر إلي زوجها في نهاية الأسبوع ،

 

فريدة بحزن :

_ يعني خلاص يا راندا هتاخدي الولاد وتسافري آخر الأسبوع ؟

 

واسترسلت بوحشة وهي تنظر إلى احفادها:

_ أنا متعودة علي وجود الولاد حواليا بجد هفتقدهم اوي ومش عارفة هستحمل بعادك وبعادهم إزاي ؟

 

احتضنتها راندا وقبلتها من وجهها وأردفت بحب:

_ ياحبيبتي إنتوا كمان هتوحشوني أوي متتصوروش ببقي متضايقة علشان خاطر هبعد عنكم التلت شهور دول كلهم ،

 

واسترسلت وهي ترفع يداها الاثنتان :

_ ولكن ما باليد حيلة يا أمي للأسف ظروف الشغل هنا في البلد صعبة جداً ولو إيهاب فكر يرجع مش هيلاقي مكتب يعيشنا المستوى الاجتماعي والمادي إللي إحنا عايزينه .

 

رد عليها رحيم أخيها وهو يخرج من غرفته :

_ طب ياروني ما كفاية كدة ويرجع يفتح له مكتب هنا ورزقكم علي الله .

 

وجهت أنظارها تجاه أخيها وأردفت بعملية :

_ للأسف يارحيم سوق العمل هنا بقي صعب والجنية قيمته قلت جداً وزيد عليهم كمان إن كل الفلوس إللي بيبعتها لنا إيهاب يدوب عملنا بيها الفيلا بتاعتنا ولسة كمان بنشطب فيها ،

 

قدامنا سنة كمان علي مانخلصها ،

 

واسترسلت بتوضيح أكثر :

_ لو رجع بقي واستقر هنا هنضطر نحط كل الفلوس إللي معانا في المكتب وتشطيباته ونستني بقي عقبال مانكون عملاء يثقوا فينا ،

 

وبعد سنين الغربة دي كلها يبقي الحال كما هو عليه .

 

استوعب أخيها حديثها وأردف بنبرة حنونة :

_ فعلاً سوق العمل هنا بقي فيه خمول رهيب وربنا يستر ، ومين عايش في الدنيا مرتاح ياأختي ، توكلي على الله وقلوبنا ودعواتنا محاوطاكم .

 

ربنا علي ظهره بحنان مماثل ورددت :

_ حبيبي ربنا يخليكم ليا وميحرمنيش منكم أبدا ،

ومسير الأيام هتجمعنا وساعتها بإذن الله مش هنفترق أبدا .

 

وما إن أنهت كلامها حتي سمعت أباها عائدا من البنك ،

هرول إليه أحفاده مسرعين باحتضانه ،

 

استقبل هم جميل بحفاوة مقبلا كل منهم من رأسه وردد بوجه يشع سعادة :

_ يادي النور يادي النور أحفادك حبايبك منورين بيتك ياجميل ،

 

واحشني يامهاب إنت وحبيبة جدها سموكة القمر ،

 

وأمسك كل منهم بكفاي يداه وأجلسهم علي الأريكة وهو متوسطهم مرددا بحزن :

_ خلاص هتسيبوا جدوا وتسافروا .

 

احتضنوه وقبلوه من وجهه وقال مهاب :

_ إنت كمان هتوحشنا أوي ياجدوا وأكتر حاجة هتوحشني إنك تعملي كوباية القهوة التمام ونقعد أنا وأنت في البلكونة ونديها شطرنج لحد نص الليل ،

 

ثم ضم شفتيه وهو يضع إصبعه السبابة عليهم واسترسل بتأثر مصطنع:

 

_ تصدق ياجدوا إني بجد هفتقد قعدتك ودروسك إللي بتديهالي في الحياة لما أسافر .

 

_بس بقي يامهاب سيب لي جدوا شوية هو مفيش غيرك إللي حبيب جدوا…قالتها سما وهي تشدد من احتضان جدها الحبيب.

 

ابتعد جميل عن مهاب بحدة مصطنعة وأردف بنبرة حب لسما:

_ ابعد يا ولد يامهاب خليني أشبع من سمكة حبيبة جدها إللي بتعمل لي أحلي كيكة وجمبها كوباية شاي ،

 

ارتمت بين أحضانه وابتسمت لإطرائه الشديد لكل ماتفعله له وتحدثت بابتسامة عريضة:

 

_ ياه ياجدوا إنت الوحيد إللي بتعمل لي قيمة وبترفع من معنوياتي إللي دايما حابطها لي الواد ده ،

 

وأشارت بعينيها الي أخيها وهي تخرج له لسانها علي سبيل المداعبة ،

 

وبدوره ألقي بالوسادة في وجهها واشتعلت الحرب بينهم بمشاكسة ،

 

فضت والدتهم النزاع الأخوي المعتاد في كل منزل وكعادة كل ام رددت بصوت عالي:

_ بسسسس عيب يابنت عيب ياولد ،

 

ونظرت إلي والدها وقالت :

_ يالا يابابا ادخل غير هدومك أنا وماما جهزنا الغدا ،

 

واسترسلت بحزن مصطنع:

_ ولو إنك انشغلت مع الأشقية دول ومسألتش علي بنوتك حبيبتك .

 

أجابها والدها وهو ينظر إلي أحفاده بحب :

_ متزعليش مني ياروني دول بيخطفوا قلبي أول مابشوفهم ،

 

ثم ولج إلي غرفته لكي يبدل ملابسه ويخرج يتناول معهم الغداء ،

 

وضعت فريدة وراندا الطعام علي الطاولة بنظام وترتيب كعادة فريدة فهي تعشق النظام والترتيب وما إن انتهوا حتي خرج جميل من غرفته وجلسوا جميعهم يتناولون الطعام بشهية مفتوحة نظراً لتجمعهم ،

 

ثم أردفت فريدة بحزن :

_ مش كانت الست ريم هانم كانت جت اتجمعت معانا في يوم زي ده ؟

 

_إنتي كلمتيها وعرفتيها ياماما ؟

 

سألها رحيم وهو يشمر عن ساعديه ليتناول طعامه في أريحة ،

 

امتعضت ملامحها وأجابته بنبرة حادة:

_ آه طبعاً كلمتها وبتقول إنها مش فاضية وإن وراها تصميم مطلوب تسلمه بكرة ،

 

وأنها هتبقي تروح لراندا تسلم عليها قبل ما تمشي ،

 

واسترسلت باستنكار:

_ ومحليش التصميم إلا لما طلبت منها تيجي تتجمع معانا .

 

تفهم جميل حديثها وأجابها بتعقل :

_ ماتبقيش أفشة كدة مع ريم ياأم رحيم ، البنت بتعشق التصميم وبتحبه جدا وبتحاول تتطور من هوايتها وتحقيق حلمها ،

 

المفروض مننا إننا تساعدها ونقف جنبها ومنكسرش مقاديفها .

 

استنكرت فريدة حديثه ونقده وأردفت بعتاب :

_ يعني لما أكون عايزة أجمع ولادي مع بعض علي سفرة واحدة وناكل من نفس الطبق يبقي بكسر مقاديفها ،

 

واسترسلت بتوضيح :

_ فيها إيه لما كانت تستأذن من التصميم أنها هتأخره يوم علشان أختها مسافرة آخر الأسبوع ، وكانت جت اتجمعت معانا وقضينا يوم مع بعض ،

 

ولا علشان اتجوزوا وخلفوا بقي ملناش حق نضايق أو نطلب نشوفهم في أي وقت !

 

ضغط جميل علي يديها كنوع من التهدئة وتحدث بهدوء :

_ ملقتيش إلا ريم أهدي واحدة في ولادك وتشني عليها الحرب ،

 

واسترسل بتعقل وهو يغمز لرحيم وراندا أن يصمتوا عن حديثه عن أختهم لكي يهدئ والدتهم :

_ وبعدين البنت ملتزمة بعقد ومواعيد مع صاحب المصنع والعقد له شروط جزائية علي التأخير ، وغير بيتها وولادها وأنتي قلبك كبير ياأم رحيم .

 

_أيوة ياأخويا إنت هتيجي في صفي علشان الست ريم هانم آخر العنقود إللي أي حاجة بتعملها علي قلبك زي العسل ،

 

قالتها فريدة باستنكار لحديثه واستطردت بتهكم :

_ وأنا بقي الأم الشرانية وأنت الأب الطيب الحنين ،

 

ابقي خليها تعمل لك بقي الرز المعمر إللي كنت هعمله لك .

 

أجابها بدعابة على الفور متراجعا:

 

_لاااا وعلي إيه ياأم الغالين البت ريم غلطانة والغلط راكبها من ساسها لراسها ،

 

واعملي فيها إللي علي كيفك ، بس متحرمنيش من الرز المعمر بتاعك إللي يعمر الدماغ ويسلطنها ،

 

وأكملوا سهرتهم في جو أسري ممتع وأثناء اندماجهم سمعوا صوت الجرس الخاص بفيلتهم الصغيرة يعلن عن وصول أحدهم ،

 

قام رحيم وفتح الباب وإذا بالصغار يقتحمون المنزل بمشاغبة تاركين آباهم مهرولين إلي جدهم الحبيب جميل ،

 

ابتسم رحيم وردد بمشاغبة:

_ طيب مش تسلموا علي خالوا ياوحشين هو أنا كيس جوافة واقف يعني طب أنا زعلان ،

 

ومثَّل بعلامات وجهه التي أضحكت ريم وباهر بشدة ،

 

ثم ردد باهر بمداعبة :

_ إحنا نقدر نزعل كيس الجوافة يوووه قصدي الدكتور رحيم علي سن ورمح ،

 

ثم أخذه في أحضانه ليتبادلوا السلامات

ودخلت ريم سلمت علي والدتها واحتضنتها بشدة وعلي أختها بالمثل وسلمت علي أبيها وتحدثت بعتاب مصطنع :

_ إيه ده متجمعين من غيري ياأندال وكمان بتاكلوا رز معمر من إيد ست الحبايب من غير ماتعزموا عليا ،

 

مكنش العشم ياوحشين أنا مخاصماكم .

 

تأففت والدتها وردت بحنق:

_ آه يختي كلي بعقلنا حلاوة وعلي رأي المثل خدوهم بالصوت قبل مايغلبوكم ،

 

واسترسلت بتهكم:

_ هو أنا مش متصلة بيكي وعازماكي وقايلالك إن أختك جاية هي ولادها علشان نتجمع كلنا قبل ماتسافر لجوزها .

 

أنبت حالها أنها فتحت ذاك الحوار وأصبحت متيقنة أن والدتها لم تمرر جلستها مرور الكرام قبل أن تفضي مافي جبعتها بالكامل ،

 

وعلمت أن أفضل رد الآن هو الإعتذار لتجنب المشاحنات فأردفت بإبتسامة يصاحبها الدعابة:

_انا إللي جبت ده كله لنفسي ،ايه يا نبع الحنان كده تقسي علي ريما حبيبتك وآخر عنقودك مكنش العشم بردك ،

 

ثم احتضنت والدتها وأكملت بصدق:

_ معلش يا أمي حقك عليا إنتي عارفة غصب عني والله أنا ملتزمة بتصاميم بوقت محدد لازم أخلصها وإلا هتعرض لشروط جزائية .

لوت شفتيها بامتعاض وهتفت بحدة:

 

_وأنتي إيه إللي يخليكي تلزمي نفسك وتحطي شروط تورطك ، مسبتيش نفسك حرة ليه وقت ماتخلصي تبعتي علشان متضغطيش علي نفسك وتقصري في حق نفسك وحق إللي حواليكي .

 

رأي باهر أن فريدة لن تصمت إلا أن تري دموع ريم بسبب تأنيبها لها فتدخل لكي ينهي الحوار مردفا بدعابة:

_ ولا سلمتي عليا ياحماتي ولا رحبتي بيا ولا بأحفادك ولا كأنك شايفة حد غير ريما هانم ،

 

أنا زعلان جدا أنا زعلان خالص .

 

ابتسمت علي حركات وجهه وأومأت ببشاشة :

_ لأ بقي ده إنت حبيب قلبي الغالي وأبو أحفادي وأخو رحيم ،

 

ثم نظرت إلي أحفادها واحتضنتهم بحب حقيقي ، وداعبتهم وانشغلت معهم ونسيت أمر ريم والتصميم في حضرة أعز الولد ،

 

ثم نظر جميل الي فريدة مرددا بفخر :

_ سمعت إن بقي ليكي ماركة مشهورة ومكسرة الدنيا ياريما ستور ياعالمي ،

 

ابتسمت ريم علي فخر أبيها وتحدثت وهي تشير علي حالها بفخر مصطنع :

_ أيون أيون أنا بقيت مشهورة بس للأسف مغمورة ،

والله أنا خسارة في البلد دي .

 

ابتسموا جميعاً علي مداعباتها وأردف زوجها بجدية:

_ مغمورة آه قلتي لي ، طب متحلميش بقي ياحبي علشان ماتفقيش علي كابوس ،

إحنا في بينا شرط إنك لو هتشتغلي يبقي مش مباشر ، إنتي عارفة إني بغير عليكي من الهوا الطاير ،

ومش مستعد بقي لحوارات التصميم إللي معرفش مصنع مين مكلمك وآتليه مين عايزك وحوار الإغراء بالفلوس علشان تروحي للمصنع ده ولا المصنع ده ،

 

واستطرد وهو ينظر داخل عيناها بحب:

_ أنا عايز نعيش أنا وأنتي وأولادنا في هدوء بعيداً عن ضوضاء السوشيال ميديا وعالم الأعمال إللي مبينتهيش ،

 

لم يعجب جميل حديث باهر وتحطيمه لآمال غاليته ولكنه صمت لعدة أشياء أهمها أن ابنته موافقة علي حديث زوجها ولم تعترض ،

 

وأيضاً لم يريد أن يحشر نفسه بينهم هم أدري بشؤون بيتهم،

 

أما ريم حزن داخلها لأجل تصميم زوجها علي غمر موهبتها داخل أركان منزلها فقط ،

 

وأعدت نفسها للتحدث معه في ذلك الموضوع علي انفراد ،

 

ثم التهت مع عائلتها في جو كله مرح وسعادة لاتريد هي إفسادها بمزاجها السئ .

 

____________________________

 

في منزل مالك الجوهري

 

يجلس علي الأريكة وأمامه اللابتوب الخاص به يراجع بعض التصميمات المرسلة إليه من علي ،

 

وجد أن أكثرها يحتاج إلى تعديلات دونها أولا بأول لكي يرسلها إليه فهو المسؤول عن التصميمات الأون لاين ومتابعة أصحابها ،

 

إلي أن جاء أمامه التصميم المبهر الذي ينتظره كالعادة ويعرف صاحبته جيدا من أشياء كثيرة ،

 

من هدوئه الذي يخطف بريق العين ،

ومن اكتماله فنادرا ما يجد لصاحبة هذا التصميم أخطاء فهي تنفذ تصميمها بحرفية عالية ،

 

ومن توقيعها أسفل التصميم توقيع خاص بتصميمها فقط ،

 

وحدث حاله وهو يتناول قهوته ويشرب معها السيجار المفضل لديه قائلاً بإعجاب :

_ ياتري عندك كام سنة ياريما ستور علشان تصميماتك إللي في منتهي الروعة دي ،

 

إللي زيك بالخبرة والإبداع ده اكيد عمرك معدي ٥٠ سنة ،

 

وأكمل متسائلا حاله بحيرة:

_ ياتري ليه مختفية ورافضة الظهور واحدة زيك كان المفروض أقل حاجة يبقي عندها مشغل وأتيليه ويجي لها أشهر الناس يصمموا عندها ،

 

وبقي علي حيرته وتعجبه إلي أن خرجت والدته تدعوه إلي تناول العشاء ،

 

ذهب إلي طاولة الطعام وسأل والدته وهو يمسك الشوكة بيده اليسري والسكينة باليمني ويقوم بتقطيع الدجاج من أمامه بضيق:

_ هو الأستاذ مازن سهران برة كالعادة كل يوم نتعشي من غيره ،

 

ونظر في ساعة يده مردفا بحدة :

_ والساعة حالياً داخلة علي ١١ وهو ولا في دماغه .

 

ربتت أمه علي يده مردفة بحنان:

_ أمنتك أمانة يامالك ماتعصب نفسك يابني كل لما تيجي تاكل لقمة وتنكد علي نفسك ،

 

وهو بردوا شاب يابني اعذره بيعمل زي أصحابه الشباب إللي من سنه .

 

أجابها متهكما بسبب دفاعها المستميت عن تصرفات ذلك الفاشل :

_ لحد امته ياماما هتفضلي تبرري له أفعاله الزبالة دي ؟

 

البيه السنة بياخدها بسنتين ومش حاسس ولا دريان بعمره إللي بيضيع في التفاهة والهيافة إللي هو عايشها ،

 

واسترسل بضيق وهو يتناول هاتفه لكي يتصل به ويري اين هو إلي الآن وما إن أجابه أخيه انفجر فيه بحدة :

_ الأستاذ إللي بيصيع مع شلة المراهيق إللي زيه ناوي يجي امته إن شاء الله ؟

 

توتر مازن من حدة أخيه وابتلع لعابه وأجابه بتوتر:

_ أنا أنا خلاص راكب العربية وجاي أهو يامالك ،

وبعدين أنا متأخرتش يعني علشان تتعصب كدة ، دي الساعة لسة مجتش ١١ !

 

_أنا مستنيك نص ساعة بالكتير ألقاك قدامي ،

 

قالها مالك بأمر وهو يغلق الهاتف في وجهه دون أن ينتظر رده .

 

وما إن وجدته والدته يمسك بالفوطة الخاصة بالطعام والتي بها يعلن عن انتهاؤه للطعام ،

 

حتي أمسكته من ذراعه وأردفت بمحايلة:

_ أستحلفك بالله لا تقعد تكمل عشاك إللي كل يوم والتاني متكملهوش بسبب أخوك ،

 

وأنا والله لما يجي هتكلم معاه وهشد عليه ياأخويا .

 

مالك بهدوء :

_ لأ إله إلا الله ، أنا خلاص شبعت ياأمي مقدرش آكل حاجة تاني .

 

_لا والله ما هتقوم إلا لما تخلص طبقك ده كله .

 

قالتها والدته بتصميم استجاب له مالك كي لا يحزنها ،

 

ثم أنهي طعامه وطلب من والدته فنجانا من القهوة تطهيه بنفسها له ،

 

وذهب إلي الأريكة لكي يكمل عمله بهدوء وهو ينتظر ذلك البارد ،

 

انتهت والدته من صنع القهوة وما إن جاءت تجلس بجانبه حتي سمعوا صوت السيارة الخاصة بمازن ،

 

حدثته والدته بامتنان:

_ بقولك ايه يامالك متتكلمش معاه سيبني أنا المرة دي أتكلم معاه ياحبيبي .

 

وافق مالك علي حديثها لكي لا يحزنها ، وتناول قهوته في هدوء دون أن يعير قدوم أخيه ادني انتباه ،

 

نظرت إليه والدته بغضب شديد منعتة إياه بشدة :

_ حمد لله على السلامة من اللف يامازن بيه ،

 

إيه مش هتسيبك من شلة الضياع إللي إنتي ماشي وراها دي وتركز وتفوق لمستقبلك ،

 

ثم رفعت سبابتها أمام عيناه وأكملت بشدة وهي تمد يدها الأخري له :

_ هات الفيزا إللي معاك وحسك عينك تطلبها تاني إلا لما تتخرج من الكلية ،

 

انصدم هو من حديث والدته الذي يراه لأول مرة وسألها متعحبا:

_ هي الفيزا مالها ومال اني انجح أو منجحش ياماما !

 

وبعدين انتي معصبة نفسك ليه ياحبيبتي كدة غلط عليكي من السكر والضغط .

 

صممت علي أن يعطي لها الفيزا وأكملت بحدة :

_ أقول لك ليه يا عنيا الفيزا دي إللي مقوية قلبك ومخلياك تبعتر فلوسك يمين وشمال ،

علي شلة المقاطيع إللي بتمشي معاهم وبيستغلوك للضياع .

 

واستجاب مازن لإصرار والدته خوفاً من نظرات مالك التي تخترقه ظنا منه أنه سيعرف يأخذها منها وهم وحدهم ،

 

ثم انتوي الذهاب إلى أعلي ليبدل ملابسه أوقفه صوت مالك مناديا عليه بحدة أرعبته :

_ مازن اقف عندك .

 

حول بصره لأخيه وداخله يرتجف وأجابه بتوتر:

_ نعم يامالك في حاجة تانية.

 

_اتأدب لما تيجي تتكلم مع أخوك الكبير إللي في مقام والدك .

قالتها والدته له بتعنيف .

 

لم يفتح فمه ببنت شفة وانتظر تحذيرات أخيه بملل ، إلي أن سمع صوت مالك مرددا بأمر قاطع:

_ اعمل حسابك إنك هتنزل معايا المصنع من بكرة إن شاء الله ،

تتابع الشغل مع علي وتتعلم منه وتشتغل تحت إيده علشان حجم الشغل كتر عليه ،

 

وأنت ماشاء الله فاضي أهو ولا وراك شغلة ولا مشغلة ،

 

واستطرد متهكما:

_ أهو نستفاد من طولك وعرضك إللي ملوش لازمة في الدنيا غير السرمحة مع إللي يسوي وإللي ميسواش .

 

مط شفتيه بضيق وأردف مستنكراً:

_ يعني إيه أنزل الشغل والمصنع وأنا ولا أعرف أي حاجة وكمان لسة مخلصتش دراستي يامالك ؟

 

أجابه مالك ببرود دون أن ينظر له:

_ وإيه علاقة الشغل بالدراسة انت ولا بتذاكر ،

ولا بتروح الكلية غير مرة كل أسبوعين لما يهفك الشوق تغير صنف البنات الصايعة إللي إنت تعرفها ،

 

واسترسل باستهزاء وهو يشير إليه:

_ البيه إللي بيصحي كل يوم الضهر ومقضي بياكل مامه وينام ننه ،

 

شكل الواحدة البايرة إللي قاعدة ترازي في خلق الله بسبب وبدون سبب .

 

_وإن رفضت بقي يامالك هتعمل إيه ؟

 

قالها مازن باستنكار.

 

_بسيطة خالص العربية هتنسحب منك ، والأيفون إللي بآلافات إللي بتتمنظر بيه ،

 

والفيزا أوردي انسحبت منك .

 

قالها مالك بتأكيد .غضب مازن بشدة وتركه وصعد إلي الأعلي دون رد علي حديثه ،

 

_بكرة الصبح إن شاء الله تظبط منبهك علي ٩ بالدقيقة تكون صاحي ٩.٣٠ تكون علي الفطار ، سامعني ؟

 

قالها مالك دون أن ينظر إليه بكل ثقة وعاود عمله علي اللابتوب ،

 

وأثناء انشغاله بعثت له رسالة عبر الواتساب أمسك هاتفه ليري من صاحب تلك الرسالة ،

 

وجدها من طليقته وكان محتواها:

_ إزيك يامالك،

أنا بجد زعلانة منك علي المقابلة الوحشة إللي إنت قابلتها لي في المكتب ومش بس كدة ده انت طردتني كمان وخليت منظري وحش قدام السكرتيرة ،

 

أنا لسة بحبك يامالك وباقية علي عشرتنا مع بعض ،

للدرجة دي يامالك مبقتش أفرق معاك !

للدرجة دي مبقتش تحبني ولا طايق تشوفني !

 

قرأ هو رسالتها بملل واستغرب من أين أتت برقمه الخاص والذي لم يعطيه لأحد سوي والدته وأخيه وأخته وصديقه علي ،

 

وحدث حاله:

_ الزفتة دي جابت رقمي منين هو أنا ناقص وجع دماغ من الحرباية دي ،

 

مش معقول يكون علي إللي إداها الرقم ده أما أصدق إني طلقتها وخلصت من نكدها وزنها،

 

ولا ماما طبعاً ، معقولة تكون أختي ولا مازن ،

بس مازن ميجرؤش يعملها يبقي مفيش غير الست هيام هانم ما هم طول عمرهم حبايب ،

 

واسترسل متوعدا:

_ ماشي ياهيام إن ماشفت شغلي معاكي مبقاش أنا مالك.

 

ولم يعير رسائلها انتباها ثم وضع رقمها ضمن الأرقام المحظورة كي لا تبعث له رسائلها التي تجلب له صداع الرأس مرة أخرى .

 

انتظرت هي كي يرد عليها أو يعيرها انتباها بعدما رأت علامة استلامه للرسالة ولكنه لم يرد ،

 

جائت لترسل له مرة أخرى وجدته قد حظرها ورمي برسائلها عرض الحائط كما ترمي القمامة في سلة المهملات ،

 

استشاط داخلها وانتوت غدا الذهاب إلي أخته كي تشهدها عليه وعلي تجاهله وأفعاله معها .

 

عجيب حقا أمر الإنسان الشئ يكون ملك يمينه ويفرط فيه بسهولة وما إن يتركه ويرحل ثم يعود ويجد ذلك الشئ وينظر إليه بعين أخري يلمع في عينيه ثانية ويريد امتلاكه وكأنه لعبة شفراتها في يده يحركها كيفما شاء ووقتما شاء .

 

____________________________

 

في الجامعة صباحاً يدلف رحيم بسيارته إلي الجراج كي يصطف سيارته ويصعد إلي مكتبه ،

وبعدما صفها وخرج منها ذاهبا إلي مكتبه إذا به يسمع أنينا خافتا لايسمعه أحد إلا بصعوبة ،

 

سار تجاه الصوت بخطوات بطيئة جداً وإذا به يسمع صوت أحدهم يقول :

_ لاااا يا مي مش هعمل كدة ولا هنفذ لك إللي إنتي عايزاه ،

 

واسترسلت وهي تبكي ألما بصوت منخفض:

_ إنتي فاهمة إنتي بتطلبي مني ايه أصلا اعمله ! إنتي عايزاني أعمل حاجة لا عمرى هقبلها ويستحيل أعملها ولو على رقبتى ،

انتي بتعملي كدة بحكم إني مليش حد يحاسبني وإن ده عادي ،

 

يستحيل أعمل إللي إنتي عايزاه ده وإللي عندك اعمليه واللى يحصل يحصل.

 

ثم أغلقت الهاتف وجلست تضم ساقيها تنتحب بشدة بسبب ضغط تلك المي عليها وابتزازها لها بسبب خطأ ارتكبته دون قصد أوقعها تحت براثن تلك المي .

 

كل ذلك أمام الواقف المستمع لكل كلمة قيلت واخترقت أذنه ،

 

وحدث حاله:

_ مين دي إللي عماله تعيط بالشكل ده وواضح جداً إن حد بيبتزها علي حاجة وهي رافضة ،

 

وأكمل وهو مثبت أعينه علي ظهرها :

_ طيب أروح لها وأفهم منها وأحاول أساعدها ولا أخليني في حالي أحلالي لا تعملي مشكلة وإحنا هنا في الجراج ؟

 

بس أنا متعودتش أشوف حد محتاج أو حزين وبيبكي ومروحش أشوف ماله خلاص هروح وامري إلي الله.

 

وما إن خطي أول خطوة إليها حتي وجدها غادرت الجراج بسرعة دون أن يعرفها أو يعرف ما بها .

 

استغرب كثيرا وفي نهاية الأمر أغلق سيارته وغادر المكان دون أن يدري أو يستنتج ماسمعه لتوه ، أو من تكون تلك المنطوية علي حالها وتبكي علي أمرها ،

 

وصل إلي مكتبة ووضع حقيبته وجلس في مكانه وفتح جروب الواتساب الخاص بقسمِه ليري لجنة المراقبة التي سيذهب إليها اليوم ،

 

علم المدرج الذي يراقبه اليوم وجمع أوراقه وذهب إليه وأثناء سيره في الرواق المؤدي إلى المدرج اصتدم بشخص ما ووقعت أوراقه من أثر الإصطتدام ،

 

رفع راسه وإذا بها تلك المريم التائهة ،

نظر إليها وجدها مرتعبة وخائفة من تعنيفه لها وما إن وجدها تفتح شفاها لكي تعتذر أسكتها قائلا:

_ علي ما أعتقد اسمك مريم إللي كنتي جاية متأخرة المرة إللي فاتت ،

 

واسترسل بتساؤل:

_ هو إنتي دايما متلهوجة ومتأخرة كدة يابنتي ؟

 

ودايما بتجري كدة ومش مدية نفسك الوقت الكافي إللي تظبطي فيه أمورك ؟

 

تهتهت في الحديث ورفعت أنظارها إليه بعدما جمعت أوراقها المبعثرة وقالت باعتذار:

_ أنا متأسفة جداً يادكتور غصب عني والله ،

 

ظروفي صعبة وملخبطة شوية معلش اعذرني .

 

نظر داخل عيناها الزرقاويتان ووجد بهم أثر للدموع المختنقة بداخلهم وعلي وجهها آثار البكاء وأردف وهو يعرض عليها المساعدة:

_ طيب في حاجة أقدر أساعدك بيها اعتبريني حد القدر بعتهولك يساعدك ومتعتبرنيش دكتور جامعي .

 

أجابته بشرود :

 

_أنا مشكلتي وحكايتي كبيرة وغريبة وملهاش حل يادكتور ،

 

واسترسلت بتيهة :

_ أنا الموت أرحم لي من إللي أنا فيه وبعيشه .

حزن داخله لأجلها وردد باندهاش:

 

_ياه للدرجة دي حياتك صعبة !

 

نظرت أرضاً وأجابت بحزن عميق:

_ وأصعب مما تتخيل ، بعد إذنك يادكتور علشان متتعطلش ،

ميعاد الامتحان كمان عشر دقايق .

 

أذن لها أن تغادر وقبل أن تتحرك عرض عليها مساعدته قائلا:

_ لو احتاجتيني أنا مكتبي معروف جدا هنا اسألي علي مكتب الدكتور رحيم وأنا تحت امرك في أي مساعدة .

 

شكرته بعينيها ممتنة لذوقه وأخلاقه التي أصبحت غير موجودة في تلك الأيام ،

 

وذهب كل منهم إلي مشغولياته .

 

ده لينك جروبي للي حابب ينضم هنزل عليه كل الجديد 👇👇👇

 

https://www.facebook.com/groups/685323846774580/?ref=share

_________________________________

 

تري مالمجهول المخبئ لريم ، باهر ؟

 

وهل سيشفي مالك من مرضه ؟

 

وما المجهول المخبأ لمريم

 

#انتهي_البارت

#بين_الحقيقة_والسراب

#فاطيما_يوسف

#بسم_الله_الرحمن_الرحيم

#لا إله_إلا_الله_وحده_لاشريك_له_يحي_ويميت_له_الملك_وله_الحمد_وهو_علي_كل_شئ_قدير

 

#البارت_الثالث

#بين_الحقيقة_والسراب

#بقلمي_فاطيما_يوسف

 

أشعرُ بأنَّ الذِّئابَ تحاوطني من كلِّ مكانٍ وتكْسِر روِحي ،

 

أشعرُ بأنِّي أحترقُ منْ سَوادِ القُلوبِ الذِّي يجَاوِرُنِي وحزنِي يُدَمِّرُ قلبِي ،

 

كم صعبُ ذلك الزمانُ وتلكَ الأيَّامُ وهذا القناعُ باتَ يهدِّدُ سلاَمِي ،

 

أتألَّمُ وحدِي وأنكسرُ وحدِي وأحزنُ وحدِي فلا جليسَ يطمئنُ كَيَانِي .

 

#خاطرة_مريم_عماد .

#بقلمى_فاطيما_يوسف

 

انتهت مريم من محاضرتها واستعدت للرجوع الى مأواها والذي يمثل لها الجحيم على الحياه ،

 

نعم فالملجأ بالنسبه لمريم جحيمها الأبدي الذي تتمنى ان تخرج منه سليمة الروح وسليمة الجسد ،

استقلت المواصلة “الاتوبيس” التي توصلها الى الملجأ ،

 

وها هي الآن وصلت بقلب يرتجف بسبب تلك اللعينة التي تهددها ليلا ونهارا عندما وجدتها تنتظرها أمام باب الملجأ،

 

خطت بأقدام مرتعشة حتى وصلت اليها،

 

ابتسمت الأخرى ابتسامة ماكرة مردفة لها بعيون تنطق شرا :

_حمد لله على السلامة يا مريم هانم ،

 

واستطردت بتهكم:

 

_إنتي ازاي يابت إنتي تتجرئي وتقفلي السكة في وشي !

 

إنتي مش عارفة ان الفيديو اللي معايا ده أقدر أفضحك بيه وأخليكي عبرة لمن لا يعتبر ،

 

واسترسلت حديثها بتهديد :

 

_ انا عايزاكي تفكري في اللي انا قلته لك ده كويس جدا قبل ما تاخدي أي قرار علشان انا مش هتراجع ،

 

وتابعت سُمَّها التى تلقيه في أذان تلك البريئة:

 

وبعدين يا بنتي فكري بعد ما تخرجي من الملجأ هتروحي فين ؟

 

هتاكلي منين هتشربي منين هتعيشي ازاي؟

 

الملجأ خلاص ما بقاش زي زمان يضمن لك وظيفة ومكان وحتى لو ضمن لك مكان بيبقى في منطقة شعبية كلها مشاكل،

 

فصدقيني انا عايزة مصلحتك من غير حد من اللي حواليكي ما يحس بيكي .

 

انتفضت مريم كمن لدغها عقرب وأجابتها بثقة مزيفة ولكن داخلها يرتعب:

 

_ انا عمري ما هعمل اللي إنتي بتقولي عليه، ده انا لو هاكلها عيش حاف أشرف لي وأكرم لي من اللي انت عايزاني أعمله،

 

وبعدين اللي رزقني السنين دي كلها مش هيرزقني عمري اللي جاي ؟

 

قاطعت حديثها وأردفت بنبرة حادة وهي تشير لها بسبابتها:

_ انا على فكرة مش باخد رأيك انتي هتعملي اللي انا عايزاه وغصب عنك،

 

يا إما هبدا بتنفيذ تهديدي خطوة خطوة ومش هسيبك إلا وانتي متدمرة،

 

واسترسلت حديثها بهدوء اكثر لكي تميل راسها :

 

_وبعدين ازاي واحدة زيك وفي جمالك وفي رشاقتك ما تستغلش الجمال ده في حاجة تخليها تعيش سعيدة ومرتاحة .

 

كورت مريم يديها بغضب وأجابتها ببرود قاتل:

 

_ هو علشان ربنا جعلني جميلة أستغل الجمال ده في الحرام !

 

إنتي مش فاهمة انتي بتطلبي مني ايه !

 

اللي إنتي بتطلبيه ده صعب جدا انفذه ،

 

ولا انا علشان ما ليش اهل أتحامى فيهم هتستقوي عليا،

 

واسترسلت بقوة :

_بس خلي بالك انا ليا رب أقوى من أي خلق شاهد ومطلع على ابتزازك ليا واعملي حسابك مش هعمل اللي إنتي بتقولي عليه ده نهائي .

 

رفعت الاخرى رأسها لأعلى بشموخ وأردفت بقوة مماثلة لقوتها:

 

_ هنشوف يا حلوة مين اللي هيكسب في الأخر وانتظري مني مفاجأة هتعجبك قوي .

 

وتركتها وغادرت المكان وهي تركب سيارتها وتنظر لها نظرة الشر ينبعث من خلالها ،

 

وما أن فرَّتْ بسيارتها حتي انطلقت دموع مريم بغزارة ووجع وقهر ،

 

وحدثت حالها وهي تناجي ربها:

 

_ يارب ما ليش غيرك ولا أب ولا أم ولا أخ ولا خال ولا عم ولا ضهر يحميني من غدر الزمان،

 

يارب اصرف شرها عني ،

 

ثم ولجت من بوابة الملجأ وجدت المديرة تقف على أعتابه وهي تربع يديها على صدرها وتنظر لها قائلة بتهكم:

 

_ البرنسيسة مريم حمد لله على السلامة متأخرة عن ميعاد خروجك ساعة بحالها وإنتي عارفة ان انا بحب النظام وما بحبش التاخير،

 

طول عمرك كده لِعَبِيَّة وملاوعة ،

 

وعلشان تأخيرك ده تطلعي حالا تغيري هدومك وتنزلي هتنضفي حمامات الملجأ كلها ،

 

صعقت مريم من حكم تلك القاسية التي لا تصح أن تكون في مكان كل من فيه مدمرين نفسيا ،

 

وتحدثت إليها باستعطاف:

 

بالله عليكي يا أبلة انا في امتحانات ومحتاجة كل وقت اذاكر فيه والمواصلات هي اللي أخرتني،

 

لما أخلص امتحانات أوعدك اني أنفذ عقابك كله من الأول للآخر،

 

بس يارب يخليكي سيبيني أذاكر علشان عايزة أخرج بتقدير زي اللي انا متعودة عليه كل سنة .

 

لم تتأثر الأخرى بتوسلات تلك اليتيمة ولا ببكائها واكملت بحدة:

_ما تتحايليش يا هانم علشان انا ما باكلش من دموع التماسيح دي،

 

اتفضلي على فوق فورا أمري ما فيهوش جدال علشان بعد كده ما تفكريش تكرريها تاني،

 

يلا يا بنت انجري مش فاضية لدلعك ده،

 

واسترسلت وهي تعطيها ظهرها:

 

_تاتكم القرف بنات تجيب الهم أهاليكم سابوكم وطفشوا ورموكم لنا هنا يبلونا بيكم .

 

لم تعد تتحمل مريم تلك القسوة من مجتمعها التي نضجت وهي تعاني منه بلا رحمة ولا شفقة،

 

يحملونها هي ومن مثلها أخطاء من رموهم في وكر الحياة وهم لا ذنب لهم في وجودهم في تلك الظروف التي انجبروا عليها ،

 

وصعدت إلى الأعلى لكي تبدل ملابسها لتنفذ الأمر وتحاول ان تنهيه على عجالة لكي تستطيع ان تذاكر ،

 

ووعدت حالها ان تستمر في صبرها وان تتحمل أي آلام سواء كانت جسمانية او نفسية لكي تصل بحلمها الى طريق سليم ،

 

وتأني بحالها بعيدا عن تلك القساوات من المجتمع .

 

____________________________

 

عصرا في كافيه مشهور في الإسكندرية تجلس اثنتين من أرقى نساء المجتمع نهال طليقة مالك الجوهري واخته هيام،

 

نهال بنبرة صوت حادة وعيون تنطق شر :

_انتي فاهمة يعني ايه انا نهال الدين تنطرد من المكتب اللي انا وقفت جنب أخوكي فيه كأي زوجة أصيلة وبنيت معاه المصنع من الصفر،

 

ووقفت معاه وبعت له مجوهراتي واستلفت من بابا وفي الآخر يطردني انا من المكتب قدام اللي يسوي واللي ما يسواش!

 

استمعت هيام إلى حديثها بتأفف وضيق وأجابتها بتهكم:

 

_انت هتألفي يا ست نهال إنتي اه في الأول وقفتي جنبه واديتي له مجوهراتك واستلفتي له من باباكي،

 

بس المصنع ساعتها كان عليه ديون كتير جدا وقروض من البنوك جيتي إنتي لما عرفتي بمرضه أجبرتيه إنه يرجع لك دهبك ويرد لباباكي الفلوس اللي إنتي استلفتيها له منه،

 

استشاطت نهال غضبا من حديث تلك الهيام وأردفت بنبرة اكثر حدة :

_امال إنتي كنتي عايزاني أعمل إيه يعني !

 

كنتي عايزاني أفضل عايشة مع بني آدم عقيم أنا من حقي اني أخلف ويكون لي أولاد من حقي أبقى أم ودي ابسط حقوقي .

 

أجابتها هيام ببرود:

 

_ طيب وايه اللي جابرك ان إنتي ترجعي له دلوقتي وكل شوية تصدعيني وتسأليني عن أخباره عامل إيه ومش عامل إيه وانا علشان صعبانة عليا ببلغك أخباره أول بأول .

 

استكانت بجلستها وهدأت من نبرة صوتها وأردفت بنبرة صادقة:

 

_ انا مش هكذب عليكي يا هيام أنا بحب مالك ومش بس بحبه انا بعشقه ومقدرتش أتخطى حبه ولا أنسى السنين اللي أنا عشتها معاه ،

 

واسترسلت وهي تفرك يديها:

 

_ ما تتصوريش انا كل يوم بتعذب من بعد مالك عني ،

وكنت مفكرة اني لما أروح له واعتذر له بنفسي لحد عنده إن هو يسامح ويغفر ونرجع نعيش مع بعض تاني،

 

مكنتش متخيلة ان هو هيتعامل معايا بالأسلوب العنيف ده ،

كنت متخيلة اني وحشاه زي ما هو ما واحشني وإنه نفسه نرجع لبعض زي ما انا نفسي ارجع له بالضبط .

 

قطبت هيام جبينها وهزت رأسها بعدم فهم وسألتها متعجبة:

 

_ ازاي يعني عايزاه يرجع لك بعد كل اللي عملتيه فيه !

 

سبتيه وهو في عز الديون اللي متراكمة حواليه وزاد عليهم دينك اللي إنتي طالبتيه ان هو يسده ،

 

وسيبك بردوا من كل ده إنتي كسرتيه لما عرفتي ان هو مش بيخلف وطلبتي منه الطلاق،

 

مستنية إيه منه !

 

إنه يرجع يفرش لك الأرض ورد ورمل ويقول لك بالأحضان يا حبيبتي بالأحضان،

 

إنسي يا نهال ده مش مالك الجوهري خالص مالك مستعد يرمي قلبه تحت رجليه ولا إن حد يذله او يستضعفه .

 

انطلقت دموع نهال وفرت من عيناها بغزارة ونظرت لها بضعف وأردفت تطلب منها الاستشارة:

 

_طيب قولي لي يا هيام أعمل ايه علشان مالك يسامحني ويرضى عني ويرجع لي،

 

أنا طالبة منك إنك تساعديني وتقفي جنبي ومش هنسى لك الجميل ده طول عمري،

 

استوعبت سؤالها وأردفت بنبرة جادة متجنبة دموعها :

_طب ما تجيبي من الآخر يا نهال وخليكي صريحة كدة معايا علشان مش انا اللي بتاكل من جو المشاعر والحب والندم والحوارات دي إنتي عارفة ده كويس،

 

إنتي عمليه جدا فوق ما تتخيلي،

 

وا سترسلت حديثها بذكاء:

 

إنتي عايزة ترجعي لمالك علشان خاطر عرفتي ان هو كشف وربنا أكرمه وهيخف وهيرزقه بأولاد في المستقبل من اللي هيتجوزها،

 

فبلاش بقى حوار بحبه وبعشقه والحاجات دي ما بتاكلش معايا فخليكي صريحة معايا علشان نتفق .

 

انصدمت الأخرى من حديث تلك الداهية التي تكشف جانبا من حقيقة رجوعها لمالك وأجابتها بسخرية مماثلة:

 

_طب طالما إنتي بقى اللي طلبتي الصراحة ما تعترفي إنتي كمان إنك مش عايزة مالك يخلف أصلا،

 

علشان عايزة تكوشي على ثروته بما إنك أخته وهينوبك من الحب جانب،

 

أو فيما بعد يعني هينوب ولادك من الثروة العظيمة اللي هيسيبها مالك بحكم انه مش بيخلف صح ولا أنا غلطانة ؟

 

وقفت الأخرى بحدة بالغة وضربت على المنضدة بيديها وقالت لها بفحيح:

 

_ما تنسيش نفسك يا نهال وتدوري وتلفي علشان تطلعيني طماعة وأنانية زيك،

 

واستطردت حديثها بعيون تتسع وعيدا:

 

_ أنا أصلا اللي غلطانة إني ضيعت من وقتي معاكي وجيت علشان أخفف عنك شوية وأنتي أصلا واحدة ما تستاهليش ،

 

هنتظر إيه من واحدة باعت جوزها وسابته وهو في بداية حياته علشان مرض يمكن يخف منه مع السنين وما صبرتش عليه،

 

أردفت الأخرى بحدة مماثلة:

 

_ يا ريت انت اللي ما تنسيش نفسك يا هيام إنتي اي حاجة بتعمليها لي بتاخدي المقابل بتاعها ،

 

ما تنسيش اني بخدمك بمركز بابا في الوزارة وجمايلي مغرقاكي من ساسك لراسك ،

 

فلو هترفضي تساعديني يبقى نفضها سيرة ،

 

لا تعايرني ولا أعايرك الهم طايلني وطايلك .

 

رفعت الأخرى حاجبها وأردفت ببرود:

 

_اه ده انت بتعايريني بقى بالخدمات اللي انا بطلبها منك ما كانش العشم يا مرات اخويا العزيز سابقا،

 

بس انا عايزة أقول لك على حاجة تحطيها حلقة في ودانك انا لو دراعي وجعني وشد في الوجع عليا هقطعه ولا هيهمني وانت عارفاني كويس جدا ،

 

واستطردت بصوت عالِ:

 

_إنتي عايزاني أعمل لك إيه يعني أرجعك لمالك بالعافية،

 

إنتي عارفة هو مش بيسمع غير كلام نفسه وبس وانا بالذات دون ان اي حد دايما كشفني وما بيقبلش مني ولا كلمة،

 

فانتي خليكي ذكية وابعدي شوية لحد ما يهدى وكل فترة بعيدة شاغليه وخليه ينشغل بيكي ،

 

واستمر الحديث بينهما كل منهما تلاعب الاخرى بدهائها .

 

_____________________________

 

في شقة راندا المالكي مساء

 

تجلس في غرفتها وهي متأكة علي الشزلونج في جلسة استرخاء واضعةً أمامها الأيباد الخاص بها تتصفح تطبيق الفيسبوك،

 

واذا بالفيديو كول يعلن عن وصول مكالمة من زوجها،

 

على الفور ابتسمت وأجابته :

 

_حبيب قلبي وحشتني جدا ولسه كنت قاعدة بفكر فيك .

 

ابتسم الآخر على حديثها ونظر اليها بعيون تنطق غرام:

 

_ لاااا لو على الوحشة بقى فانتي اللي وحشاني كتير جدا جدا،

 

طمنيني عليكي يا حبيبتي عاملة إيه والأولاد عاملين إيه ؟

 

أخرجت تنهيدة حارة وأردفت قائلة بنبرة محملة بالعشق وعيون ذائبة:

 

_ ياه يا ايهاب ما تتصورش انا بعد الدقايق والثواني علشان آجي لك يا روح قلبي،

 

يا ترى انت زي كده بالظبط ؟

 

اعتدل الآخر بجلسته وأجابها :

 

_لما تيجي وتوصلي يا روح قلبي من أول حضن بس أحضنه لك هتعرفي قد ايه انا مشتاق ليكي وإن إنتي وحشاني ،

 

واستطرد متسائلاً باهتمام:

 

_طمنيني على الأولاد عاملين إيه؟

 

أجابته باستفاضة وهي تطمئنه على أبنائه:

 

_ الأولاد بخير يا حبيبي ما تقلقش وراك رجالة واقفين في غيابك زي الأسد ،

 

واسترسلت بتذكر :

 

_تصور مهاب النهاردة وقع في النادي أثناء التمرين ورجله كانت هتنكسر لولا ستر ربنا .

 

قطب الآخر جبينه وتساءل مستفسرا بهلع:

 

_اتأكدتي كويس يا راندا إن رجله كويسة وما فيهاش حاجة وكشفتي عليه عند دكتور كويس؟

 

أنا عارف ان مهاب حماسه في التمرين بيخليه يشد على جسمه وعلى نفسه .

 

_ما تقلقش يا حبيبي انت عارفني من ناحية أي حاجة في ولادي بقعد أفحص وأمحص لحد ما اتاكد إنهم بخير ،

 

ما تقلقش علينا بس انا حبيت اعرفكما تقلقش علينا بس انا حبيت اعرفك علشان خاطر لما زمايله ينزلوا له على جروب النادي يطمنوا عليه ما تقلقش ،

 

واسترسلت بإبتسامة بشوشة:

 

_ قول لي بقى نفسك اجيبه لك ايه معايا وانا جاية لك ،

 

بط ولا حمام ولا ممبار ولا إيه بالظبط؟

 

إيه اكتر حاجة مشتاق تاكلها من ايدي ؟

 

نظر إليها الآخر بسعادة بادية على ملامح وجهه مرددا وهو يفتح يديه على وسعهم:

 

_ هتقولي عليا إني طماع لو قلت لك انا عايز دول كلهم،

 

نفسي آكل أكل مصري من إيد مراتي حبيبتي علشان بعيد عنك معدتي أددت من اكل المطاعم وإنتي عارفاني اصلا ما بحبش اكل المطاعم وبفضل اكل البيت .

 

بانت معالم الحزن على وجهها من حديث زوجها وأردفت بحنين :

 

_ده انت تؤمرني وتشاور بس ومع على راندا الا التنفيذ،

 

بس أهم حاجة لما أعمل لك الأكل تاكله كله وما تزهقش من عمايل ايديا ؟

 

_لاااا أزهق مين يا ماما هاتي إنتي بس الحاجات اللي انا قلت لك عليها دي وما لكيش دعوة واتوصي بالبط إنتي عارفة ان انا بحبه جدا ،

 

قالها ايهاب وهو يشاكسها بمداعبة.

 

وضعت يدها بجانب جبينها كعلامة لتنفيذ الأوامر مرددة لمداعبته بمماثلة:

 

_ علم وينفذ يا سعادة البشمهندس إيهاب البحيري.

 

ضحك الآخر بشدة حتى أدمعت عينيه من فكاهة زوجته ثم اكمل حديثه بتمني:

 

_ نفسي قوي أخلص من الغربة اللي انا فيها دي واتجمع أنا وإنتي والأولاد في بيت واحد وفي مكان واحد وما اسيبكمش ابدا ابدا ،

 

بجد الغربة اه بتدي فلوس لكن بتسحب من عمرنا ومن صحتنا ومن أسعد لحظاتنا .

 

حزنت لأجله كثيرا وأردفت بتشجيع :

 

_عندك حق في كل اللي انت قلته يا ايهاب بس في الآخر لما تشوف اللي انت اتغربت عشانهم مرتاحين وحياتهم مستقرة وأمورهم ماشية هتقول انا فنيت عمري لأغلى الغاليين،

 

وهتحس إن تمن الغربة على قد ما اخد من عمرنا بس هيخلينا نعيش باقي العمر مرتاحين،

 

هون على نفسك الأيام علشان تهون،

 

وآهي ماشية إحنا بنجي لك في الأجازة وانت بتنزل لنا برده أجازة،

 

استمع الآخر لحديثها الذي نزل على قلبه كبلسم يداوي الجروح وهتف قائلا:

 

_كل اللي إنتي قلتيه ده هو اللي مصبرني على الغربة وإني أتحمل علشان خاطر ولادي يكون مستقبلهم افضل ويعيشوا حياة نوعا ما مرضيه ليهم .

 

واستمر الحديث بينهم كل منهم يثابر الآخر ويشد من أزره على التحمل والصبر حتى يكملوا رسالتهم مع أبنائهم .

 

___________________________

في فيلا مالك الجوهري

 

تجلس عبير وابنتها هيام جلسه الأم وابنتها المعتادة تحدثت هيام وهي تمسك بكوب العصير بين يديها متسائلة:

 

_ بقول لك إيه يا أمي هو مالك أخبار علاجه إيه في تقدم ولا هو لسه زي ما هو؟

 

كادت أن تجيبها والدتها إلا أنهم استمعوا لصوت مالك يدلف عليهم مرددا بتهكم وهو ينظر لأخته نظرة ذات مغزى:

 

-_وانتي مالك يا هيام تسألي عن علاجي،

 

ليه تدخلي أصلا في حاجة زي دي ؟

 

ثم وضع حقيبته واستطرد بحدة بالغة:

 

_ولا بتسألي علشان تروحي تبلغي الهانم اللي بتبلغيها كل اخباري وكأنها هي اللي أختك ومش أنا اللي اخوكي ،

 

إلا قولي لي يا هيام بتقبضي كام من ورا الشغلانة دي ،

 

نهال بتقبضك كويس ولا بتضحك عليكي ؟

 

أجابته متهكمة بكلمات خرجت من بين أسنانها باستنكار:

 

_إلزم حدودك وانت بتتكلم معايا يا مالك واعرف ان انت بتتكلم مع أختك الكبيرة،

 

يعني إيه بقبض كام !

 

هو أنا محتاجة علشان تقولي الكلام ده ولا أنا أذيتك في إيه قبل كده علشان تتعامل معايا بالبرود اللي بقالك كذا شهر بتتعامل معايا بيه ؟

 

واسترسلت بسخرية:

 

_ولا إنت كتر قعدتك مع العمال خلوك تتعامل مع أختك الكبيرة بقلة ذوق ؟

 

جلس بجانب والدته ونظر لها بعيون حادة كعيون الصقر قائلا:

 

_العمال اللي إنتي بتتكلمي عنهم دول أنضف ناس ،

 

شغالين بعرق جبينهم ومش فاضيين للقيل والقال اللي إنتي عايشة فيه، ده اولا ،

 

ثانيا أنا حذرتك قبل كده بدل المرة ألف مرة، عايزة تفضلي مكملة صحوبيتك مع نهال على عيني وعلى راسي ،

 

لكن من غير ما تنقلي لها أخباري أول بأول لأن أنا خلاص جبت اخري منك ،

 

المرة الجاية همنعك تدخلي هنا اصلا .

 

كادت أن تتحدث لولا والدته عبير أشارت إليهم ان يصمتوا مرددة بعتاب:

 

_كده يا ولاد بطني تعملوا كده وانا موجودة وعايشة على وش الدنيا ،

 

آمال لما أموت هتعملوا إيه في بعضكم إخص عليكم ،

 

ما كانش العشم يا مالك تطرد أختك من البيت في وجودي،

 

وما كانش العشم يا هيام تروحي للحرباية طليقته وتبلغيها أخباره على طول ،

 

اقعدوا انتوا الاتنين واستهدوا بالله أحسن والله العظيم اسيب لكم البيت ده خالص وامشي .

 

نظر مالك إلى والدته وتحدث باسف وهو يمسك كف يديها ويضع عليه قبلة ويمسك جبينها ويقبله :

 

_انا آسف يا أمي ما تزعليش مني وحقك عليا إنتي عارفة إن البيت ده بيتك وأنا ما اقدرش إن انا أتكلم وأقول مين يدخل ومين ما يدخلش حقك على راسي من فوق،

 

واسترسل بحزن بالغ:

 

_بس أنا صعبان عليا نفسي إن أختي الوحيدة والمفروض ان هي الكبيرة بتاعتنا تقعد مع طليقتي وتبلغها باللي بيحصل في حياتي وهي عارفة كويس هي عملت فيا إيه.

 

تنهدت والدته بتعب واحتضنته بشدة وأردفت قائلة بحنان بالغ:

 

_يا حبيبي ربنا يبعدها عنك ويكفيك شرها ويرزقها باللي يلهيها عنك ويرزقك إنت كمان ببنت الحلال اللي تسعدك ويشفيك يا ابن بطني .

 

واسترسلت متسائلة:

 

_بس ليه يا حبيبي افترضت إن أختك بتحكي لها كل أخبارك ما يمكن بتعرفها من حد تاني؟

 

قطب جبينه وهز رأسه بعدم فهم وتسائل متعجبا:

 

_هي نهال هتجيب رقمي الخاص منين يا ماما محدش يعرفه خالص غيرك انتي ومازن وعلي صاحبي وهي كمان ،

 

أكيد ما فيش واحد منكم هيديها رقمي غيرها هي ،

 

ثم نظر الى أخته متسائلاً:

 

_صح الكلام ده ولا أنا غلطان يا هيام؟

 

فركت هيام يداها بتوتر وأجابت بزيف:

 

_والله يا مالك اتصلت بيا واتحايلت عليا اديها الرقم وقالت لي إنها عايزاك في شغل وانا كان نيتي خير ليك،

 

واسترسلت بدفاع:

 

_ليه ما تسامحهاش يا مالك نهال بتحبك جدا وندمت على كل اللي عملته معاك،

 

ليه ما تديهاش فرصة تانية وهي أحسن من غيرها على الاقل عارفة بظروفك وراضية بيها .

 

كاد مالك أن يعنفها بالكلام إلا أن والدته أشارت اليه بالسكوت لكي ترد بدلا عنه ونظرت إلى ابنتها نظرة غضب متحدثة باندهاش:

 

_انتي اتجننتي يا بت إنتي ولا جرى لمخك حاجة !

 

عايزاه يرجع لها إزاي إنتي ناسية هي عملت فيه ايه اللي تبيع مره تبيع ألف مرة ودي ما باعتش بس دي باعت ودمرت وهزمت اخوكي وسابته في عز شدته وكملت عليه

 

واسترسلت متسائلة باستنكار :

 

_وبعدين إنتي مالك اصلا يرجع لها ولا ما يرجعلهاش،

 

تدخلي في اللي ما لكيش فيه هو بيجي يتدخل في حياتك وفي خصوصياتك وفي ولادك مالك انتي وماله ،

 

هتستفادي ايه يعني من الموضوع ده كله وعماله تحاربي علشانه وانا كل ده وساكته لك لكن لحد هنا واستوب يا هيام انا اللي هقف لك بعد كده .

 

استشاطت هيام غضبا وقامت من مكانها بغضب قائلة:

 

_بقى كده يا ماما بتسمي خوفي على اخويا وعلى مصلحته واني عايزه ارجع له بيته ومراته تدخل في اللي ما ليش فيه،

 

واني عايزه مصلحة من وراه هتكون يعني ايه المصلحة اللي هستفادها من نهال شكرا قوي يا امي ،

 

ولم تنتظر رد والدتها واخذت حقيبتها وفرت من امامهم بعد ان جلدوها،

 

ثم نظرت عبير الى ابنها وهي تربت على ظهره مردده:

 

_معلش يا حبيبي مهما كان دي اختك الكبيره والوحيده استحملها علشان خاطر امك وانا ما سكتلهاش اهو،

 

بس بالله عليك يا مالك اوعوا يا ابني الدنيا والزمن يفرقوكم في يوم من الايام انا عشت طول عمري اكلكم من طبق واحد وما فرقتش بينكم ابدا ،

 

ومش عايزه الدنيا تفرقكم عن بعض،

 

كده احس ان تعب السنين راح هدر واني ما أديتش الرساله كما ينبغي ان يكون وهحس ان والدك مش مرتاح في تربته بسبب فرقتكم عن بعض يا ابني،

 

طمأنها مالك وهو يحتضنها:

 

_يا حبيبتي يا امي ما تقلقيش ولا تحطي في بالك انتي عارفه ان انا بطلع بطلع وبنزل على ما فيش ،

 

وان انا بحب اخواتي جدا اكتر من نفسي وما تقلقيش عمري ما هفكر افترق عنهم ابدا في يوم من الايام،

 

ودايما هعود نفسي اتحمل معاهم غلطاتهم واجي على نفسي علشان خاطر زعلك يا ست الكل .

 

_لا يا حبيب قلبي اوعى تيجي على نفسك ابدا علشان خاطر اي حد،

 

كل اللي بطلبه منك ما تتفرقوش يعني عاقب وخاصم بس ما تزيدش في العقاب والخصام علشان البعيد عن العين بعيد عن القلب ربنا يحفظكم لبعض يا ولاد عمري .

 

قالتها ام مالك بنصح وحنين لولدها الغالي .

 

واكملوا حديثهم ومالك يحاول ان يروي عن قلب والدته وينسيها ما حدث حتى لا تحزن

 

احيانا نضطر ان نتنازل بعض الشيء حتى لا نحزن اغلى المقربين لقلوبنا لانهم هم نفسهم تنازلوا الكثير من اجلنا اجل فلتنازل قليلا كي نعبر بسلام حروب الحياه

 

______________________________

 

في منزل باهر الجمال مساء وبالتحديد في شقه زاهر

 

يجلس زاهر ممسكا بكوب من القهوة في يد وفي اليد الاخرى سيجاره المفضل منتظرا زوجته هند التي تحمم بناتها وتجعلهم يستعدوا للنوم ،

 

وممسكا بهاتفه يتصفح من خلاله الأكونت الخاص به الى ان تاتي وبعد نصف ساعه دخلت هند بمنظرها المزري وشعرها الأشعث كعادتها ،

 

نظر اليها زاهر بضيق متحدثا بتهكم :

 

_هي قرون الاستشعار دي هتنزل امتى يا ست هند مش هتبطلي بقى بهدله في شكلك وتهتمي بنفسك؟

 

كذا مره نبهتك على الحوار ده وأنتي ولا إنتي هنا !

 

واسترسل بسخرية:

 

_زي برده المنظر المقزز بتاع البيت اللي كل يوم ادخل الشقه والاقيها مبهدله ومش نظيفه وريحتها وحشه بالمنظر ده مش هتعدلي بقى .

 

تاففت هند بضيق واجابته بلا مبالاه:

 

_انت مش هتبطل بقى اسلوبك ده في الكلام معايا وتركز في كل حاجه حواليك هو احنا بنشوفك امتي اصلا انا والبنات غير الساعتين بتوع بالليل ،

 

واسترسلت بسخرية:

 

_ما بتشوفش اخوك باهر اللي كل يوم ما يرضاش ياكل لقمه ولا يتغدى بره بعيد عن مرات واولاده ولا احنا بنشوكك ومش قد المقام يا استاذ زاهر .

 

ضحك بسخريه على حديثها وردد قائلا:

 

_انتي تيجي ايه في ريم مرات باهر له حق طبعا يجي طاير يتغدى معاها ومع اولاده ست شاطره ونظيفه ومهتمه ببيتها وبولادها ،

 

بالرغم من ان ليها مهنة بتاخد من وقتها كتير،

 

اما إنتي ولا وراكي اي حاجه مهمله في نفسك وفي بيتك وفي بناتك وحذرتك بدل المره ميت مره

 

وخلاص انا جبت أخري منك انا راجل بحب أرجع بيتي بعد يوم شغل صعب الاقي مراتي في احسن صوره وبيتي هادي ومريح استريح فيه،

 

لكن انا ولا لاقي ده ولا لاقي ده لما اشوف اخرتها معاكي ايه ،

 

ويلا اتفضلي اطفي النور واخرجي بره عشان عايزه انام .

 

اجابته بعدم رضا:

 

_كل يوم خناق على التفاهات وتنكد عليا عيشتي ما اعرفش ليه شكل ما يكون ما فيش غير هند في الدنيا دي اللي واخده الهم كله ،

 

واكملت حديثها في الخارج دون ان يسمعها:

 

_تاتكم القرف رجاله تجيب الهم مش كفايه عليا خدمه بناتك اللي مطلعين روحي طول النهار لا وكمان بتتريق على كل حاجه

 

ونظرت حولها يمينا ويسارا مردده باستنكار:

 

_مالها الشقه نظيفه وزي الفل ده جت على حبه الورق والهدوم المرمين في الارض دول كل يوم يقرفني عليهم لما اروح اشوف لي اي حاجه اكلها بدل الهم ده،

 

وذهبت الى المطبخ لكي تنفس همها في طعامها ولا تلقي بال لحديث زوجها ولا يزعجها من الاساس لانها اعتادت عليه

 

_____________________________

 

نفس المنزل في شقه باهر الجمال

 

تتحدث ريم مع والدتها في الهاتف

 

ريم بابتسامه لوالدتها:

 

_ربنا يخليكي ليا يا امي ويديم صحتك عليكي يا رب،

 

صينيه النجرسكو اللي إنتي بعتها لي تحفه يا امي ولا الحمام خطير بجد بجد تسلمي لي .

 

اجابتها والدتها بابتسامه مماثله:

 

_انا قلت ابعت لك الأكل اللي إنتي بتحبيه علشان انتي ما اكلتيش معانا لما كانت اختك موجوده،

 

وبرده عشان اصالحك على زهقي عليكي لما جيتي معلش يا حبيبه قلبي إنتي عارفاني بحب اجمعكم كلكم مع بعض بحس الفرحه مش سايعالي وانتم كلكم حواليا .

 

ريم باحترام لوالدتها:

 

_انا عمري ما ازعل منك ابدا يا امي مهما عملتي ده إنتي احن أم في الدنيا ،

 

بس إنتي عارفه طبيعه شغلي ايه ،

 

حتى لو كان التصميم بالنسبه لي هوايه بس انا واخده تحدي مع نفسي اني اتقدم فيه كل يوم خطوات عن اليوم اللي قبله،

 

واسترسلت بدهاء كي تكسب والدتها:

 

_وانتي عارفه ان احنا كلنا طالعين لك في الحكايه دي لازم الحاجه اللي بنعملها تطلع من تحت ايدينا مظبوطه وما فيهاش غلطه،

 

وعودتينا برده ان احنا نبقى توب في مجالاتنا علشان خاطر نفضل طول عمرنا مميزين في كل حاجه

 

يسلم لي دعمك ليا وحنانك عليا يا ست الكل،

 

واستمرا في حديثهما الى ان انهت ريم المكالمه بعد رجوع زوجها باهر من العمل،

 

دخل باهر غرفته ووجدها تتحدث مع والدتها ابدل ملابسه بهدوء وانتظرها حتى انهت مكالماتها وسالها:

 

_ فين الاولاد يا حبيبتي مش سامع لهم صوت؟

 

ابتسمت له واجابته برقه:

 

_الاولاد ناموا من ساعتين انت عارف عمر عنده حضانة وياسين نومه متقطع .

 

واسترسلت بتساؤل:

_تحب احضر لك العشا دلوقتي .

 

أجابها باهر متمنعا:

 

_لا يا حبيبتي خليكي مرتاحه انا مش قادر اكل حاجه خالص من ساعه الغدا لو انت عايزه تتعشي روحي وانا هستناكي .

ريم بابتسامه:

_انت عارف انا مش بتعشى اصلا لان الاكل بالليل بيعمل لي حموضه على صدري،

 

ثم توترت قبل ان تبدا حديثها معه التي تعد له منذ ايام واجلته عدد من المرات ولكن اخذت نفسا عميقا وقررت ان تفاتحه:

 

_بقول لك ايه يا حبيبي عايزه اتكلم معاك في موضوع مهم ممكن؟

 

ضيقه باهر عينيه واجابها بصدر رحب:

 

_ممكن طبعا يا حبيبتي انتي اصلا ما تستاذنيش تتكلمي على طول .

 

أخرجت تنهيدة حارة وأنزلت بصرها وأردفت قائلة بنبرة محملة بأثقال من الهموم :

 

_انا لي عتاب عندك وزعلانه منك بسبب كلامك اللي قلته قدام بابا وماما واخواتي عن شغلي في التصاميم .

 

ضم حاجبيه وعبس وجهه وسأل مستفسرا بدهشة ظهرت علي ملامحه :

 

_كلام ايه اللي انا قلته عن التصاميم يا ريم مخليكي زعلانه كده وشايله مني انا عمري قلت حاجه تزعلك اصلا قدام اي حد ؟

 

تحدثت بهدوء كي لا يبدأوا مناقشتهم بجدال سئ:

 

_طبعا ليك حق ما تفتكرش لان الكلام اللي قلته ده اللي انت بتقوله لي على طول وحابب توصله لي بس انا ليا كيان وحلم وعايزه احققه،

 

ومن حقي عليك انك تتناقش معايا فيه بهدوء من غير زعل .

 

استغرب بشده لحديثها وردد:

 

_طيب انا وقفت قصاد حلمك ولا منعتك من هوايتك اللي انت بتحبيها بالعكس انا دايما بدعمك برايي وبشجعك تكملي .

 

نطقت ريم بصراحه كي تنهي هذا الامر بلا رجعه:

 

_بصراحه يا باهر المصنع اللي انا ببعت له التصاميم كلمني كذا مره اني اشتغل في المصنع معاهم وجها لوجه وهيدوني مرتب كويس جدا،

 

وقبل ان تكمل حديثها قاطعها:

 

_انتي عايزه تخرجي تشتغلي في مصانع وتتعاملي مع رجاله!

 

ما كانش ده اتفاقنا من الاول يا ريم ،

 

واسترسل بتهكم:

 

_وبعدين مرتب ايه اللي إنتي محتاجاه انتي عايزه تروحي تشتغلي في المصنع علشان خاطر المرتب ،

 

طب ما انا مستعد اديكي المرتب ده بس تقعدي في بيتك معززه مكرمه وما تسمحيش لحد يتحكم فيكي عشان حبه فلوس .

 

اتسعت ملامحها بذهول لعدم فهم زوجها مغزى حديثها واردفت بجدية:

 

_هو انت مفكرني عايزه اروح اشتغل في المصنع علشان خاطر المرتب ولا علشان خاطر الفلوس؟!

 

انا بصراحه كده شايفه اني بدفن نفسي وتصاميمي اللي انا شايفاها انها تستحق تبقى براندات عالميه في شغل الأون لاين،

 

اللي زيي كان زمان دلوقتي عندها اتيليه ومشغل بسيط وعامله مشروع صغير تحقق فيه حلمها،

 

بس انا ما طلبتش منك كل ده كل اللي انا طالباه اني اشتغل ،

 

انا حاسه ان انا مخنوقه من روتين الحياه اللي انا عايشاه .

 

انزعج بشده من حديثها ولاول مره يعلو صوته عليها مرددا بحده:

 

_يعني انا يا ست ريم هانم خانقك وقافل عليكي!

 

ما انا حياتي كلها انتم وشاغل نفسي بيكم اكتر من اي حد وبحاول بقدر الامكان اني اخرجك انتي والاولاد وقت ما اكون انا فاضي .

 

اشارت ريم بسبابتها في وجهه:

_لو سمحت يا باهر ما تعليش صوتك عليا انت عارف اني ما بحبش الصوت العالي،

 

وعلى فكره اللي انا بطلبه منك ده حقي لا الدين ولا الشرع منع الست انها تشتغل وتحقق حلمها طالما مش هتقصر في بيتها ،

 

ثم ربعت يديها واكملت بتاكيد:

 

_وبصراحه كده انا مصممه ان انا انزل اشتغل ويبقى ليا هدف اسعى علشانه .

 

استشاط غضبا واجابها بصوت عالي اكثر من ذي قبل:

 

_هو الشرع حلل يا ست هانم ان الست ما تسمعش كلام جوزها او تخالف اوامره شرع ايه ده اللي انت بتتكلمي عنه،

 

وخلاصه الكلام يا ريم شغل ما فيش شغل انسي .

 

_تمام ياباهر يا نوصل لحل مرضي يا اما اتصل ببابا وماما يجوا يحلوا معانا المشكله دي،

 

قالتها ريم بتصميم.

 

انصدم مما سمع لتوه وتوجع من حديثها وأردف بهدوء ما يسبق العاصفه:

 

_من امتى يا هانم واحنا بندخل حد في مشاكلنا من امتى خرجنا سر بيتنا بره وحد سمع بينا !

 

واستطرد بغضب شديد:

 

_قفلي الحوار ده وما تتكلميش فيه تاني لان انا اديت امري وخلاص .

 

_لا يا باهر انا مش شغاله عندك انا هنا مراتك وشريكتك في حياتنا ، وأنا مش جرسون شغال عندكم في المطعم علشان تدي له اوامر ويسمعها،

 

انا بني ادمه ليها راي والمفروض تحترمه .

 

قالتها ريم بتصميم أكثر .

 

اجابها باهر وهو ينهي الامر:

 

_تمام كده يا هنا اختاري يا بيتك واولادك يا الشغل

 

انصدمت ريم من مقارنته وانهائه للامر بينهم بتلك البساطه ورددت بعناد:

 

_خليك فاكر يا باهر ان انا اللي ما حطتش المقارنه دي،

 

وانا هختار الشغل وولادي طالما الانانيه وحب الذات وصلت عندك للدرجه دي !

 

انصدم الاخر من حديثها ككل وجلس على على تخته وهو يضع راسه بين يديه مرددا:

 

_عمري ما كنت اتخيل ان المناقشه ما بيني وبينك توصل للدرجه دي!

 

عمري ما كنت اتخيل ان انتي تهدي بيتنا بسهوله دي وان إنتي تختاري الشغل على باهر !

 

بجد انا انصدمت فيكي صدمه عمري .

 

ثم أمرها ان تخرج من الغرفه وتتركه وحده،

 

كادت ان تتراجع وترتمي تحت قدميه وتتاسف له الا انها رات ان من حقها العمل وتحقيق الذات فغادرت الغرفه بسرعه اما هو فارتمى على تخته مغمضا عينيه بوجع

 

وانتهت تلك الليله محمله بالاثقال على قلوبهم واتى الصباح محملا بعلم الغيب،

 

استيقظت واستغربت بشده ان باهر نائم الى الان ولم يذهب الى عمله ولكن استنتجت انه مهموم من حديث الامس مثلها ولم ينم الا متاخرا من الليل فتركته يستريح وينام،

 

انشغلت هي بمتطلبات اولادها ومنزلها ،

 

حتي فات من الوقت عده ساعات وباهر كما هو نائم،

 

انشغل قلبها وعقلها عليه بسبب ساعات النوم الكثيره التي نامها باهر وقررت ان تدلف الى الغرفه لكي توقظه،

 

دقت على الباب قبل ان تدخل كعادتها ولكن لم تجد ردا ففتحت الباب ودخلت ونادت عليه:

_ باهر باهر قوم احنا قربنا على العصر ،

 

باهر ، باهر مبتردش عليا ليا .

 

لينك جروبي للي حابب ينضم هنزل عليه كل جديد 👇👇👇

 

https://www.facebook.com/groups/685323846774580/?ref=share

 

نفسي تفرحوني بجد بريفيوهات وتقول ولي رأيكم في السرد والحوار والقصة وتناقشوني بجد هبقي في قمة السعادة بتفاعلكم معايا وكمان الريفيوهات بتشد القراء للرواية إلا إذا كانت متستاهلش 🥺🥺 وبجد أنا راضية بالتفاعل بتاعكم ومنحرمش منكم أبدا 🥰🥰

 

#انتهي_البارت

 

تري ماذا يحمل الزمن لأبطالنا ؟

 

#بين_الحقيقة_والسراب

_بقلمي_فاطيما_يوسف

#بسم_الله_الرحمن_الرحيم

#لا_إله_إلا_انت_سبحانك_اني_كنت_من_الظالمين

#البارت_الرابع

#بين_الحقيقة_والسراب

#بقلمي_فاطيما_يوسف

 

عصرا داخل البنك الأهلي بمدينة الإسكندريه يجلس جميل على مكتبه يفحص بعض الميزانيات ويراجعها وهو يرتدي نظارته بمهنية،

 

ثم استمع الى دقات على باب المكتب وأذن للطارق بالدخول،

 

وإذا به المهندس نادر يدلف وعلى وجهه علامات السعادة مرددا بنصر:

 

_اخيرا وصلت له يا جميل بيه ،

 

اترصدت له  وجبت لك اسكرينات بمحاولاته للسرقة من كذا مكان .

 

ومد يده بالملف المطبوع به الاسكرينات .

 

أخذه منه جميل وهو يثني عليه بامتنان متطلعا إليه وعلامات السعاده باديه على وجهه  :

 

_عظيم عظيم يا هندسه كنت واثق ومتأكد ان انت هتجيب اخره ما انا مش بشغل معايا اي حد برده ،

 

واسترسل حديثه وهو متعمق في قراءه الاسكرينات مرددا بتساؤل:

 

_طيب الاسكرينات دي كفيله انها تسجنه ولا هيقول ان ده مش ايميله والحوارات دي وخاصه ان انت بتقول ان هو ذكي ومأمن نفسه كويس جدا .

 

استمع نادر الى سؤاله بتركيز واجابه بدقه شارحا له:

 

_شوف يا فندم  الاسكرينات اللي مع حضرتك هتلاقيني موضح اربع كافيهات كان متواجد فيهم وهو بيحاول يهكر بيهم البنك ،

 

والكافيهات دي ملغمه بالكاميرات واحنا لما نقدم الأوراق اللي معانا دي لمباحث الانترنت هي بمعرفتها هتتاكد ان الاسكرينات دي صحيحه وكمان هتلاقي في الملف اللي مع حضرتك صوره له لقطها له لما كنت في الكافيه اللي في الجيزه اللي بالصدفه عرفت اوصل له منه ،

 

واستطرد شارحا بتنبيه:

 

_هتلاقي مع حضرتك في الملف ميعاد كل مره راح فيها كل كافيه تقريبا من سبع ايام بالظبط راح الكافيهات دي،

 

فاحنا لازم نتحرك بسرعه ونبلغ مباحث الانترنت لان الكاميرات بتتفرغ بعد ١٥ يوم بالظبط علشان يتاكدوا .

 

نظر له جميل وسأله بتركيز :

_طيب انت عرفت ازاي ان هو كان بيروح الكافيهات دي؟

 

اجابه نادر بعمليه وذكاء:

 

_كنت مكلف واحد يراقبه ويشوف وهو رايح فين في كل مره بيروح فيها وطبعا انا معايا رقم الأيباد بتاعه كنت ببحث عن مكان الكافيه اللي موجود فيها وانا قاعد مكاني وفعلا بتاكد ان الجهاز ده موجود في المكان ده وبسجل اليوم والساعه زي ما موجود عندك في الاسكرينات .

 

_هايل هايل يا باشمهندس نادر بجد انت بهرتني،

قالها جميل وهو معجب بذكاء نادر وأكمل باستعجال وهو يجمع الاسكرينات الورقية من أمامه ويعطيها له قائلا باستعجال:

 

_حالا تاخد محامي من الشؤون القانونيه اللي تبع البنك وتروحوا فورا على النيابه وتقدموا بلاغ فيه مش هنستنى زي ما انت ما قلت لي ،

 

علشان يبقى عبره لكل واحد يفكر نفسه زكي عصره وأوانه ويفكر في السرقه بدل ما يستغل موهبته الالكترونيه وذكاؤه في السرقه .

 

اخذ نادر منه الملف مرددا وهو يقوم من مكانه باستياء:

 

_انا مش عارف اهالي الشباب اللي زي دي ازاي سايبينهم كده ولا بيسألوهم رايحين فين ولا جايين منين ولا بيعملوا ايه ؟

 

اجابه جميل بتوضيح:

 

_والله يا نادر يا ابني ساعات الأب والأم بيبقوا  بيسعوا على رزقهم علشان يخلوا اولادهم مش محتاجين حاجه فأكيد الولد ده مش راضي بحاله ولا اللي ربنا قسمه له فلجأ للسرقه واكيد امه وابوه مش عارفين هو بيعمل ايه .

 

اعتدل نادر بوقفته وانتصب منتويا الخروج مرددا باستنكار:

 

_ما اعتقدش يا فندم ان الولد ده من ذوي الطبقات المتوسطه او اللي تحت المتوسطه وده واضح جدا من الكومباوند اللي ساكن فيه،

 

ومن نوع الأيباد اللي شايله وطبعا عنده كذا واحد وكمان الكافيهات اللي بيروحها ما يدخلهاش اولاد الناس اللي حضرتك بتقول عليهم ،

 

ثم استأذن من مديره باحترام وتركه،

 

وبعد ان خرج حدث جميل نفسه بتعجب :

 

_انا مش عارف ايه الجيل المهبب اللي ما يعلم به الا ربنا ده يعني حالتهم الماديه كويسه جدا وبيسرقو ،

 

فعلاً مابتهونش إلا علي الغلبان،

 

ثم عاد الى عمله واثناء انشغاله رن هاتفه المحمول برقم ابنته ريما ،

اجابها مبتسماً:

_ريما حبيبه بابا ،

 

وكاد ان يكمل سلامه عليها الا انه استمع الى انهيارها وهي تردد بنحيب :

 

_الحقني يا بابا باهر مغمى عليه وعمال افوق فيه مش بيفوق خالص مش عارفه اعمل ايه تعالى لي بسرعه .

 

انتفض جميل من مكانه وحدثها باطمئنان:

 

_اهدي يا حبيبتي واشرحي لي ايه اللي حصل بالظبط علشان أتصل بالدكتور  وأحكي له .

 

تحدثت من بين شهقاتها بكلام لم يفهمه والدها بتاتا ولكنه سألها :

 

_اهدي يا حبيبه بابا انا جاي لك على طول مسافه الطريق بس وهتصل بالدكتور  يحيي يجي لنا على هناك،

 

طيب ما ندهتيش لوالدته ليه ولا لاخوه بدل ما انت لوحدك كده ؟

 

اجابته وعيونها متعلقه بباهر الملقي امامها :

 

_ مش موجودين حماتي ميعاد زياراتها  القبور النهارده وبتتأخر وزاهر هو اللي بيوديها وانا هنا لوحدي،

 

واكملت بكائها بشده .

 

طب يا حبيبتي هدي اعصابك بس علشان الولاد ما يخافوش وانا خلاص 10 دقائق وهكون قدامك ،

 

قالها جميل وهو يقود سيارته باستعجال ،

 

وما هي الا دقائق حتى وصل إلى العماره التي تسكن بها ابنته وقبل ان يصعد الى الطابق المنشود هاتف الطبيب واستعجله ان يأتي سريعا ثم صعد الى شقة غاليته  ووجدها تفتح له الباب بسرعه عندما استمعت الى صوت سيارته وأدخلته الى غرفه زوجها،

 

احتضن يداها وهو داخل لكي يطمئنها،

ووصل الى باهر الملقى على تخته لا حول له ولا قوه نظر اليه نظره عميقه وتحسس كف يديه وجبهته وجدهم مثلجتين تماما،

 

انخلع قلبه مما جال بخاطره ولكنه لم يفصح عنه خوفا على ابنته وفضل السكوت تماما الى ان يحضر الطبيب ويقوم بفحصه لعل وعسى يخلف ظنه،

 

وبعد ربع ساعه وصل الطبيب وأدخله جميل الى غرفه باهر ،

 

اخذ الطبيب سماعته وقام بفحصه تماما وبعد ان انتهى نظر اليهم بأسى وحزن مرددا:

 

_البقاء لله يا جماعه .

 

جحظت ريما بعينيها وتحركت براسها يمينا ويسارا وغير مصدقه ما قاله الدكتور للتو وذهبت اليه ممسكه بتلابيب حلته وهي تهزه مرددة بانهيار:

 

_ايه اللي انت بتقوله ده يا دكتور باهر مات!

لا انت غلطان لو سمحت عيد الكشف تاني وتاكد من كلامك من فضلك يا دكتور من فضلك عيده تاني ،

 

كل ذلك بدموع تهبط على وجهها كالشلالات وحدسها يؤكد لها انه ما زال حيا وعلى قيد الحياه وانه لم يمت ويتركها هي وأبناؤها .

 

نزع ابيها يدها من على الطبيب وجمع معه اشيائه وتركه يغادر ،

 

الا انها رفضت تماما ان يغادر الطبيب قبل ان يعيد الكشف وهجمت عليهم بكل قوتها مردفه بعنف:

 

_انت بتعمل ايه يا بابا سيبه بالله عليك يكشف عليه تاني هو اكيد غلطان باهر ما ماتش هو وعدني انه هيفضل جنبي ويكمل معانا انا والاولاد وعدني انه مش هيسيبني خالص هو اكيد غلطان اكيد غلطان .

 

احتضن ابنته وربت على ظهرها كي يهدئها وهي منهارة تماما ولم تستمع لأي من كلماته والى الآن لم يصدق حدسها ما حدث وابتعدت عن أبيها وذهبت اليه وهي تحتضنة مرددة ببكاء يمزق القلب:

 

_لا يا باهر قوم يا حبيبي وانا هعمل اللي انت عايزه ومش هشتغل وهبطل التصميم خالص،

 

وأكملت وهي تتشبث به بشدة :

 

_قوم يا حبيبي ما تسيبنيش مش هقدر أكمل من غيرك انت وعدتني ان احنا هنكمل مع بعض لآخر العمر ما لحقتش اتهنى بيك ولا اتدفى في حضنك .

 

جذبها ابيها من ظهرها واحتضنها وهو يربت على ظهرها مهدئا لها:

 

_يا حبيبتي هدي نفسك علشان خاطر اولادك  بيعيطوا من منظرك،

ده عمره والأعمار بيد الله كلنا مسيرنا سايبينها وهنروح للي خلقنا واللي أحن علينا من اي حد وافتكري قول الرسول صلى الله عليه وسلم

“انما الصبر عند الصدمة الاولى ”

 

واسترسل حديثه وهو ينظر داخل عيناها ليحثها على الهدوء:

 

_اهدي يا حبيبه ابوكي اهدي علشان خاطر إبنك الكبير بيرجف من الخوف والصغير مفلوق من العياط كأنه حاسس اهدي يا ماما اهدي .

 

ما إن ذكر ابيها اسم أولادها جرت عليهم واحتضنتهم ودموعها على وجهها كالشلالات والتي ايقنت من داخلها انها لم تجف بعد ،

 

احتضنتهم وهي تهدئ من روعهم فقد كان ابنها الأكبر منزويا في ركن وجسمه يرتعش من من منظر والدته وهو لا يفقه شيئا مما حدث لأبيه  الى الان مردده له :

_اهدي  يا عمر  انا كويسه ما فيش حاجه بس يا حبيبي .

 

هاتف أبيها زاهر اخيه وطلب منه ان يعود الى المنزل لأمر جلل واستعجله ان لا يتأخر هو والدته،

 

وهاتف ايضا زوجته وابنه رحيم وابنته رندا ان يأتوا على عجاله لكي يقفوا بجانب ريما التي اوشكت على الانهيار وهي جالسه بجانب زوجها تنتحب بشده ،

 

وبعد نصف ساعه وصل الجميع وهم لا يفقهون شيئا مما حدث فجميل فضل ان لا يحاكيهم في الهاتف خوفا من ذعرهم ،

 

صعد زاهر ووالدته الى مسكن باهر كل ذلك وهم يعتقدون ان باهر وزوجته بينهم مشكله كبيره يريدون حلها ولم يخطر ببال احد منهم انه توفى،

 

دخلوا الى الطابق وجدوا فريده تحتضن الكبير وتربت على ظهره ،

وراندا اختها تحمل الصغير وتهدهد فيه ودموعهم تنزل على وجوههم بسخاء ،

 

استنتج باهر ما حدث فجرى مسرعا الى غرفه اخيه وجد زوجته جالسه على الأرض وهي تمسك يداه وتبكي بشده ذهب ناحيتها وسألها بدهشة :

 

_ايه اللي حصل لاخويا يا ام عمر اخويا جرى له حاجه انطقي ؟

 

_مات باهر مات وسابني لوحدي انا واولادي مات حبيبي مات !

 

وقع الخبر على قلبه كالصاعقه نظر الى اخيه بقلب مفطور وعيون محدقه على جسد اخيه ولسانه كأنه شل ولم يعد على النطق،

 

ساقته قدماه الى الجهه المقابله لزوجه اخيه ممسكا بيده وواضعا جبهته عليها قائلا بانهيار :

 

_لا يا حبيب اخوك وابن عمري مشيت وسبتني بدري واحنا لسه في اول الطريق ،

 

نطق كلماته تلك وهو ينفطر دموعا على العزيز أخيه ،

 

اما والدته في الخارج جلست بجانب فريده وسألتها باستغراب :

 

_هو في ايه يا ام رحيم مالكم يا حبيبتي بتعيطوا ليه هي ريما تعبانه ولا جرى لها حاجه؟

 

استمعوا الى سؤالها وبكوا جميعا بصوت عالي ولم يقدر اي منهم على نطق حرف واحد،

 

فهوى قلبها بين قدميها وجرت الى غرفه صغيرها وما ان وصلت وشاهدت منظر زوجته وابنها الاكبر واستنتجت ما جرى حتى سقطت مغشيا عليها من اثر الصدمه،

 

هرولوا جميعا ناحيتها عدا تلك الريم التي لم تتحرك من مكانها وهي تبكي على الفقيد الغالي،

 

بعد مده عادت الى رشدها ووضعت يدها على راسها وانطلقت بالعويل مردده:

 

_اه يا ابني اه يا حبيبي لا يا باهر ما تسيبنيش يا حبيب امك ضاع شبابك ما لحقتش تتهنى بعيالك يا حبيبي قوم يا زاهر قوم يا حبيبي ما تعملش في امك كده ،

 

وظلت على عويلها ولم يقدروا عليها ان يجعلوها تصمت ،

 

_____________________________

 

في نفس اليوم عصرا في دار الأيتام كانت مريم تدلف الى الدار عائدة من الجامعه واثناء دخولها لمحت تلك الشمطاء وهي تصافح مديره الملجأ واخذتها ودلفت معها الى غرفه مكتبها ،

 

تبعتهم مريم بعينيها الى ان اختفوا من امام ناظريها وساقتها قدماها الى اقرب مقعد وجلست عليه وهي واضعه يدها موضع قلبها مردده لنفسها بارتعاب شديد :

 

_يا مرك يا مريم ما تكونش جايه توريها الفيديو يا فضيحتك يا فضيحتك ،

 

وأكملت وهي تضرب على قدميها بكف يدها:

 

_اعمل ايه يا رب دلني  على الصح،

 

ادخل دلوقتي عليهم وافهم المديره قبل ما الكلبه دي تشوه صورتي قدامها ولا اعمل ايه؟

 

دبرني يارب ،

 

واستطردت ببكاء:

 

_انا كده هتطرد من الملجأ وانا لسه في الجامعه ولا ليا مكان يأويني ولا حد يواسيني في مصيبتي دي،

 

حسبي الله ونعم الوكيل فيكي يا مي ربنا ينتقم منك ويوريني فيكي يوم ويشردك زي ما انتي عايزه تشرديني ،

 

وأكملت حديثها مع نفسها وهي في حيره اتذهب لهم أم تنتظر مصيرها المحتوم ،

 

وفجاه رفعت انظارها تجاه الباب وجدت المديره وتلك المي خارجتين من المكتب تصافح كل منهما الاخرى ثم ارتدت مي نظاراتها الشمسيه  قائله لمديره الملجأ:

 

_اي حاجه يحتاجها الملجأ من تبرعات او مساهمات انا تحت امرك يا مدام شريفه وربنا يقدرني على فعل الخير .

 

شكرتها الاخرى بحفاوه وربتت على يديها مردده  بامتنان مغلف بالطمع:

 

_تسلمي لنا يا ست البنات وربنا يجعله في ميزان حسناتك وما يحرمش اليتامى دول من عطاياكي وهداياكي ولا يحرمني انا شخصيا

 

واسترسلت حديثها بزيف:

 

_ما تتصوريش معزتك عندي قد ايه يا انسه مي بعتبرك زي بنتي بالظبط،

 

مانا اللي مربياكي هنا مع اخواتك في الملجأ بس إنتي ربنا كرمك واشتغلتي شغل حلو عشان دايما دماغك حلوه وبتفهميها وهي طايره،

 

ابتسمت لها مي بسماجه لتذكرها ماضيها  في الملجأ والذي تبغضه ولو ودت واقتلعت جذورها من تلك الملجأ لفعلت مع العلم انها في حياتها لم تذكر امام احد انها كانت مرباه في الملجأ واردفت ببرود:

 

_طبعا حضرتك زي والدتي وربنا يعلم انا بحبك وبحب اخواتي هنا قد ايه تؤمريني بحاجه تانيه يا مدام شريفه .

 

ابتسمت لها الاخرى وامائت براسها:

 

_ما نستغناش عنك يا ميوشه وما تغيبيش عننا يا ليدي يا جميله .

 

امائت لها براسها بابتسامه وتركتها وذهبت الى مكان مريم وهي تنظر لها بشماته من تحت نظارتها ثم اردفت قائله بمراوغه:

 

_يا ترى العيون الجميله دي بتعيط ليه ايه اللي راعبك قوي كده ومخليكي مش على بعضك يا رومي ؟

 

واسترسلت وهي تخلع نظارتها وتمسكها بيدها مردده بسخريه:

 

_يا ترى مصروفك خلص إللي إنتي بتاخديه من الدار هو ده اللي مخليكي قاعده مقهوره كده وبتعيطي يا بيضه ؟

 

استوعبت مريم سؤالها واردفت بنبره جاده متجنبه سخريتها منها :

 

_ليه بتعملي معايا كده انا اذيتك في ايه علشان تعملي فيا كده؟

 

واسترسلت بعيون لامعه من اثر الدموع المتجمعه في مقلتيها :

 

_ليه مصممه تدمريني وتدمري مستقبلي وعايزه تمشيني في طريق انا مش حابه ان انا أمشيه .

 

لوت فمها واجابتها بنبره ساخطه وهي تنظر داخل عيناها بجبروت:

 

_انت يا بت هتدخلي لي قافيه ولا ايه ومفكراني يخيل عليا الحركات دي والعياط وبيأثر فيا ،

 

واسترسلت وهي تشير لها بكفاي يديها بامتعاض  :

 

_لا يا ماما غيرك عملوا كده معايا كتير ومجوش سكه معايا،

 

فاخلصي يا بت إنتي علشان انا جبت اخري منك واديكي شفتيني وانا خارجه مع المديره قلبك وقع في رجليكي فما بالك بقى لما اسيطك يا مزه .

 

فكرت مريم وهي تدور بمقلتيها الى جدران الدار التي تحتويها ان تجاريها في حديثها الى ان تنتهي من سنتها الدراسيه وهي  محاطه بتلك الجدران بعنايه ،مردفه بتردد:

 

_طيب ممكن تديني فرصه لحد ما اخلص السنه دي علشان خاطر اكون فاضيه معاكي وعلشان ما اقصرش في مذاكرتي .

 

ضحكت مي بصوت عالي وهي تنظر لها مجيبه لها بسخريه:

 

_انتي يا هبله انتي مفكراني دقه عصافير ولا لسه نونو بيضحك عليها من حته عيله زيك لا يا ماما انا فاهماكي كويس جدا ،

 

واسترسلت وهي تكشف لها طريقه تفكيرها المكشوفه امامها:

 

_انتي عايزه بقى تخلصي السنه بسلام وامان وبعد كده مش هيهمك حاجه ما انتي اتخرجتي بقى وساعتها هتقولي لي امك في العشه ولا طارت ؟

 

واستطردت وهي تضع يدها على كتفها بتهديد:

 

_ مش مي اللي تتختم على قفاها وبعدين يا ستي لو على الدراسه مش هطلب منك غير فيديو واحد بس كل اسبوع واظن ده مش هيعطلك عن المذاكره مجرد فيديو هياخد ساعه منك ولا هيعطلك ولا هيبطلك ،

 

ها إيه رايك بقى؟

 

واكملت بسخريه:

 

_انا كده طيوبه خالص وعملت معاكي الصح وزياده .

 

نزعت مريم يدها من على كتفها بشده واردفت بقوه:

 

_ ده بعدك يا حقيره نجوم السماء اقرب لك من ان مريم عماد تبقى منحطه ووضيعة زيك ،

 

واسترسلت حديثها وهي تشير اليها بسبابتها:

 

_انا عندي انام في الشوارع وعلى الارصفه وعندي اموت من الجوع او اتسجن من التشرد بس بشرفي ولا اني ابقى سافله زيك .

 

اتسعت عيناها بذهول من تجرؤ تلك المريم عليها واهانتها بتلك الالفاظ ورددت بنظره محرقه لو طالت الاخضر لجعلته يابسا:

 

_واللي خلق الخلق يا مريم لادفعك كل اهانه اهنتيها لاسيادك يا لقيطه .

 

قالتها بملامح وجه مكفهره من الغضب الشديد،

 

وما كادت ان تختفي من امامها الا ان مريم باغتتها وهوت على وجهها بضربه من أثرها اطاحت بها الى الخلف مردفه بعنف:

 

_اللقيطه دي تبقى إنتي اما انا ليا اصل وفصل وانتي عارفه كده كويس قوي ان انا يتيمه مش لقيطه في فرق كبير ما بينهم هم الاتنين،  كبير ،

 

واكملت مريم بتوضيح:

 

_في لقطاء كتير اشرف منك لان ما لهمش ذنب في غدر الزمان بيهم واللي حملهم اللقب ده .

 

ثم تركتها مستشاطه ودخلت الى الدار بسرعه ودموعها منهمره على وجهها .

 

اما الأخرى كانت مصدومه وهي واقفة وواضعة كف يدها مكان الصفعه التي تلقتها على حين غره وهي تتوعد بداخلها لتلك المريم بأشد انواع الهلاك ،

 

وغادرت الى سيارتها بخطوات سريعه وعيون تشبه عيون الشياطين في نظرتها ،

 

أما مريم كانت مرتبكة خائفة وأمسكت هاتفها تتصفحه وأول شئ وقعت عيناها عليه منشورا من أحد الصفحات العامة محتويا:

“كن بخلقك ينصلح أمرك”

فاطمئن قلبها أن رب الخير لا يأتي إلا بالخير .

 

________________________________

 

في مكتب مالك الجوهري

 

يجلس على مكتبه و هو يشاهد ملف عارضات الازياء المحجبات اللاتي تقدمن الى المسابقه التي اجريت من اجل اختيار افضل خمسه منهم ،

 

والذي قام علي بدوره باختيار هؤلاء الخمسه وارسلهم الى مالك لكي يدلي برايه النهائي ،

 

واثناء انشغاله دلف اليه علي وجلس مقابله متسائلا بمهنيه:

 

_ها يا بص ايه رايك في الخمسه اللي انا اخترتهم تمام ولا فيه واحده مش عاجباك ؟

 

رفع مالك انظاره من على اللاب توب واجابه وهو يومئ براسه:

 

_لا برافو عليك يا علي اختيارهم مناسب جدا وجميل دلوقتي عايز تجمعهم لي علشان خاطر افهمهم النظام ماشي ازاي،

واسترسل حديثه وهو ينظر الى ساعته:

 

_ انا قدامي نص ساعه كده اخلص فحص التصاميم اللي قدامي وتكون جمعتهم لي في غرفه الاجتماعات .

 

واستر سل متسائلا بتذكر:

 

_اه صحيح هي ريما ستور ما بعتتش ليه تصميم اللي كان من يومين مش عادتها التأخير يا ترى بتفكر في ايه واللي خلاها تتاخر علينا ؟

 

اجابه علي وهو يرفع كلتا يديه كعلامه لعدم معرفته السبب :

 

_والله ما اعرف يا مالك انا حاولت ابعت لها اليومين اللي فاتوا لكن هي قافله الواتس بتاعها خالص ومش بترد مش عارف في ايه بالظبط !

 

ممكن يكون عندها ظروف او تعبانه مثلا علشان كده مش عارفين نوصل لها لعل المانع خير ما تقلقش ،

 

ثم ضرب على جبهته كعلامة للتذكير:

 

_ بقول لك صحيح جوليا أخدت الشحنة كلها وعجبتها جداً ، أنا مش فاهم يا أخي الست دي مهتمة بمصنعك إنت بالذات دونا عن باقي المصانع ؟

 

مط شفتيه باستنكار:

_ إنت هتقر علينا ياعم ، امسك الخشبة ينوبك ثواب ، الست بتحب شغلنا وبتقدره .

 

تحدث علي مبتسماً بخفة:

 

_ بتحب شغلنا! أه ، ماشي ياعم مالك ،

 

ثم انتصب واقفا أمامه واردف قائلا:

 

_ هروح امر على المصنع في النص ساعه دول وهبلغ السكرتاريه تجمعهم لك وهاجي لك على غرفه الاجتماعات كمان نص ساعه .

 

واثناء فحصه لتلك الفتيات فتح اعينه على وسعهم ممن رآها والذي لم يتوقع في يوم من الايام انه لن يقابلها مره اخرى ،

 

وبعد الانتهاء من فحصه انتصب واقفا وهو يغلق ازرار حلته وانتوي المغادره الى غرفه الاجتماعات،

 

وبعد قليل وصل اليها وولج الى الداخل وجد علي والفتيات في انتظاره القى عليهم السلام ببشاشه وجه مرددا بتواضع:

 

_السلام عليكم ورحمه الله يا اهلا بيكم في تيم مالك الجوهري اتفضلوا  اقعدوا .

 

رددوا السلام جميعهم ومن بينهم تلك التي تبتسم ابتسامتها الحالمه ظنا منها انه سيجن فرحا من رؤيتها،

 

تحدث مالك بمهنيه:

 

_دلوقتي هعرفكم على النظام اللي هنمشي عليه في مجموعه مالك الجوهري ،

 

هيجي لكم فريق مدربين سيدات هيدربوكم على طريقه العرض اللي احنا هنعملها باذن الله في السيزون ده،

 

واكمل حديثه بابانه:

 

_انتم عارفين ان مجموعه الجوهري بتهتم بالدقه جدا في العرض والعرض ده بالذات نازلين بتصاميم جديده ومختلفه تماما عن اي سنه وانا واثق انكم هتجتهدوا معايا علشان خاطر العرض ينجح وشغلنا ينتشر بشكل اكتر .

 

امائت  له جميعهمن بتأكيد على حديثه وانهن سيفعلن قصارى جهدهن لكي يقدموا الأفضل وانهن سعيدات جدا للانضمام الى مجموعه الجوهري ،

 

وبعد وقت استغرقوه في المناقشات وهم يضعون جميع النقط على الحروف اذن لهم مالك بانتهاء الاجتماع،

 

خرجوا جميعا ما عدا التي تتمهل في جمع الاوراق من امامها كحجه للانفراد مع مالك لكي تتحدث معه،

 

ولكن خاب املها وهي تراه يخرج امامهم ،

 

لملمت اشياؤها باستعجال وجرت مسرعه ووجدته يهرول ناحيه المصعد الكهربائي،

 

وقبل ان يغلق مالك باب المصعد اقتحمت هي المصعد قبل ان يغلق الباب،

 

نظر اليها مالك بإستغراب شديد وتحدث ،

 

_____________________________

 

في منزل باهر الجمال

 

يجلسون جميعا في صمت تام ووجوههم تبكي دموعا بلا صوت وقلوبهم تنزف وجعا بلا جرح

وما زالت الصدمه تعتلي وجوههم على ذلك الفقيد،

 

ولكن لم تكن والدته من ضمن الجالسين لانهيارها التام ،

 

فقد احضروا له الطبيب عند اغمائها ولكن ما ان عادت الى رشدها عاودت العويل مره اخرى بشكل مريع فاضطر الطبيب أن يعطيها مصلا مهدئا لكي لا تفقد اعصابها او يحدث لها انتكاسة مفاجاه فهي كانت اجرت عمليه قلب مفتوح منذ عشرة اعوام فخافوا عليها ان يحدث لها شيء ،

 

انهى والد ريما جميع الاشياء الخاصه بالدفن وذلك لان اخيه منهار تماما ففعل كل شيء هو ورحيم ولده،

 

وبعد عده ساعات من الاجراءات دفن باهر في مشهد تقشعر له الأبدان من قسوه رؤيته،

 

فالجميع في حاله حزن شديد وانهيار من البعض وتماسك من البعض الاخر ومن ضمن المنهارين تماما زوجته ريم حيث كانت جالسه على تختها تحدث حالها بكلمات تنقطع لها القلوب :

 

_غادرت وتركتني ولم تعود وعلى العهد لم تبقي ،

 

وذهبت الى لحدك وتركتني وحدي أعاني مر البعاد بدون ان ارضى،

 

ساعيش واتنفس ولكن روحي دفنت معك  و قلبي مات ولم يعد يحيى  ،

 

سلام الله على العزيز زوجي من الوحدة فيارب اجعل مسكنه خير المأوي .

 

واكملت حديثها مع نفسها وهي تنظر الى اطفالها بقلب ينشطر على يتمهم وهم في المهد صبيا :

 

_كيف لك ان تتركني وحدي يا نبض القلب وكيف لي ان اتحمل ان اعيش تلك الحياه وامضي مع تلك الايام بدونك يا عشقي الابدي،

 

ماذا سيكون طعم الحياه بدون انفاسك العطره التي كنت استنشقها ،

 

فيا رب خفف علي قلبي وعلى روحي  ألم الذكري ،

 

كانت تحادث حالها بدموع منهمره على وجهها والتي تاكدت انها لن تجف بعد اليوم بعد فقيدها الغالي وهي جالسه القرفصاء على تختها،

 

أما اخيه في حاله لا يختلف عنها كثيرا فقد كانوا اخوه متحابين مترابطين متعاونين وأخذ يحدث نفسه بلوعة الفراق:

 

_غادرتني يا أخي ولم أنتهِ من أحاديثي معك، فكل أشجاني ذابت إلا اشتياقي إليك، ما زلتُ يا أخي أرى الود في عينيك رغم المسافات وحنيني إليك. أخي وإن جار الزمان وافترقنا، فلا القلب يهدأ ولا الروح تنساك ،ما أجمل تلك الأيام يا أخي، كنا والحب رفيقنا نلهو معًا بلا تعب،

يارب إن لي أخًا قابعًا داخل القبر الذي بلا جدران، فاحفظه بحفظك يا الله، وإرحمه برحمتك ،

 

أرجو. في صباحي ومسائي نهاري وليلي، سباتي وصحوتي لا أرجو من الله إلا أن يدخل جنان الخلد،

 

ربي إني أستودعك أخي و روحي فحاسبه برحمتك لا بعدلك  ،

 

رب إني رجوتك أن تجعل أخي من الساكنين جنتك وأن ترحم قلبي وتجبر كسره.

 

وظل على وضعه يبكي دموعا على اخيه الذي توفى دون ان يودعه او ان ياخذه بين احضانه مات على فجأه ويا ويلنا من موت الفجأه ،

 

اما عن والدته بعد أن أفاقت الاخرى والتي زارتها الكوابيس في غفوتها تجلس على الفراش تنتحب بشده فولداها هم كل حياتها،

 

ولم تأبي أن تتزوج بعد أبيهم وفضلت أن تعيش مع أبنائها وأحفادها ،

 

نائمه على فراشها تبكي وعيونها منتفخه من كثر البكاء مردده :

 

_مع السلامه يا حبيبي يا اللي فارقتني بدري بدري ويومك كان قبل يومي ما كنتش اتوقع ابدا اني انا اللي اودعك مش انت اللي تودعني،

 

طب كنت استنى لما اخدك في حضني واشم ريحتك لآخر مره اه يا باهر اه يا حبيبي،

 

يا رب صبر قلبي يا رب اه يا قلب المكوي على فراقك يا ابني،

 

وظلت تردد كلمات العويل وزوجه ابنها بجانبها تهدئها ولكن لا فائده  وظلت علي وضعيتها كما هي .

 

______________________________

 

_بقول لك ايه انا هبعت لك فيديو وهقول لك على اللي هتعمله لي فيه بالظبط عايزه حاجه متكلفه متروقه علشان خاطر دي واحده حبيبتي وعايزه اوجب معاها قوي،

 

استنشق الآخر زفيره بصوت مقزز من اثر المخدرات التي يتجرعها مرددا بفظاظه:

 

_ده انت تؤمريني يا ست الهوانم ده انا هخلي اللي يتفرج يدعي لك على الحلويات اللي انا هعملها لك،

 

واسترسل حديثه وهو يلهث المخدر الذي امامه قائلاً بطمع:

 

_بس وحياه الغاليه اللي هنوجب معاها تزودي لي الاوبيج شويه،

 

زي ما انتي عارفه الدنيا غليت والكيف بقى مزاجه عالي قوي قوي وسعره غالي على الاخر يا ست الناس .

 

اشمئزت هي من صوته والحركات التي يفتعلها من اثر المخدر هادرة به باشمئزاز:

 

_ايه القرف اللي انت بتعمله ده وانا بكلمك مش قادر تبطل شرب لحد ما اخلص معاك المكالمه !  تاتك القرف،

 

وأكملت بنبرة صوت حادة وعيون تنطق شر

_انت عارف الفلوس ما تفرقش معايا وان انا بخدم اللي بيظبطوا لي الشغل من غير ما يطلبه اعمل لي انت بس المفيد وانا هروق عليك على الاخر،

 

ما تتأخرش عليا زي المره اللي فاتت وتنسى نفسك ،

 

قالتها تلك الشمطاء واغلقت الهاتف في وجهه وهي تنوي في داخلها من الشر ما لا يرضي رب ويؤذي العبد ويرفع من الذنب .

 

احيانا تبتلينا الحياه بصدمات يتوقف عندها عقلنا ونبات نجزم أن تلك الصدمات ستكون نهايتنا ولكن ما هي الا بدايتنا .

 

____________________________

 

في نفس اليوم عادت راندا الى منزلها في وقت متأخر من ساعات الليل بعدما تأكدت من نيام اختها هي وابنائها وتركت معها والدتها ووالدها فهم اصروا البيات معها والا يتركوها وحدها في تلك الازمه الصعبه،

 

دخلت الى المرحاض واخذت حماماً يزيل عنها اثر فاجعه اليوم فهي حزينه على اختها الصغيره حزنا شديدا ،

 

ولكن ماذا عساها أن تفعل بحزنها في تلك الفاجعه ؟

 

واوت الى تختها واتأكت بظهرها على شباكه وامسكت هاتفها واتصلت بزوجها تخبره برجوعها، اما هو عندما وجد نقش اسمها على هاتفه اجابها على الفور مرددا بقلق:

 

_حمد لله على السلامه يا حبايبي لسه راجعين دلوقتي ؟

 

اجابته  بصوت مختنق من اثر الدموع الظاهره على وجهها والتي لم تهدا الى الان:

 

_اه يا حبيبي لسه راجعين يا دوب الاولاد خدوا شاور ودخلوا يناموا هم كمان ياحبه عيني انفطروا من  العياط النهارده على جوز خالتهم انت عارف هما كانوا بيحبوه قد ايه .

 

كان يستمع الى حديثها بقلب حزين لابتعاده عنهم في تلك الازمه مرددا بأسى:

 

_ما تتصوريش كم الحزن  اللي انا حاسس بيه دلوقتي وأنا بعيد عنكم في الظروف دي بجد انا مخنوق خنقه ما يعلم بيها إلا ربنا ،

 

واسترسل حديثه بأمل مفقود:

 

_للأسف اول ما سمعت الخبر حاولت احجز طيران بس ما كانش فيه طيران النهارده في الوقت ده ،

 

بس انا حجزت بكره ان شاء الله طياره ستة الصبح وعلى عشرة كده هكون معاكم  .

 

فرحت بشده لمجيئه لأنها في اشد الاحتياج اليه في تلك الايام الصعبه وأردفت متسائله:

 

_طب يا حبيبي مش كده خطر عليك في الشغل ان انت تاخد اجازه مفاجاه مش  لازم تستاذن في الاجازه قبلها بتلت ايام على الاقل ؟

 

اجابها مطمئناً إياها بتوضيح:

 

_ما تقلقيش يا حبيبتي انا حكيت لهم الظرف اللي خلاني اسافر على فجاه وهو عذروني طبعا وفورا فضولي على اجازه اسبوع هقضيه معاكم واعزي  ريما واخد بخاطرها وارجع على طول،

 

واسترسل بدعاء و ملامح وجه حزينه :

 

_ربنا يصبر قلبها ويعينها على البلاء الشديد اللي هي فيه ويعينها على تربيه اولادها من غير ابوهم ،

 

واستطرد متسائلا:

 

_الا قولي لي حالتها عامله ايه يا راندا ؟

 

تنهدت بثقل والم انتاباها إثر سؤاله على اختها ورددت بحزن شديد:

 

_ والله يا ايهاب ريما حالتها ما تطمنش خالص ما بتنطقش وما بتتكلمش،

 

حتى عياطها بتعيطوا بسكوت وانا خايفه عليها لا تنهار ولا يجي لها صدمه عصبيه،

 

ثم  انفجرت في البكاء عندما تذكرت حاله اختها .

انخلع قلبه من بكائها وهو ليس بجانبها ولعن الغربة وايامها بسبب عدم وجوده بجانب زوجته وحبيبته لكي يخفف عنها ويواسيها ،

 

وظل يهدئها ويطمئنها بكلماته لكي يخفف عنها ألم الحزن ،

 

وأغلق معها الهاتف لكي تخلد إلي النوم لكي ترتاح من ذلك اليوم الشنيع عليهم جميعاً ،

 

وقام يعد حقيبته لأنه لم يتبقي إلا سويعات قليلة علي ميعاد سفره بقلب متعجل لرؤية الأحباب حتي لو كان الظرف قاسي .

 

تري مالمخبأ لأبطالنا من ويلات الزمن ؟

 

#انتهي_البارت

#بين_الحقيقة_والسراب

#فاطيما_يوسف#بسم_الله_الرحمن_الرحيم

#لا_إله_إلا_انت_سبحانك_اني_كنت_من_الظالمين

#البارت_الخامس

#بين_الحقيقة_والسراب

#بقلمي_فاطيما_يوسف

 

_من انتي تلك الحسناء التي تراود  خيالي كل وقت وحين ؛

كالفراشة العابرة حين يمر طيفك في بالي وأحس بالحنين ؛

 

ولمحه الحزن في عينيكي تشغل عقلي وحينها أشعر بالجنون  ،

 

وعندما أعود إلى رشدي أعاتبه لما تسأل عن المكنون ؛

 

فيجبب قلبي أن طيفك يستحق الانشغال ويجمع عقلي الظنون؛

 

وأعود أفكر في المكنون بكل إحساسي وتشتاق الجفون .

 

خاطرة رحيم المالكي

 

في منزل راندا المالكي عصراً

 

يجلس ايهاب متأكا على تخته ومحتضنا زوجته وحبيبة ايامه راندا مرددا لها بحزن :

 

على قد ما أنا كنت جاي الأجازة دي حزين علشان باهر الله يرحمه،

 

علي قد مانا  حسيت ان طاقتي اتجددت ،

 

انا روحي هنا معاكم وفي وسطيكم هناك حاسس اني شريد وغريب وحياتي مفتقدة طعم الحياه ودفا البيوت ،

 

ثم أمسك يديها وقبلهما مرددا وهو ينظر داخل عينيها بحب :

 

_واكتر حاجه هفتقدها حرماني منك يا حبيبه القلب والروح يا ساكنه الوجدان ،

 

ما تتصوريش لما بسافر واسيبكم اول اسبوع بيعدي عليا ازاي الأكل ما لهوش طعم والنوم بالعافية والدنيا وحشه جدا لحد ما أحس ان انا خلاص اتأقلمت واخدت على كده وامشي في دوامه الحياه .

 

تجمعت غشاوه الدموع في مقلتيها واحست بمدى العذاب الذي يعيش فيه زوجها في غربته فهي مهما كان تعيش مع ابنائها وفي وسط عائلته يخففون عنها القليل من الآلام ، اما هو ولا جليس ولا أنيس يمرر ثقل الأيام والوحدة وتحدثت بحزن عميق :

 

_يا حبيبي بجد كلامك بيقطع في قلبي وبيحسسني ان احنا جانيين عليك،

 

وان انت جاي على نفسك زياده عن اللزوم علشان خاطر تسعدنا كلنا وتوفر لنا حياه كريمة نعيش فيها ،

 

بجد انا نفسي ان انا نفضل معاك هناك على طول وما نسيبكش خالص بس هعمل ايه تعليم الأولاد صعب هناك جدا وكمان بابا وماما ما يقدروش ما يشوفونيش كل سنتين مره ،

 

بجد عناء الغربة صعب علينا جدا بس هنعمل ايه ادي الله وادي حكمته ،

 

و استرسلت حديثها وهي تنظر داخل عينيه بحب:

 

_بس انت عارف لما بكون جايه لك بحس ان انا عروسة رايحه لعريسها يوم فرحها وان الفرحة مش سايعاني اني خلاص هترمي في حضنك واشم أنفاسك واتمرمغ جوه حضنك واطفي الاشتياق اللي بيسببه بعدك عني .

 

ابتسم بحب على كلامها  وشدد من احتضانها وتحدث بوحشة :

 

_ياه يا راندا ما تتصوريش لما بتكوني في حضني زي دلوقتي كده ببقى مش عايز الوقت يمشي غير لما اشبع من حضنك ولو اني واثق ومتأكد انه ما يتشبعش منه ابدا ،

 

حضنك بالنسبه لي الكتف اللي بيسندني من الشقي ،

 

واللي بيديني طعم للحياه من صراعتها اللي ما بتنتهيشانا بعد الأيام والسنين علشان خاطر اقول قربت ونتجمع انا وانتي والأولاد ومع مرور الأيام احس ان العمر بيعدي وسنين الشباب بتضيع وكتير بقول ان الغربه هتاخد عمري وشبابي من غير ما أحس بوجودكم جنبي،

الغربه حرمان كبير قوي يا راندا مش هيحس بطعمه والمه الا اللي مجربه مهما أوصف .

 

كلامه اشعر بدنها واحست بمدى تعبه وآلام نفسه من وحدة أيامه واحتضنت كفاي يداه بين يديها وتحدثت بحنان وهي تنظر داخل عينيه :

 

_ياه يا حبيبي قد كده انت متعذب وضايع والحرمان مهدد سلامك وامانك ؟

 

قد كده حياتك جحيم واللحظات بتعدي عليك كأنها سنين ؟

 

كلامك بيحسسني ويخليني اقول يا ريت ما كنا خدنا الخطوة دي وبقينا في النص لا عارفين ننسحب ولا عارفين نرجع لنقطة البدايه ولا عارفين ناخد خطوه جريئة ومجنونة بأنك تقعد في وسطنا وما تسافرش تاني ونسيبها تمشي بالبركه ،

 

بجد انا من جوايا حزين عليك وعلينا وعلى حالنا ،

من جوايا بيتقطع من بعدك عننا والاشتياق اللي بيدمرنا .

 

حرك راسه بنفي عندما رأى الحزن في عينيها بسبب حديثه واحساسها بالذنب فأجابها بحنان :

 

_لا يا حبيبتي اوعاكي ترمي الملامه على نفسك ولا تحسسيها بالذنب ناحيتي او ناحيتنا عموما احنا الاتنين بنتعذب زي بعض بالظبط انتي هنا مع الأولاد شايله مسؤوليتهم الكامله لوحدك وفي مواقف كتير بتكون محتاجه ان الاب هو اللي بيحلها وما بتلاقيهوش موجود فبتكوني انتي الأب والأم،

 

الذنب لا عليا ولا عليكي ولا على الأولاد هو ده حكم الحياه وده حكم الزمن ولازم نسعى علشان خاطر ولادنا يعيشوا في مستوى افضل والحمد لله احنا احسن من غيرنا في ناس بيتغربوا بالسنين وما بيشوفوش اهاليهم غير كل تلت سنين مره اما احنا الحمد لله بنشوف بعض كل اجازه صيف وبتقضوها معايا ،

 

يعني الحمد لله متهونه شويه علينا ومش مقفله لدرجة تدخلنا مرحلة الاكتئاب بس على قد الحب على قد الاشتياق هو اللي بيأثر فينا كده انا وانتي وفي اولادنا بس ربنا يجعله في ميزان حسناتنا ،

 

واسترسل حديثه مغيرا مجرى الموضوع كي لا يحزنها :

 

_جهزتي لي شنطتي ولا اقوم اجهزها علشان انتي عارفه طيارتي بكره ان شاء الله الساعه 11:00 الصبح ومش هيبقى عندي وقت اني اجهزها .

 

تنهدت بثقل عندما ذكرها بسفره وازدرفت الدموع من عينيها  كالشلالات وشددت من احتضانه قائلة بلوع:

 

_ليه بتفكرني دلوقتي ان انت مسافر بكره وهتسيبنا وهتمشي ؟

 

واجهشت في البكاء بصوت عالي،

 

حزن هو لأجلها وحدثها بصبر كي ينسييها ألم الفراق :

 

_يا حبيبتي انتوا خلاص هتقعدي شهر هنا وهتيجوا لعندي هناك تكون اختك هديت شويه واعصابها هديت واوعدك اني مش هشتغل كثير في وجودكم هناك  ،

 

بجد دموعك بتقطع في قلبي لما بشوفها ما تعيطيش تاني يا راندا علشان خاطر بجد ببقى حزين ومتضايق  لما بشوف دموعك ،

 

واسترسل حديثه بمداعبة وهو يغمز لها بشقاوه :

 

وبعدين انا مسافر بكره عايزه ادلع واعيش ليلة ولا الف ليلة وليلة ولا هتقعدي بقى كئيبة وحزينة طول الليل وما تودعينيش وداع يليق بالبشمهندس ايهاب ؟

 

جففت دموعها بالمنشفه الورقيه على السريع واجابته على الفور بلهفه واشتياق :

 

_لا يا عمري ويا قلبي ويا كل حياتي ما اقدرش انكد على روح قلبي بس انا اللي خدتني الجلاله شويه واتأثرت بيك ،

 

ده انا هعيشك ليله اخليك تحلم بيها طول الشهر عقبال ما اجي لك،

 

واستطردت وهي ترفع حاجبها بمشاغبه :

 

بس انت تسد قصاد رندا المالكي يا حضره البشمهندس  .

 

قهقه بصوت عال على حديثها ومشاغبتها واجابها بغرور :

 

_عيب عليك يا روني ده يبقى عيب في حق الهندسة ذات نفسها ،

 

والهندسة ما ترضاش بكده ابدا لأنهم بيحبوا طلابهم وخريجينهم يتفوقوا بامتياز في اي معركه يدخلوها فما بالك بقى بمعركه حبنا انا وانتي تصوري كده اني افشل فيها يستحيل ،

 

واسترسل بغمزه من عيناه:

 

_   بس ساعه الجد ماتقلبيش قطة ياقطة .

 

ضحكت راندا بشدة على حديثه  وارتمت بين أحضانه كل منهما يسقي الآخر من شهده ويشبع رغباته تاركين ورائهم هموم الحياه التي لم تنتهي .

 

____________________________

 

في مصنع مالك الجوهري

لملمت اشيائها باستعجال وجرت مسرعة ووجدته يهرول ناحيه المصعد الكهربائي،

 

وقبل ان يغلق مالك باب المصعد اقتحمت هي المصعد قبل ان يغلق الباب،

 

نظر اليها مالك بإستغراب شديد وتحدث ببرود وعدم اهتمام :

 

_ انت ازاي تقتحمي الأسانسير وتدخلي من غير استئذان اللي حصل ده ما يتكررش تاني والا هعتبر عقدك منهي معانا من قبل ما يبتدي .

 

انصدمت هنا من بروده وجديته معها ولم تكن تتوقع تلك المعامله البارده ورددت بحزن بان علي معالم وجهها :

 

_هو انت مش فاكرني يا مالك ولا انت اللي عامل نفسك مش فاكرني لحقت نسيت هنا بسرعه كده ولا كان كلامك معايا وحبك ليا كله في الباي باي ؟

 

استمع مالك الى حديثها بعدم اهتمام ونظر الى ساعته كي يصل اليها عدم اكتراسه باقواالها واجاب على سؤالها باختصار :

 

_مالك الجوهري ما بينساش اللي ما عندهمش اصل وخاصه لما كان ليهم مواقف تبين حقارتهم معاه في حياته،

 

وانصحك علشان انا ما ليش في قطع الأرزاق طالما هتشتغلي هنا زيك زي زميلاتك اللي كانوا معاكي فوق ويا ريت ما تتعديش حدودك واسمي هنا الأستاذ مالك يا ريت ما تنسيش نفسك علشان هي غلطه واحده بس ليكي معايا وبعد كده اقول لك مع السلامه مش عايزين .

 

وما إن انهى حديثه انفتح باب المصعد وخرج منه مالك بشموخ من امامها دون ان ينتظر منها الرد وتركها تتعجب من رده عليها واحراجها بهذا الشكل الذي لم تتوقعه وحدثت حالها باستنكار واستغراب :

 

_هو ازاي اتغير كده وبقى عنيف في ردوده وفي كلامه ده كان زي النسمه ومعاملته معايا كانت كلها رجوله وجنتله ؟

 

يكونش عرف انا ليه سبته وما دخلش عليه الكلام اللي انا قلته له ساعتها ؟

 

اكيد عرف علشان كده بيتعامل معايا بالبرود ده ده كان اول ما بيشوف شكلي ولا بيسمع صوتي عيونه كانت بتطلع قلوب وحتى لما افترقنا كان متاثر جدا وحزين على بعادنا يا ترى ايه اللي غيرك يا مالك ؟

 

واه لو طلعت تعرف اللي في بالي .

 

انتهت من حديثها وخرجت من المجموعه وهي رافعه راسها بكبرياء وما ان خرجت رفعت انظارها الى اسم المجموعه بانبهار ورددت بتمني مع حالها :

 

_عن قريب قوي هرجعك تاني إنت ما تقدرش تستغنى عن هنا يا مالك وهملك قلبك من جديد وهنسيك اسمك زي ما كنت منسيه لك زمان بس الصبر ،

 

واكملت بتصميم وهي تبني احلاما بانها ستكون الآمر والناهي بتلك المجموعه ولن تتراجع عن ذلك وستستخدم جميع اسلحتها في الدفاع عن ما تظنه ملكها :

 

_مش انا اللي تسيب حاجه هي عايزاها وهرجعك تعشق خيال هنا اللي كنت بتحس بيه قبلها وهخليك زي الخاتم في صباعي زي زمان .

 

كانت تحادث نفسها بانتشاء وهي تروي في خيالها آلاف الأفكار التي نظمتها مع حالها قبل ان تاتي الى تلك المجموعه،

 

احقا كانت تظن ان مالك لن يعاملها بهذا الجفاء ولكن فلتستكين وتراجع خطواتها كي تعرف من اين البدايه الى مالك الجوهري حتى تصل الى مبتغاها التي لن تتنازل عنه .

 

اما في سياره مالك كان متكئا على كرسيها الخلفي وعقله يدور في سنوات مضت ويتذكر كيف كانت تلك الهنا احب النساء الى قلبه فقد كانت حبه الأول وأول من دق لها القلب ولكن الزمن فرقهم كما كان يظن وعاد برشده وتذكر الصدفه التي عرفته حقيقتها ولولا تلك الصدفه لكان باقيا على حماقته في تذكره انها ضحت لأجله ،

 

احيانا يكون العقل والقلب متشبس باشخاص كانوا له بمثابه الحياه ،

 

كانوا له بمثابه الونس والروح التي لا تفترق عن الروح ولكن ذلك في ظاهر الامر وحينما نتعمق في العلاقات نكتشف مدى حماقتنا بتعلقنا بوهم مع تلك الاشخاص الهشه .

 

_______________________________

 

انقضى اسبوع كاملا على وفاه باهر والكل مجتمعين في شقته، والدته التي لم تترك منزله بسبب اعيائها الشديد وعدم قدرته على النطق السليم فما زالت في صدمتها على فقيدها الغالي لم تبرا منها وغشاوه الدموع لم تفارق عينيها  ،

 

وكذلك والده ريم التي لم تفارقها منذ وفاه زوجها فقط تذهب الى بيتها سويعات قليله وتعود الى ابنتها الغاليه تاخذها بين أحضانها ولن تفارقها  فقلبها ينفطر الما على حال ابنتها ومصيبتها التي اصبحت فيها ،

 

اما عن والدها واخيها فكانوا ياتوها كل يوم يطمئنون عليها ويؤازروها في محنتها ويخففوا عنها قليلا ،

 

وفي نفس المكان كانت تجلس صهرتها هند بلا مبالاة لما حدث هي تمتلك جمود في المشاعر يجعلها لا تلقي بالا لحزن غيرها ،

 

فتحدثت هند حديثها المسموم لريم قائله :

 

_يا عيني عليكي يا ريم حياتك انقلبت 180 درجه في لمح البصر وجوزك راح الله يكون في عونك يا حبيبتي ويصبرك على السواد اللي انت هتعيشيه بعد موته ،

 

ثم قلبت عينيها مدعيه للحزن مكمله حديثها بحزن مصطنع :

 

_الله يرحمه كان راجل بالف راجل عمره راح بدري بدري  كان مهنيكي ومخليكي ست الستات .

 

لم يعجب كلامها فريده والدة ريم ووجهت انظارها اليها قائله بدفاع عن ابنتها امام سليطه اللسان تلك :

 

_امر الله يا حبيبتي ونفد وما نقدرش نعترض على حكمه ولا على اقداره البني ادم مننا في لحظه ممكن يفارق وما حدش عرف عمره ،

 

وبعدين الشر بره وبعيد سواد ايه اللي بنتي هتعيش فيه ربنا يخلي ولادها الاتنين ويخلي ابوها واخوها مش هيخلوها تحتاج حاجه ابدا ولا هيسمحوا لحد يبهدلها او يمس طرفها دي ريم اغلى الغاليين يا ام البنات .

 

اغتاظت هند من حديث تلك القويه ونعتها لها بأم البنات ظنا منها بأنها تعايرها بذلك وكادت ان تنطق الا ان زوجها باهر اشار اليها بعينيه ان تسكت مرددا بحزم :

 

_لو سمحتي يا هند خدي البنات وانزلي علشان خاطر الجماعه تعبانين شويه وعايزين يستريحوا وكمان تشوفي البنات ما أكلوش لحد دلوقتي وانا نازل رايح المطعم شويه .

 

وما ان استمعت والدته لمغادرته نظرت اليه قائله وهي تشير له بالجلوس مره اخرى :

 

_انا عايزاك يا باهر في موضوع مهم استنى خدني معاك نزلني شقتي هنتكلم فيها تحت .

 

استمعت فريده الى حديثها ثم قامت من مكانها وكذلك والد ريم واخيها مرددين وهم ينتوا المغادره ناظرين الى ابنتهم قائلين لها :

 

_انا همشي يا حبيبتي مع باباكي وهاجي لك الصبح ان شاء الله مش محتاجه حاجه اجيبها لك معايا وانا جايه؟

 

رفعت ريم انظرها الى والدتها مردده باستبيان:

 

_ما تتعبيش نفسك يا ماما وتيجي انت واخده اجازه من الشغل بقى لك اسبوع انا بقيت كويسه الحمد لله هقدر اشوف اموري بنفسي ما تقلقيش علي ،

 

ثم اكملت وغشاوه الدموع تراود مقلتيها :

 

_انا خلاص لازم اعتمد على نفسي في كل امور حياتي اللي انا فيه مش حاجه مؤقته وهتنتهي ده امر واقع مضطره اني اتعايش معاه ،

 

ولو احتاجت حاجه يا حبيبتي اطلبها منك كفايه عليكي الاسبوع ده انت اتبهدلتي معايا جامد وما تقلقيش عليا ،

 

ربنا المعين وباذن الله هيهونها على قلبي وعلى اولادي .

 

استمع  والدها الى حديثها بقلب منفطر وردد بحب وهو يقبل راس غاليته :

 

_معلش يا حبيبتي ربنا له حكمه في كده ربنا يصبرك ويعينك على الحمل اللي إنتي شايلاه،

 

وما تقلقيش طول ما انا جنبك عمري ما اتخلى عنك ولا هسيبك ولو حصل اي حاجه في لمح البصر هتلاقيني قدامك برنة تليفون منك بس،

 

ربنا يعوضك ويجبر قلبك خير في ولادك يا حبيبتي .

 

نظرت الى  والدها بامتنان  وارتمت في احضانه واجهشت بالبكاء الشديد قائله بمرار :

 

_خلاص يا بابا بعد باهر الدنيا كلها ما بقتش تسوى حاجه بالنسبه لي وكل حاجه حلوه راحت بموته واحساسي بالحياه بقى معدوم ،

 

انا خلاص باهر فارقني وسابني جسد بلا روح أخد الفرحه وساب القهر لقلبي ،

 

أخذ الضحكة والإبتسامة الصافية وساب الحزن لعمري،

 

أنا في دوامة يابابا ومش عارفه أفوق منها ولا أعيش ،

 

ساعات بيتهيأ لي إنه يطلع كابوس وهفوق منه وأصحي من تخيلاتي وتهيآتي علي حقيقه بشعة ،

 

وساعات بقول يارتني كنت مكانه وإن أنا إللي مت وهو إللي فضل عايش علشان الوجع والمرار اللي عايشاه .

 

وكادت أن تكمل نحيبها إلا أن والديها رددوا في صوت واحد برعب :

 

_ بعد الشر عنك ياحبيبتي ،

 

وأكملت والدتها وهي تأخذها بين أحضانها بحنان ممزوج بالخوف من تخيلها المرير لدعاء ابنتها علي نفسها:

 

_ لا يانور عيني ألف بعد الشر عنك ربنا مايضرناش فيكي أبدا وتعيشي وتشوفي ولادك أحسن الناس في حياتك ياحبيبتي ،

 

اوعي أسمعك بتقولي كده تاني أبدا ربنا مايورنيش فيكم حاجه وحشه أبدا ياحبيبتي.

 

وظلوا يهدهدوها بكلامهم ويغدقوها من حنانهم ثم استأذنوا للمغادرة ،

 

أما زاهر فنظر إلي ريم مرددا باحترام:

 

_ أنا هاخد ماما وننزل ياأم عمر بعد إذنك مش محتاجة حاجه إنتي والأولاد أجيبها لك ؟

 

تنهدت بقلب موجوع وأجابته بهدوء معتادة عليه :

 

_ تسلم يازاهر بابا وماما مش مخليني محتاجه حاجة خالص ولا أنا ولا الأولاد وأكيد لو حسيت نفسي عايزة حاجة هطلب منك .

 

أحس بالضيق من حديثها وردد بامتناع:

 

_ معلش يا ريم متخليش والدتك تجيب حاجه تاني وتتعب نفسها إنتي وولاد أخويا من ساعه وفاته مسؤلين مني وده مش تفضل ولا كرم مني لأ ده من خيره الله يرحمه ومن حقه .

 

استمعت والدته إلي حديثه وأجهشت في البكاء وهي تردد ببكاء:

 

_ آه ياحبيبي ياللي بقيت ماضي نترحم عليه ،

 

رحت وسبت امك لوحدها يا باهر وقلبي انكوى واتحسر بفراقك ربنا يرزقك الجنه ونعيمها يا حبيبي وينور لك قبرك  ،

 

اخذتها ريم بين احضانها وظلتا الاثنتان تبكيان على فقيدهم الغالي بألم ،

 

تألم زاهر كثيرا من دموعهم فهو لم ولن ينسى اخيه الذي انكوي قلبه ايضا بفراقه واخذ بيد والدته واستاذن من ريم النزول ،

 

واحتضنها تحت إبطيه وهبطا الى شقتها لكي يرى الموضوع الذي تريده منه ،

 

كانت هند تدور في شقتها كالثور الهائج وهي تضرب بقبضتي يديها على بعضهما وتردد مع حالها بغل :

 

_بقي انا الوليه الحيزبونه دي تكسفني قدامهم وتقول لي يا ام البنات ،

 

وكانت بتتكي عليها قوي اصلا هي قصدها علشان تحرجني والله ما هعديها لها ،

 

وهمرر عيشه بنتها في البيت ده اللي الكل دلوقتي محاوطها وكأن ما فيش الا غيرها انا اصلا مش عارفه ايه اللي مقعدها هنا لحد دلوقتي ما ياخدوها معاهم اللي كانت قاعده علشان خاطره مات ،

 

واثناء دورانها حول حالها استمعت الى خطوات الى الاسفل فطلت من النافذه وجدت زوجها ووالدته نازلين الى الأسفل فتذكرت انها كانت تريده في امر هام،

 

انتظرت حتى اكملوا هبوطهم ثم خرجت من شقتها  دون ان يشعر بها احد ثم انسحبت على خطوات السلم بهدوء حتى وصلت الى باب شقة حماتها ووضعت اذنيها لكي تسمع ما الذي يحاكي بينهم بفضول معتاده هي عليها .

 

اما بالداخل أمسكت اعتماد والده باهر المنشفه الورقيه وجففت دموعها ونظرت الى ابنها وتحدثت بجديه :

 

_ شوف يا زاهر اخوك الله يرحمه مات وساب مراته صغيره وفي عز شبابها ومعاها ولدين وعندها خير من ورا اخوك الله يرحمه انا مش عايزاها يا ابني تاخد العيال وتمشي من البيت ،

 

علشان ولاد باهر لو بعدوا عني انا هيجرى لي حاجه كفايه ابوهم الله يرحمه مات وسابني ،

 

وما ان قالت كلماتها الاخيره حتى انذرفت الدموع من عينيها كالشلالات على فقيدها الغالي  ،

 

احتضنها ابنها وربت على ظهرها بحنان وردد قائلا  بحزن على حالتهم :

 

_كفايه بقى يا امي دموع وعياط لو كانت الدموع بترجع اللي افتقدناهم واللي الموت اخذهم كنا بكينا بدل الدموع دم ليل ونهار بس ده امر الله ولازم نصبر ونحتسبه عند ربنا سبحانه وتعالى ،

 

وربنا يبارك في ولاده ما تقلقيش مش هتمشي ولا هتفكر تبعد ولادها عنك يا حبيبتي ،

 

ريم بنت اصول ومتربيه وما تقلقيش مش هتسيبك ريحي بالك وكفايه دموع علشان خاطر صحتك يا حبيبتي .

 

اما عن الواقفه في الخارج وضعت يدها على صدرها من من اثر الصدمه لما استمعت اليه،

 

وجحظت عينيها  وانطلقت نظرات الغل والشر من بينهم وتوعدت بداخلها مردده مع حالها بوعيد الشر :

 

_بترسمي على ايه يا وليه يا شايبه إنتي كمان ما ابقاش انا هند اما خليتها تمشي من البيت النهارده قبل بكره ده انتم ناويين تقلبوها نار وحريقة وانا مش هعديها والله هيقف قدامي هدوسه ومش هيهمني انا عارفه اصلا دماغك بتفكر لفين ومش هوصلك للي انت عايزاه يا شايبه انت اذا كنت إنتي ولا السهتانه اللي فوق ،

 

____________________________

 

في الملجا عصراً

 

تقف شريفه مديره الملجا وامامها جميع الفتيات تقفن منتظمات في صفوف امامها وهي تلقي عليهم ارشادات الحفل الذي يقام في الدار وسيحضره الوزير وبعض من قامات الدوله مردده بحزم :

 

_دلوقتي يا بنات الحفله اللي بتعملها الدار كل سنتين ميعادها قرب طبعا كل واحده فيكم عارفه دورها من النشاطات هتعمل ايه انا مش عايزه غلطه لان اللي حاضر الحفله زي كل مره قامات من الدوله عايزاهم يخرجوا ويقولوا اداره الملجا عظمه مش عايزه غلطه من الاخر ،

 

انا جايبه لكم مدربات لكل نشاط هتقوموا بيه في الحفله كل مدربه متخصصه في كل نشاط هتاخد المجموعه اللي تبعها عايزاكم تفتحوا دماغكم معاها وترفعوا راسي ،

 

علشان لو رفعتم راسي هكافئكم مكافاه ما كنتوش تحلموا بيها .

 

استمعن الفتيات اللي حديثها المعتاد قبل اي حفله تعد لها الدار ورددن بكل قبول اعتادوا عليه :

 

_علم وينفذ يا ابله شريفه ما تقلقيش هنشرفك وهنرفع راسك زي كل مره واحسن كمان .

 

ابتسمت لهن ابتسامتها البارده المعتاده ورددت وهي تصفق على يديها :

 

_برافو حلوين كده احبكم اتفضلوا يلا تروحوا على اماكنكم وان شاء الله المدربات جايه من بكره عايزاكم تكونوا مستعدين على قدم وساق ،

 

ثم نظرت الى مريم وهي تشاور لها قائله لها بأمر:

 

_تعالي لي يا مريم على المكتب علشان انا عايزاكي .

 

ثم اولتهم ظهرها وغادرت الى المكتب ومريم تتبعها وجلس سويا على الاريكه الموجوده في المكتب ونظرت المديره الى مريم قائله لها بنظرات ثاقبة :

 

_شوفي يا مريم انتي اكتر واحده لازم تاخدي بالك من النشاط اللي إنتي هتأديه لأن فقره المغنى بتاعتك هي اهم فقره لازم تتقدم بكل حرفيه  ،

 

الاغنيه اللي هتقول لك عليها المدربه تتقنيها كويس جدا وتسمعي كلامها في كل حاجه لان اللي هيحضر الحفله زي ما قلت ناس كبيره ،

 

انا عايزاكي تغني بقلبك وبروحك وبكل كيانك علشان خاطر الدار تاخد شهاده الجوده ،

 

فاهماني يا مريم ولا ايه ؟

 

استمعت مريم الى حديثها بكل اذان صاغية واجابت بطاعه عمياء معتاده عليها :

 

_ما تقلقيش يا ابله شريفه انتي عارفه اني بغني من قلبي اصلا وإن دي هوايتي المفضله فما تشغليش بالك خالص كل حاجه هتبقى تمام باذن الله والدار هتاخد الجوده زي ما انتي عايزه .

 

قامت المديره وذهبت الى مكتبها وتحدثت الى مريم قائله وهي تشير ناحيه الباب بيدها :

 

_ تمام يا مريم انا واثقه انك هتعملي شغل حلو زي كل مره واحسن كمان ويمكن ربنا يسهل لك وحد يكتشفك من الموجودين وابقى عملت فيكي خير تدعي لي عليه العمر كله ،

 

اتفضلي يلا شوفي هتعملي ايه وعايزاكي تبقي جاهزه بكره بكل حماس .

 

اطاعتها مريم وخرجت من المكتب وذهبت الى غرفتها جمعت كتبها ونزلت الى حديقه الدار لكي تذاكر دروسها فلديها مادتين وتنتهي من اختبار نصف العام الدراسي ،

 

وما ان وصلت حتى امسكت هاتفها وتفحصت موقع الفيسبوك ودخلت على جروب الجامعه وظلت تقرا المنشورات الموجوده فيه،

 

حتى رات امامها منشور لصاحب القلب الرحيم الذي اولاها بعطفه وادخلها الامتحان رغم تاخيرها ورددت وهي تنظر الى صورته الشخصية بتمعن :

 

_فعلا اسم على مسمى رحيم وانت رحيم .

 

ثم اخذتها يديها الى ان تفتح صفحته الشخصيه وترى ما بها من باب الفضول ،

 

واذا بها استمرت في التقليب وقراءه منشوراته التي تمتاز بخفه الدم احيانا ،

 

فجاء امامها منشور في صوره مضحكه للغايه وجدت نفسها تضع تفاعل ضحكه عليه ،

 

ثم خرجت من صفحته ووضعت هاتفها بجانبها وامسكت كتابها لكي تذاكر دروسها فهي لن تتنازل عن ان تصبح معيده في الجامعه وتقديراتها طوال السنين الماضيه الاولى على دفعتها ،

 

وستجاهد حالها على ان تنهي سنتها الأخيره بنفس التقدير مهما حاوطتها الظروف المحيطة بها .

 

اما عن رحيم فكان ممسكا بهاتفه واذا باشعار جاء على منشور له فنظر الى صاحبه التفاعل ،

 

وجدها وعرفها جيداً فهي واضعه صوره صفحتها بصورتها الشخصيه فوجد نفسه يفتح صفحتها واول ما رات عينيه هي سيرتها الذاتيه والتي كانت عباره عن :

 

_  “مش هسمح يتمكن مني يخوف مش هستسلم للظروف وهكافح وهوصل رغم الأنوف ”

 

قرا سيرتها وتمعن فيها وحدث حاله بحيره :

 

_يا ترى ايه اللي وراكي وايه الظروف اللي مخلياكي دايما حزينه والدموع ما بتفارقش وشك ؟

 

ايه المخاوف اللي مهدده براءتك مش مخلياكي تعيشي ايامك وسنينك زي اللي في سنك ؟

 

حاسس ان وراكي سر كبير  مخليكي مليانه حزن ،

 

واللي شاغل بالي اكتر ان انا ليه بفكر فيكي وبتيجي على بالي كتير  ،

 

يمكن علشان صعبانة عليا مثلا ،

 

ثم وجد نفسه مرسلا اليها طلب صداقه دون ان يفكر ،

 

وأكمل حديثه وهو سارح في ملكوت تلك المريم مرددا بانتشاء :

 

_من انتي تلك الحسناء التي تراود  خيالي كل وقت وحين ؛

كالفراشه العابره حين يمر طيفك في بالي

وأحس بالحنين ؛

 

ولمحه الحزن في عينيكي تشغل عقلي وحينها

أشعر بالجنون  ،

 

وعندما أعود إلى رشدي أعاتبه لما تسأل عن المكنون ؛

 

فيجبب قلبي أن طيفك يستحق الانشغال ويتوه عقلي في غياهب الظنون؛

 

وأعود أفكر في المكنون بكل إحساسي وتشتاق الجفون .

 

___________________________

 

اما بداخل شقة اعتماد حديثها الى ولدها مردده بإبانه :

 

_انا ما انكرش انها محترمه وبنت ناس زي ما انت ما بتقول بس برده هي لسه صغيره وفي عز شبابها وحلوه وفيها الطمع وانا يا ابني ما اقدرش اسيب ولاد اخوك يخرجوا من البيت ويتربوا بعيد عني ويا عالم امهم هتتجوز ولا لا ساعتها الموت ارحم لي من اني اشوفها مع راجل تاني بعد اخوك الله يرحمه ،

 

واسترسلت حديثها وهي تضع كل الامور امام نصب عينيه حتى يقتنع بحديثها مردده بتوضيح :

 

_انا عايزاك تتجوزها بعد العده بتاعتها ما تخلص وتلم ولاد اخوك تحت جناحك وكمان دي صغيره وحلوه ونضيفه بدل المقشفه اللي انت عايش معاها اللي مطلعه عينيك ،

 

وغير كده بطنها ما بتشيلش الا صبيان يمكن ربنا يكرمك معاها يا ابني وتجيب لك الولد اللي نفسك فيه واللي انا كمان نفسي فيه يشيل اسمك ويعززه في الدنيا ،

 

واستطردت  بتأكيد :

 

_وبعدين انت اولى من الغريب هي مسيرها في يوم من الايام هتتجوز مش هتفضل ارمله على ولادها طول عمرها وده حقها وانا ما نكرهوش بس برده انت اولى بلحم اخوك من غيره  ،

 

وابني هيرتاح في تربته لما يلاقي ولاده لسه في بيته وما راحوش لحد غريب ،

 

يا ريت يا ابني تفكر في الموضوع وتاخد وقتك احنا لسه قدامنا فتره العده بتاعتها طويله واكيد هي هتفضل قاعده لحد العده ما تخلص وابوها مش هيسيبها وهيجي ياخدها ،

 

ساعتها يا ابني لو حصل وخرجت روحي هتروح وراهم .

 

اما الاخر كان يستمع الى حديثها بتشتت وحيره فهو لم يكن يتوقع يوما ان تكون ريم زوجته ،

 

دائما كان يعتبرها مثل اخته الصغيره فهو الان بين قاب قوسين او ادنى اما ان يتزوجها ويفتح النار من قبل زوجته عليه،

 

واما ان يرفض عرض والدته وتاخذ ابنائها وتغادر المنزل وما ان جالت في باله فكره مغادرتها هي وابناء اخيه حتى انتفض مرددا الى والدته بحزم  :

 

_مش محتاجه تفكير يا امي انا راجل ليا الحق اتجوز مره واتنين وتلاته ومرات اخويا واولاده مش هيخرجوا من بيته ولا هسيبهم ان شاء الله بعد العده ما تخلص افاتح والدها في الموضوع وربنا ييسر الامور .

 

اما عن هند صعدت الى شقتها بسرعه رهيبه واغلقت وراءها الباب وهي تضع يدها على صدرها مردده بحسره :

 

_يا مرك يا هند جوزك عايز يتجوز عليكي مرات اخوه وكمان علشان تجيب له الواد ،

 

وعمالين يشتموا ويهينوا فيكي ويعايروكي انك أم البنات بعد خدمتي ليها العمر ده كله الوليه الشايبه تقول عليا مقشفه ما بقاش انا هند وشعري ده على راسي اما ندمتك يا وليه على كلامك اللي انت قلتيه ده ،

 

وانا وانتم والزمن طويل وعلى جثتي ان الجوازه دي تمت ويا نفضها سيره ويرتاح الكل يا نولعها ويتحرق بنارها الكل .

 

#اقتباس_من_القادم

 

ابتسم بحالمية حتى ظهرت تلك الغمازات وتحدث هامسا:

 

_ قال لي طبعا ، قال لي دي مش بس بتحبك دي بتعشقك  وبتموت فيك ومستنية تاخدها لأحضانك وتسقيها من حنانك بس مكسوفة .

 

اتسع بؤبؤ عينيها وقامت من مكانها مرددة بتحذير :

 

_ تمام طالما دي هتفضل طريقة كلامك هستئذن أنا بقى واعتبر المقابلة انتهت .

 

بحركة عفوية منه أمسكها من يداها قائلا بعيون مترجية مليئة بالعشق:

 

_ أرجوكى كفاية بعاد ومتمشيش أنا تعبت من الجرى وراكى ياعمرى .

 

رعشة لاااا بل كهرباء اجتاحت جسدها بالكامل من لمسته ليداها ، مجرد لمسة يد دغدغت مشاعرها وجعلت أوصالها جميعاً ترتبك ،

 

وكأن رعشة جسدها وفيض احساسها وصله من دفئ يداها في يده وتحدثت عيناه بغرام:

 

_ لا لن أتركك تلك المرة تذهبين وفي محراب العشق لن أستكين ،

فذاك القلب وتلك الأحضان وهذه العين وهذا الجسد جميع هؤلاء لكي عاشقين ،

 

لا تهربى فقناع الجمود التى تتصنعيه خانك وتبدل بقناع الاشتياق لي فأنتى أيضا باقية على ميثاق المحبين .

 

ابتلعت أنفاسها بصعوبة وجلست مكانها دون إدراك ووعى ويداه مازالت تتمسك بيدها وأجابته عيناها :

 

_ كيف خنتنى ياقلبي من لمسة من يداه ، لمسة واحدة فقط أفقدتنى صوابي وتهت في دنياه ،

أتذكر أني كنت بين يداه عاشقة مغرمة ولهواه متيمة وفي سمائه هائمة وأصبحت الأن لا أمتلك إلا نظرة من عيناه ،

 

ولكن الأنا تعاتبني على العفو إياه وتلومني على الضعف وأنا فقط أتلمس يداه ،

ولكن جسدى خانني وإحساسى فضحني وما عدت أتحمل بعده وأشتاق للقاه .

 

شدد من احتضان يديها قائلا بعشق:

 

_ تتجوزينى  ونبدأ حياة جديدة مع بعض ماحنا يعتبر معشناش القديمة أصلاً

 

أجابته بخوف:

 

_ بس أنا خايفة يحصل لنا زي ماحصل قبل كدة والأمان بقى ضايع عندي والمرة الجاية لو حصل اللي حصل هتبقي القاضية عليا .

 

طمئنها بحفاوة:

 

_ لاااااا مرة تانية ايه خلاص مفيش غيرك أولى وأخيرة وصدقينى عمري ماهشوف غيرك وأصلا في وجودك جمبى مش محتاج حاجة تفرحنى وتسعدنى أكتر من كدة .

 

بلسان يرجف خوفاً:

_ متأكد من وعودك ؟

 

بكل تصميم أجابها:

_ وعد الحر دين عليه ومش هيتنقض غير بموتى .

 

بغمزة مباغتة من عينيه أشار لحماه أن يدخل هو والمأذون كى تستقر الأمور فى نصابها الصحيح وسكنت السندريلا قلب الأمير من جديد

 

ياتري مين الكابل دول 🤔🤔 قولوا لي في الريفيوهات والتعليقات

 

وبجد ممتنة جداً لأي حد بيعمل لي ريفيو بجد الريفيوهات والتعليقات بتفرق معايا جداً وبتخلى الروايه تتشاف وعلشان دي أول رواية ليا وتعبت فيها جداً جداً مش عايزاها تندفن فنفسي ولو على الأقل عشر ريفيوهات واللايك بيفرق جدا

 

وبأمنكم أمانة تدعو لفلسطين في سجودكم ربنا ينصرهم نصر مبين

دمتم في رعاية الله وأمنه 😍😍

#انتهي_البارت

تري هل ستسير الأمور علي هوي اعتماد وستوافق ريم لأجل مصلحة أولادها ؟

 

مالمجهول المنتظر لمريم ؟

 

تري هل بدأت شرارة العشق في قلب رحيم أم أن ذلك تعاطف ؟

 

هل سيستسلم مالك لحرب العشق والامتلاك التي ستشنها هنا عليه ؟

 

وأخيراً بطلتنا الرقيقة ريم كيف ستنقذ من براثن الحقد لدي هند

كل ذلك سنتعرف عليه في البارت القادم بإذن الله

 

مستنيه رأيكم وتوقعاتكم وتفاعلكم علي البارت

 

#بين_الحقيقة_والسراب

 

#بقلمي_فاطيما_يوسف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
144

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل