
الفصل السابع (لن أخضع)
كانت تبكي بعنف …قلبها يعتصر ألما وهي تتذكر كيف حطمت قلب يوسف …كيف اخبرته انها لا تحبه بأسوأ الطرق …كيف انها تركته ولم تهتم به ….لقد شعرت بالقرف من نفسها ليس لانها انفصلت عنه تحت تهديد السلاح من هذا المجنون بل لان للأسف كل كلمة قالتها كانت صحيحة مائة بالمائة ..
هي لا تحب يوسف…يوسف كان اختيار العقل لا القلب …هو لم يمر حتي بجوار قلبها وكم كان هذا يعذبها لانه حقا يحبها كثيرا..
هي رأيت هذا في عينيه ولكن الارتباط به كان الحل الوحيد حتي تتخلص من ظلم والدها …كان الحل الوحيد حتي تتخلص من هذا السجن ولكن للاسف وقعت في سجن أسوأ بكثير وها هي خسرت كل شئ
…حياتها وخطيبها وحريتها يتبقي أن يفعل هذا المجنون ما يريده بها ليسلب شرفها ….
تسطحت علي الفراش وأغمضت عينيها وهي تتذكر ما حدث بالتفصيل !!!
….
-مش هعمل كده …حرام عليك اتقي الله وسيبني اطلع!!
قالتها وعد وهي تنظر إلي السلاح بذعر …كان قلبها ينبض بخوف …ماذا إن قتلها هذا المجنون …تصاعدت الدموع لعينيها وأخذت تتوسل:
-يا باشا سيبني اطلع من هنا حرام عليك…ابويا اللي سرق أنا مالي ليه أنا اتعاقب …عاقبه هو …
ابتسم الصياد بسخرية وقال:
-ذنبك انك بنته …
اقترب منها ثم لمس وجهها بإفتتان قائلا:
-بس ذنبك الأكبر انك جميلة يا وعد …عينيكي اجمل عيون شوفتها في حياتي …
ابتلعت ريقها بينما يقترب أكثر منها …اقترب بشفتيه من وجهها ثم قبل فكها برقة وقال :
-اعملِ اللي انا عايزه وصدقيني هعيشك أميرة …هجيبلك اللي أنتِ عايزاه …هتأكلِ احسن أكل وتشربِ احسن شرب …وهسفرك بلاد عمرك ما شوفتيها …هعيشك في الجنة حرفيا …بس وافقِ ده الحل الوحيد اللي قدامك لاني انا ممكن حرفيا اعيشك في جحيم ..يعني اقدر اضربك …اعتدي عليكِ واخلي كمان رجالتي يعتدوا عليكِ واصورك …فالذوق احسن صح ؟!…
كانت ترتعش وهي تشعر بشفتيه تنتقل من وجنتيها لفكها ….صوته الهادئ جعلها ترتعب….تهديداته تلك حقا ارعبتها …أنه يلقيها بين نارين ويطلب منها الاختيار وفي الحالتين ستحترق حتي الموت…ابتلعت ريقها وهي تشيح بوجهها …كانت تشعر بالتقزز منه …
ابتعد الصياد وهو يقول:
-ها يا وعد ناوية تسمعي الكلام ولا انفذ تهديدي…اعرفي اني ممكن اخليكي تتمني الموت فياريت بالادب كده تعملي اللي اطلبه منك …
ابتلعت ريقها وهي تمسك الهاتف منه بينما تطلب رقم يوسف ….وجه هو السلاح لراسها وقال:
-اي محاولة منك مش هتردد افجر المسدس في رأسك يا حلوة تمام …
هزت رأسها وهي تبكي بقهر ..تبكي من الظلم الآن هي ستخسر اخر شخص تبقي لها …اخر شخص قد يحميها …انتظرت وهي ترتجف رد يوسف وتجمدت للحظة عندما انفتح الخط وصوت يوسف الملهوف يظهر :
-وعد حبيبتي فينك …قلقتيني عليكِ …أنا هتجنن بقالي يومين…
-يوسف أنا سيبت البيت وسافرت مع بابا …
قالتها وهي تكتم دموعها فرد هو دون تصديق:
-من غير ما اعرف …من غير حتي اتصال او مبرر يا وعد …هو باباكي أجبرك ولا …
أغمضت عينيها وقالت :
-لا أنا سافرت معاه بمزاجي …قرر يبدأ من جديد في بلد تانية …
-طب وانا يا وعد …
نظرت إلي الصياد بتوسل ولكن وجهه لم يحمل أي أثر للشفقة فاكملت وهي تضغط علي نفسها وقالت بنبرة صادقة تماما:
-انا محبتكش يا يوسف …أنا اسفة حاولت كتير بس مقدرتش …أنا…
-انتِ بتقولي ايه …أنتِ بتكدبي عليا صح …وعد أنا …
-انا اسفة يا يوسف …اسفة ..
قالتها وهي تبكي ثم أغلقت الهاتف …
…
عادت من شرودها وهي تبكي بعنف …تشعر بالقرف من نفسها لأنها استغلته وتركته بتلك الطريقة !!!
………………
-نظر الي كفه المضمدة بتفكير ثم تنهد ونظر الي حياة وقال بهدوء :
-شكرا …
هزت رأسها وهي ترجع خصلات شعرها القصير للخلف وتقول :
-العفو..
تنهدت ثم أكملت وقالت:
-يالا نروح البيت ماما اتصلت واتضايقت اني خرجت من غير أذنها …
هز رأسها وهو يسير بجوارها …قام بإيقاف سيارة أجرة واستقلوها سويا …
كان كل لحظة يرمقها بدهشة …ليست تلك حياة التي يعرفها …حياة التي كانت تطارده دون أي ملل …تلك فتاة اخري لا تنظر إليه حتي …عينيها التي كانتا تنظران إليه بحب جافة الان لا ترمقه الا بنظرات باردة تمزق قلبه …وهو لا يدري السبب …هو الآن يجب أن يغضب ويحزن لأن من احبها تركته دون أي سبب ولكن يجد نفسه يفكر بحياة ابنة خالته التي كانت تعشقه وهو للاسف لم يبادلها تلك المشاعر!!!
تنهد وحاول فتح الحوار قائلا :
-مش عايزة تسأليني ايه السبب اللي خلاني اعمل كده …
-ما يهمنيش …
وبتلك الكلمة الباردة قطعت الحديث تماما واخرسته شخصيا ….
وصلا الي المنزل اخيرا بصمت تام وصعدا سويا ..توقفت حياة وهي تري والدتها تنظر إليها بنظرات غير راضية تماما ثم تنظر إلي يوسف الذي توتر قليلا …
نظرت والدة حياة الي كف يوسف وقالت:
-الف سلامة عليك يا حبيبي خير ؟!؟
-مفيش حاجة يا خالتي حاجة بسيطة …
ثم بسرعة اتجه لمنزله …
نظرت حياة الي والدتها وكادت أن تتكلم لتبرر إلا أن والدتها أمسكت ذراعها وأدخلتها للمنزل …
دفعتها والدتها ثم صرخت بها :
-احنا مش هنخلص من يوسف ده …أنا ما صدق انك قررتِ تشوفي حياتك يا حياة …ليه بتعملي كده يا بنتي …
-يا ماما أنا…
-اسكتي ولا كلمة …يا بنتي ده مبيحبكيش …بيحب خطيبته كفاية اللي عمله فيكي …ما صدق انك بدأتِ تشوفي حياتك ايه اللي خلاكِ ترجعي لوجع القلب ده !!
تصاعدت الدموع لعيني حياة وقالت وهي ترفع رأسها :
-وانا يا ماما خلاص نسيته وصدقيني مش بفكر الاحقه ابدا …أنا بس مقدرتش اشوفه بينزف ومساعدهوش …كأبن خالتي بس…لكن أنا لا بلاحقه ولا حاجة اطمني خالص ومتقلقيش ..وعشان ترتاحي اكتر أنا موافقة اقابل ابن طنط مريم حددي الميعاد اللي يناسبك وانا موافقة علي اي حاجة ..تمام ..
هزت الام رأسها وهي تشعر بالراحة واخيرا ابنتها قررت التحرر من قيود عشق لا فائدة منه …
تنهدت حياة وهي تنسحب الي غرفتها بينما تكتم دموعها …وما أن أغلقت باب غرفتها حتي جلست تبكي بشكل يمزق القلب …لما لم يحبها يوسف بتلك الطريقة التي أحب وعد بها …تقسم أنه لو احبها بتلك الطريقة ما كانت لتتركه ابدا !!!
…..
في منزل يوسف …
كان جالس وهو يمسك صور خطبته هو ووعد …كم كان سعيد في ذلك اليوم …كان يطير من السعادة …فالفتاة التي سلبت لبه من اللحظة الأولي أصبحت ملكه …لن ينسي كيف التقي بوعد ..عاد بذكرياته للخلف عندما أجرت والدته جراحة بسيطة في عينيها وكان هو يرافقها …أخذ عطلة من عمله وقرر أن يبقي بجوارها بالمشفي…كان حينها خاطب حياة …كانت مجرد خطبة تقليدية ليتخلص من الحاح والدته ولكن الحقيقة أن حياة لم تمر جوار قلبه حتي …الي أن أتي اليوم الذي دخلت فيه وعد لغرفة والدته…لقد نسي أن يتنفس لدقائق وهو مسحور بعينيها الجميلة …أنفها الشامخ وشعرها الذي يتأرجح بقوة ….بدت في تلك اللحظة كأمرأة أحلامه …المرأة التي حلم بها طويلا …ومن وقتها ألقت عليه لعنة الحب وأصبح هو الملعون بعشق محرم عليه …ظل لأيام يلاحقها دون أن تدري غير مهتما كليا فمن هي خطيبته حتي اتخذ قراره وانفصل عن حياة تماما ليريح ضميره …
فاق من شروده بينما دموعه سقطت علي صورتهما بينما يفكر أنه جرح أكثر شخص يحبه من أجل من لا يستحق !
…..
في اليوم التالي …
كانت تقف أمام المرأة وقلبها يقذف داخل صدرها …لا تدري لما تشعر بكل هذا التوتر من لقاء هذا الرجل …ولا تدري بالأساس لما وافقت أن تخرج معه بتلك البساطة …لا تعرف اي شئ فقط تعرف انها تشعر بسعادة غريبة …وتشعر انها سخيفة جدا … فهي هي خرجت من علاقة منهكة وتقابل اخر ….آخر لا تعرف إلا أنه سلب دقات قلبها من الوهلة الاولي… ابتسمت بخجل وهي تشعر بفراشات تداعب معدتها …نظرت إلي فستانها الخريفي اللطيف التي تتناثر أزهاره في كل مكان بمختلف الألوان …أمسكت احمر الشفاه ثم مررته علي شفتيها قلبت شفتيها برفق لتثبيته وكادت أن تربط شعرها إلا أنها تراجعت في آخر لحظة وقامت بتسريح خصلاتها الذهبية ثم تركتها ترتاح علي كتفها … نظرت إلي نفسها نظرة أخيرة وهي تبتسم برضى ثم أمسكت حقيبتها وغادرت ….
…..
خرجت من غرفتها وهي تدندن بسعادة ولكن فجأة تجمدت وتوقفت الكلمات في حلقها وهي تنظر إلي جاسر الذي ظهر أمامها فجأة …ابتلعت ملاك ريقها واطرقت برأسها للاسفل ….تجاهلها جاسر كليا وكاد أن يذهب إلا أنها قالت:
-انا عارف انك زعلان مني وده قاهرني يا جاسر … مقهورة اني زعلتك أنت بالذات …انت اغلي انسان علي قلبي …اخويا اللي وعيت واتربيت معاه …
اعتصر الالم قلبه …شقيق؟!!هذة هي مكانته لديها …الفتاة التي أحبها أكثر من حياتها كلها لا تراه الا شقيق عزيز …أراد الضحك علي خيبته ولكنه استطاع السيطرة علي نفسه وقال:
-وأزعل ليه يا بنت عمي الحب مش عافية …وانا أكيد مش هجبرك…
اقترب اكثر منها وقال بينما عينيه البنية تلمعان بقسوة:
-متقلقيش عليا أنتِ مش هتشكلي ضغط ابدا …هنساكِ بسهولة عادي اصل اللي خلقك خلق غيرك عادي …
ابتلعت ريقها وقالت:
-انا عارف انك مجروح و…
-لا مش مجروح ولا حاجة قولتلك أنتِ مش هتشكلي ضغط ولا تهديد حتي أنا مكنتش مجنون بيكي للدرجة …أنا افتكرت اني بحبك …بس لما قعدت مع نفسي عرفت أنه مجرد اعجاب وهيروح متقلقيش ..قلبي مش متورط للدرجة دي …
أمسكت ملاك كفه وقالت:
-اتمني من قلبي أن قلبك فعلا ميكونش متورط معايا …اتمني تحب واحدة تقدرك يا جاسر …تحب واحد احسن مني بمليون مرة …
فقط حينها صوابه تماما وهو يمسكها من ذراعها ويقول:
-مفيش حد احسن منك ولا هيكون يا ملاك …
لمعت عينيه بالدموع وأكمل بتوسل:
-اديني فرصة واحدة …واحدة بس والله هسعدك…هعمل اللي أنتِ تطلبيه ..مش هضغط عليكِ ولا …
تصاعدت الدموع لعينيها وهي تقول بعذاب:
-ابوس ايديك انت كفاية …مقدرش …مقدرش يا جاسر انت تستحق احسن من كده مش قادرة اشوفك الا اخويا …سامحني …
ابتعد سريعا كالملسوع وقال:
-وانا مش عايزك تشوفيني اي حاجة …
اقتربت وكادت أن تلمسه الا انه ابتعد عنها وقال:
-كفاية كده …ابعدي عني مش عايزك تكلميني ولا تحتكي بيا …أنتِ من النهاردة بنت عمي وبس وعلاقتنا مش هتكون الا رسمية …
-جاسر أنا …
ولكنه لم يستمع إليها بل تركها وغادر …
تساقطت دموعها وهي تشعر بالأسي عليه …لم ترغب أن تحطمه لتلك الدرجة ولكن هي لا يمكن أن تحبه …لا تستطيع …لو كان بيدها لأعطته الحب الذي يريده ولكن للأسف نحن لا نملك سلطان علي قلوبنا …
مسحت دموعها برفق وخرجت من المنزل ….
…….
بعد ساعات ….
كانت تخرج من الملجأ وهي تسير بجواره بينما ما زال قلبها مشبع بالحزن …وقد اختفت أي رغبة لها بالسعادة …فجاسر لديه مكانة مميزة لديها حتي وإن لم تكن تحبه كحبيب …هي تحترمه وتقدره وتحبه كشقيق …هو صديقها …من وقف بجوارها في محنتها دوما …كان دوما أقرب إليها من اي شخص …عرفت أن لن أحد سوف يأذيها طالما هو موجود …
الحزن علي وجهها الجميل جذب انتباه عدي …نظر إليها وقال بنبرته المميزة :
-مش قولتلك أن الحزن مش لايق علي جمالك يا ملاك… وشك اتخلق عشان تضحكِ بس لان ضحكتك هي تاني اجمل حاجة في الدنيا بعدك ….
كل أفكارها تلاشت أمام هذا الغزل الصريح منه بينما تذوب خجلا وهي تنظر إلي عينيه التي ترمقها بنظرات خاصة اربكتها …وهو لم يزيد من وقاحته با قام بتغيير الموضوع تماما وقال:
-يالا عشان نلحق اليوم من أوله …
وضعت خصلات شعرها خلف أذنها وهي تقول بتوتر أنا…
-لا لا يا ملاك مفيش أعذار انتِ وعدتيني!
ودون أن يهتم بإعتراضاتها امسك كفها وهو يجرها خلفه …
ومن بعيد كان يوجد من يراقبهما بينما عينيه تشتعلان بنيران الغيرة!….
……
في الملهي الليلي ….
كان جاسر يشرب بشره كبير …وكلما تذكر كيف رفضته وكيف ذهبت مع اخر كان يشرب أكثر …الالم في قلبه لا يتوقف …يشعر أنه سيموت …لما فعلت به هذا …لما لم تحبه …قلبه يتمزق من الغيرة وهو يري اخر يحقق أحلامه …اخر يستولي علي امرأة حياته …عجز تماما عن فهم فشله في الحصول عليها …أنها المرأة الوحيدة الذي أعطاها كل هذا الحب والاهتمام …هو مهووس بها …مهووس بطريقة لا يستوعبها اي عقل بشري …لو طلبت منه أن يموت …سيموت وهو راضي تماما ….ولكن اليوم عرف أن بعد عاصم هناك اخر احتل قلبها وهو ليس لديه اي فرصة حتي…
صرخ وهو يلقي كأس الخمر ثم خرج من الملهي وهو يترنح بقوة …خرج الي المرأة الوحيدة التي ستخفف تلك النيران التي تشتعل به !!!
……..
انتفضت وعد عندما ولج الصياد فجأة …عينيه حمراء يترنح بقوة …والألم يتشكل بشكل بغيض علي وجهه…انكمشت بخوف بينما عينيها الزرقاء تزوغان بتوتر …كان يبدو عليه الغضب والألم وقد شعرت أن هذا اليوم لن يمر علي خير ابدا …
-انا مليت من الوضع ده !
قالها بنبرة ثقيلة غاضبة لتبتلع ريقها وتقول بتوجس:
-اي وضع مش فاهمة ؟!
اقترب منها وصرخ:
-انا دفعت فلوس ومن حقي اخد مقابل اللي دفعته …مش هستني اكتر. ..الليلة هتكوني ليا يا وعد ….
هزت رأسها وهي تبكي وقالت؛
-ده مستحيل …
ضحك ساخرا وهو يقترب أكثر ويقول بنبرة ثقيلة:
-للأسف يا حبيبة قلبي هيحصل …أنا مشيت كل الحراس …والليلة هتبقي بتاعتنا أنا وأنتِ وبس …
ثم هجم عليها يكتفها بجسده …
صرخت وعد وهي تحاول أن تبعده عنها ولكن دون جدوى …كان كالثور الهائج بينما شفتيه تقبلها بهووس …رباه يبدو أنه لن يتراجع الان …
-انتِ الوحيدة اللي هتخففِ ألمي
قالها بنبرة غريبة …بينما يديه تتجه الي ملابسها …حاولت وعد بكل قوة أن تبعده وهي تبكي…لا …لن تسمح له بهذا …ستقتل نفسها ولن تسمح له أن يسلب شرفها …نظرت بجانبها لتجد طبق الطعام الخاص به وسكين صغيرة ولكن حادة … حاولت الوصول إليها ولكن الصياد كان يشل حركتها تماما …فجأة هبط بشفتيه علي شفتيه وقد غاب تماما …ادعت هي الاستجابة ووضعت كفه علي رأسه تقبله بالمقابل ليترك كفها الأخر بحرية …وثم بسرعة دون أي تفكير استلت السكين وبأقصي قوة لديها طعنته في بطنه !!!
يتبع
الشـ,ـيطـ,ـان_يقع_في_العشق
سولييه_نصار
8/9
الفصل الثامن(عودة الماضي )
اتسعت عينيها بفزع وهي تشعر بسائل دافئ ينساب علي يديها بينما عيني الصياد جحظت بألم …أبعدته وعد وهي تصرخ ليقع هو علي الأرض بينما يصرخ بألم …رمت السكين من يدها وهي تصرخ .. …للحظات ظلت باهتة وهي تنظر إلي ألمه الواضح ولا تعرف لماذا شعرت بالآسي عليه …شعرت بثقل في ضميرها وهي تراه ينزف بتلك الطريقة ويتألم …عرفت انها لو تركته سوف يموت ولكنها عرفت أيضا انها فرصتها الوحيدة للهرب من الشـ,ـيطـ,ـان ولذلك دون أي تفكير خرجت من الغرفة لتركض …لم تفكر ابدا بالتوقف …فتلك هي فرصتها الوحيدة …الحراس ليسوا هنا والصياد مصاب بالداخل…تلك هي فرصتها الذهبية …اخذت تتنفس بصعوبة وكادت أن تصل لباب المنزل إلا أنها توقفت فجأة وهي تلهث بعنف ونظرت بتوتر الي الغرفة …هل ستتركه يموت بتلك البساطة …هي من ستكون السبب لو مات وضميرها لن يحتمل هذا العذاب …
نفخت بضيق وهي تشد خصلات شعرها وتقول:
-فوقي يا وعد ده مجرد مجرم بطلي هبل…يستحق اللي هيحصله …أنتِ ملكيش دعوة …دي فرصتك …روحي ليوسف وبلغي عنه وارتاحِ….
صوت صراخ الصياد المتألم جذب انتباهها …ارتجفت وهي تشعر بالرعب وللحظات توقف عقلها عن العمل تماما …رباه ماذا تفعل …هل تعود وتخاطر أن يحتجرها …ام تهرب وتتركه لمصيره وتتحمل تأنيب الضمير …شعرت حقا انها تائهة ولكن للحظة انتصر ضميرها المعذب علي عقلها وعادت إليه….
وقفت وعد وهي مصدومة تراقب الصياد الغارق في دمه بينما يصرخ من الالم وهو يتسطح علي الفراش بشق الأنفس وما أن لاحظ وجودها حتي اشتعلت عيناه البنية وهو ينظر إليها وقال بنبرة تقطر حقد:
-هقتلك يا وعد …هقتلك بطريقة متتخيلهاش ..بطريقة أسوأ من اي فيلم رعب شوفتيه…
ابتسمت بسخرية وردت:
-انت الطرف الضعيف هنا فأحسنلك تحط لسانك جوا بوقك والا هسيبك تنزف لحد ما تموت…
-انتِ …أنتِ
-ششش
قالتها بإستفزاز…ثم أكملت:
-احسنلك تخرس والا والله اسيبك تموت عادي وابقي ريحت العالم من شرك …انت دلوقتي صباعك تحت ضرسي فبالذوق كده تخليك مؤدب عشان اطهرلك الجرح وامشي من المكان الموبوء ده وابعد عن شخصية مريضة زيك …
احمر وجهه من الغضب وهو ينظر اليها… ولكنه لم يتحدث …هي محقة هو الآن الطرف الأضعف …علي رغم شعوره بالغضب الشديد إلا جزء مجنون منه كان يشعر بالتسلية لأنها تهدده بتلك الطريقة دون خوف ..هذا جعله يشعر بحماس غريب …حماس غريب يجعله يرغب في قتالها وإخضاعها له …والصياد عرف في تلك اللحظة أن وعد ليست مجرد فتاة سوف يتخذها عشيقة …بل هي امرأة ستغير حياته كثيرا …تلك الشرارة بعينيها لم يراها بعيني أحد إلا عين والدته حتي ملاك لا تمتلك تلك الشرارة النادرة ….
-انت مبتسم ليه ؟!!
قالتها وعد بتوجس ليرد الصياد بألم:
-مستغرب أن واحدة زيك يدوب واصلة لكتفي تقف تهددني كده …
ربعت ذراعيها وقالت بفظاظة:
-للاسف معندكش حل تاني …انت دلوقتي هتنفذ اللي اقول عليه وبس ودلوقتي خليني اشوف الجرح …
ثم اقتربت منه متوجسة حذرة وهي تقرر أنه لو فكر أن يفعل أي شئ ستضربه …عاينت جرحه وتنهدت عندما وجدت أن جرحه سطحي …
نظرت إليه وقالت:
-متقلقش الوحش لا بيروح ولا بيضيع جرحك سطحي ..
ثم بعنف ضربته علي الجرح ليصرخ بقوة وهو يسبها بألم …رفعت وعد حاجبيها وقالت ببراءة مزيفة ؛
-مش انا دي أيدي .
نظر إليها وهو يكز علي أسنانه وقال:
-بس اقوم هربيكي كويس علي اللي بتعمليه ده …
ضربته علي وجهه وقالت:
-لا قلة ادب هسيبك وامشي…لم لسانك لاقطعهولك انت فاهم !!!!!
ثم بمهارة ممرضة بدأت تحضر ما تريده من علبة الإسعافات الأولية الموجودة بالغرفة لتنظيف جرحه !!!
كانت ملاك تتسطح علي الفراش …خصلاتها الذهبية تنتشر علي وسادتها بينما ابتسامة حالمة تزين شفتيها …وعقلها يستعيد يومها مع عدي …لقد كان من اجمل ايام حياتها…كان عدي يمتلك حس دعابة مذهل لم تتوقف عن الضحك ابدا طيلة اليوم …عاملها اليوم كشئ ثمين …تجول معها في مركز التسوق واشتري لها دب هدية …تجول معها كثيرا …كان بسيطا جدا وهذا ما أحبته كثيرا وبالنهاية اخذها لمطعم للمأكولات البحرية …ذُهلت عندما اخذها هناك …كيف عرف انها تعشق المأكولات البحرية وعندما سألته أجابها ضاحكا أنه هو يحب ذلك الاكل أيضا …تحدثا سويا لمدة طويلة ودهشت من كم التشابه بينهم ….هو يحب كل ما تحبه … ذوقه يشبه ذوقها الي حد كبير …يحب الفن والموسيقي مثلها …مولع بالقراءة أيضا مثلها ..بحياتها لم تجد أحد يشاركها اهتمامها مثل عدي …لتعترف أنها تسير في طريق تجهله …تسلم قلبها لشخص لا تعرفه حتي …لكن جل ما تعرفه حقا أنه ترك تأثيرا عميقا داخل قلبها وروحها …بعد عاصم ظنت أنها ستنبذ الحب ولكن بطريقة لا تصدق وجدت نفسها تتعلق بآخر ولا تعرف السبب…تخاف أن يكون هذا مجرد احتياج وفراغ عاطفي بعد تجربتها المريرة مع عاصم ولكن لماذا لم تنجذب لجاسر …هو أقرب لها من اي شخص …وتثق به أكثر من نفسها …لما تثق بغريب لا تعرفه جيدا من الأساس ولما تسلمه ثقتها بتلك السهولة …هي منذ أيام خرجت من تجربة مريرة …فالذي أحبته خانها في ليلة زفافهما وحطم قلبها …يجب أن تتريث قليلا ولا تجعل عواطفها تتحكم فيها …فهي تعرف كم أن القلب ضعيف متهور …يجب أن تحكم عقلها…تجعل عقلها من يقودها …والعقل يخبرها أن تنتظر فقلبها لن يتحمل اذي آخر …هي لا تعرف الشاب جيدا …يجب أن تتعرف عليه بصورة أوضح حتي تثق به …تنهدت ملاك وقد اتخذت قرارها لن تخرج معه مرة أخري …يجب أن يجعلها تثق به اولا …..وبهذة الفكرة أغمضت عينيها وقررت النوم …وفعلا ما كادت أن تغرق في النوم حتي ايقظها صوت رسالة اتت علي تطبيق الواتس آب…فتحت التطبيق ليدق قلبها بقوة وهي تجد رسالة منه …توقفت عن التنفس للحظات وابتسامة رائعة ارتسمت علي شفتيها وهي تقرأ رسالته المختصرة …كان يطلب منها الخروج معه مجددا واخبرها أن الأمر مفاجأة …وفجأة تطايرت كل وعودها لنفسها وهي ترد عليه بالموافقة ثم تغلق الهاتف وتنام بسعادة …
…..
علي الجانب الآخر ..
كان عدي يبتسم بخبث هي تقع في حبه …مهمته أصبحت اسهل مما توقع ….
-قدرت توقعها ؟!
قالها مالك لابنه الذي يشع وجهه من السعادة …
رفع عدي رأسه بفخر ورد:
-عندك شك…كام يوم تاني وملاك هتقع تحت ايدي تماما وهسيطر عليها ساعتها هجيب عامر النجار راكع عند رجلي
-اللي بيلعب بالنار هو اللي بيتحرق بيها الاول يا عدي .
قالها والده فجأة ليعقد حاجبيه بقوة ويقول :
-مش فاهم …
تنهد والده وهو ينظر إليه بتوتر ويقول :
-خايف اللعبة تنقلب عليك …خايف الصياد يبقي فريسة ..
-بابا وضح كلامك مبحبش شغل الالغاز ده !
ربع مالك ذراعيه وقال:
-يعني يا حضرة الضابط خايف انك بدل ما تخلي ملاك تحبك وتستغلها انت اللي تحبها …خايف انك تحبها وتنسي مهمتنا …خايف الحب يسيطر عليك …
انفجر عدي بالضحك …كان يضحك بقوة وهو ينظر إلي وجه والده الغاضب ثم قال وهو يشير إلي نفسه…:
-انا احبها …احب بنت عدوي !!
ثم أكمل ضحكه وقال :
-انت اكيد بتهزر …
-انت ملكش سلطان علي قلبك يا عدي ..وانا خايف …
قاطعه عدي وقال بنبرة باترة جافة:
-اطمن يا بابا انا عمري ما احب بنت عامر النجار …عامر عدوي وهيفضل عدوي وبنته هي الطعم اللي هستخدمه عشان اقضي علي عامر نهائيا ..اطمن أنا عمري ما حياتي ما ارتكب الغلطة دي واحب بنت اكبر تاجر مخدرات في مصر!
تنهد عدي واقترب من صورة والدته التي معلقة علي الحائط وقال:
-مستحيل احب بنت المجرم اللي قتل أمي …زي ما حرمني من امي هحرمه من بنته!
كان جالس بغرفته غارق في أفكاره …الخيانة أحرقت روحه …يتذكر كل ما فعله لأجلها …يتذكر كم أحتمل اهانات والدها فقط لأجلها …كان يعد الايام لتكون ببيته …كان يحقق لها جميع أحلامها …فكيف تفعل به هذا …كيف تتركه بتلك الطريقة المهينة …هو قبل بها رغم كل شئ وهي من تركته … تركته تماما ولم تهتم بقلبه الذي انكسر …لقد كسر قلب حياة من أجلها …تحمل لوم عائلتها وتحدي الجميع كي تكون له ..فكيف تجازيه بتلك الطريقة..أن أن هذا عدالة الله الذي حطم قلبه بنفس الطريقة التي حطم بها قلب حياة…حياة …
اغمض عينيه وهو يتذكر ابن خالته التي أحبته أكثر من الحياة نفسها وهو ببرود حطم قلبها وتركها من أجل اخري …لن يكذب علي نفسه بعد الان هو خانها …أجل كان يلاحق وعد عندما كانت خطيبته ..جعلها تتأمل أكثر لم يكن يريد افلاتها الا عندما يجد رد فعل من وعد …وبعد فترة قرر بستجمع شجاعته ويكلم وعد حينها انفصل عن حياة ..لأن ضميره لم يتحمل أن يقترب من فتاة وهو مرتبط بآخري وهكذا ببساطة حطمها واخبرها أنه يحب اخري …لقد رأي الالم بعينيها…بدموعها …ولكن في تلك اللحظة لم يفكر الا بوعد …كان مهووس بها وأصر أن يرتبط بها مهما حدث ..صحيح واجه اعتراض كبير من والدته ولكنه أصر عليها حارب الجميع من أجلها …وللاسف هي لا تستحق هذا …لا تستحقه ابدا …
تنهد وهو يشعر بألم عظيم في قلبه …نيران الخذلان تحرق روحه …ومن بعيد كانت تقف والدته وهي تشعر بالشفقة عليه ..تعرف داخلها ان ما يحدث في ابنها بسبب تلك الفتاة …هي لم تحبها منذ البداية عرفت أن تلك الفتاة لا تحب ابنها كما يحبها هو …عرفت أنها سوف تحطم قلبه ولهذا رفضتها بإصرار ولكن يوسف تمسك بها وكأنها اخر امرأة بالعالم …لم يسمح لأحد أن يبعده عنها …تحدي الكل فقط لتكون ملكه …وأمام إصراره رضخت هي…وهكذا حصل يوسف علي ما يريده وتم تحطيم قلب ابنة اختها المسكينة… تنهدت منار وهي تلج للغرفة وتجلس بجوار ابنها …نهض يوسف عندما شعر بوجود والدته …ابتسم لها بتعب فقالت:
-قلبي واجعني عليك ..أنا عارفة أن البنت دي اذتك …
في موقف آخر كان يوسف ليدافع عن وعد ولكن في تلك اللحظة صمت تماما..لأن للأسف لا يوجد شيئا ليقوله ….فوعد خذلته وتركته بأقسي طريقة …لم تهتم لا به ولا بمشاعره واثبتت أنها فتاة لعوب كما أخبرته والدته …
-ربنا يصلح حالها ويسعدها يا امي …
تنهدت منار بحسرة وقالت:
-كان مالها بنت خالتك بس يا يوسف ..
اغمض عينيه وقال :
-كفاية يا امي لو سمحتي الموضوع انتهى…أنا محبتش حياة والحب مش عافية ومش معني اني انفصلت عن وعد اني هبص لحياة !
مطت منار شفتيها وقالت:
-وحتي لو عايز حياة دلوقتي مينفعش ..
نظر يوسف لوالدته بحيرة لتكمل بخبث:
-متقدملها واحد ميترفضش وهتقابله بكرة…
ابتلع ريقه وهو يشعر بضيق مفاجئ وقال:
-ربنا يوفقها يا امي …يالا دلوقتي تصبحي علي خير !
…………
-ابوس ايدك يا دكتور جيب العلاج دلوقتي وانا هديك الفلوس بعدين …امي هتموت ابوس ايديك …
قالها ذلك الطفل صاحب الثاني عشر عام وهو يبكي …الخوف يستوطن قلبه ..حالة والدته أصبحت سيئة بسبب داء السكري والأدوية نفذت …حتي النقود التي يكسبها من عمله كعامل بناء نفذت …وهو الآن في ورطة لم يرضي أحد أن يسلفه اي فلس والان كل ما يستطيع فعله هو التوسل من أجل حياة والدته فهو ليس لديه غيرها …
-مستعد اشتغلك هنا من غير اجر ..هعمل اللي انت عايزه بس ابوس ايديك اديني الحقن امي هتموت …
-يالا يا واد انت غور من هنا وبلاش قرف مفيش دوا الا بفلوس مش فاتحينها جمعية خيرية يا حبيبي انت …وبعدين النوع اللي طالبه مستورد ..خلي الدكتور يكتبلك نوع تاني تقدر تاخده من المستشفي …
انسكبت دموعه وهو يشعر بالعجز بينما لم تحتل ملامح الرجل الا قسوة …لم يجد ولا أثر ضةيل للشفقة …لذلك قرر أن يأخذ ما يريده مهما حدث. ..ولهذا قام بدفع الرجل بقوة وهو يحاول أخذ الحقن ويركض بها …
-حرامي ..حرامي.
صرخ الرجل وهو يحاول أن يمسك بالصبي…ولكنه كان يركض بقوة …لم يفكر بشئ الا والدته …فليموت هو ولكن تعيش هي …فإن ماتت هي سوف يضيع للابد …هي الخيط الضئيل الذي يجعله يتمسك بالنور وان خسرها سيغرق بالظلام ….
وصل الي المنزل المتهالك لاهثا وولج إليه وهو يقول:
– -جبت الحقن ياما ..
ولكن ابتسامته تجمدت وهو يجدها ساكنة …اقترب منها وهو يبتلع ريقه وقال:
-امي …امي اصحي جبت الدوا …
ولكن لا رد …
تساقطت دموعه أكثر وقد فقد الشعور لبضع لحظات …امسك كفها البارد ثم قبله برفق وقال بصوت مختنق؛
-انا اسف …اسف …
فجأة اقتحم صاحب الصيدلية المنزل هو وبضعة رجال وقال بغلظة :
،-هو ده اضربوه …
وهكذا أخذوه الرجال خارج المنزل بينما هو منفصل عن العالم وقاموا بضربه دون رحمة ….
…..
استيقظ الصياد من كابوسه المعتاد وهو يلهث بقوة …كان يشعر بقلبه يقفز داخل صدره …بينما دموعه تنساب علي وجهه …وضع كفه علي وجهه بتعب وهو يفكر مني سينسي الماضي!!!!
ولكنه فجأة تجمد عندما أدرك أن وعد قد اختفت !!!!
يتبع
الشيطان_يقع_في_العشق
سولييه_نصار
الفصل التاسع(غيرة )
كانت تركض وهي تلهث اللعنة هي محاصرة هنا بين الأشجار الكثيفة. ..لم تعرف أن البيت المحبوسة به هو فيلا به حديقة واسعة لهذا الحد …أنها تركض منذ نصف ساعة …فبعد أن اطمئنت أنه سيكون بخير قررت الهروب واللجوء ليوسف كي تخبره الحقيقة ويساعدها …اخذت تلهث وهي تشعر ان قلبها سوف يتوقف من شدة الركض … ابتسمت بأمل وهي تري البوابة الخاصة بالفيلا من بعيد ودون تفكير ركضت إليها ولكن فجأة وجدت نفسها محاصرة بكلاب بوليسية ….ارتعبت وعد…وارتجف جسدها وهي تشعر أنها في كابوس مخيف ….رباه ما تلك المصيبة التي حلت علي رأسها ….بدأت الكلاب تكشر عن أسنانها وهي تقترب منها أكثر لتفقد وعد وعيها من الرعب !!!
……
أغمضت عينيها وهي تشعر بقطرات من الماء تسقط علي وجهها …شقهت وهي تنهض لتجد رجل ضخم ينظر إليها بسخرية ….نظرت حولها لتتجمد وهي تجد الصياد يجلس علي المقعد الخاص به …شكله متعب للغاية ولكن عينيه تحمل شر عظيم …كان الغضب يتشكل علي وجهه بطريقة افزعتها …لقد انتهت ..هكذا فكرت وعد …الصياد لن يتركها علي قيد الحياة ….سيقتلها بسبب فعلتها تلك …ازدردت ريقها بصعوبة وهي تنظر إليها … ابتسم هو بسخرية لتتألق عينيه بنظرات شيطانية ويقول:
-مساء الخير يا وعد …كويس انك صحيتِ افتكرت أنك لا قد الله موتِ وخلصت منك …
صمتت مرعوبة ليكمل هو :
-اللي عملتيه ليه عقاب …اوعي تفتكري اني هسيبك من غير ما تتحاسبي …بس حسابك معايا هيكون عسير …أنا همشي دلوقتي ..بس لو فكرتِ تهربِ تاني هقتلك فاهمة ؟!
انكمشت علي نفسها لينظر الصياد الي الحارس ويقول :
-لو فكرت تهرب متتردش تضرب النار علي رأسها وارمي جثتها في البحر …
ارتعشت وعد وهي تسمع تلك النبرة من الصياد وقد عرفت أن الجحيم قد بدأ الان …نهض هو بصعوبة متكئا علي الحارس وخرج …
ضمت وعد ساقيها الي جسدها وقد تصاعدت الدموع لعينيها وما هي ثواني الا وقد انفجرت بالبكاء …لقد انتهت …يأست لن تستطيع الهرب من هنا سوف يستبيح هذا الحقير جسدها ويسلب شرفها …وهي لن تستطيع فعل شئ….لقد ندمت أنها ساعدته …ليتها تركته يموت …علي الاقل تلك النـ,ـيران التي في قلبها سوف تهدأ …نامت علي فراشها وهي تبكي بعنف …لقد وقعت أسيرة مرة آخري ظنت أنها يتهرب ولكن الصياد استطاع الامساك بها مجددا وهو لن يسامحها الان ….
………..
في غرفة اخري تسطح الصياد علي فراشه وقال:
-انا هنام النهاردة هنا يا مختار …وانت خلي بالك من البنت دي .
-امرك يا صياد …
اغمض عينيه وهو ما زال يشعر بالألم الجسدي ولكن الالم في روحه كان اعظم …روحه ما زالت تنزف …لم تلتئم جراحه بعد…بعد كل تلك السنوات ما زال اسير الماضي …ما زال ذلك الصبي الصغير الذي فشل في إنقاذ والدته وما زال يحمل عبأ هذا الذنب …يتذكر ما حدث كأنه حدث بالأمس …كيف في لحظة خسرها والسبب كان فقره …حينها كره الفقر وكره حياته بأكملها…حينها قرر أن يفعل أي شئ من أجل المال …المال الذي تسبب في أن تموت والدته هو سيمتلكه مهما حدث ….لقد نبذه العالم حتي حرر الوحش بداخله …حتي أضحي جاسر النجار شيطانا …أصبح هو الصياد الذي لا يرحم فريسته …عمه أخبره ذات اليوم أنه إذا امتلك المال سوف يمتلك العالم …وعلي الرغم أنه يمتلك كل شىء إلا أنها ما زال حزين…ما زال يوجد به شيئا ناقص وقد ظن أن ملاك سوف تجعله سعيد ولكن حتي هي رفضته وذهبت لآخر …والان هو يمتلك المال لا السعادة …
……………
في اليوم التالي
-تفضلي..
قالها بإبتسامة بعد ما دخل الي المرسم الكبير الخاص به …توترت ملاك قليلا …رباه ماذا تفعل هي هنا؟!!كيف تأتي ومع رجل بالكاد تعرفه الي مكان يخصه …لو والده عرف هذا سيقطع رأسها …هي تتخلي عن مبادئها شيئا فشئ…ابتلعت ريقها وكادت أن ترفض وتهرب ولكن الابتسامة علي وجه عدي جمدتها تماما …كانت ابتسامته أجمل ابتسامة رأتها في حياتها …جعلت قلبها يخفق بسعادة .. تنهدت بيأس وهي تتساءل يا تري اين ذهب تحكمها بنفسها …لقد عرف الجميع أنها أكثر شخص يستطيع التحكم في نفسه…هي ألقت عاصم خارج حياتها وهي تعشقه بقوة ولكن كرامتها كانت أهم ولكن الآن لما هي بهذا الضعف أمام عدي ؟! …هذا السؤال جعلها تجن …استجمعت شتات نفسها ورفعت راسها وهي تقرر الرفض بأدب ولكن اصطدمت عينيها الرمادية بعينيه الزرقاء التي تتأملانها بعمق …تزلزلت الأرض تحت قدميها قليلا وهي تطرق بوجهها في الأرض بينما تشعر باللون الاحمر يزحف علي وجنتها ..ازدردت ريقها وهي تشعر به يقترب منها
-انتِ مش واثقة فيا ولا ايه ؟!
وسؤاله الناعم كان ماكر للغاية …كان يحاصرها عاطفيا…يلعب علي نقاط ضعفها …هزت رأسها بضعف ليبادر هو ويمسك كفها ويقول بنبرة قاطعة:
-يبقي خلاص ادخلِ عشان اوريكِ رسوماتي ..
وكالمسحورة دخلت اخيرا للمنطقة المحظورة والغت عقلها تماما متبعة أهواء قلبها وفي عرفها القلب لا يكذب وان كان متهور …
…..
وقفت في منتصف المرسم واتسعت عينيها بإنبهار وهي تنظر إلي اللوحات مشدوهة …
-عجبتك ؟
سألها وهو ينظر إليها مبتسما…رمشت وهي تنظر إليه وقالت:
-انت اللي رسمت دوول كلهم …
ابتسم وهز رأسه بالإيجاب وقال:
-انا بحب الرسم اووي …تعالي هوريكي رسومات اكتر ..
وببساطة امسك كفها وهو يعرض عليها لوحاته ويخبرها بفخر متي رسمها …
توقف قليلا وقال :
-ممكن تغمضي عينيك هوريكي حاجة …
توترت قليلا ولكنها أغمضت عينيها …سحبها هو الي غرفة ما ثم أزاح قطعة قماش كبيرة عن لوحة وقال :
-ودلوقتي تقدري تفتحِ عينيكِ …
فتحت هي عينيها ببطء لتشهق بقوة وهي تري لوحة خاصة بها …لقد رسمها عدي…نظرت إلي اللوحة الخاصة بها عينيها متسعة بذهول وإنبهار….هل هي جميلة لتلك الدرجة …اقتربت من اللوحة وهو تتلمسها بكفها بينما ابتسامة مهتزة ترتسم علي شفتيها …مباردته تلك سلبت قلبها .
.تصاعدت دموع التأثر بعينيها وقالت:
-مش عارفة اتكلم …اللوحة مبهرة …أنا …
توقفت الكلمات في حلقها وانسابت دموعها ولكنها ابتسمت وهي تمسح دموعها التي تساقطت ثم استدارت وقالت:
-امتي رسمت اللوحة دي ؟!
-من اول يوم شوفتك فيها …
واجابته صدمتها تماما …اتسعت عينيها وقد شعرت بتصاعد التوتر بينهما …اقترب منها وقال:
-من اول ما شوفتك يا ملاك وملامحك انطباعا في قلبي …أنا ….
شعرت بالذعر لذلك غيرت مجري الحديث بسرعة وقالت:
-مش هتوريني باقي اللوحات أنا عايزة اشوفهم كلهم …علي فكرة انت ممكن تعمل معرض و….
ولكنها لم يدعها تتم كلامها بل امسك كفها وقال؛
-ملاك بس اسمعيني أنا حابب اتكلم …أنا ….
حررت كفها منه وهي تبتعد وتقول:
-حابة اشوف اللوحة دي ..
وأشارت إلي لوحة كبيرة مغطاه بقماش باللون الاسود ….توتر عدي ..وحاول تشتيتها ولكنها ذهبت وازاحت القماش لتقف مبهورة وهي تري لوحة لامرأة سمراء بعيون بنية واسعة وشعر مجعد…كانت تبدو جميلة للغاية …هي لم ترى إمرأة بهذا الجمال من قبل …في حياتها كلها لم تري وجه يمتلك كل تلك الجاذبية..
-مين دي؟!!
ابتلع عدي ريقه وقال؛
-دي ليالي ..تبقي خطيبتي القديمة ….
والحسرة في نبرته جعلتها تشتعل من الغيرة ….
-انت خاطب ؟!
قالتها بغيرة لم تستطع السيطرة عليها …ابتسم بخبث وقال:
-كنت .
-بس انت مش قادر تنساها صح …عشان كده رسمتها …
-لا أنا …
-متكدبش…انت لسه بتحبها …لو مكنتش بتحبها مكنتش هتحتفظ برسمتها …لسه بتفكر فيها و …
قاطعها بينما عينيه تبرقان بقوة:
-حتى لو لسه بحبها …أنتِ ايه مشكلتك ؟!
بهتت وهي تنظر إليه ليكمل وهو يقترب أكثر حتي اختلطت انفاسهما وقال:
-لتكوني بتغيري…
وها هو بمهارة يلقي شباكه علي فريسته!!!
…. ………
في اليوم التالي مساءا
وقفت أمام المرآة وهي تتطلع الي انعكاسها….بدت فعلا جميلة للغاية .بفستانها الازرق الرقيق …والقلادة الزرقاء التي ترتاح علي نحرها …شعرها القصير يعانق عنقها بينما التقطت احمر شفاه باهت ومررته علي شفتيها ..ابتعدت وهي تنظر للنتيجة برضا تام …تعترف أن تلك المرة اهتمت كثيرا بمظهرها لأنها بالفعل قررت طرد يوسف خارج قلبها وحياتها …تنهدت وهي تهز راسها ….لا لن تفكر به اليوم …اليوم يومها هي …خرجت من الغرفة وهي ترفع رأسها أمسكت بصينية العصائر ثم ذهبت الي صالة المنزل لتقديم الضيافة بينما علي شفتيها ابتسامة جميلة …
بعد الترحيبات الحارة من أهل العريس جلست حياة وهي تطرق برأسها …كان قلبها يقصف بقوة من شدة التوتر …الآن هي تبدأ حياة من جديد …قررت تمزيق ذكرياتها مع يوسف وصنع ذكريات اخري …تتمني أن تكون جميلة …زاد معدل التوتر عندما سمعت والدة العريس تقول :
-يالا نسيبهم لوحدهم …
وما هي الا ثواني حتي اختفي الجميع وبقي هو فقط …رفعت حياة عينيها وهي تتطلع إليه …كان منظره حسنا …يمتلك قدر من الوسامة والذكاء أيضا …هذا يظهر في عينيه البنية اللامعة …شعره طويل قليلا يغطي عنقه …يرتدي حلة سوداء تزيده جاذبية بينما ابتسامة لطيفة ترتاح علي شفتيه …ابتسم حسام وهو ينظر إلي خجلها وقال :
-متقلقيش مش هأكلك…احنا بس هنتعرف ولو اتفقنا يبقي بشرة خير …
أنا حسام مختار ابن طنط مريم تعرفيها طبعا ..كنت بدرس طب برة مصر وجيت من ست شهور وفتحت عيادتي هنا وقررت أن آن الأوان أسس عيلة…أنا ميسور ماديا ومش بدخن ولا هخونك متقلقيش …
ضحكت حياة ليبتسم ويقول:
-علي فكرة ضحكتك حلوة اووي …
اطرقت برأسها بخجل …فتنهد هو وأكمل:
-عايزة بس اطمن أن لو وافقتِ عليا ميكونش حد ضغط عليكِ …حابب علاقتنا تكون مبنية علي الصراحة التامة …لو موافقة عليا قولي ولو رافضة كمان قولي مش هزعل…
نظرت إليه حياة بعمق …ملامحه اللطيفة وابتسامته المشجعة …ابتسمت له في المقابل وهي تفكر هل تخبره الحقيقة …هل تخبره أنها تحب آخر …فهي لا تريد أن تخدعه …
-عايزة تقولي حاجة ؟!
نبرته الهادئة جذبت انتباهها وشجعتها علي الاعتراف بكل ما في قلبها …
اطرقت وهي تقول:
-انا خارجة من تجربة فاشلة …الموضوع بقاله وقت بس لسه قلبي متعلق باللي كان خطيبي واللي هو
-ابن خالتك في نفس الوقت
قالها بهدوء لتهز رأسها ثم تكمل:
-بس انا قررت انساه للأبد …قررت موقفش حياتي علي حد …هقدر اتجاوزه بس من حقك تعرف إن مشاعري متحركتش ليك …
كان ينظر إليها بإعجاب وتقدير وقال:
-تعرفي انك شبهي …عشان كده انا متفائل بالعلاقة دي لو تمت…
-مش فاهمة
قالتها بارتباك ليتنهد هو ويقول:
-تقدري تقولي اني برضه خارج من علاقة فاشلة استنزفتني ماديا وعاطفيا وحسيت أن جه الوقت عشان أتجاوز اللي حصل وأنتِ اكتر من مثالية ليا يا حياة…الموضوع بسيط …احنا هنساعد بعض عشان ننسي اللي خذلونا ونعمل خطوبة ونشوف لو هنقدر نكمل مع بعض ها ايه رايك …
-اديني فرصة افكر …
قالتها منهية الحديث.
…….
بعد أن ذهبوا أهل العريس تقدم والد حياة منها وقال:
-ها يا بنتي رايك ؟!
نظرت إلي والدها وهي تفكر أن تلك فرصتها الوحيدة لتنسي يوسف فقالت:
-موافقة عليه يا بابا
يتبع
الشـ,ـيطـ,ـان_يقع_في_العشق
سولييه
الفصل العاشر(انفجار)
-يعني وافقتي يا حياة ،؟!
قالتها خالتها بعتاب لحياة التي تلتهم المعكرونة بنهم لتهز حياة كتفيها وتقول :
-الراجل محترم وكويس وظروفه كويسة ليه ارفض يا خالتي …
احنا خالتها عينيها بحزن وقالت:
-طيب ويوسف يا حياة ؟!
-ماله يوسف يا خالتي …
تنهدت خالتها وقالت:
-انا كنت اتمني ….
قاطعتها حياة وقالت :
-يوسف مبيحبنيش وانا بطلت افرض نفسي علي حد يا خالتي…أنا دلوقتي مرتاحة اوووي …وخطوبتي بعد اسبوع وعايزة افكر في حياتي الجديدة اللي يوسف مش جزء منها …
تجمدت خالتها وهي تطالع يوسف الذي كان واقفا يتابع الحديث وعلي وجهه تعبير الضيق والتوتر …
تكلمت خالتها بإرتباك وقالت:
-يوسف حبيبي امتي جيت …حياة جات عشان تبلغنا بخبر خطوبتها …
توترت حياة قليلا بينما نظر إليها يوسف بجمود…التوتر تصاعد في الجو لتقول والدة يوسف بارتباك رايحة احضرلك الاكل…
ثم ذهبت بسرعة للمطبخ وهي تمسك طبق حياة
-وافقتي علي العريس!!!
لم يكن سؤال بل نبرته كانت أقرب للإستهجان…أرادت أن تلقي رد وقح في وجهه ولكن سيطرت علي نفسها وقالت:
-ايوة والخطوبة بعد اسبوع …اكيد هتيجي طبعا
-اكيد ده أنا اخوكي..
سيطرت علي انفعالاتها وقالت ببرود ؛
-طبعا…انت اخويا …
مسحت فمها بمحرمة ثم قالت بإبتسامة رسمية :
-ودلوقتي عن اذنك .
ثم قررت أن تتجاوزه إلا أنها فجأة امسك ذراعيها بقوة وقربها منه وهو يقول:
-دور البرود واللامبالاة اللي بتحاولي تقنعيني بيه مش لايق عليكي يا حياة …
-بتعمل ايه يا يوسف سبني …
ولكنه لم يتركها بل قال من بين أسنانه :
-وافقتِ ليه بالسهولة دي عايزة تهربِ مني!
دفعته وهي تحرر نفسها وقالت بقوة:
-بتدي نفسك أهمية كبيرة لو فاكر اني لسه ببكي علي اطلالك…أنا وافقت لانه انسان كويس واظن بطلت الاحقك …فإيه مشكلتك!!!
ابتسمت قليلا وهي ترفع رأسها ..
-تحب اقولك ايه مشكلتك يا يوسف ؟!
قالتها حياة بجفاء واضح وهي تمشطه بنظراتها الباردة …لهجتها الجليدية جرحت كبرياؤه …ولم يصدق ان حياة من كانت تتمني نظرة منه تعامله بتلك الطريقة المهينة.!
ابتسمت حياة وهي تطالع صدمته واكملت بنبرة باترة:
-مشكلتك اني بطلت الاحقك…بطلت احبك فغرورك اتجرح ان ازاي حياة الهبلة بقا لها شخصية وقررت تنساك وتنسي حبها ليك…
اقتربت اكثر لتزداد ابتسامتها اتساعا وتردف:
-بس أنا خلاص اتحررت منك ومن حبك ومبقتش عايزاك …أنا دلوقتي هتخطب للي احسن منك وانت اللي خسرت مش أنا …
وابتسامة مستفزة كانت من نصيبها وحروفه الواثقة خرجت من شفتيه وقال،:
-كدابة انتِ لسه بتحبيني يا حياة …حتي لو خطبتِ غيري هتفضلي تفكري فيا …سميه غرور او ثقة بس متنكريش ان دي الحقيقة …
رغم الخراب بداخلها الا ان قناع السخرية التي ترتديه لم يتحرك من مكانه بل زادت ابتسامتها وهي تقول:
-والله يا يوسف زي ما في يوم حبيتك وخليتك تتكبر عليا هوريك الايام الجاية أنا ازاي نسيتك وانك بالنسبالي ولا حاجة ….
ابتسامتها ازدادت اتساعا وقالت:
-عموما هبعتلك دعوة خطوبتي …انت مهما كان زي اخويا …
ثم استدارت وهي تذهب من امامه وقلبها يقصف بقوة وهي غير مصدقة انها تفوهت بتلك الكلمات !….
نظر إلي أثرها بضيق وهو يشعر بغضب …كيف تجرؤ علي الحديث معه بتلك النبرة …حقا سيجن منها…والأهم من هذا أنه سوف يجن من نفسه …ما تلك الأنانية التي به …هو من تركها بالأول…تخلي عنها من أجل من لا يستحق والان هو غاضب لأنها قررت أن تستأنف حياتها … تنهد يوسف وهو يحاول طرد تلك الأفكار من عقله …حياة لا تهمه فهو لا يحبها …لهذا عليه ألا يكون أنانيا …بل يجب أن يفرح لأنها قررت المضي في حياتها …ولكن مهما حاول إقناع نفسه لا يستطيع إزاحة الحمل الذي يجسم علي صدره….
خرجت والده من المطبخ وهي تحمل طبق الطعام …عقدت حاجبيها وقالت:
-اومال فين حياة
-مشيت
قالها بهدوء وهو يخفي ضيقه …
تنهدت والدته وهي تضع الطبق علي الطاولة وقالت:
-اهي ضاعت منك يا يوسف …مكنتش هتلاقي احسن من حياة ..
تأفف وقال:
-هو اللي هنعيده هنزيده …قولتلك مبحبش حياة ..مبحبهاش وهي تتخطب متتخطبش مليش دعوة ربنا يوفقها…ابوس ايديك اقفلي الموضوع
-طيب ليه متعصب ؟!
سألته والدته بخبث ليرد:
-لاني خلاص تعبت …تعبت من انك كل شوية تفتحي الموضوع ده …يا امي وعد سابتني من فترة وانا بجد تعبان فمتزوديش عليا التعب …
قال كلماته الغاضبة ثم دخل غرفته …
…………
بعد اسبوع..
ولج جاسر الي المنزل وهو متعب لقد غاب لأسبوع كامل ..ترك كل شىء واراد أن ينعزل عن العالم …أراد أن يجمع شتات نفسه …تذكره لوالدته بعثر كيانه كليا …جعله يدرك أنه ما زال سجين الماضي …ما زال الظلام يقبع داخله ….كاد أن يصعد لغرفته عندما وجد عمه أمامه …
-بقالك اسبوع مختفي …ملاك قلقت عليك …اضطريت اقولها انك سافرت تبع الشغل …وقافل موبايلك ومش عارف اتواصل معاك قلقتنا عليك ..
وبخه عمه بحدة ليغير جاسر الموضوع بتعب ويقول:
-قدرت تتواصل معاهم وتتفق علي معاد الشحنة ..
امسك عمه ذراعه وقال:
-جاسر أنا بكلمك …كنت فين ده كله …قلقت الكل عليك ودلوقتي راجع ببرود تتكلم عن الشغل وسايبني اضرب أخماس في أسداس …
تنهد جاسر وقال:
-حبيت ابعد شوية …احتاجت ابعد يا عمي واهو رجعت …ممكن بقا نشوف الشغل …عشان نعرف هنتحرك ازاي ومالك العمري حاططنا في دماغه …
-انت زعلان مني عشان موضوع ملاك يا جاسر …
مط جاسر شفتيه وهو يدعي أن الأمر لا يهمه ابدا وقال:
-لا ليه ازعل …ده حقك أنا مجرم …تاجر مخدرات وملاك …
تنهد وقال وهو يبتلع ريقه :
-ملاك هي ملاك …وانا …أنا شيطان والملايكة والشياطين مبيكونوش سوا …في لحظة أنانية مني اتمنتها لنفسي وتجاهلت أن وجودها معايا ممكن يأذيها …
تنهد ونظر لعمه وقال:
-انا بحب ملاك …بحبها اكتر من اي حاجة في حياتي …واللي بيحب مش بيأذي وعشان بحبها أنا اللي بقولك هي تستاهل حد احسن مني …
ابتسم عمه بتأثر وقال ؛
-مش عارف اشكرك ازاي يا جاسر …شكرا لانك اتفهمتني …شكرا يا بني …انت غالي عليا …انت ابني يا جاسر اللي ربيته …أنا واياك مرينا بحاجات كتيرة عشان نوصل للمكانة دي ..حاربنا كتير واتداس علينا كتير عشان نكبر وكبرنا …وبقا العالم كله تحت رجلينا …
تنهد جاسر وقال:
-ياريته كان تحت رجلينا لما كانت أمي عايشة ممكن مكنتش ماتت …ممكن كانت هتبقي معايا …
نظر إليه عمه بحزن ثم أمسك كفه بقوة وقال:
-لا يا صياد … انسي اللي حصل …انسي الحاجة اللي تضعفك ..متبقاش أسير الماضي شوف أنا وأنت دلوقتي وصلنا لفين ..العالم كله نبذنا بس مستسلمناش عملنا المستحيل عشان نوصل للمكانة دي ومش هنتراجع عنها لا انا ولا انت …الناس اللي ذلونا عشان لقمة العيش دلوقتي بقينا احنا أسيادهم …صاحب الصيدلية اللي رفض يديك دوا والدتك وماتت بسببه أنا قتلته بإيدي…احنا انتقمنا من اللي ذلونا …أنا واياك قوة عظمي أنا من غيرك ولا حاجة وانت كمان لكن احنا الاتنين مع بعض اقوي وهنبقي اقوي …فهمتني …
هز جاسر رأسه بالإيجاب …ابتسم عمه وقال:
-ارتاح.دلوقتي …مستر جاك اتواصل معايا وقال هيبعت حد تبعه النهاردة عشان الشغل !
هز جاسر رأسه وقال:
-لا أنا محتاج اروح مكان دلوقتي …
ثم ذهب مسرعا وهو يتذكر وعد …أخبره الحارس الخاص به أنها حاولت الهرب مرتين طوال هذا الأسبوع …كما أنها رفضت أن تأكل ..
…….
فتح باب المرسم ليتوقف وهو يجد ملاك أمامه …ملامحها متوترة للغاية ..وشفتيها متشنجة…تلبس ملامح الغضب والعتاب وهو يقول :
-اهلا بالهانم اللي يدوب افتكرتني دلوقتي …أنا من أسبوع كنت هتجنن واوصلك …أتصلت بيكِ كتير وجيت عند بيتك بس مرضتش اسببلك مشاكل …
-ممكن ادخل ..
قالتها بصوت غريب …ليتنهد بضيق ولكنه أفسح لها المجال …ولجت هي بتوتر وهي تتلاعب بذراع حقيبتها …تتذكر اول واخر مرة اتت فيها الي هنا …كيف بكل غباء أظهرت غيرتها عليه لدرجة أشعرتها بالخجل …لدرجة أنها هربت من المكان واختبأت بغرفتها كالجبانة ورفضت بإصرار الرد علي اتصالاته أو رسائله …كانت حقا مشوشة من تلك المشاعر القوية التي تنتابها…هي حتي لم تشعر تجاه عاصم بتلك المشاعر القوية …عدي شئ اخر …عندما عرفت عن حبيبته القديمة شعرت بقلبها يتمزق من الحزن وفقدت أعصابها بشكل صدمه هو شخصيا …ضمت ذراعيها إليها …ثم استدارت ونظرت إلي عينيه التي تخترق روحها وقالت بخفوت:
-جيت اعتذر علي كلامي المرة اللي فاتت أنا مكنت …
قاطعها بقوة وقال:
-جاية تعتذري عشان حسيتِ بالغيرة عليا من ليالي …
بهت وجهها ولكن استعادت وعيها بسرعة وهي تقول بقوة :
-مكنتش غيرانة.
-كدابة
اتهمها بقوة لدرجة أن شجاعتها بدأت تتسرب وان لم تهرب الان سوف تنهار…رفعت رأسها بينما برقا عينيها الرمادية وهي تقول:
-مش مشكلتي صدق او متصدقش بس انا مكنتش غيرانة ابدا …ومظنش فيه سبب عشان اغير عليك …احنا اصحاب مش اكتر أو أقل ….
ثم وبنفس القوة تجاوزته وكادت أن تذهب …فتحت الباب ولكن بسرعة اغلقه وحاصرها هناك وهي يخترق حصونها….
يقال خير وسيلة للدفاع هي الهجوم
-انا بحبك ليه مش قادرة تصدقي ده !!
والهجوم وسيلة فعالة في حالته فلكي يخضع فريسته عليه الهجوم علي نقاط ضعفها …ونقطة ضعف اي امرأة هي عواطفها …إن أحبتك امرأة فقد ملكتها …
واتساع عينيها وتوترها كان مثال واضح انها تحبه أيضا …وكاد أن يصرخ بسعادة لأول انتصار حققه في مهمته …فها هي ابنة عدوه ملكه وبين يديه …نقطة ضعف الرجل الذي دمر حياته منذ سنتين خاضعة له..فقط بقليل من المحاولة سيحصل عليها …مد كفه ووضعها علي وجنتيها وهو يحاصرها بلا رحمة قائلا:
-انا بحبك يا ملاك …أنا عمري ما حبيت حد كده في حياتي ابدا …ايه الحاجة الصعبة اللي مش قادرة تصدقيها …أنا بحبك وأنتِ بتحبيني
-لا أنا …
-اياكِ تكدبي ..
حذرها مبتسما ثم قال :
-عيونك فضحاكِ … غيرتك فضحاكِ ودقات قلبك كمان …عارف مشاعرك ناحيتي وانا عندي نفس المشاعر من اول ما شوفتك وانتِ سرقتِ قلبي ومش عدل انك ترفضِ حبي …
تصاعدت الدموع لعينيها وقالت بتوسل:
-ابوس ايديك سبني امشي …وانسي كل حاجة قولتها دلوقتي …أنا مش عايزة…
-مش هكون زيه
أخبرها بقوة …ثم حاصر وجهها ووضع جبينه علي جبينها وقال:
-مش هكون زي الانسان اللي جرحك …وعد مني اني هحبك للأبد بس اديني فرصة …
أبعدته ملاك فجأة وهي تبكي ثم فتحت الباب وخرجت مغلقة الباب خلفها …
تنهد عدي بسخط ربما عليه أن يحاول أكثر حتي تنجح خطته …فجأة دق أحد باب المرسم ليبتسم بانتصار ويفتحه ويجد ملاك أمامه …وما هي الا ثواني حتي اندفعت بين ذراعيه !!
……..
-ايه اخبارها دلوقتي ؟!
قالها الصياد بجدية ليرد الحارس:
-بقالها يومين مأكلتش يا صياد …رافضة تماما تاكل اي حاجة وعلطول بتعيط ..
هز رأسه وقال:
-اطلع انت برة الفيلا وانا هتصرف معاها …
هز الحارس رأسه بطاعة ثم خرج مسرعا …تنهد الصياد ثم قرر الدخول إليها …ولج الغرفة ليتوقف وهو يجدها باهتة … عينيها حمراء وبشرتها جافة يبدو عليها الإعياء …كتف ذراعيه وقال:
-متفتكريش أن قلة أكلك هتخليني أشفق عليكي واطلعك من هنا …مش هتأكلِ يبقي هتموتِ وساعتها هتخلص من جثتك واعيش حياتي عادي …
تصاعدت الدموع لعيني وعد وهي تنظر إليه وقالت:
-لحد امتي هفضل هنا ؟!!حرام عليك خرجني انت دمرت حياتي ..دمرت مستقبلي …خلتني اكره نفسي وأكره اني ست !!
نظر إليها وقال:
-مش هتخرجِ الا لما أخد منك اللي انا عايزه .
اقترب اكثر وقال:
-انا عايزك يا وعد …ليلة واحدة بس وبعدين أنتِ حرة …
هزت راسها وهي تبكي وتقول:
-مستحيل …مش هسلملك نفسي بإرادتي …
هز كتفه وقال:
-خلاص افضلِ هنا لحد ما تموتِ …
لمعت عينيه البنية وقال:
-لانك يا حلوة مش هتطلعي من هنا الا لما أخد منك اللي أنا عايزة …الصياد متعودش يسيب حاجة ملكه …وانتِ ملكي …ملكي وبس …
-انت مجنون…مريض نفسي وحيوان …
ابتسم وأكمل:
-ومجرم كمان …أنا الشـ,ـيطـ,ـان اللي ممكن اقلب حياتك جحيم …هترضخي ليا هتبقي حرة …هتعندي والله هتفضلي هنا لحد ما تموتي فاهمة ولا لا ؟!
ثم استدار وكاد أن يذهب ولكنها قالت فجأة:
-ليها حق متحبكش !
نظر الصياد إليها بحيرة لتكمل بقوة :
-ملاك …حبيبتك …انت بتحبها صح …كنت بتهلوس بإسمها وانت نائم وزعلان أنها رفضتك …ليها حق …مفيش واحدة متزنة عقليا تحب واحد مجنون زيك….
اشتعلت النيران بعينيه لتنهض هي وتقترب منه ثم تكمل :
-ربنا بيحبها عشان مزرعش في قلبها حب واحد مريض زيك …اكيد هي بنت كويسة لأنها رفضت شيطان زيك …واحد حيوان م….اه
صرخت بألم عندما صفعها بقوة …نظرت إليه بصدمة ليصفعها مرة أخري حتي وقعت علي الأرض …لقد فقد أعصابه تماما …ركع بجوارها ثم أمسك شعرها بقوة ولم ينتبه لمسدسه الذي سقط بل رفع كفه وضربها مرة اخري وهو يقول بغيظ:
-ده عقاب انك تجرأتي تتكلمي عليها …بس بسيطة أنا هوريكي أنا شيطان ازاي …
خلع حزامه بسرعة ثم رفعه ليضربها …صرخت وهي تغطي وجهها ولكنه توقف في آخر وذكري مماثلة تخترق مماثلة تخترق عقله … ذكري لطفل يخبئ وجهه بتلك الطريقة بينما رجل الشرطة يضربه لانه تجرأ وسرق الدواء لوالدته …رمي الصياد الحزام …ثم تراجع …كان يلهث وهو ينظر إليها …يشعر أن قلبه سوف يخرج من مكانه …ما خطبه …لم يتذكر هذا …لم يصبح اسير الماضي مرة آخري …لقد تجاوز هذا …تجاوز الإهانات التي كان يتلقاها بسبب فقره …شعر أنه يضعف شيئا فشئ …وشعر بالدموع تلسع عينيه لذلك قرر الهرب
..فهو لن يظهر بمظهر الضعيف أمام فريسته …ثم استدار ليذهب …
-استني …
قالتها وعد بضعف …
نظر إليها وبهت وهو يراها تمسك السلاح وتنهض وهي تتألم ..الم كبرياؤها فاق الم جسدها …لقد انتهي الأمر وانتهت هي …أن بقت معاه أكثر من هذا سوف تموت كل يوم ….
وجهت السلاح نحوه وقالت:
-انت دمرت حياتي …خطفتني وضربتني …جرحت كرامتي وبعدتني عن خطيبي …خليته يفتكر اني خاينة…حستتني اني رخيصة …انت أسوأ من الشـ,ـيطـ,ـان وموتك هو الحل لكل مشاكلي …
ابتسم لها بسخرية وقال:
-فاكراني هخاف ..أنتِ أجبن من انك تقتلِ نملة كان عندك فرصة تموتيني ومقدرتيش …
انسابت دموعها وقالت:
-عندك حق معنديش الجراءة اني اقتلك ..
رفعت عينيها إليه وقد برقت بجنون وقالت:
-بس عندي الجراءة اقتل نفسي …
ثم بسرعة وجهت السلاح لصدرها وضغطت علي الزناد!!!!!
يتبع
الشـ,ـيطـ,ـان_يقع_في_العشق
سولييه_نصار
الفصل الحادي عشر(سعادة لا تدوم )
أغمضت عينيها وهي تضغط علي الزناد منتظرة أن تموت وتتخلص من تلك الحياة ..تتخلص من سجن رجل لا يعرف الرحمة …فجأة عقدت حاجبيها بحيرة وهي تضغط علي الزناد مرة بعد اخري …فتحت عينيها لتصطدم بعيني الصياد الساخرتين ….اقترب منها وأخذ السلاح وقال:
-لما تيجي تقتلِ نفسك اتأكدي أن السلاح فيه رصاص …
وقعت علي الأرض بإنهيار فرفع رأسه وهو يقول :
-مش هتتخلصي مني بالسهولة دي يا وعد انسي …قولتلك أنتِ ملك الصياد وحظك الوحش هو اللي وقعك في أيدي …
ركع بجوارها ثم أمسك ذقنها وهو يرفعه ببطء ويقول بصوت جاد:
-وافقِ علي عرضي. ..ليلة واحدة بس وبعدها أنتِ حرة تماما …
بكت وهي تقول:
-مقدرش والله ما اقدر عندي اموت ولا اديك اللي انت طالبة …ابوس ايديك ارحمني …اطلب اي حاجة تاني غير دي ..حرام عليك …
اشتعلت نظراته وقال:
-انا مش عايز غيرك…أنا دفعت فلوس وعايز انبسط …والاغتصاب مش اسلوبي فعشان كده هتبقي هنا لحد ما تكوني جاهزة تبقي ليا …
نهض وقال:
-مش هصبر كتير يا وعد …الصياد مبيسبش حقه …متستغليش نقطة اني مش عايزة اجبرك لان في اليوم ممكن اتخلي عن الموضوع ده بس ساعتها هوريكي اللي عمرك ما شوفتيه …انتِ محدش معاكي …ابوكِ باعك وخطيبك سابك …وانا في أي لحظة لو قررتِ تعاندي ممكن أعمل أي حاجة فيكي ومش هندم …
انسابت دموعها اكثر وهي تنظر إليه فأكمل حديثه:
-ببساطة هديكي يومين تفكري ان كان هتبقي ليا او هتعندي اكتر وساعتها هتأخدي علي دماغك فهمتي !!!!
ثم تركها وذهب …
…..
خرج الصياد من الفيلا وهو يشعر بالضيق…صحيح هو يحب أن يلاعبها ولكن الأمر طال وهي عنيدة لا ترضخ وهو لن يصبر اكثر من هذا …هو يريد الحصول عليها وسيفعل واليومين القادمين ستخبره قرارها. علي هذا الاساس سوف يتصرف ….
نظر الي الحارس وقال بهدوء:
-متنساش تراقبها اياكِ تسمحلها تهرب والا وقتها اقسم بالله هقتلك انت فاهم!
هز الرجل رأسه وقال بطاعة:
-اوامرك يا صياد …
هو الصياد رأسه وقال:
-ودلوقتي دخلها اكل تاني .
-امرك يا صياد …
هز الصياد رأسه ثم ذهب
…………
في المساء …
نيران حارقة اشتعلت في روحه …شعر انه يغلي علي مراجل من الجحيم وهو يري احد آخر يضع خاتمه في اصباعها …هو حقا لا يفهم ما به …هو لا يحب حياة اذن لماذا هذا الشعور؟!لما الشعور بكل تلك الاسى؟!اليأس والغضب …ولماذا تلك الرغبة المفاجأة في خطفها من وسط الجميع …لا بد انه جن …او ان انفصال وعد عنه اثر علي عقله تماما …هو الآن يتصرف كشخص انتزعت منه حبيبته!وهي لم تكن يوما حبيبته…لعن نفسه في سره وهو يعترف انه لم يكن عليه ان يأتي ويري سعادة حياة وهي ترتبط بشخص آخر…شخص غيره وهي التي كانت تعشقه!!ماذا حل بها؟!أين ذهب هذا العشق؟!او ماذا حل به هو ؟!لماذا الاهتمام المفاجئ بحياة!طرد الافكار من عقله وقرر أن يبارك لها ثم يذهب بسرعة …اقترب يوسف منها عندما لاحظ ان حسام ابتعد عنها ليتحدث لأحد المدعويين ..بينما حافظ علي ابتسامة مهذبة وما ان رأته حياة حتي تجمدت تماما وحاولت الاقتراب من حسام الا ان يوسف وقف امامها وقال:
-رايحة فين يا بنت خالتي .؟!
-عايز ايه يا يوسف؟!
قالتها حياة برعب وهي تشعر بقلبها يكاد يخرج من صدرها بينما تنظر حولها برعب خوفا من الفضيحة ..
ابتسم يوسف وقال:
-جاي ابوظ خطوبتك!…
شحب وجهها كالأموات وهي تتطلع اليه …كان جسدها يرتجف وهي تري نظرة الاصرار بعينيه …رباه ماذا يفعل ؟!!هل يريد تدمير حياتها ؟!!!! ابتلعت ريقها وقالت بهمس:
-انت بتقول ايه ؟!انت عايز ايه مني؟!
ضحك بخفوت وهو يري الرعب في عينيها وقال:
-متخافيش كنت بهزر …أنا مش هقف في طريق سعادتك بس تكوني متأكدة أن هو هيسعدك ميكونش مجرد وسيلة تهربي بيها من مشاعرك ليا …
رفعت حياة رأسها وقالت بقوة:
-لا متقلقش مشاعري تجاهك ماتت يا يوسف …انت اخويا وبس وانا حاليا مبسوطة اووي مع حسام وبطلب منك متقلقش عليا ولا تفكر فيا …
كلماتها جعلته يتألم من الداخل …عينيها ترميانه بنظرات غير مبالية وكأن حقا حبها له جف تماما …ولأول مرة منذ شهور يشعر بهذا التشتت …التشتت الذي حدث له عندما راي وعد …ولكن تشتته الان اقوي وكأن شئ ملكه قد ذهب بعيدا عن متناوله …كان يشعر حقا بالاختناق وهو ينظر إليها …عينيها اللامعة وشعرها الذي يتحرك بنعومة ….ملامحها الجذابة والتي يحاول بأقصي جهده الا يتأملها …يحاول تذكير نفسه أنها أصبحت لغيره وان ما يفعله غير صحيح …بصعوبة اشاح عينيه عنها وهو يخرج من جيبة علبة مخملية ويقدمها بلطف لها قائلا:
-انا عارف أننا مش متفقين واني غلطت في حقك بس أتمني أن تديني فرصة تانية …
تراجعت وقالت بشك:
-فرصة تانية ليه ؟!!
ابتسم وهو يقول:
-مش قصدي اللي فهمتيه قصدي فرصة نتعامل كقرايب ..زي الاول يا حياة …
تنهدت وهي تاخذ هديته وقالت:
-هديتك مقبولة يا ابن خالتي ومتقلقش انت اخويا ..
حاول السيطرة علي شعور المرارة الذي أصابه فجأة بكلماتها تلك …تنهد ثم اقترب وهو يقول :
-حياة أنا …
ولكن الكلمات توقفت في حلقه عندما رأي حسام يتخذ مكانه بجانبها ويوجه ليوسف ابتسامة مهذبة…صافحه يوسف وقال :
-مبروك …انا ابقي ..
-يوسف ابن خالة حياة …عارف حضرتك طبعا ..صحيح متقبلناش وده غلطي بس عملنا الخطوبة بسرعة وكنت مشغول فسامحني…
ابتسم له يوسف وقال:
-متقلقش هنعوضها في وقت تاني
رد عليه حسام وهو يقول بنبرة أشبه بالتحدي:
-اكيد طبعا يا يوسف …
امسك كف حياة وقال:
-في النهاية انت زي اخ لخطيبتي!!
………
لقد وقعت ابنة عامر النجار في فخه …فكر بإنتصار وهو ينـ,ـظر إليها تلاعـ,ـب الاطـ,ـفال ..لقد استسلمت له كليا…اعترفت بعشقها له والان اصبحت هي خاتم في إصبعه …يمكنه أن يأخذ منـ,ـها ما يريد …اي شئ …آن وقت الانتقام ممن قتل والدتها ..لقد انتظر تلك الفرصة لفترة طـ,ـويلة حتي احرقه الانتـ,ـقام …حتي تعاظمت داخله الكراهية فأصبحت الكراهية هي سلاحه الوحيد …اعمته عن قلب فتاة أحبته بينـ,ـما هو يضـ,ـمر لها الشر …لم يفكر مرتين وهو يحاول ايقاع ملاك في حبه ….لقد لعب علي نقاط ضعفها …استغل تشوشـ,ـها واقترب منها حتي نال قلبها ..ابتسم لها عندما نظرت إليه وأشار إليها …احمر وجه ملاك واقتربت منه وقالـ,ـت:
-ليه قاعد بعيد كده النهاردة ؟!
-بفكر فيكي..
احمر وجهها بشكل محبب لينهض هو ويمسك كفها ويقول:
-تعالي نتغدي سوا …
هزت راسها لينطلق وهو يمسك كفها …
أنها تطير لا محالة
فكرت ملاك وهي تجلس بجوار عدي في سيارته بينما هو يمسك كفها ويقبله بين الحين والآخـ,ـر …كانت تذوب بسبب لمساته ونظراته …تشعر أنها لم تحـ,ـب ابدا مـ,ـن قبل …وكأن مشاعرها القوية تجاه عاصـ,ـم كانت سراب تماما …وكأنها لم تحب من قبل …أغمضت عينـ,ـيها وهي تتخيل حياة سعيدة للغاية مع عدي …تتخيل أنهما سيتزوجا …ويذهبان للمرسم يوميا …ستكون سعيـ,ـدة وهي تري أن عدي لا يرسم غـ,ـيرها هـ,ـي …هكذا هو وعدها …
تنهدت بحب ليخرجها صوت عدي وهو يقـ,ـول:
-وصلنا يا حبيبي …
نظرت إليه ملاك وهي تبتسم ثم خـ,ـرجت معه …
……
كانت تجلس أمامه وهي تبتسم له بحب بينما يطعمها بيده …ابتسم لها عدـ,ـي ابتسامة سلبت عقلها وقال:
-قوليلي بقا باباكي شغال ايه ….عايز اعرف مستواه عشان اتقدم وانا مـ,ـرتاح
ابتسمت وهي تقول بهدوء:
-بابا وجاسر ابن عمي شريكين في شركة سياحة كبيرة يعني ينظم للأجـ,ـانب رحلات …يرشحوا ليهم فنادق كويسة حاجة زي كده بصراحة أنا مجال شغلي كمهندسة ديكور بعيد عنـ,ـهم ..رغم أن بابا طلب كتير مني أني اشتغل معاهم بس رفضت قررت اشتغل لوحدي لحد ما اقدر اعمل شركتـ,ـي الخاصة …
نظر إليها بإعجاب وقال:
-انتِ ملهمة …تعرفِ أننا متشابهين أنا وأنتِ يا ملاك …بابا ضابط كبـ,ـير وكـ,ـان نفسه ابقي أنا كمان ضابط بس اختارت الرسم ..
ابتسمت له وقالت:
-احلي حاجة أننا نعمل الحاجة اللي بنحبها …الحاجة اللي عندنا شغف ليها لان دي الحاجة الوحيدة مش هنندم عليها لو عملناها …
امسك كفها وقال:
-فعلا وانا شغفي حاليا كله ليكي أنتِ وبس …
اطرقت برأسها وهي تذوب خجلا ولكنها تجمدت وصوت أنثوي جذاب يقول :
-عدي انت …
اختفت ابتسامة عدي وهو يقول:
-ليالي!!!!
ابتلعت ملاك ريقها وقد شعرت العالم يهتز من تحتها ….
……….
في المساء
شهقت وعد برعب عندما ولج الصياد للغرفة …رباه كانت اخر فرصة لها اليوم وسينفذ تهديده …ولكنها عبست وهي تري خطواتها غير المتزنة …عينيه الحمراء من شدة البكاء….اقترب منها لتصرخ بفزع عندما هجم عليها ولكنه لم يفعل شئ إلا أنه نام علي قدميها وهو يقول بصوت محطم :
-ماما وحشتني …
ثم بدأ بالبكاء!!
……..
كانت مريم تضع الثياب في الغسالة وبدأت تفحصها جيدا بحثا عن أي أموال خوفا أن تتلفها الغسالة …أمسكت بنطال حسام وفحصته وتجمدت تماما وهي تخرج كيس ابيض شفاف به مادة بيضاء وهنا تحطم عالمها تماما !!لقد عاد حسام للمخدرات !!!
يتبع
الشـ,ـيطـ,ـان_يقع_في_العشق
سولييه_نصار
الفصل الثاني عشر(شرط)
-ايه ده يا حسام ..
قالتها مريم. هي تمسك الكيس الشفاف…ابتلع حسام ريقه وقال بنبرة متوترة وهو يمد كفه ليأخذ الكيس ولكن والدته ابعدته ثم بكفها الاخر صفعته بقوة …ليغضب حسام ثم فجأة يبدأ بخنقها …اتسعت عيني مريم وتبللت بالدموع ليبعد حسام كفيه وقد عاد الي وعيه وأطرق برأسه…هزت مريم راسها. وهي تمسح دموعها وقالت:
-والله عال …هتضرب امك يا حسام …بتمد ايدك عليا…طبعا مش رجعت للهباب ده تاني بعد ما عملت المستحيل عشان اعالجك …
-يا ماما أنا …
دفعته مريم وهي تقول:
-اخرس خالص …اخرس مش عايزة اسمع صوتك …يا خسارة اللي عملته عشان اعالجك …يا خسارة الوقت اللي انا ضيعته وانا بحاول اعملك راجل …
-يا ماما أنا مرجعتش للمخدرات …
قالها بضيق لتلقي هي الكيس في وجهه بعصبية وتصرخ به :
-اومال ده ايه ..ايه ده ؟!!
امسكته من قميصه وقالت:
-يا اخي حرام عليك بعد كل اللي عملناه ترجع للقرف ده تاني …انت كنت هتموت في أول مرة لولايا أنا وابوكي اللي دفعنا دم قلبنا في مصحة برة مصر عشان تتعالج وفي الاخر مجهودنا يتهد ويتساوي بالتراب …انت عايز تموتني …انت عايز تقهرني …
اخذت تهزه بقوة :
-عايز ترجع للادمان…عايز ترجع واحد ملكش.لازمة …اتفضل …بس ساعتها تطلع برة بيتي انت فاهم ولا لا …فاهم …
اخذت تصرخ به وهي تبكي ..كانت قلبها يحترق …عندما عرفت انه عاد لذلك السم شعرت بعالمها الذي جاهدت لإعادة بناؤه قد انهار مجددا واخذت تتساءل لماذا فعل هذا …لماذا عاد بهما الي نقطة الصفر …الي المعاناة التي عاشاها منذ سنة …لقد كاد ان يموت بسبب هذا السم…كادت أن تفقده للأبد …..نشجت بعنف ثم سقطت ارضا وهي تبكي بقوة وتقول:
-ليه كده يا بني …قولي ليه كده حرام عليك …ده أنا اتذليت حرفيا عشان اعالجك …ليه خلتني اعيش الكابوس ده تاني …ليه رجعتنا لنقطة الصفر حرام عليك البـ,ـنت اللي انا خطبتهالك دي ذنبها ايه تمررها معاك …
هزت رأسها ونهضت وهي تقول :
-انت لازم تفسخ الخطوبة دي حرام عليك البنت دي تعيش معاك …حرام تشوف اللي شوفناه هي ملهاش ذنب…أنا هتصل بيهم واقول كل شئ قسمة ونصيب ….مستحيل اخليهم عايشين مخدوعين …أنا …
امسك حسام ذراعيها وهو يقول بتوسل:
-لا يا أمي ابوس ايديكِ …أنا محتاج حياة في حياتي …محتاجاها اووي …صدقيني أنا مرجعتش للادمان …ده بس فين وفين..وصدقيني خلاص هبطلها خالص …بس ابوس ايديكِ متقوليش لحياة أي حاجة ولا حتي لبابا …أنا خلاص اوعدك مش هرجع تاني …
بكت مريم وقالت؛
-وايه ذنب المسكينة دي لو قررت ترجع ….هي مش مضطرة تعيش في المرار ده …كده هبقي بخدعها وبرتكب ذنب …حرام عليك افسخ الخطوبة دي ..
امسك حسام كف والدته ثم بدأ بتقبيله وهو يقول :
-صدقيني يا امي خلاص آخر مرة …والله ما هرجع للقرف ده تاني …بس ابوس ايديكي متبعدنيش عن حياة أنا محتاجاها …أنا حاسس انها هتصلح حاجات كتير في حياتي …
مسحت مريم دموعها ثم قالت :
-احلف بالله أنك مش هترجع للسم ده تاني .
-والله العظيم آخر مرة يا امي مش هرجع للهباب.ده تاني …وعد مني …
ضمته إليه مريم وهي تبكي وقالت:
-اوعي يا بني تخذلني مرة تانية والله أموت فيها ..
-متقلقيش يا ماما …أنا خلاص وعدتك …
بعد دقائق
ولج حسام لغرفته بتعب ..هز رأسه بيأس ثم أغلق الباب جيدا وذهب الي فراشه بسرعة رفع المرتبة وهو يتطلع الي الاكياس الموجودة بكثرة تحته ..اخذ كيس منهم ثم علي الطاولة افرغ محتوياته واخذ يستنشق بمتعة وهو يفكر انه يجب أن يحذر المرة القادمة !
……..
حاولت أن تبعده عنها الا انه ضم نفسه بقوة إليها وهو يبكي ….كان يهذي بقوة وهي لا تفهم شيئا …فقط يردد امي ..امي …تنهدت وهي تبعد شعور التعاطف البغيض الذي احتل قلبها لثواني
..هو يستحق هذا الألم …يستحق هذا العذاب …ولكن هذيانه وانهيار شخص مثله جعلها في حيرة من امرها وقد تزايد الفضول داخلها…ارتفع حاجبيها بدهشة بينما برقت عينيها الزرقاء بقوة وهي تتكلم بصعوبة:
-مال مامتك ؟!
-ماتت !
قالها بنبرة ثقيلة وهو ينشج ببكاء …لم ترد أن تشعر بالشفقة عليه ولكن اللعنة شعرت …لانها أيضا تعاني بسبب موت والدتها وهي صغيرة …تصاعدت الدموع لعينيها لتغمضها فتنساب دموعها …حاولت السيطرة علي نفسها ولكن ذكرياتها عن والدتها اخذت في التدافع الي عقلها …تتذكر كيف ان حياتها تدمرت عندما ماتت والدتها …كيف اصبحت تحت سيطرة رجل ظالم لا يرحم …كيف ان والدها دمرها وكاد ان يبيعها مرات عديدة …لم يشعرها ابدا انه والدها …كان دوما يحتقرها….يضربها ويهينها …لم يقترب منها الا نادرا فقط ان اراد منها شئ واخر شئ فعله انه باعها كأنها جارية …ابتسمت وتذكرت ان والدتها كانت علي النقيض تماما …والدتها كانت تحبها ….رغم فقرهما ولكنها كانت تحاول توفير كل شئ لإبنتها …لم تكن تريدها ان تعاني من الحرمان …اعطتها الكثير من الحب…عوضتها عن قسوة والدها …ولكن سعادتها لم تدوم …تلك هي الحياة …لا شئ دائم فيها خاصة السعادة ففي يوم ضاع هذا كله عندما ماتت والدتها …حينها اهتز عالمها بقوة وعرفت ان لن يكون أي شئ كالسابق …وان حياتها سوف تتغير كليا وبالفعل هذا ما حدث …
-وحشتك صح ؟!
قالتها ودموعها تتساقط عليه ليرفع رأسه وينظر إليها …ثم يمسك كفها ويقول بنبرة ثقيلة:
-منستهاش عشان توحشني …أنا فاكر كل تفاصليها …فاكر انها كانت كل الحياة بالنسبالي …أنا كنت اتمنى اموت بس هي تعيش …بس الحياة سابتها هي …..
اغمض عينيه وهو يشعر بألم كبير في قلبه …الألم كان يمزقه …لقد ظن انه تعافي من الماضي ولكن ما زالت ظلال الماضي تعكر حياته ….ما زال الماضي يخنقه والاسوا من هذا شعوره بالذنب لانه لم يصبح الشخص الذي ارادته والدته…فبدل من ان يبقي انسان صالح أصبح تاجر مخدرات ودمر حياة الكثيرين ولكن العالم هو من جعله وحش …العالم سرق منه والدته وقتل الجزء الابيض الذي داخله لتتشبع روحه بالسواد…انهكته الحياة حتي قرر ان يحاربها بأكثر الطرق شراسة …فكما قال عمه ان الانسان دون مال لا يساوي شيئا وهو الان يمتلك المال ولكنه ليس سعيد …هو مستعد ان يتخلي عن كل شئ لتعود والدته إليه …تنهدت وعد وهي تنظر الي حالته ودون وعي اخذت تتلمس شعره وتقول؛
-وانا كمان امي وحشتني …وحشتني اووي..
تنهد هو بألم وقال:
-أدفع كل اللي معايا بس ترجع ثانيتين وأحضنها…نفسي احضنها وابكي …نفسي انام علي رجلها وتقعد تلعب في شعري لحد ما انام …أنا واثق ان ساعتها هنام مرتاح …حتي لو وقتها مت مش مهم …
اخذت وعد تتلاعب في شعره دون وعي منها حتي ذهب هو في النوم …
…..
بعد قليل …
كانت تقف امام المرأة وهي تتأمل نفسها وتفكر ان لكل انسان نقطة ضعف وهي عرفت اليوم ما هي نقطة ضعف الصياد …هو ليس رجل بلا مشاعر علي العكس تماما جزء كبير من قلبه متضرر …رفعت خصلات شعرها للاعلي وهي تفكر ان لديها سلاحين جيدين تماما للقضاء عليه …اولهما جمالها …والاخر ماضيه …سوف تلعب علي تلك النقطة…سوف تجعل الصياد يعشقها وحينها يمكنها القضاء عليه …
نظرت اليه من خلال المرآة وهي تعترف انها تتوق الي اليوم الذي ستجعل الصياد يركع لها!!!
……..
كانت متسطحة علي فراشها ..مغمضة عينيها وهي تتذكر ليالي تلك …تتذكر كيف اشتعلت نيران الغيرة بقلبها …ابتسمت فجأة وهي تتذكر ان عدي استطاع اطفاء تلك النيران بحبه الواضح لها…
عادت احداث الساعات السابقة الي رأسها …
……
-ليالي !
كررتها ملاك وهي تشعر ان سعادتها تتهاوي امامها…خاصة يوجد تلك اللمعة بعيني عدي والتي جرحت قلبها بعمق …هل يحبها حتي الآن ؟!!..
ارادات الهروب أو الصراخ به لكن كل ما فعلته انها بقت مكانها تتلاعب بالمحارم منتظرة عدي ان يتكلم وفعلا بعد لحظات من الصمت نهض عدي وهو يبتسم ويصافح ليالي قائلا:
-امتي جيتي من دبي ؟وفين حازم؟!
تنهدت ليالي وقالت:
-جيت من ست شهور بعد ما اطلقت من حازم …
شعرت ملاك ان الأرض تميد بها بينما حاولت رفع عينيها الا انها فشلت في هذا ….اخذ قلبها يدق بشكل مؤلم …تخاف ان تجرح مرة اخري …تخاف ان تكون مشاعر عدي بالنسبة لها مجرد سراب …
تنهد عدي وقال :
-اسف مكنتش اعرف ..
هزت ليالي كتفيها وقالت:
-عادي ده نصيب …
ثم اشارت لملاك وقالت:
-مش تعرفني؟!
نظر عدي الي ملاك بإبتسامة ثم امسك كفها لتنهض …نهضت هي ليجذبها عدي إليه ويقول بسعادة:
-اعرفك يا ليالي دي ملاك خطيبتي …
لم تغفل ملاك عن الغيرة التي لمعت بعيني ليالي ..
اكمل عدي وقال:
-ليالي ..صديقة قديمة …
رفعت ليالي حاجبيها وقالت:
-صديقة بس …
ابتسمت ملاك بأدب وتدخلت في الحديث :
-هو الحقيقة عدي قالي أنك خطيبته القديمة …هو بس محبش يحرجك …
ربعت ليالي ذراعيها وقد لمعت عينيها بشراسة وردت:
-لا ويحرجني ليه؟!دي حقيقة أنا وعدي كنا بنحب بعض…
ابتسمت ملاك وردت:
-فعلا كنتوا ..
وضغطت علي خروف كلماتها الأخيرة …
بعد ان ذهبت ليالي متجهمة …ابتعدت ملاك عن عدي ولكنه امسك كفها وقال:
-انا قولتلك كل حاجة انها خطيبتي القديمة فليه واخده جنب وزعلانة..
ابعدت ملاك كفها وقالت بصوت مختنق:
-لسه بتحبها يا عدي ؟!!
ضحك عدي وقال:
-انتِ بتهزري صح ؟!! انتِ شوفتي في عيني أي حنين ليها ؟!
اختنقت ملاك وقالت:
-للوهلة الاولي عينيك لمعت ليها…
ابتسم وقال بخفوت:
-بتغيري ؟!
-انت بتغير الموضوع ..
هز رائع وأمسك ذقنها وقال بإصرار:
-بتغيري عليا ؟!
اطرقت وهي تهز رأسها …ابتسم برضي وقال:
-انبسطت من غيرتك …بس ده مش معناه اني بحبها …أنا مبحبش ليالي واوعدك محطكيش في أي موقف يجرحك تاني يا ملاك …
امسك كفها بقوة وأكمل :
-انا بحبك انتِ …انتِ وبس …
وبكلماته المطمئنة تلك اراح بالها كليا …
عادت من شرودها وهي تبتسم بحب …لم تظن ابدا ان يفهمها ويقدرها احد بتلك الطريقة …كل يوم يمر تحبه اكثر واكثر …رغم خوفها الطبيعي من ان تتطور تلك العلاقة ولكن اصبحت الآن تتوق لتصبح ملكه…..
…..
في المرسم الخاص بعدي…
كان متسطح علي الاريكة الصغيرة وهو يفكر في خطوته التالية …يبدو جليا ان ملاك لا تعرف بشأن عمل والدها ولكن ماذا إن استخدمها كوسيلة ضغط علي عامر النجار ليسلم نفسه …انحرف عقله لأفكار شريرة حاول بجهد ان يخرجها منه ولكن كانت تتشبث بعقله شيئا فشئ ولم يشعر بنفسه وغرق بالنوم ….
في اليوم التالي .
استيقظ عدي علي رنين الجرس ونهض وهو يشعر بالدوار فتح الباب ليتجمد وهو يقول:
-ليالي؟!!
……..
-رايحة تقابلي خطيبك ؟!
قالها يوسف وهو يتأمل حياة …مشطها بنظراته وهو يفكر بتعجب انها لم تكن مهتمة بنفسها لتلك الدرجة ..ففستانها الكريمي الطويل وحقيبتها الأنيقة بالاضافة الي مساحيق التجميل الرقيقة التي تجمل وجهها …كل تلك الاشياء ليس من عادة حياة ان تفعلها…ليس بكل تلك المبالغة…تضايقت حياة من نظراته وقالت؛
-ايوة رايحة …عن اذنك …
وكادت أن تذهب الا انه قطع طريقها وقال:
-تعالي اوصلك …
رسمت ابتسامة باردة علي شفتيها وقالت:
-لا شكرا مش عايزة…هركب تاكسي …
ولكنه لم يسمح لها بالمرور وقال:
-كده كده رايح الجامعة عندي محاضرات فتعالي اوصلك وبلاش عناد …لو حابة اتصل بحسام اقوله ماشي …انتِ زي اختي ولا نسيتي …
تنهدت بسخط وهي تقول:
-طيب ..طيب …
ثم ذهبت امامه ليبتسم هو بغموض ويذهب خلفها …استقلت سيارته وهي تتنهد بتوتر ليركب هو بجوارها …نظرت إليه وقالت:
-بس سوق بسرعة لو سمحت بقاله كتير مستنيني وانا اتأخرت !
نظر إليها بضيق وهز رأسه وهو يقود السيارة …
بعد دقائق عديدة …
بهتت حياة وهي تجد انه اتخذ طريقة مختلفا وقالت:
-ده مش طريق الكافية …
ولكنه لم يرد عليها …
-يوسف ده مش طريق الكافية…
صرخت به لينظر إليها ويقول:
-عارف ..بس أنا حابب نروح مكان ونتكلم سوا …
-انت اتجننت صح ؟!
صرخت بذهول ليبتسم ويقول:
-بيقولي اني مخي لاسع شوية ودلوقتي اسكتي عشان اخلص كلامي معاكي وأوصلك لخطيبك …
توسعت عينيها بذهول …لا تصدق ما يفعله …حقا ماذا يريد هذا منها …لقد كان يتأفف دوما بسبب ملاحقتها له وعندما قررت الا تلاحقه الآن هو يتصرف بتلك الطريقة …حقا هي تكاد ان تجن من تصرفاته..فتصرفاته تلك تليق بمراهق وليس رجل عاقل مثله!!!!!
أخيرا توقف في مكان ما علي النهر ثم ترجل وهو يستند علي الحاجز …هزت حياة رأسها بذهول وهي تشك انه بالتأكيد فقد عقله تماما …ترجلت هي الاخري من السيارة ووقفت بجواره …ظل عدة لحظات صامتا لتغمض حياة عينيها بغضب وتقول:
-اكيد مجبتنيش هنا عشان تسمعني صمتك …عايز ايه ..انا بالأصل متأخرة علي حسام وانت…
-مبسوطة مع حسام يا حياة …
قالها بهدوء لتنحشر الكلمات في حلقها ويكمل وهو يقترب منها ..
-مبسوطة معاه …بتحبيه يعني ؟!!عندك أي مشاعر ناحيته؟!
تراجعت بحذر وهي تقرأ ما فيه عينيه من غيرة …لا هذا مستحيل …مستحيل ان يكون يوسف يغار من حسام …هذا جنون …هو حتي لا يحبها …لابد انها تتوهم …
ضحكت بإرتباك وقالت:
-انت جايبني هنا عشان تسألني السؤال العبيط ده …انت اتجننت يا يوسف ؟!!
هزت رأسها وكادت أن تغادر ولكنه امسك ذراعها وقال:
-متتجاهليش سؤالي يا حياة …ردي عليا بتحبي حسام ؟!!ولا وافقتِ عليه عشان تهربي من مشاعرك ليا…
ضحكت بذهول وهي تهز رأسها وتقول :
-هو انت بتغير عليا يا يوسف؟!
……..
وقفت امام المرأة وهي تنظر الي فستانها الأزرق الطويل التي اقتنته من ضمن العديد من الفساتين التي احضرها لها الصياد والتي رفضت ان ترتدي أي منهما ولكن من اليوم تغيرت جميع خططها …ستلاعبه علي طريقتها…امسكت المشط ومشطت شعرها الطويل وتركته حرا…. ثم اقتربت من الفراش حيث ينام الصياد وابتسمت بخبث ثم امسكت كوب الماء وسكبته علي وجهه …فزع الصياد وهو ينهض وينظر حوله برعب …ابتسمت وعد وهي تقول:
-صباح الخير.
شعر بالتشوش …متي اتي الي هنا ؟!!
حك شعره وقال:
-انا جيت هنا ازاي ؟!
هزت كتفيها وقالت:
-متقلقش مبتمشيش وانت نايم…انت بس كنت سكران امبارح وجيت نمت هنا وانا حاولت اصحيك بس انت كنت عامل زي الاموات …
تنهد وهو يتذكر ان الامس كان ذكري وفاة والدته لهذا كان بتلك الحالة …نهض بصعوبة وكاد ان يغادر الا انه تجمد تماما بسبب ما سمعه …
-موافقة …أنا موافقة !
نظر إليها الصياد بحيرة لتتنهد وعد وهي تكتم ألمها وتقول:
-موافقة ابقي ليك !
ابتسم بإنتصار لتكمل هي بينما عينيها تلمعان بقوة: ..
-بس بعد كدة تحررني منك ومتعترضتش طريقي تاني …
ابتسم ورد:
-موافق …ليكي شروط تانية ؟!
هزت رأسها بضـ,ـعف وقالت :
-الشرط الأهم ان لو عايزني ابقي ليك يبقي بالحلال …
-يعني ؟!
قالها والشرر يتـ,ـطاير من عينيه لتلقي الكلمات بوجهه:
-يعني تتجوزني !!
ضحك ساخرا وقـ,ـال:
-ودي احلام الـ,ـعصر صح ؟!!
رفعت رأسـ,ـها وقالت:
-لا ده شـ,ـرطي عشان اكون ليك …أما كده او لا مش هكون ليك ابدا ومش هتقدر تأخد حاجة مني الا بالغصب بس ساعتـ,ـها هقاومك لآخر نفس يا صياد ووقتها واحد مننا هيموت اما انت او أنا !!!
يتبـ,ـع
الشـ,ـيطـ,ـان_يقع_في_العشق
سولييه_نصار